← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32
اَلأَصْحَاحُ الثَّانِي وَالثَّلاَثُونَ
(1) هلاك فرعون (ع1- 10)
(2) هلاك المصريين (ع11-16)
(3) تدمير الأمم القوية ( ع17-32)
1- وَكَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَشَرَةَ، فِي الشَّهْرِ الثَّانِي عَشَرَ، فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ، أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ صَارَ إِلَيَّ قَائِلًا: 2- «يَا ابْنَ آدَمَ، ارْفَعْ مَرْثَاةً عَلَى فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ وَقُلْ لَهُ: أَشْبَهْتَ شِبْلَ الأُمَمِ وَأَنْتَ نَظِيرُ تِمْسَاحٍ فِي الْبِحَارِ. انْدَفَقْتَ بِأَنْهَارِكَ، وَكَدَّرْتَ الْمَاءَ بِرِجْلَيْكَ، وَعَكَّرْتَ أَنْهَارَهُمْ. 3- هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنِّي أَبْسُطُ عَلَيْكَ شَبَكَتِي مَعَ جَمَاعَةِ شُعُوبٍ كَثِيرَةٍ، وَهُمْ يُصْعِدُونَكَ فِي مِجْزَفَتِي. 4- وَأَتْرُكُكَ عَلَى الأَرْضِ، وَأَطْرَحُكَ عَلَى وَجْهِ الْحَقْلِ، وَأُقِرُّ عَلَيْكَ كُلَّ طُيُورِ السَّمَاءِ، وَأُشْبعُ مِنْكَ وُحُوشَ الأَرْضِ كُلَّهَا. 5- وَأُلْقِي لَحْمَكَ عَلَى الْجِبَالِ، وَأَمْلأُ الأَوْدِيَةَ مِنْ جِيَفِكَ. 6- وَأُسْقِي أَرْضَ فَيَضَانِكَ مِنْ دَمِكَ إِلَى الْجِبَالِ، وَتَمْتَلِئُ مِنْكَ الآفَاقُ. 7- وَعِنْدَ إِطْفَائِي إِيَّاكَ أَحْجُبُ السَّمَاوَاتِ، وَأُظْلِمُ نُجُومَهَا، وَأُغْشِي الشَّمْسَ بِسَحَابٍ، وَالْقَمَرُ لاَ يُضِيءُ ضَوْءَهُ. 8- وَأُظْلِمُ فَوْقَكَ كُلَّ أَنْوَارِ السَّمَاءِ الْمُنِيرَةِ، وَأَجْعَلُ الظُّلْمَةَ عَلَى أَرْضِكَ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 9- وَأَغُمُّ قُلُوبَ شُعُوبٍ كَثِيرِينَ عِنْدَ إِتْيَانِي بِكَسْرِكَ بَيْنَ الأُمَمِ فِي أَرَاضٍ لَمْ تَعْرِفْهَا.10- وَأُحَيِّرُ مِنْكَ شُعُوبًا كَثِيرِينَ، مُلُوكُهُمْ يَقْشَعِرُّونَ عَلَيْكَ اقْشِعْرَارًا عِنْدَمَا أَخْطِرُ بِسَيْفِي قُدَّامَ وُجُوهِهِمْ، فَيَرْجِفُونَ كُلَّ لَحْظَةٍ، كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى نَفْسِهِ فِي يَوْمِ سُقُوطِكَ.
ع1:
ميعاد هذه النبوة كان بعد تدمير أورشليم بحوالي ثمانية أشهر (إر39: 2)، وبعد النبوة المذكورة في الأصحاح السابق بأكثر من سنة ونصف. ونلاحظ تكرار النبوات على مصر في أربع أصحاحات؛ لأن مصر تمثل الكبرياء والعناد، فليس المقصود مصر في حد ذاتها، ولكن خطية الكبرياء التي أسقطت الإنسان الأول، ومازالت تحارب كل البشر، ومسيحنا يطالبنا بوضوح أن نتعلم منه الاتضاع (مت11: 29).
ع2: اندفقت: اندفعت بشدة، وهو يتكلم عن مياه النيل.
كدرت : عكرت، أي جعلت المياه غير نقية لاختلاطها بالطين وأصبحت بالتالى غير صالحة للشرب.
