← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39
الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ عَشَرَ
(1) اغتصاب ثامار وطردها (ع1-18)
(2) أبشالوم يقتل أمنون (ع19-29)
(3) حزن داود وهرب أبشالوم (ع30-39)
1 وَجَرَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لأَبْشَالُومَ بْنِ دَاوُدَ أُخْتٌ جَمِيلَةٌ اسْمُهَا ثَامَارُ، فَأَحَبَّهَا أَمْنُونُ بْنُ دَاوُدَ. 2 وَأُحْصِرَ أَمْنُونُ لِلسُّقْمِ مِنْ أَجْلِ ثَامَارَ أُخْتِهِ لأَنَّهَا كَانَتْ عَذْرَاءَ، وَعَسُرَ فِي عَيْنَيْ أَمْنُونَ أَنْ يَفْعَلَ لَهَا شَيْئًا. 3 وَكَانَ لأَمْنُونَ صَاحِبٌ اسْمُهُ يُونَادَابُ بْنُ شَمْعَى أَخِي دَاوُدَ. وَكَانَ يُونَادَابُ رَجُلًا حَكِيمًا جِدًّا. 4 فَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا يَا ابْنَ الْمَلِكِ أَنْتَ ضَعِيفٌ هَكَذَا مِنْ صَبَاحٍ إِلَى صَبَاحٍ؟ أَمَا تُخْبِرُنِي؟» فَقَالَ لَهُ أَمْنُونُ: «إِنِّي أُحِبُّ ثَامَارَ أُخْتَ أَبْشَالُومَ أَخِي». 5 فَقَالَ يُونَادَابُ: «اضْطَجِعْ عَلَى سَرِيرِكَ وَتَمَارَضْ. وَإِذَا جَاءَ أَبُوكَ لِيَرَاكَ فَقُلْ لَهُ: دَعْ ثَامَارَ أُخْتِي فَتَأْتِيَ وَتُطْعِمَنِي خُبْزًا وَتَعْمَلَ أَمَامِي الطَّعَامَ لأَرَى فَآكُلَ مِنْ يَدِهَا». 6 فَاضْطَجَعَ أَمْنُونُ وَتَمَارَضَ، فَجَاءَ الْمَلِكُ لِيَرَاهُ. فَقَالَ أَمْنُونُ لِلْمَلِكِ: «دَعْ ثَامَارَ أُخْتِي فَتَأْتِيَ وَتَصْنَعَ أَمَامِي كَعْكَتَيْنِ فَآكُلَ مِنْ يَدِهَا». 7 فَأَرْسَلَ دَاوُدُ إِلَى ثَامَارَ إِلَى الْبَيْتِ قَائِلًا: «اذْهَبِي إِلَى بَيْتِ أَمْنُونَ أَخِيكِ وَاعْمَلِي لَهُ طَعَامًا». 8 فَذَهَبَتْ ثَامَارُ إِلَى بَيْتِ أَمْنُونَ أَخِيهَا وَهُوَ مُضْطَجِعٌ. وَأَخَذَتِ الْعَجِينَ وَعَجَنَتْ وَعَمِلَتْ كَعْكًا أَمَامَهُ وَخَبَزَتِ الْكَعْكَ 9 وَأَخَذَتِ الْمِقْلاَةَ وَسَكَبَتْ أَمَامَهُ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ. وَقَالَ أَمْنُونُ: «أَخْرِجُوا كُلَّ إِنْسَانٍ عَنِّي». فَخَرَجَ كُلُّ إِنْسَانٍ عَنْهُ. 10 ثُمَّ قَالَ أَمْنُونُ لِثَامَارَ: «اِيتِي بِالطَّعَامِ إِلَى الْمَخْدَعِ فَآكُلَ مِنْ يَدِكِ». فَأَخَذَتْ ثَامَارُ الْكَعْكَ الَّذِي عَمِلَتْهُ وَأَتَتْ بِهِ أَمْنُونَ أَخَاهَا إِلَى الْمَخْدَعِ. 11 وَقَدَّمَتْ لَهُ لِيَأْكُلَ، فَأَمْسَكَهَا وَقَالَ لَهَا: «تَعَالَيِ اضْطَجِعِي مَعِي يَا أُخْتِي». 