← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37
آيات (1، 2):- "وَبَيْنَمَا هُمَا يُخَاطِبَانِ الشَّعْبَ، أَقْبَلَ عَلَيْهِمَا الْكَهَنَةُ وَقَائِدُ جُنْدِ الْهَيْكَلِ وَالصَّدُّوقِيُّونَ، مُتَضَجِّرِينَ مِنْ تَعْلِيمِهِمَا الشَّعْبَ، وَنِدَائِهِمَا فِي يَسُوعَ بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ."
ما ضايق رؤساء اليهود هو تبشير التلاميذ بقيامة المسيح الذي صلبوه وهذا يعنى أنهم قتلة. وهذا التبشير حرك بعثة كبيرة للقبض على التلاميذ، من الكهنة وقائد جند الهيكل وهو المسئول عن أمن ونظام الهيكل في الداخل والخارج وكان كاهنًا يلي رئيس الكهنة ولم يكن ضابطًا عسكريًا. والصدوقيون = ومنهم رؤساء الكهنة ولهم علاقات حسنة مع السلطة الرومانية وكانوا يساعدون الرومان في إخماد الثورات. ولأنهم لا يعتقدون في القيامة من الأموات أهاجهم بشارة التلاميذ بأن المسيح قد قام. ضِف إلى ذلك خوفهم على شعبيتهم ومصادر أموالهم.
آية (3):- "فَأَلْقَوْا عَلَيْهِمَا الأَيَادِيَ وَوَضَعُوهُمَا فِي حَبْسٍ إِلَى الْغَدِ، لأَنَّهُ كَانَ قَدْ صَارَ الْمَسَاءُ."
هذه أول مرة يقضى فيها تلميذ للمسيح ليلته في السجن. وبهذا بدأ الاضطهاد الرسمي للمسيحية وبدأت سلسلة الآلام. ولاحظ أنهم وضعوهم في الحبس إذ لا يجوز المحاكمة في المساء، هنا احترموا هذا القانون اليهودي أمّا مع المسيح فظلت المحاكمة طوال الليل.
آية (4):- "وَكَثِيرُونَ مِنَ الَّذِينَ سَمِعُوا الْكَلِمَةَ آمَنُوا، وَصَارَ عَدَدُ الرِّجَالِ نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفٍ."
في مقابل الآلام نجد أن الكنيسة تنمو. فالآلام لا تمنع نمو الكنيسة بل تساعد على نموها.
آيات (5-7):- "وَحَدَثَ فِي الْغَدِ أَنَّ رُؤَسَاءَهُمْ وَشُيُوخَهُمْ وَكَتَبَتَهُمُ اجْتَمَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ مَعَ حَنَّانَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ وَقَيَافَا وَيُوحَنَّا وَالإِسْكَنْدَرِ، وَجَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ عَشِيرَةِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ. وَلَمَّا أَقَامُوهُمَا فِي الْوَسْطِ، جَعَلُوا يَسْأَلُونَهُمَا: «بِأَيَّةِ قُوَّةٍ وَبِأَيِّ اسْمٍ صَنَعْتُمَا أَنْتُمَا هذَا؟»"
هؤلاء المجتمعون هم هيئة السنهدريم أي مجلس المشورة أو إدارة وهي كلمة أرامية. والسنهدريم هو أعلى محكمة في إسرائيل وهم (70 شيخ + رئيس الكهنة فيصبح العدد الإجمالي 71. وكان تقسيمهم كالتالي 24 كاهنًا + 24 شيخًا + 22 كاتبًا) ومنهم فريسيين وصدوقيين. وكانوا 70 على غرار نظام السبعين شيخًا أيام موسى. والسنهدريم عقد أول اجتماع له سنة 200 ق.م. واستمرت سلطاته حتى الحرب مع الرومان سنة 70م. وأيام الرومان كان لهم أن يحكموا بالإعدام على أن يوافق الوالي. ونلاحظ هنا أن الله رتب لرسله أن يشهدوا له داخل السنهدريم.
بأية قوة صنعتما هذا = إذًا فقد أقروا بالمعجزة فالكل رآها. وهم ربما ظنوا أنها قوة سحرية أو بقوة بعلزبول كما قالوا عن المسيح سابقًا. وبأي اسم = ربما تصوروا أنه باسم أحد الأنبياء. بأى قوة صنعتما = السؤال فيه صيغة السخرية.
