(1) قيامة المسيح وظهوراته (ع 1 - 11)

(2) نتيجة عدم الإيمان بالقيامة (ع 12-18)

(3) لنا رجاء في القيامة (ع 19-23)

(4) الله الكل في الكل (ع 24-28)

(5) القيامة تشجع على الجهاد الروحي (ع 29-34)

(6) جسم القيامة (ع 35-49)

(7) الميراث الأبدي (ع 50-58)

ع1-2: يظهر أن بعض الناس في كنيسة كورنثوس قد أنكروا القيامة مثل اليهود الصدوقيين أو فلاسفة اليونان.

أعرفكم: أتعجب لعدم إيمانكم كأنكم لم تسمعوا من قبل بالعقائد الجوهرية ومن أهمها تعليم القيامة في تبشيرى لكم. وإذا كنتم قد آمنتم به وتحيون فيه فهو يخلصكم ما دمتم متمسكين به، إلا إذا كان إيمانكم نظريًا ولا تطبقوه في حياتكم.

 

St-Takla.org Image: Arabic Bible verse: "Christ died for our sins" (1 Corinthians 15: 3) - Arabic calligraphy. صورة في موقع الأنبا تكلا: نص آية "أن المسيح مات من أجل خطايانا" (كورنثوس الأولى 15: 3) - فن بالخط العربي.

ع3-4: أعلمكم أيها الأخوة أن أهم شيء في البشارة التي آمنت أنا وأنتم بها هو موت المسيح عن خطايانا ليفدينا، وأنه دفن أمام تلاميذه ثم قام في اليوم الثالث كما أعلنت النبوات في العهد القديم.

ع5: في الأعداد من 5 إلى 8 يعدد بولس الرسول بعض ظهورات المسيح بعد قيامته بترتيب حدوثها. فظهر لبطرس ثم للإثنى عشر (الإثنى عشر صار اسمًا لجماعة التلاميذ باعتبار العدد الأصلى الذي أطلق عليهم بغض النظر عن عددهم في ظرف ما، فإنهم لم يكونوا يوم هذا الظهور سوى عشرة لأن يهوذا كان قد هلك وتوما لم يكن معهم).

ع6: ثم ظهر لخمسمائة أخ، وإن لم يشر في البشائر إشارة واضحة لهذا الظهور، فالأرجح أنه كان يوم ظهر للتلاميذ في الجليل كقوله لهم قبل موته "ولكن بعد قيامى أسبقكم إلى الجليل" (مت26: 32)، وقوله للمرأتين في صباح قيامته "إذهبا قولا لإخوتى أن يذهبوا إلى الجليل وهناك يروننى" (مت28: 10)، فإن أكثر هؤلاء الشهود لم يزالوا أحياء بعد حوالي ثلاثين سنة من ظهور المسيحية فيمكن لمن يشك أن يسألهم، وبعضهم قد رقدوا. والكنيسة تستخدم تعبير الرقاد للدلالة على أن أجساد المسيحيين مستريحة في قبورها ومنتظرة قيامتها في اليوم الأخير.

ع7: بعد ذلك ظهر ليعقوب ثم للرسل أجمعين وهو الظهور المذكور في (يو20: 26) أو في (أع 1: 4).

ع8: بعد سبع أو ثمان سنوات من صعود المسيح، ظهر لبولس وكان يومئذ ذاهبًا إلى دمشق (أع 9: 3، 4). وقد شبه بولس الرسول نفسه بالسقط أي الطفل غير مكتمل النمو الذي يولد قبل ميعاده، لشعوره بعدم استحقاق النعمة التي أظهرها له المسيح.

ع9: لأنى أحدث الرسل جميعًا في الخدمة الرسولية ولا أستحق أن أُدعى رسولا لأنى اضطهدت كنيسة الله. وقد قال الرسول هذا لفرط تواضعه وشدة أسفه على ما صدر منه قبل إيمانه. وهذا التواضع لم يمنعه من التصريح بسلطانه الرسولي وما يحق له من طاعة ليجعل الناس يطيعون تعليمه لأجل مجد المسيح وإثبات الحقائق التي نادى بها، وذلك حسب ما قال في (2 كو11: 5، 12: 11).

