← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23
اَلأَصْحَاحُ السَّادِسُ وَالثَّلاَثُونَ
قام حزقيا الملك بتطهير أرض يهوذا من نشر العبادة الوثنية ورجاستها على يد أبيه آحاز، ومَنَسَّى قام بتطهيرها عند توبته في أواخر أيام حياته بعد قضاء مدة طويلة من حُكْمِه في الفساد، ويوشيا قام بذات العمل لتطهيرها مما فعله والده آمون، أما بعد يوشيا آخِر ملك صالح، وفي خلال اثنين وعشرين عامًا كان الأربعة ملوك الذين جاءوا بعده أشرارًا. وقد عَجَّل حُكْمَهم الفاسد بحلول التأديب القاسي. بدأ الشعور بقُرْبِ زوال استقلال يهوذا يسيطر على الكثيرين. كان لانهيار أشور وزوال إمبراطوريتها أثارها على المنطقة الغربية من الهلال الخصيب. لقد حلَّ الخراب على يهوذا وأورشليم تدريجيًا، لكي يُعطِي فرصة للتوبة، لأن الله لا يشاء موت الخطاة مثل أن يرجعوا إليه فيحيوا.
سُجِّلَ أغلب تاريخ هؤلاء الملوك في سفر ملوك الثاني. اختصر الكاتب هنا الحديث عن هذه الفترة المُرَّة التي عاشت فيها مملكة يهوذا.
في الحقيقة دمار يهوذا لم يأتِ بسبب قوة الإمبراطورية البابلية، إنما بسبب فساد يهوذا، فبإصرارها على انعزالها عن الإله الحقيقي مصدر حياتها دفعها إلى الدمار الكامل. ما حلّ بها أشبه بارتكاب جريمة انتحار، قام بها هؤلاء الملوك الأربعة ومعهم القيادات المدنية والدينية والشعب أيضًا، فإن أُجرَة الخطية هي موت (رو 6: 23).
يؤكد كثير من آباء الكنيسة مثل القديس مقاريوس الكبير أن الخطية تحمل فسادها فيها، فالشرير المُصَمِّم على شرِّه، يهلك كثمرة طبيعية للشر مُحَقِّق الفساد. لا يحتاج الشرير إلى من يردعه ويعاقبه، إنما ما يفعله يُقَدِّم له المرارة والموت! يشرب من ذات الكأس التي ملأها لنفسه، اللهم إلا إذا ألقى بالكأس خلال التوبة وتَمَتُّعه بالشركة مع مُخَلِّصه، وجهاده الجاد خلال الإرادة المقدسة في الرب.
v كل شخصٍ: يهودي أو يوناني، غني أو فقير، صاحب سلطة أو في مركز عام، الإمبراطور أو الشحاذ، "كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية" [34]. إن عرف الناس عبوديتهم يرون كيف يقتنون الحرية.
المولود حُرًا ويسبيه البرابرة يتحوَّل من حُرٍ إلى عبدٍ، وإذ يسمع عنه شخص آخر يتحنَّن عليه، ويتطلع أن لديه مالاً فيفديه، يذهب إلى البرابرة، ويعطيهم مالاً ويفدي الرجل. إنه بالحق يرد له الحرية، إذ ينزع الظلم... إني أسأل الذي اُفتدى: هل أخطأتَ؟ يجيب "أخطأتُ". إذن لا تفتخر بنفسك أنك قد اُفتديت، ولا تفتخر يا من افتديته، بل ليهرب كلاكما إلى الفادي الحقيقي. إنه جزئيًا يُدعَى الذين تحت الخطية عبيدًا، إنهم يدعون أمواتًا.
ما يخشاه الإنسان حلول السبي عليه الذي جلبه الإثم عليه فعلاً. لماذا؟ هل لأنهم يبدون أنهم أحياء؟ هل أخطأ القائل: "دَعْ الموتى يدفنون موتاهم" (مت 8: 22)؟ إذن فكل الذين تحت الخطية هم أموات، عبيد أموات، أموات في خدمتهم، وخدام (عبيد) في موتهم[1].
v الآن قيل: "لقد أنتن (لعازر) لأن له أربعة أيام" (يو 11: 39). فإنه بالحقيقة تبلغ النفس إلى هذه العادة التي أتحدث عنها بنوع من التقدُّم أربع مرات.
المرحلة الأولى: هي كما لو كانت إثارة اللذة التي في القلب. والثانية: هي قبولها. والثالثة: هي تحوُّلها إلى عمل. والرابعة: تحوُّلها إلى عادة.
يوجد من يلقون عنهم الأمور الشريرة عن أفكارهم، كأنهم لا يجدون فيها لذة. ويوجد من يجدون فيها لذة، ولكنهم لا يوافقونها. هنا لا يكمل الموت، لكن يحمل بداية معينة، فقد أضيف إلى الشعور باللذة موافقة. في الحال تحدث إدانة للشخص.
بعد الموافقة يحدث تقدُّم للموافقة، إذ تتحوَّل إلى عملٍ ظاهرٍ.
والعمل يتحوَّل إلى عادة. فيحدث نوع من اليأس، حتى يُقَال: "قد أنتن لأن له أربعة أيام". لذلك جاء الرب هذا الذي كل الأمور بالنسبة له سهلة. ومع هذا فوجد في هذه الحالة كما لو كانت هناك صعوبة. لقد اضطرب بالروح، وأظهر الحاجة إلى احتجاجٍ كثيرٍ وعونٍ، ليقيم الذين تقَّسوا بالعادة. ولكن عند صرخة الرب تفجَّرت أربطة الضرورة. ارتعبت قوات الجحيم، وعاد لعازر حيًا. فإن الرب ينقذ حتى من العادات الشريرة. هذا الذي له أربعة أيام ميتًا، بالنسبة للرب وحده يُحسَب راقدًا هذا الذي يريد الرب أن يقيمه[2].