آيات (8-10):- "حِينَئِذٍ امْتَلأَ بُطْرُسُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَقَالَ لَهُمْ: «يَا رُؤَسَاءَ الشَّعْبِ وَشُيُوخَ إِسْرَائِيلَ، إِنْ كُنَّا نُفْحَصُ الْيَوْمَ عَنْ إِحْسَانٍ إِلَى إِنْسَانٍ سَقِيمٍ، بِمَاذَا شُفِيَ هذَا، فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَ جَمِيعِكُمْ وَجَمِيعِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ، أَنَّهُ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ، الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمُ، الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِذَاكَ وَقَفَ هذَا أَمَامَكُمْ صَحِيحًا."
حِينَئِذٍ أمْتَلأَ بُطْرُسُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ
= هذا هو وعد المسيح (مت 19:10 + لو 14:21) أن لا نهتم إذا وقفنا أمام ملوك وولاة فالروح القدس يعطينا في ذلك الوقت ما نتكلم به، فعلينا أن لا نخاف أو لا نهتم. وهذا ما حدث لبطرس، بل هو وجه إتهامًا لشيوخ السنهدريم بأنهم صلبوا من أتى ليشفيهم ويشفى كل الشعب. الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ = كان هذا حكم السنهدريم على المسيح الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ = وهذا هو حكم الله على المسيح. وواضح بهذا أن بطرس يريد أن يقول لقد كان حكمكم باطل، فلقد أبطله الله بأن أقام المسيح، وهو يوجه لهم إتهامًا بأنهم وقفوا ضد الله. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ونلاحظ أن رؤساء الكهنة ومجمع السنهدريم حينما قال بطرس أن الله أقام المسيح، لم يجسروا أن يقولوا له وللتلاميذ أنكم سرقتموه والحراس نيام فهم يعلمون أنهم دفعوا رشوة للحراس ليقولوا ذلك.أمْتَلأَ بُطْرُسُ مِنَ الرُّوحِ
= هو سبق وإمتلأ يوم الخمسين، ولكن هذه تعنى قوة جديدة أعطاها له الروح القدس وحكمة وفهم وقوة للرد على السنهدريم. من أجل إِحْسَانٍ = هذه سخرية من المجمع وتعنى أنني أحاكم من أجل إحسان عملته.
آية (11):- "هذَا هُوَ: الْحَجَرُ الَّذِي احْتَقَرْتُمُوهُ أَيُّهَا الْبَنَّاؤُونَ، الَّذِي صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ."
الاقتباس من (مز 22:118). وقد استخدم المسيح نفسه هذه الآية عن نفسه (مر 7:12-11 + مت 42:21-44 + أش 14:8-16 + 16:28 + رو 32:9، 33 + 1بط 3:2-5 + أف 20:2-22). فالمسيح حجر ربط بين عهدين قديم وجديد وبين يهود وأمم وبين السماء والأرض.
آية (12):- "وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ»."
هم سألوا عن الاسم الذي استخدمه الرسل لشفاء الأعرج. وبطرس يرد أنه لا يوجد سوى اسم المسيح الذي به لا نشفى من أمراضنا الجسدية فقط، بل به نخلص أي نشفى روحيًا. ما قاله بطرس هنا هو دعوة للسنهدريم ليؤمنوا فيشفوا.
آية (13):- "فَلَمَّا رَأَوْا مُجَاهَرَةَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا، وَوَجَدُوا أَنَّهُمَا إِنْسَانَانِ عَدِيمَا الْعِلْمِ وَعَامِّيَّانِ، تَعَجَّبُوا. فَعَرَفُوهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ."
مُجَاهَرَةَ
= تشير لكلام بطرس بثقة وعدم اضطراب وجسارة والكلمة الأصلية تشير للحديث بحرية وانطلاق.عَدِيمَا الْعِلْمِ
= أي لم يتعلما في مدارس الربيين. وما أدهشهم إستخدام بطرس للنبوات، وهم يظنون أن لا أحد يفهمها سوى الربيين (رابى = معلم) (يو 15:7) ولكن الله يفتح الذهن ليفهم العامى كلام الكتاب (لو 45:24). أليس هذا هو عمل الروح القدس، أن يعلمنا كل شيء.كَانَا مَعَ يَسُوعَ
= المسيح يحيا في رُسِلهِ. المحكمة بدأ يسيطر عليها الشعور بوجود يسوع فتلاميذه لهم نفس صفاته (الجرأة والعلم والمعجزات).
