← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37
الأَصْحَاحُ الخَامِسُ عَشَرَ
(1) أبشالوم يستميل الشعب إلى جانبه (ع1-6)
(2) أبشالوم يدبر لانقلاب ضد أبيه الملك داود (ع7-11)
(3) داود يعلم بعصيان أبشالوم فيترك أورشليم (ع12-18)
(4) إتاي الجتي يصر على مصاحبة داود (ع19-22)
(5) إرجاع تابوت الله من ميدان المعركة (ع23-29)
(6) أخيتوفل ينضم إلى أبشالوم وداود يستعين بحوشاي الأركي لإبطال مشورة أخيتوفل (ع30-37)
1 وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ أَبْشَالُومَ اتَّخَذَ مَرْكَبَةً وَخَيْلًا وَخَمْسِينَ رَجُلًا يَجْرُونَ قُدَّامَهُ. 2 وَكَانَ أَبْشَالُومُ يُبَكِّرُ وَيَقِفُ بِجَانِبِ طَرِيقِ الْبَابِ، وَكُلُّ صَاحِبِ دَعْوَى آتٍ إِلَى الْمَلِكِ لأَجْلِ الْحُكْمِ كَانَ أَبْشَالُومُ يَدْعُوهُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ: «مِنْ أَيَّةِ مَدِينَةٍ أَنْتَ؟» فَيَقُولُ: «مِنْ أَحَدِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ عَبْدُكَ». 3 فَيَقُولُ أَبْشَالُومُ لَهُ: «انْظُرْ. أُمُورُكَ صَالِحَةٌ وَمُسْتَقِيمَةٌ، وَلَكِنْ لَيْسَ مَنْ يَسْمَعُ لَكَ مِنْ قِبَلِ الْمَلِكِ». 4 ثُمَّ يَقُولُ أَبْشَالُومُ: «مَنْ يَجْعَلُنِي قَاضِيًا فِي الأَرْضِ فَيَأْتِيَ إِلَيَّ كُلُّ إِنْسَانٍ لَهُ خُصُومَةٌ وَدَعْوَى فَأُنْصِفَهُ؟» 5 وَكَانَ إِذَا تَقَدَّمَ أَحَدٌ لِيَسْجُدَ لَهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيُمْسِكُهُ وَيُقَبِّلُهُ. 6 وَكَانَ أَبْشَالُومُ يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا الأَمْرِ لِجَمِيعِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ كَانُوا يَأْتُونَ لأَجْلِ الْحُكْمِ إِلَى الْمَلِكِ، فَاسْتَرَقَ أَبْشَالُومُ قُلُوبَ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ.
ع1:
بعد أن حصل أبشالوم على رضا أبيه الملك داود، بدأ في تنفيذ خططه لاغتصاب الملك منه، فأحاط نفسه بمظاهر العظمة، وكان يتحرك في موكب وهو على عربة كأمير وولى عهد وأمامه فرسان على خيل ومشاة يجرون ليفسحوا له الطريق معلنين عن مروره بالمكان.وقد تعلم ذلك من جده الوثني والد أمه ملك عمون، أما داود فكان متضعًا ويركب على بغل كما أوصى الله في الشريعة. فأبشالوم جرى وراء مظاهر العظمة، أما داود فاحتمل ضيقات كثيرة، وأخيرًا تملك على شعبه وظل محتفظًا باتضاعه.
ع2، 3: كان أبشالوم يذهب في الصباح الباكر إلى بوابة المدينة حيث يقيم القضاة جلسات التقاضى للحكم في قضايا الناس، فيقابل أصحاب القضايا ويتودد إليهم متظاهرًا بتقديره لمشاكلهم ومحاولًا التقرب منهم والتعرف عليهم بسؤالهم عن السبط الذي ينتمون إليه فيجيبونه عن استفساراته فرحين لاهتمامه بهم. وكان إذا استمع لمشكلة أحدهم يؤكد له أن الحق في جانبه وأنه ليس مخطئًا في شيء، ويقول لخصمه نفس الشئ إذا جاء أيضًا. ثم يشكك في عدالة القضاة الذين يعينهم الملك ويتهمهم بالظلم والمحاباة وفساد الحكم وبذلك يدفعهم إلى كره الملك ويضعف من ثقتهم فيه.