هذه النعمة التي أُعطِيَت له لم تكن غير مثمرة بل منحته قوة للكرازة، فأسس كنائس أكثر من باقي الرسل وكتب أسفار في الكتاب المقدس أكثر من الكل؛ ولكنه لا يرجع نجاحه في الخدمة إلى ذاته ولكن هذا كله كان بنعمة الله العاملة فيه.

ع11: سواء أنا أم الرسل الآخرون، فإننا نبشر بقيامة المسيح من بين الأموات التي هي الموضوع الأساسى الذي تبنى عليه كرازتنا، وبقبولكم الإيمان فإنكم تكونون قد آمنتم أيضًا بالقيامة.

ع12: إن كنا قد أثبتنا ببراهين قاطعة في كرازتنا حقيقة قيامة المسيح، فكيف يقول البعض منكم أنه ليس قيامة أموات، أي أن الإنسان يفنى بموته ولا توجد حياة أخرى بعد الموت.

ع13: كل اعتراض على القيامة العامة هو اعتراض على قيامة المسيح نفسها. فإن لم يكن قيامة أموات، فهذا يعني أن المسيح لم يقم، بينما قيامة المسيح أمر مؤكد للجميع لأنه أخذ جسدنا وقام به.

ع14: إن لم يكن المسيح قد قام حقًا، فكرازتنا نحن الرسل لا تكون صادقة. لأننا قد كرزنا بأن المسيح قام، وهو الآن حى وقادر على خلاص من يؤمن به، وبعدم قيامة المسيح يصبح كل ذلك عبثًا لأن الميت لا يستطيع أن يخلص الأحياء. وأساس إيمانكم بالمسيح هو إيمانكم بقيامته وأنه الآن جالس عن يمين الآب في السماء. فإن كان لم يقم فإن أساس إيمانكم كذبًا ووهمًا ولا جدوى منه.

ع15: بذلك نصبح كذابين ومدعين بالباطل، لأننا نعطى شهادة كاذبة نحو الله إذ نقول أن الله أقام المسيح وهذا لا يمكن أن يحدث إذا صح اعتقادكم بأن الموتى لا يقومون.

ع16: لأنه إن كان الموتى لا يقومون، فهذا يعني بالتبعية أن المسيح لم يقم، إذ أنه قدأخذ جسد مثل جسدنا.

ع17: مات المسيح نائبًا عنا لكي يدفع ثمن الخطية. فإن لم يكن المسيح قد قام، فمعنى ذلك أن دين الخطية لم يدفع بعد لأن أجرة الخطية هي موت. أما وقد قام فقد استوفى العدل الإلهي.

ع18: كنتيجة للعدد السابق، يكون الذين ماتوا ولهم إيمان ورجاء في المسيح قد هلكوا، طالما أنه ليس هناك قيامة.

ع19: إن كان رجاؤنا، من خلال إيماننا بالمسيح، ينصب على هذه الحياة الأرضية فقط فما أشقانا. فالمسيح لم يعطِ أتباعه وعدًا بأى مجد في هذا العالم، بل أوضح أن من يتبعه سيجتاز الضيق والألم ويتعرض لاضطهادات كثيرة، ولكنه وعدنا برجاء في ميراث أبدي في ملكوته بعد القيامة.

ع20: لكن المسيح قد قام حقًا من الأموات، وقيامته هذه هي عربون قيامة الراقدين على الرجاء للمجد الأبدي.

باكورة الراقدين: رغم أنه ليس أول من قام من الأموات، فقد سبقه من أقامهم إيليا وإليشع ومن أقامهم هو نفسه مثل لعازر وابنة يايرس وابن أرملة نايين ولكنه تميز عنهم بأنه أقام نفسه، وكذلك لم يمت ثانية، بالإضافة إلى أنه قام ليقيمنا فيه فقد مات، وهو بلا خطية، عنا ليفدينا.

ع21: إن كان الموت قد دخل إلى الجنس البشرى بواسطة آدم الأول، الذي خالف وصية الله، فهكذا أيضًا بواسطة آدم الثاني، الذي هو المسيح، تتحقق القيامة من الأموات. فكل ابن لآدم يرث عنه الموت، وكل ابن للمسيح يرث عنه الحياة الأبدية.

