محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
حكمة: |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30
في الإصحاح السابق قال الحكيم أنا أخبركم "ما الحكمة.." (آية24). ويبدأ هنا يحدثنا عن الحكمة. وبكونه أحكم إنسان واشتهرت حكمته في العالم بدأ قوله بأنه إنما هو إنسان بسيط مثله مثل كل البشر، ولكن مصدر الحكمة عنده هو الله، فهو ليس مولودًا بهذه الحكمة، إنما هي هبة من الله (آيات 7، 15). وهو كحكيم كان رمزًا للمسيح أقنوم الحكمة، فنرى الوحي يقوده إلى أن يتكلم عن المسيح أقنوم الحكمة الذي تجسد.
الآيات (1-6): "إِنَّمَا أَنَا إِنْسَانٌ يَمُوتُ، مُشَاكِلٌ لِسَائِرِ النَّاسِ، مِنْ جِنْسِ أَوَّلِ مَنْ جُبِلَ مِنَ الأَرْضِ، وَقَدْ صُوِّرْتُ جَسَدًا فِي جَوْفِ أُمِّي، وَفِي مُدَّةِ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ صُنِعْتُ مِنَ الدَّمِ بِزَرْعِ الرَّجُلِ، وَاللَّذَّةِ الَّتِي تُصَاحِبُ النَّوْمَ. وَلَمَّا وُلِدْتُ انْتَشَيْتُ هذَا الْهَوَاءَ الشَّائِعَ، وَسَقَطْتُ عَلَى هذِهِ الأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَأَوَّلَ مَا اسْتَهْلَلْتُ بِالْبُكَاءِ عَلَى حَدِّ الْجَمِيعِ، وَرُبِّيتُ فِي الْقُمُطِ وَبِاهْتِمَامٍ كَثِيرٍ. فَإِنَّهُ لَيْسَ لِمَلِكٍ بَدْءُ مَوْلِدٍ غَيْرُ هذَا؛ بَلْ دُخُولُ الْجَمِيعِ إِلَى الْحَيَاةِ وَاحِدٌ، وَخُرُوجُهُمْ سَوَاءٌ."
هو إنسان عادي مثل باقي البشر= مشاكل لسائر الناس أي مشابه لهم. مِنْ جِنْسِ آدم = أَوَّلِ مَنْ جُبِلَ مِنَ الأَرْضِ. وأنا وُلِدْت بطريقة طبيعية. وتبدو هنا مشكلة أنه قال في مدة عشرة أشهر صنعت= وقطعًا فهذه ليست خطأ، فمن من البشر، بل أجهل البشر لا يعرف أن فترة الحمل هي تسعة أشهر. لكن العبرانيون كانوا يستعملون الشهور القمرية التي تتراوح بين (28-30) يومًا وهو اختار أقل الأيام أي 28 يومًا للشهر، ومعروف علميًا أن مدة الحمل 40 أسبوعًا × 7= 280 يومًا. فيكون عشرة أشهر هي 280 يومًا. وهو ولد مثل أي طفل بالغريزة الطبيعية بين رجل وامرأة= زرع الرجل واللذة التي تصاحب النوم= أما أولاد الله المولودين من الماء والروح فهم "ولدوا ليس من دم، ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل، بل من الله" (يو13:1). المقصود من هذا كله أنه نال أكبر قسط من الرعاية لأنه طفل ضعيف جدًا. والمخلوق البشري عمومًا في منتهى الضعف. فهو المخلوق الوحيد الذي يحتاج لكل هذه الرعاية. فبعض الحيوانات تلد وتترك وليدها ومع هذا يعيش. أما سليمان هنا فيقول أنه نال أطول مدة من الرعاية في بطن أمه وأقصى أنواع الرعاية كابن ملك. فهو إنسان طبيعي جدًا وضعيف جدًا. أما الحكمة فجاءته حينما طلبها من الله.