آية (14):- "وَلكِنْ إِذْ نَظَرُوا الإِنْسَانَ الَّذِي شُفِيَ وَاقِفًا مَعَهُمَا، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَيْءٌ يُنَاقِضُونَ بِهِ."
ما أغلق المناقشة أن الأعرج الذي شُفِىَ هو خير شاهد لبراءتهما. وكان الأعرج الذي شفى جريئًا فهو لم يتركهما ويهرب.
آيات (15، 16):- "فَأَمَرُوهُمَا أَنْ يَخْرُجَا إِلَى خَارِجِ الْمَجْمَعِ، وَتَآمَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ قَائِلِينَ: «مَاذَا نَفْعَلُ بِهذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ؟ لأَنَّهُ ظَاهِرٌ لِجَمِيعِ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ أَنَّ آيَةً مَعْلُومَةً قَدْ جَرَتْ بِأَيْدِيهِمَا، وَلاَ نَقْدِرُ أَنْ نُنْكِرَ."
المجمع = هو السنهدريم أي المحكمة العليا.. وهناك سؤال.. من الذي أخبر التلاميذ بما دار سرًا في جلسة المداولة؟ غالبًا هو بولس تلميذ غمالائيل.
آيات (17، 18):- "وَلكِنْ لِئَلاَّ تَشِيعَ أَكْثَرَ فِي الشَّعْبِ، لِنُهَدِّدْهُمَا تَهْدِيدًا أَنْ لاَ يُكَلِّمَا أَحَدًا مِنَ النَّاسِ فِيمَا بَعْدُ بِهذَا الاسْمِ». فَدَعَوْهُمَا وَأَوْصَوْهُمَا أَنْ لاَ يَنْطِقَا الْبَتَّةَ، وَلاَ يُعَلِّمَا بِاسْمِ يَسُوعَ."
هنا نرى خوفهم ورعبهم من اسم يسوع الذي صلبوه. ولكن كيف ينكرون الحق؟ لا بُد أن الشيطان الذي حركهم ليصلبوا المسيح ما زال مسيطرًا عليهم. بهذا الاسم = نلاحظ أنهم تحاشوا ذكر اسم يسوع رُعبًا منه. فهم رفضوا الخلاص لأنهم طلبوا مجد الناس.
آيات (19، 20):- "فَأَجَابَهُمْ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا وَقَالاَ: «إِنْ كَانَ حَقًّا أَمَامَ اللهِ أَنْ نَسْمَعَ لَكُمْ أَكْثَرَ مِنَ اللهِ، فَاحْكُمُوا. لأَنَّنَا نَحْنُ لاَ يُمْكِنُنَا أَنْ لاَ نَتَكَلَّمَ بِمَا رَأَيْنَا وَسَمِعْنَا»."
الروح القدس أعطى التلاميذ جرأة ليعلنوا إصرارهم على الشهادة باسم يسوع الذي أحبوه وشاهدوا قيامته بعد صلبه.
آيات (21، 22):- "وَبَعْدَمَا هَدَّدُوهُمَا أَيْضًا أَطْلَقُوهُمَا، إِذْ لَمْ يَجِدُوا الْبَتَّةَ كَيْفَ يُعَاقِبُونَهُمَا بِسَبَبِ الشَّعْبِ، لأَنَّ الْجَمِيعَ كَانُوا يُمَجِّدُونَ اللهَ عَلَى مَا جَرَى، لأَنَّ الإِنْسَانَ الَّذِي صَارَتْ فِيهِ آيَةُ الشِّفَاءِ هذِهِ، كَانَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً."
واضح هنا تخبط المحكمة. وربما هم أطلقوهما حتى يستميلوهما فلا يتكلما باسم المسيح. وربما خوفًا من الجماهير الذين إنبهروا بالمعجزة.
