* تأملات في كتاب
ملوك أول: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42 - 43 - 44 - 45 - 46 - 47 - 48 - 49 - 50 - 51 - 52 - 53
الأَصْحَاحُ الثَّانِي وَالعِشْرُونَ
(1) آخاب يتحالف مع يهوشافاط لاسترداد راموت جلعاد (ع1-4)
(2) آخاب يسأل الأنبياء الكذبة (ع5، 6)
(3) ميخا ينبئ بالهزيمة (ع7-23)
(4) ضرب ميخا وسجنه (ع24-28)
(5) محاربة آرام ومقتل آخاب (ع29-40)
(6) يهوشافاط ملك يهوذا وأهم أعماله (ع41-50)
(7) أخزيا ملك إسرائيل (ع51-53)
1 وَأَقَامُوا ثَلاَثَ سِنِينَ بِدُونِ حَرْبٍ بَيْنَ أَرَامَ وَإِسْرَائِيلَ. 2 وَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ نَزَلَ يَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا إِلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ. 3 فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِعَبِيدِهِ: «أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَامُوتَ جِلْعَادَ لَنَا وَنَحْنُ سَاكِتُونَ عَنْ أَخْذِهَا مِنْ يَدِ مَلِكِ أَرَامَ؟» 4 وَقَالَ لِيَهُوشَافَاطَ: «أَتَذْهَبُ مَعِي لِلْحَرْبِ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ؟» فَقَالَ يَهُوشَافَاطُ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ: «مَثَلِي مَثَلُكَ. شَعْبِي كَشَعْبِكَ، وَخَيْلِي كَخَيْلِكَ».
ع1:
من أجل اتضاع آخاب وتوبته أمام الله، جعل بنهدد ملك آرام وكل البلاد المحيطة بإسرائيل لا تحاربها، فعاشت في سلام لمدة ثلاث سنوات.† ثق أن أقصر طريق لقلب الله هو الاتضاع والتوبة، فتنال مراحمه وحنانه وهذا الاتضاع ليس فقط أمام الله في الصلاة، بل يتأكد أمام الآخرين، فتحتملهم وتتميز بعشرة الله ومحبته.
ع2: كان يهوشافاط قد صاهر آخاب، إذا أخذ عثليا بنت آخاب زوجة لإبنه يهورام (2 أى18: 1، 2) وهذا تنازل روحي؛ لأن يهوشافاط يعبد الله في هيكله في أورشليم، أما آخاب فيعبد الأوثان هو وأسرته. فنزل يهوشافاط الذي يعيش في أورشليم المبنية على الجبال إلى السامرة المنخفضة عنها جغرافيا بحوالي ثلاث مئة مترًا وفى نفس الوقت هو تنازل روحي كما ذكرنا. وقد زار آخاب إما إظهارًا للود لأنهم أقارب وقد يكون؛ لأجل أهداف سياسية وحربية، فآرام قد أخذت راموت جلعاد القريبة من أورشليم، على بعد أربعين ميلًا فتمثل خطرًا على مملكة يهوذا، كما يمكن أن تهدد مملكة إسرائيل. وأيضًا مملكة آشور قد بدأت تقوى فيمكن أن تمثل خطرًا على مملكتى إسرائيل ويهوذا، فترابط مملكتى وإسرائيل من الناحية المنطقية مفيد ولكنه خطأ من الناحية الروحية؛ لأن الذي يحمى أورشليم هو الله، القادر على الدفاع عنها ضد أية قوة بشرية، كما سيظهر أيام حزقيا الملك (أش36، 37).
ع3:
راموت جلعاد: مدينة للأموريين، (تث4: 43) وتعنى مرتفعات جلعاد وقد استولى عليها بنو إسرائيل وأعطيت لسبط جاد، ثم خصصت للاويين ومن مدن الملجأ وتقع شرق الأردن على بعد خمسة وعشرين ميلًا.اجتمع آخاب مع عبيده ومشيريه وقال لهم إن بنهدد ملك آرام قد وعدنى -عندما انتصرت عليه- أن يرد إلىَّ البلاد، التي استولى عليها أبوه بنهدد من بني إسرائيل (1 مل 20: 34) وإذ مرت ثلاثة سنوات ولم يوفِ بوعده، فهو من المؤكد أنه قد تراجع عنه، فراموت من حقنا ونحن متهاونون في استردادها. وقد يكون آخاب قد تراخى في المطالبة بهذه البلاد وذلك لانشغاله بمقاومة آشور، متحالفًا مع آرام وبنى حث.
ع4: بعد أن أكرم آخاب يهوشافاط جدًا (2 أى18: 2) أغواه وشجعه على التحالف معه بمحاربة آرام؛ حتى يستردوا منها راموت جلعاد وقد يكون آخاب قد ضغط على يهوشافاط وأظهر له خطورة عدم استردادها لأنها قريبة من أورشليم، فوافق يهوشافاط على هذا التحالف، بل أكده، بأن شعبى يهوذا وإسرائيل هما أصلًا شعبًا واحد ووعده أن يعطيه عددًا من الشعب والخيل مثل عدد الشعب والخيل الذي سيخرجه إسرائيل للحرب. وكان جيش مملكة يهوذا وقتذاك كبير وهو مليون ومائة وستون ألفًا. وقد أخطأ يهوشافاط في تعاطفه ومشاركته لآخاب في الحرب، في قوله مثلى مثلك، فقد تناسى أن آخاب يعبد الأوثان، فكيف يتحد مع من يتحدى الله، هذه ليست محبة سليمة، بل تنازل عن الإيمان وشركة مع أعداء الله. ومن ناحية أخرى فقد فكر آخاب بمنطق بشرى أن آرام قوة كبيرة، فتحالف مع يهوشافاط ليكون جيشًا أكبر ونسى أن النصرة من الله، ولأنه بعيد عن الله فلم يسانده في الحرب ولعله لم يفهم أن النصرة التي حققها أولًا على آرام كانت، كما أعلمه النبي، ليفهم آرام قوة الله التي هي أقوى من الآلهة الوثنية وليست بسبب تقوى آخاب، بل على العكس، عندما أخطأ آخاب وبخهه إيليا وأعلن له عقاب الله، فهو أهمل التوبة وفكر فقط في الاعتماد على القوة البشرية؛ لذلك انهزم في الحرب وقتل، كما سنرى في الآيات التالية.
5 ثُمَّ قَالَ يَهُوشَافَاطُ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ: «اسْأَلِ الْيَوْمَ عَنْ كَلاَمِ الرَّبِّ». 6 فَجَمَعَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ الأَنْبِيَاءَ، نَحْوَ أَرْبَعِ مِئَةِ رَجُل وَقَالَ لَهُمْ: «أَأَذْهَبُ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ لِلْقِتَالِ أَمْ أَمْتَنِعُ؟» فَقَالُوا: «اصْعَدْ فَيَدْفَعَهَا السَّيِّدُ لِيَدِ الْمَلِكِ».
ع5:
أهمل يهوشافاط أن يسأل الله قبل أن يخرج مع آخاب للحرب ضد آرام ولكنه تذكر ذلك بعد هذا الوعد وطلب من آخاب أن يسأل الله عن طريق نبى، وهذا يبين:تقوى يهوشافاط واهتمامه أن يسأل الله.
تورطه في التحالف مع آخاب؛ لأنه صاهره وعمل علاقات مودة معه، رغم أنه شرير وضد الله ويعبد الأوثان. ونزوله إلى السامرة مكان عبادة الأوثان أبعده عن أورشليم حيث هيكل الله، الذي كان يمكن أن يسأل فيه عن طريق الكهنة بواسطة الأوريم والتميم، التي يعلن الله صوته من خلالها وهما حجرين أحدهما مكتوب عليه نعم والآخر لا، فيضئ أحدهما ليعلن صوت الله.
