← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29
الأَصْحَاحُ السَّابِعُ عَشَرَ
(1) مشورة أخيتوفل (ع1-4)
(2) مشورة حوشاي الأركي (ع5-14)
(3) حوشاي يبلغ الكهنة بالمشورة (ع15-22)
(4) الاستعداد للحرب (ع23-29)
1 وَقَالَ أَخِيتُوفَلُ لأَبْشَالُومَ: «دَعْنِي أَنْتَخِبُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ وَأَقُومُ وَأَسْعَى وَرَاءَ دَاوُدَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ 2 فَآتِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتْعَبٌ وَمُرْتَخِي الْيَدَيْنِ فَأُزْعِجُهُ، فَيَهْرُبَ كُلُّ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ، وَأَضْرِبُ الْمَلِكَ وَحْدَهُ 3 وَأَرُدُّ جَمِيعَ الشَّعْبِ إِلَيْكَ. كَرُجُوعِ الْجَمِيعِ هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي تَطْلُبُهُ، فَيَكُونُ كُلُّ الشَّعْبِ فِي سَلاَمٍ». 4 فَحَسُنَ الأَمْرُ فِي عَيْنَيْ أَبْشَالُومَ وَأَعْيُنِ جَمِيعِ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ.
بعد أن قدم أخيتوفل مشورته الأولى بخصوص سرارى داود، ونفذها أبشالوم، ها هو يقدم له المشورة الثانية بخصوص الخطة الحربية التي ينصحه باتباعها وكانت كالآتي: يختار أخيتوفل 12 ألف محارب يكونون تحت قيادته ويفاجئ داود في هذه الليلة، فيكون وقع المفاجأة مربكًا لداود ورجاله خاصة وهم متعبون من السير الطويل، فينزعج الملك ويعجز عن قيادة رجاله فيهربون ويسهل حينئذ ضرب الملك وقتله.
ومشورة أخيتوفل تظهر مدى خيانته لداود الذي اهتم به ورعاه سنينًا طويلة، فهو يشبه يهوذا الإسخريوطى. وإمعانًا في الخيانة أراد أن يتقدم الجيش لعله بهذا يصير له مركز أكبر في المملكة الجديدة.
ع3: بقتل داود يعود الشعب كله الذي كان معه إلى أبشالوم ولا يُقتَل أحد فيسود السلام.
وداود هنا يرمز جزئيًا إلى المسيح الذي تنبأ عنه قيافا رئيس الكهنة أنه لابد أن يموت عن الأمة اليهودية لتنال الخلاص، فكان ذلك نبوة من الله على فم قيافا (يو11: 49، 50).
وهنا يقول أخيتوفل أن بقتل داود ينال الشعب سلامًا وتتحد الصفوف وراء أبشالوم، ولكن الله هنا لم يسمح بموت داود ورُفضت خطة ومشورة أخيتوفل كما سنرى في الأعداد التالية.
ع4: اقتنع أبشالوم وجميع رجاله بمشورة أخيتوفل. وهي في الحقيقة كانت خطة صائبة جدًا من جميع الوجوه، فالمفاجأة لها دائمًا تأثير كبير في التكتيكات الحربية؛ وانتهاء القتال بدون سفك دماء يسعد الشعب ويرفع من شأن أبشالوم في نظرهم إذ لم يشأ أن يصيب أحدًا منهم بسوء.
†
ليتك تقدر معروف وجميل أي إنسان ساعدك في أي شيء في حياتك، ليس فقط بالشكر لله، بل بتقديم الخدمة له أيضًا أو لمن حوله قدر ما تستطيع. ولكن على الأقل لا تعمل شيئًا ضده وإلا تكون خائنًا له مثل يهوذا الإسخريوطى.