v إن بقيت فيما يخص التراب، فستتحوَّل إليه في النهاية. يليق بك أن تتغيَّر، يجب أن تتحوَّل، يجب أن تصير سماويًا[3].
v تتقاذف الأمواج العاتية من هم ليسوا مع يسوع، وقد انفصلوا عنه أو بدوا غائبين عنه، بانصرافهم عن شرائعه المقدسة. فانفصلوا بسبب الخطية عن ذاك القادر أن يُخَلِّصَ. فإن كان الأمر ثقيلاً علينا أن نكون في ظلمة روحية، فإن كنا مُثَقَّلين بسبب ابتلاع بحر الملذات المريرة، فلنَقْبَل يسوع، لأنه هو يُخَلِّصنا من المخاطر ومن الموت في الخطية.
|
1-4 |
|
|
5-8 |
|
|
9-10 |
|
|
11-16 |
|
|
17 |
|
|
18-19 |
|
|
20-21 |
|
|
22-23 |
1 وَأَخَذَ شَعْبُ الأَرْضِ يَهُوآحَازَ بْنَ يُوشِيَّا وَمَلَّكُوهُ عِوَضًا عَنْ أَبِيهِ فِي أُورُشَلِيمَ. 2 كَانَ يُوآحَازُ ابْنَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ فِي أُورُشَلِيمَ. 3 وَعَزَلَهُ مَلِكُ مِصْرَ فِي أُورُشَلِيمَ وَغَرَّمَ الأَرْضَ بِمِئَةِ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ، وَبِوَزْنَةٍ مِنَ الذَّهَبِ. 4 وَمَلَّكَ مَلِكُ مِصْرَ أَلِيَاقِيمَ أَخَاهُ عَلَى يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ، وَغَيَّرَ اسْمَهُ إِلَى يَهُويَاقِيمَ. وَأَمَّا يُوآحَازُ أَخُوهُ فَأَخَذَهُ نَخُوُ وَأَتَى بِهِ إِلَى مِصْرَ.
وَأَخَذَ شَعْبُ الأَرْضِ يَهُوآحَازَ بْنَ يُوشِيَّا،
وَمَلَّكُوهُ عِوَضًا عَنْ أَبِيهِ فِي أُورُشَلِيمَ. [1]
للأسف ارتكب يوشيا الملك التقي خطأ فاحشًا بانطلاقه للدخول في معركة ضد نخو، دون أن يسأل الرب، ودون أن يُدرِكَ أن بابل هي العدو الأخطر على يهوذا من أشور. تَنَكَّر يوشيا في المعركة، وأُصِيب بجرح خطير أَدَّى إلى وفاته. وبموت يوشيا فقدت يهوذا استقلالها، وصارت خاضعة لمصر لمدة ثلاث أو أربع سنوات (609-606 ق.م). انسحبت مصر، لتسيطر بابل على يهوذا.
حسب ما ورد في (1 أي 3: 15-16)، كان ليوشيا أربعة أبناء:
1. يوحانان Johanan : وهو البكر، لا نَعْلَم عنه شيء، ويُظَن أنه مات في طفولته.
2. الياقيم Eliakim.
3. صدقيا.
4. شلوم، وعُرِفَ باسم يهوآحاز Jehoahaz: أقام الشعب هذا الابن الأصغر ليجلس على العرش عوض والده. تغيَّر اسمه من شلوم Shallum (إر 22: 11) إلى يهوآحاز عند تجليسه.
كَانَ يَهُوآحَازُ ابْنَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ،
وَمَلَكَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ فِي أُورُشَلِيمَ [2]
يبدو أن ألياقيم كان يُفَضِّل مصر على بابل من الجانب السياسي، أما يهوآحاز فكان يُفَضِّل التحالف مع بابل ضد مصر مثل أبيه يوشيا. لذلك عندما التقى نخو مع يهوآحاز في ربلة -المقر العسكري المصري- قَيَّده بسلاسل وأخذه سجينًا في مصر حيث مات هناك. وقد تنبأ عن ذلك إرميا عندما طالب الشعب ألا يبكي على موت يوشيا، بل يحزن على ابنه الذي يخلفه شلوم (يهوآحاز) الذي لا يعود يرى يهوذا بعد (إر 22: 10-12). هكذا خلع يهوآحاز الشرير، الذي لم يَدُم مُلْكه سوى ثلاثة أشهر. ، وفرض غرامة كبيرة على يهوذا. وأقام أخاه ألياقيم بدلاً منه، وغيَّر اسمه إلى يهوياقيم.
وَعَزَلَهُ مَلِكُ مِصْرَ فِي أُورُشَلِيمَ،
وَغَرَّمَ الأَرْضَ بِمِئَةِ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ وَبِوَزْنَةٍ مِنَ الذَّهَبِ. [3]
اعتبر نخو أنه هزم يهوذا، وصارت تحت ولايته خاضعة له، وإذ أقام الشعب يهوآحاز ملكًا دون العودة إليه، عزله وأقام أخاه عوضًا عنه، لا لسبب سوى إعلان سلطانه على يهوذا.
وَمَلَّكَ مَلِكُ مِصْرَ أَلِيَاقِيمَ أَخَاهُ عَلَى يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ،
وَغَيَّرَ اسْمَهُ إِلَى يَهُويَاقِيمَ. وَأَمَّا يَهُوآحَازُ أَخُوهُ فَأَخَذَهُ نَخُو،
وَأَتَى بِهِ إِلَى مِصْرَ. [4]
كان الشعب يظن أن يهوآحاز سيعود من مصر ويجلس على العرش، لكن تحقَّق ما تنبأ به إرميا. هذه هي ثمرة الخطية؛ يفقد الإنسان روح الملوكية ولا يُعَايِن أورشليم العليا، بل يعيش كما في أرض العبودية في مَذَلَّة كما عاش يهوآحاز في مصر في مرارةٍ وحزنٍ حتى مات.