† تعلم أن تطلب من الله قبل أن تدخل في أي عمل وليس بعد أن تدخل فيه وترتبط به ويصعب خروجك منه وقد لا يجيبك الله لعدم استقامة قلبك، إذا اعتمدت على ذاتك وأهملته. واعلم أن الله يحبك ولكن لابد أن تكون أنت أيضًا تحبه وتريده؛ حتى يرشدك ويحفظك من كل شر، ضعه قبل كل شيء واخضع له فتسمع صوته.
ع6:
عندما سمع آخاب طلب يهوشافاط التجأ إلى أقرب الناس إليه وهم أنبياء الأوثان، أي الأنبياء الكذبة وهم غالبًا الربعمائة نبى الذين لعشتاروث، الذين تعولهم إيزابل. وهذا يبين مدى تعلق آخاب بعبادة الأوثان ورفضه لله، متناسيًا أن انتصاره الأول والثانى على آرام كان بقوة الله وليس البعل، كما يتضح من كلام نبى الله.وعندما سأل آخاب الأنبياء الربعمائة، فكروا بالمنطق البشرى، أنه ما دام آخاب قد انتصر مرتين على آرام بجيش صغير، فبالأولى عندما يجمع كل جيشه ويتحالف مع يهوشافاط بالطبع سينتصر، فقالوا له اطمئن ستنتصر وتستعيد راموت جلعاد. ونسوا بهذا أن الله هو سبب النصرة على آرام، كما يتضح في كلام نبيه.
يلاحظ إلتواء كلام هؤلاء الأنبياء، إذ قالوا أن السيد يقول لك أنه سيدفع راموت جلعاد ليدك ولم يقولوا السيد الرب، حتى يفهم يهوشافاط أن المقصود بالسيد هو الرب ويفهم آخاب أن المقصود بالسيد هو البعل ولكن يهوشافاط فهم أنهم أنبياء كذبة؛ لأنهم لم يذكروا اسم الرب؛ ولعله لاحظ النفاق والرياء والمداهنة في كلامهم.
يفهم مما سبق أن اجتماع ربعمائة على رأى واحد ليس دليلًا على صحته، فقد يكون اتفاق على الشر، كما حدث هنا.
7 فَقَالَ يَهُوشَافَاطُ: «أَمَا يُوجَدُ هُنَا بَعْدُ نَبِيٌّ لِلرَّبِّ فَنَسْأَلَ مِنْهُ؟» 8 فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ: « إِنَّهُ يُوجَدُ بَعْدُ رَجُلٌ وَاحِدٌ لِسُؤَالِ الرَّبِّ بِهِ، وَلكِنِّي أُبْغِضُهُ لأَنَّهُ لاَ يَتَنَبَّأُ عَلَيَّ خَيْرًا بَلْ شَرًّا، وَهُوَ مِيخَا بْنُ يَمْلَةَ». فَقَالَ يَهُوشَافَاطُ: «لاَ يَقُلِ الْمَلِكُ هكَذَا». 9 فَدَعَا مَلِكُ إِسْرَائِيلَ خَصِيًّا وَقَالَ: «أَسْرِعْ إِلَيَّ بِمِيخَا بْنِ يَمْلَةَ». 10 وَكَانَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا جَالِسَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى كُرْسِيِّهِ، لاَبِسَيْنِ ثِيَابَهُمَا فِي سَاحَةٍ عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ السَّامِرَةِ، وَجَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ يَتَنَبَّأُونَ أَمَامَهُمَا. 11 وَعَمِلَ صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ لِنَفْسِهِ قَرْنَيْ حَدِيدٍ وَقَالَ: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: بِهذِهِ تَنْطَحُ الأَرَامِيِّينَ حَتَّى يَفْنَوْا». 12 وَتَنَبَّأَ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ هكَذَا قَائِلِينَ: «اصْعَدْ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ وَأَفْلِحْ، فَيَدْفَعَهَا الرَّبُّ لِيَدِ الْمَلِكِ». 13 وَأَمَّا الرَّسُولُ الَّذِي ذَهَبَ لِيَدْعُوَ مِيخَا فَكَلَّمَهُ قَائِلًا: «هُوَذَا كَلاَمُ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ بِفَمٍ وَاحِدٍ خَيْرٌ لِلْمَلِكِ، فَلْيَكُنْ كَلاَمُكَ مِثْلَ كَلاَمِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍ». 14 فَقَالَ مِيخَا: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنَّ مَا يَقُولُهُ لِيَ الرَّبُّ بِهِ أَتَكَلَّمُ». 15 وَلَمَّا أَتَى إِلَى الْمَلِكِ قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: «يَا مِيخَا، أَنَصْعَدُ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ لِلْقِتَالِ، أَمْ نَمْتَنِعُ؟» فَقَالَ لَهُ: «اصْعَدْ وَأَفْلِحْ فَيَدْفَعَهَا الرَّبُّ لِيَدِ الْمَلِكِ». 16 فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: «كَمْ مَرَّةٍ اسْتَحْلَفْتُكَ أَنْ لاَ تَقُولَ لِي إِلاَّ الْحَقَّ بِاسْمِ الرَّبِّ». 17 فَقَالَ: «رَأَيْتُ كُلَّ إِسْرَائِيلَ مُشَتَّتِينَ عَلَى الْجِبَالِ كَخِرَافٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا. فَقَالَ الرَّبُّ: لَيْسَ لِهؤُلاَءِ أَصْحَابٌ، فَلْيَرْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى بَيْتِهِ بِسَلاَمٍ». 18 فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ: «أَمَا قُلْتُ لَكَ إِنَّهُ لاَ يَتَنَبَّأُ عَلَيَّ خَيْرًا بَلْ شَرًّا؟» 19 وَقَالَ: «فَاسْمَعْ إِذًا كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 20 فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هذَا هكَذَا، وَقَالَ ذَاكَ هكَذَا. 21 ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22 فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ، فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هكَذَا. 23 وَالآنَ هُوَذَا قَدْ جَعَلَ الرَّبُّ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِكَ هؤُلاَءِ، وَالرَّبُّ تَكَلَّمَ عَلَيْكَ بِشَرّ».
ع7: إذ أدرك يهوشافاط أن هؤلاء الأنبياء كذبة كما سبق أن ذُكر في (ع6)، لم يصدق كلامهم خاصة وأن الأشرار كلامهم لا يعطى سلام، فلم يشعر بالراحة، فسأل آخاب عن نبى حقيقي لله؛ ليعرف منه هل يدخل الحرب أم لا؟
ع8:
ميخا بن يملة: نبى الله ظهر أيام آخاب وهو غير ميخا كاتب السفر في الكتاب المقدس، الذي ظهر بعد هذا الوقت بحوالي مائة عام.أجاب آخاب يهوشافاط بأنه يوجد نبى لله ولكنه لا يحبه لأنه دائمًا يتكلم عليه بالشر وهذا يبين:
أن الله أرسل ميخا إلى آخاب أكثر من مرة قبل ذلك ليوبخهه على شره.
أن آخاب تضايق من ميخا حتى وضعه في السجن، كما يظهر من (ع26)، إذ طلب إعادته إلى السجن الذي كان فيه.
أن آخاب مصر على الشر وعدم التوبة، فهو يجمع أنبياء كذبة يوافقونه على شره ويرفض كلام الله على فم ميخا.