12 فَقَالَتْ لَهُ: «لاَ يَا أَخِي، لاَ تُذِلَّنِي لأَنَّهُ لاَ يُفْعَلُ هَكَذَا فِي إِسْرَائِيلَ. لاَ تَعْمَلْ هَذِهِ الْقَبَاحَةَ. 13 أَمَّا أَنَا فَأَيْنَ أَذْهَبُ بِعَارِي، وَأَمَّا أَنْتَ فَتَكُونُ كَوَاحِدٍ مِنَ السُّفَهَاءِ فِي إِسْرَائِيلَ! وَالآنَ كَلِّمِ الْمَلِكَ لأَنَّهُ لاَ يَمْنَعُنِي مِنْكَ». 14 فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَسْمَعَ لِصَوْتِهَا، بَلْ تَمَكَّنَ مِنْهَا وَقَهَرَهَا وَاضْطَجَعَ مَعَهَا. 15 ثُمَّ أَبْغَضَهَا أَمْنُونُ بُغْضَةً شَدِيدَةً جِدًّا حَتَّى إِنَّ الْبُغْضَةَ الَّتِي أَبْغَضَهَا إِيَّاهَا كَانَتْ أَشَدَّ مِنَ الْمَحَبَّةِ الَّتِي أَحَبَّهَا إِيَّاهَا. وَقَالَ لَهَا أَمْنُونُ: «قُومِي انْطَلِقِي!» 16 فَقَالَتْ لَهُ: «لاَ سَبَبَ! هَذَا الشَّرُّ بِطَرْدِكَ إِيَّايَ هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الآخَرِ الَّذِي عَمِلْتَهُ بِي». فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَسْمَعَ لَهَا، 17 بَلْ دَعَا غُلاَمَهُ الَّذِي كَانَ يَخْدِمُهُ وَقَالَ: «اطْرُدْ هَذِهِ عَنِّي خَارِجًا وَأَقْفِلِ الْبَابَ وَرَاءَهَا». 18 وَكَانَ عَلَيْهَا ثَوْبٌ مُلوَّنٌ، لأَنَّ بَنَاتِ الْمَلِكِ الْعَذَارَى كُنَّ يَلْبِسْنَ جُبَّاتٍ مِثْلَ هَذِهِ. فَأَخْرَجَهَا خَادِمُهُ إِلَى الْخَارِجِ وَأَقْفَلَ الْبَابَ وَرَاءَهَا.
ع1:
أبشالوم: ثالث أبناء داود، ولد في حبرون واسم أمه معكة بنت تلماى ملك جاشور.ثامار: أخت شقيقة لأبشالوم اغتصبها أمنون أخوها غير الشقيق.
بدأت العقوبات التي أُنذِرَ بها داود تتحقق. وكانت بداية الحوادث الأليمة هي اغتصاب أمنون لأخته ثامار. إذ كان لأبشالوم بن داود شقيقة جميلة اسمها ثامار، شعر أمنون الأخ غير الشقيق لها بعاطفة شهوانية نحوها.
ع2: أحصر ... للسقم: تضايق نفسيًا وأصبح قلبه محصورًا ومختنقًا لدرجة المرض العضوى.
عسر: تعذر.
كانت رغبة أمنون لثامار ملحة إلى درجة المرض الذي أفقده الرغبة في ممارسة أي نشاط، واحتار كيف يصل إلى مبتغاه، فقد كانت ثامار عذراء وتقاليد ذلك العصر تقضى بأن تقيم الفتيات العذراوات في مسكن خاص هو بيت الحريم بعيدًا عن الاختلاط بأى من رجال الأسرة، ثم أنه لا يستطيع أن يتزوجها لأنها أخته والشريعة تحرم ذلك. ونتعجب لاستسلام أمنون لشهوته نحو أخته، ولعل خطية أبيه داود نحو بثشبع شجعته على الاندفاع في هذه الشهوة الردية، فخطايا الآباء يمكن أن تعثر وتدفع الأبناء في الشر.
