← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29
الأَصْحَاحُ الثَّانِي وَالعِشْرُونَ
(1) الغِنَى الحقيقي (ع1-9)
(2) الاستقامة (ع10-16)
(3) كلام الحكمة (ع17-21)
(4) أسباب الفقر (ع22-29)
1- اَلصِّيتُ أَفْضَلُ مِنَ الْغِنَى الْعَظِيمِ، وَالنِّعْمَةُ الصَّالِحَةُ أَفْضَلُ مِنَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ. 2- اَلْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ يَتَلاَقَيَانِ، صَانِعُهُمَا كِلَيْهِمَا الرَّبُّ. 3- اَلذَّكِيُّ يُبْصِرُ الشَّرَّ فَيَتَوَارَى، وَالْحَمْقَى يَعْبُرُونَ فَيُعَاقَبُونَ. 4- ثَوَابُ التَّوَاضُعِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ هُوَ غِنًى وَكَرَامَةٌ وَحَيَاةٌ. 5- شَوْكٌ وَفُخُوخٌ فِي طَرِيقِ الْمُلْتَوِي. مَنْ يَحْفَظُ نَفْسَهُ يَبْتَعِدُ عَنْهَا. 6- رَبِّ الْوَلَدَ فِي طَرِيقِهِ، فَمَتَى شَاخَ أَيْضًا لاَ يَحِيدُ عَنْهُ. 7- اَلْغَنِيُّ يَتَسَلَّطُ عَلَى الْفَقِيرِ، وَالْمُقْتَرِضُ عَبْدٌ لِلْمُقْرِضِ. 8- الزَّارِعُ إِثْمًا يَحْصُدُ بَلِيَّةً، وَعَصَا سَخَطِهِ تَفْنَى. 9- اَلصَّالِحُ الْعَيْنِ هُوَ يُبَارَكُ، لأَنَّهُ يُعْطِي مِنْ خُبْزِهِ لِلْفَقِيرِ.
ع1:
الصيت والسمعة الطيبة أفضل من الغنى العظيم، لأن الغنى يتغير مع الزمن ويزول، أما الصيت فيستمر حتى بعد موت الإنسان، وهو قدوة حسنة لكل من يسمع به، فيمجد الله.أيضًا النعمة الصالحة، وهي نعمة الله على أولاده التي تساندهم وتعينهم في كل احتياجاتهم، فهي أفضل من الذهب والفضة؛ لأنهما يزولان ويتغيران، أما نعمة الله فتظل ثابتة إلى الأبد.
لم يكن مع بطرس ويوحنا ما يقدمانه لمقعد باب الجميل، لكن كانت معهما نعمة الله التي أقاما بها المقعد (أع3: 6).
ع2:
توضح هذه الآية أن المجتمع قسمان؛ الأغنياء والفقراء، وهما يلتقيان معًا في الأعمال، إذ أن الغنى محتاج للفقراء أن يعملوا عنده في المزارع والمصانع والأعمال المختلفة، والفقراء محتاجون أن يعملوا عند الغنى ليجدوا قوتهم، وكل فئة منهم تحتاج للفئة الأخرى، ولا تستطيع فئة أن تعيش بدون الأخرى. والغنى لابد أن يهتم بالفقراء ويعطف عليهم ويعطيهم أجرتهم بالعدل والرحمة. والفقراء لابد أن يعملوا بأمانة عند الأغنياء ولا يحقدوا عليهم لغناهم.وكلاهما؛ الغنى والفقير صانعهما الله، فهما متساويان أمام الله، ولا يتقدم أحدهما على الآخر، إلا بصلاحه وأمانته، ومحبته للآخر.
ع3: الذكى وهو الحكيم عندما يرى الشر يهرب منه، ويلتجئ إلى الله ليحميه، فينجو من الشر.
أما الحمقى، وهم البعيدون عن الله، يندفعون للشر بدون حذر، ويعبرون إليه، فيسقطون فيه، ويعاقبهم الله لشرهم، وإن تمادوا في الشر فنهايتهم الهلاك الأبدي.
فنوح كان ذكيًا والتجأ إلى الله ودخل الفلك، فنجا من الطوفان، هو وعائلته. ومن ناحية أخرى فإن فرعون يمثل الحمقى الذين يصرون على العبور إلى الشر، وقساوة القلب، فغرق في البحر الأحمر هو وكل جيشه.
: جمع فخ وهو المصيدة.