ع4: يدعى أبشالوم أمامهم أنه لو جلس على كرسى القضاء لأنصف كل صاحب دعوى.
ع5: كان يتصرف مع القادمين للتقاضى بأسلوب يشعرهم بتواضعه فضلًا عن تعاطفه مع مشاكلهم، فكان إذا حاول أحدهم في السجود له احترامًا لمركزه كأمير، كان يمنعه من السجود ويقيمه ويقربه إليه ويقبِّله.
ع6: يأتون لأجل الحكم
: يحضرون أمام القضاة للنظر في قضاياهم.استرق قلوب رجال إسرائيل: استمال إليه قلوبهم فأحبوه.
كان هكذا تصرفه نحو كل من يأتي إلى القضاء من جميع أسباط إسرائيل فجذب بذلك قلوبهم نحوه وأحبوه.
لا تكن مرائيًا ومخادعًا للآخرين وتظهر الود والمحبة لتحقيق أغراضك، بل كن صادقًا في إظهار مشاعر طيبة لتعلن لهم المسيح الساكن فيك فتكسبهم له.
7 وَفِي نِهَايَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ أَبْشَالُومُ لِلْمَلِكِ: «دَعْنِي فَأَذْهَبَ وَأُوفِيَ نَذْرِي الَّذِي نَذَرْتُهُ لِلرَّبِّ فِي حَبْرُونَ، 8 لأَنَّ عَبْدَكَ نَذَرَ نَذْرًا عِنْدَ سُكْنَايَ فِي جَشُورَ فِي أَرَامَ قَائِلًا: إِنْ أَرْجَعَنِي الرَّبُّ إِلَى أُورُشَلِيمَ فَإِنِّي أَعْبُدُ الرَّبَّ». 9 فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: «اذْهَبْ بِسَلاَمٍ». فَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى حَبْرُونَ. 10 وَأَرْسَلَ أَبْشَالُومُ جَوَاسِيسَ فِي جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: «إِذَا سَمِعْتُمْ صَوْتَ الْبُوقِ فَقُولُوا: قَدْ مَلَكَ أَبْشَالُومُ فِي حَبْرُونَ!» 11 وَانْطَلَقَ مَعَ أَبْشَالُومَ مِئَتَا رَجُلٍ مِنْ أُورُشَلِيمَ قَدْ دُعُوا وَذَهَبُوا بِبَسَاطَةٍ، وَلَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ شَيْئًا.
بعد أربعين سنة من مسح صموئيل لداود ملكًا، بدأ أبشالوم في اتخاذ خطوة فعلية للاستيلاء على المُلك. فادّعى لأبيه بأن عليه نذرًا للرب وجب أن يوفيه، وطلب منه أن يسمح له بالذهاب إلى حبرون للتعبد للرب وتقديم ذبائح. كان هذا مجرد ادعاء ظاهرى أما حقيقة الأمر فقد كان يعد لإثارة فتنة ضد أبيه انطلاقًا من حبرون، فينظم حركته هناك بعيدًا عن أبيه. وكان أهل حبرون هم أول من ملك عليهم داود حين ملك على سبط يهوذا فقط (2 صم5: 5) بعد موت شاول، وكانوا متضايقين من انتقال داود بعد ذلك إلى أورشليم التابعة لسبط بنيامين، بالإضافة إلى أن أبشالوم ولد هناك وعاش بداية حياته فلابد أنه كان له أصدقاء هناك وله علاقات معهم.