ع3: كان لأمنون ابن عم مقرب منه هو يوناداب بن شمعى، وهو نفسه "شمة" المذكور في (1 صم16: 9)، يصفه الكتاب أنه كان حكيمًا جدًا. (سنرى فيما بعد أن حكمته كانت من النوع المعثر الشرير).
ع4: لاحظ يوناداب الهزال والتعب الذي كان عليه أمنون والذي كان يزداد يومًا بعد يوم دون أن يكون له سبب ظاهر، فهو يعيش عيشة أبناء الملوك ولا يعوزه شيء، فسأله عن السبب، فأخبره بشهوته نحو ثامار، فقد كان يشعر أنه يحبها لدرجة الجنون ولا يستطيع أن يمنع نفسه عنها.
† الشيطان قادر على اختلاق عاطفة داخل الرجل أو المرأة نحو الآخر ويبرّر ذلك بأنه احتياج لا يستطيع أن يقاومه الإنسان، وذلك في الأمور غير المشروعة أي محبة رجل متزوج لأخرى أو فتاة لشخص لا يريد الزواج منها أو هناك عوائق مانعة. فكن يقظًا يا أخى لأن عدوك الشيطان له القدرة أن يقنعك ويثيرك عاطفيًا فلا تستسلم له ما دام ذلك ضد الوصية... فهو شعور مختلق قاومه منذ البداية وستنتصر حتمًا بنعمة المسيح. وافضح ذلك لأب اعترافك وليس لصديق شرير لئلا يضلّلك.
ع5: قدم له يوناداب مشورة شريرة حتى يحقق رغبته، فأشار عليه أن يتمارض وينام على فراشه وحتمًا سيأتى أبوه ليسأل عنه، فيدعى أنه مريض وفاقد الشهية للطعام ويطلب من أبيه أن يكلف أخته ثامار لتطهو له طعامًا بيديها لعل شهيته تنفتح فيقبل على الطعام الذي تعده له.
ع6: نفذ أمنون الخطة الشريرة التي رسمها له ابن عمه، فتصنّع المرض وسارت بقية الأمور كما رسمها يوناداب، فإذ بالملك يحضر ليسأل عنه فطلب منه أمنون أن يسمح لأخته ثامار أن تأتى إليه وتطهو له طعامًا ليأكله من يديها.
ع7: لم يفطن داود لأيَّة نية شريرة وراء طلب أمنون هذا، فاستجاب له ببساطة وطلب من ثامار الذهاب إلى بيت أمنون لإعداد الطعام له. ويا ليت داود كان قد صلى إلى الله لينقذه وينقذ أولاده من الشر، فالصلاة قبل كل شيء تحمى الإنسان من متاعب كثيرة خاصة وأن إقامة الأخت العذراء عند أخيها غير الشقيق ليس من الأمور المعتادة في هذا الوقت.
ع8، 9: المقلاة: آنية يجهز فيها الفطائر والطعام.
أفرغت ما قامت بتجهيزه من طعام في آنية وقدمته له لكنه رفض أن يأكل في حضور الخدم وأمر الجميع أن يخرجوا خارجًا استنادًا على أن شهيته منعدمة في وجود الخدم فلعله يستطيع أن يأكل في هدوء مع أخته وحدهما.
ع10: بعد خروج الخدم طلب أمنون من ثامار أن تأتيه بالطعام وهو مضطجع في سريره حتى يأكل من يدها، فأخذت ثامار ما أعدته من طعام وأتت به إلى مخدع أمنون.
