← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35
اَلأَصْحَاحُ الثَّانِي وَالثَّلاَثُونَ
(1) صنع العجل الذهبي (ع1-6)
(2) غضب الله (ع7-14)
(3) غضب موسى وكسر اللوحين (ع15-20)
(4) تأديب موسى للشعب (ع21-29)
(5) شفاعة موسى (ع30-35)
1 وَلَمَّا رَأَى الشَّعْبُ أَنَّ مُوسَى أَبْطَأَ فِي النُّزُولِ مِنَ الْجَبَلِ اجْتَمَعَ الشَّعْبُ عَلَى هَارُونَ وَقَالُوا لَهُ: «قُمِ اصْنَعْ لَنَا آلِهَةً تَسِيرُ أَمَامَنَا لأَنَّ هَذَا مُوسَى الرَّجُلَ الَّذِي أَصْعَدَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ». 2 فَقَالَ لَهُمْ هَارُونُ: «انْزِعُوا أَقْرَاطَ الذَّهَبِ الَّتِي فِي آذَانِ نِسَائِكُمْ وَبَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ وَأْتُونِي بِهَا». 3 فَنَزَعَ كُلُّ الشَّعْبِ أَقْرَاطَ الذَّهَبِ الَّتِي فِي آذَانِهِمْ وَأَتُوا بِهَا إِلَى هَارُونَ. 4 فَأَخَذَ ذَلِكَ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَصَوَّرَهُ بِالْإِزْمِيلِ وَصَنَعَهُ عِجْلًا مَسْبُوكًا. فَقَالُوا: «هَذِهِ آلِهَتُكَ يَا إِسْرَائِيلُ الَّتِي أَصْعَدَتْكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ!» 5 فَلَمَّا نَظَرَ هَارُونُ بَنَى مَذْبَحًا أَمَامَهُ وَنَادَى هَارُونُ وَقَالَ: «غَدًا عِيدٌ لِلرَّبِّ». 6 فَبَكَّرُوا فِي الْغَدِ وَأَصْعَدُوا مُحْرَقَاتٍ وَقَدَّمُوا ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ. وَجَلَسَ الشَّعْبُ لِلأَكْلِ وَالشُّرْبِ ثُمَّ قَامُوا لِلَّعِبِ.
ع1:
كان موسى يمثل صورة الله بالنسبة للشعب، فعندما صعد على الجبل وغاب هناك أيامًا إحتاجوا إلى الصورة الملموسة كما رأوا صورًا للآلهة في مصر، فطلبوا من هارون صورة ملموسة لله ليعبدوها بدلًا من موسى لأنهم شكوا في أنه قد يكون مات على الجبل إذ ليس معه طعام أو شراب طوال الأربعين يومًا (خر 25: 18)، أو أنه قد تاه في الجبل أو أحرقته النار الإلهية. وقد يكون بعضهم قد ظن أنه اختطف إلى السماء مثل أخنوخ. وقد قضى موسى أربعين يومًا أخرى صائمًا على الجبل (خر 34: 28) ليستلم لوحى وصايا جديدين بعد كسره لللوحين الأولين عند نزوله من الجبل ورؤيته العجل الذهبى (ع19).
خضع هارون لمطالب الشعب الخاطئة وهذا ضعف إيمان وخوف منه أمام ثورة الشعب، فجمع منهم أقراط الذهب التي في آذانهم وسبكها في النار وصنعها بالأزميل فصّور عجلًا من هذا الذهب ودعاه الله الذي أخرج بني إسرائيل بالضربات العشر من مصر، وهذا تحقير لله بتصويره كعجل كما كانوا يعبدون العجل "أبيس" في مصر أو يشاهدون المصريين يعبدونه.
ويلاحظ سخاء الشعب في العطاء لصنع العجل الذهبى كما نعطى الكثير من وقتنا وجهدنا للشر. ويلاحظ أيضًا أن الكتاب المقدس يذكر خطايا القديسين مثل فضائلهم حتى لا ننزعج إن سقطنا في خطية بل نقوم ونواصل جهادنا الروحي مع الله.
