← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9
اَلأَصْحَاحُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ
يُعتبَر هذا الأصحاح أصغر الأصحاحات الواردة في سفريّ أخبار اليوم. مع مدحه لشخصية يوثام التقي، غير أن الشعب كانوا يُفسِدون في بيت الرب، ولم يُقَدِّم لنا الكتاب تعليلاً لعدم قدرة يوثام على قيادة الشعب في طريق التقوى.
لا يوجد الكثير في حياة هذا الملك، فقد اكتفى السفر بما ورد عنه في (2 مل 15: 32).
إذ أفسد الشعب نفسه في أيام يوثام، وسقطوا تحت التأديب بالرغم من تقوى الملك، صارت الحاجة مُلِحَّة لإعادة تأسيس العبادة في يهوذا بعد أن تركوها.
|
1-2 |
|
|
3-4 |
|
|
5 |
|
|
6 |
|
|
7-9 |
1 كَانَ يُوثَامُ ابْنَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ يَرُوشَةُ بِنْتُ صَادُوقَ. 2 وَعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ عُزِّيَّا أَبُوهُ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ هَيْكَلَ الرَّبِّ. وَكَانَ الشَّعْبُ يُفْسِدُونَ بَعْدُ.
كَانَ يُوثَامُ ابْنَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ،
وَمَلَكَ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ،
وَاسْمُ أُمِّهِ يَرُوشَةُ بِنْتُ صَادُوقَ. [1]
في 2 مل 15: 32-38 نجد حديثًا مختصرًا عن مُلْكِ يوثام. نحن نعلم أنه شارك والده في الحُكْمِ لمدة حوالي تسع سنوات (750-742 ق.م)، وملك منفردًا من 742 حتى 735 ق.م، فالست عشرة سنة تضم المُدَّتين معًا.
وَعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ عُزِّيَّا أَبُوهُ،
(إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ هَيْكَلَ الرَّبِّ).
وَكَانَ الشَّعْبُ يُفْسِدُونَ بَعْدُ. [2]
يشهد الكتاب المقدس عن يوثام أنه تَمَثَّل بأبيه في كل عملٍ صالحٍ قام به، وفي نفس الوقت بحكمةٍ وتدبيرٍ حسنٍ، فلم يسقط فيما سقط فيه أبوه، إذ لم يقتحم القدس، ولا اغتصب لنفسه ما هو خاص بالكهنة. كان حذرًا جدًا من السقوط مثل أبيه.
لعل سنده في ذلك ما قَدَّمه زكريا من معرفة لأبيه، كما انتفع من ميخا النبي الذي بدأ نبوّته أثناء حكمه (مي 2: 7). بلا شك كانت معرفته للأسرار الإلهية أقل مما كان لأبيه، غير أنه حَوَّل المعرفة إلى عمل بالنعمة الإلهية.
فالمعرفة ضرورية للغاية، لكنها لا تقف عند العقل وحده. فمع كونها عطية الله العظيمة، لكن بدون الله باطلة، وبنعمة الله يتقدس العقل، فيدرك وصايا الله ويمارسها، بلا فصل بين العقل والقلب والحياة، إذ كلها متداخلة مترابطة ببعضها. فالمعرفة الحقيقية ليست نظرية بحتة، بل راسخة في القلب، ومتجسدة في الحياة[1].
غير أن نقطة الضعف في حياة يوثام الملك هي عدم تَمَتُّعِه بالروح القيادية الرعوية اللائقة به كملكٍ تقيٍ، بل وكمؤمنٍ. فإن من يلتصق بالله مُحِب البشرية يشتهي خلاص الكل، ويطلب من أجل مجد الكل.
v يريد البعض أن يضعوا حدودًا للحب بأفريقيا! إن أَردتَ أن تُحِبَّ المسيح، فابسط يدك بالحب على كل العالم، لأن أعضاء المسيح منتشرة في العالم كله[2].
v حيث أن الحُبَّ الحقيقي هو أن نحب الكل، فإن عرف أحد أنه يبغض ولو شخصًا واحدًا يلزمه أن يسرع ويتقيأ هذه اللقمة المُرَّة، حتى يتهيأ لقبول عذوبة الحب نفسه[3].
v انظر، فإنه يُقَال إننا نحب بعضنا بعضًا. ولكن إن كان أحد له صديقان وآخر له ثلاثة، فإن هذا ليس حبًا من أجل الإله، بل من أجل المحبوبين.
