← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34
آيات (1-3):- "فَاجْتَازَا فِي أَمْفِيبُولِيسَ وَأَبُولُونِيَّةَ، وَأَتَيَا إِلَى تَسَالُونِيكِي، حَيْثُ كَانَ مَجْمَعُ الْيَهُودِ. فَدَخَلَ بُولُسُ إِلَيْهِمْ حَسَبَ عَادَتِهِ، وَكَانَ يُحَاجُّهُمْ ثَلاَثَةَ سُبُوتٍ مِنَ الْكُتُبِ، مُوَضِّحًا وَمُبَيِّنًا أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَأَنَّ: هذَا هُوَ الْمَسِيحُ يَسُوعُ الَّذِي أَنَا أُنَادِي لَكُمْ بِهِ."
فاجتازا= إذًا لم يكن لوقا معهم. بل كان بولس وسيلا فقط. وربما بقى لوقا وتيموثاوس للعناية بكنيسة فيلبى. وسيعود لوقا للانضمام لبولس في (أع 5:20، 6) ويستمر معه لحين استشهاده (2تى 11:4).
تسالونيكي= عاصمة الإمبراطورية اليونانية الشرقية قبل القسطنطينية، وقد سميت على اسم أخت الإسكندر الأكبر. وفي هذا الوقت كانت عاصمة مقدونية.
آية (4):- "فَاقْتَنَعَ قَوْمٌ مِنْهُمْ وَانْحَازُوا إِلَى بُولُسَ وَسِيلاَ، وَمِنَ الْيُونَانِيِّينَ الْمُتَعَبِّدِينَ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ، وَمِنَ النِّسَاءِ الْمُتَقَدِّمَاتِ عَدَدٌ لَيْسَ بِقَلِيل."
كان في تسالونيكي جالية يهودية ضخمة تقدر بثلث سكان المدينة البالغ سكانها 200,000 وكالعادة يبدأ بولس الرسول بمجمع اليهود واليونانيين الذين يحضرون المجمع. وكالعادة يهيج اليهود ويثيروا الدنيا ضد بولس.
آية (5):- "فَغَارَ الْيَهُودُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَاتَّخَذُوا رِجَالًا أَشْرَارًا مِنْ أَهْلِ السُّوقِ، وَتَجَمَّعُوا وَسَجَّسُوا الْمَدِينَةَ، وَقَامُوا عَلَى بَيْتِ يَاسُونَ طَالِبِينَ أَنْ يُحْضِرُوهُمَا إِلَى الشَّعْبِ."
هنا نراهم يستأجرون رجال أشرار لإثارة فتنة في المدينة. وغالبًا كان بولس وسيلا يقيمان عند منزل ياسون رئيس المجمع. رجال أشرار من أهل السوق= عاطلين عن العمل (مثيرى شغب وبلطجية).
ياسون = هو يهودي آمن بالمسيح.
آية (6-7): "وَلَمَّا لَمْ يَجِدُوهُمَا، جَرُّوا يَاسُونَ وَأُنَاسًا مِنَ الإِخْوَةِ إِلَى حُكَّامِ الْمَدِينَةِ صَارِخِينَ: «إِنَّ هؤُلاَءِ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمَسْكُونَةَ حَضَرُوا إِلَى ههُنَا أَيْضًا. وَقَدْ قَبِلَهُمْ يَاسُونُ. وَهؤُلاَءِ كُلُّهُمْ يَعْمَلُونَ ضِدَّ أَحْكَامِ قَيْصَرَ قَائِلِينَ: إِنَّهُ يُوجَدُ مَلِكٌ آخَرُ: يَسُوعُ!»"
آية (8):- "فَأَزْعَجُوا الْجَمْعَ وَحُكَّامَ الْمَدِينَةِ إِذْ سَمِعُوا هذَا."
لاحظ الخدعة التي يستعملها اليهود أن يسوع ملك ينافس قيصر، وبالطبع فالحكام والولاة يرتعبون من وجود ثورة كهذه ضد قيصر.