† تمسك بكلام الله كخادم ولا تخضع لمطالب من تخدمهم إرضاءً لهم ضد وصايا الله حتى يكون هدفك الوحيد في كل خدمة هو جذب النفوس للمسيح.
ع5، 6: بعدما أقام هارون العجل الذهبى مرتفعًا أمام الشعب، صنع مذبحًا أمامه وقدم ذبائح عليه وأكلوا منها. فيبدو أن ذبائح السلامة، التي يُحرق جزء منها أمام الله على المذبح ويأكل مقدمها الجزء الباقى، كانت معروفة عند الآباء منذ أيام آدم، فبهذا أعلن هارون عيد للرب يهوة المصور في شكل هذا العجل الذهبى. وبصنع العجل الذهبى وما فعلوه له سقطوا في أخطاء هي:
تحقير الله وتصويره بعجل ذهبى.
تقديم ذبائح لهذا الصنم الذي لا يسمع ولا يرى ولا يمشى.
انهمكوا في أكل اللحم وليس التوبة المقترنة بتقديم ذبائح لله.
اشتركوا في ألعاب ماجنة وخليعة إرضاءً لشهواتهم وغالبًا اقترنت بشرب الخمر.
7 فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اذْهَبِ انْزِلْ! لأَنَّهُ قَدْ فَسَدَ شَعْبُكَ الَّذِي أَصْعَدْتَهُ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. 8 زَاغُوا سَرِيعًا عَنِ الطَّرِيقِ الَّذِي أَوْصَيْتُهُمْ بِهِ. صَنَعُوا لَهُمْ عِجْلًا مَسْبُوكًا وَسَجَدُوا لَهُ وَذَبَحُوا لَهُ وَقَالُوا: هَذِهِ آلِهَتُكَ يَا إِسْرَائِيلُ الَّتِي أَصْعَدَتْكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ». 9 وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «رَأَيْتُ هَذَا الشَّعْبَ وَإِذَا هُوَ شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةِ. 10 فَالآنَ اتْرُكْنِي لِيَحْمَى غَضَبِي عَلَيْهِمْ وَأُفْنِيَهُمْ فَأُصَيِّرَكَ شَعْبًا عَظِيمًا». 11 فَتَضَرَّعَ مُوسَى أَمَامَ الرَّبِّ إِلَهِهِ وَقَالَ: «لِمَاذَا يَا رَبُّ يَحْمَى غَضَبُكَ عَلَى شَعْبِكَ الَّذِي أَخْرَجْتَهُ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ بِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ وَيَدٍ شَدِيدَةٍ؟ 12 لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ الْمِصْرِيُّونَ قَائِلِينَ: أَخْرَجَهُمْ بِخُبْثٍ لِيَقْتُلَهُمْ فِي الْجِبَالِ وَيُفْنِيَهُمْ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ؟ ارْجِعْ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِكَ وَانْدَمْ عَلَى الشَّرِّ بِشَعْبِكَ. 13 اُذْكُرْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَإِسْرَائِيلَ عَبِيدَكَ الَّذِينَ حَلَفْتَ لَهُمْ بِنَفْسِكَ وَقُلْتَ لَهُمْ: أُكَثِّرُ نَسْلَكُمْ كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَأُعْطِي نَسْلَكُمْ كُلَّ هَذِهِ الأَرْضِ الَّتِي تَكَلَّمْتُ عَنْهَا فَيَمْلِكُونَهَا إِلَى الأَبَدِ». 14 فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي قَالَ إِنَّهُ يَفْعَلُهُ بِشَعْبِهِ.
