← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18
الأَصْحَاحُ التَّاسِعُ
(1) مائدة الحكمة (ع1-6)
(2) تعليم الحكيم والمستهزئ (ع7-12)
(3) مصيدة المرأة الشريرة (ع13-18)
1- اَلْحِكْمَةُ بَنَتْ بَيْتَهَا. نَحَتَتْ أَعْمِدَتَهَا السَّبْعَةَ. 2- ذَبَحَتْ ذَبْحَهَا. مَزَجَتْ خَمْرَهَا. أَيْضًا رَتَّبَتْ مَائِدَتَهَا. 3- أَرْسَلَتْ جَوَارِيَهَا تُنَادِي عَلَى ظُهُورِ أَعَالِي الْمَدِينَةِ: 4- «مَنْ هُوَ جَاهِلٌ فَلِيَمِلْ إِلَى هُنَا». وَالنَّاقِصُ الْفَهْمِ قَالَتْ لَهُ: 5- «هَلُمُّوا كُلُوا مِنْ طَعَامِي، وَاشْرَبُوا مِنَ الْخَمْرِ الَّتِي مَزَجْتُهَا. 6- اُتْرُكُوا الْجَهَالاَتِ فَتَحْيَوْا، وَسِيرُوا فِي طَرِيقِ الْفَهْمِ».
ع1:
الحكمة التي هي الله بنت بيتها، والمقصود تجسد المسيح في ملء الزمان. أما الأعمدة السبعة التي نحتتها فهي تقديم الروح القدس، الذي يرمز إليه الرقم 7، ليعطى الحياة للعالم كله.والحكمة هي المسيح الأقنوم الثاني، الذي بنى بيته، أي الكنيسة، ونحت أعمدتها السبعة، أي السبعة أسرار، التي هي أساس عمل الروح القدس في المؤمنين.
والحكمة أيضًا هي المسيح الأقنوم الثاني، الذي بنى بيته، أي المؤمنين بإسمه في الكنيسة. والأعمدة السبعة التي ترمز للكمال، المقصود بها جمع المؤمنين بالكمال من كل أرجاء المسكونة، وتنميتهم في الروح ليكونوا كاملين في المسيح.
معنى هذا أن سليمان رأى بروح النبوة خلاص المسيح الذي سيتم في ملء الزمان، وكنيسة العهد الجديد.
ع2: مزجت خمرها: مزج الخمر ببعض الأطياب، فتصير رائحتها جميلة، وهي خمر لإنعاش النفس وليس للخلاعة والسكر. وهي رمز لعمل الروح القدس في الكنيسة، ليفرح قلوب المؤمنين.
الحكمة ذبحت ذبحها، والمقصود ذبيحة العهد الجديد، أى جسد الرب. والخمر الممزوجة هي الخمر التي توضع في الكأس ممزوجة بالماء، على مثال خروج دم وماء من جنب المسيح المصلوب. ورتبت مائدتها، أي مذبح العهد الجديد، ليأكل المؤمنون جسد الرب ودمه، فيحيوا ويثبتوا فيه.
الحكمة عندما تذبح ذبحها، هذا يرمز للشبع الروحي الذي تعطيه الحكمة لطالبيها. والخمر الممزوجة ترمز للفرح الذي تهبه الحكمة لأولادها. ومائدتها التي رتبتها، والتي عليها أنواعٌ كثيرة من الحكمة، هي هبات الحكمة لمن يطلبونها. ذبحت الحكمة ذبحها، ترمز بهذا لكل الأنبياء الذين استشهدوا من أجل إعلان الحكمة، أي الله، ونبوة عن كل شهداء العهد الجديد، وهذا كان مفرحًا لقلب الله، هذا الفرح هو الذي ترمز إليه الخمر. وهكذا رتبت الحكمة مائدتها في السماء من نفوس الشهداء في العهدين القديم، والجديد، فهذه النفوس هي التي تجاوبت مع الحب الإلهي، الذي ارتفع عاليًا على الصليب.
