* تأملات في كتاب
ملوك أول: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42 - 43 - 44 - 45 - 46 - 47 - 48 - 49 - 50 - 51 - 52 - 53
الأَصْحَاحُ الأَوَّلُ
(1) مرض داود الأخير (ع1-4)
(2) محاولة أدونيا اغتصاب الملك (ع5-10)
(3) أم سليمان تطلب تمليكه (ع11-21)
(4) ناثان النبي يخبر داود بمؤامرة أدونيا (ع22-27)
(5) داود يملك سليمان (ع28-40)
(6) فشل أدونيا وخضوعه لسليمان (ع41-53)
1 وَشَاخَ الْمَلِكُ دَاوُدُ. تَقَدَّمَ فِي الأَيَّامِ. وَكَانُوا يُدَثِّرُونَهُ بِالثِّيَابِ فَلَمْ يَدْفَأْ. 2 فَقَالَ لَهُ عَبِيدُهُ: «لِيُفَتِّشُوا لِسَيِّدِنَا الْمَلِكِ عَلَى فَتَاةٍ عَذْرَاءَ، فَلْتَقِفْ أَمَامَ الْمَلِكِ وَلْتَكُنْ لَهُ حَاضِنَةً وَلْتَضْطَجعْ فِي حِضْنِكَ فَيَدْفَأَ سَيِّدُنَا الْمَلِكُ». 3 فَفَتَّشُوا عَلَى فَتَاةٍ جَمِيلَةٍ فِي جَمِيعِ تُخُومِ إِسْرَائِيلَ، فَوَجَدُوا أَبِيشَجَ الشُّونَمِيَّةَ، فَجَاءُوا بِهَا إِلَى الْمَلِكِ. 4 وَكَانَتِ الْفَتَاةُ جَمِيلَةً جِدًّا، فَكَانَتْ حَاضِنَةَ الْمَلِكِ. وَكَانَتْ تَخْدِمُهُ، وَلكِنَّ الْمَلِكَ لَمْ يَعْرِفْهَا.
ع1:
يدثرونه: يلفونه بأغطية.اقتربت حياة داود من الانتهاء، وكان في أواخر الستينات من عمره، لأنه ملك وعمره ثلاثون عامًا ومات وعمره سبعون عامًا، أي ملك أربعين عامًا (2 صم5: 4، 5)، ومرض في نهاية حياته وأصبح لا يحتمل برودة الجو، ومهما ألبسوه ملابس ثقيلة وغطوه بأغطية فكان يظل يشعر بالبرودة ويرتعش. وهذا يبين مدى ضعف داود الجسدي وشيخوخته المبكرة مما جعله عاجزًا عن إدارة المملكة، وهذا شجع ابنه أدونيا على محاولة اغتصاب المُلك، ولكن الله نبّه داود فأمر بمسح سليمان ابنه ملكًا كما سيظهر في هذا الأصحاح.
ع2:
عبيده: العاملون في القصر الملكي والمقربون من الملك ويهتمون بشئونه الخاصة.لما لم تنجح محاولات عبيد داود في تدفئته، فكروا في اختيار فتاة عذراء تخدمه وتنام بجواره، كانوا في ذلك يحاكون ما يفعله ملوك الأمم المحيطين بهم في مثل هذا الظرف، فتقوم الفتاة بهذه المهمة دون الارتباط به كزوجة بل كممرضة، إذ أصبح الملك داود ضعيفًا وغير قادر على التزوج، ويعانى من أمراض. وهذا علاج يوناني كانوا يقدمونه للشيوخ في هذه العصور، إذ كانوا يظنون أن الجسد الضعيف ينال نشاطًا وحيوية عند التصاق بجسد مملوء شبابًا وحيوية.
ع3، 4: الشونمية: من شونم وهي قرية تقع جنوب شرق الناصرة على بعد سبعة أميال.
أخذ عبيد داود يبحثون في كل أرجاء المملكة عن فتاة جميلة لهذا الغرض، واتفق اختيارهم على فتاة عذراء وجميلة تدعى أبيشج من بلدة شونم، فأحضروها إلى الملك، فكانت حاضنة له تقوم بخدمته ولكن داود لم يعاشرها معاشرة الأزواج.
†
ضعف جسد داود رجل الحرب العظيم في النهاية وأصبح غير قادر على مواصلة الحياة بسبب مرضه. فلا تعتز بقوتك، أو مركزك لأن الإنسان ضعيف بطبعه والله هو مصدر القوة، فاشكره واستخدمها لمجده ولا تتكبر على غيرك.
