← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42 - 43 - 44 - 45 - 46 - 47 - 48
بعد أن امتدت الكرازة من أورشليم إلى اليهودية ثم إلى السامرة جاء الدور على الأمم.
آية (1):- "وَكَانَ فِي قَيْصَرِيَّةَ رَجُلٌ اسْمُهُ كَرْنِيلِيُوسُ، قَائِدُ مِئَةٍ مِنَ الْكَتِيبَةِ الَّتِي تُدْعَى الإِيطَالِيَّةَ."
قَائِدُ مِئَةٍ
= تحت إمرته 100 جندى. والْكَتِيبَةِ الإِيطَالِيَّةَ = من 600 - 1000 جندي. ونلاحظ أن قادة المئة في العهد الجديد سمعتهم حسنة (لو 47:23 + لو 1:7-9). وهذا غالبا إذ كانوا رمزا للمسيح الراعي الصالح قائد قطيعه (المرموز له بالـ100 خروف).
آيات (2):- "وَهُوَ تَقِيٌّ وَخَائِفُ اللهِ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ، يَصْنَعُ حَسَنَاتٍ كَثِيرَةً لِلشَّعْبِ، وَيُصَلِّي إِلَى اللهِ فِي كُلِّ حِينٍ."
التقوى جاءت للأمم من معاشرتهم لليهود الأتقياء. وقائد المئة هذا ترك وثنيته وعبد الله لكنه لم يتهود. يصلى كل حين= أي في مواعيد صلاة اليهود كان دائمًا يصلى تاركًا حياة الخلاعة والملذات الفارغة، ومثل هذا لا يتركه الله. ولاحظ أنه عَلّمَ أهل بيته التقوى.
آيات (3-6):- "فَرَأَى ظَاهِرًا فِي رُؤْيَا نَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ مِنَ النَّهَارِ، مَلاَكًا مِنَ اللهِ دَاخِلًا إِلَيْهِ وَقَائِلًا لَهُ: «يَا كَرْنِيلِيُوسُ!». فَلَمَّا شَخَصَ إِلَيْهِ وَدَخَلَهُ الْخَوْفُ، قَالَ: «مَاذَا يَا سَيِّدُ؟» فَقَالَ لَهُ: «صَلَوَاتُكَ وَصَدَقَاتُكَ صَعِدَتْ تَذْكَارًا أَمَامَ اللهِ. وَالآنَ أَرْسِلْ إِلَى يَافَا رِجَالًا وَاسْتَدْعِ سِمْعَانَ الْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ. إِنَّهُ نَازِلٌ عِنْدَ سِمْعَانَ رَجُل دَبَّاغٍ بَيْتُهُ عِنْدَ الْبَحْرِ. هُوَ يَقُولُ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ»."
الساعة التاسعة = هي الثالثة بعد الظهر. وفيها تقدم ذبيحة المساء. صلواتك وصدقاتك صعدت= صعَدتْ كلمة تقال في صعود البخور أو دخان ذبيحة المحرقة (ولاحظ أن الوقت تقديم ذبيحة المحرقة) (عب 15:13، 16 + مز 2:141). وهل بعد هذه الآية ينكر أحد أهمية الأعمال. هذا الإنسان جاهد وكان بارًا في أعماله لذلك يقوده الله للبر الذي في المسيح لأنه يستحق، ولأنه يستحق ظهر له ملاك، لكن الملاك لم يُعَلِّمه شيء فهذا عمل خدام الكلمة في الكنيسة (بطرس).
تذكارًا أمام الله= هذه تقال عن تقدمه الدقيق. وبهذا نفهم أن الصلوات والصدقات لها نفس مفعول الذبائح والقرابين.
بيته عند البحر= فدباغة الجلود تحتاج لمياه كثيرة، لذلك يقيم الدباغ عند البحر.
