* تأملات في كتاب
ملوك أول: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42 - 43 - 44 - 45 - 46
الأَصْحَاحُ الثَّانِي
(1) وصية داود لسليمان وموت داود (ع1-12)
(2) أدونيا يطلب أبيشج زوجة له (ع13-25)
(3) طرد أبياثار من الكهنوت (ع26، 27)
(4) قتل يوآب وشمعي (ع28-46)
1 وَلَمَّا قَرُبَتْ أَيَّامُ وَفَاةِ دَاوُدَ أَوْصَى سُلَيْمَانَ ابْنَهُ قَائِلًا: 2 «أَنَا ذَاهِبٌ فِي طَرِيقِ الأَرْضِ كُلِّهَا، فَتَشَدَّدْ وَكُنْ رَجُلًا. 3 اِحْفَظْ شَعَائِرَ الرَّبِّ إِلهِكَ، إِذْ تَسِيرُ فِي طُرُقِهِ، وَتَحْفَظُ فَرَائِضَهُ، وَصَايَاهُ وَأَحْكَامَهُ وَشَهَادَاتِهِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى، لِكَيْ تُفْلِحَ فِي كُلِّ مَا تَفْعَلُ وَحَيْثُمَا تَوَجَّهْتَ. 4 لِكَيْ يُقِيمَ الرَّبُّ كَلاَمَهُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَنِّي قَائِلًا: إِذَا حَفِظَ بَنُوكَ طَرِيقَهُمْ وَسَلَكُوا أَمَامِي بِالأَمَانَةِ مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ وَكُلِّ أَنْفُسِهِمْ، قَالَ لاَ يُعْدَمُ لَكَ رَجُلٌ عَنْ كُرْسِيِّ إِسْرَائِيلَ. 5 وَأَنْتَ أَيْضًا تَعْلَمُ مَا فَعَلَ بِي يُوآبُ ابْنُ صَرُويَةَ، مَا فَعَلَ لِرَئِيسَيْ جُيُوشِ إِسْرَائِيلَ: ابْنَيْرَ بْنِ نَيْرَ وَعَمَاسَا بْنِ يَثْرٍ، إِذْ قَتَلَهُمَا وَسَفَكَ دَمَ الْحَرْبِ فِي الصُّلْحِ، وَجَعَلَ دَمَ الْحَرْبِ فِي مِنْطَقَتِهِ الَّتِي عَلَى حَقَوَيْهِ وَفِي نَعْلَيْهِ اللَّتَيْنِ بِرِجْلَيْهِ. 6 فَافْعَلْ حَسَبَ حِكْمَتِكَ وَلاَ تَدَعْ شَيْبَتَهُ تَنْحَدِرُ بِسَلاَمٍ إِلَى الْهَاوِيَةِ. 7 وَافْعَلْ مَعْرُوفًا لِبَنِي بَرْزِلاَّيِ الْجِلْعَادِيِّ فَيَكُونُوا بَيْنَ الآكِلِينَ عَلَى مَائِدَتِكَ، لأَنَّهُمْ هكَذَا تَقَدَّمُوا إِلَيَّ عِنْدَ هَرَبِي مِنْ وَجْهِ أَبْشَالُومَ أَخِيكَ. 8 وَهُوَذَا مَعَكَ شِمْعِي بْنُ جِيرَا الْبَنْيَامِينِيُّ مِنْ بَحُورِيمَ، وَهُوَ لَعَنَنِي لَعْنَةً شَدِيدَةً يَوْمَ انْطَلَقْتُ إِلَى مَحَنَايِمَ، وَقَدْ نَزَلَ لِلِقَائِي إِلَى الأُرْدُنِّ، فَحَلَفْتُ لَهُ بِالرَّبِّ قَائِلًا: إِنِّي لاَ أُمِيتُكَ بِالسَّيْفِ. 9 وَالآنَ فَلاَ تُبَرِّرْهُ لأَنَّكَ أَنْتَ رَجُلٌ حَكِيمٌ، فَاعْلَمْ مَا تَفْعَلُ بِهِ وَأَحْدِرْ شَيْبَتَهُ بِالدَّمِ إِلَى الْهَاوِيَةِ». 10 وَاضْطَجَعَ دَاوُدُ مَعَ آبَائِهِ، وَدُفِنَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ. 11 وَكَانَ الزَّمَانُ الَّذِي مَلَكَ فِيهِ دَاوُدُ عَلَى إِسْرَائِيلَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. فِي حَبْرُونَ مَلَكَ سَبْعَ سِنِينٍ، وَفِي أُورُشَلِيمَ مَلَكَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ سَنَةً. 12 وَجَلَسَ سُلَيْمَانُ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَتَثَبَّتَ مُلْكُهُ جِدًّا.
ع1:
قبل أن يموت داود، قدم وصيته لابنه سليمان كما يفعل الآباء حين يشعرون بقرب رحيلهم عن هذا العالم فيقدمون النصائح الوداعية لأبنائهم؛ وكما أوصى المسيح تلاميذه قبل صلبه وقدم صلاة وداعية (يو13-17).وتشمل هذه الوصية قسمًا روحيًا (ع2-4) وآخر إداريًا (ع5-9).