يشير نخو إلى الخطية التي نرتكبها، فتصير كملكٍ مستبدٍ، تأسرنا وتدخل بنا إلى أرض العبودية.
v الهلاك هو البُعْد عن الله، فإنه ليس للقوات المُعادِية مأرب آخر غير هلاكنا. حين تَرَقَّبوني لإهلاكي، فهمت شهاداتك، ولم أبتعد عنها[4].
v أمور النعمة يصحبها فرح وسلام ومحبة وحق... أما أشكال الخطية فيصحبها اضطراب وليس محبة ولا فرح نحو الله[5].
v إذ أنا ملوم بكل غضن خطاياي، أقضي أيامي وليالي في رُعْبٍ، لكنني إذ أنظر الله يحلُّ القيود ويسند النفس المتواضعة المُرتعِبة، يقول لي وأنا منبطح في قبر شَرِّي: "چيروم هلم خارجًا"[6].
v ما دمتَ تحمل جسدًا قابلاً للموت تحاربك الخطيّة؛ لكن ليتك لا تجعلها تملك... أي اقطع رغباتها. فإن بدأتَ تُطِيعها تملك عليك. ماذا يعني "تطيع"؟ تخضع أعضاؤك كآلات إثم للخطية[7].
v ما دامت الخطيّة موجودة في أعضائك فلا تجعل لها سلطانًا عليك لتملك، وإنما على الأقل اطردها ولا تطع متطلباتها. هل يثور فيك الغضب؟ لا تُخضِع له لسانك بالنطق بكلمة شريرة، ولا تُخضِع له يدك أو قَدَمك كأن تضرب بهما. ما كان يمكن للغضب غير المتعقل أن يثور فيك لو لم توجد الخطيّة في أعضائك، ولكن اُطرد قوّتها الحاكمة، فلا يكون لها أسلحة لمحاربتك، عندئذ تتعلَّم هي ألا تثور فيك إذ تجد نفسها بلا أسلحة... هكذا يليق بكل أحد أن يجاهد إذ يبغي الكمال، حتى إذ تجد الشهوة نفسها بلا استجابة من الأعضاء تقل يومًا فيومًا خلال رحلتها[8].
← وستجد تفاسير أخرى
هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
5 كَانَ يَهُويَاقِيمُ ابْنَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ إِحْدَى عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلهِهِ. 6 عَلَيْهِ صَعِدَ نَبُوخَذْنَاصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ وَقَيَّدَهُ بِسَلاَسِلِ نُحَاسٍ لِيَذْهَبَ بِهِ إِلَى بَابِلَ، 7 وَأَتَى نَبُوخَذْنَاصَّرُ بِبَعْضِ آنِيَةِ بَيْتِ الرَّبِّ إِلَى بَابِلَ وَجَعَلَهَا فِي هَيْكَلِهِ فِي بَابِلَ. 8 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يَهُويَاقِيمَ وَرَجَاسَاتُهُ الَّتِي عَمِلَ وَمَا وُجِدَ فِيهِ هَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا. وَمَلَكَ يَهُويَاكِينُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.
كَانَ يَهُويَاقِيمُ ابْنَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ،
وَمَلَكَ إِحْدَى عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ،
وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلَهِهِ. [5]
عَلَيْهِ صَعِدَ نَبُوخَذْنَصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ،
وَقَيَّدَهُ بِسَلاَسِلِ نُحَاسٍ لِيَذْهَبَ بِهِ إِلَى بَابِلَ [6]
صعد نبوخذنصر ملك بابل عليه، وقَيَّده بسلاسل نحاس، وذهب به إلى بابل، كما سلب آنية الهيكل [7]. مات ميتة فاعل شر (إر 30:36).
يهوآحاز يُمَثِّل الإنسان المُصَمِّم على شرِّه، يفقد ملوكيته ووطنه السماوي، لتملك الخطية عليه! أما يهوياقيم، فيشير إلى الشرير الذي يصعد إليه ملك بابل (رمز الشيطان) ويُقَيِّده بسلاسل ويذهب به إلى بابل (البلبلة). وكأن ثمار الخطية هي:
1. عوض السلطان المُعطَى للإنسان أن يدوس على الحيات والعقارب وكل قوة العدو (لو 10: 19)، يرتفع عليه العدو، ليطأ عليه ويذله.
2. يحرمه من الحرية ويُقَيِّده بسلاسل مُرَّة.
3. يحرمه من المعرفة والحكمة والتعقُّل، إذ يدخل به إلى بابل.
وعلى العكس بالتوبة يتمتَّع المؤمن بالآتي:
1. ينعم بالسلطان ليطأ قوات الظلمة.
2. يتمتع بحرية مجد أولاد الله.
3. ينعم بمعرفة مُتَجَدِّدة وحكمة نامية وتعقُّلاً في كل شيء.
يعتبر البعض أن مدة السبعين عامًا للسبي التي تنبأ عنها إرميا بدأت منذ قُبِضَ على يهوياقيم وقُيِّد بالسلاسل وأُرسِلَ إلى بابل[9].
v كما أن الطبيب يكره مرض المريض ويعمل بمقاييس الشفاء لينزع المرض ويشفي العليل، هكذا الله يعمل بنعمته فينا، ليُبَدِّدَ الخطية ويتحرَّر الإنسان[10].
v من ثَمَّ يقول الرسول ما نبدأ نحن نقوله: "فإني أُسَر بناموس الله بحسب الإنسان الباطن" (رو 7: 22). هنا إذن نصير أحرارًا عندما نُسَر بناموس الله، لأن الحرية لها الفرح. فإنك ما دمت تفعل الصلاح عن خوفٍ، فإن الله لا يكون موضع مسرَّتك. لتجد مسرَّتك فيه فتكون حرًا. لا تخف العقوبة بل أَحِبّ البرَّ. هل لازلت لا تحب البرَّ؟ خفْ من العقوبة حتى تنال محبة البرِّ[11].
