St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   ot  >   church-encyclopedia  >   ezekiel
 
St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   ot  >   church-encyclopedia  >   ezekiel

تفسير الكتاب المقدس - الموسوعة الكنسية لتفسير العهد القديم: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة

حزقيال 28 - تفسير سفر حزقيال

 

* تأملات في كتاب حزقيال:
تفسير سفر حزقيال: مقدمة سفر حزقيال | حزقيال 1 | حزقيال 2 | حزقيال 3 | حزقيال 4 | حزقيال 5 | حزقيال 6 | حزقيال 7 | حزقيال 8 | حزقيال 9 | حزقيال 10 | حزقيال 11 | حزقيال 12 | حزقيال 13 | حزقيال 14 | حزقيال 15 | حزقيال 16 | حزقيال 17 | حزقيال 18 | حزقيال 19 | حزقيال 20 | حزقيال 21 | حزقيال 22 | حزقيال 23 | حزقيال 24 | حزقيال 25 | حزقيال 26 | حزقيال 27 | حزقيال 28 | حزقيال 29 | حزقيال 30 | حزقيال 31 | حزقيال 32 | حزقيال 33 | حزقيال 34 | حزقيال 35 | حزقيال 36 | حزقيال 37 | حزقيال 38 | حزقيال 39 | حزقيال 40 | حزقيال 41 | حزقيال 42 | حزقيال 43 | حزقيال 44 | حزقيال 45 | حزقيال 46 | حزقيال 47 | حزقيال 48

نص سفر حزقيال: حزقيال 1 | حزقيال 2 | حزقيال 3 | حزقيال 4 | حزقيال 5 | حزقيال 6 | حزقيال 7 | حزقيال 8 | حزقيال 9 | حزقيال 10 | حزقيال 11 | حزقيال 12 | حزقيال 13 | حزقيال 14 | حزقيال 15 | حزقيال 16 | حزقيال 17 | حزقيال 18 | حزقيال 19 | حزقيال 20 | حزقيال 21 | حزقيال 22 | حزقيال 23 | حزقيال 24 | حزقيال 25 | حزقيال 26 | حزقيال 27 | حزقيال 28 | حزقيال 29 | حزقيال 30 | حزقيال 31 | حزقيال 32 | حزقيال 33 | حزقيال 34 | حزقيال 35 | حزقيال 36 | حزقيال 37 | حزقيال 38 | حزقيال 39 | حزقيال 40 | حزقيال 41 | حزقيال 42 | حزقيال 43 | حزقيال 44 | حزقيال 45 | حزقيال 46 | حزقيال 47 | حزقيال 48 | حزقيال كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الأَصْحَاحُ الثَّامِنُ وَالعِشْرُونَ

إدانة رئيس صور

 

يتكلم الله هنا في هذا الأصحاح عن شخصيتن، الشخصية الأولى هي ملك صور، والشخصية الثانية هي الشيطان، الذي يعمل في ملك صور، ويتكلم عنه الله كلامًا مباشرًا، أي عن سقوط الشيطان. وقد تكرر هذا الأمر في الكتاب المقدس، مثل الكلام عن سقوط رئيس بابل، وسقوط الشيطان (أش14) وعن ملك فارس والشيطان (دا10) وعن انطيوخس ملك السلوقيين وضد المسيح (2 مك11: 26-38).

 

(1) كبرياء رئيس صور ( ع1- 10)

(2) إذلال وهلاك رئيس صور ( ع11-19)

(3) تأديب صيدون ( ع20-23)

(4) سلام لشعب الله ( ع24-26)

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(1) كبرياء رئيس صور ( ع1- 10):

1- وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: 2- «يَا ابْنَ آدَمَ، قُلْ لِرَئِيسِ صُورَ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدِ ارْتَفَعَ قَلْبُكَ وَقُلْتَ: أَنَا إِلهٌ. فِي مَجْلِسِ الآلِهَةِ أَجْلِسُ فِي قَلْبِ الْبِحَارِ. وَأَنْتَ إِنْسَانٌ لاَ إِلهٌ، وَإِنْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ كَقَلْبِ الآلِهَةِ! 3- هَا أَنْتَ أَحْكَمُ مِنْ دَانِيآلَ! سِرٌّ مَا لاَ يَخْفَى عَلَيْكَ. 4- وَبِحِكْمَتِكَ وَبِفَهْمِكَ حَصَّلْتَ لِنَفْسِكَ ثَرْوَةً، وَحَصَّلْتَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ فِي خَزَائِنِكَ. 5- بِكَثْرَةِ حِكْمَتِكَ فِي تِجَارَتِكَ كَثَّرْتَ ثَرْوَتَكَ، فَارْتَفَعَ قَلْبُكَ بِسَبَبِ غِنَاكَ. 6- فَلِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ جَعَلْتَ قَلْبَكَ كَقَلْبِ الآلِهَةِ، 7- لِذلِكَ هأَنَذَا أَجْلِبُ عَلَيْكَ غُرَبَاءَ، عُتَاةَ الأُمَمِ، فَيُجَرِّدُونَ سُيُوفَهُمْ عَلَى بَهْجَةِ حِكْمَتِكَ وَيُدَنِّسُونَ جَمَالَكَ. 8- يُنَزِّلُونَكَ إِلَى الْحُفْرَةِ، فَتَمُوتُ مَوْتَ الْقَتْلَى فِي قَلْبِ الْبِحَارِ. 9- هَلْ تَقُولُ قَوْلًا أَمَامَ قَاتِلِكَ: أَنَا إِلهٌ؟ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ لاَ إِلهٌ فِي يَدِ طَاعِنِكَ! 10- مَوْتَ الْغُلْفِ تَمُوتُ بِيَدِ الْغُرَبَاءِ، لأَنِّي أَنَا تَكَلَّمْتُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ».

 

ع1، 2: يوبخ الله رئيس صور؛ لأنه تكبر، وجعل نفسه إلهًا بين الآلهة الوثنية، التي كان الإيمان بها منتشرًا في هذا الوقت، ونسى أنه إنسان؛ لأنه إذ شعر بقوته بالتحكم في التجارة العالمية قال أنه إله، ونسى أن الله قادر أن يبيده في لحظة. وهذا ما حدث على يد ملك بابل، ثم الإسكندر.

 

ع3: إذ سيطرت بابل على بلاد العالم، وصلت شهرة دانيال النبي، الذي فيه روح الله، ويعرف تفسير الأحلام، ومعرفة الغيب، أكثر ممن حوله. وعندما سمع ملك صور بحكمة دانيال، قال في نفسه بكبرياء، أنا أفضل منه، وحكمتى أعلى من كل حكمة بشرية، وأعرف كل الأسرار؛ لذا رأى في نفسه أنه إله. ولعل ما ساعده هو غناه العظيم، فظن أنه قادر أن يفعل بماله كل ما يريد.

ونفس هذا التفكير هو ما سقط فيه الشيطان، لأنه رئيس في رتبة الكاروبيم المملوئين أعينًا، أى معرفة. فظن أنه يستطيع أن يكون مثل الله، أي ظن أنه إله، فسقط. ونسى أن حكمته هي نعمة من الله، وليست منه، ولم يشكر الله عليها.

 

ع4، 5: استخدم ملك صور حكمته في تدبير التجارة في بلده مع بلاد العالم، ونجح في سياساته الاقتصادية، فحصل على ثروات عظيمة ملأ بها خزائنه من الذهب والفضة. وهذا هو أقصى ما تحققه الحكمة الأرضية، أما الحكمة الحقيقية، أي الحكمة الروحية، فنطلب بها السماويات، وننال الملكوت الذي هو أعظم من كل ما على الأرض (يع3: 15).

هذه الثروات التي حصل عليها ملك صور زادت كبرياءه وقست قلبه، فشعر أنه إله.

 

ع6، 7: من أجل كبرياء ملك صور، قرر الله عقابه عن طريق ملوك بابل، ثم الإسكندر الأكبر، فيقتلونه هو وشعبه ويدمرون مدينته، فيظهر عجز حكمته وضعفه أمام الله بعد أن تدنست مدينته، أي تهدمت وداسها الأعداء.

 

ع8: يخاطب حزقيال رئيس صور وهو في مجده كرئيس على المدينة، بأنه لأجل كبريائه سيقتل بيد الأعداء، ولن يستطيع أن يحمى مدينته؛ لأنه لا يستطيع أن يحمى نفسه. ثم يلقون جثته في البحر، التي يعبر عنها بالحفرة، فلا يدفن بإكرام مثل الملوك والرؤساء، بل تهمل جثته ويزدرى بها، أي لا تدفن.