5 ثُمَّ إِنَّ أَدُونِيَّا ابْنَ حَجِّيثَ تَرَفَّعَ قَائِلًا: «أَنَا أَمْلِكُ». وَعَدَّ لِنَفْسِهِ عَجَلاَتٍ وَفُرْسَانًا وَخَمْسِينَ رَجُلًا يَجْرُونَ أَمَامَهُ. 6 وَلَمْ يُغْضِبْهُ أَبُوهُ قَطُّ قَائِلًا: «لِمَاذَا فَعَلْتَ هكَذَا؟» وَهُوَ أَيْضًا جَمِيلُ الصُّورَةِ جِدًّا، وَقَدْ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ بَعْدَ أَبْشَالُومَ. 7 وَكَانَ كَلاَمُهُ مَعَ يُوآبَ ابْنِ صَرُويَةَ، وَمَعَ أَبِيَاثَارَ الْكَاهِنِ، فَأَعَانَا أَدُونِيَّا. 8 وَأَمَّا صَادُوقُ الْكَاهِنُ وَبَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ وَنَاثَانُ النَّبِيُّ وَشِمْعِي وَرِيعِي وَالْجَبَابِرَةُ الَّذِينَ لِدَاوُدَ فَلَمْ يَكُونُوا مَعَ أَدُونِيَّا. 9 فَذَبَحَ أَدُونِيَّا غَنَمًا وَبَقَرًا وَمَعْلُوفَاتٍ عِنْدَ حَجَرِ الزَّاحِفَةِ الَّذِي بِجَانِبِ عَيْنِ رُوجَلَ، وَدَعَا جَمِيعَ إِخْوَتِهِ بَنِي الْمَلِكِ وَجَمِيعَ رِجَالِ يَهُوذَا عَبِيدِ الْمَلِكِ، 10 وَأَمَّا نَاثَانُ النَّبِيُّ وَبَنَايَاهُو وَالْجَبَابِرَةُ وَسُلَيْمَانُ أَخُوهُ فَلَمْ يَدْعُهُمْ.
أصبح داود بسبب شيخوخته غير قادر، على ممارسة مهامه كملك، فكان لابد من مسح خليفة له يدير أمور المملكة في أواخر حياته. سعى أدونيا ابن حجيث للاستيلاء على العرش، باعتباره أكبر أبناء داود الأحياء في ذلك الحين، فحسب نفسه الوريث الشرعى للعرش. وأدونيا هو الرابع من أبناء داود ولكن ابنه البكر أمنون قتله أبشالوم (2 صم13) والثانى كيلآب (2 صم3: 3) وكان قد مات، أما الثالث فهو أبشالوم وقد قتل عندما حارب داود (2 صم18).
بدأ أدونيا يخطِّط لتوليه الملك وأعطى لتحركاته مظهرًا ملوكيًا، فأعد مركبات وفرسانًا، وجعل خمسين رجلًا يتقدمون موكبه. وقد كان جميلًا يتباهى بجماله، ولم يستطع داود لضعفه أن ينتهره ويمنعه من محاولة اغتصاب المُلك، وكان الجمال أمرًا مرغوبًا في الملوك في هذا الوقت، ولكن الجمال الجسدي لا علاقة له بجمال الروح والطباع الطيبة.
ع7: يوآب: كان رئيس جيش داود وكان قاسيًا وعنيفًا.
أبياثار: كان رئيس الكهنة مع صادوق الكاهن. وأبياثار هو الباقى من نسل عالى الكاهن بعد أن قتل شاول الكهنة (1 صم22: 20). وكان أبياثار مع تابوت العهد في أورشليم بعد أن شارك داود في ضيقاته وهروبه من وجه شاول. أما صادوق فكان مع باقي أجزاء خيمة الاجتماع في جبعون أيام داود، أي كان الاثنان رئيس كهنة موجودين في نفس الوقت في أيام داود وبعد قتل أبياثار صار صادوق رئيسى كهنة وحده أيام سليمان. وبهذا تم كلام الله بإفناء بيت عالى الكاهن (1 صم3: 11-14).
بدأ أدونيا يحصن نفسه بجذب قيادات عسكرية ودينية حوله، فتجاوب معه يوآب قائد جيش داود وكذلك أبياثار الكاهن، وانضما إليه في تمرده ساعيين وراء مصالح ومنافع شخصية. فلعل أدونيا قد وعدهما باستمرارهما في رئاسة الجيش والكهنوت. فكان أدونيا بذلك متكلًا على الذراع البشرى متجاهلًا الإرادة الإلهية.
ولعل يوآب اختار أن يناصر أدونيا مخالفًا لوعد الله (1 أى22: 9) لأن أدونيا أضعف من سليمان، فيستطيع يوآب من خلال تملك أدونيا أن يسيطر على المملكة. أما أبياثار فكانت مخالفته لوعد الله ومناصرته لأدونيا بسماح من الله لكي بهذا الشر الذي عمله أبياثار ينتهى الكهنوت من بيت عالى الكاهن، كما أمر الله قديمًا على فم صموئيل؛ لأن أبياثار هو آخر النسل الكهنوتى لعالى.
ع8:
شمعى: بنيامينى من أبطال داود هو المذكور في (1 مل 4: 18) باسم شمعى بن أيلا كأحد وكلاء سليمان الاثنى عشر على جميع إسرائيل.ريعى: هو نفسه عيرا اليائيرى المذكور في (2 صم20: 26) وكان من الكهنة في أيام داود.
في نفس الوقت كان صادوق الكاهن وبنياهو وناثان النبى وشمعى وريعى وأبطال داود المحبين له غير مستريحين لتصرفات أدونيا في سعيه ليرث العرش.
ع9، 10: حجر الزاحفة: حجر كان يقدسه الكنعانيون، كان من معالم منطقة بالقرب من "عين روجل".
عين روجل: نبع بالقرب من أورشليم على الحدود بين يهوذا وبنيامين. في وادي قدرون جنوب أورشليم.