في نهاية الأربعين يومًا بعدما أكمل الله حديثه مع موسى أعلمه بالشر الذي سقط فيه الشعب وأمره أن ينزل من على الجبل إلى الشعب الذي فسد بصنعه عجلًا ذهبيًا وقدموا له عبادة وذبائح بل نسبوا له قوة إخراجهم من أرض مصر وابتعدوا عن إلههم. وفى ضيق الله من الشعب دعاهم شعبك فلم يعودوا شعب الله لأنهم استبدلوه بعجل ذهبى.
† لا تفقد نعمة بنوتك لله التي تتمتع فيها بعلاقة حب معه ورعايته بل والميراث الأبدي. لا تترك كل هذا من أجل أي شهوة أرضية مهما بدت لذيذة أو مبهرة فهي زائلة ولا تساوى شيئًا بجوار بنوتك لله.
وصف الله شعبه بالعناد ورفض الحياة معه، فأعلن لموسى أنه ينوى إفناء هذا الشعب لشرهم وإقامة شعب جديد من نسله لأنه وجد نعمة في عينيه مثل نوح وإبراهيم.
ونلاحظ دالة موسى عند الله حتى أنه يستأذنه ويقول له اتركنى، فالله يحب أولاده ولهم مكانة كبيرة عنه، وهو بالطبع يعلم أن موسى سيشفع في الشعب وأنه لن يهلكهم ولكنه يعلن مدى شرهم واستحقاقهم بلا فناء.
اندم على الشر: كف عن الانتقام منهم.
رفع موسى صلواته بتذلل أمام الله، مترجيًا مراحمه حتى يصفح عن شعبه ولا يفنيهم للأسباب التالية:
لأنهم شعب الله الذي حفظهم في مصر وأخرجهم بقوة عظيمة ويرعاهم في البرية، فهم خاصته وأولاده وهو بهذا يلتمس حنان الله وأبوته.
لا يعطى فرصة للأمم، مثل المصريين، أن يتطاولوا على الله فيدَّعون أنه يكره شعبه وأخرجهم بمكر ليفنيهم في البرية مع أن الله حنون ورؤوف ولا يكذب في مواعيده، أي لا يعطيهم فرصة للشماتة في شعبه.
يُذكِّر الله بوعوده للآباء إبراهيم وإسحق ويعقوب أن يعطيهم أرض كنعان.
ويظهر هنا عدم أنانية موسى، فهو لا يفكر في نفسه أن يكون هو وبيته بداية شعب الله مثل إبراهيم، بل بمحبة أبوية يهتم بخلاص كل الشعب حتى وهم أشرار ويذكر موسى الله بأن الشعب هو شعبه ليسترحمه عليهم.
ع14:
نَدم الرب: تراجع عن قراره وليس المقصود أنه شعر بخطأه، لأن الله عارف بكل شيء ولا يُخطئ، ولكنه يتكلم بالصيغة التي يفهمها البشر وهي أنه أب حنون تنازل عن قراره بإفناء الشعب ووافق على شفاعة موسى في شعبه وترك قراره بإفنائهم. فهو عالم بما سيحدث وأن موسى سيشفع فيهم ولكنه أراد أن يعلن ما يستحقونه ثم لأجل شفاعة موسى يرحمهم.← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
15 فَانْصَرَفَ مُوسَى وَنَزَلَ مِنَ الْجَبَلِ وَلَوْحَا الشَّهَادَةِ فِي يَدِهِ: لَوْحَانِ مَكْتُوبَانِ عَلَى جَانِبَيْهِمَا. مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَا كَانَا مَكْتُوبَيْنِ. 16 وَاللَّوْحَانِ هُمَا صَنْعَةُ اللهِ وَالْكِتَابَةُ كِتَابَةُ اللهِ مَنْقُوشَةٌ عَلَى اللَّوْحَيْنِ. 17 وَسَمِعَ يَشُوعُ صَوْتَ الشَّعْبِ فِي هُتَافِهِ فَقَالَ لِمُوسَى: «صَوْتُ قِتَالٍ فِي الْمَحَلَّةِ». 18 فَقَالَ: «لَيْسَ صَوْتَ صِيَاحِ النُّصْرَةِ وَلاَ صَوْتَ صِيَاحِ الْكَسْرَةِ. بَلْ صَوْتَ غِنَاءٍ أَنَا سَامِعٌ». 19 وَكَانَ عِنْدَمَا اقْتَرَبَ إِلَى الْمَحَلَّةِ أَنَّهُ أَبْصَرَ الْعِجْلَ وَالرَّقْصَ. فَحَمِيَ غَضَبُ مُوسَى وَطَرَحَ اللَّوْحَيْنِ مِنْ يَدَيْهِ وَكَسَّرَهُمَا فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ 20 ثُمَّ أَخَذَ الْعِجْلَ الَّذِي صَنَعُوا وَأَحْرَقَهُ بِالنَّارِ وَطَحَنَهُ حَتَّى صَارَ نَاعِمًا وَذَرَّاهُ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ وَسَقَى بَنِي إِسْرَائِيلَ.