ع22: لأنه كما أورث آدم الموت لأحفاده، هكذا أيضًا باتحاد المؤمنين بالمسيح سيحيون.

وهذا يوضح أول شروط الخلاص وهو الإيمان بالمسيح وموته وقيامته.

كما تشير عبارة "كل واحد في رتبته" إلى أن الأجرة بعد القيامة هي على حسب تعب كل واحد، فهناك درجات في المجد الأبدي، ليدفعنا ذلك إلى بذل المزيد من الجهد هنا من أجل الله ليكون لنا الأجر الأبدي.

ع25: لأنه يجب أن يملك المسيح له المجد ملكًا مطلقًا على الكل، الأمر الذي سيتحقق في الأبدية بعد المجيء الثاني عندما يخضع جميع الشياطين والأشرار تحت قدمى المسيح ويلقوا في العذاب الأبدي.

ع26: الموت عدو لأنه دخل إلى العالم بالخطية وكان عقابًا عليها. وللقضاء على الموت يجب أن تبطل الأسباب التي أدت إليه. وهذا ما تحقق بالفداء، فالمسيح أبطل الموت بالقيامة بعدما أبطل كل الأسباب التي أدت إلى الموت، والتي هي بسبب حسد إبليس. أي هزم إبليس وقواته هزيمة نهائية وبذلك أبطل الموت الذي سببه إبليس.

ع27: الآب أخضع كل شيء تحت قدمى المسيح له المجد، ولكن من الواضح أن الله الآب لا يدخل ضمن المخضعات للمسيح لأنه هو الذي أخضع كل شيء للابن، فلا يدخل ضمن الأشياء التي تخضع للابن. وهذا تمهيدًا للآية الآتية.

في الكل: يكون الله في كل المؤمنين متحدا بهم ومالكا على قلوبهم إلى الأبد.

المقصود بخضوع الابن لأبيه هو خضوع البشرية في الابن للآب خضوعًا كاملًا. لأن الابن قد لبس جسد الإنسان ومات عن البشر ليرفع كل أسباب العصيان والخطيئة، ويقود الجميع في جسم بشريته إلى طاعة أبيه، فيقدم الابن للآب عالمًا جديدًا كاملًا، لكي يكون الله الواحد المثلث الأقانيم مالكًا على الكل.

أي أن الابن سيخضع للآب ليس أقنوميًا بل من جهة كونه إنسانًا، فالأقانيم لا تخضع لبعضها ولكن أعمالها كلها خاضعة لبعضها في تكامل وتناسق وتدبير إلهي مسبق. [راجع رؤ11: 15؛ لو 1: 33، دا 7: 14] عن أبدية ملك المسيح.

فنحن لنا إله واحد مثلث الأقانيم. وشكرًا لله بالمسيح يسوع ربنا الذي أطاع وارتضى ان يخضع للموت حتى يتمم خلاصنا، والذي هو واحد مع أبيه الصالح والروح القدس إلى أبد الآبدين.

أليس تصرفهم هذا بقبولهم الموت أسوة بالشهداء، هو شهادة لحقيقة قيامة الأموات؟

وهناك رأي آخر في تفسير هذه الآية، وهو ظهور بدعة في القرن الأول تقول أنه إن مات أحد الموعوظين الذي كان يتعلم الإيمان قبل أن يعتمد فيمكن أن يتعمد واحد بدلًا منه، فيقول بولس لمن يتبعون هذه البدعة لماذا يعتمدون من أجل الموعوظين الذين ماتوا إن كان الموتى لا يقومون؟ وطبعا بولس لا يوافق على هذه البدعة ولكنه يستخدم خطأهم لإثبات قيامة الأموات.

ويوجد رأي ثالث وهو أن الأموات تشير للآلام والاضطهادات التي يعانيها المقبلون على الإيمان، فلماذا يقبلون المعمودية واحتمال الموت كل يوم إن لم توجد حياة أخرى بعد هذه الحياة الحاضرة المملوءة آلامًا؟!