تدعو هذه الآية للتمسك بالتواضع ومخافة الرب. فمن يعرف أنه في نفسه لا شيء، ولكن بقوة الله يستطيع كل شيء، ويخاف الله، فيبتعد عن كل شر، فالله يكافئه بالغنى والكرامة والحياة؛ جزئيًا على الأرض، وبالكمال في السماء.
وعلى العكس، من يسلك بالالتواء والغش والخداع، فإن طريقه يمتلئ بالعقبات والمشاكل، التي يرمز إليها بالشوك، هكذا أيضًا حروب إبليس التي يرمز إليها بالفخوخ. فتدعو الآية أولاد الله الحكماء ليبتعدوا عن الإلتواء، حتى لا يسقطوا في شباك إبليس وخطاياه المتنوعة.
والخلاصة، فإن الآيتين تشجعان على التواضع والصدق والمخافة، والأمانة في كل حياتنا.
ع6: هذه الآية تنادى الآباء والأمهات للعناية بتربية أبنائهم. وتربيتهم تكون في الطريق التي تناسب الأبناء، وهي طريق الله الذي يناسب في تفاصيله ميول كل إنسان، كما ذكرت الآية "طريقه" وليس الطريق الذي يشتهيه الأب، أو الأم، فكل إنسان له هواياته، وميوله التي ينجح فيها.
إذا أحب الابن طريق الله، وتربى، وتعلم ما يحتاجه ويناسبه، فإنه يكون مقتنعًا به، ويتمسك بهذا الطريق طوال حياته، فينجح ويثبت في حياته مع الله.
ع7: الغنى لأن له أموال كثيرة، إذ هو صاحب المزارع، أو المصانع، أو الأعمال المختلفة، فهو يقود الفقراء، وله سلطان عليهم؛ ليتمم نجاح العمل الذي يعملونه. ويلزم أن يكون الغنى مترفقًا في قيادته وتسلطه على الفقراء، فيقودهم بحكمة، وأيضًا برحمة، ويلزم أيضًا أن يخضع الفقراء لقيادة الغنى، ويكونون أمناء في أعمالهم، فلا يتمردون عليه، ولا يتكاسلون في أعمالهم.
والفقير قد يواجه مشاكل مالية فيقترض من الغنى، وإن كان المقرض الغنى له سلطان وسيادة على المقترض، ولكن ينبغى أن يترفق به. ومن ناحية أخرى لا يصح أن يأخذ المقترض أموالًا ليصرفها في لذاته؛ لأنه سيظل مديونًا دائمًا، أما إن كان لضرورة فهذا احتياج مؤقت، ويمكن تسديده.
وإن كان المقترض، أو الفقير يؤمن بالله، ويحيا معه، فله حرية روحية، وعلاقة قوية مع الله تسنده، فلا يتضايق من تسلط الغنى، أو سيادة المقرض، والله سيعطيه حكمة، فنادرًا ما يقترض، إذ أن الله سيرشده لضبط نفقات معيشته.
ع8، 9: الذى يستخدم سلطانه، فيعمل الإثم غير خائف من الله، فإنه تأتى عليه مصائب جراء شره. فإن كان يستخدم سلطانه في الغضب على الآخرين، فإنه يفقد هذا السلطان، ولا يصير لغضبه آية قيمة، كما تسلط هيرودس على الصيدونيين، وتكبر عندما دعوه إلهًا فأكله الدود وهو حى (أع12: 23).
من ناحية أخرى الإنسان الذي يستخدم مركزه وأمواله في الصلاح، ويعطى الآخرين، يباركه الله ببركات عظيمة، مثل داود الذي انتصر على كل أعدائه، وصار قلبه مثل قلب الله، وأتى المسيح من نسله (أع13: 22).
† استخدم إمكانياتك بأمانة لأجل الله، فلا تصنع الشر ولو خفية، ولكن قدم محبتك لمن حولك، وساعد كل محتاج، فيباركك الله في الأرض وفى السماء.