في حزن يطلب الله من حزقيال أن يرفع مرثاة على فرعون مصر، وهذا يبين أبوة الله الذي يريد أن الجميع يخلصون ولا يسر بموت الخاطئ (1 تى2: 4). ويستهزئ الله بفرعون؛ لأنه ظن أنه شبل، أو أسد سيحمى الأمم المحيطة به، المتحالفة معه، ولكن في الحقيقة هو تمساح محبوس في مياه النيل، التي يشير إليها ببحاره، فهو عاجز عن إنقاذ غيره؛ لأنه ضعيف ومسجون داخل بلاده، فهو ليس أسدًا يحمى غيره، بل تمساحًا يأكل الأسماك، أي يفترس غيره لأنه أنانى. بل وأكثر من هذا أنه سبب مصائب لمصر، فهو يعكر مياهها، بمعنى أنه بدخوله في حروب وهزيمته فيها أهلك كثير من المصريين، وسبب مصائب للشعب، أي أن غرور فرعون هو وهم يحيا فيه لكبريائه، والحقيقية أنه لا يريد أن يعترف بضعفه، فيرجع إلى الله ويؤمن به، فيرحمه ويسنده.
واندفاع أنهاره، أي اندفاع فرعون في حروب غير مدروسة؛ لأنه متكبر، جعله يدخل في سلسلة هزائم، وبدلًا من أن تكون المياه مصدر بركة له ولمن حوله صارت سببًا لخسائر كثيرة؛ كل هذا بسبب الكبرياء.
ويعلن الله لفرعون أنه لم يعكر فقط أنهار مصر، أي لم يسبب مصائب لشعبه فقط، بل أيضًا عكر أنهارهم، أي أنهار الأمم المحيطة به، أو المتحالفة معه، فهو سبب متاعب للأمم الأخرى، فبدلًا من أن يتكلوا عليه، أبغضوه نتيجة ما سببه لهم من متاعب.
وفرعون هنا يرمز للشيطان في نهاية الأيام، الذي سيتحرك أثناء فترة الضيقة العظيمة ليزعج المؤمنين، ويحاول أن يساند الأشرار، ولكنه لن يفيد تابعيه، بل يقودهم للهلاك الأبدي؛ لأن سفر الرؤيا يذكر مصر مع سدوم رمزًا للكبرياء، وبالتالي استحقاقًا الهلاك (رؤ11: 8) فهو يتكلم عن الكبرياء الذي في فرعون والمصريين، والذي بسببه سيهلكون.
ع3: مجزفتى: شبكتى.
يقرر الله أنه سيأمر بإلقاء شبكته على فرعون، فالله هو المدبر والذي سمح بهجوم بابل على مصر، أي أن بابل أداة بيد الله شبهها بالشبكة. وأن هذه الشبكة، أي بابل ستهاجم، ليس فقط مصر، بل أممًا كثيرة. ولم يعد الولاء لمصر وفرعونها، فتقوم ضده الأمم المحيطة، ويساعدون بابل في إلقاء شبكتها على مصر، أي يصعدون فرعون في مجزفة، أو شبكة بابل.
فهكذا بدأت سلسلة تأديبات الله لفرعون ببسط شبكته عليه، وفى الأعداد التالية يذكر باقى التأديبات.
ع4: أقر عليك: اجعلها تستقر عليك.
التأديب الثاني من الله لفرعون، هو أن يسمح له كتمساح أن يُترك على الأرض، أي يتركه على الأرض، وليس في الماء، ويظل مطروحًا على وجه الحقل، فيموت، لأن التمساح لا يستطيع أن يعيش كل حياته خارج المياه. وقد حدث هذا فعلًا عندما سمح الله بجفاف النيل حينما لم يأت الفيضان، وهذا بالطبع سبب مجاعة لمصر أدت لخسائر كثيرة.
أما التأديب الثالث فهو أن تهجم عليه طيور السماء لتأكل جثته، بل وتستقر عليه، أي تستمر في إهلاكه ونهبه. والطيور ترمز للأمم القوية مثل بابل، أما وحوش الأرض فترمز للبلاد المختلفة التي انتهزت ضعف مصر لتنهب منها ما تستطيع.
