← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37
الآيات 1-7:- "فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ حَزَقِيَّا ذلِكَ، مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَتَغَطَّى بِمِسْحٍ وَدَخَلَ بَيْتَ الرَّبِّ. وَأَرْسَلَ أَلِيَاقِيمَ الَّذِي عَلَى الْبَيْتِ وَشِبْنَةَ الْكَاتِبَ وَشُيُوخَ الْكَهَنَةِ مُتَغَطِّينَ بِمِسْحٍ إِلَى إِشَعْيَا النَّبِيِّ ابْنِ آمُوصَ، فَقَالُوا لَهُ: «هكَذَا يَقُولُ حَزَقِيَّا: هذَا الْيَوْمُ يَوْمُ شِدَّةٍ وَتَأْدِيبٍ وَإِهَانَةٍ، لأَنَّ الأَجِنَّةَ قَدْ دَنَتْ إِلَى الْمَوْلِدِ وَلاَ قُوَّةَ لِلْوِلاَدَةِ. لَعَلَّ الرَّبَّ إِلهَكَ يَسْمَعُ جَمِيعَ كَلاَمِ رَبْشَاقَى الَّذِي أَرْسَلَهُ مَلِكُ أَشُّورَ سَيِّدُهُ لِيُعَيِّرَ الإِلهَ الْحَيَّ، فَيُوَبِّخَ عَلَى الْكَلاَمِ الَّذِي سَمِعَهُ الرَّبُّ إِلهُكَ. فَارْفَعْ صَلاَةً مِنْ أَجْلِ الْبَقِيَّةِ الْمَوْجُودَةِ». فَجَاءَ عَبِيدُ الْمَلِكِ حَزَقِيَّا إِلَى إِشَعْيَا، فَقَالَ لَهُمْ إِشَعْيَا: «هكَذَا تَقُولُونَ لِسَيِّدِكُمْ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: لاَ تَخَفْ بِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي سَمِعْتَهُ، الَّذِي جَدَّفَ عَلَيَّ بِهِ غِلْمَانُ مَلِكِ أَشُّورَ. هأَنَذَا أَجْعَلُ فِيهِ رُوحًا فَيَسْمَعُ خَبَرًا وَيَرْجعُ إِلَى أَرْضِهِ، وَأُسْقِطُهُ بِالسَّيْفِ فِي أَرْضِهِ»."
أي ملك يصل لهُ تهديد كهذا لا بُد وأن يجمع مجلس الحرب ليقرر ماذا يفعل ولكن حزقيا لهُ إله يلجأ لهُ ونبي يصلي لأجله فأرسل للنبي. ونجد هنا حزقيا متأثرًا بالإهانة التي لحقت باسم الله لذلك مزق ثيابه. ولاحظ أن الملك لم يرد على ربشاقى بل ترك الله يرد عليه فماذا نفعل أمام أعدائنا الأقوياء المتكبرين سوى أن نلجأ لله وهو القادر أن يتعامل معهم. والرسل الذين أرسلهم الملك لإشعياء هم أعلى درجة في القصر وهذا يدل على اعتبار الملك لإشعياء وهم الذين سمعوا كلام الربشاقى فهم قادرين على نقل صورة واضحة لإشعياء. ونلاحظ أن الرسل لبسوا مسوحًا كملكهم (مُتَغَطِّينَ بِمِسْحٍ) = يوم شدة وتأديب وإهانة لأن الأجنة قد دنت إلى المولد = هذا معناه أن نفوسنا مليئة بالألم للإهانة من كبرياء العدو وقد لحقنا طعنة شديدة بسبب إهانة إلهنا، وحالنا متردي جدًا ولا نرى حل مشكلتنا مع أن قضيتنا عادلة وشعبنا مؤمن ولكن هم أقوى منا ونحن في محنة. ولكن نجد هنا مفهوم روحي متقدم فهم فهموا أن هذا الألم هو تأديب