← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41
دخل اليهود للمسيحية ومعهم ميراث عريق من الطقوس اليهودية والناموس بوصاياه التي لا تنتهي من جهة الطاهر والنجس ومعاملة الأمم كأنجاس. والآن دخل الأمم إلى الإيمان.. فكيف تتعامل الكنيسة معهم؟!
كان هناك خطر من أن تنشأ كنيستان منفصلتان. كنيسة لليهود المتنصرين المتعصبين، وكنيسة للأمم المؤمنين. وبهذا تكون كنيسة اليهود ضيقة على نفسها مقفولة بلا محبة للعالم فتكون نهايتها الضياع. وتكون كنيسة الأمم بلا أصل ولا عُمق الناموس والتاريخ فتدخل في متاهات الفلسفة والنظريات مثل الغنوسيين. وكان رأى اليهود المتعصبين ضرورة ختان من يدخل للإيمان كما كانوا يفعلون مع من يدخل للإيمان اليهودي (خر 48:12). وعلى أن يحفظوا الناموس، فهم لم يكونوا قد فهموا بعد أن العهد الجديد يلغى هذه الطقوس الناموسية وأن العماد حلَّ محل الختان، والفداء بالصليب حل مكان الذبائح وتطهير القلب مكان تطهير اليدين والرجلين. فالعماد هو خلع الإنسان العتيق بجملته وليس مجرد قطع غرلة، وذلك تمهيدًا للبس الإنسان الجديد الذي سيرث ملكوت السموات وليس ميراث الأرضيات. وكان أول من تلقى درسًا من الله بأنه لا يوجد إنسان نجس كان بطرس في حادثة كرنيليوس ولذلك لم يطلب بطرس ختان كرنيليوس فبطرس اعتبر أن الإيمان طهرَّ قلب كرنيليوس.
وكان مركز التعصب لفكرة الختان هم من اليهودية كما نرى في (أع 1:15) وهؤلاء كانوا يندسون وسط المسيحيين ويثيروا المشاكل الخاصة بالختان كشرط للخلاص. حتى أن بطرس نفسه خاف من هؤلاء ومنع نفسه عن الأكل مع الأمم، وكان هذا معناه عدم التعامل بين الفريقين. ولكن بولس واجهه بشدة (غل 11:2، 12). ولنعلم أن اليهود كانوا يعتبرون الأمم كلابًا أنجاس والمشكلة التي تواجهها الكنيسة وبسببها عُقد هذا المجمع أن اليهود المتنصرين ما زالوا يريدون شق الكنيسة إلى مؤمنين وأمم.
وهنا نرى في هذا المجمع أن بطرس قاوم اتجاه اليهود المتنصرين، وهو مؤكد كان يتذكر ما حدث في إنطاكية من مواجهة بولس الرسول لهُ، وأعلن بطرس هنا قبوله التام للأمم، وانتهت بهذا تمامًا المشكلة التي ثارت بينه وبين بولس من سنوات (غل 11:2، 12).
آية (1):- "وَانْحَدَرَ قَوْمٌ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ، وَجَعَلُوا يُعَلِّمُونَ الإِخْوَةَ أَنَّهُ «إِنْ لَمْ تَخْتَتِنُوا حَسَبَ عَادَةِ مُوسَى، لاَ يُمْكِنُكُمْ أَنْ تَخْلُصُوا»."
ظل هؤلاء القوم المتهودين ثقلًا على بولس حتى نهاية أيامه.
الختان
= هو قطع جزء من لحم الرَجُل وترك هذا الجزء ليموت فيصبح الإنسان من شعب الله فلا يموت. وكان هذا رمزًا لقطع النجاسة من كيان الإنسان فيحيا. أماّ المعمودية فهي ليست رمزًا بل موت للإنسان العتيق = هو خلع جسم الخطايا كله بالروح القدس وولادة إنسان جديد يكون ابنًا لله. فكيف نختن إنسانًا قد تطهَّر كله وصار إنسانًا جديدًا في المسيح. ونفس الموضوع كان سبب إرسال بولس لرسالة غلاطية، فقد نجح هؤلاء المتهودين في إفساد إيمان أهل غلاطية.آية (2):- "فَلَمَّا حَصَلَ لِبُولُسَ وَبَرْنَابَا مُنَازَعَةٌ وَمُبَاحَثَةٌ لَيْسَتْ بِقَلِيلَةٍ مَعَهُمْ، رَتَّبُوا أَنْ يَصْعَدَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا وَأُنَاسٌ آخَرُونَ مِنْهُمْ إِلَى الرُّسُلِ وَالْمَشَايخِ إِلَى أُورُشَلِيمَ مِنْ أَجْلِ هذِهِ الْمَسْأَلَةِ."