ع9: لم يمانع داود في السماح لابنه بالذهاب إلى حبرون للتعبد وتقديم الذبائح، بل على العكس سُرَّ بذلك لأن هذا يعنى أن ابنه يتقرب إلى الله، ودعى له بالسلامة فخرج أبشالوم متوجهًا إلى حبرون.
ع10: أرسل أبشالوم من حبرون رجاله إلى جميع أنحاء البلاد، وأعطى لهم تعليماته أنه إذا سمعوا الأبواق، يشيعون بين الأسباط أن هذا يعنى أن أبشالوم ملك في حبرون، فيوهمون الشعب كله أن أبشالوم أصبح ملكًا رسميًا على البلاد.
ع11: استكمالًا لخطته في اغتصاب الحكم بدون أى حق، دعا مائتين من وجهاء الشعب لحضور وليمة أقامها في حبرون، فلبوا دعوته بسلامة نية وهم لا يعلمون أنه أراد بذلك أن يوهم الشعب بأنه مؤيد ملكًا من رؤساء الشعب، كما أراد أن يبعدهم عن أورشليم حتى لا يساعدوا الملك ضده، وكذلك ليضعف معنويات أبيه إذ يشعر أن الرؤساء ابتعدوا عنه وصاروا مؤيدين لأبشالوم، بالإضافة إلى أنه كان يعد الخطة لإقناعهم بنفسه ملكًا بدلًا من أبيه.
إحترس من الكبرياء، لأنها تجر أصحابها إلى متاعب كثيرة وتجعلهم كالعميان فيسقطون في خطايا متنوعة، وذلك بأن تخضع لأبيك الروحي وتتعلم من المحيطين بك وتهتم بتوبتك كل يوم فتحيا في اتضاع.
12 وَأَرْسَلَ أَبْشَالُومُ إِلَى أَخِيتُوفَلَ الْجِيلُونِيِّ مُشِيرِ دَاوُدَ مِنْ مَدِينَتِهِ جِيلُوهَ إِذْ كَانَ يَذْبَحُ ذَبَائِحَ. وَكَانَتِ الْفِتْنَةُ شَدِيدَةً وَكَانَ الشَّعْبُ لاَ يَزَالُ يَتَزَايَدُ مَعَ أَبْشَالُومَ. 13 فَأَتَى مُخَبِّرٌ إِلَى دَاوُدَ قَائِلًا: «إِنَّ قُلُوبَ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ صَارَتْ وَرَاءَ أَبْشَالُومَ». 14 فَقَالَ دَاوُدُ لِجَمِيعِ عَبِيدِهِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي أُورُشَلِيمَ: «قُومُوا بِنَا نَهْرُبُ، لأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا نَجَاةٌ مِنْ وَجْهِ أَبْشَالُومَ. أَسْرِعُوا لِلذَّهَابِ لِئَلاَّ يُبَادِرَ وَيُدْرِكَنَا وَيُنْزِلَ بِنَا الشَّرَّ وَيَضْرِبَ الْمَدِينَةَ بِحَدِّ السَّيْفِ». 15 فَقَالَ عَبِيدُ الْمَلِكِ لِلْمَلِكِ: «حَسَبَ كُلِّ مَا يَخْتَارُهُ سَيِّدُنَا الْمَلِكُ نَحْنُ عَبِيدُهُ». 16 فَخَرَجَ الْمَلِكُ وَجَمِيعُ بَيْتِهِ وَرَاءَهُ. وَتَرَكَ الْمَلِكُ عَشَرَ نِسَاءٍ سَرَارِيَّ لِحِفْظِ الْبَيْتِ. 17 وَخَرَجَ الْمَلِكُ وَكُلُّ الشَّعْبِ فِي أَثَرِهِ وَوَقَفُوا عِنْدَ الْبَيْتِ الأَبْعَدِ. 18 وَجَمِيعُ عَبِيدِهِ كَانُوا يَعْبُرُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ مَعَ جَمِيعِ الْجَلاَّدِينَ وَالسُّعَاةِ وَجَمِيعُ الْجَتِّيِّينَ، سِتُّ مِئَةِ رَجُلٍ أَتُوا وَرَاءَهُ مِنْ جَتَّ، وَكَانُوا يَعْبُرُونَ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ.