آيات (7-8):- "فَلَمَّا انْطَلَقَ الْمَلاَكُ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُ كَرْنِيلِيُوسَ، نَادَى اثْنَيْنِ مِنْ خُدَّامِهِ، وَعَسْكَرِيًّا تَقِيًّا مِنَ الَّذِينَ كَانُوا يُلاَزِمُونَهُ، وَأَخْبَرَهُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ وَأَرْسَلَهُمْ إِلَى يَافَا".
لقد تحققت نبوة يوئيل وها العالم يرى رؤى وأحلام وملائكة. هو أرسل لبطرس ليكرز للبيت كله. أخبرهم بكل شيء= من فرحته أشركهم معه.
آيات (9-14):- "ثُمَّ فِي الْغَدِ فِيمَا هُمْ يُسَافِرُونَ وَيَقْتَرِبُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ، صَعِدَ بُطْرُسُ عَلَى السَّطْحِ لِيُصَلِّيَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَجَاعَ كَثِيرًا وَاشْتَهَى أَنْ يَأْكُلَ. وَبَيْنَمَا هُمْ يُهَيِّئُونَ لَهُ، وَقَعَتْ عَلَيْهِ غَيْبَةٌ، فَرَأَى السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَإِنَاءً نَازِلًا عَلَيْهِ مِثْلَ مُلاَءَةٍ عَظِيمَةٍ مَرْبُوطَةٍ بِأَرْبَعَةِ أَطْرَافٍ وَمُدَلاَةٍ عَلَى الأَرْضِ. وَكَانَ فِيهَا كُلُّ دَوَابِّ الأَرْضِ وَالْوُحُوشِ وَالزَّحَّافَاتِ وَطُيُورِ السَّمَاءِ. وَصَارَ إِلَيْهِ صَوْتٌ: «قُمْ يَا بُطْرُسُ، اذْبَحْ وَكُلْ». فَقَالَ بُطْرُسُ: «كَلاَّ يَا رَبُّ! لأَنِّي لَمْ آكُلْ قَطُّ شَيْئًا دَنِسًا أَوْ نَجِسًا»."
كان بين مدينه يافا وقيصرية حوالي 30 ميلًا. والرؤيا التي رآها بطرس متناسبة مع حالته فهي خاصة بالأكل بينما هو جائع ويفكر في الطعام. ونلاحظ أن الله يدعوه لأكل حيوانات هي بحكم الشريعة اليهودية تعتبر محرمة. ونلاحظ أن اليهود ما كانوا يأكلون مع الأمم ولا يدخلون بيوتهم لئلا يكونوا مضطرين للأكل من هذه اللحوم المحرمة. بهذا الفكر فلو دعاه كرنيليوس ليذهب عنده في بيت كرنيليوس لرفض بطرس. لذلك يطمئنه الله بأنه ليس هناك محرمات في المسيحية، وهذا ما سبق المسيح وعلَّم به (مر 15:7) إلاّ أنهم لم يدركوا هذا في ذلك الوقت. والله يرتب الأمور بحكمة. فبينما جنود كرنيليوس في الطريق يرى بطرس رؤيا تشجعه على قبول الأمم، بعد أن أدخله الله في غيبة.
الدنس= قد تشمل الحيوانات المحرمة وقد تشمل الوثنيين الذين لا يعبدون الله وكلاهما يمتنع التعامل معه تمامًا أو الاقتراب منه، فالدنس هو ما لا يتطهر أبدًا في مفهوم اليهود. وكان اليهود يفهمون أنهم وحدهم الطاهرين وكل ما عداهم دنس. نجس= هو ما يمكن أن يتطهر. فلمس الميت مثلًا نجاسة لكن من يتنجس بلمس ميت يتطهر في المساء بأن يستحم بماء. فالنجس هو ما لم يتطهر لكن يمكن تطهيره. وطبعًا واضح مفهوم بطرس أن الأمم لا يمكن التعامل معهم ولا قبولهم في الإيمان، لذلك يصحح الله لبطرس هذا المفهوم من خلال رؤيا، ولولا ذلك لما قبل التعامل معهم. السماء مفتوحة = لكل البشر حتى من كان منهم كالوحوش (شاول الطرسوس) = أربعة أطراف = رقم يشير إلى العمومية أي لكل العالم.