أراد أدونيا أن يعطى صبغةً ومظهرًا دينيًا لاستلامه السلطة، مقدمًا ذبائح سلامة، كما لو كان قد استلم السلطة من الله نفسه بشهادة رئيس الكهنة أبياثار. وهو في ذلك يقلد أبشالوم عندما ملّك نفسه بدلًا من داود (2 صم15). وأقام أدونيا مؤامرته خارج أورشليم عند حجر الزاحفة الذي بجانب عين روجل ودعا اخوته -باستثناء سليمان ورجال الحاشية الملكية مثل ناثان النبي وبناياهو- وهذا يؤكد أنه يعمل شيئًا ضد رغبة أبيه.
†
هكذا إذ تتسلل الخطية إلى قلب الإنسان تعميه عن رؤية الحق، فلا يقبل المشيئة الإلهية ولا يلجأ إلى مشورة حكيمة، بل بعجرفة يتكل على حكمته الذاتية ورأيه الخاص. فليتك تكون متضعًا وتلتجئ بالصلاة إلى الله، فتسمع صوته وتطيعه ولا تكون معاندًا له لأجل أغراضك الشخصية.← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
11 فَكَلَّمَ نَاثَانُ بَثْشَبَعَ أُمِّ سُلَيْمَانَ قَائِلًا: «أَمَا سَمِعْتِ أَنَّ أَدُونِيَّا ابْنَ حَجِّيثَ قَدْ مَلَكَ، وَسَيِّدُنَا دَاوُدُ لاَ يَعْلَمُ؟ 12 فَالآنَ تَعَالَيْ أُشِيرُ عَلَيْكِ مَشُورَةً فَتُنَجِّي نَفْسَكِ وَنَفْسَ ابْنِكِ سُلَيْمَانَ. 13 اِذْهَبِي وَادْخُلِي إِلَى الْمَلِكِ دَاوُدَ وَقُولِي لَهُ: أَمَا حَلَفْتَ أَنْتَ يَا سَيِّدِي الْمَلِكُ لأَمَتِكَ قَائِلًا: إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكِ يَمْلِكُ بَعْدِي، وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي؟ فَلِمَاذَا مَلَكَ أَدُونِيَّا؟ 14 وَفِيمَا أَنْتِ مُتَكَلِّمَةٌ هُنَاكَ مَعَ الْمَلِكِ، أَدْخُلُ أَنَا وَرَاءَكِ وَأُكَمِّلُ كَلاَمَكِ». 15 فَدَخَلَتْ بَثْشَبَعُ إِلَى الْمَلِكِ إِلَى الْمِخْدَعِ. وَكَانَ الْمَلِكُ قَدْ شَاخَ جِدًّا وَكَانَتْ أَبِيشَجُ الشُّونَمِيَّةُ تَخْدِمُ الْمَلِكَ. 16 فَخَرَّتْ بَثْشَبَعُ وَسَجَدَتْ لِلْمَلِكِ، فَقَالَ الْمَلِكُ: «مَا لَكِ؟» 17 فَقَالَتْ لَهُ «أَنْتَ يَا سَيِّدِي حَلَفْتَ بِالرَّبِّ إِلهِكَ لأَمَتِكَ قَائِلًا: إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكِ يَمْلِكُ بَعْدِي وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي. 18 وَالآنَ هُوَذَا أَدُونِيَّا قَدْ مَلَكَ. وَالآنَ أَنْتَ يَا سَيِّدِي الْمَلِكُ لاَ تَعْلَمُ ذلِكَ. 19 وَقَدْ ذَبَحَ ثِيرَانًا وَمَعْلُوفَاتٍ وَغَنَمًا بِكَثْرَةٍ، وَدَعَا جَمِيعَ بَنِي الْمَلِكِ، وَأَبِيَاثَارَ الْكَاهِنَ وَيُوآبَ رَئِيسَ الْجَيْشِ، وَلَمْ يَدْعُ سُلَيْمَانَ عَبْدَكَ. 20 وَأَنْتَ يَا سَيِّدِي الْمَلِكُ أَعْيُنُ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ نَحْوَكَ لِكَيْ تُخْبِرَهُمْ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ سَيِّدِي الْمَلِكِ بَعْدَهُ. 21 فَيَكُونُ إِذَا اضْطَجَعَ سَيِّدِي الْمَلِكُ مَعَ آبَائِهِ أَنِّي أَنَا وَابْنِي سُلَيْمَانَ نُحْسَبُ مُذْنِبَيْنِ».
ع11:
تضايق ناثان عندما سمع بأن أدونيا ملَّك نفسه على بني إسرائيل بعد داود، لأنه يعلم أن الله قد أعلن لداود أن سليمان هو الذي سيخلفه وكان هذا عندما وعده أن ابنه، الذي سيدعى سليمان هو الذي سيبنى بيتًا لله وليس هو (1 أى22: 29، 1 أخ 28: 5، 6) كما يظهر من (ع30)، ولذا فكر في إنقاذ الموقف وأخبر بثشبع بما فعله أدونيا دون علم الملك داود. وبثشبع هي امرأة أوريا الحثى التي تزوجها داود وأنجب منها سليمان.