الحُبُّ الذي من أجل الإله لا يحمل هذا كأساسٍ للحب، بل كإنسانٍ يميل نحو كل البشرية، يحب من لهم إيمانه بكونهم إخوة حقيقيين، ويحب الهراطقة والوثنيين واليهود[4]، بكونهم إخوة بالطبيعة متأسفًا عليهم عاملاً بتعبٍ وباكيًا من أجلهم.
بهذا نكون على مثال الله لا بصنع أعمال عجيبة، بل إن أحببنا كل البشر حتى أعداءنا.
إننا ندهش من الله إذ يظهر عجائب، وبالأكثر جدًا عندما يُظهِر حبًا للإنسان، عندما يظهر طول أناته علينا.
إن كان هذا يستحق الإعجاب في الله، فكم بالأولى يستحق البشر الإعجاب (بحبهم للجميع)[5].
مع سلوك الملك فيما هو مستقيم في عينيّ الرب، وتحاشيه ما سقط فيه والده، كان ملومًا، إذ لم يهتم بإصلاح أخطاء الشعب، إذ قيل: "وكان الشعب يفسدون بعد". لقد قَدَّم تعاليم صالحة، بالقدوة لهم، لكنه لم يتحرَّك بقوة لإصلاح أخطائهم. ولعله كان عاجزًا عن العمل في أمةٍ كانت غير أمينة؛ هذا ما نلمسه من سفريّ إشعياء وميخا.
عندما سُئِل يوحنا المعمدان: "من أنت؟" كنا نظنه يقول: "أنا الذي جاء جبرائيل الواقف أمام عرش الله مبشرًا أبي بمولدي"، أو "أنا هو الملاك الذي يُهيِّئ الطريق قدَّام المسيَّا المنتظر". لكنَّه ما قال هذا ولا ذاك، بل قال: "أنا صوت صارخ في البرية، أَعدُّوا طريق الرب..." هذه هي رسالة القائد أن يكون قادرًا على التعليم، يُعلِن صوت الرب عاليًا، ويكشف شريعة الرب لأولاده أو لشعب الله، وأن يُعلِّم إخوته كيف يحيُّون!
فالله الحكمة ذاته ومُعلِّم المسكونة، يريد من القادة أن يتعلَّموا ويُعَلِّموا حتى لا يهلكوا، ولا يُهلِكوا الآخرين.
هذا هو المميز بين الراعي والرعيَّة، أن الراعي قادر أن يُعَلِّمَ الآخرين طريق الرب.
لم تكن له شركة مع المرتفعات، غير أنه لم ينزعها. كان الشعب يفسدون، لذلك كان ميخا يتحدَّث عن القضاء بخصوص الشعب وقادته دون ذكر للملك الذي لم يشترك معهم في شرورهم.
فيما يلي صورة لأحاديث ميخا النبي عن القضاء بخصوص خطايا يهوذا، تكشف عن فساد الشعب والرؤساء والقضاة والأنبياء الكذبة دون ذكر الملك: "أنوح وأولول، أمشي حافيًا وعريانًا، أصنع نحيبًا كبنات آوى ونوحًا كرعال النعام. لأن جراحاتها عديمة الشفاء، لأنها قد أتت إلى يهوذا، وصلت إلى باب شعبي إلى أورشليم" (مي 1: 8-9).