وهكذا يهلك فرعون التمساح الكبير، وكل الأسماك المتعلقة بحراشيفه، أي الأمم المتحالفة معه، وذلك لأنهم لم يتكلوا على الله، واتكلوا على البشر.
ع5: جيفك: جثتك المتعفنة ذات الرائحة الكريهة.
أما التأديب الرابع فهو قتل الكثير من المصريين، وطرح جثثهم على الجبال وفى الأودية أيضًا، فتنبعث منهم رائحة نتنة تضايق الناس. فبعد أن كان فرعون مصدر مساندة للأمم بقوته هو وجنوده، أصبح مصدرًا لضيق الناس منه واحتقاره، وهذه هي نهاية المتكبر.
ع6: يستكمل شرح هلاك المصريين وانتشار دمائهم على الأرض، فتسقيها بدلًا من مياه النيل، والدم يرمز لانتهاء حياة الإنسان، أي هلاكه، فينشرون الموت في كل مكان بدلًا من الماء الذي هو الحياة، وذلك أيضًا بسبب الكبرياء. وانتشار الموت يكون في الوديان، وأيضًا في الجبال والآفاق، أي الأماكن المرتفعة، التي ترمز إلى الأمم الضعيفة والقوية، فالكل يتضايق من فرعون والمصريين.
يقول "فيضان دمك" إشارة إلى العقاب الشديد بهلاك الكثيرين، فكما أن فيضان الماء ينشر الخير بقوة، هكذا أيضًا عقاب الله للمتكبرين يكون بشدة.
†
الكبرياء يخدعك، فتظن أنك أقوى من غيرك والكل يحترمونك، مع أن الحقيقة أن الكبرياء تكسب بها كراهية الناس، أما بالاتضاع فتكسب محبتهم. لا تنخدع بقوتك وإمكانياتك، وأنسب المجد لله، واتضع تحت أقدام الكل، فتحيا مطمئنًا، فيحبك ويمجدك الناس.
ع7، 8: يعلن الله أنه عند إهلاكه فرعون، أي إطفاء بهائه ومجده، تظلم السماء بكل نجومها، وكذا الشمس والقمر، فيتحول فرعون من مصدر بريق وإبهار للعالم إلى مصدر ظلمة وضيق.
والكبرياء تفقد الإنسان كل نور إلهي في داخله، فتغطى على الأفكار السامية، أي السموات التي فيه، وكل قوة وإمكانية وهبها له الله لا تعمل فيه، والشمس، أي شمس البر وهو المسيح لا يكون له مكان في داخله، والقمر، أي الكنيسة التي تأخذ نورها من الشمس، أي المسيح، لا تعمل في داخله، وفى النهاية يصبح مصدر عثرة وظلمة لكل من حوله لأنه رفض الله بكبريائه.
ونلاحظ أن ظلمة الشمس والقمر والنجوم يتكلم عنها الله في نهاية الأيام كدليل على انتشار شر الإنسان، ففقد نور الله، وتعرض للعقاب الأبدي، أي تظل الكبرياء تحارب الإنسان، وإذا سيطرت عليه تهلكه في النهاية.
ع9، 10: أغم: اجعله في غمه، أي في حزن شديد.
أخطر بسيفى: ألوح بسيفى.
عندما ترى الأمم هلاك فرعون وجيشه يحزنون جدًا ويخافون لسقوط عظيمهم، خاصة عندما يموت ميتة حقيرة في بلاد غريبة. وقد حدث هذا فعلًا بموت خفرع فرعون مصر، عندما ذهب إلى ليبيا، وفشل في إعادة ملكها إلى عرشه، وطارده الليبيون، ورفض المصريون رجوعه فمات في البرية، هو وجنوده، في بلاد غريبة وليس في أرضه مصر. ويكون ملوك الأرض في خوف عندما يرون سيف بابل يهاجم مصر، بل في رعبهم يقشعرون، إذ يتوقعون هلاكهم في أي لحظة.
يرمز السيف هنا أيضًا إلى الضربات في نهاية الأيام كعقاب إلهى؛ لتدعو الناس إلى التوبة. والله يريد من هذه العقوبات أن يؤمن البشر به، ويتركوا أوثانهم الضعيفة، ويتوبوا عن خطاياهم.
11- « لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: سَيْفُ مَلِكِ بَابِلَ يَأْتِي عَلَيْكَ. 12- بِسُيُوفِ الْجَبَابِرَةِ أُسْقِطُ جُمْهُورَكَ. كُلُّهُمْ عُتَاةُ الأُمَمِ، فَيَسْلُبُونَ كِبْرِيَاءَ مِصْرَ، وَيَهْلِكُ كُلُّ جُمْهُورِهَا. 13- وَأُبِيدُ جَمِيعَ بَهَائِمِهَا عَنِ الْمِيَاهِ الْكَثِيرَةِ، فَلاَ تُكَدِّرُهَا مِنْ بَعْدُ رِجْلُ إِنْسَانٍ، وَلاَ تُعَكِّرُهَا أَظْلاَفُ بَهِيمَةٍ. 14- حِينَئِذٍ أُنْضِبُ مِيَاهَهُمْ وَأُجْرِي أَنْهَارَهُمْ كَالزَّيْتِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 15- حِينَ أَجْعَلُ أَرْضَ مِصْرَ خَرَابًا، وَتَخْلُو الأَرْضُ مِنْ مِلْئِهَا. عِنْدَ ضَرْبِي جَمِيعَ سُكَّانِهَا يَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ. 16- هذِهِ مَرْثَاةٌ يَرْثُونَ بِهَا. بَنَاتُ الأُمَمِ تَرْثُو بِهَا. عَلَى مِصْرَ وَعَلَى كُلِّ جُمْهُورِهَا تَرْثُو بِهَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ».
ع11:
يعلن الله بوضوح أن هلاك فرعون والمصريين يكون بيد بابل، التي تهزم العالم وتسيطر عليه.
ع12: عتاة
: أقوياء جدًا.يصف جنود بابل بأنهم جبابرة، فيهلكون المصريين، وبهذا تذل مصر وتفقد كبرياءها وكرامتها، ولعل هذا يقودها إلى الاتضاع والإيمان بالله.
ع13: أظلاف
: أقدام، أو حوافر الحيوانات.يمتد الإهلاك البابلي ليس للمصريين فقط، بل أيضًا لممتلكاتهم من الماشية، فلا يوجد حيوان يشرب من ماء النيل، أو يعكر الماء عندما يدخل إليه بحوافره، أي أن الهلاك سيكون شاملًا. وهلاك الإنسان والحيوان يرمز إلى هلاك النفس والجسد في الإنسان، فالكبرياء تسلب الإنسان عقله وتسئ إلى جسده، أي تخرب كل ما فيه، فتفسد أفكاره، وتسقطه في خطايا كثيرة مثل الزنى.
ع14: أنضب
: أنشف، أو أجفف.من الضربات التي يضرب بها الله مصر ألا يسمح بالفيضان، فتجف الأنهار في مصر، ويجرى الماء فيها بصعوبة كما يجرى الزيت، أي تكون المياه قليلة وضعيفة، وليست في اندفاع مياه الفيضان التي تجعل الخير يعم على مصر، وهذا يرمز إلى ضعف عمل نعمة الله للإنسان؛ لأجل كبريائه.
ع15: عندما يضرب الله مصر بيد بابل يموت الكثيرون، وتصير أرض مصر مهجورة. وحينئذ يعرف الباقون، الأحياء من المصريين صدق كلام الله على فم حزقيال، لعلهم يرجعون إليه ويؤمنون.
†
عندما تمر بك ضيقات وخسائر لا تنزعج، لأنها رسالة من الله؛ لتعتمد عليه، ولا تتكل على الماديات. وثق أن الله لا يرفض المتضعين الملتجئين إليه، بل على العكس يسندهم ويرفعهم، مهما كان ضعفهم.