آيات (15-16):- "فَصَارَ إِلَيْهِ أَيْضًا صَوْتٌ ثَانِيَةً: «مَا طَهَّرَهُ اللهُ لاَ تُدَنِّسْهُ أَنْتَ!» وَكَانَ هذَا عَلَى ثَلاَثِ مَرَّاتٍ، ثُمَّ ارْتَفَعَ الإِنَاءُ أَيْضًا إِلَى السَّمَاءِ."
لا تدنسه أنت = الله سيقبل الأمم ويطهرهم بالمعمودية التي تكتسب قوتها بدم المسيح، فلماذا يرفضهم بطرس ويحسبهم دنسين. ارتفع الإناء إلى السماء= فما لم يقبله بطرس قبلته السماء. فالكنيسة كلها (الملاءة) مكانها السماء والكل مدعو للسماء، والله لم يدع بطرس ليأكل ما هو دنس إلاّ لأن الله قد طهره أولًا. وهذا ما فهمه بطرس بعد ذلك فقال عن الأمم أن الله طهر بالإيمان قلوبهم (أي بدم المسيح) أع 9:15. والتكرار 3 مرّات للتأكيد أن هذا محل اهتمام الله، وإشارة لأن التطهير يشترك فيه الآب والابن والروح القدس، أي الثالوث وأن التطهير يكون بالقيامة.
آيات (17-20):- "وَإِذْ كَانَ بُطْرُسُ يَرْتَابُ فِي نَفْسِهِ: مَاذَا عَسَى أَنْ تَكُونَ الرُّؤْيَا الَّتِي رَآهَا؟ إِذَا الرِّجَالُ الَّذِينَ أُرْسِلُوا مِنْ قِبَلِ كَرْنِيلِيُوسَ، وكَانُوا قَدْ سَأَلُوا عَنْ بَيْتِ سِمْعَانَ وَقَدْ وَقَفُوا عَلَى الْبَابِ وَنَادَوْا يَسْتَخْبِرُونَ: «هَلْ سِمْعَانُ الْمُلَقَّبُ بُطْرُسَ نَازِلٌ هُنَاكَ؟» وَبَيْنَمَا بُطْرُسُ مُتَفَكِّرٌ فِي الرُّؤْيَا، قَالَ لَهُ الرُّوحُ: «هُوَذَا ثَلاَثَةُ رِجَال يَطْلُبُونَكَ. لكِنْ قُمْ وَانْزِلْ وَاذْهَبْ مَعَهُمْ غَيْرَ مُرْتَابٍ فِي شَيْءٍ، لأَنِّي أَنَا قَدْ أَرْسَلْتُهُمْ»."
نرى هنا التوقيت المحكم للرؤيا، ولعمل الروح مع بطرس مع وصول رجال كرنيليوس. ونلاحظ أنه حتى الآن، الذي يخاطب كرنيليوس ملاك. فالروح لم يحل بعد على كرنيليوس أو على الأمم، بينما أن الروح هو الذي يخاطب بطرس. ولاحظ أن الله قبل أن يرسل بطرس يقنعه ويزيل الشك من قلبه، ليبدأ الخدمة مع الأمم بإقتناع (إر 7:20).