ع11: اقتربت منه ببراءة وقدمت له الطعام فلم يتناوله منها بل أمسكها طالبًا منها أن تضطجع معه فيصنعا الشر.
ع12: فوجئت ثامار بهذا الطلب الشرير واستعطفته ألا يؤذيها بالاعتداء عليها قائلة له أن شعب الله شعب مقدس وهم لا يرتكبون مثل هذه الأفعال التي تتنافى مع القداسة، وتضرعت إليه ألا يعمل معها هذا العمل القبيح.
ع13:
استرسلت ثامار موضحة أنها إن فقدت طهارتها فستفقد شرفها ويلحق بها العار ولن تستطيع مواجهة الناس. أما هو فسيكون في نظر الجميع كواحد من الأشرار والمحتقرين ويكون مرذولًا. ولكى تجد مخرجًا من الموقف طلبت منه أن يتقدم برغبته في الزواج منها إلى الملك فيجيبه الملك إلى رغبته (رغم أن زواج الأخوة غير الأشقاء كان محرم شرعًا (لا18: 9) - إلا أن ثامار عرضت فكرتها هذه آملة في الخروج من المأزق حتى يعرض الأمر على الملك فيفعل ما يراه وبهذا تنقذ نفسها من هذا الاغتصاب)، وغالبًا كانت في مخدع بعيد فلا تستطيع الصراخ لأنه لن يسمعها أحد، فهي إنسانة نقية مطيعة لأبيها ومتضعة فتعمل بيديها مع أنها أميرة.
ع14: رغم توسلات ثامار وتبصيرها إياه بعاقبة هذا الأمر، لم يسمع لنصحها وتغلب عليها ونال بغيته الأثيمة منها. وهذا يظهر أنه حدث صراع ومقاومة من ثامار ولكن استطاع أمنون بقوته الجسمانية أن يتغلب على أخته المسكينة.
ع15: بعد أن نال بغيته انقلب حبه لها إلى بغضة شديدة أكثر من المحبة التي كان يحبها بها، وطغت كراهيته لها على أية مشاعر إنسانية إذ أمرها وهي على هذه الحالة من الحزن والاضطراب أن تقوم حالًا وتترك المكان وتذهب بعيدًا. وهذا يبين كذب المشاعر العاطفية الشهوانية التي يعانى منها البعض، بل من ينغمس في الشهوة هو إنسان أنانى قاسى القلب لا يعرف المحبة، لأن المحبة عطاء وليس أخذ ومن لا يستطيع أن يضبط نفسه هو إنسان أنانى يخدع نفسه بأنه يحب وهو لم يعرف الحب الحقيقي.
ع16، 17: قالت له ثامار لا سبب لطردك اياى، فهي لم تكن سببًا فيما وقع، وأوضحت له أن طرده إياها هو شر أعظم من الشر الذي صنعه بخطيته معها. ولم يشأ أمنون أن يسمع لها في هذه أيضًا بل تقسى قلبه وزاد في شره إلى الحد الذي أمر فيه خادمه بطردها خارجًا وغلق الباب خلفها. وهذا يوضح مدى قسوته، فلم يعتذر لها عما فعله أو يشفق عليها، فقد فقدت بكارتها وأصبحت معرضة للحبل وليس عندها ما تدافع به عن نفسها خاصة وأن هذا الطرد تم بعد السقوط مباشرة.