آية (9):- "فَأَخَذُوا كَفَالَةً مِنْ يَاسُونَ وَمِنَ الْبَاقِينَ، ثُمَّ أَطْلَقُوهُمْ."
نرى هنا عدالة الحكام الرومان فهم لم يسيئوا للمتهمين زورًا، بل على العكس فهم حكموا على ياسون رئيس المجمع بدفع كفالة لضمان حسن سير سلوك بولس. وأطلقوا الإخوة، لذلك فقد غادر بولس تسالونيكي لمنع إحراج ياسون.
آيات (10-12):- "وَأَمَّا الإِخْوَةُ فَلِلْوَقْتِ أَرْسَلُوا بُولُسَ وَسِيلاَ لَيْلًا إِلَى بِيرِيَّةَ. وَهُمَا لَمَّا وَصَلاَ مَضَيَا إِلَى مَجْمَعِ الْيَهُودِ. وَكَانَ هؤُلاَءِ أَشْرَفَ مِنَ الَّذِينَ فِي تَسَالُونِيكِي، فَقَبِلُوا الْكَلِمَةَ بِكُلِّ نَشَاطٍ فَاحِصِينَ الْكُتُبَ كُلَّ يَوْمٍ: هَلْ هذِهِ الأُمُورُ هكَذَا؟ فَآمَنَ مِنْهُمْ كَثِيرُونَ، وَمِنَ النِّسَاءِ الْيُونَانِيَّاتِ الشَّرِيفَاتِ، وَمِنَ الرِّجَالِ عَدَدٌ لَيْسَ بِقَلِيل."
كالعادة يتجه بولس لمجمع اليهود الذين كانوا أكثر استجابة له. وهنا يتجه بولس وسيلا إلى بيرية وهي مدينة غرب تسالونيكي. أشرف= أصلها أرحب صدرًا.
آية (13):- "فَلَمَّا عَلِمَ الْيَهُودُ الَّذِينَ مِنْ تَسَالُونِيكِي أَنَّهُ فِي بِيرِيَّةَ أَيْضًا نَادَى بُولُسُ بِكَلِمَةِ اللهِ، جَاءُوا يُهَيِّجُونَ الْجُمُوعَ هُنَاكَ أَيْضًا."
أشرار اليهود في تسالونيكي يتعقبون بولس الرسول مع أن المسافة بين تسالونيكي وبيرية أكثر من 60 ميلًا.
آية (14):- "فَحِينَئِذٍ أَرْسَلَ الإِخْوَةُ بُولُسَ لِلْوَقْتِ لِيَذْهَبَ كَمَا إِلَى الْبَحْرِ، وَأَمَّا سِيلاَ وَتِيمُوثَاوُسُ فَبَقِيَا هُنَاكَ."
نجد هنا بولس يتجه بحرًا إلى أثينا. كما إلى البحر= الترجمة الأفضل "لغاية البحر". أي هم أرسلوا مع بولس بعض الإخوة ليشيعوه حتى البحر.
آية (15):- "وَالَّذِينَ صَاحَبُوا بُولُسَ جَاءُوا بِهِ إِلَى أَثِينَا. وَلَمَّا أَخَذُوا وَصِيَّةً إِلَى سِيلاَ وَتِيمُوثَاوُسَ أَنْ يَأْتِيَا إِلَيْهِ بِأَسْرَعِ مَا يُمْكِنُ، مَضَوْا."
هؤلاء الإخوة من محبتهم رافقوا بولس في رحلته البحرية حتى أثينا وهو طلب منهم أن يرسلوا له سيلا وتيموثاوس.
آية (16):- "وَبَيْنَمَا بُولُسُ يَنْتَظِرُهُمَا فِي أَثِينَا احْتَدَّتْ رُوحُهُ فِيهِ، إِذْ رَأَى الْمَدِينَةَ مَمْلُؤَةً أَصْنَامًا."