ع16: الله ينظر في أبوته بحزن على هلاك مصر، فيجعل الأمم حزينة على مصر، حتى ترجع قلوبهم إلى الله.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
17- وَكَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَشَرَةَ، فِي الْخَامِسِ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ، أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ كَانَ إِلَيَّ قَائِلًا:18- «يَا ابْنَ آدَمَ، وَلْوِلْ عَلَى جُمْهُورِ مِصْرَ، وَأَحْدِرْهُ هُوَ وَبَنَاتِ الأُمَمِ الْعَظِيمَةِ إِلَى الأَرْضِ السُّفْلَى مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ.19- مِمَّنْ نَعِمْتَ أَكْثَرَ؟ انْزِلْ وَاضْطَجعْ مَعَ الْغُلْفِ. 20- يَسْقُطُونَ فِي وَسْطِ الْقَتْلَى بِالسَّيْفِ. قَدْ أُسْلِمَ السَّيْفُ. اُمْسُكُوُهَا مَعَ كُلِّ جُمْهُورِهَا.21- يُكَلِّمُهُ أَقْوِيَاءُ الْجَبَابِرَةِ مِنْ وَسْطِ الْهَاوِيَةِ مَعَ أَعْوَانِهِ. قَدْ نَزَلُوا، اضْطَجَعُوا غُلْفًا قَتْلَى بِالسَّيْفِ.22- هُنَاكَ أَشُّورُ وَكُلُّ جَمَاعَتِهَا. قُبُورُهُ مِنْ حَوْلِهِ. كُلُّهُمْ قَتْلَى سَاقِطُونَ بِالسَّيْفِ.23- اَلَّذِينَ جُعِلَتْ قُبُورُهُمْ فِي أَسَافِلِ الْجُبِّ، وَجَمَاعَتُهَا حَوْلَ قَبْرِهَا، كُلُّهُمْ قَتْلَى سَاقِطُونَ بِالسَّيْفِ، الَّذِينَ جَعَلُوا رُعْبًا فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ. 24- هُنَاكَ عِيلاَمُ وَكُلُّ جُمْهُورِهَا حَوْلَ قَبْرِهَا، كُلُّهُمْ قَتْلَى سَاقِطُونَ بِالسَّيْفِ، الَّذِينَ هَبَطُوا غُلْفًا إِلَى الأَرْضِ السُّفْلَى، الَّذِينَ جَعَلُوا رُعْبَهُمْ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ. فَحَمَلُوا خِزْيَهُمْ مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ. 25- قَدْ جَعَلُوا لَهَا مَضْجَعًا بَيْنَ الْقَتْلَى، مَعَ كُلِّ جُمْهُورِهَا. حَوْلَهُ قُبُورُهُمْ كُلُّهُمْ غُلْفٌ قَتْلَى بِالسَّيْفِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ جُعِلَ رُعْبُهُمْ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ. قَدْ حَمَلُوا خِزْيَهُمْ مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ. قَدْ جُعِلَ فِي وَسْطِ الْقَتْلَى.26- هُنَاكَ مَاشِكُ وَتُوبَالُ وَكُلُّ جُمْهُورِهَا، حَوْلَهُ قُبُورُهَا. كُلُّهُمْ غُلْفٌ قَتْلَى بِالسَّيْفِ، مَعَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا رُعْبَهُمْ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ.27- وَلاَ يَضْطَجِعُونَ مَعَ الْجَبَابِرَةِ السَّاقِطِينَ مِنَ الْغُلْفِ النَّازِلِينَ إِلَى الْهَاوِيَةِ بِأَدَوَاتِ حَرْبِهِمْ، وَقَدْ وُضِعَتْ سُيُوفُهُمْ تَحْتَ رُؤُوسِهِمْ، فَتَكُونُ آثَامُهُمْ عَلَى عِظَامِهِمْ مَعَ أَنَّهُمْ رُعْبُ الْجَبَابِرَةِ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ.28- أَمَّا أَنْتَ فَفِي وَسْطِ الْغُلْفِ تَنْكَسِرُ وَتَضْطَجعُ مَعَ الْقَتْلَى بِالسَّيْفِ.29- هُنَاكَ أَدُومُ وَمُلُوكُهَا وَكُلُّ رُؤَسَائِهَا الَّذِينَ مَعَ جَبَرُوتِهِمْ قَدْ أُلْقُوا مَعَ الْقَتْلَى بِالسَّيْفِ، فَيَضْطَجِعُونَ مَعَ الْغُلْفِ وَمَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ.30- هُنَاكَ أُمَرَاءُ الشِّمَالِ كُلُّهُمْ وَجَمِيعُ الصَّيْدُونِيِّينَ الْهَابِطِينَ مَعَ الْقَتْلَى بِرُعْبِهِمْ، خَزُوا مِنْ جَبَرُوتِهِمْ وَاضْطَجَعُوا غُلْفًا مَعَ قَتْلَى السَّيْفِ، وَحَمَلُوا خِزْيَهُمْ مَعَ الْهَابِطِينَ إِلَى الْجُبِّ.31- يَرَاهُمْ فِرْعَوْنُ وَيَتَعَزَّى عَنْ كُلِّ جُمْهُورِهِ. قَتْلَى بِالسَّيْفِ فِرْعَوْنُ وَكُلُّ جُمْهُورِهِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.32- لأَنِّي جَعَلْتُ رُعْبَهُ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ، فَيُضْجَعُ بَيْنَ الْغُلْفِ مَعَ قَتْلَى السَّيْفِ، فِرْعَوْنُ وَكُلُّ جُمْهُورِهِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ».