ع12: جيلوه
: قرية في تلال يهوذا، على مسافة 8 كم شمال غرب حبرون.أرسل أبشالوم إلى رجل حكيم يدعى أخيتوفل يستدعيه من بلدته "جيلوه" حيث كان في ذلك الوقت يقدم ذبائح. وكان أخيتوفل هذا في الأصل مشيرا لداود ولكنه مع الأسف خان سيده داود وانضم إلى أبشالوم. وعمت الفوضى البلاد، فالبعض كان يرحب بأبشالوم ملكًا والبعض متمسك بداود ملكًا، لأن تودد أبشالوم إلى أفراد الشعب قد جعل الكثيرين يقبلونه بالإضافة إلى الدعاية المنظمة له في كل الأسباط.
ويرمز أبشالوم وأخيتوفل في خيانتهما لداود إلى يهوذا الإسخريوطى الذي خان المسيح وباعه.
ع13: وصلت إلى داود أخبار عصيان أبشالوم من رجاله المخلصين وأنه أعلن نفسه ملكًا والتف حوله كثيرون.
ع14: فهم داود بخبرته وحكمة الله التي أعطاها له أن الموقف خطير، فأمر رجاله بترك مدينة أورشليم لئلا يخربها أبشالوم ويقتلهم هم وكل من في أورشليم. ولعله تذكر وقتذاك عقاب الله له بعد سقوطه في الزنا والقتل بألا يفارق السيف بيته فقبل ما فعله أبشالوم باتضاع وخضوع لله.
ع15:
خضع الجميع لأمر الملك وأبدوا استعدادهم الكامل لتنفيذ كل ما أمرهم به فهم رجاله المخلصون.
ع16: سرارى
: جوارى عاشرهن الملك.ترك الملك قصره في أورشليم هاربًا إلى خارجها ومعه زوجاته وبنيه، وترك بالبيت عشر نساء من سراريه في محاولة للمحافظة على القصر الملكى إن أمكن.
ع17: تبع داود في الخروج من أورشليم جميع رجاله وذووه، وتجمعوا عند آخر بيت في المدينة ليعبروا من هناك إلى خارج المدينة. وقال داود المزمور الثالث "يا رب ما أكثر مضايقى" ... "آكل خبزى (أخيتوفل) رفع علىَّ عقبه" في أثناء ذلك.
ع18: الجلادين
: هم رجال الشرطة والحرس الملكى في الزمن الحالى.السعاة: مشاة الجيش.
الجتيين: أهل مدينة جت إحدى الخمس المدن الفلسطينية الكبرى.
وقف داود عند باب المدينة وأخذ رجاله في العبور إلى خارجها أمامه فردًا فردًا ومعهم رجال الشرطة ومشاة الجيش والجنود والجتيون الذي صاحبوا داود خلال فترات هروبه من شاول وتهودوا وصاروا مخلصين لداود وكان عدد الجتيين 600 رجل.