على جانبيهما: على الوجهين.
أطاع موسى ونزل من على الجبل منصرفًا من حضرة الله الذي كان يراه بشكل معين قد يكون نورًا أو أي شكل آخر مُبهر وعجيب. وكان في يديه لوحا الحجر اللذان أعطاهما الله له ومكتوب عليهما الوصايا العشر على جانبى كل لوح. واللوحان من صنع الله وكتابته وقد حملهما فقط موسى في يديه فرحًا بقيمتهما العظيمة.
ع17: بعد نزول موسى مسافة على الجبل إلتقى بتلميذه يشوع الذي كان ينتظره مدة الأربعين يومًا، ففرح بلقائه ونزلا معًا، وعندما اقتربا من سفح الجبل، قبل أن ينظرا الشعب، سمعا صوت صياحهم فظن يشوع أنه صوت معركة لعل الشعب يقاتل العمالقة الذين قاموا عليهم مرة ثانية.
ع18:
الكسرة: الهزيمة.رد موسى على يشوع نافيًا كلامه معلنًا أن هذه الأصوات ليست أصوات معركة سواء صوت المنتصرين أو المهزومين بل هو صوت غناء الشعب.
ع19: استمر نزول موسى ويشوع من على الجبل واقتربَا إلى الشعب ونظر موسى العجل الذهبى مرتفعًا والشعب حوله يرقص ويغنى، فغضب جدًا من فساد شعبه بتركهم الله وعبادة الأوثان ومن شدة غضبه ألقى اللوحين عنه رغم قيمتهما العظيمة، لكنه غار غيرة الأب المهتم بأولاده حينما رآهم في هذا الفساد والزيغان عن الله.
ع20: عندما رأى الشعب موسى مقبلًا بسرعة عليهم خافوا جدًا، أما هو فأخذ العجل وألقاه في النار حتى ذاب وصار كتلة بلا شكل ثم كسره وطحنه إلى ذرات صغيرة وألقاها في الماء فطفت الذرات على وجه الماء، وأمر الشعب أن يشربوا منه ليريهم ضعف ما تخيلوه إلهًا فيشعروا بخطيتهم نحو الله عندما يشربوا لعلهم يتوبون.
† كن حازمًا مع من يخطئون إذا كنت مسئولًا عن بيتك أو عملك أو مجموعة من المخدومين في الكنيسة، فترفض الشر وتزيله من الوسط وتبعد من تخدمهم عنه وتعرفهم مدى خطيتهم ليتوبوا، ولكن ينبغى أن يكون حزمك بأبوة واحتضان لمن توبخهم حتى لا يسقطوا في اليأس أو العناد.