يقول الدارسين أن بولس وبرنابا استمرا في النزاع مع المتهودين في إنطاكية لمدة سنة.
آية (3):- "فَهؤُلاَءِ بَعْدَ مَا شَيَّعَتْهُمُ الْكَنِيسَةُ اجْتَازُوا فِي فِينِيقِيَةَ وَالسَّامِرَةِ يُخْبِرُونَهُمْ بِرُجُوعِ الأُمَمِ، وَكَانُوا يُسَبِّبُونَ سُرُورًا عَظِيمًا لِجَمِيعِ الإِخْوَةِ."
فينيقية= هي لبنان. ونرى هنا فرحة الكنائس بقبول الأمم للإيمان فهم كنائس فيها وعى وتفتح.
آية (4):- "وَلَمَّا حَضَرُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَبِلَتْهُمُ الْكَنِيسَةُ وَالرُّسُلُ وَالْمَشَايخُ، فَأَخْبَرُوهُمْ بِكُلِّ مَا صَنَعَ اللهُ مَعَهُمْ."
قبلتهم= أي قبلوا أن يتباحثوا فيما أتوا به من مشاكل.
آية (5):- "وَلكِنْ قَامَ أُنَاسٌ مِنَ الَّذِينَ كَانُوا قَدْ آمَنُوا مِنْ مَذْهَبِ الْفَرِّيسِيِّينَ، وَقَالُوا: «إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَنُوا، وَيُوصَوْا بِأَنْ يَحْفَظُوا نَامُوسَ مُوسَى»."
هؤلاء الفريسيون أرادوا أن يضيفوا المسيح القائم من الأموات إلى العهد القديم ولم يريدوا أن يفهموا أن هناك عهدًا جديدًا بأكمله.
آية (6):- "فَاجْتَمَعَ الرُّسُلُ وَالْمَشَايخُ لِيَنْظُرُوا فِي هذَا الأَمْرِ."
هذه المسألة تعرض أمام كنيسة أورشليم بصفتها الكنيسة الأم.
آية (7):- "فَبَعْدَ مَا حَصَلَتْ مُبَاحَثَةٌ كَثِيرَةٌ قَامَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنْذُ أَيَّامٍ قَدِيمَةٍ اخْتَارَ اللهُ بَيْنَنَا أَنَّهُ بِفَمِي يَسْمَعُ الأُمَمُ كَلِمَةَ الإِنْجِيلِ وَيُؤْمِنُونَ."
المباحثة دارت بين الفريسيين المتعصبين وبين برنابا وبولس اللذان كانا يتكلمان عن قبول الله للأمم دون ختان أو غيره. ولما احتدت المناقشة حسمها بطرس بأن أعلن أن الله أعلن له قبول الأمم في حادثة كرنيليوس. فهو شهد أن الروح القدس حل على كرنيليوس دون ختان منذ أيام قديمة= فحادثة كرنيليوس حدثت منذ 10 سنوات.
آية (8):- "وَاللهُ الْعَارِفُ الْقُلُوبَ، شَهِدَ لَهُمْ مُعْطِيًا لَهُمُ الرُّوحَ الْقُدُسَ كَمَا لَنَا أَيْضًا."
بحلول الروح القدس عليهم شهدت السماء بقبول الأمم.
آية (9):- "وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بِشَيْءٍ، إِذْ طَهَّرَ بِالإِيمَانِ قُلُوبَهُمْ."