آيات (23، 24):- "وَلَمَّا أُطْلِقَا أَتَيَا إِلَى رُفَقَائِهِمَا وَأَخْبَرَاهُمْ بِكُلِّ مَا قَالَهُ لَهُمَا رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ. فَلَمَّا سَمِعُوا، رَفَعُوا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ صَوْتًا إِلَى اللهِ وَقَالُوا: «أَيُّهَا السَّيِّدُ، أَنْتَ هُوَ الإِلهُ الصَّانِعُ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا،"
هم يصلون لرفع القضية لله، الإله الصانع السماء والبحر = أي أنت ضابط الكل ولك السلطان المطلق على كل الخليقة بما فيها السلطات الكائنة مثل مجمع السنهدريم والرومان. ما قاله لهما رؤساء الكهنة = أي لا يُعلِّما باسم يسوع.
آيات (25-28):- "الْقَائِلُ بِفَمِ دَاوُدَ فَتَاكَ: لِمَاذَا ارْتَجَّتِ الأُمَمُ وَتَفَكَّرَ الشُّعُوبُ بِالْبَاطِلِ؟ قَامَتْ مُلُوكُ الأَرْضِ، وَاجْتَمَعَ الرُّؤَسَاءُ مَعًا عَلَى الرَّبِّ وَعَلَى مَسِيحِهِ. لأَنَّهُ بِالْحَقِيقَةِ اجْتَمَعَ عَلَى فَتَاكَ الْقُدُّوسِ يَسُوعَ، الَّذِي مَسَحْتَهُ، هِيرُودُسُ وَبِيلاَطُسُ الْبُنْطِيُّ مَعَ أُمَمٍ وَشُعُوبِ إِسْرَائِيلَ، لِيَفْعَلُوا كُلَّ مَا سَبَقَتْ فَعَيَّنَتْ يَدُكَ وَمَشُورَتُكَ أَنْ يَكُونَ."
الاقتباس من مز2. فتاك = تترجم عبد أو فتى إشارة لجسد المسيح الذي أخذه من العذراء. مسحته = حل عليه الروح القدس وتخصص ككاهن وكذبيحة إثم عن الناس. ومعنى صلاتهم أن العالم هائج على المسيح ومن يتبع المسيح. وكما انتصر المسيح ستنتصر كنيسته.
آيات (29، 30):- "وَالآنَ يَا رَبُّ، انْظُرْ إِلَى تَهْدِيدَاتِهِمْ، وَامْنَحْ عَبِيدَكَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِكَلاَمِكَ بِكُلِّ مُجَاهَرَةٍ، بِمَدِّ يَدِكَ لِلشِّفَاءِ، وَلْتُجْرَ آيَاتٌ وَعَجَائِبُ بِاسْمِ فَتَاكَ الْقُدُّوسِ يَسُوعَ»."
هنا يرفعوا أمام الله قضيتهم إذ بدأ الاضطهاد ضدهم وهم يطلبون قوة ومعونة ليكملوا شهادتهم عن المسيح. ولاحظ أنهم لم يطلبوا توقف الاضطهاد ضدهم.
آية (31):- "وَلَمَّا صَلَّوْا تَزَعْزَعَ الْمَكَانُ الَّذِي كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِيهِ، وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَكَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلاَمِ اللهِ بِمُجَاهَرَةٍ."
تزعزع المكان = إعلان عن حضور الروح القدس الذي هو فوق الطبيعة الزائلة. فطبيعة المادة أنها من عدم وستزول. وأمام عمل الله الحقيقي يتزعزع الباطل. هم طلبوا قوة الله وكانت زعزعة المكان استجابة من الله أنه حاضر بقوته وأن العالم كله يتزعزع أمامه. المكان يتزعزع أما التلاميذ فيمتلئون بالروح.
امتلأ الجميع = الإنسان المؤمن صار مسكنًا لله فلا يتزعزع بل الله من محبته يملأه من روحه. ونحن في حاجة إلى الامتلاء المستمر بالصلاة بلجاجة، مثل المصباح المحتاج دائمًا لملئه بالزيت. ونحن نسمع هنا أنهم إمتلئوا وسمعنا سابقًا أنهم إمتلئوا (أع 4:2). إذًا الامتلاء عملية مستمرة نحصل بها على نعمة فوق نعمة (يو 16:1) وعلى مزيد من القوة، هنا نرى الكنيسة تحول آلامها ومشقاتها إلى صلاة تعطيها مزيدًا من الملء.