21 وَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: «مَاذَا صَنَعَ بِكَ هَذَا الشَّعْبُ حَتَّى جَلَبْتَ عَلَيْهِ خَطِيَّةً عَظِيمَةً؟» 22 فَقَالَ هَارُونُ: «لاَ يَحْمَ غَضَبُ سَيِّدِي! أَنْتَ تَعْرِفُ الشَّعْبَ أَنَّهُ شِرِّيرٌ. 23 فَقَالُوا لِيَ: اصْنَعْ لَنَا آلِهَةً تَسِيرُ أَمَامَنَا. لأَنَّ هَذَا مُوسَى الرَّجُلَ الَّذِي أَصْعَدَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ. 24 فَقُلْتُ لَهُمْ: مَنْ لَهُ ذَهَبٌ فَلْيَنْزِعْهُ وَيُعْطِنِي. فَطَرَحْتُهُ فِي النَّارِ فَخَرَجَ هَذَا الْعِجْلُ». 25 وَلَمَّا رَأَى مُوسَى الشَّعْبَ أَنَّهُ مُعَرًّى (لأَنَّ هَارُونَ كَانَ قَدْ عَرَّاهُ لِلْهُزْءِ بَيْنَ مُقَاوِمِيهِ) 26 وَقَفَ مُوسَى فِي بَابِ الْمَحَلَّةِ وَقَالَ: «مَنْ لِلرَّبِّ فَإِلَيَّ!» فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمِيعُ بَنِي لاَوِي. 27 فَقَالَ لَهُمْ: «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: ضَعُوا كُلُّ وَاحِدٍ سَيْفَهُ عَلَى فَخِْذِهِ وَمُرُّوا وَارْجِعُوا مِنْ بَابٍ إِلَى بَابٍ فِي الْمَحَلَّةِ وَاقْتُلُوا كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ». 28 فَفَعَلَ بَنُو لاَوِي بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. وَوَقَعَ مِنَ الشَّعْبِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ رَجُلٍ. 29 وَقَالَ مُوسَى: «امْلَأُوا أَيْدِيَكُمُ الْيَوْمَ لِلرَّبِّ حَتَّى كُلُّ وَاحِدٍ بِابْنِهِ وَبِأَخِيهِ فَيُعْطِيَكُمُ الْيَوْمَ بَرَكَةً».
ع21: وبخ موسى هارون على خضوعه لأفكار الشعب الشريرة بعمل عجل ودعوتهم لعبادته وبهذا جعلهم عبدة أوثان وعصوا الله وتحدوه.
ع22-24: لم يعترف هارون بخطئه ولكنه قدَّم تبريرات لما فعله هي:
أن الشعب يسقط في شرور كثيرة مثل التذمر كما يعلم موسى.
موسى كان يمثل صورة الله للشعب، فلما غاب على الجبل مدة طويلة طلبوا صورة ملموسة ليعبدوها.
خفف خطيته بأنه اضطر إلى طلب أقراط الذهب منهم وطرحها في النار فصارت عجلًا، مع أنه في الحقيقة قد بذل مجهودًا واستخدم الأزميل والأدوات لعمل عجل من الذهب فهو لم يصر عجلًا من نفسه.
ونلاحظ أن هارون قد دعا موسى "سيدي" مع أنه أصغر منه وذلك إحترامًا له لأنه قائد الشعب ونبى الله. ويظهر من هذا الكلام خطورة خطية القائد التي تجلب العقاب على كل شعبه، فتهاون هارون وخضوعه لشر شعبه أسقط الشعب في خطية عبادة الأوثان.
ع25: حزن موسى عندما رأى عددًا كبيرًا من الشعب قد تعرى من ثيابه، ولو جزئيًا، وانغمس في الخلاعة أو المجون والرقص الذي سمح به هارون كقائد للشعب فصاروا هزءًا بين جيرانهم مثل العمالقة.
† تحمل مسئوليتك سواء كنت خادمًا أو رب أسرة أو مسئولًا في أي مكان لتقود غيرك في طريق الله ولا تتركهم أو تشجعهم على الشر، فالله سيحاسبك لأنك استخدمت قيادتك ومكانك في إبعاد الناس عن الله.
ع26:
باب المحلة: مدخل المكان الذي نصبوا فيه خيامهم ولعلهم أقاموا حراسًا عليه لعدم هجوم العمالقة أو أي أعداء لهم.من للرب: من يؤمن بالله ويخافه ويرفض الشر.