5 فَقَالَ أَبْشَالُومُ: «ادْعُ أَيْضًا حُوشَايَ الأَرْكِيَّ فَنَسْمَعَ مَا يَقُولُ هُوَ أَيْضًا». 6 فَلَمَّا جَاءَ حُوشَايُ إِلَى أَبْشَالُومَ قَالَ أَبْشَالُومُ: «بِمِثْلِ هَذَا الْكَلاَمِ تَكَلَّمَ أَخِيتُوفَلُ. أَنَعْمَلُ حَسَبَ كَلاَمِهِ أَمْ لاَ؟ تَكَلَّمْ أَنْتَ». 7 فَقَالَ حُوشَايُ لأَبْشَالُومَ: «لَيْسَتْ حَسَنَةً الْمَشُورَةُ الَّتِي أَشَارَ بِهَا أَخِيتُوفَلُ هَذِهِ الْمَرَّةَ. 8 أَنْتَ تَعْلَمُ أَبَاكَ وَرِجَالَهُ أَنَّهُمْ جَبَابِرَةٌ، وَأَنَّ أَنْفُسَهُمْ مُرَّةٌ كَدُبَّةٍ مُثْكِلٍ فِي الْحَقْلِ. وَأَبُوكَ رَجُلُ قِتَالٍ وَلاَ يَبِيتُ مَعَ الشَّعْبِ. 9 هَا هُوَ الآنَ مُخْتَبِئٌ فِي إِحْدَى الْحُفَرِ أَوْ أَحَدِ الأَمَاكِنِ. وَيَكُونُ إِذَا سَقَطَ بَعْضُهُمْ فِي الاِبْتِدَاءِ أَنَّ السَّامِعَ يَسْمَعُ فَيَقُولُ: قَدْ صَارَتْ كَسْرَةٌ فِي الشَّعْبِ الَّذِي وَرَاءَ أَبْشَالُومَ. 10 أَيْضًا ذُو الْبَأْسِ الَّذِي قَلْبُهُ كَقَلْبِ الأَسَدِ يَذُوبُ ذَوَبَانًا، لأَنَّ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ يَعْلَمُونَ أَنَّ أَبَاكَ جَبَّارٌ، وَالَّذِينَ مَعَهُ ذَوُو بَأْسٍ. 11 لِذَلِكَ أُشِيرُ بِأَنْ يَجْتَمِعَ إِلَيْكَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ مِنْ دَانَ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ، كَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى الْبَحْرِ فِي الْكَثْرَةِ، وَحَضْرَتُكَ سَائِرٌ فِي الْوَسَطِ. 12 وَنَأْتِيَ إِلَيْهِ إِلَى أَحَدِ الأَمَاكِنِ حَيْثُ هُوَ، وَنَنْزِلَ عَلَيْهِ نُزُولَ الطَّلِّ عَلَى الأَرْضِ، وَلاَ يَبْقَى مِنْهُ وَلاَ مِنْ جَمِيعِ الرِّجَالِ الَّذِينَ مَعَهُ وَاحِدٌ. 13 وَإِذَا انْحَازَ إِلَى مَدِينَةٍ، يَحْمِلُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ إِلَى تِلْكَ الْمَدِينَةِ حِبَالًا، فَنَجُرُّهَا إِلَى الْوَادِي حَتَّى لاَ تَبْقَى هُنَاكَ وَلاَ حَصَاةٌ». 14 فَقَالَ أَبْشَالُومُ وَكُلُّ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ: «إِنَّ مَشُورَةَ حُوشَايَ الأَرْكِيِّ أَحْسَنُ مِنْ مَشُورَةِ أَخِيتُوفَلَ». فَإِنَّ الرَّبَّ أَمَرَ بِإِبْطَالِ مَشُورَةِ أَخِيتُوفَلَ الصَّالِحَةِ لِيُنْزِلَ الرَّبُّ الشَّرَّ بِأَبْشَالُومَ.
ع5:
طلب أبشالوم استدعاء حوشاى الأركى ليستفيد من خبرته أيضًا ويعلم منه إن كان يؤيد رأى المشير الآخر أخيتوفل، فيكون اتفاق من الجميع على رأى واحد، أم أن له وجهة نظر أخرى تكون جديرة بالبحث فتتم المفاضلة بين الرأيين. وتصرف أبشالوم كان بتدبير الله لأن خطة أخيتوفل كانت صائبة فعلًا ووافق عليها كل المشيرين، ولكن سمح الله بالشك في قلب أبشالوم أو اهتم بإضافة مشورة حوشاى لعل الفكرة تكون أكثر صوابًا.