لكن يهوشافاط عاتب آخاب على رفضه كلام ميخا نبى الله وهو في هذا يظهر أنه رجل تقى يعبد الله ولكن للأسف، اختلاطه بآخاب الشرير، جعله يتنازل عن إرشاد الله، فدخل الحرب معه - كما سنرى - رغم تحذير الله الواضح على فم ميخا.
† لا ترفض سماع صوت الله الذي يأتيك على لسان من حولك، إذ كان يعاتبك أو يوبخك، بل راجع نفسك وتب. واحذر من أن تجمع حولك مجموعة من المرائين، ليوهموك كذبًا أنك صالح ولا تخيف الآخرين، فيمتنعوا عن إعلان الحق لك لأنك تهاجم وبهذا تحرم نفسك من سماع صوت الله.
ع9: اضطر آخاب إكرامًا ليهوشافاط صديقه أن يستدعى ميخا النبي بسرعة؛ لأنه مسجون ويعرف مكانه، ليسمع صوت الله على لسانه وقد أرسل له خصيًا ليأتى به وهذا معناه أن ملوك بني إسرائيل استخدموا الخصيان، مثل ملوك الأمم وغالبًا كانوا من غير اليهود؛ لأن الشريعة كانت لا تسمح أن يخصى أحد.
ونلاحظ أن استجابة آخاب لطلب يهوشافاط لم يغير قلبه؛ لأنه لم يطع كلام النبي، كما سيظهر في الآيات التالية.
ع10: كل هذه الحوارات تمت بين الملكين آخاب ويهوشافاط وهما جالسين كل واحد على عرشه ولابسًا ثيابه الملكية وكانت هذه العروش متنقلة تنقل حيث يحتاجها الملك. وكانا جالسين في المساحة الكبيرة لمدينة السامرة، التي بجوار باب المدينة، إذ جرت العادة إقامة ساحة كبيرة بجوار باب المدينة؛ لاجتماع الشعب فيها في أي أمر هام وكانت هذه الساحة كبيرة لدرجة أن تسع الربعمائة نبى وكذا الشعب؛ ليقرروا فيها الأمور الهامة مثل الدخول في الحرب أم لا.
وهذا يعنى أن هذا الحوار تم أمام الشعب والأنبياء الكذبة وهذا يظهر شجاعة يهوشافاط وتمسكه بالله. فلم يخشى أن يطلب نبى الله في مدينة تعبد البعل. ويبين أيضًا تمادى آخاب وشعبه في عبادة الأوثان، إذ لم يعترض أحد رؤساء الشعب، أو عبيد الملك على آخاب؛ لرفضه سماع كلام نبى الله.
ع11: قبل أن يصل ميخا النبي تقدم واحد من أنبياء البعل ويدعى صدقيا ولعله كان أحد رؤسائهم وكان يلبس قرنين على رأسه وقد اعتادوا في الحروب القديمة لبس هذه القرون، دليلًا على القوة واستبشارًا بالنصرة وقال صدقيا أن آخاب سينتصر وينطح الآراميين، مثلما ينطح الحيوان بقرونه الحيوانات الأخرى ويهلكها.
ويظهر مدى نفاق صدقيا فيما يلي:
أنه قال كلامه على لسان الرب. كأن الله قال له هذه النبوة.
عمل قرنين يرمزان للملكين؛ لتأكيد انتصارهما على آرام.
تشبه صدقيا بأنبياء الله الحقيقيين؛ إذ عمل وسيلة إيضاح هي هذه القرون؛ ليوهم الملك والشعب بأن هذه النبوة من الله. وقد كان الأنبياء الحقيقيين مثل أليشع وأشعياء يستخدمون وسائل إيضاحية كما يأمرهم الله (2 مل13: 15، اش20: 2).
ع12: وافق بالطبع كل الأنبياء الكذبة صدقيا على نبوته الكاذبة وصاحوا قائلين لآخاب إصعد إلى راموت جلعاد، فستأخذها وتنتصر على الآراميين.
ع13: عندما وصل الخصي رسول آخاب إلى ميخا؛ ليأتى به من السجن إلى الملك، أخبره أن كل الأنبياء شجعوا الملك على الذهاب إلى راموت جلعاد ومحاربة الأراميين، فانتصاره عليهم محقق وطلب منه أن يقول مثلهم للملك، فيكون كلامه للخير للملك ويظهر من ذلك:
اقتناع الخصي بأن اجتماع الكثيرين على رأى واحد يبين أن رأيهم سليم.
أن موافقة الملك على أغراضه أمر مريح، فيشجع ميخا على ذلك؛ لأجل راحة الملك.
لعل ميخا إذا قال كلامًا موافقًا لأغراض الملك يطلق سراحه، فالخصى يقدم نصيحة حب لميخا؛ ليتحرر من السجن.
في نظر هذا الخصي وعموم الشعب أن الخير هو موافقة الملك وليس طاعة الله.
ع14: أقسم ميخا بالرب ليعلن للخصى أنه أمام الرب الحي وأنه لن يقول شيئًا، إلا ما يقوله الرب له وهذا يظهر:
شجاعة ميخا وتمسكه وطاعته لكلام الله.
استعداده لاحتمال الآلام من أجل كلام الله.
عدم تأثره بكلام الناس مثل الخصي والملك، فالأهم هو كلام الله.
ع15: عند وصول ميخا أمام آخاب سأله آخاب، أمام كل الحاضرين، هل نصعد إلى راموت جلعاد؛ لنستعيدها، فرد عليه ميخا بسخرية واضحة، اصعد وستنتصر على الآراميين وتأخذ راموت جلعاد. وهو يقصد بهذا أنه ما دمت مصرًا على الصعود، فاصعد وما دمت تريد أن تسمع أنك ستنتصر، أقول لك أنك ستنتصر. وكان كلام ميخا بسخرية فهمها آخاب وكل الحاضرين، أي فهم آخاب أنه لم يقل له الحقيقة، بل إن ما قاله كان تكرارًا لرغبة آخاب.
ع16: فهم آخاب أن ميخا يتهكم عليه ولا يقول له الحقيقة، بل يوافقه على آرائه ويهزأ به وقد يكون آخاب قد سأل ميخا قبل ذلك في أمور أخرى وتهكم عليه ميخا، أو قد يكون قد سأله في هذا الموقف أكثر من مرة وميخا يكرر نفس كلام السخرية؛ لذا تضرع إليه آخاب من أجل الله أن يخبره بالحقيقة، فقد كان آخاب خائفًا من الآراميين؛ لذا استحلفه باسم الرب، فآخاب يريد أن ينفذ رغبته ولكن في نفس الوقت خائف؛ لذا ترجى ميخا أن يخبره بكلام الله.
ع17: عندما أعلن آخاب استعداده واهتمامه بسماع كلام الله، بدأ ميخا يعلن النبوة التي أراه الله إياها، فقال رأيت رؤيا فيها شعب الله مشتتين ومنتشرين على الجبال بلا راعٍ، أي بلا قائد لهم؛ لأن القائد وهو آخاب سيكون قد قُتل في الحرب، وقال الله فليرجع الشعب بسلام كل واحد إلى بيته؛ لأن بنهدد ملك آرام كما سنرى في الأعداد القادمة كان هدفه قتل آخاب، فلما حقق ذلك، أوقف الحرب، فرجع شعب الله بسلام.
هذه النبوة تشمل أمرين:
قتل آخاب في الحرب.
تشتت الشعب في الجبال، بلا قيادة.