أثينا كانت عاصمة الحكمة في العالم. تتباهى بفلاسفتها وشعرائها. يودون كل يوم سماع الجديد. وبولس الذي تربى على كراهية الأصنام احتدت روحه فيه مما رآه من أصنام تملأ المدينة. وقيل أن أصنام أثينا كانت أكثر من كل أصنام بلاد اليونان وقيل عنها أنه الأسهل أن تجد في أثينا إلهًا عن أن تجد إنسانًا.
آية (17):- "فَكَانَ يُكَلِّمُ فِي الْمَجْمَعِ الْيَهُودَ الْمُتَعَبِّدِينَ، وَالَّذِينَ يُصَادِفُونَهُ فِي السُّوقِ كُلَّ يَوْمٍ."
كان يكلم اليهود الأتقياء في المجمع ويذهب للسوق ليكلم الوثنيين فالسوق في أثينا هو مكان للحوار وليس للشراء والبيع فقط.
آية (18):- "فَقَابَلَهُ قَوْمٌ مِنَ الْفَلاَسِفَةِ الأَبِيكُورِيِّينَ وَالرِّوَاقِيِّينَ، وَقَالَ بَعْضٌ: «تُرَى مَاذَا يُرِيدُ هذَا الْمِهْذَارُ أَنْ يَقُولَ؟» وَبَعْضٌ: «إِنَّهُ يَظْهَرُ مُنَادِيًا بِآلِهَةٍ غَرِيبَةٍ». لأَنَّهُ كَانَ يُبَشِّرُهُمْ بِيَسُوعَ وَالْقِيَامَةِ."
الأبيكوريين= فيلسفوهم أبيكورس وُلدَ في سنة 342 ق.م. وهؤلاء لا يؤمنون بالآلهة، ويقولون أن الآلهة حتى وإن وُجِدَتْ فهي لا يهمها شيء من أمور هذا العالم. والعالم عندهم قد أوجد نفسه، أو أوُجِدَ صدفة أو إثر حادثة. والجسد والروح ينتهيان إلى لا شيء أي يفنيان ولا قيامة لا للجسد ولا للروح، لذلك كانت هذه الفلسفة توصى أتباعها بالبحث عن اللذة أينما وُجِدَت، غايتهم أن يمتعوًا أنفسهم، ولهم مثل معروف لنأكل ونشرب لأننا غدًا نموت. وهم لا يضطربون لشيء إلاّ بهدوء أنفسهم ونموذجهم الأعلى هو الحيوانات في ارتياحهم لأنفسهم وغرائزهم.
الرواقيين= فيلسوفهم هو زينون من مواليد قبرص وتسموا رواقيون لأنهم يجتمعون في رواق متعدد الألوان. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). يؤمنون بتعدد الآلهة. وكانوا يقاومون الشر من حولهم. يؤمنون أن الله هو روح أو عقل العالم. والعالم هو كيان نفسي عاقل أوجد كل شيء بنفسه. فالمادة عندهم متحدة بالروح أو الألوهة. والله عندهم لم يخلق الطبيعة لكنه يدبرها فحسب. والروح عند الرواقيين مادة تحترق بالموت لتعود ويمتصها الله في نفسه. لذلك فالقيامة التي بشَّر بها بولس هؤلاء هي منافية للعقل. ويعلمون بعدم الانفعال البشرى رغم أي أحداث. فأي مسرة ليست شيئًا صالحًا، والألم في أشد أحواله ليس شرًا. وكل ما يتوافق مع العقل فهو حسن وما لا يتوافق مع العقل فهو الشر. والحكيم هو من يعيش وفق ما يقبله عقله. وهم يعتبرون أن كل إنسان هو ملك نفسه، بل هو إله.. هذه الفلسفة هي مدرسة الكبرياء والتأله. هذا المهذار = حرفيًا تعني أنه سرق فلسفة إنسان آخر وينسبها لنفسه.