آيات (21-23):- "فَنَزَلَ بُطْرُسُ إِلَى الرِّجَالِ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَيْهِ مِنْ قِبَلِ كَرْنِيلِيُوسَ، وَقَالَ: «هَا أَنَا الَّذِي تَطْلُبُونَهُ. مَاهُوَ السَّبَبُ الَّذِي حَضَرْتُمْ لأَجْلِهِ؟» فَقَالُوا: «إِنَّ كَرْنِيلِيُوسَ قَائِدَ مِئَةٍ، رَجُلًا بَارًّا وَخَائِفَ اللهِ وَمَشْهُودًا لَهُ مِنْ كُلِّ أُمَّةِ الْيَهُودِ، أُوحِيَ إِلَيْهِ بِمَلاَكٍ مُقَدَّسٍ أَنْ يَسْتَدْعِيَكَ إِلَى بَيْتِهِ وَيَسْمَعَ مِنْكَ كَلاَمًا». فَدَعَاهُمْ إِلَى دَاخِل وَأَضَافَهُمْ. ثُمَّ فِي الْغَدِ خَرَجَ بُطْرُسُ مَعَهُمْ، وَأُنَاسٌ مِنَ الإِخْوَةِ الَّذِينَ مِنْ يَافَا رَافَقُوهُ."
هنا فهم بطرس معنى الرؤيا التي رآها. والإخوة الذين رافقوا بطرس كانوا ستة من أهل الختان (أع 12:11) وبطرس أخذهم ربما كشهود لما سوف يحدث. مشهودًا له من كل أمة اليهود=بل من السماء الآن.
آيات (24-27):- "وَفِي الْغَدِ دَخَلُوا قَيْصَرِيَّةَ. وَأَمَّا كَرْنِيلِيُوسُ فَكَانَ يَنْتَظِرُهُمْ، وَقَدْ دَعَا أَنْسِبَاءَهُ وَأَصْدِقَاءَهُ الأَقْرَبِينَ. وَلَمَّا دَخَلَ بُطْرُسُ اسْتَقْبَلَهُ كَرْنِيلِيُوسُ وَسَجَدَ وَاقِعًا عَلَى قَدَمَيْهِ. فَأَقَامَهُ بُطْرُسُ قَائِلًا: «قُمْ، أَنَا أَيْضًا إِنْسَانٌ». ثُمَّ دَخَلَ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ مَعَهُ وَوَجَدَ كَثِيرِينَ مُجْتَمِعِينَ."
دعا أنسباؤه= من يتلقى دعوة من الله يفرح بأن يدعو لها آخرين وهكذا فعلت السامرية، وفيلبس أخبر نثنائيل يو 41:1-45. وبهذا نفهم مفهوم الوحدة في الكنيسة فمن يتعامل معه الروح القدس يعطيه حبًا لكل الناس واشتياقًا لخلاصهم كما تقول عروس النشيد "اجذبني وراءك فنجري" (نش 4:1) ونلاحظ أن القائد الروماني كانت أقصى تحية له هي أن يحنى رأسه، ولكن هنا يسجد لمن أرسله الله. وبطرس طلب السجود لله وليس له.
آيات (28-29):- "فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ كَيْفَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى رَجُل يَهُودِيٍّ أَنْ يَلْتَصِقَ بِأَحَدٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ يَأْتِيَ إِلَيْهِ. وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَرَانِي اللهُ أَنْ لاَ أَقُولَ عَنْ إِنْسَانٍ مَا إِنَّهُ دَنِسٌ أَوْ نَجِسٌ. فَلِذلِكَ جِئْتُ مِنْ دُونِ مُنَاقَضَةٍ إِذِ اسْتَدْعَيْتُمُونِي. فَأَسْتَخْبِرُكُمْ: لأَيِّ سَبَبٍ اسْتَدْعَيْتُمُونِي؟»"
الله منع اليهود من التعامل مع الأمم (الزواج منهم أو دخول في معاهدات معهم) حتى لا تنتقل إليهم وثنيتهم أو عاداتهم الأخلاقية الرديئة، ولكي لا يأكلوا من الممنوعات
(حيوانات دنسة أو مخنوقة) واليهود فسروا هذا بمنع أي تعامل مع الأمم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). والأمم عمومًا كانوا غارقين في الشر سواء في عباداتهم أو في حياتهم وسلوكهم. ولكن الآن بعد أن طهر الله الجميع، صار كل المؤمنين يكونون الكنيسة الجامعة أي الملاءة. وبطرس فهم أن كرنيليوس رأى هو الآخر رؤيا وهنا يسأله ماذا رأيت = لأي سبب استدعيتمونى.