وداود يقصد من هذه الوصايا أن يلتزم نسله بوصايا الله؛ حتى يضمنوا رعاية الله وثباتهم على كراسيهم.
ع2:
قال لابنه أنه في طريقه للرحيل عن الأرض، كما رحل كل بشر من قبله، وأوصاه أن يكون قويًا كرجل لمواجهة مسئوليات الحكم، كما أوصى موسى يشوع تلميذه الذي خلفه في قيادة الشعب أن يتشدد (تث31: 7، 23) لأن الخوف سبب كل فشل. وكان عمر سليمان وقتذاك 20 عامًا تقريبًا.يظهر من كلام داود هدوء نفسه وتقبله للموت كأمر طبيعي لكل البشرية ينقله من الأرض إلى حياة أفضل مع الله. كذلك كلماته "تشدد وكن رجلًا" تدعو سليمان للإيمان بالله فيصير قويًا كرجل كبير مقتدر؛ لأن قوة الله تسانده وتعمل فيه.
ع3: الشعائر: شريعة الله المعطاة لموسى.
الفرائض: العبادات.
الوصايا: المقصود بها الوصايا العشر.
الأحكام: القوانين الموجودة في الشريعة.
الشهادات: أقوال الله عمومًا في شريعته.
أوصى داود ابنه سليمان أن يتمسك بوصايا الله وشريعته التي أعطاها لموسى بكل ما تشمل من تعاليم وعبادات روحية، فيحفظ كل هذا لينجح في حياته. وهذه الوصية تشبه وصية الله ليشوع بعد موت موسى (يش1: 7، 8).
وحتى يضمن سليمان خضوع شعبه له، ينبغى أن يطيع هو أولًا كلام الله.
† إن كنت تريد احترام الناس لكلامك وتقديرهم وطاعتهم لك، فينبغى أولًا أن تتلمذ على كلام الله في الكتاب المقدس وتعاليم الكنيسة وإرشادات أب اعترافك فتضمن سلامة فكرك وتأثيره على من حولك.
ع4: وذكَّر داود ابنه سليمان بأنه إن تمسك بوصايا وشريعة الله، يتمِّم الله وعده بأن يملك نسله إلى الأبد (2 صم 7: 12-16). ووعد الله هنا يشمل أمرين:
وعد مشروط بحفظ الوصايا فيديم الله نسل داود على عرش المُلك، ولكنهم تكروا وصايا الله فزال المُلك عنهم بالسبي البابلي.
وعد غير مشروط وهو داود الملك إلى الأبد وذلك عن طريق المسيح الذي يأتي من نسل داود، فحتى إن أخطأوا وانتهت المملكة وجاء السبي سيأتى المسيح ويملك على قلوب المؤمنين إلى الأبد، ويصير المؤمنين ملوكًا روحيين فيه.
والمقصود من كلام داود هنا هو التمسك بشريعة الله والاتكال عليه وليس على القوة العسكرية المتمثلة في كثرة الخيل، أو التحالف مع مصر وكذلك عدم الإكثار من الزيجات، بداعى إكثار النسل (تث17: 16-20) ولكن للأسف سقط سليمان في هذه الأخطاء فغضب الله عليه.
ع5: أبنير بن نير: ابن عم شاول ورئيس جيشه، قتل عسائيل أخا يوآب دفاعًا عن النفس فقتله يوآب غدرًا، انتقامًا لأخيه عسائيل.
عماسا بن يثر: هو ابن أبيجايل أخت صروية وأخت داود وبالتالي فهو ابن خاله يوآب. عينه رئيسًا على جيشه بدلًا من يوآب الذي التقى به فيما بعد وقتله بسيفه غدرًا لكي يعود إلى منصبه كرئيس للجيش. أي أن يوآب غدر وقتل أبنير وعماسا بعدما تصالحا مع داود وهذا لا يعتبر عذرًا إذا تم وقت الحرب.
منطقته: ما يلبسه الجندى على وسطه ويتدلى إلى أسفل.
بعد أن أنهى داود وصيته الأولى الأساسية، انتقل إلى الأحكام التي كان على سليمان أن يجريها حتى يستقر ملكه، فبدأ بيوآب الذي تطلبت الحكمة اختيار الوقت المناسب لمعاقبته، حتى لا يحدث تذمر في الجيش الذي كان غالبية رجاله معجبين بقائدهم. فذكَّر داود ابنه سليمان بغدر يوآب بكل من أبنير بن نير وعماسا بن يثر، إذ سفك دماءهما وهما بريئان، الأمر الذي ما كان يجب أن يحدث إذ لم يكونا محاربين له، وغدر بهما لأنه تظاهر باحتضانهما وإذ هما في حضنه قتلهما فسال الدم على منطقته ونزل إلى نعليه (2 صم3، 20). وهو بهذا يشبه يهوذا الخائن الذي سلّم المسيح بقبلة. فيوآب كان قويًا بل أقوى من داود وغير مطيع له في كثير من الأحيان فلم يستطع داود معاقبته على قتل أبنير وعماسا حتى جاء الوقت المناسب وأصبح سليمان ملكًا وله رئيس جيش آخر قوى هو يهويادع فاستحق يوآب أن ينال عقابه على هاتين الجريمتين الكبيرتين في حق الله وداود والشعب كله لفقدان رئيسين عظيمين للحرب.