ع6:
وصل حوشاى ووقف بين يدى أبشالوم، فعرض عليه خطة أخيتوفل التي أشار بها وسأله إن كان يؤيدها فتنفذ أم له رأي آخر فيعرضه عليه.
ع7: كان من حكمة حوشاى أنه أقر بأن مشورات أخيتوفل في مرات كثيرة كانت صالحة وصائبة، لأن أخيتوفل كان من أهم مشيرى الملك، وقد قال هذا حتى لا يُعرَف من رأيه أنه متحامل على أخيتوفل، ولكنه أضاف أنها ليست جيدة هذه المرة.
بدأ حوشاى يذكر الأسباب التي من أجلها لا يؤيد رأى أخيتوفل، فذكر أن رجال داود رجال حرب أشداء، وهم في حالة غضب شديد بسبب الأحداث الجارية ويشبهون في غضبهم هذا غضب دبة مات صغارها فأصابتها غضبة شديدة جعلتها تفترس كل من تصادفه. فضلًا عن ذلك فإن داود رجل حروب وله دراية كبيرة وخبرة سابقة بخططها وواجبات الاحتياط فيها، فهو لا يبيت مع رجاله بل يختار أماكن لا يتوقعها أحد، كأن يحفر خندقًا يبيت فيه أو يختبئ في إحدى الحفر الطبيعية في حالة نشوب قتال بين المعسكرين، وحتى لو قتل في المعركة بعض رجال داود، يمكن أن تسرى شائعات مضادة تقول أن الذين قتلوا هم جنود أبشالوم فتتأثر معنويات جيش أبشالوم وأتباعه من الشعب.
ع10: وحتى الجنود البواسل الأشداء من جيش أبشالوم، وإن كانت قلوبهم قوية كقلب الأسد، تصيبهم الشائعات في الصميم فيبدأ الخوف يسرى في قلوبهم لأنهم يعلمون تمامًا مدى شجاعة داود وأبطال جيشه وقدرات داود الحربية.
ع11، 12: بعد أن سرد حوشاى أسباب رفضه لخطة أخيتوفل بدأ يقدم مشورته هو وكانت كالآتي:
يتم استدعاء جميع أسباط إسرائيل من شمال البلاد إلى جنوبها فيكون عددهم كبيرًا كالرمال الذي على شاطئ البحر، فيلتفون حول أبشالوم لحمايته من كل جانب ثم يهجمون على داود حيثما يكون مختبئًا، كما ينزل الندى على الأرض، فيقتلونه هو ورجاله ولا يبقى أحد منهم على قيد الحياة.
ع13: يسترسل حوشاى في شرح خطته واضعًا صورة تخيلية ترضى غرور أبشالوم، فيقول أنه إذا لجأ داود في هروبه إلى مدينة ما، تخرب تلك المدينة كأن بيوتها قد ربطت بحبال وتجر الحبال فتسقط البيوت وتصبح أكوامًا وأطلالًا، ويقصد أنه يسهل تخريبها لأن الجيش الذي مع أبشالوم ضخم جدًا.
ع14:
مشورة أخيتوفل الصالحة: أي الصائبة من جهة قتل داود وليس المعنى المقصود أنها صالحة في عينى الله.أبهرت الصورة الخيالية التي ابتدعها حوشاى أذهان أبشالوم ورجاله وغوته مظاهر العظمة والأبهة، متخيلًا نفسه في وسط عشرات الألوف من الشعب المحيطين به يصرعون داود وأتباعه ويحطمون المدن التي يختبئون فيها، فلأنه متكبر، قَبِل مشورة حوشاى بفرح عظيم وانخدع بها لأن الكبرياء تعمى عينى الإنسان، وقرر أبشالوم ورجاله أفضلية خطة حوشاى على خطة أخيتوفل. وكان هذا بتدبير الله من أجل بر داود وشر أبشالوم، فأقنع أبشالوم وكل المشيرين بخطة حوشاى استجابةً من الله لصلاة داود (2 صم 15: 31).
