← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40
آية (1):- "وَكَانَ شَاوُلُ رَاضِيًا بِقَتْلِهِ. وَحَدَثَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ اضْطِهَادٌ عَظِيمٌ عَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ، فَتَشَتَّتَ الْجَمِيعُ فِي كُوَرِ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ، مَا عَدَا الرُّسُلَ."
رَاضِيًا
= إذ ظن أن المسيحية قد انتهت. ربما كان شاول الطرسوسي عضوًا في السنهدريم. وكان الإضطهاد الذي بدأ سببه الثورة التي حدثت بسبب ما قاله إسطفانوس أن الهيكل إنتهى دوره فلقد فهموا أن هناك انفصال تام بين المسيحية واليهودية وأنه لا تعايش بينهما. فلقد أبطلت المسيحية عوائد الناموس، والعجيب أن شاول (بولس) تبنى بعد ذلك هذا المنهج الذي جلب عليه ألامًا شديدة. وما زاد في هياج اليهود ضد إسطفانوس إتهامه الواضح لهم والجريء بأنهم ورثة قتلة الأنبياء، وكان هذا الإتهام موجهًا لرؤساء الكهنة أيضًا. وبسبب الإضطهاد العنيف الذي ثار ضد المسيحيين إضطروا للهرب من أورشليم. وكان شاول هو قائد هذا الإضطهاد. وكان هذا التشتيت سبب بركة إذ أن المسيحيين إنتشروا في كل مكان فإنتشرت المسيحية في كل مكان.وَكَانَ شَاوُلُ رَاضِيًا بِقَتْلِهِ
: كلمة راضيًا تشير إلى أنه كان لهُ دور في الإجراءات، وشريك في الحكم، مسرورًا بما حدث. ولكن لوقا يربط بين شاول وإسطفانوس فلقد صار شاول له نفس فكر إسطفانوس في تحرير المسيحية من اليهودية ومن الهيكل والناموس تمامًا. لقد ساق الله شاول (بولس) ليستمع إلى إسطفانوس ويتعرف على يديه على المسيحية. ولكن البداية كانت حقدًا من شاول ضد إسطفانوس الذي حاور وأفحم اليهود وعَمَّدَ الكثيرين.مَا عَدَا الرُّسُلَ
= حما الله الرسل ليكملوا رسالتهم وربما خافوا منهم بسبب المعجزات العجيبة التي كانوا يعملونها لذلك لم يمسهم أحد في هذا الإضطهاد.
آية (2):- "وَحَمَلَ رِجَالٌ أَتْقِيَاءُ اسْتِفَانُوسَ وَعَمِلُوا عَلَيْهِ مَنَاحَةً عَظِيمَةً."
مناحة= تعنى ضرب على الصدر وهذه العادة تعلموها من مصر (تك 7:50، 10، 11). وتقاليد اليهود لم تكن تسمح بعمل مناحة على المحكوم عليهم بسبب الخروج على الناموس. ولكن إسطفانوس بوجهه الملائكي قد اجتذب عددًا كبيرًا من المحبين حتى من وسط اليهود= رجال أتقياء راجع (أع 5:2). وهؤلاء الأتقياء لم يكونوا راضين عن قتل إسطفانوس وشعروا بأن السنهدريم قد ظلمه فعملوا عليه مناحة كبيرة. وربما كانوا من المسيحيين واليهود الذين أحبوا أسطفانوس لوجهه الملائكي. والمسيحيون عملوا هذه المناحة إعلانًا عن عدم خجلهم من التهمة التي وجهت لإسطفانوس بل فرحهم به.
آية (3):- "وَأَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ يَسْطُو عَلَى الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ يَدْخُلُ الْبُيُوتَ وَيَجُرُّ رِجَالًا وَنِسَاءً وَيُسَلِّمُهُمْ إِلَى السِّجْنِ."