فالله لا يسمح لأولاده بألم إلا لو كان لتأديبهم (عب 6:12). والآن هي لحظة مناسبة حتى نتخلص من الألم فبعد كل ألم يسمح به الله فمن المؤكد أن وراءه فرح (يو 21:16) (مثال الأم التي تلد). فالآن هو الوقت المناسب طالما سمح الله بالألم فهو يُعِدَّنا لخير كبير ونحن منتظرين هذا الجنين (أمة جديدة تم تنقيتها). لكن لاَ قُوَّةَ لِلْوِلاَدَةِ = نحن متعبين من التجربة فصلي لأجلنا حتى يساعدنا الله على إجتياز هذه الساعات المؤلمة. إذًا الصورة التي يصورها الملك لأمتهُ هي صورة لأم ولادتها متعسرة وآلام الولادة هي أصعب آلام ويطلب صلوات معونة حتى تمر هذه الأيام لتولد أمة جديدة مزدهرة في سلام وكان رد إشعياء ردًا مطمئنًا لا تخف = فربشاقى يتكلم ويجدف ويملأ الدنيا كلامًا ولكن الله حين يتدخل يرعب كل المتكبرين وها نحن سنسمع حالة الرعب التي إنتابتهم من موت 185,000 ثم يسمعون خبرًا أن ترهاقة سيهاجم أشور نفسها فيرتعبون ثم يرجع ملك أشور لأرضه ويقتله إبناه. عجيب أن يتكبر أي إنسان على الله فحزقيا إتضع أمام الله فتمجد الله ونجح، أما سنحاريب فتكبر فهزم وهلك جيشه ومات بيد إبناه من أجل البقية الموجودة = يقصد يهوذا فإسرائيل (10 أسباط) ذهبوا للسبي وضاعوا واحترقت السامرة. هم طلبوا شفاعة النبي ومن المهم أن نطلب الشفاعة لكن بدون صلاتنا فلا معنى لذلك. فهم طلبوا صلوات النبي ولكننا نجد الملك يصلي ومن المؤكد فصلاة الملك سحبت قلوب شعبه ليصلوا.
ملحوظة:-
ترهاقة كان يملك على مصر وهو ملك إثيوبي. وغالبًا خرج في هذا الوقت ليحارب أشور.
الآيات 8-19:- "فَرَجَعَ رَبْشَاقَى وَوَجَدَ مَلِكَ أَشُّورَ يُحَارِبُ لِبْنَةَ، لأَنَّهُ سَمِعَ أَنَّهُ ارْتَحَلَ عَنْ لَخِيشَ. وَسَمِعَ عَنْ تُرْهَاقَةَ مَلِكِ كُوشٍ قَوْلًا: «قَدْ خَرَجَ لِيُحَارِبَكَ». فَعَادَ وَأَرْسَلَ رُسُلًا إِلَى حَزَقِيَّا قَائِلًا: «هكَذَا تُكَلِّمُونَ حَزَقِيَّا مَلِكَ يَهُوذَا قَائِلِينَ: لاَ يَخْدَعْكَ إِلهُكَ الَّذِي أَنْتَ مُتَّكِلٌ عَلَيْهِ قَائِلًا: لاَ تُدْفَعُ أُورُشَلِيمُ إِلَى يَدِ مَلِكِ أَشُّورَ. إِنَّكَ قَدْ سَمِعْتَ مَا فَعَلَ مُلُوكُ أَشُّورَ بِجَمِيعِ الأَرَاضِي لإِهْلاَكِهَا، وَهَلْ تَنْجُو أَنْتَ؟ هَلْ أَنْقَذَتْ آلِهَةُ الأُمَمِ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَهْلَكَهُمْ آبَائِي، جُوزَانَ وَحَارَانَ وَرَصْفَ وَبَنِي عَدَنَ الَّذِينَ فِي تَلاَسَّارَ؟ أَيْنَ مَلِكُ حَمَاةَ وَمَلِكُ أَرْفَادَ وَمَلِكُ مَدِينَةِ سَفْرَوَايِمَ وَهَيْنَعَ وَعِوَّا؟» فَأَخَذَ حَزَقِيَّا الرَّسَائِلَ مِنْ أَيْدِي الرُّسُلِ وَقَرَأَهَا، ثُمَّ صَعِدَ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، وَنَشَرَهَا حَزَقِيَّا أَمَامَ الرَّبِّ. وَصَلَّى حَزَقِيَّا أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ، الْجَالِسُ فَوْقَ الْكَرُوبِيمَ، أَنْتَ هُوَ الإِلهُ وَحْدَكَ لِكُلِّ مَمَالِكِ الأَرْضِ. أَنْتَ صَنَعْتَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. أَمِلْ يَا رَبُّ أُذُنَكَ وَاسْمَعْ. اِفْتَحْ يَا رَبُّ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ، وَاسْمَعْ كَلاَمَ سَنْحَارِيبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ لِيُعَيِّرَ اللهَ الْحَيَّ. حَقًّا يَا رَبُّ إِنَّ مُلُوكَ أَشُّورَ قَدْ خَرَّبُوا الأُمَمَ وَأَرَاضِيَهُمْ، وَدَفَعُوا آلِهَتَهُمْ إِلَى النَّارِ. وَلأَنَّهُمْ لَيْسُوا آلِهَةً، بَلْ صَنْعَةُ أَيْدِي النَّاسِ: خَشَبٌ وَحَجَرٌ، فَأَبَادُوهُمْ. وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُنَا خَلِّصْنَا مِنْ يَدِهِ، فَتَعْلَمَ مَمَالِكُ الأَرْضِ كُلُّهَا أَنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ الإِلهُ وَحْدَكَ»."
ترك ربشاقى رسالته لأورشليم ولم يتلقى إجابة فترك جيشه أمام أورشليم وذهب إلى ملكه سنحاريب فوجده يحارب لبنة(ولبنة ولخيش قريبان من بعضهما وعلى جبال يهوذا).
ولبنة هذه هي التي سبق وتمردت على يهوذا. وكان سنحاريب قبلًا عند لخيش ثم ارتحل إلى لبنة ولا نعرف السبب، ربما لأنها لا تستحق ولكنه سمع عن خروج ترهاقة ليواجه جيشهم وهذا جعلهُ يتعجل إسقاط أورشليم ليتفرغ للقاء ترهاقة لذلك أعاد تهديداته لحزقيا وهو يعلم أنه شخص يمكن أن يستسلم حينما يهدده فقد فعل ذلك من قبل (2 مل 4:18). ونلاحظ كذب ربشاقى فهو يصور أنه الأقوى والذي لا مثيل له وهو خائف من أخبار ترهاقة. وهكذا الشيطان هو كذاب وأبو الكذاب ودائمًا يضخم من قدرة نفسه.
الآيات 20-34:- "فَأَرْسَلَ إِشَعْيَا بْنُ آمُوصَ إِلَى حَزَقِيَّا قَائِلًا: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي صَلَّيْتَ إِلَيْهِ مِنْ جِهَةِ سَنْحَارِيبَ مَلِكِ أَشُّورَ: قَدْ سَمِعْتُ. هذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ عَلَيْهِ: احْتَقَرَتْكَ وَاسْتَهْزَأَتْ بِكَ الْعَذْرَاءُ ابْنَةُ صِهْيَوْنَ، وَنَحْوَكَ أَنْغَضَتِ ابْنَةُ أُورُشَلِيمَ رَأْسَهَا. مَنْ عَيَّرْتَ وَجَدَّفْتَ؟ وَعَلَى مَنْ عَلَّيْتَ صَوْتًا؟ وَقَدْ رَفَعْتَ إِلَى الْعَلاَءِ عَيْنَيْكَ عَلَى قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ! عَلَى يَدِ رُسُلِكَ عَيَّرْتَ السَّيِّدَ، وَقُلْتَ: بِكَثْرَةِ مَرْكَبَاتِي قَدْ صَعِدْتُ إِلَى عُلْوِ الْجِبَالِ، إِلَى عِقَابِ لُبْنَانَ وَأَقْطَعُ أَرْزَهُ الطَّوِيلَ وَأَفْضَلَ سَرْوِهِ، وَأَدْخُلُ أَقْصَى عُلْوِهِ، وَعْرَ كَرْمَلِهِ. أَنَا قَدْ حَفَرْتُ وَشَرِبْتُ مِيَاهًا غَرِيبَةً، وَأُنَشِّفُ بِأَسْفَلِ قَدَمَيَّ جَمِيعَ خُلْجَانِ مِصْرَ. أَلَمْ تَسْمَعْ؟ مُنْذُ الْبَعِيدِ صَنَعْتُهُ، مُنْذُ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ صَوَّرْتُهُ. الآنَ أَتَيْتُ بِهِ. فَتَكُونُ لِتَخْرِيبِ مُدُنٍ مُحَصَّنَةٍ حَتَّى تَصِيرَ رَوَابِيَ خَرِبَةً. فَسُكَّانُهَا قِصَارُ الأَيْدِي قَدِ ارْتَاعُوا وَخَجِلُوا، صَارُوا كَعُشْبِ الْحَقْلِ وَكَالنَّبَاتِ الأَخْضَرِ، كَحَشِيشِ السُّطُوحِ وَكَمَلْفُوحٍ قَبْلَ نُمُوِّهِ. وَلكِنِّي عَالِمٌ بِجُلُوسِكَ وَخُرُوجِكَ وَدُخُولِكَ وَهَيَجَانِكَ عَلَيَّ. لأَنَّ هَيَجَانَكَ عَلَيَّ وَعَجْرَفَتَكَ قَدْ صَعِدَا إِلَى أُذُنَيَّ، أَضَعُ خِزَامَتِي فِي أَنْفِكَ وَلِجَامِي فِي شَفَتَيْكَ، وَأَرُدُّكَ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جِئْتَ فِيهِ. «وَهذِهِ لَكَ عَلاَمَةٌ: تَأْكُلُونَ هذِهِ السَّنَةَ زِرِّيعًا، وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ خِلْفَةً. وَأَمَّا السَّنَةُ الثَّالِثَةُ فَفِيهَا تَزْرَعُونَ وَتَحْصِدُونَ وَتَغْرِسُونَ كُرُومًا وَتَأْكُلُونَ أَثْمَارَهَا. وَيَعُودُ النَّاجُونَ مِنْ بَيْتِ يَهُوذَا، الْبَاقُونَ، يَتَأَصَّلُونَ إِلَى أَسْفَل وَيَصْنَعُونَ ثَمَرًا إِلَى مَا فَوْقُ. لأَنَّهُ مِنْ أُورُشَلِيمَ تَخْرُجُ الْبَقِيَّةُ، وَالنَّاجُونَ مِنْ جَبَلِ صِهْيَوْنَ. غَيْرَةُ رَبِّ الْجُنُودِ تَصْنَعُ هذَا. «لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ عَنْ مَلِكِ أَشُّورَ: لاَ يَدْخُلُ هذِهِ الْمَدِينَةَ، وَلاَ يَرْمِي هُنَاكَ سَهْمًا، وَلاَ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا بِتُرْسٍ، وَلاَ يُقِيمُ عَلَيْهَا مِتْرَسَةً. فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ يَرْجعُ، وَإِلَى هذِهِ الْمَدِينَةِ لاَ يَدْخُلُ، يَقُولُ الرَّبُّ. وَأُحَامِي عَنْ هذِهِ الْمَدِينَةِ لأُخَلِّصَهَا مِنْ أَجْلِ نَفْسِي وَمِنْ أَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِي»."