وهكذا نرى أن الله يضع مع التجربة المنفذ لأولاده المحبين، فرغم خطورة مشورة أخيتوفل جعل الله أبشالوم يقتنع بمشورة حوشاى فأنقذ حبيبهم داود.
†
كثيرًا ما يغتر الإنسان بالأمور المظهرية وتفتنه الصور الخارجية، فيسقط في الكبرياء والغرور ويفقد صلاحه.← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
15 وَقَالَ حُوشَايُ لِصَادُوقَ وَأَبِيَاثَارَ الْكَاهِنَيْنِ: «كَذَا وَكَذَا أَشَارَ أَخِيتُوفَلُ عَلَى أَبْشَالُومَ وَعَلَى شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ، وَكَذَا وَكَذَا أَشَرْتُ أَنَا. 16 فَالآنَ أَرْسِلُوا عَاجِلًا وَأَخْبِرُوا دَاوُدَ: لاَ تَبِتْ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فِي سُهُولِ الْبَرِّيَّةِ، بَلِ اعْبُرْ لِئَلاَّ يُبْتَلَعَ الْمَلِكُ وَجَمِيعُ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ». 17 وَكَانَ يُونَاثَانُ وَأَخِيمَعَصُ وَاقِفَيْنِ عِنْدَ عَيْنِ رُوجَلَ، فَانْطَلَقَتِ الْجَارِيَةُ وَأَخْبَرَتْهُمَا، وَهُمَا ذَهَبَا وَأَخْبَرَا الْمَلِكَ دَاوُدَ، لأَنَّهُمَا لَمْ يَقْدِرَا أَنْ يُرَيَا دَاخِلَيْنِ الْمَدِينَةَ. 18 فَرَآهُمَا غُلاَمٌ وَأَخْبَرَ أَبْشَالُومَ. فَذَهَبَا كِلاَهُمَا عَاجِلًا وَدَخَلاَ بَيْتَ رَجُلٍ فِي بَحُورِيمَ وَلَهُ بِئْرٌ فِي دَارِهِ، فَنَزَلاَ إِلَيْهَا. 19 فَأَخَذَتِ الْمَرْأَةُ وَفَرَشَتْ سَجْفًا عَلَى فَمِ الْبِئْرِ وَسَطَحَتْ عَلَيْهِ سَمِيذًا فَلَمْ يُعْلَمِ الأَمْرُ. 20 فَجَاءَ عَبِيدُ أَبْشَالُومَ إِلَى الْمَرْأَةِ إِلَى الْبَيْتِ وَقَالُوا: «أَيْنَ أَخِيمَعَصُ وَيُونَاثَانُ؟» فَقَالَتْ لَهُمُ الْمَرْأَةُ: «قَدْ عَبَرَا قَنَاةَ الْمَاءِ». وَلَمَّا فَتَّشُوا وَلَمْ يَجِدُوهُمَا رَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ. 21 وَبَعْدَ ذِهَابِهِمْ خَرَجَا مِنَ الْبِئْرِ وَذَهَبَا وَقَالاَ لِدَاوُدَ: «قُومُوا وَاعْبُرُوا سَرِيعًا الْمَاءَ، لأَنَّ هَكَذَا أَشَارَ عَلَيْكُمْ أَخِيتُوفَلُ». 22 فَقَامَ دَاوُدُ وَجَمِيعُ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ وَعَبَرُوا الأُرْدُنَّ. وَعِنْدَ ضُوءِ الصَّبَاحِ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ لَمْ يَعْبُرِ الأُرْدُنَّ.
ع15:
تنفيذًا لتعليمات داود نقل حوشاى لصادوق وأبياثار كبار الكهنة تفاصيل ما دار في جلسة التشاور لأبشالوم ورجاله مع مشيريه.