ويرمز رئيس صور كما قلنا للشيطان، الذي يلقى في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت (رؤ20: 10)، أي في العذاب الأبدي. هذه هي الحفرة وقلب البحار، ولا يكرم مثل القديسين، بل يزدرى ويحتقر ويذل في العذاب الأبدي.

 

ع9: يسأل حزقيال رئيس صور: ماذا ستقول لمن سيهجم عليك ويطعنك بالخنجر ويقتلك؟ هل تستطيع أن تقول له حينئذ أنك إله. كما تدعى الآن؟ فالله يعطيك فرصة أخيرة للتوبة والنزول عن كبريائك. ولكنه للأسف لم يستجب.

 

ع10: غلف: غير مختتنين.

يقرر الله في النهاية أن رئيس صور سيموت موتًا حقيرًا، أي مقتول بيد الأعداء، كما يموت الغلف.

وقد كان الفينيقيون، الذين منهم مدينة صور، قد تعودوا الختان، ليس كأمر إلهى، بل مجرد عادة، وكانوا يعتقدون أن من لا يختتن يكون موته محتقرًا. فالخلاصة أن رئيس صور تكون نهايته مخزية. وموت رئيس صور يرمز روحيًا إلى موت غير المؤمنين، أي الغلف الذين يذهبون إلى الجحيم، كما تنص الشريعة اليهودية؛ لأن الاختتان شرط لتبعية شعب الله.

وترمز أيضًا هذه الآية إلى هلاك الشيطان، الذي يرفض الإيمان والخضوع لله، فيهلك هلاكًا مخزيًا في العذاب الأبدي.

إن كانت الكبرياء أم لرذائل كثيرة، فالاتضاع أب للفضائل؛ لذلك اتضع أمام الله والناس، واشكر الله دائمًا على عطاياه، ووجه الشكر والمديح للآخرين لتحتفظ باتضاعك.

وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(2) إذلال وهلاك رئيس صور ( ع11-19):

11- وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: 12- «يَا ابْنَ آدَمَ، ارْفَعْ مَرْثَاةً عَلَى مَلِكِ صُورَ وَقُلْ لَهُ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: أَنْتَ خَاتِمُ الْكَمَالِ، مَلآنٌ حِكْمَةً وَكَامِلُ الْجَمَالِ. 13- كُنْتَ فِي عَدْنٍ جَنَّةِ اللهِ. كُلُّ حَجَرٍ كَرِيمٍ سِتَارَتُكَ، عَقِيقٌ أَحْمَرُ وَيَاقُوتٌ أَصْفَرُ وَعَقِيقٌ أَبْيَضُ وَزَبَرْجَدٌ وَجَزْعٌ وَيَشْبٌ وَيَاقُوتٌ أَزْرَقُ وَبَهْرَمَانُ وَزُمُرُّدٌ وَذَهَبٌ. أَنْشَأُوا فِيكَ صَنْعَةَ صِيغَةِ الفُصُوصِ وَتَرْصِيعِهَا يَوْمَ خُلِقْتَ. 14- أَنْتَ الْكَرُوبُ الْمُنْبَسِطُ الْمُظَلِّلُ، وَأَقَمْتُكَ. عَلَى جَبَلِ اللهِ الْمُقَدَّسِ كُنْتَ. بَيْنَ حِجَارَةِ النَّارِ تَمَشَّيْتَ. 15- أَنْتَ كَامِلٌ فِي طُرُقِكَ مِنْ يَوْمَ خُلِقْتَ حَتَّى وُجِدَ فِيكَ إِثْمٌ. 16- بِكَثْرَةِ تِجَارَتِكَ مَلأُوا جَوْفَكَ ظُلْمًا فَأَخْطَأْتَ. فَأَطْرَحُكَ مِنْ جَبَلِ اللهِ وَأُبِيدُكَ أَيُّهَا الْكَرُوبُ الْمُظَلِّلُ مِنْ بَيْنِ حِجَارَةِ النَّارِ. 17- قَدِ ارْتَفَعَ قَلْبُكَ لِبَهْجَتِكَ. أَفْسَدْتَ حِكْمَتَكَ لأَجْلِ بَهَائِكَ. سَأَطْرَحُكَ إِلَى الأَرْضِ، وَأَجْعَلُكَ أَمَامَ الْمُلُوكِ لِيَنْظُرُوا إِلَيْكَ. 18- قَدْ نَجَّسْتَ مَقَادِسَكَ بِكَثْرَةِ آثَامِكَ بِظُلْمِ تِجَارَتِكَ، فَأُخْرِجُ نَارًا مِنْ وَسْطِكَ فَتَأْكُلُكَ، وَأُصَيِّرُكَ رَمَادًا عَلَى الأَرْضِ أَمَامَ عَيْنَيْ كُلِّ مَنْ يَرَاكَ. 19- فَيَتَحَيَّرُ مِنْكَ جَمِيعُ الَّذِينَ يَعْرِفُونَكَ بَيْنَ الشُّعُوبِ، وَتَكُونُ أَهْوَالًا وَلاَ تُوجَدُ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ».