ومعنى هذه النبوة واضح وهو أن لا يدخلوا الحرب؛ لأن آخاب سيموت والشعب لن يحقق انتصارًا ولكن الله سيشفق عليهم ويعيدهم بسلام ولعل هذا من أجل صلاح يهوشافاط.
للأسف لم يستفد آخاب من هذه النبوة ولم يطع الله، فمات في الحرب. وكذلك أيضًا شعر يهوشافاط بالحرج من التراجع عن الحرب، فخرج معه ولم يطع كلام الله، الذي طلبه باهتمام ولكن بعدما سمع ميخا أهمل كلامه.
† عندما يعلن لك الله صوته سواء على لسان أب اعترافك، أو في الكتاب المقدس، أو على فم من حولك، أو بأية طريقة، لا تهمله؛ لأن دينونتك ستصير أعظم وتقابل مستقبلًا أسودًا، كما لم يطع آخاب فمات وخطيته عليه.
ع18: غضب آخاب عندما سمع كلام ميخا النبي واعتبره مشاعر سيئة من ميخا نحوه ورفض أن يقبل كلامه على أنه نبوة من الله ولعله تأثر بالربعمائة نبى، الذين شجعوه على الحرب ومن ناحية أخرى فإن آخاب كان يحمل بغضة نحو الله وأنبيائه، فكان يظن أنهم يبغضونه، مع أن البغضة في قلبه أصلًا.
هنا يظهر ضعف يهوشافاط أنه تأثر بكلام آخاب ولم يرد عليه ويدعوه إلى طاعة الله، حتى أنه في النهاية رفض كلام الله ودخل معه الحرب.
ع19: لم يهتم ميخا بالدفاع عن نفسه في اتهام آخاب له، بأنه يتكلم بالشر عليه؛ لأن ميخا كان منشغلًا بإعلان صوت الله.
فاستكمل ميخا الجزء الثاني من الرؤيا التي رآها، إذ رأى الرب جالسًا على عرشه في السماء وحوله ملائكته يمينًا ويسارًا. فهذا أنتج في قلبه:
خشوعًا وفرحًا لوجوده في حضرة الله.
عدم الانزعاج من غضب آخاب، أو السجن الذي ألقاه فيه آخاب.
ثقته في كلام الله الذي يعلنه وكذب المعارضين له من أنبياء البعل.
إيمانه أن كل شيء في يد الله فهو يسمح بالانتصارات، أو الهزيمة، أو يترك الأشرار يسقطون في خطاياهم.
الله ضابط الكل، فلعل المقصود بالملائكة الذين عن اليمين هم الملائكة الموكلين من الله لتوصيل بركاته للبشر والذين على اليسار هم الملائكة الموكلين بتأديب الخطاة.
ع20: الرؤيا التي أظهرها الله لميخا كانت في صورة حوار؛ ليفهم حقيقة الأمور ويعلنها بشكل مفهوم للبشر، مع أن الأمر في السماء لا يحتاج إلى كل هذه الحوارات، فالحركة الفكرية تتم في أقل من لحظة ويعلن الله أمره في الحال.
فبين الله في الرؤيا أنه يتساءل أمام ملائكته، يا ترى من يستطيع أن يحرض آخاب على الشر وعدم طاعة الله! وبالطبع الله لا يريد أحدًا من البشر أن يسلك في الشر ولكنه يسمح للشيطان أن يجرب الكل بالمقدار المناسب ويتخلى أحيانًا عن الأشرار، إذا أصروا على الخطية، لعلهم يشعرون - هم ومن حولهم - بخطورة الخطية؛ حتى يرجعوا عنها. وفى حالة آخاب كان مصرًا على رفض الله، فتخلى عنه؛ ليكون مثالًا للشر أمام شعبه؛ حتى يتوبوا.
عندما تساءل الله رد ملائكته بآراء، أو اقتراحات مختلفة حسب فهمهم. كل هذا كما ذكرنا ليفهم آخاب والشعب بما يتم في السماء.
ع21، 22: ثم سمح الله للشيطان، أي الروح الشرير أن يقف أمامه ويعلن الشيطان أنه قادر أن يغوى آخاب، فسأله الله كيف سيغويه؟ فقال الشيطان بأنه سيدخل في أنبياء البعل ويتكلم بكلام كذب على لسانهم؛ ليضل آخاب، فقال له الله أنك تستطيع حقًا ذلك، إذ أن الشيطان مملوء شرًا وحيلًا خبيثة والله سمح له أن يخرج ويغوى آخاب؛ لأن آخاب باع نفسه واستسلم للشر.
إن هذه الرؤيا تذكرنا بما حدث في بداية سفر أيوب، فكل هذه تصويرات من الله لما يحدث في السماء؛ لنفهم بر الله وشر الشيطان. بهذا قدم الله لآخاب آخر تحذير؛ ليعرف أن الشيطان، أو البعل الذي يعبده سيقوده إلى الهلاك هو وأنبياءه؛ لعله ينتبه ويتوب، فالله يطلب خلاص الكل مهما كان شرهم.
ع23: لخص ميخا صوت الله في الرؤيا لآخاب بأمرين:
أن كلام أنبياء البعل كله كذب.
الله سمح بالشر الذي يحدث لآخاب، أى هلاكه في الحرب. وهذه هي نهاية أشر ملوك إسرائيل.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
24 فَتَقَدَّمَ صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ وَضَرَبَ مِيخَا عَلَى الْفَكِّ وَقَالَ: «مِنْ أَيْنَ عَبَرَ رُوحُ الرَّبِّ مِنِّي لِيُكَلِّمَكَ؟» 25 فَقَالَ مِيخَا: «إِنَّكَ سَتَرَى فِي ذلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي تَدْخُلُ فِيهِ مِنْ مِخْدَعٍ إِلَى مِخْدَعٍ لِتَخْتَبِئَ». 26 فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: «خُذْ مِيخَا وَرُدَّهُ إِلَى آمُونَ رَئِيسِ الْمَدِينَةِ، وَإِلَى يُوآشَ ابْنِ الْمَلِكِ، 27 وَقُلْ هكَذَا قَالَ الْمَلِكُ: ضَعُوا هذَا فِي السِّجْنِ، وَأَطْعِمُوهُ خُبْزَ الضِّيقِ وَمَاءَ الضِّيقِ حَتَّى آتِيَ بِسَلاَمٍ». 28 فَقَالَ مِيخَا: «إِنْ رَجَعْتَ بِسَلاَمٍ فَلَمْ يَتَكَلَّمِ الرَّبُّ بِي». وَقَالَ: «اسْمَعُوا أَيُّهَا الشَّعْبُ أَجْمَعُونَ».
ع24: بتبجح وشر تقدم صدقيا، الذي كان غالبًا رئيسًا لأنبياء البعل وضرب ميخا على خده ولم يستأذن في ذلك آخاب ولكنه كان يعلم جيدًا أن آخاب يساند أنبياءه، أي أنبياء البعل. أما يهوشافاط فكضيف ليس له سلطان، فلم يفعل شيئًا، مع أنه في الحقيقة كان يمكن أن يعلن على الأقل أن هذا خطأ ولكنه ضعف وتخاذل منه، رغم ثقته أن ميخا هو النبي الحقيقي وكل الأنبياء الآخرين كذبة ويهوشافاط - كمؤمن بالله - يستطيع أن يميز النبي الحقيقي من النبي الكاذب.
ثم قال صدقيا لميخا بتعجب وتهكم كيف تجاسرت يا ميخا وادعيت أن روح الله الذي علىَّ قد عبر وأتى إليك.