ولما ولدت إنتشيت= إستنشقت الهواء وإنتشيت. وأستهللت بالبكاء على حد الجميع= بدأت حياتي على الأرض بالبكاء كباقي الأطفال. وربيت في القمط= هي ملابس الأطفال حديثي الولادة. وباهتمام كثير= فلولا الاهتمام الكثير ما عاش طفل (إشارة لضعف الطفل الشديد واستحالة حياته دون اهتمام كثير من أهله). إذًا الكل يشترك في هذا حتى أحكم الملوك.
الآيات (7-14): "حِينَئِذٍ تَمَنَّيْتُ؛ فَأُوتِيتُ الْفِطْنَةَ، وَدَعَوْتُ فَحَلَّ عَلَيَّ رُوحُ الْحِكْمَةِ. فَفَضَّلْتُهَا عَلَى الصَّوَالِجَةِ وَالْعُرُوشِ، وَلَمْ أَحْسَبِ الْغِنَى شَيْئًا بِالْقِيَاسِ إِلَيْهَا، وَلَمْ أَعْدِلْ بِهَا الْحَجَرَ الْكَرِيمَ، لأَنَّ جَمِيعَ الذَّهَبِ بِإِزَائِهَا قَلِيلٌ مِنَ الرَّمْلِ، وَالْفِضَّةَ عِنْدَهَا تُحْسَبُ طِينًا. وَأَحْبَبْتُهَا فَوْقَ الْعَافِيَةِ وَالْجَمَالِ، وَاتَّخَذْتُهَا لِي نُورًا، لأَنَّ ضَوْءَهَا لاَ يَغْرُبُ، فَأُوتِيتُ مَعَهَا كُلَّ صِنْفٍ مِنَ الْخَيْرِ، وَنِلْتُ مِنْ يَدَيْهَا غِنًى لاَ يُحْصَى. فَتَمَتَّعْتُ بِهذِهِ كُلِّهَا، لأَنَّ الْحِكْمَةَ قَائِدَةٌ لَهَا، وَلَمْ أَعْلَمْ أَنَّهَا أُمُّ جَمِيعِهَا. تَعَلَّمْتُهَا بِغَيْرِ مَكْرٍ، وَأُشْرِكُ فِيهَا بِغَيْرِ حَسَدٍ، وَغِنَاهَا لاَ أَسْتُرُهُ. فَإِنَّهَا كَنْزٌ لِلنَّاسِ لاَ يَنْقُصُ، وَالَّذِينَ اسْتَفَادُوا مِنْهُ أُشْرِكُوا فِي مَحَبَّةِ اللهِ، لأَنَّ مَوَاهِبَ التَّأْدِيبِ قَرَّبَتْهُمْ إِلَيْهِ."
حينئذ تمنيت فأوتيت الفطنة
= هذا ما حدث لسليمان، فهو سأل الله، والله أعطاه الحكمة (1مل9:3 - 12). وحينما إختبر الحكمة وجدها أفضل من الملك= فضلتها على الصوالجة= جمع صولجان وهو القضيب الذهبي الذي يمسكه الملك كرمز للملك والسلطة. وفضلها عن الْغِنَى.. وَ.. الْحَجَرَ الْكَرِيمَ.. وَ.. الْعَافِيَةِ وَالْجَمَالِ، وَاتَّخَذْتُهَا لِي نُورًا، لأَنَّ ضَوْءَهَا لاَ يَغْرُبُ = هي مرشد له في كل تصرف فلا يخطئ، وهي موجودة دائمًا. طالما الروح القدس يملأ الإنسان، فهو روح الحكمة-= فحلَّ عليَّ روح الحكمة (آية7) وقارن مع (إش2:11). ولذلك فأهم ما نطلبه هو الامتلاء من الروح القدس. ولاحظ لماذا فضل الحكمة على كل شيء ضوءها لا يغرب بينما المال والجمال.. بل الحياة بكل ما فيها ستنتهي. بل من ليس له حكمة حتى وإن إمتلك كنوز الدنيا سيضيعها. والمرأة الجميلة إن كانت بلا حكمة فهي لا تطاق. بل أن سليمان حين سأل الله الحكمة، فرح به الله وبطلبه وأعطاها له وأعطاه أيضًا الغِنَى الذي لم يطلبه (1مل13:3) ولكن وضع الله شرطًا لسليمان ليستمر هذا كله (1 مل 14:3) "إن سلكت في طريقي.."