10- أُطْرُدِ الْمُسْتَهْزِئَ فَيَخْرُجَ الْخِصَامُ، وَيَبْطُلَ النِّزَاعُ وَالْخِزْيُ. 11- مَنْ أَحَبَّ طَهَارَةَ الْقَلْبِ، فَلِنِعْمَةِ شَفَتَيْهِ يَكُونُ الْمَلِكُ صَدِيقَهُ. 12- عَيْنَا الرَّبِّ تَحْفَظَانِ الْمَعْرِفَةَ، وَهُوَ يَقْلِبُ كَلاَمَ الْغَادِرِينَ. 13- قَالَ الْكَسْلاَنُ: «الأَسَدُ فِي الْخَارِجِ، فَأُقْتَلُ فِي الشَّوَارِعِ!». 14- فَمُ الأَجْنَبِيَّاتِ هُوَّةٌ عَمِيقَةٌ. مَمْقُوتُ الرَّبِّ يَسْقُطُ فِيهَا. 15- اَلْجَهَالَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِقَلْبِ الْوَلَدِ. عَصَا التَّأْدِيبِ تُبْعِدُهَا عَنْهُ. 16- ظَالِمُ الْفَقِيرِ تَكْثِيرًا لِمَا لَهُ، وَمُعْطِي الْغَنِيِّ، إِنَّمَا هُمَا لِلْعَوَزِ.
ع10:
تبين هذه الآية خطورة المستهزئ؛ وهو الذي يتكلم بسخرية واستهزاء، ويقاوم الخير، وتعليم الكنيسة، والحق بكل شكل، ويستتر وراء التهكم ليجذب سامعيه إلى الضحك على الناس والإدانة. فهذا يحدث مشاكل كثيرة منها:الخصام
النزاع
الخزى
هذا المستهزئ تنص الشريعة على رجمه (تث17: 2-5). وفى العهد الجديد توصى الكنيسة بعزله حتى لا يفسد العجين كله، فهو خميرة فاسدة (1 كو5: 11-13) ويجب الابتعاد عنه (تى3: 10).
ع11: تظهر هذه الآية أهمية طهارة القلب ونقاوته، وذلك لما يلي:
تعطي صاحبها نعمة عند افتتاح فمه
يحب الملوك أن يجالسوه
طاهر القلب يعاين الله
ع12: الله هو ضابط الكل، الذي يحب الحق ويكره الشر. نرى عمله في اتجاهين:
يحفظ المعرفة الحقيقة
يقلب كلام الغادرين
ع13: الكسل مرض روحي خطير، ومرض نفسى؛ لأنه يجعل صاحبه يتخيل خيالات غير حقيقية، فيرى الناس والمشاكل مثل أسود ستفترسه، إذا خرج للعمل، وسار في الشوارع، فينعزل في بيته، ولا يعمل شيئًا، وبالتالي يسقط في خطايا لا حصر لها؛ لأنه ابتعد عن العمل وصنع الخير.
والخلاصة، أن الله يدعونا للعمل، وتحمل المسئوليات، بل يقول الكتاب المقدس: "إن كان أحد لا يريد أن يشتغل فلا يأكل أيضًا" (2 تس3: 10).
ع14: هوة
: حفرة.ممقوت : مكروه.
تحذرنا هذه الآية من فم المرأة الأجنبية، أي الغريبة عن الله، فهي شريرة تخدع من يستمع إليها، فيسقط في الخطية، وكلماتها الحلوة مملوءة سمًا، تغرى به الجهال. وكل من يبتعد عن وصايا الله يصبح ضعيفًا وشريرًا، فيكرهه الله ويسقط في هذه الهوة.
والأمثلة كثيرة عن هذه المرأة الأجنبية؛ مثل نساء سليمان اللواتى أملن قلبه عن عبادة الله (1 مل11: 4)، وإيزابل الملكة التي أضلت مملكة إسرائيل بعبادة البعل (1 مل18: 19)، ودليلة التي أسقطت شمشون، فقبضوا عليه وفقأوا عينيه (قض16: 18).
ع15: الولد؛ أي الابن الصغير في السن معرض للسقوط في تصرفات جهل أكثر من الكبير، وقلبه وفكره يميل إليها؛ إذ يظنها حسنة؛ لعدم إدراكه، مع أنها تبعده عن الله، ولذا فهو محتاج لنصائح وإرشاد الوالدين؛ لتوجيهه للطريق السليم.
ولكن إن تمرد، أو رفض الابن طريق الله، يحتاج للتأديب، الذي يُرمز إليه بالعصا. وليس المقصود فقط التأديب البدنى بالضرب، ولكن التأديب عمومًا بأى شكل يفيد الابن؛ لينتبه ويعود للسلوك السليم.
هذا التأديب يكون مقترنًا بالحب الأبوى، فيكون مقبولًا؛لأن حنان الأبوة يجعل الابن مستعدًا للتأديب، سواء بالحرمان، أو بالتوبيخ، أو بأية وسيلة مناسبة.