 

ع11، 12: يتحدث هنا الله عن ملك صور بالأكثر عن الشيطان. وملك صور هو صورة للشيطان في كبريائه، كما ظهر في الآيات السابقة، ويصف الشيطان بأنه:

  1. خاتم الكمال : إن الله خلق الشيطان ملاكًا عظيمًا من رتبة الكاروبيم الكاملين في صفاتهم، إذ يمثلون العدل الإلهي، فهو ختم لله، أي صورة واضحة له في كماله. وكان قريبًا من العرش الإلهي، فالله أعطاه بوفرة عندما خلقه ليتمتع بعشرة الله.

  2. ملآن حكمة : لأنه رئيس في رتبة الكاروبيم المملوئين أعينًا، أي معرفة وحكمة.

  3. كامل الجمال : ملأه الله من فضائل كثيرة بالإضافة للحكمة، فكان كاملًا في جماله الروحي.

وتظهر مشاعر الله الرقيقة في حزنه على الشيطان، وعلى ملك صور، إذ يطلب من حزقيال أن يرفع مرثاة تعبيرًا عن الحزن عليهما؛ لأنه كان يود أن يستجيبا له ويخضعا لكلامه فلا يهلكان. والله عندما يدين ملك صور لا يدينه فقط، بل يدين الشيطان العامل فيه، الذي سقط قديمًا.

 

ع13: يذكر الله الشيطان بأنه خلقه قبل الإنسان، ورأى العالم عندما خلق وفى جنة عدن، كان قائمًا مغطى ومتزينًا بالفضائل كستارة له. وذكر له عشرة فضائل في شكل تسعة أحجار كريمة، وذهب. وعدد عشرة يرمز للكمال، أي أنه كان متمتعًا بفضائل الله التي وهبها له. وقد سبق شرح معانى هذه الأحجار الكريمة في آخر أجزاء الموسوعة لتفسير العهد الجديد، أي تفسير سفر الرؤيا (رؤ21: 19، 20). وكانت هذه الفضائل متكاملة في صياغة جميلة؛ ليستطيع هذا الكاروبيم أن يقود غيره من الملائكة، وكذا الإنسان في تسبيح الله والتمتع بحضرته.

وكلمة عدن تعنى بهجة، فالشيطان كان كاروبًا عظيمًا يحيا في فرح وتسبيح في الجنة قبل سقوطه.

وكانت صدرة رئيس الكهنة الهارونى ترصع بالأحجار الكريمة، وكذا الآلهة الوثنية كانوا يغطون تماثيلها بثياب مرصعة بالاحجار الكريمة؛ لذا استخدم الله ما هو معروف عند شعبه والأمم وهو أن السترة والرداء المرصع بالأحجار الكريمة دليل العظمة والفضائل، فألبسه للشيطان قبل أن يسقط.

تأمل الفضائل والإمكانيات والبركات التي وهبك الله إياها لتستخدمها في تمجيده وتسبيحه، فلا تهملها وتنشغل عن عملك الأساسى، وهو التسبيح، وتنهمك في أمور هذه الحياة المادية الزائلة.

 

ع14: يضيف الله أيضًا أن الشيطان هو الكروب الذي يبسط جناحيه في حضرة الله؛ لتسبيح إسمه القدوس، ويظلل حول العرش الإلهي معلنًا عدل الله، وبأجنحته يظلل على وجهه وعلى رجليه من بهاء عظمة الله.

الله أقام الشيطان قبل سقوطه على جبله، أي مرتفعًا في السماء مثل الجبل المرتفع، حيث كان في الحضرة الإلهية يسبحه على الدوام.