بيننا= نحن اليهود. وبينهم= أي الأمم الذين يمثلهم كرنيليوس وعائلته بالرغم من أنهم لا يعرفوا شيئًا عن الناموس. والله بإيمانهم طهرهم دون ختان فلماذا نعتبرهم نحن نجسون. الإيمان كمدخل يأتي بعده العماد حتمًا (أع 36:8-38 + مر 16:16) وذلك مفهوم الخلاص المسيحي أن المسيح يحيا في المؤمن، والروح القدس هو الذي يقوده للخلاص.
آية (10):- "فَالآنَ لِمَاذَا تُجَرِّبُونَ اللهَ بِوَضْعِ نِيرٍ عَلَى عُنُقِ التَّلاَمِيذِ لَمْ يَسْتَطِعْ آبَاؤُنَا وَلاَ نَحْنُ أَنْ نَحْمِلَهُ؟"
الإيمان بالمسيح جاء ليحل مكان آلاف الوصايا الناموسية لذلك فحمل المسيح هيِّن أماّ حمل الناموس فثقيل مت 30:11 + 4:23. وكان من عادة الربيين أن يشيروا لوصايا الناموس بقولهم
نير، لذلك قال المسيح احملوا نيري فهو هين. والمقصود بالإيمان أنه مدخل للحياة والجهاد المسيحي.نير المسيح هيِّن = النير هو ما يربط حيوانين معًا ليجرا ساقية مثلًا. فإلزام إنسان نفسه بوصايا الناموس هو نير ثقيل، فالوصايا صعبة. أما حين يربط الإنسان نفسه الآن بالمسيح، تكون وصايا المسيح سهلة التنفيذ، فالذي يحمل الوصايا حقيقة هو المسيح الذي قال "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئا" (يو15: 5).
تُجَرِّبُونَ اللهَ
= لماذا تضعون نير قاس على أعناق الأمم بينما أن الله قبلهم كما هم واضح في موضوع كرنيليوس دون أن يلتزموا بالناموس.
آية (11):- "لكِنْ بِنِعْمَةِ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ نُؤْمِنُ أَنْ نَخْلُصَ كَمَا أُولئِكَ أَيْضًا»."
إن الخلاص بنعمة الله فما الداعي للختان.نؤمن أن نخلص كما أولئك أيضًا= وقارن مع آية 8 معطيًا لهم الروح القدس كما لنا أيضًا. لترى التساوي المطلق للجميع أمام الله (غل 28:3).
آية (12):- "فَسَكَتَ الْجُمْهُورُ كُلُّهُ. وَكَانُوا يَسْمَعُونَ بَرْنَابَا وَبُولُسَ يُحَدِّثَانِ بِجَمِيعِ مَا صَنَعَ اللهُ مِنَ الآيَاتِ وَالْعَجَائِبِ فِي الأُمَمِ بِوَاسِطَتِهِمْ."
كان ملخص كلام بطرس، كيف نناقش هذا الأمر والله اتخذ قرارًا فيه. وبهذا أفحم بطرس الفريسيين المعاندين. وتبع ذلك كلام بولس وبرنابا في إثبات عملي لكلام بطرس أن الله قبل الأمم. وكان هذا آخِر ذِكْر للقديس بطرس في سفر الأعمال وكأن لوقا يود أن ينقل الكنيسة للانفتاح على الأمم.
آية (13):- "وَبَعْدَمَا سَكَتَا أَجَابَ يَعْقُوبُ قِائِلًا: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، اسْمَعُونِي."
يعقوب هو أخو الرب (غل 19:1). وربما كان هو آخر من آمن بالمسيح من أسرته. وآمن بالمسيح بعد القيامة وليس قبلها، فقد ظهر له الرب خصيصًا (1كو 7:15). وكان معروفًا بين اليهود بالحكمة والنسك الشديد واستمر على هذا بعد دخوله للإيمان واستمر على تمسكه بالناموس. ولقبوه بالبار سواء اليهود أو في الكنيسة واستشهد على أيدي اليهود. ويبدو تمسكه بالناموس من (غل 12:2 + أع 18:21-24). فكان واضحًا ممالأته للغيورين على الناموس. ولكن هنا نجد شهادته هامة للغاية، إذ كان لها تأثير رسولي قوى. وكان يعقوب هو رئيس كهنة أورشليم. ولكننا هنا نجد له موقفًا ضد المتهودين. ويعقوب هذا هو كاتب رسالة يعقوب. ونلاحظ قوله هنا أيها الرجال الإخوة إسمعونى= وفي الرسالة اسمعوا يا إخوتي الأحباء. فهذا إذًا هو أسلوبه.