ع6: يوآب لم يصنع سلامًا فلا يمكن أن يجد لنفسه السلام ولا يمكن لحكم سليمان الذي يتصف بالسلام والحكمة أن يحوى مثل هؤلاء الأشخاص، لذلك أوصى داود سليمان ألا يدع يوآب حتى تنتهي حياته في سلام بل يجب أن يقضى عليه بقضاء الموت جزاء ما ارتكب من جرم في حق أبرياء. ولم يقتله داود قبلًا حتى لا تضطرب المملكة بسبب دوره الرئيسى في قيادة الجيش وليعطه فرصة للتوبة، ولكنه إذ تمادى وخالف وصية الله وعضَّد أدونيا ليغتصب المُلك، استحق أن ينال العقاب على كل أخطائه. ولئلا يحاول ثانية التقوى على مُلك سليمان. وداود بهذا ينفذ شريعة الله التي تقضى بقتل القاتل (عد35: 16)، فإن لم ينفذها يكون داود وسليمان مدانين أمام الله.
ع7: برزلاى: رئيس قبيلة تسكن في جلعاد شرق الأردن، أكرم داود ومن معه عند هروبه من وجه أبشالوم ابنه.
ينتقل داود إلى الحديث عن شخصية أخرى قدمت معروفًا خاصًا له ولجيشه وأظهرت لطفًا حين كان داود هاربًا من أبشالوم، فرغب داود أن يكافئه في شخص أولاده فأوصى سليمان أن يمنحهم حق الجلوس على مائدة الملك بسبب أمانة وإخلاص أبيهم، لأن برزلاي اعتذر عن الإقامة في أورشليم مع داود لشيخوخته وأرسل ابنه كمهام ليرافق داود (2 صم17: 27-29، 19: 31-39). والجلوس على مائدة الملك معناه أعظم تكريم من الملك وثقة كبيرة منه. ومن هذا نرى عدل داود، فهو يوصى بمعاقبة المخطئين ومكافأة صانعى الخير.
ع8: بحوريم: قرية بالقرب من جبل الزيتون، أي بجوار أورشليم.
محنايم: مدينة شرق الأردن شمال نهر يبوق.
ذكر داود شخصًا ثالثًا هو شمعى بن جيرا البنيامينى الذي سبق وأظهر كراهية شديدة نحو داود ولعنه عند هروبه من ابنه أبشالوم، ولما انتصر داود وعاد إلى ملكه سقط شمعى عند قدميه مستعطفًا إياه، طالبًا العفو والمغفرة، فوعده داود ألا يقتله (2 صم16: 5-8، 19: 19-24).
ع9: أحدر شبيته بالدم: لا تدعه يموت موتًا طبيعيًا بل اقتله.
الهاوية: القبر.
طلب داود من ابنه سليمان ألا يبرّر شمعى لأنه حلف له ألا يقتله، ولكن عليه أن يحاكمه كقاضٍ عادل ويصدر الحكم الذي يستحقه. فشمعى هذا رجل مخادع وليس بريئًا وإن تُرِكَ فقد يخطط ضد المملكة والملك، أي أن اعتذاره لداود كان خوفًا وليس توبة وبالتالي يمكن أن يسئ إلى المملكة. وهو هنا لا يقصد انتقام شخصى، بل معاقبته لأنه أخطأ في حق المملكة ومسيح الرب الملك داود ووعد داود لشمعى ألا يقتل مشروط بطاعته، فعندما خالف الملك سليمان استحق عقابه.
ع10، 11: مدينة داود: أي جبل صهيون وهو جزء من مدينة أورشليم (2 صم5: 7) حيث وضع داود تابوت عهد الله.
مات داود ودفن على جبل صهيون. وبلغت فترة حكم داود الإجمالية 40 سنة، وكانت عاصمة المملكة الأولى هي مدينة "حبرون" حيث ملك هناك 7 سنين، وبعد أن استولى على مدينة أورشليم نقل عاصمة ملكه إلى هناك حيث ملك 33 سنة. وكانت العادة قديمًا وضع المقابر خارج المدن، ولكن تم استثناء أورشليم من هذا فدفن الملوك بها مثل داود ونسله.
ع12: انتقل المُلك في هدوء من داود إلى سليمان واستقرت الأمور وصار متسلطًا على المملكة بلا منازع. فقد تعب داود كثيرًا في حروبه مع الأمم المحيطة حتى صارت المملكة مستقرة وسلمها لابنه سليمان، بل ايضًا رتّب له مواد بناء الهيكل وقدِّم له ذهبًا كثيرًا.