فأوتيت معها كل صنف من الخير..= (1مل13:3). الحكمة قائدة لها= لو كان سليمان بلا حكمة لأضاع كل هذا الغِنى في حروب مثلًا لا داعٍ لها. أُم جميعها= بالحكمة يستطيع الإنسان أن يصير له الغنى. وبالجهل يضيع الإنسان ماله من غنَى. والحكيم هنا يضع شروط الامتلاء من الحكمة= تعلمتها بغير مكر= فالمكر هو حكمة لكنها أرضية نفسانية شيطانية (يع15:3) وأُشرِكُ فيها بغير حسد= كل ما أعطاه الله لسليمان أعطاه للناس بكل حب = أُشْرِكُ فِيهَا بِغَيْرِ حَسَدٍ = والحسد ضد الحب فإن كان مصدر الحكمة هو الروح القدس، فكيف يظل الإنسان حكيمًا أي ممتلئًا من الروح القدس وهو مملوء حسدًا، فلا شركة للنور مع الظلمة. كان يمكن لسليمان أن يحتفظ لنفسه بحكمته ولكنه في حب صاغ حكمته في أمثال (3000 مَثل) وأناشيد (1005) وشرح للناس كل شيء عن الأشجار والخليقة الحيوانية (1مل32:4، 33). وغناها لا أستره= لم يحجب عن الناس ما عرفه من غنَى الحكمة. ثم يضيف الحكيم أن ما يزيد الحكمة هو قبول التأديب.
فَإِنَّهَا كَنْزٌ لِلنَّاسِ لاَ يَنْقُصُ = قد يظن خادم أنه حين يمنع بعض المعلومات عن الآخرين لتكون ملكًا خاصًا له، أنه ينقص حين يعرف الآخرين ما عرفه، لكن سليمان يقول لا. الحكمة كنز لا ينقص. وكلما أعطيت كلما إمتلأت [فالمروِي هو أيضًا يروَى] (أم25:11). وكل من يستفيد من الحكمة التي عندك يشترك معك في محبة الله= أشركوا في محبة الله. لأن مواهب التأديب قربتهم إليه= والله يكمل عمل الحكمة بالتأديب أي بالتجارب والضيقات فتزداد الحكمة. فنفهم أن من أدبه الله وكمله بالحكمة، امتلأ حبا لله، فأراد أن يشرك معه آخرين فيما عرفه من الحكمة، فما عاد له روح الحسد والغيرة التي تجعله يخفي عن الآخرين ما عنده.
إذًا الملخص: الحكمة هي أفضل ما نقتنيه/ لا تتوقف على ابن من أنت ولا على مركزك/ هي تُطلب من الله/ هي أُم كل غنَى وبركة/ تنمو وتزدهر بالتأديب/ إذا أشركنا الناس فيها لا تنقص بل يشترك الكل بها في محبة الله.
الآيات (15-16): "وَقَدْ وَهَبَنِي اللهُ أَنْ أُبْدِيَ عَمَّا فِي نَفْسِي، وَأَنْ أُجْرِيَ فِي خَاطِرِي مَا يَلِيقُ بِمَوَاهِبِهِ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْمُرْشِدُ إِلَى الْحِكْمَةِ وَمُثَقِّفُ الْحُكَمَاءِ. وَفِي يَدِهِ نَحْنُ، وَأَقْوَالُنَا وَالْفِطْنَةُ كُلُّهَا وَمَعْرِفَةُ مَا يُصْنَعُ."