آيات (14-18):- "سِمْعَانُ قَدْ أَخْبَرَ كَيْفَ افْتَقَدَ اللهُ أَوَّلًا الأُمَمَ لِيَأْخُذَ مِنْهُمْ شَعْبًا عَلَى اسْمِهِ. وَهذَا تُوافِقُهُ أَقْوَالُ الأَنْبِيَاءِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: سَأَرْجعُ بَعْدَ هذَا وَأَبْنِي أَيْضًا خَيْمَةَ دَاوُدَ السَّاقِطَةَ، وَأَبْنِي أَيْضًا رَدْمَهَا وَأُقِيمُهَا ثَانِيَةً، لِكَيْ يَطْلُبَ الْبَاقُونَ مِنَ النَّاسِ الرَّبَّ، وَجَمِيعُ الأُمَمِ الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ، يَقُولُ الرَّبُّ الصَّانِعُ هذَا كُلَّهُ. مَعْلُومَةٌ عِنْدَ الرَّبِّ مُنْذُ الأَزَلِ جَمِيعُ أَعْمَالِهِ."
الإشارة هنا إلى (عا 11:9، 12).
خيمة داود الساقطة= إشارة لخراب الهيكل بعد سبي بابل.
سأرجع وأبنى= بعد خراب أورشليم وهيكلها بيد بابل عاد الله وسمح ببنائهما. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ولكن هذه النبوة تشير لما هو أبعد، أي إلى بناء الكنيسة هيكل جسد المسيح (يو 21:2). وهذا البناء تم بميلاد المسيح وفدائه. فعودة الشعب من سبى بابل لم تعيد الملك لإسرائيل ولا لأسرة داود، فكيف يقال تبنى خيمة داود والملك لم يعد لأسرة داود. إنما هذا يفسر على كنيسة المسيح، إسرائيل الجديدة وخيمة داود الجديدة، حيث يعبد الكل في وحدة. وحدة قلب وفكر لكي يطلب الباقون.... وجميع الأمم= نبوة عاموس تشير لقبول الأمم وهذا ما رآه بطرس في موضوع كرنيليوس. إذًا خيمة داود الجديدة ستشمل اليهود والأمم.
منذ الأزل= تأسيس هذه الكنيسة من كل الشعوب هي خطة الله الأزلية.
آية (19):- "لِذلِكَ أَنَا أَرَى أَنْ لاَ يُثَقَّلَ عَلَى الرَّاجِعِينَ إِلَى اللهِ مِنَ الأُمَمِ،"
واضح سيطرة الروح القدس على هذا المجمع، وحتى يعقوب المتعاطف مع الغيورين على الناموس نجده قد ألغى الختان والعوائد اليهودية من على الداخلين للإيمان. ونرى هنا أن يعقوب كان الحَكَمْ الأخير لهذا المجمع بقراره.
آية (20):- "بَلْ يُرْسَلْ إِلَيْهِمْ أَنْ يَمْتَنِعُوا عَنْ نَجَاسَاتِ الأَصْنَامِ، وَالزِّنَا، وَالْمَخْنُوقِ، وَالدَّمِ."
الشروط التي وضعها يعقوب هنا هي لمنع الأمم من الارتداد للوثنية.
نجاسات الأصنام= اللحوم والخمور المقدمة كذبائح للأوثان ويتناولونها كبركة.