ع18: كانت ثامار مثل بقية الأميرات العذارى ترتدى ثيابًا ملونة تدل على أنها أميرة عذراء.. نفذ الخادم أمر سيده فأخرجها إلى الخارج وأغلق الباب خلفها.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
19 فَجَعَلَتْ ثَامَارُ رَمَادًا عَلَى رَأْسِهَا، وَمَزَّقَتِ الثَّوْبَ الْمُلَوَّنَ الَّذِي عَلَيْهَا، وَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا وَكَانَتْ تَذْهَبُ صَارِخَةً. 20 فَقَالَ لَهَا أَبْشَالُومُ أَخُوهَا: «هَلْ كَانَ أَمْنُونُ أَخُوكِ مَعَكِ؟ فَالآنَ يَا أُخْتِي اسْكُتِي. أَخُوكِ هُوَ. لاَ تَضَعِي قَلْبَكِ عَلَى هَذَا الأَمْرِ». فَأَقَامَتْ ثَامَارُ مُسْتَوْحِشَةً فِي بَيْتِ أَبْشَالُومَ أَخِيهَا. 21 وَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ دَاوُدُ بِجَمِيعِ هَذِهِ الأُمُورِ اغْتَاظَ جِدًّا. 22 وَلَمْ يُكَلِّمْ أَبْشَالُومُ أَمْنُونَ بِشَرٍّ وَلاَ بِخَيْرٍ، لأَنَّ أَبْشَالُومَ أَبْغَضَ أَمْنُونَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَذَلَّ ثَامَارَ أُخْتَهُ. 23 وَكَانَ بَعْدَ سَنَتَيْنِ مِنَ الزَّمَانِ أَنَّهُ كَانَ لأَبْشَالُومَ جَزَّازُونَ فِي بَعْلَ حَاصُورَ الَّتِي عِنْدَ أَفْرَايِمَ. فَدَعَا أَبْشَالُومُ جَمِيعَ بَنِي الْمَلِكِ. 24 وَجَاءَ أَبْشَالُومُ إِلَى الْمَلِكِ وَقَالَ: «هُوَذَا لِعَبْدِكَ جَزَّازُونَ. فَلْيَذْهَبِ الْمَلِكُ وَعَبِيدُهُ مَعَ عَبْدِكَ». 25 فَقَالَ الْمَلِكُ لأَبْشَالُومَ: «لاَ يَا ابْنِي. لاَ نَذْهَبْ كُلُّنَا لِئَلاَّ نُثَقِّلَ عَلَيْكَ». فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَذْهَبَ بَلْ بَارَكَهُ. 26 فَقَالَ أَبْشَالُومُ: «إِذًا دَعْ أَخِي أَمْنُونَ يَذْهَبْ مَعَنَا». فَقَالَ الْمَلِكُ: «لِمَاذَا يَذْهَبُ مَعَكَ؟» 27 فَأَلَحَّ عَلَيْهِ أَبْشَالُومُ، فَأَرْسَلَ مَعَهُ أَمْنُونَ وَجَمِيعَ بَنِي الْمَلِكِ. 28 فَأَوْصَى أَبْشَالُومُ غِلْمَانَهُ: «انْظُرُوا. مَتَى طَابَ قَلْبُ أَمْنُونَ بِالْخَمْرِ وَقُلْتُ لَكُمُ اضْرِبُوا أَمْنُونَ فَاقْتُلُوهُ. لاَ تَخَافُوا. أَلَيْسَ أَنِّي أَنَا أَمَرْتُكُمْ؟ فَتَشَدَّدُوا وَكُونُوا ذَوِي بَأْسٍ». 29 فَفَعَلَ غِلْمَانُ أَبْشَالُومَ بِأَمْنُونَ كَمَا أَمَرَ أَبْشَالُومُ. فَقَامَ جَمِيعُ بَنِي الْمَلِكِ وَرَكِبُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى بَغْلِهِ وَهَرَبُوا.
ع19:
تعبيرًا عن شدة حزنها على ضياع شرفها، وضعت ثامار التراب على رأسها ومزقت الثوب الملون الذي كانت ترتديه والذي كان علامة على عذريتها التي فقدت، ووضعت يدها على رأسها علامة على الحزن الشديد وإدراكها للمصيبة التي حلت بها (كما تفعل النسوة حتى وقتنا هذا)، وأخذت تصرخ بصوت عالٍ نادبة حالها والشقاء الذي سوف تعانيه، كانت تعمل كل هذا وهي ذاهبة إلى بيت شقيقها أبشالوم.