ع12:
بعد أن أعلم ناثان بثشبع بالمؤامرة دعاها لمشاركته في تنفيذ خطة مضادة لخطة أدونيا، خاصة وأنها هي وابنها معرضان للقتل إذا ما نجح أدونيا واستولى على الحكم، لأن المعتاد أن من يغتصب المُلك يقتل كل من له علاقة بالملك القديم.
ع13، 14: كانت الخطة التي رسمها ناثان كالآتي : تدخل بثشبع إلى داود وتذكره بالقسم الذي سبق أن تعهد به أمامها بتمليك سليمان ابنها من بعده، وتسأله لماذا لم يتّمم ما تعهد به وتخبره بتملك أدونيا. وأفهمها ناثان أنه سيلحق بها في الحال ليكمل توضيح الأمر للملك لأن داود قد لا يصدق كلام بثشبع ولكن عندما يؤكده ناثان سيفهم ويقتنع.
ع15: لم يكن داود وهو في حالته هذه من ضعف وشيخوخة يغادر حجرته إذ لم يكن قادرًا على الخروج، وكان لبثشبع دالة خاصة لدى الملك داود، فكان يمكنها أن تدخل إليه في أي وقت لتطمئن عليه وتشرف على تمريضه واحتياجاته. ولم يكن مع داود سوى أبيشج الشونمية.
ع16: دخلت بثشبع إلى الملك وأظهرت احترامها الشديد بالسجود للملك حتى يفهم الملك بأنها خاضعة له، عندما تذكره بنسيان وعده بتمليك ابنها سليمان من بعده. وأحس داود أن لدى زوجته شيئًا ما تريد أن تقوله، فشجعها على الكلام قائلًا لها "مالك". وكان المتبع ألا يدخل أحد إلى الملك عند لقائه بإحدى زوجاته، أو أحد مشيريه ولذا لم يدخل ناثان مع بثشبع إلا عندما استدعاه الملك.
ع17: ذكرته أولًا –كما أوصاها ناثان– بالقسم الذي تعهد به أمامها بأن يملك سليمان ابنها بعده، فيجلس على عرش المملكة.
† إن وعود الله كثيرة جدًا لك ويمكنك أن تتمتع بها إن تمسكت بها وطالبته أن يعطيها لك فهو رحيم وحنون على كل من يشعر باحتياجه ويؤمن بقوة الله.
ع18، 19: أخبرته بما قام به أدونيا من إعلان نفسه ملكًا دون علم أبيه، كما أخبرته بالوليمة التي أقامها بهذه المناسبة وتقديمه ذبائح بكميات كبيرة ودعوته لهذه المأدبة جميع إخوته أبناء الملك، كما دعى إليها أبياثار الكاهن ويوآب رئيس الجيش ولم يدعُ سليمان أخاه.
ع20: أشارت أيضًا إلى مسئوليته تجاه جميع شعبه، الذين ينتظرون منه إذ هم شاخصون نحوه أن يعلن لهم عمن يجلس على كرسى المملكة بعده، لأنه ليس من الضرورى أن يملك البكر بعد أبيه ولكن من يختاره الملك.
ع21: أوضحت له أنه بعد انتقاله من هذا العالم دون إعلان سليمان ملكًا ستتعرض هي وابنها للموت على يد أدونيا.
22 وَبَيْنَمَا هِيَ مُتَكَلِّمَةٌ مَعَ الْمَلِكِ، إِذَا نَاثَانُ النَّبِيُّ دَاخِلٌ. 23 فَأَخْبَرُوا الْمَلِكَ قَائِلِينَ: «هُوَذَا نَاثَانُ النَّبِيُّ». فَدَخَلَ إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ وَسَجَدَ لِلْمَلِكِ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ. 24 وَقَالَ نَاثَانُ: «يَا سَيِّدِي الْمَلِكَ، أَأَنْتَ قُلْتَ إِنَّ أَدُونِيَّا يَمْلِكُ بَعْدِي وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي؟ 25 لأَنَّهُ نَزَلَ الْيَوْمَ وَذَبَحَ ثِيرَانًا وَمَعْلُوفَاتٍ وَغَنَمًا بِكَثْرَةٍ، وَدَعَا جَمِيعَ بَنِي الْمَلِكِ وَرُؤَسَاءَ الْجَيْشِ وَأَبِيَاثَارَ الْكَاهِنَ، وَهَا هُمْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ أَمَامَهُ وَيَقُولُونَ: لِيَحْيَ الْمَلِكُ أَدُونِيَّا. 26 وَأَمَّا أَنَا عَبْدُكَ وَصَادُوقُ الْكَاهِنُ وَبَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ وَسُلَيْمَانُ عَبْدُكَ فَلَمْ يَدْعُنَا. 27 هَلْ مِنْ قِبَلِ سَيِّدِي الْمَلِكِ كَانَ هذَا الأَمْرُ، وَلَمْ تُعْلِمْ عَبْدَكَ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ سَيِّدِي الْمَلِكِ بَعْدَهُ؟».
طبقًا للخطة التي رسمها ناثان، عندما بدأت بثشبع كلامها، وصل هو فأخبروا الملك فأذن بدخوله وسجد ناثان أمامه وبهذا أصبحت لناثان فرصة أن يؤكد كلام بثشبع فيتحمس الملك، فيأخذ قراره بتولية سليمان ملكًا ومما شجع ناثان أنه بهذا ينفذ كلام الله الذي قاله لداود.