هناك من له حكمة ولكنه لا يستطيع التعبير عنها ولكن الله أعطى لسليمان موهبة حسن التعبير فكتب قصائد وأمثال وعَلَّم الناس لأجيال عديدة وحتى اليوم. إذًا التعبير عن الحكمة هو موهبة من الله. والفكر يجده سليمان في خاطره، الله وضعه، وأعطاه أيضًا أن يبدي عما في نفسه.
الآيات (17-21): "وَوَهَبَنِي عِلْمًا يَقِينًا بِالأَكْوَانِ، حَتَّى أَعْرِفَ نِظَامَ الْعَالَمِ وَقُوَّاتِ الْعَنَاصِرِ، وَمَبْدَأَ الأَزْمِنَةِ وَمُنْتَهَاهَا وَمَا بَيْنَهُمَا، وَتَغَيُّرَ الأَحْوَالِ وَتَحَوُّلَ الأَوْقَاتِ، وَمَدَاوِرَ السِّنِينَ وَمَرَاكِزَ النُّجُومِ، وَطَبَائِعَ الْحَيَوَانِ وَأَخْلاَقَ الْوُحُوشِ وَعُصُوفَ الرِّيَاحِ وَخَوَاطِرَ النَّاسِ وَتَبَايُنَ الأَنْبِتَةِ وَقُوَى الْعَقَاقِيرِ. فَعَلِمْتُ جَمِيعَ الْمَكْنُونَاتِ وَالظَّوَاهِرِ، لأَنَّ الْحِكْمَةَ مُهَنْدِسَةَ كُلِّ شَيْءٍ، هِيَ عَلَّمَتْنِي."
هنا نرى الحكمة تمتد فتعطي سليمان معرفة بالأكوان= علم الفلك. وقوات العناصر= التي تتكون منها المواد. ومبدأ الأزمنة ومنتهاها= أي الأزلية والأبدية (وهذه لا بُد أن يكون مصدرها الله). تغير الأحوال= من حرارة إلى برودة وتحول الأوقات= الفصول ومداور الأزمنة (وَمَدَاوِرَ السِّنِينَ) = دوران وتعاقب السنين ودوران الكواكب= مراكز النجوم. وكل شيء عن الحيوانات والرياح بل وخواطر الناس والنباتات= الأنبتة. وقوة العقاقير (وَقُوَى الْعَقَاقِيرِ) = (الطب والصيدلة). فعلمت جميع المكنونات= الأسرار أي ما هو مخفي والظواهر. ثم يشرح أن الحكمة علمته كل هذا. الحكمة مهندسة كل شيء هي علمتني= العالم كله تقوده الحكمة، فبلا حكمة يتخبط العالم وينتهي. ولكن قوله مهندسة، فالمهندس يصمم وينفذ ويصون. من هذه الآية بدأ الكلام يتخذ شكلًا موحَى به من الله، ونجد الحكمة شخص خلق الكون، هو مهندس هذا الكون وكل الخليقة. هذا ما قال عنه يوحنا [به كان كل شيء وبغيره لم يكن شيء مما كان] (يو3:1) ويمتد الكلام بعد ذلك في الآيات التالية عن المسيح أقنوم الحكمة مهندس الكون الأعظم.