آيات (30-33):- "فَقَالَ كَرْنِيلِيُوسُ: «مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ كُنْتُ صَائِمًا. وَفِي السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ كُنْتُ أُصَلِّي فِي بَيْتِي، وَإِذَا رَجُلٌ قَدْ وَقَفَ أَمَامِي بِلِبَاسٍ لاَمِعٍ وَقَالَ: يَا كَرْنِيلِيُوسُ، سُمِعَتْ صَلاَتُكَ وَذُكِرَتْ صَدَقَاتُكَ أَمَامَ اللهِ. فَأَرْسِلْ إِلَى يَافَا وَاسْتَدْعِ سِمْعَانَ الْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ. إِنَّهُ نَازِلٌ فِي بَيْتِ سِمْعَانَ رَجُل دَبَّاغٍ عِنْدَ الْبَحْرِ. فَهُوَ مَتَى جَاءَ يُكَلِّمُكَ. فَأَرْسَلْتُ إِلَيْكَ حَالًا. وَأَنْتَ فَعَلْتَ حَسَنًا إِذْ جِئْتَ. وَالآنَ نَحْنُ جَمِيعًا حَاضِرُونَ أَمَامَ اللهِ لِنَسْمَعَ جَمِيعَ مَا أَمَرَكَ بِهِ اللهُ»."
هنا نرى أول اجتماع لكنيسة أممية. ولاحظ أن الأمم هم الذين استدعوا الرسل قبل أن يذهب الرسل للأمم.
منذ أربعة أيام = في اليوم الأول رأى الملاك وفي اليوم الثاني وصل رسله إلى يافا. وفي اليوم الثالث استضافهم بطرس لديه. وفي اليوم الرابع عادوا مع بطرس إلى قيصرية.
آيات (34-35):- "فَفَتَحَ بُطْرُسُ فَاهُ وَقَالَ: «بِالْحَقِّ أَنَا أَجِدُ أَنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ الْوُجُوهَ. بَلْ فِي كُلِّ أُمَّةٍ، الَّذِي يَتَّقِيهِ وَيَصْنَعُ الْبِرَّ مَقْبُولٌ عِنْدَهُ."
لا يقبل الوجوه = المعنى المحاباة لمجرد الوجه أي الشخص في حد ذاته وذلك لأن الله يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون. فبطرس فهم من رؤيا الملاءة أنه لا ميزة لليهودي عن الأممي وأن الله لا يحابى اليهودي على حساب الأممي. يصنع البر= أي يعمل أعمالًا صالحة (مثل كرنيليوس) صلوات وصدقات.
آية (36):- "الْكَلِمَةُ الَّتِي أَرْسَلَهَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ يُبَشِّرُ بِالسَّلاَمِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. هذَا هُوَ رَبُّ الْكُلِّ."
الله
أرسل الكلمة ابنه إلى بنى إسرائيل، وكلمنا فيه (عب1: 2)، ليبشرنا بأن السلام سيكون بيسوع المسيح لكل من يؤمن بيسوع المسيح.
آية (37):- "أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ الأَمْرَ الَّذِي صَارَ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ مُبْتَدِئًا مِنَ الْجَلِيلِ، بَعْدَ الْمَعْمُودِيَّةِ الَّتِي كَرَزَ بِهَا يُوحَنَّا."
بطرس هنا يسرد قصة المسيح أول ما ظهر في يوم عماده في اليهودية ثم ذهابه إلى الجليل ليبدأ كرازته.