v لا يقل المسيحي إنني حُرٌّ، أفعل ما يحلو لي، ليس لأحد أن يكبح إرادتي ما دمُت حُرًا. إن كنتَ بهذه الحرية ترتكب خطيّة فأنت عبدٌ للخطية. لا تُفسِدْ حريتك بالتحرّر للخطية، إنما لاستخدامها في عدم ارتكاب الخطيّة. "فإنكم إنما دُعيتم للحرية أيها الإخوة، غير أنه لا تُصَيِّروا الحرية فرصة للجسد بل بالمحبّة اخدموا بعضكم بعضًا" (غل 5: 12)[12].
v لا نعتبر الأحرار هم أولئك الأحرار بحسب مركزهم، بل الذين هم بحق أحرار في حياتهم وطبعهم... حرية النفس وطوباويتها هما نتيجة النقاء الحقيقي والازدراء بالزمنيات[13].
v الإنسان الحُرّ هو ذاك الذي لا تستعبده الملذات، بل يتحكَّم في الجسد بتمييز صالح وعفة، قانعًا بما يعطيه الله، مهما كان قليلاً، شاكرًا إياه من كل قلبه[14].
وَأَتَى نَبُوخَذْنَصَّرُ بِبَعْضِ آنِيَةِ بَيْتِ الرَّبِّ إِلَى بَابِلَ،
وَجَعَلَهَا فِي هَيْكَلِهِ فِي بَابِلَ. [7]
إذ سلك الملك والقادة والشعب في الشرِّ، وعبدوا الأوثان، سُحِبَتْ أواني الهيكل التي كانت تُحسَب أفضل الأواني في المعابد في العالم، وصارت لخدمة آلهة الأمم تأديبًا ليهوذا. كان الأنبياء الكذبة يتكلَّمون بالناعمات، قائلين بأنها سترجع سريعًا (إر 27: 16). غير أن إرميا النبي تنبأ أن بقية الأواني ستُحمَل إلى بابل بعد سبيهم (إر 27: 21-22)، وقد تمَّ ذلك.
وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يَهُويَاقِيمَ وَرَجَاسَاتُهُ الَّتِي عَمِلَ وَمَا وُجِدَ فِيهِ،
مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا.
وَمَلَكَ يَهُويَاكِينُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. [8]
بخصوص الرجاسات التي مارسها يهوياقيم، يبدو أنه أعاد كل ما يمسُّ العبادة الوثنية ورجاساتها التي أزالها والده يوشيا (راجع إر 7: 9، 30-31؛ 19: 3-13؛ 25: 1)[15].
"وما وُجِدَ فيه" [8]: يرى البعض أنه يقصد ما وُجِدَ فيه من خيانة لملك بابل، غير أن بعض المُفَسِّرين اليهود يرون أنها كانت علامات خاصة أو أختام وُجِدَت في جثمانه، كانت تُصنَع تكريمًا للأوثان؛ وكانت كتابة الوشم على الجسم مُحَرَّمة (لا 19: 28).
9 كَانَ يَهُويَاكِينُ ابْنَ ثَمَانِي سِنِينَ حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ فِي أُورُشَلِيمَ. وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. 10 وَعِنْدَ رُجُوعِ السَّنَةِ أَرْسَلَ الْمَلِكُ نَبُوخَذْنَاصَّرُ فَأَتَى بِهِ إِلَى بَابِلَ مَعَ آنِيَةِ بَيْتِ الرَّبِّ الثَّمِينَةِ، وَمَلَّكَ صِدْقِيَّا أَخَاهُ عَلَى يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ.
كَانَ يَهُويَاكِينُ ابْنَ ثَمَانِي سِنِينَ حِينَ مَلَكَ،
وَمَلَكَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ فِي أُورُشَلِيمَ.
وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. [9]
جاء في المخطوطات اليونانية "ثمانية عشر عامًا"، عوض ثمانية أعوام.
ورد هنا أن يهوياكين أو يكونيا بن يهوياقيم كان ابن ثماني سنين حين ملك، وجاء في سفر الملوك أنه كان ابن ثمانية عشر سنة، يبدو أنه كان شريكًا في الحُكْمِ مع أبيه وهو في الثامنة من عمره، وتسلَّم العرش بمفرده في الثمانية عشر.
عندما ملك أويل مردوخ على بابل رَدَّه بعد 37 سنة من سبيه (2 مل 25: 27-30)، وهي غير مذكورة هنا.
وَعِنْدَ رُجُوعِ السَّنَةِ، أَرْسَلَ الْمَلِكُ نَبُوخَذْنَصَّرُ،
فَأَتَى بِهِ إِلَى بَابِلَ مَعَ آنِيَةِ بَيْتِ الرَّبِّ الثَّمِينَةِ،
وَمَلَّكَ صِدْقِيَّا أَخَاهُ عَلَى يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ. [10]
لقد اختار الملوك الفاسدون بإرادتهم عبادة الأوثان، لذلك سمح الله أن تذهب آنية بيت الرب إلى هياكل الأوثان ببابل. هكذا عندما يختار الإنسان طريق الخطية بإرادته من أجل الملذات الجسدية، يتركه الله فيستعبده إبليس الشرير.
دُعِي صدقيا أخًا ليهوياكين مع أنه عمه، وهو تعبير يُستخدَم عن القرابة، كما قال إبراهيم لابن أخيه لوط إنهما أخوان.