وتصرف صدقيا يبين أمرين:
جرأة الشر واعتداؤه على أولاد الله.
الكذب والمغالطة التي يحاول بها الشيطان عن طريق أولاده خداع الناس، فمع أن ميخا هو النبي الحقيقي وصدقيا ومن معه كلهم كذبة، يدعى صدقيا الكاذب أن روح الله معه فقط وليس مع ميخا، وبالطبع روح الله لا يكون مؤذيًا للآخرين، كما ضرب صدقيا ميخا، فروح الله وديع وحازم ولكن ليس عنيفًا وقاسيًا.
ع25: احتمل ميخا الضربة من أجل الله ولم يدافع عن نفسه، لكن انشغل بتأكيد صوت الله لصدقيا، فقال له ستفهم وتعرف كلام الله عندما يتم وينهزم شعب الله أمام آرام ويهرب منه وأنت يا صدقيا ستهرب من بيت إلى بيت ومن حجرة إلى حجرة وذلك إما خوفًا من الآراميين أو من إيزابل التي ستنزعج بسبب موت زوجها وتحاول قتل صدقيا الذي كذب وأضل زوجها فمات.
† ليكن هدفك إعلان صوت الله حتى لو قام عليك الأشرار وأهانوك، فاحتمل لأجل الله واثقًا أن الله يقدر تعبك وسيسندك، ويعد لك إكليلًا عظيمًا في السماء.
ع26، 27: في غضب وكبرياء أمر آخاب الخصي الذي أتى بميخا أن يعيده إلى السجن تحت سلطان ومسئولية آمون رئيس مدينة السامرة ويوآش ابن آخاب، الذي كان يبدو أنه كان مسئولًا عن السجن.
وتماديًا من آخاب في كبريائه أمر أن يتعبوا ميخا في السجن فلا يعطوه إلا أقل القليل من الماء وأسوأ الطعام لإذلاله، بسبب الكذب الذي قاله وكلام الشر الذي نطق به على آخاب، هكذا اعتقد آخاب وأضاف أن يفعلوا هذا حتى يرجع آخاب بسلام وهذا يبين أن الشر يعمى عينى صاحبه، فلا يرى الحق مهما كان واضحًا.
ع28: لم ينزعج ميخا من أوامر آخاب المتعسفة بالسجن والمعاملة السيئة داخله ولكنه واصل تأكيد صوت الله أمام كل الشعب معلنًا لآخاب أن بالتأكيد لن يعود من الحرب؛ لأنه سيموت وإن رجع، فيكون الله لم يتكلم. فميخا كان متأكدًا من رؤيا الله وأوامره وأعلنها للشعب كله فعندما يرون قتل آخاب يتوبون ويعودون إلى الله.
29 فَصَعِدَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ. 30 فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ: «إِنِّي أَتَنَكَّرُ وَأَدْخُلُ الْحَرْبَ، وَأَمَّا أَنْتَ فَالْبَسْ ثِيَابَكَ». فَتَنَكَّرَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَدَخَلَ الْحَرْبَ. 31 وَأَمَرَ مَلِكُ أَرَامَ رُؤَسَاءَ الْمَرْكَبَاتِ الَّتِي لَهُ، الاثْنَيْنِ وَالثَّلاَثِينَ، وَقَالَ: «لاَ تُحَارِبُوا صَغِيرًا وَلاَ كَبِيرًا إِلاَّ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ وَحْدَهُ». 32 فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْمَرْكَبَاتِ يَهُوشَافَاطَ، قَالُوا: «إِنَّهُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ» فَمَالُوا عَلَيْهِ لِيُقَاتِلُوهُ، فَصَرَخَ يَهُوشَافَاطُ. 33 فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْمَرْكَبَاتِ أَنَّهُ لَيْسَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ رَجَعُوا عَنْهُ. 34 وَإِنَّ رَجُلًا نَزَعَ فِي قَوْسِهِ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ وَضَرَبَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ بَيْنَ أَوْصَالِ الدِّرْعِ. فَقَالَ لِمُدِيرِ مَرْكَبَتِهِ: «رُدَّ يَدَكَ وَأَخْرِجْنِي مِنَ الْجَيْشِ لأَنِّي قَدْ جُرِحْتُ». 35 وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، وَأُوقِفَ الْمَلِكُ فِي مَرْكَبَتِهِ مُقَابِلَ أَرَامَ، وَمَاتَ عِنْدَ الْمَسَاءِ، وَجَرَى دَمُ الْجُرْحِ إِلَى حِضْنِ الْمَرْكَبَةِ. 36 وَعَبَرَتِ الرَّنَّةُ فِي الْجُنْدِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَائِلًا: «كُلُّ رَجُل إِلَى مَدِينَتِهِ، وَكُلُّ رَجُل إِلَى أَرْضِهِ». 37 فَمَاتَ الْمَلِكُ وَأُدْخِلَ السَّامِرَةَ فَدَفَنُوا الْمَلِكَ فِي السَّامِرَةِ. 38 وَغُسِلَتِ الْمَرْكَبَةُ فِي بِرْكَةِ السَّامِرَةِ فَلَحَسَتِ الْكِلاَبُ دَمَهُ، وَغَسَلُوا سِلاَحَهُ. حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ. 39 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ أَخْآبَ وَكُلُّ مَا فَعَلَ، وَبَيْتُ الْعَاجِ الَّذِي بَنَاهُ، وَكُلُّ الْمُدُنِ الَّتِي بَنَاهَا، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ؟ 40 فَاضْطَجَعَ أَخْآبُ مَعَ آبَائِهِ، وَمَلَكَ أَخَزْيَا ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.
ع29: رغم كل إعلانات الله الواضحة على فم ميخا بعدم دخول الرب صعد آخاب بجيشه ومعه يهوشافاط بجيش يهوذا إلى راموت جلعاد؛ لاستعادتها من الآراميين. وإن كان آخاب مصرًا على الضر لابتعاده عن الله، فإن موقف يهوشافاط هو الغريب في دخول الحرب رغم كل هذه التحذيرات ويبدو ذلك لما يلي :
وعد يهوشافاط السابق لآخاب أن يذهب معه على الحرب والملوك لا يرجعون في كلامهم ولكن بالطبع يمكن الرجوع، إن كان الله أمر بعكس كلام الملك.
ضعف يهوشافاط أمام صهره آخاب، إذ وجد نفسه في حرج أن يتركه وحده؛ لأن آخاب كان مصرًا على دخول الحرب، مستهينًا تمامًا بكلام الله.
لعله فهم أن آخاب فقط الذي سيموت، أما هو وكل الشعب، فسيعودون بسلام كما قال ميخا فتشجع وذهب مع آخاب. ولكن هذا خطأ كبير إذ فيه معارضة لكلام الله ولم يهتم بكلام ميخا.
تشكك يهوشافاط في كلام الله على لسان ميخا، وقد يكون ساعده على ذلك غضب آخاب واتهامه هو وأنبياؤه لميخا بأنه يتكلم بالشر، وهذه نتيجة طبيعية لمخالطة الأشرار أن يضل الإنسان ويضعف إيمانه بالله.
ع30: شعر آخاب أنه مستهدف من بنهدد في هذه الحرب، خاصة بعد سماعه نبوة ميخا بموته، فخاف بالأكثر وقرر أن يدخل الحرب متنكرًا، كجندى عادي ولكن هل يستطيع أن يتنكر أمام الله؛ فما دام الله قد قرر أنه سيقتل، لم يكن هناك حل إلا أن يتوب ويؤمن بالله فيرحمه.