يَسْطُو
= الكلمة الاصلية تعنى وصفًا للوحوش التي تسطو على جسم الإنسان لتمزقه وأصل الكلمة يمزق كوحش مفترس (غل13:1+أع 1:9+9:26-11+4:22-5). ولقد كان رؤساء الكهنة يعطون شاول تصريحًا بذلك. راجع (عب 32:10-34 +1تى 13:1) لقد صار شاول عبئًا لا يُطاق على الكنيسة.الْكَنِيسَةِ ... الْبُيُوتَ
= يسطو على الكنيسة هي نفسها يدخل البيوت. فالكنيسة كانت هي البيوت. لقد صار شاول عدوا خطيرًا للكنيسة، يدخل البيوت ويغتصبها ويدمر ممتلكاتهم ويلقى القبض عليهم للسجن بأوامر من رؤساء الكهنة.
آيات (4-5):- "فَالَّذِينَ تَشَتَّتُوا جَالُوا مُبَشِّرِينَ بِالْكَلِمَةِ. فَانْحَدَرَ فِيلُبُّسُ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ السَّامِرَةِ وَكَانَ يَكْرِزُ لَهُمْ بِالْمَسِيحِ."
تَشَتَّتُوا
= الكلمة تعنى نثر البذور للزراعة. فصار المسيحيين الذين تشتتوا في كل مكان هم بذور للإيمان انتشرت وأتت بثمار في كل مكان. وكان هذا سبب بركة للمسيحيين إذ ظن المسيحيين أنهم سيظلون مرتبطين بأورشليم والهيكل.فِيلُبُّسُ
= هو الثاني بعد إسطفانوس. وهنا نرى الخدمة تمتد للسامرة تمامًا كما أرادها الرب يسوع أن تمتد. إذًا هذا التشتيت وهذا الإضطهاد أنتج خيرًا للكنيسة وكان بسماح من الله ليمتد الملكوت.إنحدر
= لأن أورشليم أعلى فهي على جبل. ونلاحظ أنه كانت هناك عداوة شديدة بين اليهود والسامريين، فالسامريين هم خليط من اليهود والوثنيين وهم لا يعرفون سوى أسفار موسى الخمسة فقط. وكان اليهود لا يتعاملون مع السامريين أبدًا. ولكن المحبة المسيحية لا تعرف أي عداوة ولهذا السبب ذهب المسيح للمرأة السامرية. ونفهم من المرأة السامرية أن السامريين كانوا ينتظرون المسيا، لذلك فهم يأتون في ترتيب الكرازة بعد اليهود وقبل الأمم يو 25:4، 26+ أع 8:1. وكما أوضح إسطفانوس نهاية اليهودية بدأ فيلبس هذه الكرازة خارج اليهودية وأورشليم.
آيات (6-8):- "وَكَانَ الْجُمُوعُ يُصْغُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِلَى مَا يَقُولُهُ فِيلُبُّسُ عِنْدَ اسْتِمَاعِهِمْ وَنَظَرِهِمُ الآيَاتِ الَّتِي صَنَعَهَا، لأَنَّ كَثِيرِينَ مِنَ الَّذِينَ بِهِمْ أَرْوَاحٌ نَجِسَةٌ كَانَتْ تَخْرُجُ صَارِخَةً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ. وَكَثِيرُونَ مِنَ الْمَفْلُوجِينَ وَالْعُرْجِ شُفُوا. فَكَانَ فَرَحٌ عَظِيمٌ فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ."
وضع يد الرسل على الشمامسة السبعة أعطاهم قوة لعمل العجائب وحكمة وقوة للكرازة. ولأن المدينة بها ساحر مشهور فكان لا بُد أن يزود الله رسوله فيلبس بالمعجزات ليؤمن الناس. ولأن السامريين كانوا ينتظرون المسيا سمعوا فيلبس بنفس واحدة. فكان فرحُ عظيم= هذا دليل على عمل الروح القدس فيهم فالفرح من ثمار الروح وعمل الروح القدس والمعجزات التي يسمح بها دائمًا هي لخير الناس وتعطيهم فرح.