جيد أن تكون واقعيًا وتقابل المواقف المعاكسة بحكمة وتتصرف بسرعة حتى لا يصيبك أذى. إرفع قلبك بالصلاة إلى الله فيرشدك ولا تخضع للأوهام والتمنيات واطلب معونة الله فتحتمل الضيقة وتعبر من خلالها حتى تنتهي.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
19 فَقَالَ الْمَلِكُ لإِتَّايَ الْجَتِّيِّ: «لِمَاذَا تَذْهَبُ أَنْتَ أَيْضًا مَعَنَا؟ ارْجِعْ وَأَقِمْ مَعَ الْمَلِكِ لأَنَّكَ غَرِيبٌ وَمَنْفِيٌّ أَيْضًا مِنْ وَطَنِكَ. 20 أَمْسًا جِئْتَ وَالْيَوْمَ أُتِيهُكَ بِالذَّهَابِ مَعَنَا وَأَنَا أَنْطَلِقُ إِلَى حَيْثُ أَنْطَلِقُ؟ ارْجِعْ وَرَجِّعْ إِخْوَتَكَ. الرَّحْمَةُ وَالْحَقُّ مَعَكَ». 21 فَأَجَابَ إِتَّايُ الْمَلِكَ: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ وَحَيٌّ سَيِّدِي الْمَلِكُ، إِنَّهُ حَيْثُمَا كَانَ سَيِّدِي الْمَلِكُ -إِنْ كَانَ لِلْمَوْتِ أَوْ لِلْحَيَاةِ- فَهُنَاكَ يَكُونُ عَبْدُكَ أَيْضًا». 22 فَقَالَ دَاوُدُ لإِتَّايَ: «اذْهَبْ وَاعْبُرْ». فَعَبَرَ إِتَّايُ الْجَتِّيُّ وَجَمِيعُ رِجَالِهِ وَجَمِيعُ الأَطْفَالِ الَّذِينَ مَعَهُ.
: رجل من مدينة "جت" وكان رئيسًا على الستمائة رجل الجتيين المذكورين أعلاه.
كان إتاى، وهو رجل فلسطينى من جت، يريد الخروج مع داود ومصاحبته في هروبه من أورشليم، ولكن داود لم يرد أن يحمله مشقة المطاردة التي سيتعرض لها، فلا يوجد مبرر لذلك لأنه غريب وبعيد عن بلاده والأمر قد لا يعنيه في كثير أو قليل ويمكنه أن يبقى في أورشليم لخدمة الملك الجديد، فهو لم يأتِ إلى أرض يهوذا إلا من زمن قريب ولا يصح أن يتشرد معه، فداود لا يعرف أين ستستقر به الأمور. فطلب منه الرجوع إلى أورشليم وأن يصطحب رجاله الجتيين الستمائة أيضًا. ودعا له داود برحمة من عند الرب لما أبداه نحوه من وفاء طالبًا أن يجازيه الرب خيرًا.
ونلاحظ أن هذا الخبر تفصيل لما ورد في (ع18)، فالترتيب التاريخى أن داود قال لهم إرجعوا ولما أصروا على تبعيته عبروا إلى خارج المدينة مع الجلادين والسعاة.
ع21: أقسم إتاى بالله الحي ألا يترك سيده بل يلازمه في كل الأحوال سواء شاء الله أن يحييه أو يميته. وإتاى يرمز في تبعيته لداود للأمم الذين تبعوا المسيح، أما أبشالوم في رفضه لداود أبيه فيرمز لليهود الذين صلبوا المسيح.
ع22: أمام ما أبداه إتاى من تصميم وعزم على عدم التخلى عن سيده، سمح له داود بالعبور مع الشعب الخارج من أورشليم، فعبر هو ورجاله الستمائة وجميع أطفالهم ونساءهم.
ما أعظم هذا الوفاء والمحبة من إتاى الغريب الجنس، والعجيب أن داود يخونه ابنه ولكن يناصره الغرباء الذين أحبوه، كما ناصره من قبل يوناثان وميكال أبناء شاول الذي كان يضطهده. فليتك تكون وفيًا لكل إنسان قدم لك محبة، وفوق الكل تكون وفيًا لله، فلا تخونه بفعل الخطية وإن أخطأت ترجع إليه بالتوبة سريعًا.