13 ثُمَّ جَاءَ أَدُونِيَّا ابْنُ حَجِّيثَ إِلَى بَثْشَبَعَ أُمِّ سُلَيْمَانَ. فَقَالَتْ: «أَلِلسَّلاَمِ جِئْتَ؟» فَقَالَ: «لِلسَّلاَمِ». 14 ثُمَّ قَالَ: «لِي مَعَكِ كَلِمَةٌ». فَقَالَتْ: «تَكَلَّمْ». 15 فَقَالَ: «أَنْتِ تَعْلَمِينَ أَنَّ الْمُلْكَ كَانَ لِي، وَقَدْ جَعَلَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ وُجُوهَهُمْ نَحْوِي لأَمْلِكَ، فَدَارَ الْمُلْكُ وَصَارَ لأَخِي لأَنَّهُ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ صَارَ لَهُ. 16 وَالآنَ أَسْأَلُكِ سُؤَالًا وَاحِدًا فَلاَ تَرُدِّينِي فِيهِ». فَقَالَتْ لَهُ: «تَكَلَّمْ». 17 فَقَالَ: «قُولِي لِسُلَيْمَانَ الْمَلِكِ، لأَنَّهُ لاَ يَرُدُّكِ، أَنْ يُعْطِيَنِي أَبِيشَجَ الشُّونَمِيَّةَ امْرَأَةً». 18 فَقَالَتْ بَثْشَبَعُ: «حَسَنًا. أَنَا أَتَكَلَّمُ عَنْكَ إِلَى الْمَلِكِ». 19 فَدَخَلَتْ بَثْشَبَعُ إِلَى الْمَلِكِ سُلَيْمَانَ لِتُكَلِّمَهُ عَنْ أَدُونِيَّا. فَقَامَ الْمَلِكُ لِلِقَائِهَا وَسَجَدَ لَهَا وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَوَضَعَ كُرْسِيًّا لأُمِّ الْمَلِكِ فَجَلَسَتْ عَنْ يَمِينِهِ. 20 وَقَالَتْ: «إِنَّمَا أَسْأَلُكَ سُؤَالًا وَاحِدًا صَغِيرًا. لاَ تَرُدَّنِي». فَقَالَ لَهَا الْمَلِكُ: «اسْأَلِي يَا أُمِّي، لأَنِّي لاَ أَرُدُّكِ». 21 فَقَالَتْ: «لِتُعْطَ أَبِيشَجُ الشُّونَمِيَّةُ لأَدُونِيَّا أَخِيكَ امْرَأَةً». 22 فَأَجَابَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ وَقَالَ لأُمِّهِ: «وَلِمَاذَا أَنْتِ تَسْأَلِينَ أَبِيشَجَ الشُّونَمِيَّةَ لأَدُونِيَّا؟ فَاسْأَلِي لَهُ الْمُلْكَ لأَنَّهُ أَخِي الأَكْبَرُ مِنِّي! لَهُ وَلأَبِيَاثَارَ الْكَاهِنِ وَلِيُوآبَ ابْنِ صَرُويَةَ». 23 وَحَلَفَ سُلَيْمَانُ الْمَلِكُ بِالرَّبِّ قَائِلًا: «هكَذَا يَفْعَلُ لِيَ اللهُ وَهكَذَا يَزِيدُ، إِنَّهُ قَدْ تَكَلَّمَ أَدُونِيَّا بِهذَا الْكَلاَمِ ضِدَّ نَفْسِهِ. 24 وَالآنَ حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي ثَبَّتَنِي وَأَجْلَسَنِي عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ أَبِي، وَالَّذِي صَنَعَ لِي بَيْتًا كَمَا تَكَلَّمَ، إِنَّهُ الْيَوْمَ يُقْتَلُ أَدُونِيَّا». 25 فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ بِيَدِ بَنَايَاهُو بْنِ يَهُويَادَاعَ، فَبَطَشَ بِهِ فَمَاتَ.
من هذا العدد حتى نهاية الأصحاح تظهر تدابير الله التي تعطى فرصة لسليمان حتى يتخلص من الأشرار، الذين يمكن أن يقاوموه في ملكه. ويبدأ هنا بحضور أدونيا الأخ الأكبر لسليمان، الذي حاول اغتصاب الملك ضد توصية الله بتمليك سليمان ولكن سليمان سامحه بعد تملكه وأعطاه فرصة للتوبة والسلوك الحسن. والآن يأتي أدونيا ليقابل بثشبع أم سليمان، ويتكلم بلطف معلنًا أنه قد أتى للسلام لأن بثشبع تعجبت من حضوره وشكت أن يكون له قصد سيئ. وطلب أدونيا بتأدب أن يتكلم معها كلمة فأذنت له.
ع15: زعم أدونيا أن له كل حقوق الخلافة في عرش الملك، باعتباره أكبر أبناء داود الأحياء، وأن كل الشعب كان مترقبًا تحقيق ذلك ولكن الرب الذي من حقه أن يقيم من يشاء اختار سليمان، ليس هذا اعتراف حقيقي بإرادة الله وخضوع لمشيئته، بل أنه قَبِل ذلك لأنه لم يكن بوسعه أن يفعل خلاف ذلك فإن كان كلامه يظهر الخضوع لله ومشيئته ولكنه يخفى في قلبه ضيقه من سليمان وإحساسه أن المُلك كان يجب أن يظل له لولا تدخل الله عن طريق داود وتمليك سليمان، فهو بالمظهر يخضع لمشيئة الله ولكن بالحقيقة يرفضها.
مدح أدونيا بثشبع بأن كلماتها مسموعة عند الملك؛ ليستميلها إليه وتوافق أن تتوسط لدى سليمان الملك، بما لها من دالة خاصة لديه، لكي يسمح له بأخذ أبيشج الشونمية زوجة له تلك التي كانت حاضنة داود أبيه. وهذا بالطبع خطأ عظيم لأنه يتجاسر ويطلب التزوج بامرأة أبيه، مخالفًا بذلك الشريعة. وطلبه التزوج بأبيشج يعنى أمرين:
انجذابه بجمالها (1 مل 1: 4) أي أن الشهوة حركته نحوها.
كانت عادة الملوك الوثنيين أن يستولى الملك الجديد على كل أملاك الملك القديم، حتى على زوجاته وسراريه ولعل أدونيا أراد من تزوجه بأبيشج محاولة استعادة المُلك بأخذ زوجة الملك القديم السابق وهو داود وهذا ما فعله أبشالوم من قبل بدخوله على سرارى أبيه لإعلان نفسه ملكًا بدلًا من داود (2 صم16: 22) وأبيشج وإن كانت حاضنة فقط لداود ولكنها تعتبر زوجة له لا يصح أن يتزوجها ابنه.
ع18: تصرفت بثشبع ببساطة ولعلها لم تفهم مقاصد أدونيا الشريرة، أو لعلها شعرت أن إعطاء أبيشج يجعله راضيًا ويثبت السلام بينه وبين أخيه الملك سليمان، فوافقت على تنفيذ طلبه والتكلم مع سليمان.
ع19: عندما دخلت بثشبع على ابنها الملك سليمان، رحب بها واتضع أمامها اتضاعًا شديدًا، إذ قام عن عرشه وسجد أمامها، وبعد هذا أكرمها جدًا إذ أجلسها على كرسى يليق بمقامها عن يمينه، ويتضح من هذا مدى محبته لأمه واتضاعه. وكانت هذه عادة عند اليهود والعرب واليونانيون اكرام أم الملك بتجليسها عن يمينه.
ع20: شعرت بثشبع بأن طلبها صغير ولم تدرك أبعاده الشريرة، فطلبت من ابنها الملك سليمان أن يعطيها سؤالها، فرحب منتظرًا أن يسمع الطلب.
ع21:
عندئذ أفصحت له عن طلب أخيه أدونيا بإعطاء أبيشج الشونمية امرأة له.
ع22: أدرك سليمان بالحكمة الإلهية مقاصد أدونيا الشريرة، فردّ على أمه باستنكار لينبهها لخطورة الطلب، إذ قال لها لماذا تطلبين أبيشج فقط، أطلبى أيضًا المُلك له، وأعلن شر أدونيا ليس فقط في كسر شريعة الله بطلب الزواج من امرأة أبيه، بل أيضًا إحساسه أنه الأكبر والمستحق للمُلك، وكشف لأمه أن أبياثار رئيس الكهنة ويوآب رئيس الجيش أيام داود هما اللذان خطَّطا مع أدونيا هذا الطلب؛ ليعيد اغتصاب المُلك، كما خطَّطا قبلًا.
ورد سليمان معناه الرفض الكامل لهذا الطلب الخطير، فرغم إكرامه الشديد واتضاعه أمام الله، لكنه بحكمة وحزم يقود مملكته، بلا مجاملة على حساب الحق؛ حتى لو كان إرضاء لأمه، فإرضاء الله أهم من كل شيء. ولم يخالف سليمان وعده أن يحقق طلب أمه؛ لأنه اعتبر أن تنفيذ الوعد يجب أن يكون في حدود الحق ووصايا الله (ع20).
ع23-25: هكذا يفعل لى الله وهكذا يزيد : قسم يعنى ضرورة تنفيذ ما يقوله وإلا سيعاقبه الله عليه بالعقاب الذي يريد تنفيذه على غيره بل وأزيد منه.
إن كان سليمان قد سامح أدونيا عندما اغتصب المُلك، فالآن إذ يخطئ أدونيا خطأ كبيرًا مثل هذا - كما شرحنا - فإنه يستحق الموت. وطلب سليمان من بناياهو - الذي صار رئيسًا لجيوشه - أن ينفذ حكم الإعدام على أدونيا المصرّ على الشر، فقتل أدونيا.
† إحذر من الخداع والكذب فإن الله طويل الأناة وسيحكم عليك بالهلاك في النهاية، لأنك استهنت بالله وبالآخرين الذين كذبت عليهم. كن قنوعًا بما عندك وابتعد عن الشهوات ونقِ قلبك من الشر وثق في قوة الله، التي ستسندك فلا تحتاج إلى هذا الكذب البغيض.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
26 وَقَالَ الْمَلِكُ لأَبِيَاثَارَ الْكَاهِنِ: «اذْهَبْ إِلَى عَنَاثُوثَ إِلَى حُقُولِكَ، لأَنَّكَ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ، وَلَسْتُ أَقْتُلُكَ فِي هذَا الْيَوْمِ، لأَنَّكَ حَمَلْتَ تَابُوتَ سَيِّدِي الرَّبِّ أَمَامَ دَاوُدَ أَبِي، وَلأَنَّكَ تَذَلَّلْتَ بِكُلِّ مَا تَذَلَّلَ بِهِ أَبِي». 27 وَطَرَدَ سُلَيْمَانُ أَبِيَاثَارَ عَنْ أَنْ يَكُونَ كَاهِنًا لِلرَّبِّ، لإِتْمَامِ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَلَى بَيْتِ عَالِي فِي شِيلُوهَ.