ع30: لماذا نعرض أنفسنا نحن الرسل للأخطار من أجل الكرازة بالإنجيل، إن لم يكن لنا رجاء في القيامة وفي الحياة الأبدية؟!

أموت كل يوم: أتعرض للموت خلال التبشير والخدمة.

يعلن بولس فرحه وافتخاره بإيمان أهل كورنثوس، فيدفعه هذا إلى خدمة أكبر وتعرض للآلام والموت حتى ينمو ويزداد إيمانهم، وتسنده في هذا نعمة المسيح.

ع32: إن كنت كإنسان بدوافع بشرية فقط لا يهتم سوى بهذه الحياة، ولا يعتقد في القيامة والحياة الأبدية، فما المنفعة من كل مواجهاتى للحروب الكثيرة والمقاومات الكبيرة من المعارضين للكرازة في أفسس؟

إن كانت ليست هناك قيامة بعد الموت، فليكن شعارنا إذًا هو شعار الذين لا يؤمنون بالحياة الأبدية وهو: لنأكل ونشرب لأننا غدًا نموت. أي أن عدم الإيمان بالقيامة سيجعل احتمال الآلام في الخدمة بلا فائدة ويدفعنا للانغماس في الشهوات المادية.

ع33: لا تخضعوا لأفكار العالم الشريرة التي تشجع الشهوات الردية. وينصحهم الرسول بقطع علاقاتهم برفقائهم القدامى الوثنيين لئلا بمخالطتهم تفسد أخلاقهم الجيدة.

ع34: يرشدهم أن يتيقظوا ليعملوا كل ما هو صالح ولا يعرضوا أنفسهم لارتكاب الخطايا، لأن قومًا يعيشون في وسطهم ينكرون القيامة ويجهلون قدرة الله وعدالته وصلاحه. وينبههم بهذا حتى يثير خجلهم من مثل هذه المعتقدات الخاطئة.

ع36: نستنتج من جواب الرسول أن معظم الاعتراض مبنى على توهم وهو أن جسد القيامة هو نفسه الجسد الحاضر بغرائزه وأجهزته، فيوبخهم مظهرًا لهم جهلهم برفضهم عقيدة أظهرها الله للبشر في عالم النبات. فالبذار لا يمكن أن تنبت السيقان والأوراق والأزهار ما لم توضع في الأرض وتدفن لتموت لكي يحدث لها التغير من شكل البذرة إلى شكل النبات، رغم أن البذرة والنبات لهما نفس الجوهر.

 

St-Takla.org Image: Arabic Bible verse: "Thanks be to God, who gives us the victory through our Lord Jesus Christ." (1 Corinthians 15: 57) - Arabic calligraphy, by Adib. صورة في موقع الأنبا تكلا: نص آية "شكرا لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح" (كورنثوس الأولى 15: 57) - فن بالخط العربي، الخطاط: أديب.

ع38: كل بذرة يعطيها الله كما أراد الجسم النباتى الخاص بها والذي يميزها عن بقية النباتات الأخرى، وبالرغم من أن الأجسام النباتية جميعها تشترك في مكونات واحدة إلا إنها تتميز عن بعضها البعض في الشكل الخاص لكل جسم منها.

ع39: هكذا أيضًا في أجساد الحيوانات، مع كون كل منها لحمًا ودمًا، يختلف بعضها عن بعض كثيرًا. فجسد الإنسان غير جسد البهائم غير جسد السمك غير جسد الطيور. أي أن الله جعل أجسام الحيوانات تختلف لتناسب الظروف التي يحيا فيها الحيوان سواء على الأرض أو في الماء أو الهواء. هذا يدلنا على أن أجسادنا في السماء ستختلف في شكلها عن أجسادنا الأرضية لتناسب حالتنا السماوية، وإن كانت هي نفس جوهر الجسد الأرضى ولكنه تغير فصار روحانيًا يحيا إلى الأبد.

ع40: يذكر الرسول التمايز بين الأجسام السماوية (الشمس والقمر والنجوم والكواكب الأخرى) وبين الأجسام الأرضية (النباتات والحيوانات) كدليل للتمايز بين جسم الإنسان في الحياة الدنيا وبين جسمه في القيامة. فالأجسام السماوية تختلف عن الأجسام الأرضية في المظهر وفي طبيعة الخلقة وكذلك جسم الإنسان المادي على الأرض سيختلف عن جسمه الروحانى في السماء الذي سيكون بمجد عظيم.