آيات (9-11):- "وَكَانَ قَبْلًا فِي الْمَدِينَةِ رَجُلٌ اسْمُهُ سِيمُونُ، يَسْتَعْمِلُ السِّحْرَ وَيُدْهِشُ شَعْبَ السَّامِرَةِ، قِائِلًا إِنَّهُ شَيْءٌ عَظِيمٌ! وَكَانَ الْجَمِيعُ يَتْبَعُونَهُ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ قَائِلِينَ: «هذَا هُوَ قُوَّةُ اللهِ الْعَظِيمَةُ». وَكَانُوا يَتْبَعُونَهُ لِكَوْنِهِمْ قَدِ انْدَهَشُوا زَمَانًا طَوِيلًا بِسِحْرِهِ."
السحر هو أعمال تبدو خارقة من صنع الشياطين ولكنها للضرر والخراب، أي من آثاره ضرر وكآبة عكس عمل الروح القدس الذي يسبب فرح وخير. السحر ربما يدهش من يراه ولكنه لا يترك في نفسه سوى الخوف والمرارة والكآبة. وكان السحر منتشرًا بين السامريين حتى أن اليهود اسموا السحرة سامريين. ولما اتهموا المسيح بالسحر قالوا إنك سامري وبك شيطان (يو 48:8).
سيمون= كان يدَّعي الربوبية بأعمال خارقة، ويدَّعى العلم الغيبي، ويدَّعى أنه حالة وسط بين الله والإنسان (نفس الفكر الغنوسى) وأنه وسيط بين الله والإنسان. وذكره القديسين هيبوليتس ويوستينوس وذكروا هرطقاته وقوة سحره وكيف هاجم المسيحية فيما بعد. هذا هو قوة الله العظيمة= لقد اعتبر السامريون أن سيمون هو تجسد للألوهية أو أن قوة الله قد حلت فيه. وقيل أن سيمون ذهب إلى روما وقاوم بطرس هناك ونلاحظ أن عدو الخير يقاوم الكنيسة إما بالاضطهاد أو بالخداع. يقال:-
1- أنه طلب دفنه وأنه سيقوم فدفنوه لكنه لم يقم.
2- ويقال أنه سيصعد كالمسيح وارتفع فعلًا وبصلاة بطرس سقط ومات.
ولقد أقام له كلوديوس قيصر تمثالًا كتب تحته "إلى سيمون الله القدوس".
آية (12):- "وَلكِنْ لَمَّا صَدَّقُوا فِيلُبُّسَ وَهُوَ يُبَشِّرُ بِالأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ وَبِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، اعْتَمَدُوا رِجَالًا وَنِسَاءً."
الروح القدس يعمل مع فيلبس بالمعجزات وفي قلوب السامريين ليؤمنوا ويتركوا سيمون.
آية (13):- "وَسِيمُونُ أَيْضًا نَفْسُهُ آمَنَ. وَلَمَّا اعْتَمَدَ كَانَ يُلاَزِمُ فِيلُبُّسَ، وَإِذْ رَأَى آيَاتٍ وَقُوَّاتٍ عَظِيمَةً تُجْرَى انْدَهَشَ."
سيمون مَّيز بين الزيف الذي يمارسه والقوة الحقيقية التي ينادى بها ويستعملها فيلبس. لكن للأسف هو أراد أن يستفيد بالمعمودية بطريقة خاطئة أي ليمارس سحره بطريقة مسيحية أكثر فاعلية، اعتقد هو أنها أقوى من طرقه. هو لم يتحرر تمامًا من عبوديته لإبليس. كان يلازم فيلبس = لا ليتعلم ويتوب بل ليتعلم منه كيف يعمل هذه المعجزات. هو لم يفتح قلبه لله وليؤمن بكل ما يقوله فيلبس عن الله، بل كل ما كان يبحث عنه مزيد من القوى السحرية التي تمجده وتزيد دخله.