الزنا |
= كان طقس من طقوس عبادة الأوثان |
المخنوق |
= هو ما يؤكل ودمه فيه، أي لم يذبح ويصفى دمه |
الدم |
= ممنوع منعًا باتًا في العهد القديم، والمخنوق والدم شريعتان مكملتان لبعضهما، فشرب الدم ممنوع تمامًا |
ولماذا لم يضف الرسول هنا الوصايا العشر مثلًا؟ السبب أن المسيحية هي باختصار أن "المسيح يحيا فيَّ" وهو يقود حياتي. وهذه الممارسات الوثنية تمنع المسيح أن يحيا فيَّ فلا اتفاق للمسيح مع بليعال (2كو 14:6، 15). فالرسول يشدد على ما يمنع المسيح من أن يحيا فيهم (أي الأمم) وكان أكل الحيوانات المخنوقة من الطقوس الوثنية. وهكذا الدم فهم يشربونه, وبحسب الشريعة فشرب الدم ممنوع (لا 11:17) فالدم محسوب أنه الحياة والحياة هي لله، فيمتنع علينا شرب حياة الحيوان. ولكن الله أعطانا أن نشرب دم ابنه الذي فيه حياته فنحيا بحياته. وبهذا نفهم أن ما منعه يعقوب له فوائد روحية هي الابتعاد عن الممارسات الوثنية التي كانوا يمارسونها في الهياكل الوثنية لئلا يرتدوا، وباختصار الانفصال عن الوثنية ليثبتوا في المسيح. والثبات في المسيح يعطينا أن يحيا المسيح فينا. وإذا كان المسيح فينا فهو سيعطينا أن نحفظ الوصايا.
آية (21):- "لأَنَّ مُوسَى مُنْذُ أَجْيَال قَدِيمَةٍ، لَهُ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ مَنْ يَكْرِزُ بِهِ، إِذْ يُقْرَأُ فِي الْمَجَامِعِ كُلَّ سَبْتٍ»."
يقصد يعقوب أن يقول أنه لا خوف على شريعة موسى ولا خطر عليها من النسيان فهي تقرأ كل سبت في المجامع، فالقوانين الجديدة لن تجعل أحد ينسى شريعة موسى. ولكن هناك معنى آخر لهذه الآية:- أن اليهود الذين يسمعون شريعة موسى. كل سبت ومنذ زمن بعيد ويحفظونها لن يمكن أن يقبلوا بينهم من يشرب الدم أو يزنى أو يشترك في عبادة الأوثان، فحتى يأكلوا معكم وبدون عثرة عليكم بالامتناع عن هذه الأشياء حتى لا يتزعزع إيمانهم في المسيح بسببكم. وهذا نفسه قاله بولس الرسول (1كو 9:8+ رو15:14+ 1كو 28:10-29). وهناك سبب آخر وهو ربما قال البعض أن بناء خيمة داود قد تم واليهود عادوا وملأوا العالم وها هي المجامع المنتشرة في العالم تشهد بذلك. ولكن يعقوب يقول لا لأن الآية تقول أن بناء خيمة داود الساقطة تشمل اليهود والأمم، فالنبوة ليست على اليهود فقط وهؤلاء مجامعهم في كل مكان، بل النبوة عن الكنيسة الجديدة، جسد المسيح وهي من اليهود والأمم. بل النبوة تتكلم عن ملك إسرائيل على الأمم. ملك من إسرائيل من نسل داود يملك على إسرائيل والأمم، فأين تم هذا؟.. هذا لم يتم إلاّ في المسيح الذي أسس كنيسة جديدة من اليهود والأمم ليملك عليهم. أما ما نراه الآن فيهود متفرقين في العالم يقرأون الناموس في مجامعهم كمشتتين بلا ملك.