في (20) قد سمعت = "اسألوا تعطوا" إذًا الله لا بُد أن يستجيب للصلاة لذلك لن يجد سنحاريب سوى الخجل والاضطراب والذل والكسر وسيكون سخرية أورشليم = إستهزأت بك العذراء إبنة صهيون = هو ظن نفسه رعبًا لابنة صهيون. وبرعبه سيجعلها تستسلم ولكن هي ستحتقره وتهزأ به. فكل من يعادي الله يصير بائسًا ولا بُد أن تكون هذه الرسالة قد وصلت إلى سنحاريب بطريقة ما فهي موجهة لهُ. وفي (24،23). ترديد لكلام الكبرياء الذي كان سنحاريب يردده. أقطع أرزه الطويل = كان الملوك يكسرون الأشجار لتمر مركباتهم الحربية واشتهر ملوك أشور بهذا بل تفاخروا بقدرتهم عليه. ولكن عبارة الأرز الطويل تستخدم عادة للملوك بمعنى أنه لا ملك استطاع أن يقاومه. لم يرد في كلام سنحاريب ورسالته التي رددها ربشاقى ما ورد في الآيات 24،23 وربما قالها ولم تكتب وربما هي في قلبه والله هنا يكشف ما في القلوب فهو وحده القادر على ذلك. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وهو يحاسب على تصورات القلب وهنا يكشف الله فكر سنحاريب المتكبر وأنه يتوهم نفسه قادرًا على تذليل أي صعاب فإذا قابله جبل صعده وإذا قابله نهر جففه. حفرت وشربت مياها غريبة = هزمت بلادًا غريبة دخلتها مع جيوش وجنيت ثرواتها. أنشف بأسفل قدمي = جيوش جبارة وعديدة وجرارة وهي قادرة على شرب مياه الأنهار كلها في البلدان التي أحاصرها وأحاربها وتكون الآية (23) موجهة لملوك البلدان، وآية (24) موجهة لشعوب البلدان التي نهب ثرواتها. لا أحد يستطيع أن يقف أمامهُ أو يصمد قدام جبروته. وفي الآيات (25-28) رد الله على تصوراته ومعنى الكلام أن كل ما فعلته يا سنحاريب فعلته بمشورتي وخططي الأزلية وبدون سماحي لم تكن قادرًا على فعل شيء. ففي آية (11) كان ربشاقى يخيف حزقيا قائلًا ألم تسمع ما فعله ملوك أشور وهنا الله يقول لهُ بل إسمع ما فعلته أنا، فأنا الذي نشفت البحر امام شعبي فعلًا وهذا ما حدث مني وليس أوهام كأوهامك، وكان هذا لآتي بشعبي وأسكنه كنعان بعد أن اجتازوا مصاعب عديدة فأين ما فعلته أنت بجانب ما فعلته أنا. أما ما فعلته من خراب في أرض يهوذا فأنت ما كنت سوى آلة في يدي الله = الآن أتيت به (25).
بل كل ما فعلته كان في تصوري وإرادتي وتخطيطي منذ الأزل مُنْذُ الْبَعِيدِ صَنَعْتُهُ = وها أنت تنفذ الآن مشوراتي. فكل الأمور هي بتدبيري أزليا. وكان هذا لعقاب هذا الشعب المتمرد إسرائيل ويهوذا على شرورهم، هؤلاء الذين تراهم الآن (26) قِصَارُ الأَيْدِي قَدِ ارْتَاعُوا وَخَجِلُوا، صَارُوا كَعُشْبِ الْحَقْلِ من سكان هذه المدن التي خربتها أنت - هم أولادي - وأنا أؤدبهم بواسطتك، فأنت مجرد أداة تأديب في يدي. فهل تفتخر العصا على من يمسكها أو الفأس على الذي يمسكها (إش 15،14،13:10). وقصر أيديهم أي ضعفهم الذي تراه راجعا لخطاياهم، وقد تخليت عنهم بسببها فصاروا قصار الأيدي أي بلا قوة أمام جيشك، وخجلهم ورعبهم هذا إشارة لأن التأديب أتى بثمار جيدة وإنكسرت كبريائهم وعنادهم.
وفي (27) كل ما تفعله أنا أعرفه، هيجانك عليَّ صعد إلى أذني، ولكنك بكل قوتك تحت سيطرتي وأنا أَضَعُ خِزَامَتِي فِي أَنْفِكَ = أي مسيطر عليك تمام السيطرة. ووضع الخزامة في الأنف وهي طريقة أشورية لمعاملة الأسرى فكأن ملك اشور أسير في يد الرب يفعل إرادته. وفي (25) قوله ألم تسمع = هل لم تسمع عن النبوات التي يتنبأ بها عليك أنبيائي وهل لم تسمع ما عملته مع شعبي عبر السنين.