الآيات (22-30): "فَإِنَّ فِيهَا الرُّوحَ الْفَهِمَ الْقُدُّوسَ، الْمَوْلُودَ الْوَحِيدَ ذَا الْمَزَايَا الْكثِيرَةِ، اللَّطِيفَ السَّرِيعَ الْحَرَكَةِ، الْفَصِيحَ الطَّاهِرَ النَّيِّرَ السَّلِيمَ الْمُحِبَّ لِلْخَيْرِ، الْحَدِيدَ الْحُرَّ الْمُحْسِنَ، الْمُحِبَّ لِلْبَشَرِ، الثَّابِتَ الرَّاسِخَ الْمُطْمَئِنَّ الْقَدِيرَ الرَّقِيبَ، الَّذِي يَنْفُذُ جَمِيعَ الأَرْوَاحِ الْفَهِمَةِ الطَّاهِرَةِ اللَّطِيفَةِ. لأَنَّ الْحِكْمَةَ أَسْرَعُ حَرَكَةً مِنْ كُلِّ مُتَحَرِّكٍ؛ فَهِيَ لِطَهَارَتِهَا تَلِجُ وَتَنْفُذُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. فَإِنَّهَا بُخَارُ قُوَّةِ اللهِ، وَصُدُورُ مَجْدِ الْقَدِيرِ الْخَالِصُ؛ فَلِذلِكَ لاَ يَشُوبُهَا شَيْءٌ نَجِسٌ، لأَنَّهَا ضِيَاءُ النُّورِ الأَزَلِيِّ، وَمِرْآةُ عَمَلِ اللهِ النَّقِيَّةُ، وَصُورَةُ جُودَتِهِ. تَقْدِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَهِيَ وَاحِدَةٌ، وَتُجَدِّدُ كُلَّ شَيْءٍ وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي ذَاتِهَا. وَفِي كُلِّ جِيلٍ تَحِلُّ فِي النُّفُوسِ الْقِدِّيسَةِ؛ فَتُنْشِئْ أَحِبَّاءَ للهِ وَأَنْبِيَاءَ، لأَنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ أَحَدًا؛ إِلاَّ مَنْ يُسَاكِنُ الْحِكْمَةَ. إِنَّهَا أَبْهَى مِنَ الشَّمْسِ، وَأَسْمَى مِنْ كُلِّ مَرْكَزٍ لِلنُّجُومِ، وَإِذَا قِيسَتْ بِالنُّورِ تَقَدَّمَتْ عَلَيْهِ، لأَنَّ النُّورَ يَعْقُبُهُ اللَّيْلُ، أَمَّا الْحِكْمَةُ فَلاَ يَغْلِبُهَا الشَّرُّ."
الكلام هنا عن "الابن الكلمة": أقنوم الحكمة، الذي كان سليمان رمزًا له، بل هو الذي علم سليمان كل هذه الحكمة. ويعطي لأقنوم الحكمة صفات كثيرة.
فيها (في الحكمة) الروح الفهم القدوس= فالابن في الروح القدس والروح القدس في الابن هم إله واحد له ثلاثة أقانيم. وقوله القدوس فهو يشير لله. فكلمة قدوس لا تقال سوى عن الله. أما البشر فيقال عنهم قديس. وحكمة الفَهِم= أي المملوء حكمة فهو روح الحكمة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). المولود الوحيد= هو المولود أزليًا من الآب ومولود جسديًا من العذراء. هو الوحيد الجنس. ذا المزايا الكثيرة= ففيه كل الفضائل. اللطيف= قال عن نفسه تعلموا مني فإني "وديع ومتواضع القلب" (مت29:11). السريع الحركة= هو وديع ولطيف ولكنه في نجدة أولاده سريع الحركة، أما في العقوبة فهو طويل الأناة. الفصيح= الفصاحة هي تعبير عن الحكمة، وكل أعمال المسيح كانت دلالة على أنه أقنوم الحكمة، بل الحكمة وقد تجسدت. الطاهر= الذي قال "من منكم يبكتني على خطية" (يو46:8). النير= هو نور العالم (يو12:8). السليم= الذي بلا خطأ، هو الحق الذي بلا عيب. المحب للخير= ونصلي له قائلين "صانع الخيرات". الحديد= وفي ترجمة أخرى "حادًا" فهو يضع حدودًا لكل شيء في العالم، هو ضابط الكل. الحر= هو الله حريته مطلقة أما حرية البشر فنسبية. المحسن= هذه طبيعة الله منذ الأزل، خلق كل العالم وجعله جنة ليحيا الإنسان ولما فقدنا الجنة، جاء بفدائه ليعطينا الملكوت. مرورًا بكل الخيرات التي يهبنا إياها ونحن على الأرض، وكل ذلك لأنه المحب للبشر. الثابت الراسخ المطمئن= "ليس عنده تغيير ولا ظل دوران" (يع17:1) ولا يندم على قرار فهو لا يخطئ. المطمئن= لا يقلق فهو يرى المستقبل كما يرى الماضي والحاضر وهو كلي القوة، بل يعطي طمأنينة لعبيده وهذا لأنه قدير= قوته غير محدودة. الرقيب= هو يرى كل شيء ويراقب كل إنسان. الذي يَنْفُذْ جميع الأرواح الفهمة الطاهرة اللطيفة= هو لا يراقب فقط من الخارج، بل [هو فاحص القلوب والكلى] (رؤ23:2). وحيث أنه ينفذ إلى جميع الأرواح فهو يسكن في أحبائه (يو23:14؛ أف17:3). الحكمة أسرع حركة= فلا تقيدها خطية ولا يعوقها جسد مادي= "كلمة الله.. خارقة إلى مفرق النفس والروح" (عب12:4). بخار قوة الله= هي تدخل كل مكان لا يعوقها شيء كالبخار، والبخار أبيض إشارة لنقاوة الكلمة حكمة الله، ولكن عمله قوي= قوة الله. والبخار المنطلق من الماء المغلي لا يأخذ معه شيئًا من نجاسة الإناء= لا يشوبها شيء نجس. إشارة للمسيح القائم من الأموات بقوة وصاعد للسماء كالبخار ولم يلصق به شيئًا من خطايا الأرض.
صدور مجد القدير الخالص= في ترجمة أخرى "إنبعاث خالص من مجد القدير" هو مولود من الله له نفس مجد الآب.
لأنها ضياء النور الأزلي ومرآة عمل الله النقية وصورة جودته= هذا نفس ما قاله بولس الرسول عن المسيح.
أنه: "هو بهاء مجده ورسم جوهره" (عب3:1)، حامل كل الأشياء بكلمة قدرته= تقدر على كل شيء. لذلك قال السيد المسيح [مَنْ رآني فقد رأى الآب] (يو9:14). وقال القديس يوحنا الإنجيلي "اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي.. فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ" (يو18:1). وهي واحدة= فالله واحد. وتجدد كل شيء= الله يجدد كل تائب، وبفدائه جدد البشرية (كل من آمن واعتمد وعاش حياة التوبة تجدده النعمة). وهي ثابتة= الله لا يتغير ولا يتجدد. هو يجدد الإنسان ولكنه هو لا يتجدد. وهذه الحكمة تحل في النفوس القديسة فتجددها فتمتلئ محبة لله= فتنشئ أحباء لله وأنبياء= أنبياء تشمل من يتنبأ عن المستقبل كإشعياء ومن يعظ ويكلمنا عن السماء وطريق السماء الذي تذوقه حين أحب الله.
لأن الله لا يحب أحدًا إلاّ من يساكن الحكمة= أما من يحب شهوات العالم تاركًا الحكمة فقد قيل عنه "محبة العالم عداوة لله" (يع4:4). والحكمة تتقدم على النور (نور الشمس) لأن الشمس تغيب ويأتي بعدها الليل. والليل رمز للشر= أَمَّا الْحِكْمَةُ فَلاَ يَغْلِبُهَا الشَّرُّ. والْحِكْمَةَ (الابن كلمة الله).. أسمى من النجوم (أَسْمَى مِنْ كُلِّ مَرْكَزٍ لِلنُّجُومِ) = فهو خالقها، فبه كان كل شيء.
← تفاسير أصحاحات حكمة: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19
تفسير حكمة سليمان 8 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير حكمة سليمان 6 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/s7td7n8