فإلىّ: يقبل نحوى ليعاوننى على إبادة الشر.
وقف موسى في مكان ظاهر وهو مدخل المكان الذي يقيمون فيه ونادى على الشعب ليجتمع حوله كل من يخاف الله ويغار على إرضائه، فاجتمع معه عدد كبير من رجال سبط لاوى الذين اهتموا بحياتهم الروحية وعلاقتهم بالله.
ع27، 28: عندما أعلن موسى غضب الله على عبادتهم للعجل وسحقه وذراه فوق الماء وسقاهم منه، خزى الكثيرون وتابوا ودخلوا خيامهم، ولكن أهمل البعض كلام موسى وتمادوا في شرهم. وحينئذ أمر بنى لاوى المجتمعين حوله أن يحمل كل واحد سيفه، الذي كان يوضع في جراب في وسط كل واحد ويتدلى على فخذه، ويمروا بين الخيام فيقتلوا إخوتهم المتمادين في ألعاب الخلاعة والرقص وتعروا من ثيابهم، فأطاع بنو لاوى كلام موسى في الحال وقتلوا ثلاثة آلاف رجل من الأشرار.
ع29:
إملأوا أيديكم: قدسوا وخصصوا أعمالكم لله.كل واحد بابنه وبأخيه: بقتل الابن أو الأخ الشرير.
بعد إبادة الشر، شجعهم موسى بأنهم بهذا أطاعوا الله وقدّسوا أعمالهم لإبادة الأشرار حتى لو كانوا أبناءهم أو إخوتهم، فعلاقتهم بالله أهم من العلاقات العاطفية، وبهذا يعطيهم الله بركة كبيرة. وملأ اليد كان تعبير يستخدم في العمل الكهنوتى عندما يحملون الذبائح على أيديهم ويقدمونها على المذبح أمام الله. فنادى على سبط لاوى، الذي سيتخصص لخدمة الله، ومنهم هارون وبنوه ليبيدوا الأشرار لأنهم بإبادة الشر سيقومون بعمل مثل الكهنة الذين يقدسون الله سواء بتقديم الذبائح أو بالتطهيرات المختلفة. فهنا بإبادتهم للشر يعلنون قداسة الله الذي لا يتفق مع الشر ويرضونه، وبإبادتهم للأشرار أيضًا ينقذون الشعب من انتشار الشر بينهم فتقع مخافة الله على كل القلوب.
30 وَكَانَ فِي الْغَدِ أَنَّ مُوسَى قَالَ لِلشَّعْبِ: «أَنْتُمْ قَدْ أَخْطَأْتُمْ خَطِيَّةً عَظِيمَةً. فَأَصْعَدُ الآنَ إِلَى الرَّبِّ لَعَلِّي أُكَفِّرُ خَطِيَّتَكُمْ». 31 فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى الرَّبِّ وَقَالَ: «آهِ قَدْ أَخْطَأَ هَذَا الشَّعْبُ خَطِيَّةً عَظِيمَةً وَصَنَعُوا لأَنْفُسِهِمْ آلِهَةً مِنْ ذَهَبٍ. 32 وَالآنَ إِنْ غَفَرْتَ خَطِيَّتَهُمْ - وَإِلاَّ فَامْحُنِي مِنْ كِتَابِكَ الَّذِي كَتَبْتَ». 33 فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «مَنْ أَخْطَأَ إِلَيَّ أَمْحُوهُ مِنْ كِتَابِي. 34 وَالآنَ اذْهَبِ اهْدِ الشَّعْبَ إِلَى حَيْثُ كَلَّمْتُكَ. هُوَذَا مَلاَكِي يَسِيرُ أَمَامَكَ. وَلَكِنْ فِي يَوْمِ افْتِقَادِي أَفْتَقِدُ فِيهِمْ خَطِيَّتَهُمْ». 35 فَضَرَبَ الرَّبُّ الشَّعْبَ لأَنَّهُمْ صَنَعُوا الْعِجْلَ الَّذِي صَنَعَهُ هَارُونُ.
