محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
حكمة: |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20
الآيات (1-6): "إِنَّ أَحْكَامَكَ عَظِيمَةٌ لاَ يُعَبَّرُ عَنْهَا، وَلِذلِكَ ضَلَّتِ النُّفُوسُ الَّتِي لاَ تَأْدِيبَ لَهَا. فَإِنَّهُ لَمَّا تَوَهَّمَ الْمُجْرِمُونَ أَنَّهُمْ يَتَسَلَّطُونَ عَلَى الأُمَّةِ الْقِدِّيسَةِ، إِذَا هُمْ مُلْقَوْنَ فِي أَسْرِ الظُّلْمَةِ وَقُيُودِ اللَّيْلِ الطَّوِيلِ، مَحْبُوسُونَ تَحْتَ سُقُوفِهِمْ، مَنْفِيُّونَ عَنِ الْعِنَايَةِ الأَبَدِيَّةِ. وَإِذْ حَسِبُوا أَنَّهُمْ مُسْتَتِرُونَ فِي خَطَايَاهُمُ الْخَفِيَّةِ، فَرَّقَ بَيْنَهُمْ سِتْرُ النِّسْيَانِ الْمُظْلِمُ، وَهُمْ فِي رُعْبٍ شَدِيدٍ تُقْلِقُهُمُ الأَخْيِلَةُ. وَلَمْ تَكُنِ الأَكِنَّةُ الَّتِي لَبِثُوا فِيهَا لِتَقِيَهُمْ مِنَ الذُّعْرِ؛ فَقَدْ كَانَتْ أَصْوَاتٌ قَاصِفَةٌ تَدْوِي مِنْ حَوْلِهِمْ، وَأَشْبَاحٌ مُكْفَهِرَّةٌ تَتَرَاءَى أَمَامَ وُجُوهِهِمِ الْكَاسِفَةِ. وَلَمْ يَكُنْ فِي قُوَّةِ النَّارِ مَهْمَا اشْتَدَّتْ أَنْ تَأْتِيَ بِضِيَاءٍ، وَلاَ فِي بَرِيقِ النُّجُومِ أَنْ يُنِيرَ ذلِكَ اللَّيْلَ الْمُدْلَهِمَّ. وَإِنَّمَا كَانَتْ تَلْمَعُ لَهُمْ بَغْتَةً نِيرَانٌ مُخِيفَةٌ؛ فَيَرْتَعِدُونَ مِنْ ذلِكَ الْمَنْظَرِ الْمُبْهَمِ، وَيَتَوَهَّمُونَ مَا يَظْهَرُ لَهُمْ أَهْوَلَ مِمَّا هُوَ."
أحكام الله أعلى من فكر الإنسان هي عظيمة لا يعبر عنها. لكن يفهمها شعب الله الذي يعيش في تقوى ولهم عيون مفتوحة تعاين الله (مت8:5). أما الذي يحيد عن طرق الله ويعيش في خطيته تنغلق عينيه فلا يرى الله ولا يدرك أحكامه، ويتذمر عليها ولا يقبل تأديب الله، مثل هذه النفوس تضل بعيدًا عن الله. فالمصريين تعرضوا لضربات كثيرة لعلهم يتوبون، ولكن لأنهم بعيدون عن الله، لم يفهموا وأصروا على عنادهم ضد شعب الله. فجاءت الضربات متتالية. ولكن إذا قدم الإنسان توبة عن مسلكه الشرير تتوقف الضربات. والآن أتت على المصريين ضربة الظلام. هم لم يفهموا حكمة الله في طول أناته عليهم فاستمروا في عنادهم فكانت الضربات تشتد عليهم. هم لم يفهموا أن هناك إله قوي مُصِرّ على خلاص شعبه.