آية (38):- "يَسُوعُ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ كَيْفَ مَسَحَهُ اللهُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَالْقُوَّةِ، الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ، لأَنَّ اللهَ كَانَ مَعَهُ."
مسحة الله بالروح القدس= أي يوم حلّ عليه الروح القدس يوم عماده، فأعلن يومها الله أنه المسيا، وسيكون مؤيدًا بالروح القدس والقوة. ثم جال المسيح يعلم ويصنع المعجزات. والمذكور هنا سرد سريع مختصر جدًا لحياة المسيح. ولكن يُفهم أن بطرس يكلم أناسًا عارفين سيرة المسيح وقصته ولكن لأنه يكلم أمم فهو لم يستخدم النبوات فهم لا يعرفون عنها شيئًا.
آيات (39-43):- "وَنَحْنُ شُهُودٌ بِكُلِّ مَا فَعَلَ فِي كُورَةِ الْيَهُودِيَّةِ وَفِي أُورُشَلِيمَ. الَّذِي أَيْضًا قَتَلُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ. هذَا أَقَامَهُ اللهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَأَعْطَى أَنْ يَصِيرَ ظَاهِرًا، لَيْسَ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ، بَلْ لِشُهُودٍ سَبَقَ اللهُ فَانْتَخَبَهُمْ. لَنَا نَحْنُ الَّذِينَ أَكَلْنَا وَشَرِبْنَا مَعَهُ بَعْدَ قِيَامَتِهِ مِنَ الأَمْوَاتِ. وَأَوْصَانَا أَنْ نَكْرِزَ لِلشَّعْبِ، وَنَشْهَدَ بِأَنَّ هذَا هُوَ الْمُعَيَّنُ مِنَ اللهِ دَيَّانًا لِلأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ. لَهُ يَشْهَدُ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِاسْمِهِ غُفْرَانَ الْخَطَايَا»."
كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا= كل تشمل إذًا الأمم ويفهم من هذا أيضًا أن كل من لا يؤمن لا تغفر له خطاياه. وهنا نرى القيامة حقيقية وليست خيالية، فالمسيح أكل وشرب مع رُسُلهِ. ولكن المسيح أكل وشرب ليثبت أنه له جسد وأنه ليس خيال، لكن كان ذلك عن دون احتياج. ففي القيامة، فالأجساد المقامة لن تكون بحاجة للأكل والشرب.
ديانًا للأحياء والأموات= الأحياء هم الأحياء عند مجيء المسيح والأموات هم الذين سبق وماتوا. أو الأحياء هم الأبرار والأموات هم الأشرار. ونلاحظ أن المسيح الذي صارت له طبيعتنا البشرية هو الذي يدين، فهو قد شعر بضعفاتنا، فهو ابن الله وابن الإنسان في وقت واحد. وهو يشعر عن اختبار بما يستحقه الإنسان من قضاء أو رحمة عب 18:2 + يو 27:5، 22 + رو 34:8. له يشهد جميع الأنبياء= السامعين يعرفون أن لليهود أنبياء ولكنهم غير دارسين لهذه النبوات لذلك تحاشى بطرس ذكر النبوات.
آية (44):- "فَبَيْنَمَا بُطْرُسُ يَتَكَلَّمُ بِهذِهِ الأُمُورِ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ."