آيات (22-27):- "حِينَئِذٍ رَأَى الرُّسُلُ وَالْمَشَايِخُ مَعَ كُلِّ الْكَنِيسَةِ أَنْ يَخْتَارُوا رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ، فَيُرْسِلُوهُمَا إِلَى أَنْطَاكِيَةَ مَعَ بُولُسَ وَبَرْنَابَا: يَهُوذَا الْمُلَقَّبَ بَرْسَابَا، وَسِيلاَ، رَجُلَيْنِ مُتَقَدِّمَيْنِ فِي الإِخْوَةِ. وَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِمْ هكَذَا: «اَلرُّسُلُ وَالْمَشَايخُ وَالإِخْوَةُ يُهْدُونَ سَلاَمًا إِلَى الإِخْوَةِ الَّذِينَ مِنَ الأُمَمِ فِي أَنْطَاكِيَةَ وَسُورِيَّةَ وَكِيلِيكِيَّةَ: إِذْ قَدْ سَمِعْنَا أَنَّ أُنَاسًا خَارِجِينَ مِنْ عِنْدِنَا أَزْعَجُوكُمْ بِأَقْوَال، مُقَلِّبِينَ أَنْفُسَكُمْ، وَقَائِلِينَ أَنْ تَخْتَتِنُوا وَتَحْفَظُوا النَّامُوسَ، الَّذِينَ نَحْنُ لَمْ نَأْمُرْهُمْ. رَأَيْنَا وَقَدْ صِرْنَا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ أَنْ نَخْتَارَ رَجُلَيْنِ وَنُرْسِلَهُمَا إِلَيْكُمْ مَعَ حَبِيبَيْنَا بَرْنَابَا وَبُولُسَ، رَجُلَيْنِ قَدْ بَذَلاَ نَفْسَيْهِمَا لأَجْلِ اسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. فَقَدْ أَرْسَلْنَا يَهُوذَا وَسِيلاَ، وَهُمَا يُخْبِرَانِكُمْ بِنَفْسِ الأُمُورِ شِفَاهًا. "
إرسال بعثة من قبل الرسل للشهادة بما اتخذ من قرارات في المجمع. وهذا كتثبيت لتعاليم بولس وبرنابا اللذان شهد المجمع لهما. وتحرم رسالة المجمع المتهودين الذين خرجوا بدون إذن ونسبوا أنفسهم للرسل واعتبرتهم خارجين عن النظام. ونجد في (25) أن اسم برنابا يتقدم اسم بولس لأقدميته في الخدمة.
مقلبين أنفسكم= سببوا لكم ارتباكًا.
آيات (29:28):- "لأَنَّهُ قَدْ رَأَى الرُّوحُ الْقُدُسُ وَنَحْنُ، أَنْ لاَ نَضَعَ عَلَيْكُمْ ثِقْلًا أَكْثَرَ، غَيْرَ هذِهِ الأَشْيَاءِ الْوَاجِبَةِ: أَنْ تَمْتَنِعُوا عَمَّا ذُبحَ لِلأَصْنَامِ، وَعَنِ الدَّمِ، وَالْمَخْنُوقِ، وَالزِّنَا، الَّتِي إِنْ حَفِظْتُمْ أَنْفُسَكُمْ مِنْهَا فَنِعِمَّا تَفْعَلُونَ. كُونُوا مُعَافَيْنَ»."
هنا نرى تدخل الروح القدس في أمور الكنيسة بوضوح.
وَنَحْنُ = هم كانوا شاعرين بقيادة الروح القدس لهم وراضين عن كل ما قيل. هذه هي الكنيسة المرتشدة بالروح القدس ويدبرها (أع 2:13+6:16). هم تشاوروا وتوصلوا لهذا القرارات والروح القدس أرشدهم أنها صحيحة. ألم يعطى المسيح سلطان الحل والربط للكنيسة. تفعلون حسنًا= قارن مع (يع8:2) "فحسنًا تفعلون" إذا هذا هو أسلوب يعقوب كُونُوا مُعَافَيْنَ = إصطلاع وداعى (أع 30:23).ما ذبح للأصنام =
أسماها نجاسات الأصنام في الآية 20، وهي لحوم الذبائح التي كانوا يقدمونها للأصنام والكاهن يأخذ جزءًا منها ويحرق جزء على المذبح، ويأكل مقدم الذبيحة جزء ليتبارك به فهو إشترك في الأكل مع الصنم (1كو10: 20، 21).
