محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
حكمة: |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21
الآيات (1-2): "هِيَ الَّتِي حَفِظَتْ أَوَّلَ مَنْ جُبِلَ أَبًا لِلْعَالَمِ لَمَّا خُلِقَ وَحْدَهُ، وَأَنْقَذَتْهُ مِنْ زَلَّتِهِ، وَأَتَتْهُ قُوَّةً لِيَتَسَلَّطَ عَلَى الْجَمِيعِ."
أول من جبل أبًا للعالم= هو آدم، الذي بسبب خطيته حُكِمَ عليه بالموت، ولكن حكمة الله أي الابن اللوغوس حفظه من الموت، فظل ما يقرب من 1000 سنة حيًا ثم مات= أنقذته من زلته= مع أنه كان يستحق الموت فورًا، حافظت عليه حكمة الله لمدة حوالي 1000سنة. بل آتته قوة ليتسلط= كان ممكنًا للحيوانات أن تقضي عليه إذ فقد سلطانه عليها، لكن الله أعطاه الحكمة حتى يستطيع أن يحيا وسطها. راجع قول بولس الرسول عن المسيح أنه "حامل كل الأشياء بكلمة قدرته" (عب3:1) فهو الذي حفظ الكون حتى اليوم وحفظ حياة البشر، فنرى هنا أن الابن حكمة الله حفظ آدم حتى لا يهلك. لما خلق وحده= مع أنه وحده لكن الله أعطاه الحكمة والقوة والسلطان حتى لا تؤذيه الحيوانات. وأعطته حكمة ليفهم أسرار الحيوان والنبات ويعطي لكلٍ اسمًا. بل حينما مات جاءت الحكمة متجسدة (المسيح) ليفديه فيحيا.
الآيات (3-4): "وَلَمَّا ارْتَدَّ عَنْهَا الظَّالِمُ فِي غَضَبِهِ، هَلَكَ فِي حَنَقِهِ الَّذِي كَانَ بِهِ قَاتِلَ أَخِيهِ. وَلَمَّا غَمَرَ الطُّوفَانُ الأَرْضَ بِسَبَبِهِ، عَادَتِ الْحِكْمَةُ فَخَلَّصَتْهَا بِهِدَايَتِهَا لِلصِّدِّيقِ فِي آلَةِ خَشَبٍ حَقِيرَةٍ."
ولما ارتد عنها الظالم= الظالم هو قايين، حين ترك الحكمة وخضع لشيطان الحسد والغضب والكراهية هَلَكَ= هلك أبديًا بانفصاله عن الله وهلك كل نسله بالطوفان بسبب غضب الله، إذ حينما انفصل قايين عن الله ازداد الشر في نسله، وكان شرهم سببًا في هلاك العالم بالطوفان. ولكن الحكمة حفظت نوحًا وأولاده بأن أرشدته لصنع الفلك= آلة خشب حقيرة وهذه إشارة للصليب الذي تم به الخلاص. وقوله آلة خشب حقيرة= قد تكون نبوة عن موت الصليب الذي هو لعنة وموت عار.
الآيات (5-7): "وَهِيَ الَّتِي عِنْدَ اتِّفَاقِ لَفِيفِ الأُمَمِ عَلَى الشَّرِّ، لَقِيَتِ الصِّدِّيقَ وَصَانَتْهُ للهِ بِغَيْرِ وَصْمَةٍ، وَحَفِظَتْ أَحْشَاءَهُ صَمَّاءَ عَنْ وَلَدِهِ. وَهِيَ الَّتِي أَنْقَذَتِ الصِّدِّيقَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ الْهَالِكِينَ؛ فَهَرَبَ مِنَ النَّارِ الْهَابِطَةِ عَلَى الْمُدُنِ الْخَمْسِ. وَإِلَى الآنَ يَشْهَدُ بِشَرِّهِمْ قَفْرٌ يَسْطَعُ مِنْهُ الدُّخَانُ، وَنَبَاتٌ يُثْمِرُ ثَمَرًا لاَ يَنْضَجُ، وَعَمُودٌ مِنْ مِلْحٍ قَائِمٌ تَذْكَارًا لِنَفْسٍ لَمْ تُؤْمِنْ."