إن الله نار آكلة، فكان هذا الكروب يتمشى، أي يرفرف ويسبح في حضرة الله. وتعنى أيضًا حجارة النار الملائكة المتقدون بنار الحب الإلهي، أي السيرافيم، فكان معهم، أي الشاروبيم والسيرافيم حول العرش الإلهي يسبحون الله. والعجيب أن يترك الشيطان كل هذا المجد ويسقط بسبب الكبرياء. إن كل الملائكة الذين ما زالوا في حضرة الله يدينون الشيطان؛ لأنهم ثبتوا في محبة الله، أما هو فسقط وانفصل عن الله.

ليتك تتعلم من الروحانيين المحيطين بك، فتقترب إلى الله وتقتدى بفضائلهم، لأنك إن صنعت الشر وتماديت فيه ولم تتب فإن هؤلاء الروحانيين يدينونك في اليوم الأخير؛ لأنك لم تشاركهم وتستمر معهم في الفضيلة ومحبة الله.

 

ع15: يقرر الله أن الشيطان، ككروب عظيم، عاش كاملًا في سلوكه أمام الله مسبحًا وممجدًا في حضرته، إلى أن سقط في وقت محدد لا نعلمه ولكنه بالتأكيد كان قبل سقوط الإنسان. سقوط الشيطان لم يكن بإيعاز من أحد، بل سقط من ذاته، إذ فكر في نفسه أن يصير مثل الله وبسبب هذا الكبرياء انفصل عن الله وسقط، فهو مخلوق سماوى على أعلى مستوى، وليس هناك مايدعو لسقوطه، فالخطية غريبة عنه، وكل الجو المحيط به يدعوه للتمتع في حضرة الله، فكبرياؤه وسقوطه كان أمرًا شنيعًا؛ لأنه هو وحده المسئول عنه.

 

ع16: يتكلم هنا عن سقوط ملك صور وسقوط الشيطان في آن واحد. فسقوط ملك صور كان بسبب عظمة تجارته التي ملأته بالشر والكبرياء ومحبة المال، بل وظلم الآخرين واستغلالهم من خلال بعض المعاملات التجارية القاسية، كالإحتكار، أو فرض الضرائب الكبيرة لاحتياج العالم كله إلى صور.

وتنطبق الآية أيضًا على الشيطان الذي لم يرجع الفضل لله في كل فضائله ويشكره، بل تاجر بهذه الفضائل، ظانًا أنها من ذاته، وحاول بها أن يجعل كرسيه مثل الله، فامتلأ قلبه ظلمًا، إذ ظلم نفسه، وظلم الآخرين من الملائكة الذين اعثرهم وأسقطهم معه، وظلم كل الذين سقطوا من البشر، إذ أغواهم الشيطان، مثل ملك صور، وما زال يظلم البشر حتى الآن ويسقطهم.

وكان العقاب الإلهي هو أن يطرح من جبل الله، فيفقد مكانه في الحضرة الإلهية وبين حجارة النار، أي بين الملائكة؛ لأنه لا يمكن أن يجتمع الشر مع الخير في حضرة الله، أي أن الشيطان بخطيته فصل نفسه وطرد وأصبح غريبًا عن تمجيد الله، بل على العكس مضادًا ومحاربًا له على مر الزمان، إلى أن يلقى في يوم الدينونة في العذاب الأبدي. وهكذا يباد الشيطان من حضرة الله ويفقد عمله كمسبح ومظلل حول العرش الإلهي، فيطرد ويحيا للشر إلى الأبد، لأنه مصر عليه.

ويمكن أن يقصد أيضًا بجبل الله، المسيح المتجسد، إذ لم يستطع الشيطان أن يغويه ويسقطه في الخطية، بل قال المسيح للجموع بوضوح "من منكم يبكتنى على خطية" (يو8: 46) وعندما مات على الصليب لم يستطع إبليس أن يقبض على روح المسيح، بل قبض هو على الشيطان وقيده، فهو عاجز أمام بر المسيح ومطروح خارجًا عنه.