11 كَانَ صِدْقِيَّا ابْنَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ إِحْدَى عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ. 12 وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلهِهِ، وَلَمْ يَتَوَاضَعْ أَمَامَ إِرْمِيَا النَّبِيِّ مِنْ فَمِ الرَّبِّ. 13 وَتَمَرَّدَ أَيْضًا عَلَى الْمَلِكِ نَبُوخَذْنَاصَّرَ الَّذِي حَلَّفَهُ بِاللهِ، وَصَلَّبَ عُنُقَهُ وَقَوَّى قَلْبَهُ عَنِ الرُّجُوعِ إِلَى الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ، 14 حَتَّى إِنَّ جَمِيعَ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشَّعْبِ أَكْثَرُوا الْخِيَانَةَ حَسَبَ كُلِّ رَجَاسَاتِ الأُمَمِ، وَنَجَّسُوا بَيْتَ الرَّبِّ الَّذِي قَدَّسَهُ فِي أُورُشَلِيمَ. 15 فَأَرْسَلَ الرَّبُّ إِلهُ آبَائِهِمْ إِلَيْهِمْ عَنْ يَدِ رُسُلِهِ مُبَكِّرًا وَمُرْسِلًا لأَنَّهُ شَفِقَ عَلَى شَعْبِهِ وَعَلَى مَسْكَنِهِ، 16 فَكَانُوا يَهْزَأُونَ بِرُسُلِ اللهِ، وَرَذَلُوا كَلاَمَهُ وَتَهَاوَنُوا بِأَنْبِيَائِهِ حَتَّى ثَارَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى شَعْبِهِ حَتَّى لَمْ يَكُنْ شِفَاءٌ.
كَانَ صِدْقِيَّا ابْنَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ،
وَمَلَكَ إِحْدَى عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ. [11]
كان اسم صدقيا متانيا، وقد غيَّر ملك بابل اسمه إلى صدقيا (2 مل 24: 17).
وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلَهِهِ،
وَلَمْ يَتَوَاضَعْ أَمَامَ إِرْمِيَا النَّبِيِّ مِنْ فَمِ الرَّبِّ. [12]
كان الملوك يَعْلَمون تاريخ مملكتهم، ويدركون أنهم شعب الله، ويُقَدِّم لهم تاريخهم شهادة عملية أنه لا خلاص لهم ما لم يلتصقوا بالإله الحي، فيثبتوا على العرش بكونهم من بيت داود التقي، ومع هذا كانوا يسعون بكل طاقتهم لنشر العبادات الوثنية ومقاومة عبادة الله الحي. لم يرتدعوا بالتأديبات الإلهية بالرغم مما عانوا منه في مذلة!
وَتَمَرَّدَ أَيْضًا عَلَى الْمَلِكِ نَبُوخَذْنَصَّرَ الَّذِي حَلَّفَهُ بِالله،
وَصَلَّبَ عُنُقَهُ، وَقَوَّى قَلْبَهُ عَنِ الرُّجُوعِ إِلَى الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ [13]
من الخطايا التي ارتكبها صدقيا أنه كسر الحلف الذي أقسم به (حز 17: 18-20، 21: 25).
تمَّ الخراب في صورة بشعة بسبب حماقة صدقيا الذي تمرَّد على ملك بابل. يلوم الكتاب صدقيا لعدم سماعه مشورة إرميا آخر أنبياء ما قبل السبيّ، وتمرده على نبوخذنصر ملك بابل الذي وضعه تحت التأديب الإلهي، وحنث بالقسم الذي باسم الرب.
كان لدى صدقيا فرصة للتوبة، هو ورجال قصره، وذلك خلال كرازة إرميا النبي وأنبياء آخرين (إر 37: 2)، لكنهم رفضوا بعنادٍ، مما أَدَّى إلى دمار المملكة تمامًا.
حَتَّى أَنَّ جَمِيعَ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشَّعْبِ أَكْثَرُوا الْخِيَانَةَ،
حَسَبَ كُلِّ رَجَاسَاتِ الأُمَمِ،
وَنَجَّسُوا بَيْتَ الرَّبِّ الَّذِي قَدَّسَهُ فِي أُورُشَلِيمَ. [14]
للأسف الذي قام بتدنيس الهيكل وعبادته كل من شعب الله وأعدائهم في مقاومتهم لهوية إسرائيل. سلَّمهم الرب للهوان، لأنهم سلَّموا قلوبهم للفساد ونجَّسوا بيت الرب.
فَأَرْسَلَ الرَّبُّ إِلَهُ آبَائِهِمْ إِلَيْهِمْ عَنْ يَدِ رُسُلِهِ مُبَكِّرًا وَمُرْسِلاً،
لأَنَّهُ شَفِقَ عَلَى شَعْبِهِ وَعَلَى مَسْكَنِهِ [15]
فَكَانُوا يَهْزَأُونَ بِرُسُلِ الله وَرَذَلُوا كَلاَمَهُ، وَتَهَاوَنُوا بِأَنْبِيَائِهِ،
حَتَّى ثَارَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى شَعْبِهِ، حَتَّى لَمْ يَكُنْ شِفَاءٌ. [16]
أشار السفر إلى تصلُّف القادة وعدم أخذهم تحذيرات رجال الله لهم بشيءٍ من الجدّية [15]، مثل ما ورد في إرميا النبي (إر 7: 13، 25؛ 25: 3-4؛ 26: 5؛ 29: 10؛ 35:15؛ 44: 4؛ راجع 11: 7؛ 32: 33). في جهالة لم يسمعوا لتحذيرات الله بواسطة أنبيائه، وإنما تعاملوا معهم بهزءٍ وسُخرية واستخفاف، بهذا لم يعد يوجد علاج سوى التأديب القاسي خلال السبي البابلي. تفاقم الأمر وامتلأت الكأس بشرورهم بسبب سوء معاملتهم للأنبياء الذين أرسلهم الرب ليُحَذِّروهم من شرورهم.
فَأَصْعَدَ عَلَيْهِمْ مَلِكَ الْكِلْدَانِيِّينَ،
فَقَتَلَ مُخْتَارِيهِمْ بِالسَّيْفِ فِي بَيْتِ مَقْدِسِهِمْ.
وَلَمْ يُشْفِقْ عَلَى فَتًى أَوْ عَذْرَاءَ وَلاَ عَلَى شَيْخٍ أَوْ أَشْيَبَ،
بَلْ دَفَعَ الْجَمِيعَ لِيَدِهِ. [17]
يُصوَّر لنا الخراب الذي لحق بيهوذا كالآتي:
1. قَتْلُ الجماهير بالسيف في بيت مقدسهم (حز 9: 6-7؛ مرا 2: 7، 20)، فقد لجأوا إلى بيت الرب ليَحمِيهم من البابليين، بينما قاموا هم أنفسهم بتنجيسه بأوثان الأمم [14].