23 وَكَانَتْ جَمِيعُ الأَرْضِ تَبْكِي بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَجَمِيعُ الشَّعْبِ يَعْبُرُونَ. وَعَبَرَ الْمَلِكُ فِي وَادِي قَدْرُونَ وَعَبَرَ جَمِيعُ الشَّعْبِ نَحْوَ طَرِيقِ الْبَرِّيَّةِ. 24 وَإِذَا بِصَادُوقَ أَيْضًا وَجَمِيعُ اللاَّوِيِّينَ مَعَهُ يَحْمِلُونَ تَابُوتَ عَهْدِ اللَّهِ. فَوَضَعُوا تَابُوتَ اللَّهِ، وَصَعِدَ أَبِيَاثَارُ حَتَّى انْتَهَى جَمِيعُ الشَّعْبِ مِنَ الْعُبُورِ مِنَ الْمَدِينَةِ. 25 فَقَالَ الْمَلِكُ لِصَادُوقَ: «أَرْجِعْ تَابُوتَ اللَّهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَإِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ فَإِنَّهُ يُرْجِعُنِي وَيُرِينِي إِيَّاهُ وَمَسْكَنَهُ. 26 وَإِنْ قَالَ: «إِنِّي لَمْ أُسَرَّ بِكَ، فَهَئَنَذَا. فَلْيَفْعَلْ بِي حَسَبَمَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ». 27 ثُمَّ قَالَ الْمَلِكُ لِصَادُوقَ الْكَاهِنِ: «أَأَنْتَ رَاءٍ؟ فَارْجِعْ إِلَى الْمَدِينَةِ بِسَلاَمٍ أَنْتَ وَأَخِيمَعَصُ ابْنُكَ وَيُونَاثَانُ بْنُ أَبِيَاثَارَ. ابْنَاكُمَا كِلاَهُمَا مَعَكُمَا. 28 انْظُرُوا. أَنِّي أَتَوَانَى فِي سُهُولِ الْبَرِّيَّةِ حَتَّى تَأْتِيَ كَلِمَةٌ مِنْكُمْ لِتَخْبِيرِي». 29 فَأَرْجَعَ صَادُوقُ وَأَبِيَاثَارُ تَابُوتَ اللَّهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَأَقَامَا هُنَاكَ.
ع23: وادي قدرون
: اسمه الحالي وادي ست مريم، ويدعى أحيانًا وادي يهوشافاط يمتد من شمال غرب أورشليم إلى الجنوب الشرقى منها.طريق البرية: برية الأردن بين أورشليم وأريحا.
ساد الحزن جميع أنحاء أورشليم، فكان الناس يبكون على ما آلت إليه الأحوال. خرج الملك ومعه رجاله وجاءوا إلى وادي قدرون، وخرج معه جميع الشعب وساروا خلال برية الأردن (بين أورشليم وأريحا) وكما عبر داود هذا الوادى، هكذا أيضًا عبر المسيح هذا الوادى في طريقه إلى بستان جثسيمانى ليلة آلامه (يو18: 1).
ع24: صادوق
: من ذرية ألعازر بن هرون، وكان أحد الكاهنين العظيمين في أيام داود، وبقى أمينًا له في محاولة أدونيا لاغتصاب الملك.محبةً من الكهنة لداود ولشعورهم أنه هو الملك الحقيقي، أخرج صادوق وأبياثار التابوت ووضعوه عند باب المدينة ليعبر أمامه جميع الشعب الخارج من المدينة رفعًا لمعنوياتهم ولإعطاءهم الشعور بأن الله في وسطهم وهو ناصرهم.
ع25، 26: فضل داود أن يبقى التابوت في أورشليم فطلب من صادوق أن يعيده إلى مكانه، فان شاء الرب أن يعيد داود إلى ملكه سيمتعه برؤية التابوت وخيمة الاجتماع ثانيةً، وان كان الرب غير راضٍ عنه فليفعل به كما يحسن في عينيه. وهذا يظهر مدى اهتمام داود بالتابوت، فينبغى أن يظل في مكانه ولا يخرج به كما خرج ابنا عالى الكاهن في حربهم مع الفلسطينيين وهزموا فأخذ الفلسطينيون التابوت (1 صم4، 5) فالتابوت ينبغى أن يثبت في مكانه، أما داود فمجرد إنسان، إما أن يرضى عنه الله فيعيده إلى ملكه أو لا يعيده لأنه لا يستحق، وهذا اتضاع عظيم من داود.