ولعل تنكر آخاب كان مما سمعه من ميخا أن شعب الله سيكون مشتتًا على الجبال، فقرر التنكر حتى لا يقتل ويظل قائدًا لشعبه، فلا ينهزموا، أو يتشتتوا. إنه بهذا يحاول إيقاف حكم الله الذي لا يوقف كما قلنا. إلا بالتوبة.
أعلن آخاب ليهوشافاط أنه سيتنكر ولكن اقترح على يهوشافاط أن يلبس ملابسه الملوكية وهذا شر عظيم من آخاب أن يعرض صديقه، الذي أتى للتحالف معه ليموت في الحرب بدلًا منه. وقد تنكر آخاب، أما يهوشافاط فلبس الملابس الملوكية، مع أن هذا عدم حكمة من يهوشافاط أن يوافق على ذلك. فلماذا يا ترى وافق يهوشافاط؟
لعله شعر بفخر أن يكون هو القائد وحده للجيوش بملابسه الملوكية.
ثقته في كلام الله على فم ميخا، أن الذي سيموت هو آخاب؛ لأن الله تكلم عليه بالشر ولم يوجه ميخا توبيخًا، أو حكمًا إلهيًا ليهوشافاط.
ع31: نظم بنهدد ملك آرام جيشه المكون من اثنين وثلاثين فرقة، يقود كل منهم قائد هو أحد الملوك التابعين له وهم رؤساء المقاطعات المذكورين في (1 مل 20: 1) وأمر هؤلاء القادة أن يهتموا بقتل آخاب وذلك ليقلل عدد القتلى من جيشه، لأنه يعلم أنه إذا قتل قائد جيش إسرائيل وهو آخاب، فسيتفرق الجيش في الحال وتتم النصرة لآرام.
ع32، 33: بحث رؤساء المركبات عن ملك إسرائيل، فنظروا من بعيد شخصًا يلبس الملابس الملوكية، فظنوه آخاب وهجموا عليه. وهنا صرخ يهوشافاط في الحال فتركوه وهذه الصرخة تعنى الآتي:
صرخة إلى الله لينقذه من الموت وهذا يبين إيمانه في ساعة الخطر، فأبعد الله جنود آرام عنه، كما يظهر في (2 أى18: 31).
صرخ معلنًا أمام الجنود، أنه ليس آخاب، فتركوه، بمساعدة الله، إذ جعلهم الله يتركونه ليبحثوا عن آخاب، كما أمرهم بنهدد. ولعل بعضهم كان يعرف شكل آخاب وصوته من الحروب السابقة، إذ كانوا مرافقين لبنهدد أثناء المعاهدة التي قطعها معه آخاب (1 مل 20: 31-34).
لأن يهوشافاط صدق نبوة ميخا أن الذي سيصيبه الشر هو آخاب (ع23)، أسرع بإعلان أنه ليس آخاب للجنود الآراميين، حتى يتركوه.
وقد تعرض يهوشافاط للموت وسمح الله بذلك من أجل الأخطاء التي فعلها وهي:
مخالطته للأشرار، بل مصاهرتهم، أي مخالطة آخاب وزواج ابنه من ابنة آخاب.
عدم طاعته لكلام الله على فم ميخا الواضح بعدم دخول الحرب، لأن نتيجتها هي الهزيمة.
محبته للرئاسة والظهور كقائد لجميع جيوش شعب الله ولكن الله أنقذه من الموت بسبب إيمانه به ورجوعه إليه في ساعة الخطر.
ع34:
نزع في قوسه: شد قوسه للخلف، فانطلق السهم الذي كان في القوس.أوصال الدرع: المنطقة التي بين الدرع الذي يحمى الصدر والدرع الذي يحمى الفخذين ويرتبط بالدرعان بوصلات من الكتان، فهي منطقة البطن.
رد يدك: أوقف السير بالمركبة إلى الأمام وأدر المركبة لتسير في الاتجاه المضاد، أي يخرج من الحرب.
كان جنديًا آراميًا يمسك بقوسه وفيه سهم ولعله كان يحاول إصلاحه، أو تجربته، فانطلق السهم بدون عمد، فأصاب آخاب المتنكر في بطنه بجرح عميق شعر آخاب بخطورته، فطلب من سائق مركبته أن يدير المركبة ويخرج بها من الحرب.
نلاحظ أن آخاب المتنكر أصابه سهم طائش بجرح عميق قتله، أما يهوشافاط الذي يلبس الملابس الملوكية فحماه الله من الموت؛ لأنه صرخ إليه، فحكم الله لابد أن يتم، مهما حاول الإنسان الشرير أن يحمى نفسه والأبرار يخلصون أنفسهم بالإيمان والصلاة.
سمح الله لآخاب أن يموت ولا يقبض عليه بنهدد وهو حي، لأنه قد يعفى عنه، ردًا لجميل آخاب السابق، فحكم الله هو هلاك آخاب؛ لأجل شروره الكثيرة.
† لا يمكن أن تهرب من يد الله، فلا تفعل الخطية في الخفاء؛ لأنه يراك وأجرة الخطية موت والحل الوحيد هو أن ترجع إلى الله بالتوبة، فهو أب حنون مستعد أن يسامحك عن كل شيء والكنيسة تفتح أحضانها دائمًا بالغفران في سرى الاعتراف والتناول.
ع35: لم يستحسن قائد مركبة الملك ولا القادة المحيطين بمركبته أن يخرج آخاب من المعركة؛ لئلا يتشتت جيشه، إذا علموا أنه أصيب إصابة خطيرة، فسندوه وأوقفوه في مركبته، مع أن دمه كان ينزف بغزارة وسال على أرض المركبة وحتى من يلاحظ إصابته يظن أن إصابته بسيطة. وظل القتال مستمرًا بشدة مع الآراميين حتى المساء، إلى أن مات الملك آخاب.
ع36: انتشر الخبر سريعًا بين جنود إسرائيل، أن ملكهم آخاب قد مات، فنادى قادتهم بالانسحاب والرجوع كل جندى إلى بيته، سواء جنود إسرائيل، أو يهوذا، وذلك لما يلي:
موت القائد يجعل الجيش بلا قيادة، فيستحيل مواصلة الحرب وهذا يبين أهمية القائد، خاصة قديمًا.
لعل بعضهم تذكر نبوة ميخا، بأن آخاب سيموت وينتشر الجنود على الجبال هاربين متشتتين، فأسرعوا بالانسحاب.
سمع الأراميون بموت آخاب ورأوا انسحاب الجيش، فأوقفوا القتال وانسحبوا هم أيضًا، إذا كان غرضهم قتل آخاب وبالتالي استبقاء راموت جلعاد خاضعة لهم، فانسحب الآراميون أيضًا وبهذا لم تستمر الحرب إلا نهارًا واحدًا وانتهت.
ع37: عاد جنود إسرائيل بملكهم الميت إلى السامرة عاصمته، التي بناها أبوه عمرى ودفنوه هناك.
ع38: يشرح هنا تفاصيل عن نقل آخاب الميت ومركبته وكيف غُسل دمه، فقد مروا على مدينة يزرعيل في طريقهم إلى السامرة، هناك غسلوا مركبته وسلاحه في بركة خارج يزرعيل، سميت بركة السامرة، ثم نقلوه إلى السامرة. وبهذا تحقق كلام إيليا النبي لآخاب بعد قتله نابوت اليزرعيلى واغتصاب حقله، فلحست الكلاب دم نابوت، إذا قال إيليا أن الكلاب ستلحس دمك يا آخاب، في نفس الموضع الذي لحست فيه دم نابوت المظلوم (1 مل 21: 19).