"فإنهم يشتهون الحقول ويغتصبونها، والبيوت ويأخذونها، ويظلمون الرجل وبيته، والإنسان وميراثه... ولكن بالأمس قام شعبي كعدوٍ تنزعون الرداء عن الثوب من المجتازين بالطمأنينة، ومن الراجعين من القتال. تطردون نساء شعبي من بيت تنعمهن، تأخذون عن أطفالهن زينتي إلى الأبد. قوموا واذهبوا، لأنه ليست هذه هي الراحة. من أجل نجاسة تهلك والهلاك شديد" (مي 2: 2، 8-10).
"وقلت اسمعوا يا رؤساء يعقوب وقضاة بيت إسرائيل، أليس لكم أن تعرفوا الحق؟ المبغضين الخير، والمحبين الشر، النازعين جلودهم عنه، ولحمهم عن عظامهم. والذين يأكلون لحم شعبي ويكشطون جلدهم عنهم، ويهشمون عظامهم، ويشققون كما في القدر وكاللحم في وسط المقلى... هكذا قال الرب على الأنبياء الذين يضلون شعبي، الذين ينهشون بأسنانهم وينادون سلام، والذي لا يجعل في أفواههم شيئًا يفتحون عنليه حربًا. لذلك تكون لكم ليلة بلا رؤيا. ظلام لكم بدون عرافة، وتغيب الشمس عن الأنبياء، ويظلم عليهم النهار (مي 3: 1-3، 5-6).
"اسمعي خصومة الرب أيتها الجبال ويا أسس الأرض الدائمة، فان للرب خصومة مع شعبه، وهو يحاكم إسرائيل (مي 6: 2).
قد باد التقي من الأرض وليس مستقيم بين الناس، جميعهم يكمنون للدماء، يصطادون بعضهم بعضا بشبكة. اليدان إلى الشر مجتهدتان، الرئيس طالب، والقاضي بالهدية، والكبير متكلم بهوى نفسه فيعكشونها (مي 7: 2-3).
3 هُوَ بَنَى الْبَابَ الأَعْلَى لِبَيْتِ الرَّبِّ، وَبَنَى كَثِيرًا عَلَى سُورِ الأَكَمَةِ. 4 وَبَنَى مُدُنًا فِي جَبَلِ يَهُوذَا، وَبَنَى فِي الْغَابَاتِ قِلَعًا وَأَبْرَاجًا.
هُوَ بَنَى الْبَابَ الأَعْلَى لِبَيْتِ الرَّبِّ،
وَبَنَى كَثِيرًا عَلَى سُورِ الأَكَمَةِ. [3]
إن كان أبوه عُزِّيا قد بني أبراجًا لحماية المدينة (2 أي 26: 9)، فإن يوثام ابنه أكمل التحصينات التي أهملها أبوه، فقام بتحصين بيت الرب.
أشار في (2 ملوك) إلى بنائه الباب الأعلى لبيت الرب، وقام بتزيينه، وهنا قَدَّم شيئًا من التفصيل عن مشروعاته في البناء، وبنى الكثير على سور الأكمة.
وَبَنَى مُدُنًا فِي جَبَلِ يَهُوذَا،
وَبَنَى فِي الْغَابَاتِ قِلَعًا وَأَبْرَاجًا. [4]
اهتم بالإنشاءات، فبنى مدنًا على جبل يهوذا. اهتم بتحصين بلاده وتجديدها.
لم تكن له شركة مع المرتفعات، غير أنه لم ينزعها. كان الشعب يفسدون [2]، لذلك كان ميخا يتحدَّث عن القضاء بخصوص الشعب وقادته، دون ذكر للملك الذي لم يشترك معهم في شرورهم.
← وستجد تفاسير أخرى
هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
وَهُوَ حَارَبَ مَلِكَ بَنِي عَمُّونَ وَقَوِيَ عَلَيْهِمْ،
فَأَعْطَاهُ بَنُو عَمُّونَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ،
مِئَةَ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ وَعَشَرَةَ آلاَفِ كُرِّ قَمْحٍ وَعَشَرَةَ آلاَفٍ مِنَ الشَّعِيرِ.