2. سَلْبُ كل ما كان قد تبقَّى من آنية في الهيكل، وما في خزائن بيت الرب وبيوت الملك ورؤساء يهوذا [18].
3. حَرْقُ الهيكل، وهَدْمُ أسوار أورشليم وقصورها [19]، وما لم يحملوه من آنية أهلكوها.
4. سَبْي من تبقَّى من القتل إلى بابل [20].
← وستجد تفاسير أخرى
هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
وَجَمِيعُ آنِيَةِ بَيْتِ الله الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ، وَخَزَائِنِ بَيْتِ الرَّبِّ،
وَخَزَائِنِ الْمَلِكِ وَرُؤَسَائِهِ،
أَتَى بِهَا جَمِيعًا إِلَى بَابِلَ. [18]
وَأَحْرَقُوا بَيْتَ الله، وَهَدَمُوا سُورَ أُورُشَلِيمَ،
وَأَحْرَقُوا جَمِيعَ قُصُورِهَا بِالنَّارِ،
وَأَهْلَكُوا جَمِيعَ آنِيَتِهَا الثَّمِينَةِ. [19]
تَمَّ الدمار الكامل للهيكل وخراب مدينة أورشليم:
1. اغتصاب كل الآنية التي للهيكل وفي خزانة القصر الملكي وقصور الرؤساء، وإرسالها إلى بابل [18]
2. حَرْقُ الهيكل، بيت الله، وتدميره تمامًا، لا وجود له.
3. هَدْمُ سور أورشليم، ففقدت حصانتها.
4. حرق القصور الخاصة بالملك والرؤساء وكل القادة.
5. تحطيم كل الأواني الثمينة، وتحويلها إلى سبائك ذهبية وفضية، ولم يُترَك إلا قلة قليلة نُقِلَت كما هي إلى بابل.
v لستُ أنكر أن أورشليم الأولى قد خُرِّبَت بسبب شرِّ سكانها، لكنني أتساءل: ألا يليق بك البكاء على أورشليمك الروحية؟!
إن أخطأ أحد بعد قبوله أسرار الحق، فإنه يُبكَى عليه، لأنه كان من أورشليم ولم يعد بعد...
ليُبْك على أورشليمنا، لأنه بسبب الخطية يحيط بها الأعداء (الأرواح الشريرة) بمترسة ويحاصرونها، ولا يتركون فيها حجرًا على حجرٍ، خاصة لو أن هذا الإنسان كان قد سبق فمارس العفة زمانًا والطهارة سنوات طويلة، فتثور فيه شهوات الجسد ويفقد نقاوته وعفته ليسقط في الزنا، ولا يُترَك فيه حجر على حجر، كقول حزقيال: "كل برِّه الذي عمله لا يُذكَر" (حز 18: 24).
20 وَسَبَى الَّذِينَ بَقُوا مِنَ السَّيْفِ إِلَى بَابِلَ، فَكَانُوا لَهُ وَلِبَنِيهِ عَبِيدًا إِلَى أَنْ مَلَكَتْ مَمْلَكَةُ فَارِسَ، 21 لإِكْمَالِ كَلاَمِ الرَّبِّ بِفَمِ إِرْمِيَا، حَتَّى اسْتَوْفَتِ الأَرْضُ سُبُوتَهَا، لأَنَّهَا سَبَتَتْ فِي كُلِّ أَيَّامِ خَرَابِهَا لإِكْمَالِ سَبْعِينَ سَنَةً.
وَسَبَى الَّذِينَ بَقُوا مِنَ السَّيْفِ إِلَى بَابِلَ،
فَكَانُوا لَهُ وَلِبَنِيهِ عَبِيدًا إِلَى أَنْ مَلَكَتْ مَمْلَكَةُ فَارِسَ [20]
استخدمهم نبوخذنصر وخلفاؤه كعبيد في أعمال السخرة في إنشاءاتهم التي قاموا بها. إذ رفض الملوك والقادة والشعب الالتصاق بالله الذي وهبهم الكثير من البركات وجاء بهم إلى أرض الموعد، سمح لهم بالذهاب إلى بابل حيث دُعِي أبوهم إبراهيم رجل الإيمان بالخروج منها، فينال نسله الكثير من البركات في أرض الموعد. وكأنه يدعوهم أن يقتدوا بأبيهم إبراهيم فينالوا ما فقدوه بسبب رفضهم للإيمان. ليس من وسيلة للرجوع إلى أورشليم سوى الإيمان والتوبة الصادقة.
v من الأفضل للقارئ أن يتأمل في نفسه، في طريقة حياته، وفي ندرة السمو الحقيقي. تذكر أنه عندما اقُتيد كل يهوذا إلى السبي عند مجيء نبوخذنصر وأُرسل الآلاف إلى بابل كأسري، بقي إرميا وحده يُسَبِّح الله. لقد ألقوه (رجال ملك يهوذا) في جبٍ به وَحْل (إر 38: 6) مع هذا فإن نفس هذا الرجل كانت أكثر حسمًا في تقرير مصير إسرائيل[16].
لإِكْمَالِ كَلاَمِ الرَّبِّ بِفَمِ إِرْمِيَا،
حَتَّى اسْتَوْفَتِ الأَرْضُ سُبُوتَهَا،
لأَنَّهَا سَبَتَتْ فِي كُلِّ أَيَّامِ خَرَابِهَا لإِكْمَالِ سَبْعِينَ سَنَةً. [21]
امتدَّ سبي يهوذا إلى سبعين عامًا من سنة 587 ق.م حيث سقطت أورشليم إلى سنة 517 ق.م [20]. لم تتحقَّق العودة من السبي مصادفةً أو جزافًا، فقد بشَّر بها النبي الباكي إرميا (إر 25: 10-12).