آية (32):- "وَكَانَ لِجُمْهُورِ الَّذِينَ آمَنُوا قَلْبٌ وَاحِدٌ وَنَفْسٌ وَاحِدَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِ لَهُ، بَلْ كَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكًا."
لما ظهرت جسامة الخدمة ما عاد الرسل يهتمون بأملاكهم بل باعوا كل شيء ليتفرغوا للخدمة (مت 29:19 + مر 29:10، 30) هنا نجد أقوال السيد المسيح التي حركتهم لترك كل شيء، فمن وجد اللؤلؤة كثيرة الثمن يبيع كل اللآلئ ليشتريها. هم ذاقوا طعم الامتلاء من الروح القدس فحسبوا كل شيء نفاية وتجردوا عن ممتلكاتهم. وتجردهم عن ممتلكاتهم سَهَّل الكرازة لهم في كل العالم إذ لم يعودوا مرتبطين بأورشليم فهم لا يمتلكون فيها شيئًا. وعمومًا حينما تصل الكنيسة لمستوى الوحدة كجسد واحد وروح واحد تختفي الذاتية والفردية والإحساس بالملكية والأنانية. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وكان هذا طلب المسيح في (يو 17) أن يصير الكل واحدًا.
والنمط الذي طلبه المسيح للوحدة في الكنيسة هو نفس النمط الذي عليه الوحدة داخل الثالوث (يو 21:17، 22). وهذه قال عنها المسيح "كل ما هو لي فهو لك" (يو 10:17). والمعنى أن كل ما هو لي يكون للآخر وما هو للآخر يكون لي. وهناك مفهوم آخر. فالابن أتى ليستعلن مجد الآب ويشهد للآب ويمجد الآب (يو 4:17 + 34:4). والآب يمجد الابن ويشهد له (يو 5:17 + مت 17:3 + مت 5:17 + يو 28:12، 29، 30) والروح القدس يشهد للمسيح ويمجده (يو 26:15 + يو 14:16، 15). فكل أقنوم يشهد ويمجد الآخر، هذه هي المحبة التي يطلبها الله فينا. وهذه هي الوحدة التي يطلبها فينا.
آية (33):- "وَبِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ كَانَ الرُّسُلُ يُؤَدُّونَ الشَّهَادَةَ بِقِيَامَةِ الرَّبِّ يَسُوعَ، وَنِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ كَانَتْ عَلَى جَمِيعِهِمْ،"
بِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ
= هذا نتيجة طبيعية لإمتلائهم بالروح الذي كان ثمرة طبيعية لصلواتهم التي إستجابها الله. والروح القدس هو روح القوة (2تى 1: 7).
آيات (34، 35):- "إِذْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ مُحْتَاجًا، لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ كَانُوا أَصْحَابَ حُقُول أَوْ بُيُوتٍ كَانُوا يَبِيعُونَهَا، وَيَأْتُونَ بِأَثْمَانِ الْمَبِيعَاتِ، وَيَضَعُونَهَا عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ، فَكَانَ يُوزَّعُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ كَمَا يَكُونُ لَهُ احْتِيَاجٌ."
الأغنياء وفروا احتياجات الفقراء، لقد صارت الكنيسة سماء على الأرض.
آيات (36، 37):- "وَيُوسُفُ الَّذِي دُعِيَ مِنَ الرُّسُلِ بَرْنَابَا، الَّذِي يُتَرْجَمُ ابْنَ الْوَعْظِ، وَهُوَ لاَوِيٌّ قُبْرُسِيُّ الْجِنْسِ، إِذْ كَانَ لَهُ حَقْلٌ بَاعَهُ، وَأَتَى بِالدَّرَاهِمِ وَوَضَعَهَا عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ."
هنا نتعرف على برنابا الذي سيرافق بولس الرسول، وأنه باع ما يمتلكه هو أيضًا وربما كانت ممتلكاته في قبرص. فاللاوي لا حق له أن يمتلك أرضًا في إسرائيل. وغالبًا كانت أملاك برنابا ضخمة تستحق الإشارة لأنه ترك كل هذا.
← تفاسير أصحاحات سفر الأعمال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أعمال الرسل 5 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
تفسير أعمال الرسل 3 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/c455dmc