ع16:
احتراسًا من حوشاى لئلا يتحول أبشالوم إلى خطة أخيتوفل، فيهاجم داود في تلك الليلة، طلب من الكاهنين أن ينصحا داود بعبور الأردن في نفس اليوم إلى الضفة الشرقية حتى لا يهلك هو ورجاله أمام هجوم جيش أبشالوم.
ع17:
أخيمعص ويوناثان: ابنا صادوق وأبياثار الكاهنين (2 صم 15: 27).كان أخيمعص ويوناثان ينتظران عند بئر مجاورة لأورشليم تسمى روحل، إذ فضلا ألا يقيما في داخل المدينة حتى لا يشك أحد في أمرهما عند خروجهما منها لتبليغ داود بالأخبار، فأرسل صادوق وأبياثار جارية إلى ابنيهما تحمل لهما الأخبار المطلوب توصيلها إلى داود.
سميذ: دقيق فاخر يصنع منه أقراص الفطائر المختلفة.
كان لأبشالوم أيضًا جواسيس في المنطقة، فاكتشف أحدهم تحركات أخيمعص ويوناثان والجارية فأبلغ أبشالوم. أحس أخيمعص ويوناثان بوجود من يراقبهما وتوقعا أن يقبض عليهما أبشالوم، فدخلا إلى بيت رجل في قرية بحوريم القريبة من أورشليم، فخبأتهما زوجته في بئر جافة كانت داخل البيت وغطت البئر بستارة وفرشت عليه سميذًا حتى يظهر أن الستارة مفروشة على الأرض وعليها السميذ ولا يوجد بئر في المكان.
ونلاحظ أنه عند قرية بحوريم وقف شمعى شامتًا وشاتمًا لداود، وفى نفس القرية دبّر الله إنقاذًا لمساعدى داود وهي هذه المرأة المحبة لداود. فحينما نقبل الإهانات يعطينا الله خلاصًا من أجل اتضاعنا.
ع20: حدث بالفعل ما توقعاه أخيمعص ويوناثان، إذ حضر بعض رجال أبشالوم يفتشون عنهما، إذ دلّهما بعض سكان المنطقة على البيت الذي دخلاه، وعندما سأل الرسل المرأة عنهما، أنكرت وجودهما بالبيت وادعت أنهما عبرا قناة قريبة من البيت، فبحث عنهما الرسل في المكان وما حوله ولما لم يجداهما رجعوا إلى أبشالوم وهذا بالطبع كذب ولكن الله لم يفضحها ليخلص كاهنيه الصالحين.
ع21: بعد أن خلا المكان من رسل أبشالوم، خرج أخيمعص ويوناثان من البئر التي كانا مختبآن فيها وذهبا في الحال إلى داود ونقلا إليه الرسالة الواردة من حوشاى الأركى ونصيحته إليه بأن يعبر الأردن فورًا لأن أخيتوفل أشار على أبشالوم أن يهجم عليه ولكن حوشاى أجل الهجوم بضعة أيام حتى يستعد.
ع22: عمل داود بنصيحة حوشاى، لئلا يرجع أبشالوم ويتبع كلام أخيتوفل فيهجم عليه، فعبر هو ورجاله إلى شرق الأردن واستغرق عبورهم طوال الليل حتى إذا طلع النهار كان الجميع قد عبروا. أي أن كل الأحداث المذكورة في هذا الأصحاح تمت في يوم واحد انتهت بهذه الليلة التي عبر فيها داود نهر الأردن، فكانت مرهقة جدًا لداود ومن معه.
†
احتمل أخيمعص ويوناثان الكاهنان المخاطرة بحياتهما حتى ينقذا داود ومن معه. فكن شجاعًا وساعد المحتاجين والمظلومين حتى لو ضحيت ببعض الجهد أو المال أو أي شيء يمكن أن تقدمه لله في شكل هؤلاء المحتاجين.