ع24، 25: سأل ناثان داود بحكمة لينبهه للخطر، فقال له هل أنت أمرت بتمليك أدونيا؟! لأنه أعلن نفسه ملكًا وأقام وليمة يجتمع بها الآن بنو الملك ورؤساء الجيش وأبياثار. وذلك لينبه الملك أن أمرًا عظيمًا يحدث دون علمه، وهذا مخالف لكلام الله ولقانون المملكة، إذ لم يأذن لهم داود بذلك ونداؤه ليحيا الملك أدونيا يعنى ضمنيًا أن داود قد مات وهذا أمر لا يمكن قبوله.
ع26: كما بين له أن أدونيا استثنى من دعوته هذه ناثان نفسه وصادوق الكاهن وبنياهو ابن يهوياداع وسليمان بن داود. ليفهم الملك من هم الخاضعون له والذين يخاف منهم ويتجنبهم أدونيا.
ع27: كرّر ناثان سؤاله لداود هل هو الذي أمر بتمليك أدونيا، لينبهه ويستحثه في اتخاذ القرار المضاد، أي تمليك سليمان بدلًا من أدونيا. ويفهم من هذا أن داود قد اعتاد إبلاغ كل أوامره إلى ناثان النبي لأنه يمثل وجود الله معه.
†
من الحكمة أن تنبه الآخرين وتدعوهم بلطف لاتخاذ القرارات دون أن تلومهم، فالكلام باتضاع ولطف يجذب القلوب وليعمل فيها الله ويساعد على اتخاذ القرارات.
28 فَأَجَابَ الْمَلِكُ دَاوُدُ وَقَالَ: «اُدْعُ لِي بَثْشَبَعَ». فَدَخَلَتْ إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ وَوَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ. 29 فَحَلَفَ الْمَلِكُ وَقَالَ: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي فَدَى نَفْسِي مِنْ كُلِّ ضِيقَةٍ، 30 إِنَّهُ كَمَا حَلَفْتُ لَكِ بِالرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكِ يَمْلِكُ بَعْدِي، وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي عِوَضًا عَنِّي، كَذلِكَ أَفْعَلُ هذَا الْيَوْمَ». 31 فَخَرَّتْ بَثْشَبَعُ عَلَى وَجْهِهَا إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَتْ لِلْمَلِكِ وَقَالَتْ: «لِيَحْيَ سَيِّدِي الْمَلِكُ دَاوُدُ إِلَى الأَبَدِ». 32 وَقَالَ الْمَلِكُ دَاوُدُ: «اُدْعُ لِي صَادُوقَ الْكَاهِنَ وَنَاثَانَ النَّبِيَّ وَبَنَايَاهُوَ بْنَ يَهُويَادَاعَ». فَدَخَلُوا إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ. 33 فَقَالَ الْمَلِكُ لَهُمْ: «خُذُوا مَعَكُمْ عَبِيدَ سَيِّدِكُمْ، وَأَرْكِبُوا سُلَيْمَانَ ابْنِي عَلَى الْبَغْلَةِ الَّتِي لِي، وَانْزِلُوا بِهِ إِلَى جِيحُونَ، 34 وَلْيَمْسَحْهُ هُنَاكَ صَادُوقُ الْكَاهِنُ وَنَاثَانُ النَّبِيُّ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَاضْرِبُوا بِالْبُوقِ وَقُولُوا: لِيَحْيَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ. 35 وَتَصْعَدُونَ وَرَاءَهُ، فَيَأْتِي وَيَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي وَهُوَ يَمْلِكُ عِوَضًا عَنِّي، وَإِيَّاهُ قَدْ أَوْصَيْتُ أَنْ يَكُونَ رَئِيسًا عَلَى إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا». 36 فَأَجَابَ بَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ الْمَلِكَ وَقَالَ: «آمِينَ. هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ إِلهُ سَيِّدِي الْمَلِكِ. 37 كَمَا كَانَ الرَّبُّ مَعَ سَيِّدِي الْمَلِكِ كَذلِكَ لِيَكُنْ مَعَ سُلَيْمَانَ، وَيَجْعَلْ كُرْسِيَّهُ أَعْظَمَ مِنْ كُرْسِيِّ سَيِّدِي الْمَلِكِ دَاوُدَ». 38 فَنَزَلَ صَادُوقُ الْكَاهِنُ وَنَاثَانُ النَّبِيُّ وَبَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ وَالْجَلاَّدُونَ وَالسُّعَاةُ، وَأَرْكَبُوا سُلَيْمَانَ عَلَى بَغْلَةِ الْمَلِكِ دَاوُدَ، وَذَهَبُوا بِهِ إِلَى جِيحُونَ. 39 فَأَخَذَ صَادُوقُ الْكَاهِنُ قَرْنَ الدُّهْنِ مِنَ الْخَيْمَةِ وَمَسَحَ سُلَيْمَانَ. وَضَرَبُوا بِالْبُوقِ، وَقَالَ جَمِيعُ الشَّعْبِ: «لِيَحْيَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ». 40 وَصَعِدَ جَمِيعُ الشَّعْبِ وَرَاءَهُ. وَكَانَ الشَّعْبُ يَضْرِبُونَ بِالنَّايِ وَيَفْرَحُونَ فَرَحًا عَظِيمًا حَتَّى انْشَقَّتِ الأَرْضُ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ.