ع3: كانت هناك عادة شرقية قديمة بإرسال الجوارى لدعوة الناس إلى الولائم. فالحكمة أرسلت خدامها؛ ليدعوا الناس إلى وليمتها. هؤلاء الخدام في العهد القديم هم الأنبياء، وفى العهد الجديد التلاميذ، والأساقفة والكهنة وكل الخدام.
الإعلان عن وليمة الحكمة كان واضحًا، إذ كان على ظهور أعالى المدينة، أي فوق الجبال والأماكن العالية؛ ليبين أن الدعوة كانت للجميع ليأتوا، ويؤمنوا بالله، ويحيوا معه.
ع4-6: نادت الحكمة بواسطة خدامها على الجهال الذين يشعرون بعدم فهمهم، والناقصى الفهم، أي الذين يشعرون بضعف فهمهم، هؤلاء جميعًا يشعرون بحاجتهم إلى الحكمة، ولذا سيسمعون باهتمام مناداة الحكمة لهم؛ ليأتوا ويأكلوا من ذبيحتها، ويشربوا خمرها. وكما قلنا فمائدة الحكمة ترمز إلى المذبح وسر التناول.
وبعد أن يتمتعوا بالأسرار المقدسة، يتركون الجهالات ليحيوا، ويسيروا في طريق الفهم. وهذا ما يحدث بعد التناول، إذ يسلك الإنسان بنقاوة، ويقترب أكثر إلى الله، ويعمل الخير، كما كان اليهود في العهد القديم بعد أن يأكلوا الفصح، الذي يرمز للتناول، يأكلون السبعة أيام التالية من الفطير الذي يرمز للحياة النقية (خر12: 8).
والخلاصة أن كل إنسان متضع تائب سيشعر باحتياجه إلى التناول، والتلمذة الروحية على الكنيسة وتعاليمها؛ ليعرف كلمة الله، ويحيا بها، ويقضى يوم التناول والأيام التالية في حياة روحية أعمق.
†
الله يناديك لتتمتع بأعظم طعام في العالم، وهو جسده ودمه، وسبيلك إلى هذا الطعام هو التوبة والاعتراف، فتجد حياتك، وتقترب إلى الله. فاحرص على التناول بكل طاقتك قدر ما تستطيع.
7- مَنْ يُوَبِّخْ مُسْتَهْزِئًا يَكْسَبْ لِنَفْسِهِ هَوَانًا، وَمَنْ يُنْذِرْ شِرِّيرًا يَكْسَبْ عَيْبًا. 8- لاَ تُوَبِّخْ مُسْتَهْزِئًا لِئَلاَّ يُبْغِضَكَ. وَبِّخْ حَكِيمًا فَيُحِبَّكَ. 9- أَعْطِ حَكِيمًا فَيَكُونَ أَوْفَرَ حِكْمَةً. عَلِّمْ صِدِّيقًا فَيَزْدَادَ عِلْمًا. 10- بَدْءُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ، وَمَعْرِفَةُ الْقُدُّوسِ فَهْمٌ. 11- لأَنَّهُ بِي تَكْثُرُ أَيَّامُكَ وَتَزْدَادُ لَكَ سِنُو حَيَاةٍ. 12- إِنْ كُنْتَ حَكِيمًا فَأَنْتَ حَكِيمٌ لِنَفْسِكَ، وَإِنِ اسْتَهْزَأْتَ فَأَنْتَ وَحْدَكَ تَتَحَمَّلُ.
ع7-9: يعلن سليمان في هذه الفقرة من (ع7-12) أن البشر نوعان:
الحكماء الذين يشعرون في اتضاع بجهلهم واحتياجهم لتعلم الحكمة.
الأشرار، وهم يشعرون في كبرياء أنهم يعرفون كل شئ، ولا يحتاجون للتعلم، فيستهزئون بأى تعليم يصل إليهم.
وبهذا لا ينزعج خدام الله لرفض الأشرار توبيخهم وإنذارهم لهم. فإن الأشرار يردون على الأنبياء والخدام بأن يسيئوا إليهم، ويستهزئوا بهم، ويهينونهم،ويصفونهم بأنهم يتكلمون كلامًا خاطئًا، وعيبًا.