بشهادة بطرس تم إعداد كرنيليوس ومن معه كآنية صالحة لانسكاب الروح القدس، إذ أعدهم بطرس لأن يعرفوا المسيح ويؤمنوا به مخلصًا وفاديًا. وكما حل الروح القدس على التلاميذ يوم الخمسين حلَّ على كرنيليوس ومن معه إعلانًا لقبول الله للأمم. وهذا ما شهد به بطرس أن الروح القدس حلَّ من نفسه وبطرس يتكلم (أع 15:11-17 + 8:15). والله فعل هذا دون وضع يد إعلانًا لأنه قبل الأمم وليختفي كل شك من نفس بطرس في موضوع قبول الأمم. وهكذا اختار الله بولس وظهر له وهو غير مُعَمَّدْ ليكون رسولًا للأمم. ولكن حلول الروح القدس من نفسه دون وضع يد، وظهور المسيح لشاول الطرسوسي لم يمنع المعمودية في كلا الحالتين. ومن هنا نفهم أهمية المعمودية. وكون الروح حلَّ على كرنيليوس دون وضع يد فهذا وضع استثنائي ليعلن الله قبوله للأمم أمام رسوله الذي ما زال غير مصدقًا أن الله قبل الأمم. بل لو كان بطرس قد عمدهم وقبلهم دون أن ينسكب عليهم الروح، ودون أن يرى مرافقوه الستة (أع 12:11) ما حدث بعيونهم، ربما كانوا قد خاصموا بطرس نهائيًا وحدث انشقاق في الكنيسة، ولرفضوا التعامل معه تمامًا. فحتى لو كان بطرس ناويًا أن يعمدهم فأهل الختان أي المسيحيين من أصل يهودي كانوا سوف يصرون على الرفض ولربما طلبوا تهودهم أولًا قبل عمادهم.
آيات (45-46):- "فَانْدَهَشَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِتَانِ، كُلُّ مَنْ جَاءَ مَعَ بُطْرُسَ، لأَنَّ مَوْهِبَةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ قَدِ انْسَكَبَتْ عَلَى الأُمَمِ أَيْضًا. لأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ وَيُعَظِّمُونَ اللهَ. حِينَئِذٍ أَجَابَ بُطْرُسُ:"
حلول الروح غير مرئي لكن ليعلن الله انسكاب الروح على الأمم أعطاهم موهبة الألسنة كشيء ملموس، وأيضًا كما حدث مع الرسل أنفسهم ليتأكد الجميع أن الله قبل الجميع، والكل سواء يهودًا أو أمم. يعظمون الله= هذا ما كان يفعله سوى اليهود فقط. أمّا الآن فمن حل عليه الروح القدس يكون عمله الشهادة لله وتمجيد اسم الله وتسبيح الله.
آيات (46-47):- "لأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ وَيُعَظِّمُونَ اللهَ. حِينَئِذٍ أَجَابَ بُطْرُسُ: «أَتُرَى يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَ الْمَاءَ حَتَّى لاَ يَعْتَمِدَ هؤُلاَءِ الَّذِينَ قَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ كَمَا نَحْنُ أَيْضًا؟»"
حينما رأى بطرس ما حدث تجرأ وعَمَّدَ أمميين لأول مرة. وهذه الآية موجهة لمن ينكر أهمية المعمودية في الماء فهؤلاء حل عليهم الروح القدس لكنهم احتاجوا للمعمودية.
آية (48):- "وَأَمَرَ أَنْ يَعْتَمِدُوا بِاسْمِ الرَّبِّ. حِينَئِذٍ سَأَلُوهُ أَنْ يَمْكُثَ أَيَّامًا."
يعتمدوا باسم الرب= هو اختصار لأن المعمودية تكون باسم الثالوث (مت 19:28). ولكن الوقت ليس مناسبًا لشرح طبيعة الله والثالوث أمام هؤلاء المؤمنين الجدد. فاسم الرب هنا ينوب عن الثالوث. أمر أن يعتمدوا= ربما امتنع بطرس وبولس بعض الوقت أن يعمدوا حتى لا تحدث تحزبات وشقاقات (1كو 14:1، 15). سألوه أن يمكث أيامًا= ليسمعوا المزيد عن المسيح ويتعلموا ويقيم لهم قداسات ويتناولوا.
← تفاسير أصحاحات سفر الأعمال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أعمال الرسل 11 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
تفسير أعمال الرسل 9 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/qq3ckfg