فإنه لما توهم المجرمون أنهم يتسلطون على الأمة القديسة إذ لا إله لهم قادر على حمايتهم. إذا هم ملقون في أسر الظلمة بأمر إله الشعب القديس أي الشعب الذي إختاره الله ليكون شعبا له. وقيود الليل الطويل= إذ لا نهار ولا نور. محبوسون تحت سقوفهم= بلا حركة (خر23:10) منفيون عن العناية الأبدية= بسبب خطاياهم حرمهم الله من عنايته ومن بركاته كالنور. وإذ حسبوا أَنَّهُمْ (أنفسهم) مستترون في خطاياهم= هم أحبوا الظلمة أي خطاياهم ووثنيتهم وظلمهم للشعب، وحسبوا أن لا أحد يراهم، فكان جزاءهم من نفس جنس عملهم أي ظلمة تحيط بهم. وكانت الظلمة كستار جعلتهم ينسون بعضهم بعضًا إذ هم مقيدون في أماكنهم، غير قادرين على الحركة، كل في همه ورعبه لا يدري بالآخر= ستر النسيان المظلم. بل لقد أوقع الرب في قلوبهم رعبًا شديدًا= تقلقهم الأخيلة.
ولم تكن الأكنة= جمع وكن وهو عش الطائر التي لبثوا فيها أو كمنوا فيها، ، كانت غير قادرة على حمايتهم من الذعر= تقيهم من الذعر= الله وحده هو القادر أن يملأ القلب سلامًا، لكن إذا كان الله قد نفاهم من عنايته الأبدية (آية2) فمن أين لهم السلام، لا يوجد سوى الرعب والخيالات والهلاوس، وربما كانت هناك فعلًا أشياء مرعبة= أصوات قاصفة= شديدة ومرعبة. أشباح مكفهرة= مخيفة. ظلمة لا يضيئها نار مهما كانت قوية. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). تَلْمَعُ لَهُمْ بَغْتَةً نِيرَانٌ مُخِيفَةٌ؛ فَيَرْتَعِدُونَ.. وتصير وُجُوهِهِمِ الْكَاسِفَةِ = صفراء من الذعر والخوف. إذًا الرعب لم يكن راجعًا فقط لمجرد الظلام، بل لوجود شياطين مخيفة لم يمنعها الله من أن تخيفهم، لذلك يتوهمون ما يظهر لهم أهول مما هو= يتصورون من رعبهم أن ما يظهر لهم أشد هولًا من الواقع.
الآيات (7-8): "حِينَئِذٍ بَطَلَتْ صِنَاعَةُ السِّحْرِ وَشَعْوَذَتُهُ، وَبَرَزَ عَلَى افْتِخَارِهِمْ بِالْحِكْمَةِ حُجَّةٌ مُخْزِيَةٌ، إِذِ الَّذِينَ وَعَدُوا بِنَفْيِ الْجَزَعِ وَالْبَلْبَالِ عَنِ النَّفْسِ الدَّنِفَةِ، هؤُلاَءِ أَدْنَفَهُمْ خَوْفٌ مُضْحِكٌ."
حينئذ بطلت صناعة السحر= لم يفدهم السحر في شيء وظهر ضعف السحرة وخداعهم. لقد صارت الشياطين التي استخدموها في سحرهم مرعبة للكل حتى السحرة أنفسهم.
بَرَزَ عَلَى افْتِخَارِهِمْ بِالْحِكْمَةِ حُجَّةٌ مُخْزِيَةٌ = في ترجمة أخرى "افحم إدعاؤه (أي السحر) بالفطنة إفحامًا مخزيًا".
أي تحول افتخارهم بسحرهم وحكمتهم إلى خزي. فهم وعدوا بنفي الجزع (الخوف) والبلبال (الاضطراب والتوتر) عن النفس الدنفة= أي المحاصرة في الضيق والتعب ولكن هؤلاء السحرة الذين وعدوا بذلك أدنفهم (اشتد عليهم) خوف مضحك= صاروا في خوفهم مضحكين كالأطفال، فلقد تسلطت عليهم شياطينهم. إن الشيطان لا يمكنه أن يعطي سلامًا لأحد ولا حتى لتابعيه، ففاقد الشيء لا يعطيه.