هذا درس لنا من معلمنا داود أن نسلم دائمًا حياتنا للرب ليحقق مشيئته فيها وفق إرادته الخيرة، ونقبل كل ما يسمح به الرب لنا بالشكر.
ع27: أنت راءٍ
: مملوء حكمة وفهم وتستطيع أن تحكم على الأمور وترى الصائب منها.أبياثار: هو الكاهن العظيم الآخر تآمر مع أدونيا على أخذ الملك له.
أخيمعص بن صادوق، ويوناثان بن أبياثار: بقيا في أورشليم أثناء عصيان أبشالوم وكانا يبلغان داود بخطط أبشالوم، وكان أخيمعص هو أول من أخبر داود بانهزام أبشالوم.
طلب داود من صادوق أن يرجع إلى أورشليم ومعه أخيمعص ابنه ويوناثان بن أبياثار حتى يتابع سير الأحداث داخل المدينة ويحللها بحكمته ويرسل لداود بيانًا بالموقف.
ع28: أفهم داود الكاهنين العظيمين صادوق وأبياثار أنه سيبطئ من سيره في سهول برية الأردن انتظارًا لأن يوافياه بتحركات أبشالوم ورجاله حول المدينة بعد مراقبته جيدًا ويرسلا إليه خبرًا بكل التفاصيل مع ابنيهما.
ع29: نفذ صادوق وأبياثار توجيهات داود، فأرجعا التابوت إلى مكانه في أورشليم ومكثا هناك مترقبين لتحركات أبشالوم ليفيدوا داود بكل ما يحدث.
30 وَأَمَّا دَاوُدُ فَصَعِدَ فِي مَصْعَدِ جَبَلِ الزَّيْتُونِ. كَانَ يَصْعَدُ بَاكِيًا وَرَأْسُهُ مُغَطَّى وَيَمْشِي حَافِيًا، وَجَمِيعُ الشَّعْبِ الَّذِينَ مَعَهُ غَطُّوا كُلُّ وَاحِدٍ رَأْسَهُ، وَكَانُوا يَصْعَدُونَ وَهُمْ يَبْكُونَ. 31 وَأُخْبِرَ دَاوُدُ إِنَّ أَخِيتُوفَلَ بَيْنَ الْفَاتِنِينَ مَعَ أَبْشَالُومَ، فَقَالَ دَاوُدُ: «حَمِّقْ يَا رَبُّ مَشُورَةَ أَخِيتُوفَلَ». 32 وَلَمَّا وَصَلَ دَاوُدُ إِلَى الْقِمَّةِ حَيْثُ سَجَدَ لِلَّهِ، إِذَا بِحُوشَايَ الأَرْكِيِّ قَدْ لَقِيَهُ مُمَزَّقَ الثَّوْبِ وَالتُّرَابُ عَلَى رَأْسِهِ. 33 فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: «إِذَا عَبَرْتَ مَعِي تَكُونُ عَلَيَّ حِمْلًا. 34 وَلَكِنْ إِذَا رَجَعْتَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَقُلْتَ لأَبْشَالُومَ: أَنَا أَكُونُ عَبْدَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ. أَنَا عَبْدُ أَبِيكَ مُنْذُ زَمَانٍ وَالآنَ أَنَا عَبْدُكَ. فَإِنَّكَ تُبْطِلُ لِي مَشُورَةَ أَخِيتُوفَلَ. 35 أَلَيْسَ مَعَكَ هُنَاكَ صَادُوقُ وَأَبِيَاثَارُ الْكَاهِنَانِ. فَكُلُّ مَا تَسْمَعُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَلِكِ فَأَخْبِرْ بِهِ صَادُوقَ وَأَبِيَاثَارَ الْكَاهِنَيْنِ. 36 هُوَذَا هُنَاكَ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا أَخِيمَعَصُ لِصَادُوقَ وَيُونَاثَانُ لأَبِيَاثَارَ. فَتُرْسِلُونَ عَلَى أَيْدِيهِمَا إِلَيَّ كُلَّ كَلِمَةٍ تَسْمَعُونَهَا». 37 فَأَتَى حُوشَايُ صَاحِبُ دَاوُدَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَبْشَالُومُ يَدْخُلُ أُورُشَلِيمَ.