ع28:
هنا أدرك داود خطورة الموقف وشعر بحكمته أنه لابد من اتخاذ إجراء لتصحيح الأوضاع، فاستدعى من فوره بثشبع، التي كانت قد خرجت من عند الملك عند دخول ناثان إليه، فدخلت ووقفت في حضرة الملك بعد خروج ناثان.مرة أخرى يجدّد داود قسمه بالإله الحي، الذي أخرجه من كل الضيقات التي مرت به، أن سليمان هو الذي سيخلفه في وراثة العرش، مؤكدًا لبثشبع أم سليمان أنه متمسك بقسمه السابق ويجدده هذا اليوم أيضًا ويفهم من هذا أن الله وعد داود أن يملك ابنه سليمان على كرسيه (1 أى28: 5، 6) وحينئذ أقسم داود لبثشبع أنه سيملك سليمان ولم يذكر هذا القسم في الكتاب المقدس وهنا في هذه الآية يجدد قسمه.
† جدد داود قسمه رغم تحدى الظروف؛ علينا نحن أيضًا أن نتمسك بتعهداتنا والتزاماتنا الروحية ولا ندع الانشغالات العالمية والأمور الوقتية تعيق مسيرتنا الروحية، واثقين في مساندة الرب لنا فننتصر على كل المعوقات.
ع31: اطمأنت بثشبع وسجدت للملك معبرة عن شكرها لما قرره في حق ابنها بوراثة العرش، ودعت له بطول العمر حتى لا يفهم الملك من طلبها تمليك ابنها أنها تريد وفاته.
بهذا نالت بثشبع ما تطلبه وهو تمليك ابنها سليمان ونجاتها هي وابنها من الموت بيد أدونيا، وفى نفس الوقت نال ناثان النبي غرضه كنبى وهو تنفيذ أوامر الله الذي وعد بتمليك سليمان.
ع32: واصل الملك اتخاذه القرارات اللازمة لمواجهة الموقف وتصحيح الأمور، فطلب من عبيده استدعاء صادوق الكاهن وناثان النبى وبناياهو بن يهوياداع، فحضروا جميعًا ووقفوا أمام الملك. وقد استدعى هؤلاء بالتحديد؛ لأن صادوق هو الكاهن الذي سيمسح الملك، وناثان هو النبي الذي يمثل حضور الله، وبناياهو هو قائد حربى يقود الجيش ويحمى الملك الجديد.
ع33، 34: جيحون: ينبوع ماء في ضواحى مدينة أورشليم أي خارج أسوارها، حفره اليبوسيون عام 2000 ق.م، وقد اختار داود خارج أورشليم ليبدأ فيه موكب تمليك سليمان حتى يراه كل الشعب أثناء مروره، وكان المعتاد قديمًا تنصيب الملوك عند عيون الماء إذ ترمز لاستمرار الملك مثل استمرار جريان الماء من العين.
أصدر لهم الملك تعليماته بأن يأخذوا معهم الحرس الملكى والمقربين من الملك الخاضعين له ويركبوا سليمان ابنه على البغلة الخاصة بالملك داود نفسه وهذا معناه أنه أصبح الملك، وأن يذهبوا إلى جيحون حيث يمسحه صادوق الكاهن وناثان النبي بالدهن المقدس ملكًا على إسرائيل، وأن ينفخوا في الأبواق صارخين قائلين ليحيا الملك سليمان. وقد أرسل مع رئيس الكهنة المسئول عن مسح الملوك ومع النبي ناثان قوة عسكرية بقيادة بنياهو للتصدى للمتمردين بقيادة يوآب القوى إن أصرّ على التمرد. ونرى هنا محبة داود واتضاعه، فيتنازل عن الملك لابنه وهو حى إذ شعر أن صالح المملكة أن يملك ابنه عوضًا عنه ليدير المملكة بقوة وحزم، أما داود فيكفيه أن يحيا ما بقى من عمره لمحبة الله وتسبيحه.
ومسح صادوق لسليمان تنفيذًا لشريعة الله في إقامة الملوك، أما أدونيا فلم يذكر الكتاب المقدس أن أبياثار الكاهن قد مسحه لكن كان معه فقط وشاركه الاحتفال، فالله لم يسمح بمسحه لأنه لم يرض عن تنصيبه ملكًا.
ع35:
بعد مسحه والمناداة به ملكًا تأتون به في موكب ملوكى ويجلس على كرسى ويكون ملكًا بدلًا منى، وهذه هي وصيتى للجميع أنه هو يترأس على يهوذا وإسرائيل.
ع36: أعلن بنياهو موافقته واستعداده لتنفيذ كلام داود الملك؛ بل أعلن أيضًا أن هذا هو كلام الله الواجب تنفيذه.
ع37: دعا بناياهو للملك الجديد سليمان بتعضيد الرب له في شئون الحكم كما فعل مع أبيه، ويزيده رفعة وسمو ويتعظم كرسيه ليصل إلى مراتب أعلى حتى من التي وصل إليها داود الملك نفسه. وهذه دعوة لا تغضب داود لأنه من المعلوم أن أي إنسان لا يتمنى أن يكون غيره أفضل منه إلا ابنه، فمتى حقق نجاحات أكثر منه يكون ذلك سبب سعادة لأبيه.