الآيات (9-14): "فَإِنَّهُمْ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُمْ شَيْءٌ هَائِلٌ، كَانَ مُرُورُ الْوُحُوشِ وَفَحِيحُ الأَفَاعِي يَدْحَرُهُمْ فَيَهْلِكُونَ مِنَ الْخَوْفِ، وَيَتَوَقَّوْنَ حَتَّى الْهَوَاءَ الَّذِي لاَ مَحِيدَ عَنْهُ. لأَنَّ الْخُبْثَ مُلاَزِمٌ لِلْجُبْنِ؛ فَهُوَ يَقْضِي عَلَى نَفْسِهِ بِشَهَادَتِهِ، وَلِقَلَقِ الضَّمِيرِ لاَ يَزَالُ مُتَخَيِّلًا الضَّرَبَاتِ. فَإِن الْخَوْفَ إِنَّمَا هُوَ تَرْكُ الْمَدَدِ الَّذِي مِنَ الْعَقْلِ، وَانْتِظَارُ الْمَدَدِ مِنَ الدَّاخِلِ أَضْعَفُ، وَلِذلِكَ تُحْسَبُ مَجْلَبَةُ الْعَذَابِ الْمَجْهُولَةُ أَشَدَّ. فَالَّذِينَ نَامُوا تِلْكَ النَّوْمَةَ فِي ذلِكَ اللَّيْلِ الَّذِي لاَ يُطَاقُ، الْوَارِدِ مِنْ أَخَادِيرِ الْجَحِيمِ الْفَظِيعَةِ، كَانُوا تَارَةً تَقْتَحِمُهُمُ الأَخْيِلَةُ، وَتَارَةً تَنْحَلُّ قُوَاهُمْ مِنِ انْخِلاَعِ قُلُوبِهِمْ لِمَا غَشِيَهُمْ مِنْ مُفَاجَأَةِ الْخَوْفِ الْغَيْرِ الْمُتَوَقَّعِ."
لم يصبهم شيء هائل لكن كان مرور الوحوش وفحيح الأفاعي يدحرهم= أي يهزمهم فيلزمون أماكنهم مرعوبين من الخروج فهم لا يرون من الظلمة وغير قادرين على الحركة من الرعب، حتى صاروا في رعب من ملامسة الهواء لهم= الذي لا محيد عنه= أي لا غنَى عنه. يَتَوَّقون= يتحاشون (في ترجمة أخرى يرفضون حتى النظر إلى ذلك الهواء الذي لا مهرب منه على كل حال" وما سبب كل هذا الرعب؟ أن قلوبهم مملوءة شرًا وخبثًا والْخُبْثَ مُلاَزِمٌ لِلْجُبْنِ = أما أولاد الله الذين لهم الروح القدس فهم لهم روح القوة (2تي7:1) ولنرى مواكب الشهداء في قوة وفرح ذاهبين للوحوش وللتعذيب.
وطالما وُجد الخوف فهو شاهد على شر الإنسان= فهو يقضي على نفسه بشهادته.
ولقلق الضمير لا يزال متخيلا الضربات = يذكر الضربات السابقة مرعوبًا من تكرارها والعقل عادة يرشد صاحبه ويعينه وبسبب الخوف الزائد يفقد الإنسان الشرير معونة العقل وإرشاده = ترك المدد الذي من العقل وتسيطر على الإنسان مشاعر قلبه الضعيف الذي يتوهم ما هو أسوأ ويزداد رعبًا من المستقبل المجهول. وانتظار المدد من الداخل أضعف = هناك معونة من الداخل هي صوت من الله يعطي الإنسان اطمئنان، ولكن هذا الشرير من أين له صوت الله المطمئن. فهو إذًا بلا منطق عقلاني وبلا تعزية إلهية وهذا ما يزيد الرعب مما هو حادث ومن المجهول = ولذلك تحسب مجلبة العذاب المجهولة أشد. وكيف ينام مثل هذا الإنسان؟ هؤلاء لا يأتيهم النوم. والعكس [فالرب يعطي لأحبائه نومًا] (مز2:127).
فالذين ناموا تلك النومة (من حاول النوم في تلك الليلة المرعبة من هؤلاء الأشرار) في ذلك الليل (في تلك الظُلمة التي سمح بها الرب ليضربهم) الذي لا يطاق= فهي ظلمة مع أشباح مع نيران تلمع أمامهم وأصوات ترعبهم وخيالات مرعبة وضمير قلق.