23 وَأَمَّا أَخِيتُوفَلُ فَلَمَّا رَأَى أَنَّ مَشُورَتَهُ لَمْ يُعْمَلْ بِهَا، شَدَّ عَلَى الْحِمَارِ وَقَامَ وَانْطَلَقَ إِلَى بَيْتِهِ إِلَى مَدِينَتِهِ، وَأَوْصَى لِبَيْتِهِ، وَخَنَقَ نَفْسَهُ وَمَاتَ وَدُفِنَ فِي قَبْرِ أَبِيهِ. 24 وَجَاءَ دَاوُدُ إِلَى مَحَنَايِمَ. وَعَبَرَ أَبْشَالُومُ الأُرْدُنَّ هُوَ وَجَمِيعُ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ. 25 وَأَقَامَ أَبْشَالُومُ عَمَاسَا بَدَلَ يُوآبَ عَلَى الْجَيْشِ. وَكَانَ عَمَاسَا ابْنَ رَجُلٍ اسْمُهُ يِثْرَا الإِسْرَائِيلِيُّ الَّذِي دَخَلَ إِلَى أَبِيجَايِلَ بِنْتِ نَاحَاشَ أُخْتِ صَرُويَةَ أُمِّ يُوآبَ. 26 وَنَزَلَ إِسْرَائِيلُ وَأَبْشَالُومُ فِي أَرْضِ جِلْعَادَ. 27 وَكَانَ لَمَّا جَاءَ دَاوُدُ إِلَى مَحَنَايِمَ أَنَّ شُوبِيَ بْنَ نَاحَاشَ مِنْ رَبَّةِ بَنِي عَمُّونَ، وَمَاكِيرَ بْنُ عَمِّيئِيلَ مِنْ لُودَبَارَ، وَبَرْزِلاَّيَ الْجِلْعَادِيَّ مِنْ رُوجَلِيمَ، 28 قَدَّمُوا فَرْشًا وَطُسُوسًا وَآنِيَةَ خَزَفٍ وَحِنْطَةً وَشَعِيرًا وَدَقِيقًا وَفَرِيكًا وَفُولًا وَعَدَسًا وَحِمِّصًا مَشْوِيًّا 29 وَعَسَلًا وَزُبْدَةً وَضَأْنًا وَجُبْنَ بَقَرٍ لِدَاوُدَ وَلِلشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ لِيَأْكُلُوا. لأَنَّهُمْ قَالُوا: «الشَّعْبُ جَوْعَانُ وَمُتْعَبٌ وَعَطْشَانُ فِي الْبَرِّيَّةِ».
ع23:
رأى أخيتوفل أن مشورته لم يُعمَل بها وتوقع أن خطة حوشاى ستؤدى إلى انتصار داود فيرجع إلى ملكه وينتقم منه لخيانته له بانضمامه لأبشالوم، فركب حماره ورجع إلى بلدته وكتب وصيته ثم انتحر خانقًا نفسه فدفنوه في قبر أبيه. وأخيتوفل هنا يرمز إلى يهوذا الإسخريوطى، فبعد محاولة قتل داود، الذي يرمز للمسيح، وفشله وشعوره بخطيته، يأس وانتحر.†
الانتحار خطية كبيرة، إذ تعنى فقدان الرجاء وعدم التسليم لله في كل الأحوال، فعلينا ألا نفقد الثقة في مواعيده بل نتشبث بها ولا نيأس أبدًا من رحمته. ومهما كانت أخطاؤنا، نتوب ونطلب معونته فينقذنا ويغفر خطايانا.
ع24:
محنايم: تقع شرق الأردن وشمال نهر يبوق أحد روافد الأردن وهي محصنة فتناسب داود ليختبئ فيها.بعد أن عبر داود الأردن وصل إلى محنايم، وعمل أبشالوم بمشورة حوشاى، فجمع جيشًا ضخمًا من جميع أسباط إسرائيل وعبر هو أيضًا الأردن استعدادًا لملاقاة جيش داود أبيه.