ع20: لا تضعى قلبك على هذا الأمر: لا تفكرى كثيرًا في هذا الموضوع.
أقامت مستوحشة: مكتئبة، منطوية على نفسها.
وصلت ثامار إلى بيت أبشالوم فأحس بذكائه ومن خلال كلماتها الصارخة بالمصيبة التي أصابتها فسألها هل اعتدى عليها أمنون.
أراد أبشالوم أن يخفف الأمر على أخته، فطلب منها ألا تفكر كثيرًا فيما حدث وتترك له هو الأمر ... عاشت ثامار في بيت شقيقها أبشالوم مكتئبة منطوية على نفسها لا تقابل أحدًا.
ع21: وصلت أخبار ما حدث إلى داود فتضايق جدًا ولكنه لم يتخذ أي إجراء ضد ابنه أمنون، فكان هذا خطأ آخر منه مثل عالى الكاهن (1 صم4)، ونتج عن هذا مصائب أخرى سيأتى تفصيلها في أعداد تالية.
ع22: كره أبشالوم أخاه أمنون في قلبه ولكنه لم يظهر غضبه بل احتفظ به في داخله إلى حين تأتى الفرصة المناسبة فينهى سكوته المؤقت ويثأر لنفسه ولشقيقته.
ع23: جزازون: الذين يقومون بقص صوف الغنم.
بعل حاصور: مكانها الآن "جبل القصور" على بعد 4.5 ميلًا شمال شرق بيت إيل وخمسة عشر ميلًا شمال شرق أورشليم.
بعد سنتين حانت الفرصة التي كان ينتظرها أبشالوم ليأخذ بثأره، فقد كان يجز غنمه وكان وقت جز الغنم يعتبر مناسبة سعيدة تقام فيها الولائم، لأن الصوف كان مصدر ثروة، ودعا أبشالوم إخوته إلى وليمته.
† ظل الحقد والرغبة في الانتقام كامنة في قلب أبشالوم فقاداه إلى خطية القتل، أما أولاد الله فلا يصح أن يسمحوا للغضب أن يبيت في قلوبهم حتى لا يقودهم إلى خطايا أكبر تفسد بها حياتهم. فليتك لا تنام في يوم قبل أن تسامح من أخطأ إليك ليسامحك الله على خطاياك كما تقول في الصلاة الربانية، لأنك إن لم تسامحه فلن يسامحك الله. وإن حاربتك أفكار الضيق والغيظ منه فتضرع إلى الله ليرفع عنك هذه الحرب ويقوى ضعفك.
ع24:
ذهب أبشالوم بنفسه ليدعو أباه الملك وبعضًا من رجاله إلى وليمته.
ع25: اعتذر الملك عن الذهاب هو ورجاله لكي لا يرهق ابنه أبشالوم في استعدادات خاصة لاستقباله، ورغم إلحاح أبشالوم لم يشأ داود أن يذهب ولكنه باركه. وهذا يبين مدى دهاء أبشالوم الذي أظهر أنها وليمة كان من المفروض أن يحضر أبوه فيها حتى لا يشك أمنون في أي شيء.
ع26، 27: عندئذ طلب أبشالوم من الملك أن يسمح لأمنون أن يذهب معه باعتباره ولى العهد، إذ هو أكبر أبناء داود، فينوب عن الملك في الحضور، ولم يجد الملك في البداية داعيًا لذهاب ابنه أمنون لأن هذا أيضًا سيسبب تعبًا لأبشالوم باستعدادات خاصة أيضًا باعتباره ممثلًا للملك. ولكن أمام إلحاح أبشالوم أرسل الملك معه أمنون وبقية إخوته.
ع28: متى طاب قلب أمنون بالخمر: عندما يغيب وعيه وتأخذه النشوة من كثرة الخمر.