الوارد من أخادير (جمع خدر وهو مكان يسكن فيه الإنسان) الجحيم الفظيعة= هذا الليل كان قطعة عذاب واردة من الجحيم. بل ما حدث لهؤلاء هو عينة مبسطة لما سيحدث في عذاب الجحيم. ولنقارن هذا العذاب الذي للأشرار مع ما قاله بولس الرسول للأبرار (في4:4-7) "افرحوا في الرب كل حين وأقول أيضًا افرحوا.. وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم".
الآيات (15-20): "ثُمَّ حَيْثُمَا سَقَطَ أَحَدٌ بَقِيَ مَحْبُوسًا فِي سِجْنٍ لاَ حَدِيدَ فِيهِ. فَإِنْ كَانَ فَلاَّحًا أَوْ رَاعِيًا أَوْ صَاحِبَ عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الصَّحْرَاءِ، أُخِذَ بَغْتَةً فَوَقَعَ فِي قَسْرٍ لاَ انْفِكَاكَ عَنْهُ، إِذْ جَمِيعُهُمْ كَانُوا مُقَيَّدِينَ بِسِلْسِلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنَ الظَّلاَمِ. فَدَوِيُّ الرِّيحِ وَأَغَارِيدُ الطُّيُورِ عَلَى الأَغْصَانِ الْمُلْتَفَّةِ، وَصَوْتُ الْمِيَاهِ الْمُنْدَفِعَةِ بِقُوَّةٍ، وَقَعْقَعَةُ الْحِجَارَةِ الْمُتَدَحْرِجَةِ، وَرَكْضُ الْحَيَوَانَاتِ الَّذِي لاَ يُرَى، وَزَئِيرُ الْوُحُوشِ الضَّارِيَةِ، وَالصَّدَى الْمُتَرَدِّدُ فِي بُطُونِ الْجِبَالِ، كُلُّ ذلِكَ كَانَ يُذِيبُهُمْ مِنَ الْخَوْفِ. وَبَيْنَمَا كَانَ سَائِرُ الْعَالَمِ يُضِيئُهُ نُورٌ سَاطِعٌ، وَيَتَعَاطَى أَعْمَالَهُ بِغَيْرِ مَانِعٍ، كَانَ أُولئِكَ مُنْفَرِدِينَ فِي ظِلِّ لَيْلٍ مُدْلَهِمٍّ، مُشَاكِلٍ لِمَا سَيَغْشَاهُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ. لكِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَثْقَلَ مِنَ الظُّلْمَةِ."
حيثما سقط أحد بقي محبوسًا في سجن لا حديد فيه
= فهو لا يستطيع الحركة إذ هو لا يرى شيء. فوقع في قسر= أي إجبار. فهو مجبر على عدم الحركة ، مع أن هذا السجن لا يوجد له أسوار حديدية إنما هو سجن الرعب. وكل صوت يسبب لهم ذعرًا. سقط أحد= إذ هو تعثر من شدة الظلمة. صار الظلام سجنًا لهم وسلاسل في أيديهم تقيدهم. (وهذا يشير لسجن الخطية لمن ينقاد وراء شهوات العالم).أما بقية العالم مثل شعب الله الذي يعيش مع الله فكانوا في نور وفرح= يُضِيئُهُ نُورٌ سَاطِعٌ.. لَيْلٍ مُدْلَهِمٍّ (شديد الظلمة) مُشَاكِلٍ (مشابه) لِمَا سَيَغْشَاهُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ في الأبدية. وهذا ما قاله السيد المسيح [والعبد الْبَطَّالُ اطرحوه في الظلمة الخارجية، هناك يكون البكاء وصرير الأسنان] (مت30:25). وكانوا بسبب الرعب وخيالاتهم وضميرهم المعذب= كانوا على أنفسهم اثقل من الظلمة.
← تفاسير أصحاحات حكمة: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19
تفسير حكمة سليمان 18 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير حكمة سليمان 16 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/vpvam68