ولكن يعود سليمان فيعطى للخدام رجاءً في أن أناس سيسمعونهم، وهم الحكماء، الذين سيحبون من يعلمهم، ويزداد فهمهم، وعلمهم. وذلك بخلاف المستهزئين الذين يبغضون من يعلمهم.
من هذا نفهم أن الحكيم سيزداد حكمة، والمستهزئ والجاهل سيزداد جهلًا، لأنه يرفض أن يتعلم، أما الأول، وهو الحكيم فيقبل على التلمذة والتعلم. وهذا ما أعلنه المسيح عندما قال "من له يعطى فيزداد، ومن ليس له فالذى عنده يؤخذ منه" (مت25: 29).
وعندما يقول سليمان "إعط حكيمًا فيكون أوفر حكمة"، يقصد أن الحكيم عندما يتعلم شيئًا من الحكمة يفرح به، ويتعمق في معرفته، ويمارسه في حياته، فتنمو الحكمة في داخله، فيصير أوفر حكمة.
يُفهم من هذا أن المعلمين يهتمون بتعليم كل من يطلب الحكمة، أو يقبلها. أما رافض التعليم الذي يكرر رفضه، فلا يتعب المعلم ضميره، ويتركه، ويصلى لأجله؛ لأنه قد بدأ في إهانة المعلم والاستهزاء به. ولعله من أجل صلاة المعلم والخادم يراجع نفسه، ويعتذر، أو يعود ليقبل التعليم.
ع10، 11: يعلن سليمان أن مدخل الحكمة، وأهم طريق يوصل إليها هو مخافة الرب. وكلما اهتم الإنسان بمعرفة الله، من خلال وصاياه وعبادته بكل طقوسها ونظامها، فهو يزداد فهمًا وحكمة، بل وينال بركات كثيرة، أهمها طول الأيام. وليس المقصود كثرة السنين، ولكن بالأحرى كثرة الأيام التي يقضيها الإنسان مع الله في فرح وعشرة، تؤهله للوجود الدائم معه في ملكوت السموات.
ع12: في نهاية الكلام عن الحكماء والمستهزين يعلن سليمان حقيقة هامة، وهي أن الحكيم عندما يطلب الحكمة فهو يفيد نفسه، ويقترب إلى الله، ولكن الله لن يزيد بازدياد حكمة الحكماء، وكذلك لن ينقص الله بازدياد شر الأشرار، فما يزرعه الإنسان إياه يحصد. وكل إنسان سينال جزاء أعماله على الأرض إن كان خيرًا للحكماء، أو عذابًا للمستهزئين والأشرار.
†
إنتهز كل فرصة لتقترب من الله وتعرفه، وذلك بالتلمذة على أيدي المعلمين والروحانيين، فيزداد تعمقك الروحي، ويزيد أيضًا سلامك وفرحك.← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
13- اَلْمَرْأَةُ الْجَاهِلَةُ صَخَّابَةٌ حَمْقَاءُ وَلاَ تَدْرِي شَيْئًا، 14- فَتَقْعُدُ عِنْدَ بَابِ بَيْتِهَا عَلَى كُرْسِيٍّ فِي أَعَالِي الْمَدِينَةِ، 15- لِتُنَادِيَ عَابِرِي السَّبِيلِ الْمُقَوِّمِينَ طُرُقَهُمْ: 16- «مَنْ هُوَ جَاهِلٌ فَلْيَمِلْ إِلَى هُنَا». وَالنَّاقِصُ الْفَهْمِ تَقُولُ لَهُ: 17- «الْمِيَاهُ الْمَسْرُوقَةُ حُلْوَةٌ، وَخُبْزُ الْخُفْيَةِ لَذِيذٌ». 18- وَلاَ يَعْلَمُ أَنَّ الأَخْيِلَةَ هُنَاكَ، وَأَنَّ فِي أَعْمَاقِ الْهَاوِيَةِ ضُيُوفَهَا.