آية (19-20): "فَأَخَذُوهُ وَذَهَبُوا بِهِ إِلَى أَرِيُوسَ بَاغُوسَ، قَائِلِينَ: «هَلْ يُمْكِنُنَا أَنْ نَعْرِفَ مَا هُوَ هذَا التَّعْلِيمُ الْجَدِيدُ الَّذِي تَتَكَلَّمُ بِهِ. لأَنَّكَ تَأْتِي إِلَى مَسَامِعِنَا بِأُمُورٍ غَرِيبَةٍ، فَنُرِيدُ أَنْ نَعْلَمَ مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ»."
آية (21):- "أَمَّا الأَثِينِوِيُّونَ أَجْمَعُونَ وَالْغُرَبَاءُ الْمُسْتَوْطِنُونَ، فَلاَ يَتَفَرَّغُونَ لِشَيْءٍ آخَرَ، إِلاَّ لأَنْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَسْمَعُوا شَيْئًا حَديثًا."
كانوا يتباحثون في الحدائق والشوارع والميادين والأسواق في العلوم والفلسفة. قال أحدَ المؤرخين أنه إذا قابل شخص شخصًا في السوق سأله هل هناك شيئًا جديدًا.
آية (22):- "فَوَقَفَ بُولُسُ فِي وَسْطِ أَرِيُوسَ بَاغُوسَ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الأَثِينِوِيُّونَ! أَرَاكُمْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَأَنَّكُمْ مُتَدَيِّنُونَ كَثِيرًا،"
أريوس باغوس= هو ساحة خاصة للقاء الفلاسفة. يطارحون فيها الآراء. وكانت أثينا مثالًا للبلد الذي فيه تحفظ حرية الرأي لذلك خرج منها بولس دون أن يهينه أحد أو يعذبه أو يسجنه. ونلاحظ أنهم يقبلون تعدد الآلهة، ولذلك قبلوا أن يعيش وسطهم اليهود. وكان لليهود مجمع وسط أثينا. واليهود ينادون بالإله الواحد ولقد اعتبر الأثينويون أن إله اليهود هو أحد الآلهة. أما المسيحية واليهودية فتقول أن هناك إله واحد لا تقبل سواه وكل ما عداه شياطين. إذًا لا تعايش مع تعدد الآلهة. والأريوس باغوس كان مكرسًا لإله الحرب مارس. وكانت تعقد هناك الاجتماعات التشريعية والقضائية. إذًا كان يستخدم إمّا كمحكمة أو للاجتماعات العامة. وهم أخذوا بولس لا ليحاكموه بل ليتجادلوا معه ويسمعوا منه.
آية (23):- "لأَنَّنِي بَيْنَمَا كُنْتُ أَجْتَازُ وَأَنْظُرُ إِلَى مَعْبُودَاتِكُمْ، وَجَدْتُ أَيْضًا مَذْبَحًا مَكْتُوبًا عَلَيْهِ: «لإِلهٍ مَجْهُول». فَالَّذِي تَتَّقُونَهُ وَأَنْتُمْ تَجْهَلُونَهُ، هذَا أَنَا أُنَادِي لَكُمْ بِهِ."
كان هناك شاعر من شعرائهم اسمه أبيمينيدس Epimenides نصح بتشييد مذابح لإله مجهول في أثينا وما حولها، وهو في رأيه أن هناك إله مجهول لا نعرفه وراء كل ما نراه في العالم. ولاحظ حكمة بولس الرسول أنه لم يبدأ مع هؤلاء الوثنيون بأن يهاجمهم ويشتمهم على وثنيتهم، بل يبدأ من نقطة إيجابية عندهم وهي إله مجهول ولكن وراء كل ما نراه في العالم ويقول لهم ها أنا أبشركم بهذا الإله المجهول فأنا قد عرفته وأبشركم به. من أين هذا الذكاء لبولس؟ هو ذكاء روحي؛ أي الروح القدس الساكن فيه هو أعطاه. وواضح أنه راجع لاتحاده بالله المصدر اللانهائي للحكمة والذكاء والقوة. لكن في اللحظة التي نتصور أن قوتنا وذكاءنا هي منا ننفصل عن الله ونقع في حيز المحدود.