هذا ما يفعله الله معنا، فيؤدبنا ولكن بأبوته وحنانه، فلا يزيد التأديب عن طاقتنا، ولا يقل فنتهاون. ومثال للابن الذي لم ينل التأديب الكافى، أبشالوم الذي كان معجبًا بشكله وطول شعره، وتمرد على أبيه، وخدع الناس ليستولى على الحكم، ويطرد أباه، بل ويحاول قتله.
ع16: تحذر هذه الآية من ظلم الأغنياء للفقراء، حتى يزيدوا ويكثروا من أموالهم؛ هذا الأمر مرفوض بشدة من الله، إذ فيه قسوة واستغلال، وأنانية.
وكذلك من يعطى هدايا للأغنياء ليتملقهم، ويصير له مكانة عندهم؛ هذا أيضًا أمر ردئ؛ لأنه لا يطلب الحق، بل يبحث عن مصالحه الشخصية، فيكثر الهدايا للأغنياء؛ ليعطوه فرصًا لمكاسب أكبر.
هذان الإثنان؛ ظالم الفقير ومعطى الغنى يتعرضان للفقر والاحتياج، إذ يتخلى الله عنهما، ويفقدان نعمته؛ لعلهما يتوبا.
† راجع كل يوم نفسك قبل أن تنام؛ لتعرف بماذا أرضيت الله؟ وبماذا أحزنته؟ وتشكر الله على معونته لك؛ لتفعل الخير، وتقدم توبة عن خطاياك التي أغضبته، فتنال غفرانًا وتنام مستريحًا.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
17- أَمِلْ أُذْنَكَ وَاسْمَعْ كَلاَمَ الْحُكَمَاءِ، وَوَجِّهْ قَلْبَكَ إِلَى مَعْرِفَتِي، 18- لأَنَّهُ حَسَنٌ إِنْ حَفِظْتَهَا فِي جَوْفِكَ، إِنْ تَتَثَبَّتْ جَمِيعًا عَلَى شَفَتَيْكَ. 19- لِيَكُونَ اتِّكَالُكَ عَلَى الرَّبِّ، عَرَّفْتُكَ أَنْتَ الْيَوْمَ. 20- أَلَمْ أَكْتُبْ لَكَ أُمُورًا شَرِيفَةً مِنْ جِهَةِ مُؤَامَرَةٍ وَمَعْرِفَةٍ؟ 21- لأُعَلِّمَكَ قِسْطَ كَلاَمِ الْحَقِّ، لِتَرُدَّ جَوَابَ الْحَقِّ لِلَّذِينَ أَرْسَلُوكَ.
ع17: يبدأ سليمان من هذه الآية حتى نهاية الأصحاح الرابع والعشرين حديثًا إلى ابنه، أو تلميذه الروحي؛ ليعلمه أمورًا كثيرة تنفعه في حياته.
تظهر هذه الآية أهمية تعلم الحكمة ومعرفة الله لما يلي:
كل إنسان محتاج أن يتعلم الحكمة؛ لأنه ليس كامل إلا الله وحده، الذي لا يحتاج إلى التعلم.
الذى يهتم بكلام الحكماء هو إنسان متضع، فيهبه الله، لاتضاعه حكمة أكبر، ويصير متميزًا عمن حوله.
الإنسان المنفرد في البرية، أي الراهب، يحتاج إلى الإرشاد؛ حتى لا يضله الشيطان.
الكاهن وكل إنسان مسئول يحتاج أكثر من غيره لتعلم الحكمة؛ حتى يعرف طريقه ويرشد غيره.
من هذا نفهم أهمية الحكمة التي تفوق جميع مقتنيات العالم. وكل من يرتبط بها يحيا مطمئنًا؛ لأنه يسلك في طريق الله.
ع18: إن حفظ الحكمة في داخل جوف الإنسان، أي في عقله وقلبه، تجعله يحيا بها، فتكون كل أعماله بحسب مشيئة الله.
وإن كانت الحكمة في جوف الإنسان، فهي تظهر أيضًا على شفتيه، فيكون كلامه بحكمة؛ ليعلن الله لمن حوله ويرشدهم، فيكون نورًا للعالم بقدوته، وبكلامه أيضًا.
ع19: يؤكد سليمان لابنه أنه قد عرفه طريق الحكمة ليحيا بها، وتكون ثابتة في قلبه، وبالتالي يعرف أن الله هو كل شيء، فيتكل عليه، ويثق بقدرته، فيكون مطمئنًا في كل خطواته.
ع20: شريفة
: عظيمة وسامية وهامة.مؤامرة : المقصود بالكلمة مشورة.