آيات (14-17):- "وَلَمَّا سَمِعَ الرُّسُلُ الَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ أَنَّ السَّامِرَةَ قَدْ قَبِلَتْ كَلِمَةَ اللهِ، أَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا، اللَّذَيْنِ لَمَّا نَزَلاَ صَلَّيَا لأَجْلِهِمْ لِكَيْ يَقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَلَّ بَعْدُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا مُعْتَمِدِينَ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ. حِينَئِذٍ وَضَعَا الأَيَادِيَ عَلَيْهِمْ فَقَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ."
كان للشمامسة السبع أن يعمدوا ولكن وضع اليد ليحل الروح القدس كان للرسل فقط. لذلك استلزم الأمر نزول بطرس ويوحنا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وياللمفارقة فقد طلب يوحنا من قبل أن تنزل نارًا من السماء لتحرق السامرة لو 54:9 وها هو الآن يضع يده لكن لتنزل نار الروح القدس فتقدسهم ويملأهم الروح وتشتعل قلوبهم حبًا للمسيح. ووضع الأيادي هو ما يسمى الآن سر المسحة (الميرون) ليسكن الروح القدس في الإنسان.
آيات (18-21):- "وَلَمَّا رَأَى سِيمُونُ أَنَّهُ بِوَضْعِ أَيْدِي الرُّسُلِ يُعْطَى الرُّوحُ الْقُدُسُ قَدَّمَ لَهُمَا دَرَاهِمَ قَائِلًا: «أَعْطِيَانِي أَنَا أَيْضًا هذَا السُّلْطَانَ، حَتَّى أَيُّ مَنْ وَضَعْتُ عَلَيْهِ يَدَيَّ يَقْبَلُ الرُّوحَ الْقُدُسَ». فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «لِتَكُنْ فِضَّتُكَ مَعَكَ لِلْهَلاَكِ، لأَنَّكَ ظَنَنْتَ أَنْ تَقْتَنِيَ مَوْهِبَةَ اللهِ بِدَرَاهِمَ! لَيْسَ لَكَ نَصِيبٌ وَلاَ قُرْعَةٌ فِي هذَا الأَمْرِ، لأَنَّ قَلْبَكَ لَيْسَ مُسْتَقِيمًا أَمَامَ اللهِ."
هذا ما أسمته الكنيسة بعد ذلك بالسيمونية وحرمته. والسيمونية هي شراء الرتب
الكنسية بالمال والكنيسة تحرم من يبيع أو من يشترى. وسيمون رأى أن من يحل عليه
الروح يصنع عجائب، فأراد شراء هذه الموهبة، فحرمه بطرس إذ وجده ما زال مستعبدًا
لإبليس. والحقيقة أن الله يعطى هذه المواهب كهبة مجانية
نصيب وقرعة = كلمات تستخدم في توزيع الميراث وسيمون بعبوديته للشيطان ما
عاد ابنًا ليرث.
آيات (22-23):- "فَتُبْ مِنْ شَرِّكَ هذَا، وَاطْلُبْ إِلَى اللهِ عَسَى أَنْ يُغْفَرَ لَكَ فِكْرُ قَلْبِكَ، لأَنِّي أَرَاكَ فِي مَرَارَةِ الْمُرِّ وَرِبَاطِ الظُّلْمِ»."
يُفهم من كلام بطرس أنه يرى سيمون والشياطين تحيط به، وهو مازال مقيد بقيود الشر ولكنه ما زال قادرًا لو أراد أن يتوب فيهرب من رباطات الشياطين. مَرَارَةِ الْمُرِّ = هذا هو أثر الابتعاد عن الله والإرتماء في حضن الخطية أو الشيطان. رِبَاطِ الظُّلْمِ = الأصل اليوناني رباط الشر، فهو حتى بعد أن اعتمد ظل مرتبطًا بشروره وسحره. مرارة = لقد كان من يراه في شهرته وقوته وماله يظنه سعيدًا. لكن الحقيقة أن كل من يبتعد عن الله يكون في مرارة داخلية.