ع17: يحدد هنا ميعاد نبوة ثانية أعطاها الله لحزقيال، وهي بعد خمسة عشر يومًا من النبوة الأولى المذكورة في هذا الأصحاح، والتي تكلمت عن هلاك فرعون والمصريين. أما في هذه النبوة فيتكلم عن هلاك الأمم القوية في العالم آنذاك، فليس المقصود إهلاك مصر، بل كبريائها وكبرياء الأمم المتكبرة في العالم.
ع18: أحدره: أنزله إلى أسفل.
الجب : حفرة عميقة وترمز إلى الجحيم.
يطلب الله من حزقيال أن يبكى ويصرخ في حزن على هلاك المصريين وشعوب العالم المختلفة التي ستهلك بيد بابل. وعندما يموتون ينزلون إلى الأرض السفلى والجب، أي الجحيم مكان انتظار الأشرار.
الغلف : غير المختونين.
يستهزئ الله بفرعون ويسأله لماذا تكبرت وشعرت أنك متنعم وأعلى ممن حولك؟ فإنك ستهلك وتلقى جثتك على الأرض، وهذا الأمر يعتبر عارًا عند المصريين، أن لا تدفن جثة إنسان، وتسقط بالسيف، وتلقى على الأرض. ثم أن سقوط جثة فرعون ستكون بين الجنود الغلف، والأغلف محتقر أيضًا عند المصريين. والمقصود "بأسلم السيف" أي أن الله سمح لبابل أن تقتل المصريين بسيف تأديب الله. وعندما يقول "إمسكوها" يقصد مصر وكل جمهورها، أي شعبها. وبهذا ستقتل بابل جمهور المصريين، وليس فقط فرعون وبعض جنوده، أي أن الهلاك سيكون شاملًا للمصريين، وتقتل أعداد ضخمة منه.
ع21: الهاوية: الجحيم.
عندما يسقط فرعون إلى الجحيم سيلتقى بالرؤساء والقادة والعظماء من الأمم الذين هلكوا وسقطوا في الجحيم؛ لأجل شرورهم ورفضهم عبادة الله. فعندما يرونه نازلًا إلى الجحيم يصرخون استهزاءً به؛ لأنه رغم كبريائه قد سقط بينهم، وإن كان قد احتقر الغلف، فقد صار محتقرًا مثلهم، وسقط بينهم، هو وأعوانه من الأمم.
ع22، 23: أشور: الإمبراطورية التي عاصمتها نينوى على نهر دجلة في شمال العراق، والتي سيطرت على العالم.
سيلتقى فرعون عند سقوطه إلى الجحيم بالجبابرة من الأشوريين الذين سيطروا على العالم بعد مصر، وها هم الآن يقتلون بيد بابل، وينزلون بسبب شرورهم إلى الجحيم، هناك تكون قبورهم، أي مستقرهم، فيعذبون إلى الأبد.
ع24، 25: عيلام: مملكة عظيمة تقع شرق بابل، أي العراق، وكانت عاصمتها تسمى شوشن، وكان لها قوة كبيرة منذ 2000 عامًا قبل الميلاد.
عند نزول فرعون الهابط إلى الجحيم استقبله أيضًا أقوياء عيلام، الذين قتلتهم بابل، فسقطوا لأجل شرورهم إلى العذاب الأبدي وكانواغلفًا. فسقط بينهم فرعون في مهانة. وهكذا فإن الذين ازعجوا سكان الأرض بقوتهم أصبحوا مستقرين في الجحيم بخزى شديد.