وهناك رأى آخر، بأن الجنود غسلوا المركبة في بركة السامرة، التي تقع بجوار مدينة السامرة ولحست الكلاب هناك دم آخاب، كما لحست الكلاب دم نابوت خارج يزرعيل ولكن الرأى الأول هو الأرجح.
المكان الذي غسلت فيه مركبة آخاب، في بركة السامرة، هو المكان الذي اعتادت أن تغتسل فيه الزوانى اللاتي تخصصن للزنا في معابد البعل، التي شجعها آخاب، أي أنه في النهاية غُسل دم آخاب في مكان دنس؛ لأنه دنس نفسه بعبادة البعل طوال حياته، فيموت موتة شنيعة دنسة.
وهكذا غُسلت المركبة العظيمة الملكية؛ ليستخدمها ملك آخر، فمات آخاب ولم يأخذ شيئًا كما يموت الكل ولو كان قد تذكر ذلك، لكان قد تاب ورجع إلى الله.
ع39، 40: كان آخاب مهتمًا ببناء القصور والمدن وخاصة بيتًا عظيمًا زينة بالعاج، الذي يؤخذ من أنياب الفيلة وسمى بيت العاج. فكان اهتمامه كله ماديًا بعيدًا عن الروحيات، كل هذه الأمور وخبر موته مذكور في سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل وهو غير سفر أخبار الأيام الموجود في الكتاب المقدس. وبعد موته ملك بعده ابنه أخزيا عوضًا عنه.
41 وَمَلَكَ يَهُوشَافَاطُ بْنُ آسَا عَلَى يَهُوذَا فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ لأَخْآبَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ. 42 وَكَانَ يَهُوشَافَاطُ ابْنَ خَمْسٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ عَزُوبَةُ بِنْتُ شَلْحِي. 43 وَسَارَ فِي كُلِّ طَرِيقِ آسَا أَبِيهِ. لَمْ يَحِدْ عَنْهَا، إِذْ عَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. إِلاَّ أَنَّ الْمُرْتَفَعَاتِ لَمْ تُنْتَزِعْ، بَلْ كَانَ الشَّعْبُ لاَ يَزَالُ يَذْبَحُ وَيُوقِدُ عَلَى الْمُرْتَفَعَاتِ. 44 وَصَالَحَ يَهُوشَافَاطُ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ. 45 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يَهُوشَافَاطَ وَجَبَرُوتُهُ الَّذِي أَظْهَرَهُ، وَكَيْفَ حَارَبَ، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا؟ 46 وَبَقِيَّةُ الْمَأْبُونِينَ الَّذِينَ بَقُوا فِي أَيَّامِ آسَا أَبِيهِ أَبَادَهُمْ مِنَ الأَرْضِ. 47 وَلَمْ يَكُنْ فِي أَدُومَ مَلِكٌ. مَلَكَ وَكِيلٌ. 48 وَعَمِلَ يَهُوشَافَاطُ سُفُنَ تَرْشِيشَ لِكَيْ تَذْهَبَ إِلَى أُوفِيرَ لأَجْلِ الذَّهَبِ، فَلَمْ تَذْهَبْ، لأَنَّ السُّفُنَ تَكَسَّرَتْ فِي عِصْيُونَ جَابِرَ. 49 حِينَئِذٍ قَالَ أَخَزْيَا بْنُ أَخْآبَ لِيَهُوشَافَاطَ: «لِيَذهَبْ عَبِيدِي مَعَ عَبِيدِكَ فِي السُّفُنِ». فَلَمْ يَشَأْ يَهُوشَافَاطُ. 50 وَاضْطَجَعَ يَهُوشَافَاطُ مَعَ آبَائِهِ، وَدُفِنَ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ أَبِيهِ، فَمَلَكَ يَهُورَامُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.
ع41، 42: في السنة الرابعة لتملك آخاب على إسرائيل، تملك يهوشافاط ابن آسا على مملكة يهوذا وكان عمره وقتذاك خمسة وثلاثين عامًا وملك مدة خمسة وعشرين عامًا على يهوذا. وأم يهوشافاط تدعى عزوبة بنت شلمى ويبدو أنها كانت إنسانة تقية، فزوجها آسا كان صالحًا وعمل المستقيم في عينى الرب وكذلك ابنها يهوشافاط سار مثل أبيه باستقامة قلب.
والكتاب المقدس يذكر بعض الأمهات ليبين دورهن المقدس، أو على العكس الشرير، الذي يظهر على الأزواج والأبناء، مثل إيزابل الشريرة امرأة آخاب وأم أخزيا وعثليا وكلهم أشرار.
وتفاصيل حياة وأعمال يهوشافاط مذكورة في (2 أى17-20).
ع43: يقدم لنا الكتاب المقدس ملخص لحياة يهوشافاط وأهم أعماله.
فإن كان آسا مستقيمًا في عينى الرب، بل كاملًا (1 مل 15: 14)، فإن يهوشافاط ابنه سار في طريق أبيه المستقيم أمام الله، أي اهتم بعبادة الله في هيكله ورفض عبادة الأوثان بكل صورها.
وتقديم الذبائح على المرتفعات وإيقاد البخور كانت عبادة شخصية، أما العبادة الجمهورية فظلت في الهيكل.
ولكن الخطأ الذي لم يصلحه يهوشافاط هو أنه سمح بالذبح على المرتفعات لله وليس للأوثان، مع أن الله أمر أن يكون تقديم الذبائح في هيكله فقط ونهى أن تكون على المرتفعات (تث12: 13، 14)؛ لأن هذه المرتفعات تحولت مع الوقت لعبادة الأوثان.
ع44: أكبر خطأ سقط فيه يهوشافاط، هو تصالحه وتحالفه وارتباطه بملك إسرائيل، الذي كان شريرًا وهو آخاب، ثم ابنه أخزيا. وإن كان التفاهم والتصالح بين الدول المجاورة مفيد، بالإضافة إلى أن مملكة إسرائيل ويهوذا هما أصلًا أمة واحدة، هي شعب الله ولكن من ناحية أخرى التحالف مع الأشرار له أضرار كثيرة، هذا ما سقط فيه يهوشافاط وقد ظهر التصالح والتحالف فيما يلي:
تحالفه مع آخاب في الحرب ضد آرام؛ لاسترداد راموت جلعاد (ع32).
تزويج ابنه يورام لعثليا ابنة آخاب.
خروجه للحرب مع أخزيا ابن آخاب ضد موآب (2 مل3: 7).
اشتراكه مع أخزيا في بناء أسطول تجارى (2 أى20: 36).
وقد جر هذا التصالح مع ملوك إسرائيل متاعب كثيرة على يهوشافاط؛ بسبب غضب الرب عليه. أهم هذه المتاعب:-
تعرضه للموت في حربه مع آخاب ضد آرام والله أنقذه في آخر لحظة (ع32).
إعثاره لابنه يورام بتزويجه من عثليا، التي أدخلت عبادة البعل في يهوذا وسيطرت على المملكة، إذ قتلت أحفادها وجلست على عرش يهوذا (2 مل11: 1).
تكسر الأسطول التجارى في عصيون جابر وخسر يهوشافاط كثيرًا؛ لأنه أغضب الرب، وأعلن الله له ذلك على يد أليعزر النبى (2 أى20: 37).