آية (24):- "فَأَجَابَ سِيمُونُ وَقَالَ: «اطْلُبَا أَنْتُمَا إِلَى الرَّبِّ مِنْ أَجْلِي لِكَيْ لاَ يَأْتِيَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْتُمَا»."
يا ليته صلى هو وطلب ولكنه كان مترددًا منقسم القلب بين الله وبين شروره وبين سحره. وواضح أنه لم يقرر قرارًا واضحًا أن يتوب ويعود لله. ولكنه خاف من تحذيرات بطرس وطلب منه أن يصلى ليرفع الله اللعنات عنه لكنه لم ينوى في قلبه ترك سحره، ولم يكن ينوى أن يصلى هو نفسه.
آية (25): "ثُمَّ إِنَّهُمَا بَعْدَ مَا شَهِدَا وَتَكَلَّمَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ، رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ وَبَشَّرَا قُرىً كَثِيرَةً لِلسَّامِرِيِّينَ."
آيات (26-28):- "ثُمَّ إِنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ كَلَّمَ فِيلُبُّسَ قِائِلًا: «قُمْ وَاذْهَبْ نَحْوَ الْجَنُوبِ، عَلَى الطَّرِيقِ الْمُنْحَدِرَةِ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى غَزَّةَ الَّتِي هِيَ بَرِّيَّةٌ». فَقَامَ وَذَهَبَ. وَإِذَا رَجُلٌ حَبَشِيٌّ خَصِيٌّ، وَزِيرٌ لِكَنْدَاكَةَ مَلِكَةِ الْحَبَشَةِ، كَانَ عَلَى جَمِيعِ خَزَائِنِهَا. فَهذَا كَانَ قَدْ جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيَسْجُدَ. وَكَانَ رَاجِعًا وَجَالِسًا عَلَى مَرْكَبَتِهِ وَهُوَ يَقْرَأُ النَّبِيَّ إِشَعْيَاءَ."
غَزَّةَ الَّتِي هِيَ بَرِّيَّةٌ
= هناك غزة قديمة خربها المكابيون سنة 93 ق.م وهي بعيدة عن البحر. ولما أعيد بناؤها بنوها على البحر. وكانت غزة الجديدة تبعد عن القديمة 5,2 ميل. وقوله التي هي برية يشير للقديمة المخربة. وكانت غزة القديمة هي التي توجد على طريق مصر الذي أتى منه الخصي الحبشي. وهنا نرى ملاك يرشد فيلبس للعمل المكلف به بل بعد أن ينهى مهمته سيخطفه الروح ويعود به، وهذا ما حدث مع إيليا فقط (1مل 12:18) ونلاحظ أهمية الدور الإنساني فالملاك لم يشرح للخصى مباشرة بل أتى له بفيلبس. وكان ملك الحبشة يُقَدَّسْ كإله ولا يتدخل في السياسة فهو شخصية روحية. والذي يحكم البلاد هي الملكة الأم وكان لقبها الدائم لكل الملكات هو كنداكة. وكانت الحبشة تبدأ من النوبة. وكان هذا الخصي وزيرًا للمالية. وهو يهودي مهتم بدراسة التوراة حتى وهو مسافر في مركبته. وهذا يوضح أن اليهودية كانت متأصلة في الحبشة. ونرى أن الروح القدس يُلهم الوزير الحبشي أن يقرأ في سفر إشعياء، ثم يأمر فيلبس أن يرافقه ليشرح له ما عسر عليه فهمه وذلك لتؤمن نفس واحدة بالمسيح. فالله يهتم بنا نفسًا نفسًا. وقد يكون هذا الوزير قد صار مبشرًا للحبشة أو أعَدَّ الطريق لقبول الرسول الذي سيرسله الروح القدس بعد ذلك.خَصِيٌّ
= تعنى مركزًا ساميًا ولم يكن شرطًا أن يكون كذلك.