إتفاق لفيف الأمم= هذه عن اتفاق الناس ليبنوا برجًا يصل رأسه للسماء في بابل لقيت الصديق= هو إبراهيم. صانته لله بغير وصمة= الحكمة حفظته بغير خطية. حفظت أحشاءه صماء عن ولده= في ترجمة أخرى "حفظته أقوى من حنانه لولده"= الحكمة أعطته أن يُطِع أمر الله والذي هو ضد مشاعره الطبيعية نحو ابنه الوحيد ويقدمه ذبيحة. صماء= قوية متماسكة. هنا في هذه الآيات تضاد بين من فقدوا الحكمة إذ أرادوا أن يجعلوا لأنفسهم إسما بالانفصال عن الله بأن يبنوا برجًا عاليًا فيه تحدي لله، فتبلبلت ألسنتهم وبين إبراهيم الذي بالحكمة أطاع الله فصار أبًا للمؤمنين. وهي التي أنقذت الصديق وصانته من المنافقين= هذه عن لوط فهرب من النار في سدوم وعمورة وإلى الآن يشهد بشرهم قفر= من شدة تركيز الملح في هذه الأرض صارت قفرا غير صالحة للزرع= نَبَاتٌ يُثْمِرُ ثَمَرًا لاَ يَنْضَجُ.
الْمُدُنِ الْخَمْسِ = سدوم/ عمورة/ أدما/ صبوييم/ بالع (صوغر) والأخيرة تركها الله ليسكنها لوط. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وقال فيلو السكندري أن هذه المدن الخمس دمرت تمامًا وتراكم الملح على أغلبها، ويوجد هناك أعمدة من الملح يطلق على أحدها امرأة لوط.
الآيات (8-9): "وَالَّذِينَ أَهْمَلُوا الْحِكْمَةَ، لَمْ يَنْحَصِرْ ظُلْمُهُمْ لأَنْفُسِهِمْ بِجَهْلِهِمِ الصَّلاَحَ، وَلكِنَّهُمْ خَلَّفُوا لِلنَّاسِ ذِكْرَ حَمَاقَتِهِمْ، بِحَيْثُ لَمْ يَسْتَطِيعُوا كِتْمَانَ مَا زَلُّوا فِيهِ. وَأَمَّا الَّذِينَ خَدَمُوا الْحِكْمَةَ؛ فَأَنْقَذَتْهُمْ مِنْ كُلِّ نَصَبٍ."
هنا ملخص للأمر كله. إن من عاش بالحكمة التي أعطاها الله للبشر أي ببساطة عاش خائفًا الله، أنقذتهم الحكمة من كل نصب أي كل شر واحتيال وعداوة الآخرين والعكس فمن لم يطيع الحكمة وسار وراء شهواته الخاطئة ظلم نفسه بل ترك ذكرًا رديئًا فضح سيرتهم الرديئة. وهذا عمل الشياطين أن ينصبوا فخاخًا للناس فيتركوا الحكمة.
الآيات (10-12): "وَهِيَ الَّتِي قَادَتِ الصِّدِّيقَ الْهَارِبَ مِنْ غَضَبِ أَخِيهِ فِي سُبُلٍ مُسْتَقِيمَةٍ، وَأَرَتْهُ مَلَكُوتَ اللهِ، وَأَتَتْهُ عِلْمَ الْقِدِّيسِينَ، وَأَنْجَحَتْهُ فِي أَتْعَابِهِ، وَأَكْثَرَتْ ثَمَرَاتِ أَعْمَالِهِ. وَعِنْدَ طَمَاعَةِ الْمُسْتَطِيلِينَ عَلَيْهِ، انْتَصَبَتْ لِمَعُونَتِهِ وَأَغْنَتْهُ، وَوَقْتَهُ مِنْ أَعْدَائِهِ، وَحَمَتْهُ مِنَ الْكَامِنِينَ لَهُ، وَأَظْفَرَتْهُ فِي الْقِتَالِ الشَّدِيدِ، لِكَيْ يَعْلَمَ أَنَّ التَّقْوَى أَقْدَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. "
هذه عن يعقوب= الصديق الهارب من غضب أخيه= قادته الحكمة فيصل إلى بيت خاله وأرته ملكوت الله وأتته علم القديسين= هذه عن سلم يعقوب وفيه رأى يعقوب صورة للفداء وانفتاح السماء على الأرض. وأنجحته في أتعابه= بارك الله في عمله وأعطاه زوجات وأولاد وعند طماعة المستطيلين عليه= عندما طمع فيه لابان خاله وغير أجرته وأراد أن يتبعه ليؤذيه. الحكمة انْتَصَبَتْ لِمَعُونَتِهِ.. وَوَقْتَهُ مِنْ أَعْدَائِهِ.. وَأَظْفَرَتْهُ فِي الْقِتَالِ = فارتعب منه لابان إذ علم بأن الله يحميه. ثم حمته الحكمة من غضب عيسو عليه ولم يستطع الانتقام منه. وربما يشير القتال الشديد لصراعه مع ملاك حتى الفجر.