يؤكد سليمان على ابنه ما كتبه له من حكمة دعاها أمورًا شريفة ومشورة ومعرفة؛ حتى يتمسك بها، فتتحول إلى تطبيق في حياته.
والأصل العبري لهذه الآية يعنى أن سليمان كتب لابنه في ثلاثة طرق، أو للمرة الثالثة. ولعل المقصود ما كتبه سليمان من أسفار عن الحكمة، ويقصد بها أسفار الأمثال والجامعة والحكمة، وكلها تتكلم عن إرشادات مملوءة بالحكمة. وهذه الكتابات مملوءة إرشادًا ومعرفة تهدى أقدامنا إلى طريق الله، وترشدنا في نواحى الحياة المختلفة.
ع21: قسط
: إناء لحفظ السوائل، والمقصود الثقة في حقيقة الحكمة التي يمكن أن يمسك بها الإنسان ويحيا بها.إن الحكمة حقيقة لابد أن يمسك بها الإنسان، ويحيا بها، بل يعلنها لمن أرسله ليتعلم المعرفة. وهكذا يوصى سليمان بنشر الحكمة، إذ يعلم كل واحد الآخر، وكل من يطلب الحكمة تصل إليه، فيحيا مع الله.
كان الناس قديمًا يرسلون أشخاصًا ليتعلموا الحكمة، ويسألوا عن المعرفة، ويبلغوها لهم. كما أرسل والى كيريت ابن اخته تيطس إلى بولس ليعرف حقيقة المسيح الذي يبشرون به، فآمن على يد بولس، وعاد إلى كيريت ونشر الإيمان به (تى1: 5).
† ما أحلى أن تطلب الإرشاد من أب اعترافك، ومن كل إنسان روحي. فمن أجل محبتك لله واتضاعك يكشف لك الله أمورًا كثيرة عنه، فتفرح وتتمتع بعشرته.
22- لاَ تَسْلُبِ الْفَقِيرَ لِكَوْنِهِ فَقِيرًا، وَلاَ تَسْحَقِ الْمِسْكِينَ فِي الْبَابِ، 23- لأَنَّ الرَّبَّ يُقِيمُ دَعْوَاهُمْ، وَيَسْلُبُ سَالِبِي أَنْفُسِهِمْ. 24- لاَ تَسْتَصْحِبْ غَضُوبًا، وَمَعَ رَجُل سَاخِطٍ لاَ تَجِيءْ، 25- لِئَلاَّ تَأْلَفَ طُرُقَهُ، وَتَأْخُذَ شَرَكًا إِلَى نَفْسِكَ. 26- لاَ تَكُنْ مِنْ صَافِقِي الْكَفِّ، وَلاَ مِنْ ضَامِنِي الدُّيُونِ. 27- إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ مَا تَفِي، فَلِمَاذَا يَأْخُذُ فِرَاشَكَ مِنْ تَحْتِكَ؟ 28- لاَ تَنْقُلِ التُّخْمَ الْقَدِيمَ الَّذِي وَضَعَهُ آبَاؤُكَ. 29- أَرَأَيْتَ رَجُلًا مُجْتَهِدًا فِي عَمَلِهِ؟ أَمَامَ الْمُلُوكِ يَقِفُ. لاَ يَقِفُ أَمَامَ الرَّعَاعِ!
ع22، 23: تحذر هذه الآية من استغلال ضعف الفقير، وعجزه عن الدفاع عن نفسه لضعف إمكانياته، فتسلبه أمواله وممتلكاته القليلة، كما فعل داود بزناه مع امرأة أوريا الحثى، وكما أوضح له ناثان النبي ذلك (2 صم12: 3-7).
وتحذر أيضًا الآية من ظلم الفقير وسحقه عند باب المدينة، حيث يجلس القضاة ليحكموا في كل أمور المدينة، فلا يستغل القضاة ضعف الفقير ويحكموا عليه ظلمًا إرضاءً للغنى، فهذا ظلم فاحش.
لكن الرجاء في الله المدافع عن الفقراء، فهو الذي ينصفهم، بل يسلب من سلبوهم وظلموهم، فيأتى شرهم على رؤوسهم. والظالمون يظنون أنهم أقوياء، ويذلون الفقراء، وينسون أن إلههم قاضى القضاة وملك الملوك، الذي ينتقم لهم من الظالمين، كما حدث مع آخاب وإيزابل اللذين حكما على نابوت ظلمًا بالموت، فأتى قضاء الله عليهما بأنه حيث لحست الكلاب دم نابوت، لحست أيضًا دم آخاب وإيزابل بعد موتهما (1 مل21: 19؛ 2 مل 9: 36).