 

ع17: يواصل الله حديثه الذي ينطبق على ملك صور وعلى الشيطان في نفس الوقت، فيعلن أن سر سقوطهما هو الكبرياء، الذي عبر عنها بارتفاع القلب، وذلك بسبب العظمة والبهجة والبهاء الذي وصل إليه كليهما، وبهذه الكبرياء أفسدا حياتهما، فمات ملك صور وحكم على الشيطان بالعذاب الأبدي. فطرح ملك صور مقتولًا في البحر أمام جميع ملوك الأرض، حتى يتضع الكل أمام الله، وحتى يثبت الملائكة في محبتهم لله، بعد أن رأوا سقوط الشيطان بسبب كبريائه.

 

ع18، 19: يستكمل الله شرح عقاب ملك صور والشيطان، فيقول لكليهما أنه خلقهما مقدسين له، أما هما فبخطيتهما نجسا نفسيهما بالتجارة الظالمة كما شرحنا في (ع16).

وكان العقاب ناتج من الشر الذي في رئيس صور وفى الشيطان، فخرجت نار العقاب من داخل كل منهما، فهلك كلاهما وصارا بلا قيمة كالرماد. وقد حدث مرارًا كثيرة مع الشيطان عندما كان يتحول الشيطان بصلاة القديسين إلى دخان وتنطفئ نار شره.

وكان هلاك رئيس صور، أو الشيطان أمام أعين كل البشر عبرة للكل؛ حتى يبتعدوا عن الشر. إذ يتعجب الكل لرؤيتهم زوال عظمة الكبرياء، والنهاية الفظيعة المهولة لكل منهما وفناء قوتهما إلى الأبد.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(3) تأديب صيدون ( ع20-23):

20- وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: 21- «يَا ابْنَ آدَمَ، اجْعَلْ وَجْهَكَ نَحْوَ صَيْدُونَ وَتَنَبَّأْ عَلَيْهَا، 22- وَقُلْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا عَلَيْكِ يَا صَيْدُونُ وَسَأَتَمَجَّدُ فِي وَسْطِكِ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ حِينَ أُجْرِي فِيهَا أَحْكَامًا وَأَتَقَدَّسُ فِيهَا. 23- وَأُرْسِلُ عَلَيْهَا وَبَأً وَدَمًا إِلَى أَزِقَّتِهَا، وَيُسْقَطُ الْجَرْحَى فِي وَسْطِهَا بِالسَّيْفِ الَّذِي عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.

 

ع20-22: صيدون : مدينة تجارية تشتهر أيضًا بصيد السمك، وتقع شمال صور على بعد خمسة وأربعين كيلو مترًا على ساحل البحر الأبيض المتوسط.

طلب الله من حزقيال أن يتنبأ عن مدينة صيدون، التي كانت مدينة عظيمة وتتعاون مع صور في التجارة، وذلك بسبب خطيتها الكبيرة في الشماتة بشعب الله، عندما هجمت عليه بابل، وسبى إليها، فشمت الصيدونيون وسخروا بكبرياء من مملكة يهوذا.

فالله سيعاقب صيدون، وبهذا العقاب، أي الأحكام، يتمجد الله أمام كل الأمم وأمام شعبه أيضًا. فإن من يصر على الكبرياء ويستهزئ بغيره، لاعتماده على قوته وتجارته وغناه، مثل صيدون، سيهلك في النهاية. وغرض الله من هذا أمرين:

  1. تشجيع شعبه ليثبت في الإيمان، فلا ينزعج من الأعداء مهما كانت التجارب التي تمر به.

  2. دعوة لكل الأمم حتى يتوبوا ويتضعوا ويؤمنوا بالله إله إسرائيل، وهذا ما سيحدث بوضوح في ملء الزمان، عند إيمان الأمم بالمسيح.

 

ع23: يحدد الله عقابه لصيدون في أمرين:

  1. انتشار الوبأ فيها فيهلك الكثيرون.

  2. هجوم بابل عليها، فتقتل الكثيرين، وتسيل الدماء وتملأ الجثث شوارع صيدون.

ويعلن الله غرضه وهو أن يؤمن الباقون في صيدون بالله، كذا باقي الأمم.

وقد بنيت بجوار صور وصيدون القديمة مدينتا صور وصيدا، فأكد المسيح كبرياء صور وصيدون، حتى أنهما لم يستحقا أن يوجدا أيام المسيح، حين قال أنه لو صنعت في صور وصيدا (المقصود صيدون القديمة) الآيات التي عملها في مدن الجليل لتابتا قديمًا؛ ليوبخ المدن التي كرز بها في أيامه (لو10: 13).