ع13: صَخَّابَةٌ: تثير صخبًا، أي ضجيجًا وأصواتًا عالية.
بعد أن عرض صورة الحكمة، وسموها، ومناداتها الناس أن يأتوا إليها؛ ليأكلوا من مائدتها العظيمة في (ع1-6)، يتكلم هنا عن الشر الذي يعرض مائدته في صورة المرأة الشريرة، التي تدعو الناس للزنى. ويصفها بما يلي:
جاهلة حمقاء
صَخَّابَةٌ: تعتمد على الأصوات العالية؛ لتثير شهوة البشر، وتشغلهم، وتفقدهم هدوءهم؛ ليسقطوا في مصيدتها.
لا تدرى شيئًا
ع14: يستكمل سليمان صفات المرأة الشريرة فيقول:
فتقعد ..على كرسى
عند باب بيتها
في أعالى المدينة
ع15، 16: يضيف سليمان هنا إلى صفات وأعمال المرأة الشريرة ما يلي:
لمن توجه نداءها
أ - المقومين طرقهم: فهي لا تيأس، بل تعرض شرها على المجاهدين الروحيين، الذين إن ابتعدوا قليلًا عن الله يقوموا، ويصلحوا طرقهم، ويعودوا إليه؛ لعلها تجتذبهم إليها في لحظة ضعف. فهي لا تسكت، بل تنادى كل البشر، حتى الذين يتوبون ويصلحون طرقهم، ويسيرون مع الله.
ب - الجاهل والناقص الفهم: فريستها المحبوبة هي النفس الجاهلة، أي البعيدة عن الله، والنفس الناقصة الفهم التي تعرف قليلًا عن الله، وكثيرًا عن الشر، هؤلاء هم الذين من السهل أن يسقطوا في مصيدتها.
ع17: ويقول سليمان أيضًا في حديثه عن المرأة الشريرة موضحًا إغراءاتها، فيعلن:
ماذا تقدم؟
أ - المياه المسروقة حلوة: تغرى المرأة الشريرة الجهال بأن مياهها حلوة؛ لأنها مسروقة وخاطئة. فهي في بجاحة تعلن أن الخطية حلوة، بل وأحلى من الحياة المستقيمة. وهذا بالطبع خطأ، ومغالطة؛ لأن الشهوات لها لذتها المؤقتة التي تعقبها مرارة، ويصحبها اضطراب في القلب. والمياه مسروقة؛ لأنها ضد وصية الله، وضد المجتمع، واغتصاب الإنسان لما ليس من حقه.
ب - خبر الخِفية لذيذ: تؤكد أن ما يسرقه الإنسان يخجل أن يعمله أمام الناس، فيختفى عن الأعين ليتممه. وفى بجاحة أيضًا تعلن هذه المرأة أن خبزها لذيذ؛ لتُغرى من يمرون بها ليسقطوا في شبكتها. وبالطبع فإن خبزها له طعم لذيذ، لكن في داخله مرارة شنيعة.
ع18: في النهاية يعلن سليمان نتيجة الاستجابة لكلام المرأة الشريرة، فيقول:
الأخيلة .. الهاوية .. ضيوفها:
النتيجة الحتمية لإتمام الشهوات الشريرة، والخضوع لإغراءات المرأة، هي السقوط في الهاوية، أي الجحيم والعذاب الأبدي. وهناك يتحول البشر إلى أرواح معذبة، هي الأخيلة، فيقاسون العذاب الأبدي، والحرمان التام من الله.
† كن يقظًا لإغراءات الشر التي يعرضها عليك الشيطان، ويجملها لتقبلها ولو لمرة واحدة؛ ليضعفك وتخضع له. ولا تنخدع بكثرة الساقطين في هذه الشهوات، بل تمسك بإيمانك، واطلب معونة الله، فلا يستطيع الاقتراب إليك.
← تفاسير أصحاحات أمثال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أمثال سليمان 10 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير أمثال سليمان 8 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/proverbs/chapter-09.html
تقصير الرابط:
tak.la/h687a2g