هَذَا مَا أَدَّاهُ لَهُ بَنُو عَمُّونَ، وَكَذَلِكَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ. [5]
وَتَشَدَّدَ يُوثَامُ،
لأَنَّهُ هَيَّأَ طُرُقَهُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلَهِهِ. [6]
يُمتدَح يوثام على الأقل من أجل عدم اقتدائه بأبيه الذي اغتصب حقوق خاصة بالهيكل [2]. كما قيل عنه إنه تشدَّد، لأنه هيَّأ طرقه أمام الرب إلهه [6]، الأمر الذي يندر أن يُقَال عن الملوك المذكورين في الكتاب المقدس.
برزت تقوى يوثام في حمايته لبيت الرب، فإن كان عُزِّيا فد بَنَى أبراجًا لحماية المدينة (2 أخ 26: 9)، فإن يوثام بنى أبراجًا لحماية الهيكل.
أكمل يوثام أعمال التحصينات التي أهملها أبوه [4]. وكانت تقواه هي مصدر قوته.
لم يذكر أخبار الأيام ما ورد في (2 مل 15: 26)، عن إرسال الله رصين ملك أرام وفقح بن رمليا على يهوذا، لأن إرسال هؤلاء الأعداء ليس من أجل الملك التقي، بل من أجل الشعب.
وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يُوثَامَ وَكُلُّ حُرُوبِهِ وَطُرُقِهِ،
مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا. [7]
كَانَ ابْنَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ،
وَمَلَكَ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ. [8]
ثُمَّ اضْطَجَعَ يُوثَامُ مَعَ آبَائِهِ،
فَدَفَنُوهُ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ،
وَمَلَكَ آحَازُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. [9]
انتهى حُكْمَه في وقتٍ قصيرٍ، لكنه أنهاه بكرامةٍ. مع أنه مات في منتصف عمره، حسب تعبير العامة، غير أنه عاش سعيدًا ومات مُكَرَّمًا.
v لك المجد يا من أنقذت يوثام من خطأ أبيه عُزِّيا.
وهبتَه نعمتك، من أجل التصاقه بك،
فسلك بروح الاستقامة أمام عينيك.
لم ينحرف كأبيه ليغتصب كرامة ليست له!
v هَبْ لي روح الاستقامة، فإني ضعيف وعاجز!
وَسِّعْ تخوم قلبي، فأشتهي خلاص العالم كله!
من يقدر أن يحمل البشرية، ويصعد بها سواك؟!
في ضعفي أصرخ إليك، لأن نفسي مُرَّة من أجل التائهين عن الطريق.
اقبل كل صلاةٍ وصومٍ وسجودٍ أمامك من أجل إخوتي.
v إني آخر الكل، وأضعف الجميع.
لكن نفسي تئن من أجل إخوتي في البشرية.
أنت وحدك تعمل بروحك القدوس فيهم وفيَّ.
إني محتاج إلى خلاصك ونعمتك.
هَبْ لإخوتي كما لضعفي النصرة بك، فأتهلل بأكاليلهم!
v لأبسط يدي معك على الصليب،
فأحتضن كل نفسٍ ساقطة وأُقَدِّمها إليك!
مع كل نفس تقوم بنعمتك، تقوم أيضًا نفسي معها.
اجذبني وراءك فنجري كلنا إليك.
كم تشتهي نفسي ألا يهلك أحد من البشر؟!
v متى تأتي يا مخلصي على السحاب،
وتنضم كنيستك التي من آدم إلى آخر الدهور؟
يفرح بها خُدَّامك السمائيون،
ويشترك الأرضيون معهم في التسبيح لك.
_____
[1] د. جورج عوض إبراهيم: القديس باسيليوس الكبير، المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية بالقاهرة.
[2] Tr., on 1 John 10:8.
[3] Sermons 23:4.
[4] تُمَيِّز الكنيسة بين محبة الإنسان لعدوه الشخصي وبين أمانته لوطنه.
[5] In Hebr. 3: 11.
← تفاسير أصحاحات أخبار ثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أخبار الأيام الثاني 28 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير أخبار الأيام الثاني 26 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/n69xqxx