آية (24):- "الإِلهُ الَّذِي خَلَقَ الْعَالَمَ وَكُلَّ مَا فِيهِ، هذَا، إِذْ هُوَ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَةٍ بِالأَيَادِي،"
هذا ضد رأى الفلاسفة أن الله خلق العالم. وهو أيضًا هنا نراه يهاجم فكرة إقامة هياكل مملوءة بالتماثيل الوثنية.
آية (25):- "وَلاَ يُخْدَمُ بِأَيَادِي النَّاسِ كَأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَى شَيْءٍ، إِذْ هُوَ يُعْطِي الْجَمِيعَ حَيَاةً وَنَفْسًا وَكُلَّ شَيْءٍ."
نلاحظ منطق بولس الرسول، هل الإله يحتاج للبشر، وإذا احتاج للبشر كيف يكون إلهًا.. " لست أنت المحتاج إلى عبوديتى بل أنا المحتاج لربوبيتك" وهنا بولس يرد على منطق الفلاسفة أن العالم أزلي.
آية (26):- "وَصَنَعَ مِنْ دَمٍ وَاحِدٍ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ النَّاسِ يَسْكُنُونَ عَلَى كُلِّ وَجْهِ الأَرْضِ، وَحَتَمَ بِالأَوْقَاتِ الْمُعَيَّنَةِ وَبِحُدُودِ مَسْكَنِهِمْ،"
صنع من دم واحد = أي من نفس الثنائي آدم وحواء. وبهذا هو يبرئ نفسه من العنصرية اليهودية. وأيضًا يهاجم اليونانيين الذين قسموا العالم إلى يونانيين وبرابرة وقالوا أنهم من تربة مختلفة.
آية (27):- "لِكَيْ يَطْلُبُوا اللهَ لَعَلَّهُمْ يَتَلَمَّسُونَهُ فَيَجِدُوهُ، مَعَ أَنَّهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا لَيْسَ بَعِيدًا."
هناك حنين طبيعي وشعور طبيعي داخل كل إنسان لله، وضع الله هذا الشعور لنلجأ إليه ونفتش عنه، وهو ليس بعيدًا، فمن يطلب سيجده ويكون هذا راحة للإنسان فهو خليقة الله ونفخة من عنده.
آية (28):- "لأَنَّنَا بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ. كَمَا قَالَ بَعْضُ شُعَرَائِكُمْ أَيْضًا: لأَنَّنَا أَيْضًا ذُرِّيَّتُهُ."
لا يوجد كلمات نظير هذه تشير لإعتماد المخلوق الكلى على الله الخالق
لأَنَّنَا بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ = هذه مقتبسة من شعر الشاعر أبيمينيدس الذي نصح بإقامة تمثال لإله مجهول. ولقد إقتبس بولس من هذا الشاعر وهذه القصيدة سطرًا آخر في رسالته لتيطس (تى 12:1) وفي هذه القصيدة يخاطب الشاعر الإله الأسمى المجهول قائلًا "لقد صنعوا لك قبرًا أيها القدوس الأعلى والكريتيون دائمًا كذابون وقتلة. وحوش ردية بطون بطالة. ولكنك لست ميتًا إلى الأبد.. أنت قائم وحى لأنه بك نحيا ونتحرك ونوجد. هذه كلمات عجيب أن ينطق بها شاعر وثني قبل المسيح بأكثر من 600 سنة، ولكنها تثبت أن الروح القدس كان يتعامل مع كل العالم، فالله لا يترك نفسه بلا شاهد.أَيْضًا
= هنا يأخذ بولس إقتباسًا من شاعر أخر هو أراتس. وهذا قَالَ لأَنَّنَا أَيْضًا ذُرِّيَّتُهُ.ونلاحظ حكمة بولس فهو حين يكلم اليهود يستخدم الكتاب المقدس وهو في هذا ضليع وكان يثبت لليهود أن المسيح فيه تحقيق النبوات. وحين يكلم اليونانيين يستشهد بشعرائهم وهم يعتبرون شعراءهم أنبياء (تى12:1).