"حتى استوفت الأرض سبوتها": لم تكن كلمة "العقاب" أو "التأديب" هي آخر المطاف في السِفْرِ، إنما التمتُّع براحة السبت هي النهاية، فقد عادوا من السبي في السنة السبعين من السبي، أي السنة السبتية (لا 26:24-35). فالسبي هو فترة تطهير للشعب، ولا بد للسبي أو التأديب من نهاية.
هذه السبعون سنة تُعادِل السبوت التي كسرها اليهود، وعوض الاحتفال والعبادة لله، انشغلوا بالأعمال الزمنية لمكاسبٍ أرضيةٍ. من أجل الطمع لم يحفظوا السبت والسنة السبتية، فكانوا يعملون في الأرض في أيام السبوت، كما في السنة السابعة كسبتٍ للرب، لذلك صارت الأرض خربة دون زراعة، مُجبَرين حتى تُستوفَى السبوت التي لم يحفظها الشعب عبر الأجيال. قيل: "حينئذ تستوفي الأرض سبوتها كل أيام وحشتها وأنتم في أرض أعدائكم، حينئذ تسبِّت الأرض، وتستوفي سبوتها" (لا 26: 34).
22 وَفِي السَّنَةِ الأُولَى لِكُورَشَ مَلِكِ فَارِسَ لأَجْلِ تَكْمِيلِ كَلاَمِ الرَّبِّ بِفَمِ إِرْمِيَا، نَبَّهَ الرَّبُّ رُوحَ كُورَشَ مَلِكِ فَارِسَ، فَأَطْلَقَ نِدَاءً فِي كُلِّ مَمْلَكَتِهِ وَكَذَا بِالْكِتَابَةِ قَائِلًا: 23 «هكَذَا قَالَ كُورَشُ مَلِكُ فَارِسَ: إِنَّ الرَّبَّ إِلهَ السَّمَاءِ قَدْ أَعْطَانِي جَمِيعَ مَمَالِكِ الأَرْضِ، وَهُوَ أَوْصَانِي أَنْ أَبْنِيَ لَهُ بَيْتًا فِي أُورُشَلِيمَ الَّتِي فِي يَهُوذَا. مَنْ مِنْكُمْ مِنْ جَمِيعِ شَعْبِهِ، الرَّبُّ إِلهُهُ مَعَهُ وَلْيَصْعَدْ».
وَفِي السَّنَةِ الأُولَى لِكُورَشَ مَلِكِ فَارِسَ،
لأَجْلِ تَكْمِيلِ كَلاَمِ الرَّبِّ بِفَمِ إِرْمِيَا نَبَّهَ الرَّبُّ رُوحَ كُورَشَ مَلِكِ فَارِسَ،
فَأَطْلَقَ نِدَاءً فِي كُلِّ مَمْلَكَتِهِ وَكَذَا بِالْكِتَابَةِ، قَائِلاً: [22]
ختم سفر أخبار الأيام الثاني بتحقيق نبوة إرميا النبي بالوعد من السبي في نهاية السبعين عامًا. هكذا مع ما كشفه السفر عن فساد غالبية الملوك مع القادة والشعب، يبقى الله أمينًا ويُعلِن مراحمه وتحقيق وعوده الإلهية.
لقد تحقَّق الوعد الإلهي الذي نطق به بفم إرميا النبي عن العودة من السبي بعد سبعين عامًا، وكان رمزًا لتمتُّعنا بالتحرُّر من سبي إبليس والخطية بعمل السيد المسيح الخلاصي.
هَكَذَا قَالَ كُورَشُ مَلِكُ فَارِسَ،
إِنَّ الرَّبَّ إِلَهَ السَّمَاءِ قَدْ أَعْطَانِي جَمِيعَ مَمَالِكِ الأَرْضِ،
وَهُوَ أَوْصَانِي أَنْ أَبْنِيَ لَهُ بَيْتًا فِي أُورُشَلِيمَ الَّتِي فِي يَهُوذَا.
مَنْ مِنْكُمْ مِنْ جَمِيعِ شَعْبِهِ الرَّبُّ إِلَهُهُ مَعَهُ وَلْيَصْعَدْ. [23]
هكذا بهذه الخاتمة يكشف الكاتب عن غاية السفر وهو أن الله ضابط التاريخ يطلب عودتنا إلى الحياة الفردوسية، وأن يُقِيمَ ملكوته في أورشليم الداخلية، أي في قلوبنا.
v حتى بالنسبة للحرية في هذه الحياة، أين هو الحق عندما تقولون: "لم نُستعبَد لأحدٍ قط"؟ ألم يُبَع يوسف (تك 37: 28)؟ ألم يذهب الأنبياء القديسون إلى السبي (2 مل 24؛ خر 1: 1)؟ مرة أخرى أليست هذه الأمة عندما كانت تصنع اللبن في مصر خدمت حكامًا عنفاء ليس في ذهب وفضة بل في صنع الطوب (خر 1: 14)؟ إن كنتم لم تُستعبَدوا قط لأحد يا أيها الشعب الجاحد، فلماذا يُذَكِّركم الله باستمرار أنه خَلَّصكم من بيت العبودية (خر 13: 3؛ تث 5: 6)؟... كيف تدفعون الجزية للرومان، والتي من خلالها أقمتم فخًا لتصطادوا الحق فيه عندما قلتم: "هل يجوز أن نعطي الجزية لقيصر؟" وذلك حتى إن قال يجوز ذلك تتهمونه بسرعة أنه يسيء إلى حرية نسل إبراهيم، وإن قال لا يجوز تشتكونه أمام ملوك الأرض بكونه يمنع الجزية لمثل هؤلاء؟[17]
v "سَبَى سَبْيًا وَأَعْطَى النَّاسَ عَطَايَا" (أف 4: 8). عندما ارتفع على الصليب المُقَدَّس سَمَّر الخطية التي انتزعتنا من الفردوس على الصليب، وسَبَى سبيًا كما هو مكتوب...
