تفسير سفر حزقيال - المقدمة

1. حزقيال النبي، ومعنى اسمه "الله يقوى"، فإسم النبي يعلن أن الله قادر أن يقوى شعبه المسبى عندما يتوب إليه ويعيده بكرامة من السبي.

2. ولد عام 623 ق.م في أورشليم، وكان والده كاهنًا يسمى بوزى. ورأى حزقيال في طفولته هيكل أورشليم العظيم، وعاصر إصلاحات يوشيا الملك الصالح، التي بدأها بعد ميلاد حزقيال بسنتينِ، أي عام 621 ق.م. وعندما بلغ من العمر العاشرة سقطت نينوى، أي ضعفت آشور وبدأت بابل تقوى، ولكن ما زالت مصر تنازعها السيطرة على العالم، حتى هزمت بابل مصر في معركة كركميش سنة 605 ق.م. وصارت السيطرة لبابل. وكان عمر حزقيال حينئذ ثمانية عشر عامًا. وقد عاصر أيضًا إرميا وباروخ النبيين، أي عاصر نهضة نبوية أيضًا، اهتمت بإصلاح قلوب الناس بعد إصلاحات يوشيا بإزالة الأوثان وإعادة تطبيق الشريعة.

3. وفى عام 597، أو 598 ق.م. بعد حصار بابل لأورشليم دخلتها، وأخذت الذهب والفضة من خزائن بيت الرب، وأخذت الملك يهوياكين مسبيًا إلى بابل، بعد ثلاثة أشهر من بدء ملكه، وأخذت الشبان سبايا؛ حتى لا يقوموا بثورة ضد بابل، ومنهم حزقيال وكان عمره خمسة وعشرين عامًا. فأتوا به إلى بابل وكان سبى حزقيال بعد سبى دانيال بثمانى سنوات، وعاش عند نهر خابور، وكان متزوجًا وتنبأ عن هدم الهيكل، فلم يصدقه المسبيون في البداية. ولكن عندما تم ذلك بعد سبع سنوات من بدء نبوته صدقوه، وبدأوا يقبلون نبواته إلى حد ما. وقد مات حزقيال شهيدًا في السبي بيد قاضٍ من اليهود؛ لعدم احتماله توبيخات حزقيال، الذي كان يوبخ سامعيه؛ ليرجعوا عن شرورهم، مثل إرميا. أما معظم اليهود فرفضوا كلامه وكرهوه، وكانوا يسمعون نبواته، كعبارات بلاغية، ورفضوا الخضوع لها ككلام من الله.

St-Takla.org Image: The book of Ezekiel صورة في موقع الأنبا تكلا: كتاب حزقيال

وإليك موجز تاريخى بالسنوات يبين الأحداث وتاريخها، ويلاحظ أن احتمال وجود فرق بالزيادة، أو النقصان في بعض هذه التواريخ بين المراجع المختلفة شيء وارد لبعد الفترة الزمنية.

1. ملك يوشيا الملك الصالح عام 626 ق.م. وبدأ إصلاحاته بعد خمسة سنوات، أي عام 621 ق.م.

2. ولد حزقيال عام 623 ق.م.

3. سقطت نينوى 613 ق.م وكان عمر حزقيال عشر سنوات.

4. هزمت مصر يوشيا الملك وقتلته في معركة مجدو عام 608 ق.م.

5. ملك ابن يوشيا وهو يهوآحاز عام 608 ق.م لمدة ثلاثة أشهر، ثم سُبى إلى مصر.

6. ملك يهوياقيم أخو يهوآحاز عام 608 ق.م.

7. هزمت بابل مصر في معركة كركميش عام 605 ق.م فضعفت مصر وتراجعت. وفى نفس الوقت تقدمت بابل نحو أورشليم، وأخذت جزء من آنية الفضة والذهب الذي في الهيكل، وعددًا من السبايا من بينهم دانيال؛ وهذا هو السبي الأول أيام الملك يهوياقيم.

8. هاجمت بابل أورشليم للمرة الثانية، بعد نهاية حكم يهوياقيم، وتملك أخوه يهوياكين لمدة ثلاثة أشهر. فحاصرت أورشليم، وسبت الملك يهوياكين إلى بابل، وأخذت بقية الفضة والذهب من الهيكل، وأخذت عددًا من السبايا، من بينهم حزقيال النبي، وذلك عام 597 ق.م وهذا هو السبي البابلي الثاني.

9. أقامت بابل وقتذاك عم يهوياكين ملكًا، وهو متنيا الذي دعته صدقيا الملك.