وابتداء من (29) كلام الرب لحزقيا. هذه لك علامة = أي علامة صلح الله مع شعبه ليطمأنوا أن الله تصالح معهم. ولاحظ إن نتاج الأرض قد إلتهمه الجيش الأشوري. والله هنا كأب حنون لن يرفع عنهم الجيش الأشوري فقط ثم يتركهم جوعى ولكنه سيدبر لهم طعامهم. إذًا هي علامة محبته وصلحه معهم.
تَأْكُلُونَ هذِهِ السَّنَةَ زِرِّيعًا = أي ما ينبت من نفسه وهذا سيبارك الله فيه فيكفيهم كلهم فإن كان الأشوريين قد أكلوا ما زرعتموه فستأكلون أنتم ما لم تزرعوه. والسنة التي بعدها ستكون سنة سبتية ومنها ترتاح الأرض فلا يزرعون ولا يفلحون ولكن الله العجيب سيعطيهم في هذه السنة أيضًا حصاد ما لم يزرعوه = في السنة الثانية خلفة = وفي السنة الثانية سيذكرون أن الله هو الذي أنبت الأرض أولًا حيث لم يكن من يزرعها (تك 11:1) وفي السنة الثالثة يعودون للزراعة وتعود الزراعة لعادتها.
وفي آية (30) يتأصلون إلى أسفل = فبعد هذه الحرب تشتتت العائلات ولكن الله سيعيدهم لأماكن سكنهم. فالنبي يشبههم بنبات لهُ جذوره الثابتة في الأرض ولهُ ثماره، أي سيثبتون ثم يزدهرون ويكون لهم ثمار نافعة للآخرين. وكل مؤمن يكون لهُ جذوره بإيمانه بالمسيح ثم يصير لهُ ثماره. وهذه هي بركات الآلام التي مروا بها وهذه هي الولادة الجديدة التي تكلم عنها حزقيا الملك.
لأَنَّهُ مِنْ أُورُشَلِيمَ تَخْرُجُ الْبَقِيَّةُ، = الذين كانوا محجوزين داخل الأسوار سيخرجون ويكون لهم حرية ولا شيء يعود يخيفهم. وقد حدث خراب كبير ولكن هناك بقية نجت.
ولكن هذه الآيات تنظر للبقية التي ستنجو من إسرائيل في الأيام الأخيرة (رو 28،27:9) وسيدخلون مجد أولاد الله وهي إشارة لأن الخلاص سيخرج من صهيون.
تعبير البقية يشير إلى:-
1. القلة من اليهود الذين يؤمنون بالمسيح عند مجيئه الأول كالتلاميذ والرسل.
2. القلة التي ستؤمن بالمسيح في نهاية الأيام قبل المجيء الثاني (رو11: 15).
الآيات 35-37:- "وَكَانَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ خَرَجَ وَضَرَبَ مِنْ جَيْشِ أَشُّورَ مِئَةَ أَلْفٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا. وَلَمَّا بَكَّرُوا صَبَاحًا إِذَا هُمْ جَمِيعًا جُثَثٌ مَيْتَةٌ. فَانْصَرَفَ سَنْحَارِيبُ مَلِكُ أَشُّورَ وَذَهَبَ رَاجِعًا وَأَقَامَ فِي نِينَوَى. وَفِيمَا هُوَ سَاجِدٌ فِي بَيْتِ نِسْرُوخَ إِلهِهِ، ضَرَبَهُ أَدْرَمَّلَكُ وَشَرَآصَرُ ابْنَاهُ بِالسَّيْفِ، وَنَجَوَا إِلَى أَرْضِ أَرَارَاطَ. وَمَلَكَ آسَرْحَدُّونُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ."
في بعض الأحيان يتأخر تنفيذ النبوات ولكن هذه النبوة تم تنفيذها في تلك الليلة. فقد تمرد سنحاريب وثار ضد خالقه فكان من العدل أن يثور ويتمرد عليه إبناه ويهلك جيشه. والسجلات المصرية تقول إن جيش ملك أشور هلك بوباء على حدود مصر، لكنهم نسبوا هذا لآلهتهم.
← تفاسير أصحاحات الملوك ثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير ملوك الثاني 20 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير ملوك الثاني 18 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/48xjs6n