ع38: الجلادون والسعادة: الشرطة والجيش.
قام المخلصون لداود وهم صادوق وناثان وبناياهو ومعهم رجال الشرطة والجيش بتنفيذ تعليمات داود لهم، وأركبوا سليمان بغلة الملك داود وذهبوا به إلى جيحون ليسير الموكب مسافة كبيرة ويراه أكبر عدد من الشعب.
ع39: قرن الدهن: كانوا يصنعون من قرون الحيوانات أوعية للسوائل ولا سيما الزيوت والعطور ومنها دهن المسحة الذي يستخدم لمسح الملوك والكهنة.
كان صادوق الكاهن قد أخذ معه قارورة الدهن من مكانها في الخيمة التي بها تابوت العهد (2 صم6: 17)، وهناك في جيحون مسح سليمان ملكًا ونفخوا في الأبواق منادين بالحياة للملك سليمان.
ع40: تجاوب الشعب كله مع صيحات أنصار داود وأخذوا يعبرون عن فرحهم بالملك الجديد بالعزف على الناى - كما كان متبعًا في مناسبات أفراحهم - وكانت فرحة الجميع غامرة حتى كادت الأرض تنشق من شدة صدى أصواتهم.
41 فَسَمِعَ أَدُونِيَّا وَجَمِيعُ الْمَدْعُوِّينَ الّذِينَ عِنْدهُ بَعْدَمَا انْتَهَوْا مِنَ الأَكْلِ. وَسَمِعَ يُوآبُ صَوْتَ الْبُوقِ فَقَالَ: «لِمَاذَا صَوْتُ الْقَرْيَةِ مُضْطَرِبٌ؟» 42 وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا بِيُونَاثَانَ بْنِ أَبِيَاثَارَ الْكَاهِنِ قَدْ جَاءَ، فَقَالَ أَدُونِيَّا: «تَعَالَ، لأَنَّكَ ذُو بَأْسٍ وَتُبَشِّرُ بِالْخَيْرِ». 43 فَأَجَابَ يُونَاثَانُ وَقَالَ لأَدُنِيَّا: «بَلْ سَيِّدُنَا الْمَلِكُ دَاوُدُ قَدْ مَلَّكَ سُلَيْمَانَ. 44 وَأَرْسَلَ الْمَلِكُ مَعَهُ صَادُوقَ الْكَاهِنَ وَنَاثَانَ النَّبِيَّ وَبَنَايَاهُوَ بْنَ يَهُويَادَاعَ وَالْجَلاَّدِينَ وَالسُّعَاةَ، وَقَدْ أَرْكَبُوهُ عَلَى بَغْلَةِ الْمَلِكِ، 45 وَمَسَحَهُ صَادُوقُ الْكَاهِنُ وَنَاثَانُ النَّبِيُّ مَلِكًا فِي جِيحُونَ، وَصَعِدُوا مِنْ هُنَاكَ فَرِحِينَ حَتَّى اضْطَرَبَتِ الْقَرْيَةُ. هذَا هُوَ الصَّوْتُ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ. 46 وَأَيْضًا قَدْ جَلَسَ سُلَيْمَانُ عَلَى كُرْسِيِّ الْمَمْلَكَةِ. 47 وَأَيْضًا جَاءَ عَبِيدُ الْمَلِكِ لِيُبَارِكُوا سَيِّدَنَا الْمَلِكَ دَاوُدَ قَائِلِينَ: يَجْعَلُ إِلهُكَ اسْمَ سُلَيْمَانَ أَحْسَنَ مِنِ اسْمِكَ، وَكُرْسِيَّهُ أَعْظَمَ مِنْ كُرْسِيِّكَ. فَسَجَدَ الْمَلِكُ عَلَى سَرِيرِهِ. 48 وَأَيْضًا هكَذَا قَالَ الْمَلِكُ: مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي أَعْطَانِيَ الْيَوْمَ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي وَعَيْنَايَ تُبْصِرَانِ». 49 فَارْتَعَدَ وَقَامَ جَمِيعُ مَدْعُوِّي أَدُونِيَّا، وَذَهَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ فِي طَرِيقِهِ. 50 وَخَافَ أَدُونِيَّا مِنْ قِبَلِ سُلَيْمَانَ، وَقَامَ وَانْطَلَقَ وَتَمَسَّكَ بِقُرُونِ الْمَذْبَحِ. 51 فَأُخْبِرَ سُلَيْمَانُ وَقِيلَ لَهُ: «هُوَذَا أَدُونِيَّا خَائِفٌ مِنَ الْمَلِكِ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا قَدْ تَمَسَّكَ بِقُرُونِ الْمَذْبَحِ قَائِلًا: لِيَحْلِفْ لِي الْيَوْمَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ إِنَّهُ لاَ يَقْتُلُ عَبْدَهُ بِالسَّيْفِ». 52 فَقَالَ سُلَيْمَانُ: «إِنْ كَانَ ذَا فَضِيلَةٍ لاَ يَسْقُطُ مِنْ شَعْرِهِ إِلَى الأَرْضِ، وَلكِنْ إِنْ وُجِدَ بِهِ شَرٌّ فَإِنَّهُ يَمُوتُ». 53 فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ فَأَنْزَلُوهُ عَنِ الْمَذْبَحِ، فَأَتَى وَسَجَدَ لِلْمَلِكِ سُلَيْمَانَ. فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: «اذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ».