10. تمرد صدقيا على ملك بابل، فحاصرت بابل أورشليم للمرة الثالثة وقبضت على صدقيا، وقتلت أولاده أمام عينيه، ثم قلعت عينيه وأخذته مسبيًا إلى بابل، وأخذت سبايا كثيرين. وكان ذلك عام 587 ق.م، وكان هذا هو السبي البابلي الثالث.

11. هاجم نبوزردان رئيس الشرط لملك بابل أورشليم وأحرق الهيكل والمدينة، وأخذ سبايا إلى بابل، وكان ذلك عام 584 ق.م، وهذاهو السبي البابلي الرابع.

تنبأ حزقيال لمدة إثنين وعشرين عامًا من عام 592 ق.م، أي في السنة الخامسة في السبي حتى عام 570 ق.م، وبالطبع تمت كتابة السفر بعد هذا التاريخ. وقد هدم الهيكل وأحرق بعد بدء حزقيال نبوته بسبع سنوات.

في السبي بجوار بابل عند نهر خابور.

1. يستخدم الرموز بشكل كبير ليعلن حقائق إيمانية كثيرة.

ويستخدم الرموز بأشكال مختلفة:

أ - رموز نظرية، مثل تنبؤه عن العظام.

ب - رموز عملية، مثل أن يأتي بعصوين ويقرنهما؛ ليتنبأ عن اندماج مملكتى أفرايم ويهوذا.

جـ- رموز تمثيلية باستخدام التشبيهات والاستعارات، مثل تشبيه نبوخذنصر وفرعون بنسرين كبيرين.

د - رموز عملية بنفسه، أي يصير هو بحياته رمزًا. فيشترى بيتًا؛ ليعلن أن السبي سيكون لمدة طويلة، أو مثل أكله بوزن وشربه بوزن، نبوة عن الجوع والفقر.

2. يتميز السفر بالجرأة والحماس، فيعلن صوت الله دون خوف من أحد، حتى لو تعرضت حياته للموت.

3. يتكلم عن أحداث مختلفة من الكتاب المقدس، مثل ذكره قصة خلق العالم، وتحدثه عن نوح ودانيال وأيوب. فهو دارس للكتاب المقدس ويربطه كله في وحدة واحدة.

4. يظهر التكامل في مشاعر الله نحونا، فهو عادل يؤدب أولاده؛ ليتوبوا، وهو أيضًا رحيم، فعندما يجد شعبه كعروس عريانة ومدنسة، يجددها ويلبسها ويجملها. ويظهر التكامل في اهتمام الله بشعبه، وفى نفس الوقت بكل فرد. ويهتم بالعبادة الطقسية، وأيضًا بالمشاعر الروحية في العبادة. ويظهر التكامل أيضًا في شخص حزقيال كنبى وكاهن ورائى وكارز وشاعر ...

5. يمتلئ السفر بالرؤى، لذا فهو من أصعب الأسفار ويحتاج إلى التفسير.

6. تميز حزقيال بالكتابة أكثر من التحدث للناس، ولم تكن له علاقة بملك يهوذا، أو وإليها، مثل أشعياء وإرميا أثناء السبي، ولا علاقة له أيضًا بملك بابل، مثل دانيال، بل كان كلامه موجهًا لكل الأجيال عن طريق الكتابة.

7. يتشابه مع إرميا، الذي تعلم من نبواته، في تركيزه على التوبة ودعوة الشعب للعبادة القلبية، ويتميز عنه بشدة التوبيخ.

8. يتشابه هذا السفر مع سفر الرؤيا كما في:

1. دعوة حزقيال (حز 1-3).

2. تهديدات قبل السبي (حز 4-12).

3. خطايا مملكتى إسرائيل ويهوذا (حز 13-24).

4. نبوات ضد الأمم (حز 25-32).

5. نبوات عن الرجوع من السبي (حز 33-39).

6. إصلاح الهيكل وأورشليم (حز 40-48).

ونرى أن النبي حزقيال قد أظهر لشعبه خطاياهم؛ ليتوبوا عنها وأنذرهم بتهديد الله بهدم الهيكل إن لم يتوبوا. ولكنهم لم يطيعوه، فواصل توبيخهم على خطاياهم، كما يظهر في القسمين الثاني والثالث (حز 4-24). أما في القسم الرابع، فيعلن عقاب الله للأمم، الذين هم الأشرار الخاضعين لإبليس. فهو إن كان سيؤدب شعبه، سيعاقب أيضًا إبليس وكل المصرين على الشر. ثم يبشر في القسم الخامس شعبه بالرجوع من السبي. وفى القسم السادس يعزيهم بكلامه عن الهيكل العظيم، ليس فقط الذي سيبنى بعد الرجوع من السبي، ولكن بالأحرى هيكل العهد الجديد، ثم الهيكل السماوى، أي ملكوت السموات.