ع30: جبل الزيتون
: شرق وادي قدرون الذي يفصله عن أورشليم.صعد داود ورجاله على جبل الزيتون، وكان الموقف مؤثرًا للغاية، فكان داود يبكى وهو مغطى الرأس كعلامة الحزن الشديد ويسير حافى الرجلين كعلامة للتذلل، وجميع الشعب المرافق له فعلوا مثله. ولم يبكِ داود من قبل أثناء مطاردة شاول له، ولكنه يبكى هنا لأن الخيانة حدثت من ابنه، ولعله تذكر وقتذاك خطاياه بالزنا والقتل، فبكى متذللًا أمام الله في توبة.
ع31: حمِّق
: اجعل مشورته خاطئة وباطلة وغير مفيدة.علم داود أن مشيره السابق أخيتوفل قد انضم إلى معسكر أبشالوم، فصلى إلى الرب أن يبطل مشورة أخيتوفل التي قد يشير بها إلى أبشالوم (مز41: 11). ويظهر صلاح داود أنه لم يطلب ضررًا لأخيتوفل الخائن بل فقط إبطال مشورته.
ع32: وصل داود إلى قمة جبل الزيتون وسجد هناك. كان حوشاى الأركى، أحد مستشارى داود، متغيبًا عن أورشليم في تلك الفترة، فلما علم بالأحداث توجه فورًا إلى داود ممزق الثياب والتراب على رأسه علامة الحزن الشديد، راغبًا في مصاحبة سيده حيثما توجه.
ع33، 34: رأى داود أن خروج حوشاى معه لن يضيف إلى قوة جيشه شيئًا بل سيزيد من أعبائه، لأنه لابد له أن يتكفل باحتياجاته وهو ليس من رجال الحرب، إذ هو رجل مشورة ومن الأجدى لداود أن ينتفع بقدراته فطلب منه أن يرجع إلى أورشليم ويتظاهر بخدمة أبشالوم كما خدم أباه ويقدم مشورة تضاد مشورة أخيتوفل، وهذا ما حدث بالفعل كما سنرى فيما بعد. وردد داود مزمور 41 "أعدائى يتقاولون علىَّ بشر".
الله يرسل دائمًا العون لعبيده في حينه، فعلينا أن نصلى إليه طالبين العون في الشدائد وهو قادر أن يستخدم من يشاء ليحقق لنا النجاة من الأخطار.
ع35، 36: كلفه داود بمهمة نافعة فعرفه أنه سيجد في أورشليم كل من صادوق وأبياثار ومعهما ابناهما، وعلى حوشاى أن يراقب كل ما يحدث حول أبشالوم وما يدور في مجلسه من أحاديث مع أتباعه ويبلغ كل ما يرى ويسمع إلى الكاهنين الذين سيرسلانها مع ابنيهما إلى داود. وكل هذا التدبير هو حماية لداود وليس فيه إساءة لأبشالوم بل محاولة لإيقاف شره. وسيظهر فيما بعد مدى محبة داود واهتمامه بحياة ابنه أبشالوم رغم كل ما صنعه من شر في حقه.
ع37: نفذ حوشاى طلب داود ورجع إلى مدينة أورشليم وتزامن وقت وصوله إليها مع وصول أبشالوم الذي دخلها ليستولى عليها وينصب نفسه ملكًا على إسرائيل.
← تفاسير أصحاحات صموئيل الثاني: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير صموئيل ثاني 16 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير صموئيل ثاني 14 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/samuel2/chapter-15.html
تقصير الرابط:
tak.la/4588nmr