يلاحظ أن يهوشافاط لم يتعلم سريعًا خطورة الاختلاط بالأشرار، فما أصابه من اختلاطه بآخاب لم يجعله يبتعد عن أخزيا، ابنه الشرير؛ لذا غضب الله عليه وتكسرت سفنه ولكنه أخيرًا تعلم طاعة الله، فرفض عرض أخزيا في مشاركته في التجارة بالسفن (ع49) ولكن تظهر محبة المسيح فادى الخطاة أن يأتي من نسل يورام ابن يهوشافاط وعثليا زوجته (مت1: 8، 9)، فهو يطلب خلاص كل من آمن وحاول أن يطيع الله، مثل يهوشافاط.
† جيد أن تكون في سلام مع الكل - قدر ما تستطيع - ولكن احترس أن تختلط بالأشرار، أو تشاركهم أعمالهم باختيارك الخاص؛ لئلا تتنجس بأفكارهم وسلوكهم، فتغضب الرب ويتخلى عنك. ليكن لك قلب مفتوح بالمحبة نحو الكل ولكن كن مدققًا فيمن تختارهم أصدقاء ومقربين إليك.
ع45: كان يهوشافاط قويًا في مواجهة عبادة الأوثان، فأزالها وكل ما يتصل بها من فساد. ومن ناحية أخرى ظهر تفوقه في الحروب ضد الأمم المحيطة، مثل العمونيين والموآبيين (2 أى20: 1). وتفاصيل أعمال يهوشافاط مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا وهو سفر تاريخى خاص بملوك يهوذا وهو غير سفر أخبار الأيام الموجود في الكتاب المقدس.
ع46:
المأبونين: الرجال الذين وهبوا أنفسهم للآلهة الوثنية، لممارسة الشذوذ الجنسى معهم ويعيشون في بيوت بجوار المعابد ليضاجعهم الذكور، وبهذا يرضون الآلهة حسب اعتقادهم.أباد آسا عبادة الأوثان وكل ما يتصل بها من زنا وشذوذ ولكن يبدو أن هناك بعض المأبونين استطاعوا الهرب واستمروا في ممارستهم الجنسية، فاستكمل يهوشافاط ما فعله أبيه آسا وأباد بقية هؤلاء المأبونين، أي أزال الفساد من الأرض، حتى لا يضع معثرة أمام شعبه. فيعبدوا الرب بنقاوة.
ع47: كانت مملكة أدوم تسكن في جبال سعير، وتمتد جنوب وشرق مملكة يهوذا من البحر الميت، حتى خليج العقبة. وتعرضت أدوم لهجمات كثيرة من ملوك بني إسرائيل ومنهم شاول (1 صم14: 47) ثم داود الذي أباد كل الذكور. وتقوت آدوم جزئيًا أيام سليمان ويبدو أنها كانت ضعيفة أيام يهوشافاط، فأقام عليها وكيلًا من قبله، أي نائبًا ليهوشافاط وقد يكون من الأدوميين أنفسهم، أي أن أدوم كانت تحت سيطرة يهوذا.
ترشيش: مدينة تجارية مشهورة في جنوب أسبانيا على ساحل البحر المتوسط. وكان يستورد منها الذهب وبضائع كثيرة.
أوفير: مدينة تقع جنوب شبه الجزيرة العربية في دولة اليمن الحالية وتشتهر بإنتاج أنقى أنواع الذهب (سيراخ 7: 20) وسميت أوفير على اسم أحد أحفاد سام (تك10: 29).
عصيون جابر: ميناء قديم مشهور على خليج العقبة يقع غرب مدينة إيلات الحالية.
بنى يهوشافاط سفنًا تجارية ضخمة قادرة على الذهاب إلى أقصى البلاد المعروفة وقتذاك وهي ترشيش الواقعة في نهاية البحر الأبيض المتوسط وهي آخر العالم القديم وذلك لإرسالها إلى ترشيش، مشتركًا في هذا مع أخزيا ملك إسرائيل ولكن تكسرت السفن وذلك بسبب غضب الله على يهوشافاط لاشتراكه مع الأشرار، أي أخزيا (2 أى20: 37).
ثم بنى يهوشافاط سفنًا أخرى قوية مثل الأولى وطلب أخزيا منه أن يشترك معه في التجارة، فرفض يهوشافاط إذ أخيرًا تعلم أن يطيع الله ولا يشترك في العمل مع الأشرار.
ع50: بعد خمس وعشرين عامًا من المُلك، مات أخيرًا يهوشافاط، الملك الصالح. وملك بعده ابنه البكر يهورام (2 أى21: 3) وللأسف لم يكن صالحًا مثل أبيه؛ بسبب زواجه من عثليا الشريرة بنت آخاب وهذا يبين أهمية اختيار الزوجة الصالحة.
51 أَخَزْيَا بْنُ أَخْآبَ مَلَكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةَ عَشَرَةَ لِيَهُوشَافَاطَ مَلِكِ يَهُوذَا. مَلَكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ سَنَتَيْنِ. 52 وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَسَارَ فِي طَرِيقِ أَبِيهِ وَطَرِيقِ أُمِّهِ، وَطَرِيقِ يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ، 53 وَعَبَدَ الْبَعْلَ وَسَجَدَ لَهُ وَأَغَاظَ الرَّبَّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ، حَسَبَ كُلِّ مَا فَعَلَ أَبُوهُ.
ع51:
بعد موت آخاب في موقعة راموت جلعاد، ملك ابنه أخزيا على مملكة إسرائيل ولأجل شروره وعبادته للأوثان سمح له الرب بالأمراض ومات بسرعة، فلم يملك إلا سنتين في عاصمته السامرة.
ع52، 53: تفاصيل شرور أخزيا أنه استمر في عبادة العجول الذهبية، التي أقامها يربعام بن نباط في بيت إيل ودان واستمر أيضًا في عبادة الأوثان، التي أدخلها أبوه وأمه مثل البعل وعشتاروث. وهو بهذا تحدى الله وأغاظه بإصراره على عبادة الأوثان؛ لأنه لم يسمح بها فقط، بل قاد الشعب بنفسه في السجود للأوثان وعبادتها. ولم يتعلم من خطورة عدم طاعة الله أيام أبيه، الذي لم يطع إيليا الذي منع المطر وأنزل النار من السماء وقتل أنبياء البعل ومع ذلك لم يرجع آخاب إلى الله ولم يطع ميخا أيضًا، الذي حذر آخاب؛ حتى لا يدخل الحرب مع آرام ولكنه أطاع الأنبياء الكذبة فمات.
† احترس في كل تصرفاتك إن كنت أبًا، أو قائدًا، أو مسئولًا في أي مكان، بل إن كونك مسيحيًا فأنت نور للعالم، فلا تتهاون في كلامك، أو تصرفاتك؛ لئلا تعثر غيرك، إنك صورة لله، حتى لو كان كل من حولك أشرارًا.
نرى أن هذا السفر بدأ بأعظم ملوك بني إسرائيل وهو داود وكانت المملكة متحدة وينتهى السفر بأشر ملوك مملكة إسرائيل وهو آخاب، بعد انقسام المملكة. فلماذا بدأ بداية مفرحة وانتهى نهاية مخزية؛ السبب واضح وهو أن علاقة الملك والشعب كانت قوية أيام داود ولكن في نهاية السفر نجد كيف تركوا الله وعبدوا الأوثان وساروا في شرور ونجاسات كثيرة، فانهزموا أمام أعدائهم الآراميين ومات آخاب عقابًا له على شروره، ميتة شنيعة في الحرب.
← انظر: مقارنة بين الأنبياء الكذبة وأنبياء الله.
← تفاسير أصحاحات الملوك أول: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
الفهرس |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير ملوك الأول 21 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/kings1/chapter-22.html
تقصير الرابط:
tak.la/argga8r