ع25:
عماسا: هو ابن أبيجايل أخت داود، فهو يعتبر ابن خالة يوآب رئيس جيش داود، وهو إسماعيلى من جهة الأب وإسرائيلى من جهة الأم، فيما بعد طعنه يوآب بسيفه غدرًا.أبيجايل بنت ناحاش: أخت غير شقيقة لداود.
يثرا الإسرائيلى: رجل اسماعيلى تزوج أبيجايل أخت داود وسمى الإسرائيلى (1 أى2: 17) لانضمامه لليهود.
ناحاش: غالبًا هو ملك بنى عمون وتزوج بامرأة ثم طلقها فتزوجها يسى أبو داود وأنجب منها ابنتين هما صروية وأبيجايل، فهما أختان لداود ولكن من الأب فقط.
عين أبشالوم رجلًا اسمه عماسا قائدًا لجيشه لأن يوآب ظل مخلصًا لداود. كان عماسا هذا ابنًا ليثرا.
ع26:
جلعاد: منطقة كبيرة تقع شرق الأردن.عسكر أبشالوم بجيشه الكبير في أرض جلعاد الجبلية قريبًا من المكان الذي عسكر فيه داود تمهيدًا لمهاجمته.
ماكير بن عميئيل: هو رجل مشهور بعمل الخير فاستضاف في بيته مفيبوشث ابن يوناثان إلى أن استدعاه داود إلى أورشليم (2 صم 9: 3، 4).
لودبار: موضع في جلعاد - هو الآن "أم الديار" جنوب وادي العرب شرق الأردن.
برزلاى الجلعادى: رجل جلعادى كان صديقًا لداود، أحسن معاملته أثناء هروبه من أبشالوم فأحسن داود إلى عائلته وأوصى سليمان ابنه أن يحسن إلى أولاد برزلاى.
روجليم: مدينة في أرض جلعاد مكانها اليوم وادي الرجيلة بالقرب من اربد.
فرشًا: سجاجيد ومفارش للرقاد عليها.
طسوسًا: آنية يوضع فيها الطعام.
جاء أناس مخلصون لداود في محنايم وقدموا له هدايا مدفوعين بالمحبة نحوه والولاء له والشفقة على من معه من إخوتهم. والرجال الذين أتوا إليه هم: شوبى بن ناحاش، ماكير بن عميئيل، برزلاى الجلعادى.
كما كانت الهدايا التي قدموها عبارة عن: فرشًا للجلوس، طشوطًا لوضع المياه فيها للاغتسال أو لوضع الطعام، آنية خزف لطهو الطعام.
مواد غذائية: قمح وشعير ودقيق وفريك، بقوليات: فول وعدس وحمص مشوى، عسل وزبد، خراف للذبح، جبن من لبن البقر.
كان هؤلاء الرجال المخلصون مقدرين للظروف الصعبة التي أحاطت بهروب داود وأتباعه من أورشليم، إذ كان خروجهم على عجل فلم يأخذوا معهم ما يلزمهم من وسائل المعيشة، وتركوا وراءهم كل ما يملكون سائرين مسافات طويلة في البرية، فرأوا أن الشعب متعب وجوعان وعطشان ولم يتوانوا عن تزويدهم بما رأوا أنهم يحتاجون إليه.
ويرى بعض المفسرين أن داود رنم المزمورين الرابع والثالث والعشرون في هذا الوقت لأنهما يحملان معانى الاتكال على الله والتمتع برعايته.
† عظيم هو الله في تدابيره، فلم يترك داود ومن معه لأنهم مظلومون، ودبر لهم احتياجاتهم المادية كلها. فلا تقلق إذا واجهت مشاكل أو تخوفت من أمور تحدث في المستقبل لأن إلهك مسئول عنك ما دمت متمسكًا به ولن يتركك أبدًا.
← تفاسير أصحاحات صموئيل الثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير صموئيل ثاني 18 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير صموئيل ثاني 16 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/samuel2/chapter-17.html
تقصير الرابط:
tak.la/f6gx2vn