آيات (30-35):- "فَهؤُلاَءِ لَمَّا أُطْلِقُوا جَاءُوا إِلَى أَنْطَاكِيَةَ، وَجَمَعُوا الْجُمْهُورَ وَدَفَعُوا الرِّسَالَةَ. فَلَمَّا قَرَأُوهَا فَرِحُوا لِسَبَبِ التَّعْزِيَةِ. وَيَهُوذَا وَسِيلاَ، إِذْ كَانَا هُمَا أَيْضًا نَبِيَّيْنِ، وَعَظَا الإِخْوَةَ بِكَلاَمٍ كَثِيرٍ وَشَدَّدَاهُمْ. ثُمَّ بَعْدَ مَا صَرَفَا زَمَانًا أُطْلِقَا بِسَلاَمٍ مِنَ الإِخْوَةِ إِلَى الرُّسُلِ. وَلكِنَّ سِيلاَ رَأَى أَنْ يَلْبَثَ هُنَاكَ. أَمَّا بُولُسُ وَبَرْنَابَا فَأَقَامَا فِي أَنْطَاكِيَةَ يُعَلِّمَانِ وَيُبَشِّرَانِ مَعَ آخَرِينَ كَثِيرِينَ أَيْضًا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ."
هنا نرى عودة بولس وبرنابا إلى إنطاكية وفي (35) نجدهم قد عادا للخدمة لمدة في إنطاكية. فإنطاكية كانت مركزًا لبولس الرسول تبدأ منها رحلاته وتنتهي إليها. ونلاحظ أنه في (32) قيل عن سيلا أنه نبي وفي (35) نجده يعظ فالتفسير الأعم لكلمة نبي هو أنه واعظ يتكلم ويشهد للمسيح بالروح القدس.
آيات (36-40):- "ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ قَالَ بُولُسُ لِبَرْنَابَا: «لِنَرْجِعْ وَنَفْتَقِدْ إِخْوَتَنَا فِي كُلِّ مَدِينَةٍ نَادَيْنَا فِيهَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ، كَيْفَ هُمْ». فَأَشَارَ بَرْنَابَا أَنْ يَأْخُذَا مَعَهُمَا أَيْضًا يُوحَنَّا الَّذِي يُدْعَى مَرْقُسَ، وَأَمَّا بُولُسُ فَكَانَ يَسْتَحْسِنُ أَنَّ الَّذِي فَارَقَهُمَا مِنْ بَمْفِيلِيَّةَ وَلَمْ يَذْهَبْ مَعَهُمَا لِلْعَمَلِ، لاَ يَأْخُذَانِهِ مَعَهُمَا. فَحَصَلَ بَيْنَهُمَا مُشَاجَرَةٌ حَتَّى فَارَقَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ. وَبَرْنَابَا أَخَذَ مَرْقُسَ وَسَافَرَ فِي الْبَحْرِ إِلَى قُبْرُسَ. وَأَمَّا بُولُسُ فَاخْتَارَ سِيلاَ وَخَرَجَ مُسْتَوْدَعًا مِنَ الإِخْوَةِ إِلَى نِعْمَةِ اللهِ."
بولس رفض إصطحاب مرقس لأنه لم يحتمل مشاق الرحلة الأولى وعاد من منتصف الطريق. وبدأ الرحلة الثانية بولس وسيلا ومعهما قرارات مجمع أورشليم. والله بحكمته حوًل هذا الخلاف لينطلق برنابا ومرقس في طريق وبولس وسيلا في طريق فصاروا إرساليتين لمكانين عوضًا عن إرسالية واحدة. ونرى حكمة الله الذي يُخْرِجْ من الآكل أُكُل فلو بقى مرقس مع بولس لظل تلميذًا له تابعًا لبولس. ولما نضج صار هذا الرسول والكارز العظيم الذي بشر مصر. حقًا
فكل الأشياء تعمل معًا للخير.... وبولس شهد لمرقس بعد ذلك(كو 10:4+2تى 11:4) وسيلا له اسم سلوانس في رسائل بولس الرسول وكان هو أيضًا مواطن روماني مثل بولس الرسول.
آية (41):-
"فَاجْتَازَ فِي سُورِيَّةَ وَكِيلِيكِيَّةَ يُشَدِّدُ الْكَنَائِسَ."
← تفاسير أصحاحات سفر الأعمال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أعمال الرسل 16 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
تفسير أعمال الرسل 14 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/4gyhr4p