آية (29):- "فَإِذْ نَحْنُ ذُرِّيَّةُ اللهِ، لاَ يَنْبَغِي أَنْ نَظُنَّ أَنَّ اللاَّهُوتَ شَبِيهٌ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ حَجَرِ نَقْشِ صِنَاعَةِ وَاخْتِرَاعِ إِنْسَانٍ."
كيف نكون نحن أولاد الله ويكون الله خشب أو ذهب أي أقل نبلًا من ذريته، ألم يقل نبيكم أننا ذريته أي أولاده. فهل يقبل أن يكون الله أقل من ذريته أو أن ذريته تصنعه من ذهب أو خشب.
أية (30):- "فَاللهُ الآنَ يَأْمُرُ جَمِيعَ النَّاسِ فِي كُلِّ مَكَانٍ أَنْ يَتُوبُوا، مُتَغَاضِيًا عَنْ أَزْمِنَةِ الْجَهْلِ."
هنا يتهمهم بسبب أفكارهم أنهم في جهل بالرغم من فلسفتهم. يتوبوا= بهذا يتحدى الفلاسفة القدريين فالتوبة تعني المسئولية.
آية (31):- "لأَنَّهُ أَقَامَ يَوْمًا هُوَ فِيهِ مُزْمِعٌ أَنْ يَدِينَ الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ، بِرَجُل قَدْ عَيَّنَهُ، مُقَدِّمًا لِلْجَمِيعِ إِيمَانًا إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ»."
إن لم يتوبوا فهناك دينونة وسندان أمام هذا الإله.
آية (32):- "وَلَمَّا سَمِعُوا بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ كَانَ الْبَعْضُ يَسْتَهْزِئُونَ، وَالْبَعْضُ يَقُولُونَ: «سَنَسْمَعُ مِنْكَ عَنْ هذَا أَيْضًا!»."
حينما سمعوا عن القيامة البعض استهزأوا واعتبروا كلام بولس كلامًا تافهًا وغالبًا كان هؤلاء من الأبيكوريين. أمّا الرواقيون فوجدوا في كلامه ما يثير تفكيرهم وأن كلامه مثيرًا للجدل. وأن كلامه جديد على أسماعهم فطلبوا أن يسمعوه ثانية= سنسمع منك عن هذا أيضًا وربما تعنى هذه العبارة السخرية من فكرة القيامة.
آية (33):- "وَهكَذَا خَرَجَ بُولُسُ مِنْ وَسْطِهِمْ."
خرج بولس من أثينا إذ وجد أن الوقت سيضيع في مناقشات لا تنتهي وذهب إلى كورنثوس إلى حيث وجهه الله. لم يترك أثينا هربًا من اضطهاد لكن لأن أحدًا لا يريد أن يسمع.
آية (34):- "وَلكِنَّ أُنَاسًا الْتَصَقُوا بِهِ وَآمَنُوا، مِنْهُمْ دِيُونِيسِيُوسُ الأَرِيُوبَاغِيُّ، وَامْرَأَةٌ اسْمُهَا دَامَرِسُ وَآخَرُونَ مَعَهُمَا."
يقول التقليد أن ديونيسيوس الأريوباغى صار أول أسقف على أثينا. ويبدو أن دامرس كانت سيدة لها شأن إذ كانت من بين السامعين في الأريوس باغوس.
وبولس توجه إلى إخائية وهي مقاطعة يونانية جنوب مقدونية عاصمتها كورنثوس. أما مقدونية فأهم مدنها فيلبى وعاصمتها تسالونيكي وإخائية جنوب مقدونية.
← تفاسير أصحاحات سفر الأعمال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أعمال الرسل 18 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
تفسير أعمال الرسل 16 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/28zyqzm