ع41:
القرية: المقصود بها أورشليم باعتبارها مدينة محدودة بالقياس بعواصم البلاد الكبرى مثل بابل ونينوى، وقد يكون المقصود بكلمة القرية في أصلها اللغوى حصن، أو قلعة وهذا معناه أنه يقصد حصن أورشليم أي مدينة أورشليم.بعد تمليك أدونيا وانتهاء المدعوين في بيته من الوليمة، سمعوا صوت البوق والآلات الموسيقية تأتى عن بعد من أورشليم، وتساءل يوآب لماذا صوت البوق، إذ لا يضرب إلا في الأعياد أو في الحرب، أو المناسبات الخاصة مثل تنصيب الملوك.
ع42:
ساد القلق كل المدعوين، وفى أثناء ذلك دخل يوناثان بن أبياثار رئيس الكهنة الذي يرافق أدونيا، فاستقبله أدونيا بلهفة منتظرًا منه بشارة تهدئ قلق المجتمعين. وقد قال له أدونيا أنك تبشر بالخير، لأنه كان أخبر داود بإبطال مشورة أخيتوفل الشريرة ليستعد أمام الهجوم المقبل إليه من أبشالوم (2 صم15: 27، 36، 17: 17).
ع43: أعلن يوناثان للمجتمعين أنه يحمل خبرًا مزعجًا لهم وهو أن داود الملك الذي ما زال محتفظًا بسلطانه كملك، إذ قال عنه يوناثان سيدنا. وهذا يظهر خطأه في إعلان أدونيا ملك دون استئذان داود. وأيضًا أن داود قد ملّك سليمان فهذا يزيد موقفهم خطرًا وتعرضهم للأذى من سليمان الملك الجديد.
ع44، 45: قصَّ عليهم يوناثان تفاصيل الأحداث وهي أن صادوق مسح سليمان ملكًا في جيحون وكان معه بنياهو وناثان النبي، ثم أركبوه على بغلة الملك داود وساروا به في موكب عظيم وحولهم الجلادون والسعاة، ومروا في أورشليم بفرح عظيم وأصوات قوية، وهي التي سمعوها عن بعد وهم في مكانهم هذا.
ع46-48: ثم وصل سليمان بموكبه إلى القصر الملكى وجلس على عرش الملك، ودخل عبيد الملك داود ليهنئوه بتمليكه سليمان ودعوا لسليمان أن يكون ملكًا أعظم منه، ففرح داود جدًا وسجد على سريره وبارك الله الذي أعطاه أن ينظر ابنه يملك من بعده بحسب وعد الله له.
ع49: خاف جدًا جميع المدعوين في وليمة أدونيا لئلا يبطش بهم سليمان الملك الجديد لمشاركتهم لهذه الخيانة بتمليك شخص آخر دون علم الملك داود، وهربوا كل واحد في طريقه ليختفوا عن الأنظار، لأنه لا أخلاق بينهم، بل كان واحد منهم كان يبحث عن مصلحته وفائدته وكل واحد الآن يبحث كيف ينجى نفسه حتى لو مات الآخرين.
ع50: خاف أدونيا خوفًا شديدًا من معاقبة سليمان له لتمرده، فأسرع إلى المذبح النحاسى في خيمة الاجتماع ليتمسك بقرونه ليستفيد من العرف السائد في ذلك الوقت وهو أن من يمسك بقرون المذبح لا يعنى عدم قتله وإنما لا يكون ذلك حتى تتم محاكمة عادلة يدافع فيها عن نفسه مبرءً ذاته من التهمة الموجهة إليه.
وقد كان خوف أدونيا الشديد علامة على شره؛ لأنه كان ينوى الإساءة إلى سليمان وكل التابعين له. وخاصة أن سليمان كان معروفًا عنه أنه قوى الشخصية.
† لا تتسرع في قراراتك لئلا تسقط في أمور لا يمكن علاجها. اهتم أن تصلى إلى الله قبل كل عمل، بل وتستشير أب اعترافك؛ خاصة في القرارات الكبيرة.
إن كان ذا فضيلة: أي مخلصًا لسليمان.
أنزلوه عن المذبح: لأن المذبح مقام على مكان مرتفع ولكن ليس له درج (خر20: 26).
أخبر سليمان بما فعله أدونيا من تمسكه بقرون المذبح طالبًا أن يتعهد له سليمان بسلامته ولا يأمر بقتله، فأعلن سليمان أنه إن كان مخطئًا فسيعاقب وإن كان ذا فضيلة لا يصيبه شر، ثم أرسل سليمان رجالًا فأحضروا أدونيا إليه وسجد أمامه وهو مرتعد.
ولم يرد سليمان أن يبدأ حكمه بمعاقبة أحد، فسمح له أن يعود إلى بيته، وبهذا يعطيه فرصة للسلوك الحسن وإن أخطأ ثانية يستحق العقاب.
← تفاسير أصحاحات الملوك أول: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير ملوك الأول 2 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
فهرس التفسير |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/kings1/chapter-01.html
تقصير الرابط:
tak.la/p36fsky