ع26:
عناثوث: مدينة تقع شمال غرب أورشليم على بعد أربعة أميال وكانت مسقط رأس أرميا النبي.واصل سليمان تطهير مملكته من مقاوميه الأشرار، فبعد قتل أخيه أدونيا، واجه أبياثار رئيس الكهنة الذي خالف وصية الله بمحاولة اغتصاب الملك لأدونيا وبهذا استحق الموت، ولكن تقديرًا من سليمان لتعب أبياثار في خدمة تابوت عهد الله أيام داود (2 صم15: 24-29) لم يأمر بقتله بل استبعده فقط من رئاسة الكهنوت ليبقى صادوق وحده رئيسًا للكهنة؛ لأنه كما ذكرنا أن رئاسة الكهنوت أيام داود كان يتقاسمها صادوق وأبياثار.
ع27: بطرد أبياثار يتم كلام الله باستبعاد نسل عالى الكاهن من الكهنوت (1 صم2: 30-33) لأن أبياثار من نسل عالى الكاهن، وبهذا صار صادوق وحده رئيسًا للكهنة وهو من نسل أليعازر بن هارون.
†
لا تشترك في الخطية وتعين غيرك على الشر، أو تخطط لغيرك طريق الشر لئلا تفقد بركات الله في حياتك وتتعرض للهلاك. كن مدققًا واحرص أن ترضى الله قبل أن ترضى الناس.
28 فَأَتَى الْخَبَرُ إِلَى يُوآبَ، لأَنَّ يُوآبَ مَالَ وَرَاءَ أَدُونِيَّا وَلَمْ يَمِلْ وَرَاءَ أَبْشَالُومَ، فَهَرَبَ يُوآبُ إِلَى خَيْمَةِ الرَّبِّ وَتَمَسَّكَ بِقُرُونِ الْمَذْبَحِ. 29 فَأُخْبِرَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ بِأَنَّ يُوآبَ قَدْ هَرَبَ إِلَى خَيْمَةِ الرَّبِّ وَهَا هُوَ بِجَانِبِ الْمَذْبَحِ. فَأَرْسَلَ سُلَيْمَانُ بَنَايَاهُوَ بْنَ يَهُويَادَاعَ قَائِلًا: «اذْهَبِ ابْطِشْ بِهِ». 30 فَدَخَلَ بَنَايَاهُو إِلَى خَيْمَةِ الرَّبِّ وَقَالَ لَهُ: «هكَذَا يَقُولُ الْمَلِكُ: اخْرُجْ». فَقَالَ: «كَلاَّ، وَلكِنَّنِي هُنَا أَمُوتُ». فَرَدَّ بَنَايَاهُو الْجَوَابَ عَلَى الْمَلِكِ قَائِلًا: «هكَذَا تَكَلَّمَ يُوآبُ وَهكَذَا جَاوَبَنِي». 31 فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: «افْعَلْ كَمَا تَكَلَّمَ، وَابْطِشْ بِهِ وَادْفِنْهُ، وَأَزِلْ عَنِّي وَعَنْ بَيْتِ أَبِي الدَّمَ الزَّكِيَّ الَّذِي سَفَكَهُ يُوآبُ، 32 فَيَرُدُّ الرَّبُّ دَمَهُ عَلَى رَأْسِهِ، لأَنَّهُ بَطَشَ بِرَجُلَيْنِ بَرِيئَيْنِ وَخَيْرٍ مِنْهُ وَقَتَلَهُمَا بِالسَّيْفِ، وَأَبِي دَاوُدُ لاَ يَعْلَمُ، وَهُمَا أَبْنَيْرُ بْنُ نَيْرٍ رَئِيسُ جَيْشِ إِسْرَائِيلَ، وَعَمَاسَا بْنُ يَثَرٍ رَئِيسُ جَيْشِ يَهُوذَا. 33 فَيَرْتَدُّ دَمُهُمَا عَلَى رَأْسِ يُوآبَ وَرَأْسِ نَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ، وَيَكُونُ لِدَاوُدَ وَنَسْلِهِ وَبَيْتِهِ وَكُرْسِيِّهِ سَلاَمٌ إِلَى الأَبَدِ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ». 34 فَصَعِدَ بَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ وَبَطَشَ بِهِ وَقَتَلَهُ، فَدُفِنَ فِي بَيْتِهِ فِي الْبَرِّيَّةِ. 35 وَجَعَلَ الْمَلِكُ بَنَايَاهُوَ بْنَ يَهُويَادَاعَ مَكَانَهُ عَلَى الْجَيْشِ، وَجَعَلَ الْمَلِكُ صَادُوقَ الْكَاهِنَ مَكَانَ أَبِيَاثَارَ. 36 ثُمَّ أَرْسَلَ الْمَلِكُ وَدَعَا شِمْعِيَ وَقَالَ لَهُ: «اِبْنِ لِنَفْسِكَ بَيْتًا فِي أُورُشَلِيمَ، وَأَقِمْ هُنَاكَ وَلاَ تَخْرُجْ مِنْ هُنَاكَ إِلَى هُنَا أَوْ هُنَالِكَ. 