ع26: ماشك وتوبال: أمتان قويتان من نسل يافث، سكنتا شرق تركيا، وكان رجالها رجال حرب معروفين في العالم، وهم أصل الدولة الروسية الحديثة.
من الجبابرة الذين في الجحيم الذين يستقبلون فرعون الساقط هو وجنوده إليهم رجال ماشك وتوبال. وهؤلاء كانوا أقوياء لدرجة أنهم أرعبوا سكان الأرض، ولكنهم سقطوا بيد بابل، ونزلوا إلى لاعذاب الأبدي.
ونلاحظ أن كل هؤلاء الذين سقطوا كانوا مرعبين، ولكن نهايتهم كانت في العذاب. فليس معنى القوة في العالم والسلطان أن الإنسان مقبول من الله، بل قد تكون سيطرته وإزعاجه لغيره سببًا في عذابه الأبدي.
†
لا تستخدم قوتك لإزعاج غيرك، فالله يراقب كل أعمالك، وسيجازيك عليها. فكن شفوقًا على الآخرين، واستخدم قوتك التي وهبها الله لك لمساعدة من حولك، فتجد راحة في السماء.
ع27، 28: عندما ينزل فرعون وجنوده إلى الجحيم لا يكونوا مع الجبابرة في الحرب من ماشك وتوبال، الذين كانوا يدفنون ويضعون سيوفهم وأسلحتهم تحت رؤوسهم دليلًا على قوتهم، بل يضطجع فرعون في مكان أحقر في الجحيم. وهؤلاء الجبابرة من الغلف، أي ليسوا من اليهود المؤمنين، مع أنهم كانوا مرعبين على الأرض، لكن أمام الله مرفوضون، فتأتى شرورهم على رؤوسهم وينزلون إلى الجحيم. وفرعون يكون مع المقتولين بالسيف، أي الأكثر حقارة في الجحيم، والمقصود أنه يُذل ليس فقط على الأرض، بل أيضًا إلى الأبد، لأجل كثرة شروره وكبريائه.
ع29: أدوم: نسل عيسو وسكنوا في سلسلة جبال سعير الممتدة جنوب بلاد اليهود من جنوب البحر الميت إلى صحراء سيناء، وتميزوا بالكبرياء والقوة العسكرية؛ لسكناهم على الجبال التي كانت حصنًا لهم.
سيقابل فرعون أيضًا في الجحيم ملوك ورؤساء أدوم المتكبرين الأقوياء، ولكنهم أشرار وغلف، فيضطجعون في الجحيم.
ع30: أمراء الشمال: الذين سكنوا شرق البحر الأبيض في منطقة فينيقيا، أي لبنان الحالية.
الصيدونيين: سكان صيدون، وهي مدينة ساحلية على البحر الأبيض في لبنان الحالية، وتميزت بالتجارة وصيد السمك، فهي من البلاد الغنية ولها قوة حربية.
سيقابل فرعون أيضًا في الجحيم رؤساء وملوك الشمال وصيدون، وقد سقطوا في الجحيم بين قتلى السيف في خزى لكثرة شرورهم. وقد شعروا أن جبروتهم على الأرض بلا قيمة، إذ يقابلهم خزى شديد في الأبدية، حيث العذاب الذي لا ينتهى.
يلاحظ أن فرعون لم يقابل في الجحيم سكان أورشليم، أي المؤمنين، بل قابل فقط الوثنيين الذين رفضوا الله بعبادتهم للأوثان وانغماسهم في سائر الشهوات.
ع31، 32: عندما يرى فرعون كل هؤلاء الشعوب الجبابرة والرؤساء والملوك في خزى ساقطين في الجحيم يتعزى، إذ ليس هو وحده في الخزى، ولكنها تعزية بلا قيمة، لأنه يظل في العذاب إلى الأبد.
كل هذه النبوة أعلنها حزقيال لتصل إلى فرعون؛ ليعرف نهايته ونهاية كل رؤساء العالم الأشرار، لعله يتوب ويؤمن بالله، ويرجع عن شروره.
← تفاسير أصحاحات حزقيال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير حزقيال 33 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير حزقيال 31 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/ezekiel/chapter-32.html
تقصير الرابط:
tak.la/x5w98v4