نتيجة سقوط آدم سبانا عدونا، وأمسك بنا، وجعلنا تحت سلطانه. عندئذ صارت نفوس البشر بعد تركها الجسد تذهب إلى الجحيم، إذ أُغلِقَ الفردوس أمامها. لذلك إذ ارتفع المسيح على الصليب المقدس واهب الحياة اختطفنا بدمه من السبي الذي اُستعبدنا فيه خلال سقوطنا. بمعنى آخر أَمسَك بنا من يد العدو، وجعلنا مسبيين له بغلبته وطرده ذاك الذي سبق فسبانا. هذا هو السبب الذي لأجله يُقال: "سَبَى سبيًا"[18].
الأب دوروثيؤس من غزة
v رجع يسوع ممتلئًا من الروح القدس إلى البرية يتحدَّى إبليس، فلو لم يجُرِّبه إبليس، لما انتصر الرب لأجلي بطريقة سِرية، مُحَرِّرا آدم من السبي.
v دفع الملوك الأشرار بيهوذا إلى السبي البابلي.
سَبَتْ يهوذا نفسها بنفسها في عبودية الأوثان.
فأَعطيتَها سؤل قلبها، حيث سباها ملك بابل الوثني.
شربت من الكأس المُرِّ الذي ملأته لنفسها.
فَقَدَتْ استقلالها وحُرِّيتها وسلامها وفرحها مع كل خيراتها.
وأنت يا كلي الصلاح، حَرَّرتها من السبي،
لتترقَّب مجيئك لا لتفديها وحدها، بل تفدي العالم كله.
جئتَ إلى أرضنا، تُحَرِّر البشرية من أَسْرِ الخطية وعبودية إبليس!
v مع كل ملكٍ شريرٍ ليهوذا أكتشف ضعفاتي،
فأصرخ إليك طالبًا عمل نعمتك في حياتي!
يهوآحاز الشرير عزله ملك مصر.
قَيَّده بسلاسل، وأَخذَه سجينًا في مصر،
وفرض جزية ثقيلة على يهوذا.
خلال خطاياي تسلَّل رئيس هذا العالم إلى قلبي.
نزع عني ملكوتك، لأنه ليس من شركة بينك وبينه!
قَيَّدَني بسلاسل الملذات وسحبني من الفكر السماوي.
أَحدَرَني إلى الهاوية، وحملتُ نيره الثقيل، عِوَض نير وصاياك الحلو!
v أقام ملك مصر الياقيم ملكًا، وغَيَّر اسمه إلى يهوياقيم.
صعد ملك بابل إليه، وقَيَّده بسلاسل نحاس،
قادَه في مذلة وعار وسلب أواني الهيكل المقدس،
وحملها إلى هيكل الأوثان في بابل وسط الرجاسات.
يا لعُنْفِ عدو الخير، إذ أَسمَح له بالدخول إلى أفكاري وعواطفي،
أَفقَدَني هويتي كمؤمنٍ واستبدل العدو اسمي،
عِوَض كَوْني ابنًا لله، صرتُ عبدًا لإبليس.
يسلب كل طاقاتي ومواهبي وقدراتي.
عوض استخدامها لحساب ملكوت الله،
صارت آلات إثم لحساب مملكة إبليس!
أَفْسَد جسدي مع نفسي وكل كياني.
عِوَض كَوْني هيكلاً لك، يسكنه روحك القدوس،
صرتُ إناءً فاسدًا للهوان والرذيلة!
ارحمني يا إله المستحيلات! قَدِّسني يا أيها القدوس القدير!
v سلك يهوياكين في ذات موكب الأشرار الفاسدين،
فأَسَرَه ملك بابل وأتى به مع بقية آنية بيت الرب الثمينة.
ارحمني يا حكمة الله، وانزعْ عني فسادي.
فأتحرر من مدينة بابل حيث بلبلة الأفكار وفسادها!
أتمتع بعطاياك الثمينة، عوض ما سلبه العدو مني!
v ارحمني لئلا أسلك طريق صدقيا المتمرِّد.
لأسمع لصوتك خلال أنبيائك،
حتى لا أُنَجِّس بيتك، أي جسدي، الذي قَدَّسته بدمك الثمين.
بك أتحرر من ملك بابل الذي دمَّر مدينة أورشليم وهيكلك.
توبني فأتوب، اِشفني فأُشفَى،
طَهِّرني فأتطهَّر، قَدِّسني فأَتَقَدَّس.
اشتهيتُ العودة إلى أحضانك الإلهية.
اِرفعْ قلبي إلى سماواتك.
لك المجد يا من تقيم من الأرض سماءً، ومن البشر ملائكة!
ها أنا أراك تشتهي أن تحمل البشرية، وتدخل بها إلى سماواتك!
_____
[1] Sermon on N.T. Lessons, 84:3.
[2] Sermon on N.T. Lessons, 48:6.
[3] Homilies on Genesis, 9.
[4] المؤلف: المزمور المئة والتاسع عشر (118) غنى كلمة اللَّه ولذتها، 1996.
[5] عظة 3:7.
[6] Fifth Letter to Florentium. PL 22:336 (in mizne the fourth letter)
[7] Serm on N.T. 78: 8, 12.
[8] On Continence 8; In Ioan. tr 41: 12.
[9] Adam Clarke Commentary.
[10] St. Augustine: On the Gospel of St. John, tractate 41: 9.
[11] St. Augustine: On the Gospel of St. John, tractate 41: 10.
[12] In Ioan tr 41: 8.
[13] الفيلوكاليا، 1993، ص 34.
[14] الفيلوكاليا، 1993، ص 43.
[15] Barnes' Notes.
[16] Homily 54 (Fathers of the Church , v. 48 p. 390).
[17] St. Augustine: On the Gospel of St. John, tractate 41: 2.
[18] Comm..on Easter Hymn.
← تفاسير أصحاحات أخبار ثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
الفهرس |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير أخبار الأيام الثاني 35 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/an6x2xg