37 فَيَوْمَ تَخْرُجُ وَتَعْبُرُ وَادِيَ قَدْرُونَ، اعْلَمَنَّ بِأَنَّكَ مَوْتًا تَمُوتُ، وَيَكُونُ دَمُكَ عَلَى رَأْسِكَ». 38 فَقَالَ شِمْعِي لِلْمَلِكِ: «حَسَنٌ الأَمْرُ. كَمَا تَكَلَّمَ سَيِّدِي الْمَلِكُ كَذلِكَ يَصْنَعُ عَبْدُكَ». فَأَقَامَ شِمْعِي فِي أُورُشَلِيمَ أَيَّامًا كَثِيرَةً. 39 وَفِي نِهَايَةِ ثَلاَثِ سِنِينَ هَرَبَ عَبْدَانِ لِشِمْعِي إِلَى أَخِيشَ بْنِ مَعْكَةَ مَلِكِ جَتَّ، فَأَخْبَرُوا شِمْعِي قَائِلِينَ: «هُوَذَا عَبْدَاكَ فِي جَتَّ». 40 فَقَامَ شِمْعِي وَشَدَّ عَلَى حِمَارِهِ وَذَهَبَ إِلَى جَتَّ إِلَى أَخِيشَ لِيُفَتِّشَ عَلَى عَبْدَيْهِ، فَانْطَلَقَ شِمْعِي وَأَتَى بِعَبْدَيْهِ مِنْ جَتَّ. 41 فَأُخْبِرَ سُلَيْمَانُ بِأَنَّ شِمْعِي قَدِ انْطَلَقَ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى جَتَّ وَرَجَعَ. 42 فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ وَدَعَا شِمْعِيَ وَقَالَ لَهُ: «أَمَا اسْتَحْلَفْتُكَ بِالرَّبِّ وَأَشْهَدْتُ عَلَيْكَ قَائِلًا: إِنَّكَ يَوْمَ تَخْرُجُ وَتَذْهَبُ إِلَى هُنَا وَهُنَالِكَ، اعْلَمَنَّ بِأَنَّكَ مَوْتًا تَمُوتُ؟ فَقُلْتَ لِي: حَسَنٌ الأَمْرُ. قَدْ سَمِعْتُ. 43 فَلِمَاذَا لَمْ تَحْفَظْ يَمِينَ الرَّبِّ وَالْوَصِيَّةَ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ بِهَا؟». 44 ثُمَّ قَالَ الْمَلِكُ لِشِمْعِي: «أَنْتَ عَرَفْتَ كُلَّ الشَّرِّ الَّذِي عَلِمَهُ قَلْبُكَ الَّذِي فَعَلْتَهُ لِدَاوُدَ أَبِي، فَلْيَرُدَّ الرَّبُّ شَرَّكَ عَلَى رَأْسِكَ. 45 وَالْمَلِكُ سُلَيْمَانُ يُبَارَكُ، وَكُرْسِيُّ دَاوُدَ يَكُونُ ثَابِتًا أَمَامَ الرَّبِّ إِلَى الأَبَدِ». 46 وَأَمَرَ الْمَلِكُ بَنَايَاهُوَ بْنَ يَهُويَادَاعَ، فَخَرَجَ وَبَطَشَ بِهِ فَمَاتَ. وَتَثَبَّتَ الْمُلْكُ بِيَدِ سُلَيْمَانَ.
ع28:
الشخصية التالية التي حان وقت محاسبتها كانت يوآب الذي تحالف مع أدونيا في تمرده، رغم وقوفه سابقًا في صف الملك داود ضد تمرد أبشالوم (2 صم18، 19).عندما وصل يوآب خبر طرد أبياثار من الكهنوت، وكان قد علم مسبقًا بما جرى لأدونيا حين طلب أبيشج امرأة، أدرك أن دوره لابد أن يأتى، فهرب إلى حيث مذبح الرب وتمسك بقرونه.
ع29: كان سليمان قد كلّف من يقوم بمراقبة تحركات يوآب؛ لعلمه بقدرته على قلب الأوضاع نظرًا لسلطته السابقة كقائد للجيش، فعندما أخبروا سليمان بوجود يوآب بجانب المذبح، أرسل بناياهو بن يهوياداع وأمره بقتل يوآب.
ع30:
ذهب بناياهو لتنفيذ الأمر ولكنه لم يشأ أن يقتل إنسان في مكان مقدس، فطلب من يوآب الخروج من المكان، فرفض، مصرًا على البقاء إلى جانب المذبح والإمساك بقرونه. لم يرد بناياهو أن يقتل يوآب المتمسك بالمذبح النحاسى إلا بعد الرجوع إلى سليمان.أمره الملك أن يقتل يوآب في مكانه أمام المذبح، وذكره بحكم الشريعة الذي يقول: "لا تشفق عينك عليه فتنزع دم البرئ من اثمه فيكون لك خير" (تث19: 13)، كما أن تمسك يوآب بقرون المذبح لا يبرئه من الدم الزكى، الذي سفكه بقتله كل من أبنير بن نير وعماس بن يثرا إذ يقول الكتاب: "وإذا بغى إنسان على صاحبه ليقتله بغدر فمن عند مذبحى تأخذه للموت" (خر21: 14). ولكن أمر سليمان بدفن يوآب تقديرًا لتعبه في قيادة الجيش طوال أيام داود ولأنه أيضًا ابن خالة سليمان.