: تعتاد.
شركًا : فخًا.
صداقة الغضوب تجعل الإنسان يتأثر بغضبه، ويغضب مثله. وعندما يسخط؛ أي يغضب بشدة، ينفعل الإنسان بغضب شديد، كما فعل صاحبه الغضوب، وهكذا يتعود الإنسان الغضب، ويصبح الغضوب فخًا لمن يصاحبه، ويصير غضوبًا مثله.
يفهم من هذه الآية أهمية اختيار الصديق لتكون له طباع حسنة؛ لأن الإنسان يتأثر بطباع من يصادقه (1 كو15: 33). وحتى يسلك الإنسان بتدقيق ونقاوة، يلزمه الابتعاد عن الأصدقاء ذوى الطباع الشريرة الواضحة، خاصة الغضب والنجاسة.
ع26، 27: تؤكد هذه الآية ما ذكر في (أم 6: 1؛ 17: 18) بخصوص عدم التسرع في ضمان أي إنسان اقترض مالًا من غيره. وقد كانت العادة قديمًا أن الضامن يصفق بيديه، إعلانًا عن قبوله ضمان غيره.
هذا التسرع يسقط الإنسان في مشاكل كثيرة، فإن لم يكن عند الضامن ما يفى به من المال، فتؤخذ حاجياته الضرورية منه، مثل فراشه، وإن كان عنده فسيخسر كثيرًا.
لذا فالأفضل أن تعتذر عن ضمان غيرك، وتساعده بالمقدار الذي تستطيعه من المال.
ع28: أوصت شريعة موسى بالمحافظة على التخم، أى حدود الأرض التي يعطيها الله لكل سبط في أرض كنعان (تث19: 14). وهذه الآية تؤكد نفس المعنى. والمقصود الأمانة في المحافظة على ما وهبه الله لنا، وأيضًا عدم الطمع في ممتلكات الغير، فننقل العلامات الموضوعة في أطراف الأرض (التخم) لنستولى على أراضي جيراننا.
والمعنى الروحي أن يحافظ الإنسان على الإمكانيات التي وهبها الله له، وكل فضيلة يتمتع بها في وزنات من الله يتاجر بها.
وعدم نقل التخم القديم يعنى المحافظة على الإيمان وكل ما تسلمناه من التقليد المقدس ومن الآباء، ِأى التطبيق العملى للإيمان، والطقوس المختلفة، فهي التي تحفظ حياتنا في المسيح يسوع.
ويحافظ الإنسان أيضًا على ميراثه الأبدي، فلا يضيعه بالتهاون مع الخطايا وتضييع الوقت، والانشغال عن الله.
ويعنى أيضًا نقل التخم هو عدم المغالاة في أية فضيلة، أو ممارسة روحية؛ لئلا ينحرف الإنسان عن هدفه، أو يسقطه الشيطان في التذمر، فيتوقف عن ممارساته الروحية، مثل الصلاة، أو الصوم ..
وقد سقط أحد الشمامسة السبعة في هذه الخطية وهو نيقولاوس، الذي نادى بالتعفف الزائد عن الزوجة، فسقط في الزنى مع نساء أخريات. وحذر الله من هذه البدعة بوضوح في سفر الرؤيا (رؤ2: 6).
ع29: الرعاع
: الناس القليلى الشأن والغوغاء.يختم هذا الإصحاح بالدعوة إلى الاجتهاد، أي الأمانة في كل أعمال الإنسان الروحية والمادية إرضاءً لله.
والمجتهد ينال نعمة أن يقف أمام الملوك، وليس أمام الرعاع، أي ينال شرف ومكانة في المجتمع.
المجتهد في حياته الروحية ينال نعمة الوقوف أمام ملك الملوك في ملكوت السموات، ولا يقف أمام الشياطين والعذاب الأبدي، والذين يرمز إليهم بالرعاع.
† اعرف إمكانياتك، واشكر الله عليها، وكن أمينًا ومجتهدًا في كل وسيلة توصلك لله، وتخدم بها الآخرين، فيفرح الله بك، ويباركك، ويكشف لك عن نفسه، فتعرفه وتتمتع بعشرته، وتكون أهلًا لملكوت السموات.
← تفاسير أصحاحات أمثال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أمثال سليمان 23 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير أمثال سليمان 21 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/proverbs/chapter-22.html
تقصير الرابط:
tak.la/9n5pq5v