جاءت الفرصة التي خطّط لها أبشالوم للقضاء على أمنون، فأمر خدمه أنه متى وجدوا أن الخمر قد أثرت على وعى أمنون يقتلوه في الحال ولا يخافوا شيئًا فهو المسئول عن قتله وهو الذي أمرهم أن يفعلوا هذا فلا إثم عليهم، وشجعهم ونزع كل خوف أو خشية عنهم لتعرضهم لولى العهد. وهذا يبين مدى شر أبشالوم فقد كتم الحقد في قلبه سنتين، وهي مدة طويلة، لينتقم من أخيه أمنون، ثم كيف أقنع عبيده بقتل أمنون وأنه ليس عليهم أي مسئولية، مع أن كلامه خطأ والله سيحاسبهم عن ذلك والملك أيضًا يمكن أن يعاقبهم، فالشر يعمى عينى الإنسان ويحاول أن يخدع غيره.
ع29: نفذ الخدم أمر أبشالوم وقتلوا أمنون، فارتعب بقية الأخوة وهم يرون أخاهم الأكبر يقتل، فركبوا بغالهم وهربوا مسرعين من المكان.
30 وَفِيمَا هُمْ فِي الطَّرِيقِ وَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى دَاوُدَ: «قَدْ قَتَلَ أَبْشَالُومُ جَمِيعَ بَنِي الْمَلِكِ، وَلَمْ يَتَبَقَّ مِنْهُمْ أَحَدٌ». 31 فَقَامَ الْمَلِكُ وَمَزَّقَ ثِيَابَهُ وَاضْطَجَعَ عَلَى الأَرْضِ وَجَمِيعُ عَبِيدِهِ وَاقِفُونَ وَثِيَابُهُمْ مُمَزَّقَةٌ. 32 فأجاب يُونَادَابُ بْنُ شَمْعَى أَخِي دَاوُدَ: «لاَ يَظُنَّ سَيِّدِي أَنَّهُمْ قَتَلُوا جَمِيعَ الْفِتْيَانِ بَنِي الْمَلِكِ. إِنَّمَا أَمْنُونُ وَحْدَهُ مَاتَ، لأَنَّ ذَلِكَ قَدْ وُضِعَ عِنْدَ أَبْشَالُومَ مُنْذُ يَوْمَ أَذَلَّ ثَامَارَ أُخْتَهُ. 33 وَالآنَ لاَ يَضَعَنَّ سَيِّدِي الْمَلِكُ فِي قَلْبِهِ شَيْئًا قَائِلًا إِنَّ جَمِيعَ بَنِي الْمَلِكِ قَدْ مَاتُوا. إِنَّمَا أَمْنُونُ وَحْدَهُ مَاتَ». 34 وَهَرَبَ أَبْشَالُومُ. وَرَفَعَ الرَّقِيبُ طَرْفَهُ وَنَظَرَ وَإِذَا بِشَعْبٍ كَثِيرٍ يَسِيرُونَ عَلَى الطَّرِيقِ وَرَاءَهُ بِجَانِبِ الْجَبَلِ. 35 فَقَالَ يُونَادَابُ لِلْمَلِكِ: «هُوَذَا بَنُو الْمَلِكِ قَدْ جَاءُوا. كَمَا قَالَ عَبْدُكَ كَذَلِكَ صَارَ». 36 وَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْكَلاَمِ إِذَا بِبَنِي الْمَلِكِ قَدْ جَاءُوا، وَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ وَبَكُوا وَكَذَلِكَ بَكَى الْمَلِكُ وَعَبِيدُهُ بُكَاءً عَظِيمًا جِدًّا. 37 فَهَرَبَ أَبْشَالُومُ وَذَهَبَ إِلَى تَلْمَايَ بْنِ عَمِّيهُودَ مَلِكِ جَشُورَ. وَنَاحَ دَاوُدُ عَلَى ابْنِهِ الأَيَّامَ كُلَّهَا. 38 وَهَرَبَ أَبْشَالُومُ وَذَهَبَ إِلَى جَشُورَ وَكَانَ هُنَاكَ ثَلاَثَ سِنِينَ. 39 وَكَانَ دَاوُدُ يَتُوقُ إِلَى الْخُرُوجِ إِلَى أَبْشَالُومَ لأَنَّهُ تَعَزَّى عَنْ أَمْنُونَ حَيْثُ إِنَّهُ مَاتَ.