ع33: رأس نسله: أي يأتي العقاب على أبناء وأحفاد يوآب إذا سلكوا في شرور أبيهم كما توضح الوصية الثانية (خر34).
لم يكن هذا انتقامًا من سليمان لنفسه، بل أمر بقتل يوآب تنفيذًا للوصية ولإرشادات أبيه. ولعلم سليمان بأنه إذ يفعل ذلك فانما يحقِّق قول الكتاب: "أزل الشرير من قدام الملك فيثبت كرسيه بالعدل" (أم25: 5).
ويطلب سليمان سلامًا لنسل الملك داود، ليس المقصود به عرش سليمان فقط، بل كل النسل الآتي من سليمان. ومن نسل داود يأتي المسيح الذي يملك إلى الأبد، وهو إله السلام الذي يعطى سلامًا للمؤمنين به الذين يملك على قلوبهم لا في هذا الدهر فقط ولكن إلى الأبد في ملكوت السموات.
ع34: فصعد: لأن الخيمة كانت في مكان مرتفع في أورشليم.
أطاع بنياهو أمر الملك وذهب إلى يوآب عند المذبح وقتله ودفنه في أرضه في البرية، حيث بيته هناك بما يحمله ذلك من بعض التكريم. فلم يترك جثمانه في عار وخزى؛ لأنه حارب مع الملك داود حروب الرب، فكان له هذا الحق في التكريم. ودفن الإنسان في بيته نوع من التكريم، كما حدث مع صموئيل النبى (1 صم25: 1).
ع35: بعزل أبياثار من الكهنوت وبقتل يوآب خلا منصبان هامان في النظام، مما جعل سليمان يصدر قرارًا بتعيين بناياهو بن يهوياداع قائدًا للجيش مكان يوآب، كما عيَّن صادوق الكاهن مكان أبياثار، أي أن صادوق انفرد برئاسة الكهنوت ولم يعد يشاركه فيها أبياثار.
ع36:
نظرًا لتصرفات شمعى بن جيرا القديمة السيئة نحو المملكة، استدعاه سليمان من بلدته بحوريم وحكم عليه بتحديد إقامته في أورشليم؛ ليكون تحت رقابته عن قرب لكي لا يخطِّط شيئًا ضد الملك، لأن شمعى رئيس من سبط بنيامين، فيمكن إذا رجع إلى سبطه أن يخطط مؤامرة ضد الملك.
ع37: وادى قدرون: هو وادي يمتد على بعد 2.5 كم شمال غرب أورشليم إلى الجنوب الشرقى منها. وهو بين سور المدينة من جانبه الغربي وجبل الزيتون من الجانب الشرقى، ويمتد إلى البحر الميت.
أنذر سليمان شمعى أنه إذا تجاوز حدود المدينة، فقد حكم على نفسه بالموت. لذلك عليه ألا يفارق المدينة تحت أي ظرف من الظروف وإلا تعرض للموت.
ع38: تعهد شمعى بطاعة أمر الملك وظل لمدة طويلة مقيمًا بأورشليم لا يخرج منها.
ع39: جت: إحدى المدن الفسطينية الخمس الكبرى، تقع على ساحل البحر الأبيض جنوب غرب أورشليم.
بعد انقضاء ثلاث سنين على هذا الحال هرب عبدان لشمعى ولجأ إلى أخيش بن معكة ملك جت. أرسل شمعى من يبحث عنهم في كل مكان، فعثروا عليهما هناك في جت.
ع40: عندما علم شمعى بوجود عبديه في جت، أسرع بنفسه وأحضرهما من هناك، متناسيًا تعهده للملك سليمان بعدم مغادرة أورشليم، أو مستهينًا بأمر الملك، أو لعله ظن أن الملك لن يكتشف خروجه من أورشليم.
ع41: علم سليمان أن شمعى خرج من أورشليم وذهب إلى جت ورجع ثانية إلى أورشليم.
ع42، 43: استدعى سليمان شمعى وذكّره بقسمه السابق وهو ألا يخرج من أورشليم وإلا تعرض للقتل. وسأله سليمان لماذا كسر قسمه وخالف الوصية التي أوصاه بها؟
ع44، 45: ثم أعلن سليمان أسباب الحكم على شمعى وهي أنه مدرك تمامًا للشر الكامن في قلبه نحو والده داود، منذ أن سبه ورماه بالحجارة، والآن يرد الرب شره على رأسه. أما داود ونسله فينالون بركة ويثبت كرسى داود أمام الرب إلى الأبد.
ع46: أمر سليمان بناياهو بن يهوياداع أن يقتل شمعى، ففعل كذلك.
هكذا بالتخلص من كانوا يشكلون خطرًا على استمرارية حكم سليمان وهم: أدونيا وأبياثار ويوآب وشمعى، ساد السلام والاستقرار في المملكة وتمكن سليمان من السيطرة على الأمور بغير منازع.
† كن مدققًا في تنفيذ وعودك لله وأطع وصاياه أيضًا، فتضمن سلامك، بل وأبديتك السعيدة. لا تتهاون فتزيد على خطاياك خطايا جديدة.
← تفاسير أصحاحات الملوك أول: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير ملوك الأول 3 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير ملوك الأول 1 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/kings1/chapter-02.html
تقصير الرابط:
tak.la/n6n4c5n