الله يطيل أناته عليك حتى تتضع أمامه وأمام الآخرين ولا تستهزئ بأحد. ولكن إن تماديت في هذا معتزًا بقوتك، فلن ينتظرك إلا الهلاك الأبدي، فاحترس وأسرع إلى باب التوبة الذي ما زال مفتوحًا لك ما دمت حيًا.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(4) سلام لشعب الله ( ع24-26):

24- «فَلاَ يَكُونُ بَعْدُ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ سُلاَّءٌ مُمَرِّرٌ وَلاَ شَوْكَةٌ مُوجِعَةٌ مِنْ كُلِّ الَّذِينَ حَوْلَهُمُ، الَّذِينَ يُبْغِضُونَهُمْ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ. 25- هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُ: عِنْدَمَا أَجْمَعُ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ مِنَ الشُّعُوبِ الَّذِينَ تَفَرَّقُوا بَيْنَهُمْ، وَأَتَقَدَّسُ فِيهِمْ أَمَامَ عُيُونِ الأُمَمِ، يَسْكُنُونَ فِي أَرْضِهِمِ الَّتِي أَعْطَيْتُهَا لِعَبْدِي يَعْقُوبَ، 26- وَيَسْكُنُونَ فِيهَا آمِنِينَ وَيَبْنُونَ بُيُوتًا وَيَغْرِسُونَ كُرُومًا، وَيَسْكُنُونَ فِي أَمْنٍ عِنْدَمَا أُجْرِي أَحْكَامًا عَلَى جَمِيعِ مُبْغِضِيهِمْ مِنْ حَوْلِهِمْ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُهُمْ».

 

ع24: سُلاءٌ : نوع من الورد له شوك، وخزه مؤلم.

بشر الله شعبه بالرجوع من السبي عند مهاجمة أعدائهم لهم، وإن حاولوا مضايقتهم لا يستطيعون؛ لأن الله سيحمى شعبه، فلا يوجد من ينخسهم، مثل شوك السلاء الذي يجعل حياتهم مرة، أي يعيش شعب الله في سلام. كما حدث في رجوعهم على يد زربابل وعزرا ونحميا وسكناهم بسلام وبنائهم للهيكل وأسوار المدينة، فرغم غيظ الأعداء، لم يستطيعوا إيقاف أعمالهم.

وهذه البشرى كملت في فداء المسيح، الذي أعطى لشعبه سلام لا تنقضه الخطية، فلا يعود أولاد الله إلى مرارتها، بل يحيون في فرح مع المسيح في كنيسته.

 

ع25: سيتم هذا السلام الإلهي عندما يجمع الله أولاده المشتتين في بلاد المملكة البابلية، فيعيديهم كورش أول ملوك فارس إلى أرض الميعاد، التي أعطاها ليعقوب والأسباط، فتتجلى قوة الله في شعبه أمام عيون الأمم؛ لعل هذا يقودهم للإيمان بالله.

وفى هذه الآية يؤكد أيضًا أنه إن كانت صيدون قد شمتت باليهود، وقبضت على بعض منهم وباعتهم عبيدًا، عند السبي البابلي لأورشليم، فهذا يرمز للشيطان الذي يستعبد أولاد الله في الخطية، لكن بموت المسيح على الصليب كسر شوكة الموت (السلاء)، واشترى شعبه بدمه وجمعهم في كنيسته؛ ليحيوا إلى الأبد معه، وهذا يكون أمام عيون العالم ليدعوا الكل للإيمان.

 

ع26: يعلن الله أن شعبه سيستقر في أرضه بعد الرجوع من السبي، فيبنون بيوتًا ويغرسون كرومًا، أي يعيشون في سلام وراحة. وهذا يرمز للاستقرار الروحي في الحياة مع المسيح واقتناء الفضائل والفرح الذي ترمز إليه الكروم.

الله يريد أن يعطيك راحة وسلام وفرح إذا عدت إليه بكل قلبك، فاحترس من الخطية، وإن سقطت فيها، تب سريعًا، وليكن هدفك الوحيد هو التمتع بعشرة الله فتنجح في حياتك، ثم تنال أمجاد أبدية.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات حزقيال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/ezekiel/chapter-28.html

تقصير الرابط:
tak.la/vw58zx6