وصلت الأخبار إلى داود ولكن بصورة مبالغ فيها، إذ أخبروه أن جميع أبنائه قد قتلهم أبشالوم، مع أن أمنون وحده هو الذي قُتِل. فحزن الملك جدًا ومزق ثيابه ونام على الأرض وشاركه الحزن جميع رجاله ومزقوا ثيابهم، وهذا يظهر مظاهر الحزن الشديد الذي وقع فيه الملك ومن معه.
† لا يصح أن نكون ناقلين لكل خبر نسمعه دون أن نتحقق من صحته، فقد نتسبب في أحزان أو آلام للغير دون سبب حقيقي.
ع32، 33: ذلك قد وضع عنده: خطط لهذا الأمر.
لا يضعن سيدى الملك في قلبه شيئًا: لا يحزن الملك هذا الحزن الشديد.
كان يوناداب حاضرًا عند الملك وكان على دراية ببدايات الأمور وبما حدث في الوليمة، فهو الذي كان قد أشار على أمنون بخطة اغتصاب ثامار، فحاول إقناع الملك أن أمنون وحده هو الذي قتل دون بقية إخوته وقد كان أبشالوم يضمر له الشر منذ اعتدى على أخته ثامار. وهذا يظهر مدى خداع يوناداب، فهو أصل الشر ولكن يخفى شره، فهو يرمز للشيطان الذي يعمل في قلوب البشر فيعادون بعضهم البعض ثم يتوارى كأنه لم يفعل شيئًا.
ع34، 35: الغلام الرقيب: كان الملوك قديمًا يعينون أشخاص من ذوى النظر الحاد لملاحظة إن كانت هناك تحركات للأعداء حول المدينة.
بعد انتقام أبشالوم وقتله أمنون، هرب لئلا يقتله الملك. وكان الرقيب الذي يراقب أية تحركات حول قصر الملك يؤدى مهمته، فشاهد عددًا كبيرًا من الأشخاص يسيرون بمحاذاة الجبل فقال يوناداب للملك ها هم أبناء الملك قد عادوا أحياء من وليمة أبشالوم كما أخبرتك.
ع36: عندما فرع يوناداب من كلامه للملك، وصل بنوه، وما كادوا يلتقون بأبيهم حتى بكوا بشدة وبكى الملك وجميع رجاله حزنًا على أمنون.
جشور : تقع شرق نهر الأردن بين حرمون وباشان.
هرب أبشالوم إلى جده "تلماى" ملك جشور والد أمه معكة ليحتمى عنده من وجه داود أبيه فرحب به لأنه حفيده وظل عنده مدة ثلاث سنوات لأنه كان في خوف شديد من عقاب أبيه.
ع39: بعد انقضاء مدة طويلة على هذا الحدث، تعزى داود على موت ابنه أمنون وتاق للذهاب بنفسه إلى جشور ليعيد أبشالوم إلى بيته ولكن لم يستطع لأنه يعلم أنه لو فعل هذا لاتهمه الناس بعدم العدل بين أبنائه والتقاعس عن تطبيق عقوبة الشريعة للأخذ بحق الابن المقتول. وهذا يظهر مدى رقة قلب داود وتسامحه وحنانه الأبوى.
† إن كان داود يشبه الله في حنانه وتسامحه مع الخطاة مهما كان شرهم، فليتك تفهم هذا حتى تسامح الآخرين مهما كان شرهم ما دام الله حنونًا عليك إلى هذه الدرجة.
← تفاسير أصحاحات صموئيل الثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير صموئيل ثاني 14 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير صموئيل ثاني 12 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/samuel2/chapter-13.html
تقصير الرابط:
tak.la/j82a3t8