آيات (29-35):- "فَقَالَ الرُّوحُ لِفِيلُبُّسَ: «تَقَدَّمْ وَرَافِقْ هذِهِ الْمَرْكَبَةَ». فَبَادَرَ إِلَيْهِ فِيلُبُّسُ، وَسَمِعَهُ يَقْرَأُ النَّبِيَّ إِشَعْيَاءَ، فَقَالَ: «أَلَعَلَّكَ تَفْهَمُ مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟» فَقَالَ: «كَيْفَ يُمْكِنُنِي إِنْ لَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ؟». وَطَلَبَ إِلَى فِيلُبُّسَ أَنْ يَصْعَدَ وَيَجْلِسَ مَعَهُ. وَأَمَّا فَصْلُ الْكِتَابِ الَّذِي كَانَ يَقْرَأُهُ فَكَانَ هذَا: «مِثْلَ شَاةٍ سِيقَ إِلَى الذَّبْحِ، وَمِثْلَ خَرُوفٍ صَامِتٍ أَمَامَ الَّذِي يَجُزُّهُ هكَذَا لَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. فِي تَوَاضُعِهِ انْتُزِعَ قَضَاؤُهُ، وَجِيلُهُ مَنْ يُخْبِرُ بِهِ؟ لأَنَّ حَيَاتَهُ تُنْتَزَعُ مِنَ الأَرْضِ» فَأَجَابَ الْخَصِيُّ فِيلُبُّسَ وَقَالَ: «أَطْلُبُ إِلَيْكَ: عَنْ مَنْ يَقُولُ النَّبِيُّ هذَا؟ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ عَنْ وَاحِدٍ آخَرَ؟» فَفَتَحَ فِيلُبُّسُ فَاهُ وابْتَدَأَ مِنْ هذَا الْكِتَابِ فَبَشِّرَهُ بِيَسُوعَ."
ربما توقفت المركبة بتدبير من الروح القدس ليركب فيلبس المركبة لاحظ أنه لمجرد تفكير الخصي في معنى الآيات يرسل الله فيلبس له ليشرح المعنى ويقينًا لو رفع رئيس الكهنة اليهودي رأسه للسماء ليتساءل من هو المسيح لأجابه الله، وكل من يبحث عن الحق يستجيب له الله، ألم يرشد الله المجوس للمسيح لأنهم يطلبونه. وَسَمِعَهُ يَقْرَأُ = كانوا قديمًا يقرأون بصوت عال حتى لو في غرفهم الخاصة. وقد ورد في اعترافات أغسطينوس عبارة تقول أنه يتعجب على القديس أمبروسيوس كيف يقرأ وهو صامت.
وهذا الفصل الذي كان يقرأه الخصي الحبشي حيَّر اليهود وما زال يحيرهم عمن هو هذا الخروف المذبوح (إش 7:53، 8 ولكن من الترجمة السبعينية) وكان هذا الإصحاح لا يُفهم قبل الصليب. وصار واضحًا بعد الصليب، ولكن غامضًا لمن أنكر الصليب ورفض المصلوب كاليهود. والمعمدان آخر أنبياء العهد القديم قال عن المسيح حمل الله الذي يرفع خطية العالم يو 29:1
انْتُزِعَ قَضَاؤُهُ
= أي خسر قضيته إذ حكم عليه الرؤساء بالصلب.وَجِيلُهُ مَنْ يُخْبِرُ بِهِ
= تعنى أن من رأى المسيح وهو يتألم على الصليب، هل يمكن أن يتخيل أحد أن هذا هو المسيح، وأنه ابن الله وأنه سيقوم ليجلس في مجد أبيه وعن يمين الله، وأنه سيؤسس كنيسته التي هي جسده، وستشمل كل العالم ويعطيها مجده ويغفر خطاياها، هل كان أحد يتصور أن تكون كنيسته بكل هذا الحجم.