ع30: في اليوم التالي لقتل الأشرار أظهر موسى لشعبه مدى شناعة خطيتهم واستحقاقهم للعقاب الشديد، ولكن أعطاهم رجاءً بأن يصعد إلى الجبل ويصلى إلى الله ليطلب مغفرة خطيتهم. وهذا يُظهر أن كثيرين أخطأوا وسجدوا للعجل ولكنهم تابوا بمناداة موسى ودخلوا خيامهم ولم يقتلهم اللاويون.
ع31، 32: إعترف موسى أمام الله بخطية شعبه عندما عاد وصعد إلى الجبل، حيث كان مع الله أربعين يومًا، ثم تشفع فيهم ليسامحهم الله وقدم نفسه فدية عن شعبه بأن يموت هو ولكن يحيا الشعب. وهنا تظهر أبوة موسى واستعداده لبذل حياته عن شعبه كراعٍ صالح لهم على مثال المسيح الفادى. ومحو اسمه من كتاب الله يعنى موته أو عدم ذكره في الكتاب المقدس كواحد من الأتقياء. وإن كان موسى غير قادر على فداء شعبه، لأن المسيح فقط هو الذي يستطيع أن يموت عن شعبه ويكفِّر عنهم، ولكن بكلامه هذا يُظهر محبته وأبوته الشديدة لأجل شعبه الشرير.
† صلى من أجل من حولك واهتم بخلاص نفوسهم بل كن مستعدًا للتضحية بأى شيء مادي واحتمال أتعاب كثيرة حتى تكسبهم للمسيح متذكرًا فاديك الذي بذل حياته لأجلك.
ع33: فرح الله بمشاعر موسى الأبوية لشعبه ولكن أظهر عدله بإعلانه أن الذي أخطأ هو الذي يتحمل العقاب وإن تاب يقبله الله، ولا يصلح أن يموت إنسان عن آخر لضعف الإنسان ولأن المسيح وحده هو القادر على هذا في ملء الزمان.
ع34:
أهدِ الشعب: عظهم حتى لا يرجعوا إلى الشر ويتوبوا عن خطيتهم.يوم افتقادى: اليوم الذي يحدده الله لمعاقبة وتأديب شعبه ليشعروا بفظاعة خطاياهم ويبتعدوا عنها.
طلب الله من موسى أن ينزل من على الجبل ويعظ الشعب بالحياة المستقيمة، ووعده أن ملاكه لن يفارقهم بسبب خطيتهم بل يظل يقودهم في شكل عمود السحاب وعمود النار نهارًا وليلًا ولكن سيؤدبهم في الوقت المناسب حتى لا يرجعوا إلى خطاياهم. وهذا معناه غضب الله عليهم فحرمهم من وجوده وسطهم واكتفى بسير الملاك أمامهم.
ع35: أدَّب الله الشعب بضربات حتى يشعروا بشناعة عبادة الأوثان. ولم يذكر نوع الضربات هل كانت أمراضًا أو جوعًا أو أي ضيقات أخرى سمح بها الله لهم ولكن ما ذُكِرَ هو موت ثلاثة آلاف منهم في يوم واحد بيد إخوتهم (ع28).
ويلاحظ أن قبوله لشفاعة موسى ليس معناه رفع العقاب تمامًا عنهم ولكن تخفيفه، أما رفع العقاب تمامًا فهذا ما يتم بدم المسيح. وهذا يؤكد خطورة الخطية وآثارها التي تستحق عقوبات كثيرة وبالتالي تظهر محبة المسيح التي ترفع عنا كل هذه العقوبات.
← تفاسير أصحاحات الخروج: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير الخروج 33 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير الخروج 31 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/exodus/chapter-32.html
تقصير الرابط:
tak.la/6p2qyx8