الآيات (13-14): "وَهِيَ الَّتِي لَمْ تَخْذُلِ الصِّدِّيقَ الْمَبِيعَ، بَلْ صَانَتْهُ مِنَ الْخَطِيئَةِ، وَنَزَلَتْ مَعَهُ فِي الْجُبِّ. وَفِي الْقُيُودِ لَمْ تُفَارِقْهُ، حَتَّى نَاوَلَتْهُ صَوَالِجَةَ الْمُلْكِ، وَسُلْطَانًا عَلَى الَّذِينَ قَسَرُوهُ، وَكَذَّبَتِ الَّذِينَ عَابُوهُ، وَأَتَتْهُ مَجْدًا أَبَدِيًّا."
هذه عن يوسف = لَمْ تَخْذُلِ الصِّدِّيقَ الْمَبِيعَ.. صَانَتْهُ مِنَ الْخَطِيئَةِ = مع امرأة فوطيفار ونزلت معه في الجب= لتنقذه فلا يموت في الجب. وهكذا في السجن= في القيود لم تفارقه حتى ناولته صوالجة= جمع صولجان، أي صار له الملك بعد تجارب شديدة. هذا عمل الحكمة التي أعدته للملك عن طريق تجارب شديدة، وأعطته (نَاوَلَتْهُ..) سُلْطَانًا عَلَى الَّذِينَ قَسَرُوهُ = كل من اضطهدوه وأذلوه صار له سلطانًا عليهم. كذبت الذين عابوه= إذ ظهرت حكمته ظهرت معها براءته من التهم الظالمة ضده. بل صار مجدًا أبديًا. هذه عظمة الحكمة التي تعطي البركة على الأرض وفي السماء لمن يتبعها.
الآيات (15-21): "وَهِيَ الَّتِي أَنْقَذَتْ شَعْبًا مُقَدَّسًا، وَذُرِّيَّةً لاَ وَصْمَةَ فِيهَا مِنْ أُمَّةِ مُضَايِقِيهِمْ. وَحَلَّتْ نَفْسَ عَبْدٍ لِلرَّبِّ، وَقَاوَمَتْ مُلُوكًا مَرْهُوبِينَ بِعَجَائِبَ وَآيَاتٍ. وَجَزَتِ الْقِدِّيسِينَ ثَوَابَ أَتْعَابِهِمْ، وَقَادَتْهُمْ فِي طَرِيقٍ عَجِيبٍ، وَكَانَتْ لَهُمْ ظِلاًّ فِي النَّهَارِ، وَضِيَاءَ نُجُومٍ فِي اللَّيْلِ. وَعَبَرَتْ بِهِمِ الْبَحْرَ الأَحْمَرَ، وَأَجَازَتْهُمُ الْمِيَاهَ الْغَزِيرَةَ. أَمَّا أَعْدَاؤُهُمْ فَأَغْرَقَتْهُمْ، ثُمَّ قَذَفَتْهُمْ مِنْ عُمْقِ الْغِمَارِ عَلَى الشَّاطِئِ؛ فَسَلَبَ الصِّدِّيقُونَ الْمُنَافِقِينَ، وَرَنِّمُوا لاِسْمِكَ الْقُدُّوسِ، أَيُّهَا الرَّبُّ، وَحَمِدُوا بِقَلْبٍ وَاحِدٍ يَدَكَ النَّاصِرَةَ، لأَنَّ الْحِكْمَةَ فَتَحَتْ أَفْوَاهَ الْبُكْمِ، وَجَعَلَتْ أَلْسِنَةَ الأَطْفَالِ تُفْصِحُ."
هنا نرى الحكمة تنقذ وتحفظ شعبًا (اليهود) بأكمله من يد فرعون وعبر صحراء سيناء لتصل بهم لأرض الميعاد. حلت نفس عبد للرب= هو موسى الذي اختاره الله مخلصًا لشعبه وهذه النفس قاومت ملوكًا مرهوبين (فرعون أقوى ملوك العالم وقتها) بعجائب وآيات= عجائب وضربات عشر. بل كانت لهم الحكمة ظلًا في النهار وضياء نجوم في الليل= سحابة تقودهم نهارًا وعمود نار ليلًا يقودهم كالنجوم. فسلب الصديقون المنافقين= اليهود سلبوا المصريين في مقابل أتعابهم (خر 12: 36). ولهذا سبحوا الله = ورنموا لاسمك بعدما رأوا كل أعمال محبتك. ولقد كان لشعب إسرائيل خطاياه لكن يا لمحبة الله الذي يقول عنهم هنا شعبًا مقدسًا وذرية لا وصمة فيها= هذه مثل بيت الشعر الذي يقول "عين المحب عن كل عيب كليلة" ومثل هذا قيل عن أيوب "ليس مثله في الأرض. رجل كامل ومستقيم" (أي8:1) فالله يحب شعبه، ابنه البكر بالرغم من نقائصهم ولكنه يؤدبهم كما عمل مع أيوب ومع شعبه إسرائيل.
← تفاسير أصحاحات حكمة: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19
تفسير حكمة سليمان 11 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير حكمة سليمان 9 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/2vh56d3