آيات (36-37):- "وَفِيمَا هُمَا سَائِرَانِ فِي الطَّرِيقِ أَقْبَلاَ عَلَى مَاءٍ، فَقَالَ الْخَصِيُّ: «هُوَذَا مَاءٌ. مَاذَا يَمْنَعُ أَنْ أَعْتَمِدَ؟» فَقَالَ فِيلُبُّسُ: «إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ يَجُوزُ». فَأَجَابَ وَقَالَ: «أَنَا أُومِنُ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ ابْنُ اللهِ».
وفيما هما سائران في الطريق اقبلا على ماء فقال الخصي هوذا ماء ماذا يمنع أن اعتمد. فقال فيلبس أن كنت تؤمن من كل قلبك يجوز فأجاب وقال أنا أومن أن يسوع المسيح هو ابن الله.
من المؤكد أن فيلبس شرح للخصي أن المعمودية هي موت وقيامة مع المسيح ولننال القيامة الثانية في المجد، ولننال غفران خطايانا. فطلبها إذ رأى ماء. ولا معمودية بدون إيمان، لذلك أعلن الخصي إيمانه.
آيات (38-39):- "فَأَمَرَ أَنْ تَقِفَ الْمَرْكَبَةُ، فَنَزَلاَ كِلاَهُمَا إِلَى الْمَاءِ، فِيلُبُّسُ وَالْخَصِيُّ، فَعَمَّدَهُ. وَلَمَّا صَعِدَا مِنَ الْمَاءِ، خَطِفَ رُوحُ الرَّبِّ فِيلُبُّسَ، فَلَمْ يُبْصِرْهُ الْخَصِيُّ أَيْضًا، وَذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ فَرِحًا."
لاحظ فرح الخصي. فهذا دليل عمل الروح القدس، كما عمل في أهل السامرة. ولكن الكتاب لم يذكر أنه نال موهبة الروح القدس، فهذه ليست من اختصاص فيلبس. ولكن الروح القدس الذي دبر كل هذا لأجل الخصي من المؤكد أنه دبر بعد ذلك وضع اليد، فالله لا يترك عمله ناقصًا. ولما صعدا= فالمعمودية بالتغطيس. ولاحظ أهمية المعمودية فلم يكتفي بالإيمان.
آية (40):- "وَأَمَّا فِيلُبُّسُ فَوُجِدَ فِي أَشْدُودَ. وَبَيْنَمَا هُوَ مُجْتَازٌ، كَانَ يُبَشِّرُ جَمِيعَ الْمُدُنِ حَتَّى جَاءَ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ."
الروح حمل فيلبس إلى أشدود على مسافة 20 ميل من غزة شمالًا واستمر يبشر حتى قيصرية. وكون الروح يحمل فيلبس فهذا يعنى أن الجسد لم تعد له السيادة بل الروح، هو يوجد أينما شاء الروح.
ونلاحظ أن فيلبس أنهى عمله إذ شرح للخصي الحبشي أن المسيح قد جاء لأن الخصي الحبشي كان دارسًا للأنبياء، عارفًا كل شيء، وكان هذا ما ينقصه:
1) أن يعرف أن المسيح قد جاء.
2) أن يعتمد.
الآيات الخاصة بشاول الطرسوسي
بولس الرسول العظيم
آية (1):- "وَكَانَ شَاوُلُ رَاضِيًا بِقَتْلِهِ. وَحَدَثَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ اضْطِهَادٌ عَظِيمٌ عَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ، فَتَشَتَّتَ الْجَمِيعُ فِي كُوَرِ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ، مَا عَدَا الرُّسُلَ."
آية (3):- "وَأَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ يَسْطُو عَلَى الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ يَدْخُلُ الْبُيُوتَ وَيَجُرُّ رِجَالًا وَنِسَاءً وَيُسَلِّمُهُمْ إِلَى السِّجْنِ."
← تفاسير أصحاحات سفر الأعمال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أعمال الرسل 9 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
تفسير أعمال الرسل 7 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/553t2fa