ع41: ضياء الشمس يختلف عن ضياء القمر. والنجوم تختلف فيما بينها في قوة الإضاءة ولمعانها وخواص أخرى لكل منها. فالاختلاف لا يكون فقط بين الكائنات المختلفة في طبيعتها بل أيضًا بين التي لها نفس الطبيعة. فعلى الرغم من أن النجوم لها طبيعة عامة واحدة إلا أنها تختلف فيما بينها.

هكذا الأمر بالنسبة للأجسام المقامة، فإن الأبرار سيختلفون في المجد وكذلك أيضًا الأشرار فيما بينهم في درجات العذاب الأبدي.

ع42: هكذا يمتاز جسد القيامة عن جسدنا الحاضر. فجسم الإنسان في الحياة الأرضية يتعرض لعوامل الانحلال والفساد عند دفنه، إلا أنه في القيامة يصير في عدم فساد غير قابل للضعف والموت والانحلال.

ع43: متى وضع جسد المائت في القبر يفارقه كل ما كان له من جمال وقوة وهيبة، ولكن في القيامة يقام على صورة المسيح، فيكون في غاية الجمال وكمال القوة كقول الرسول في (فى3: 21) "الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده". لا شيء أضعف من جثة الميت لأنها عاجزة عن عمل أي شيء أو الدفاع عن نفسها، ولكن عند القيامة يقام المائت في قوة مناسبة للحياة الخالدة الجديدة، فلا يكون عرضة لأي ضعف أو تعب.

ع44: للإنسان جسمًا موافقًا لطبيعته وهو على الأرض يشارك فيه سائر الكائنات الحية، وله نفس حيوانية تحوى الغرائز (المقصود بالنفس هنا الحيوية التي في الجسد وتحرك كل أجهزته وتنتهي عند موته). أما في القيامة فيكون له جسم روحانى تقوده الروح، موافقًا لطبيعته الممجدة وهو في السماء يشارك فيه الملائكة الأطهار.

فإذا صدقت وجود الإنسان الأول وجب أن تصدق وجود الثاني. فعندما يقام الجسد من الأموات يتغير إلى الجسد الروحانى.

الجسد الحيوانى تقوده النفس الحيوانية الناتجة من اتحاد الروح بالجسد، أما الجسم الروحانى فتقوده الروح لأن جسده بلا غرائز. إذ أن النفس الحيوانية لا تشارك الجسد والروح في القيامة بل تنحل بمجرد موت الإنسان ولا تقوم.

ع45: جبل الرب الإله آدم من تراب الأرض (تك 2: 7)، ونفخ في أنفه نسمة حياة أي الروح، وصار لآدم نفسًا حية من اتحاد الجسد بالروح.

وآدم الأخير الذي هو المسيح له المجد، بعد قيامته أصبح له جسد روحانى وسمى روحا محييا، لأنه له القدرة أن يحيى غيره، وتقوده الروح بعد القيامة دون وجود نفس حيوانية، فهو روح وجسم روحانى ولا توجد النفس الحيوانية التي تحرك الجسد المادي بكل غرائزه.

ع46: الترتيب المذكور في هذه الآية يوافق ما نشاهده في سائر أعمال الله. نزرع البذرة في الأرض فتأتى الثمرة أو الشجرة أسفل الأرض أولًا ثم أعلاها، الناقص يسبق الكامل، ولادتنا الجسدية تسبق ولادتنا الروحية والحياة الأرضية تسبق السماوية.

الإنسان الثاني: هو المسيح المتجسد، وهو من السماء من ناحية ألوهيته، بدليل قول الكتاب "الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء" (يو3: 13).

غاية بولس الرسول أن يقول أن آدم من الأرض ومن الواضح أننا مثله هنا. والمسيح من السماء وسنكون مثله هناك، أي بأجساد روحانية تقودها الروح بدون غرائز حيوانية.

ع48: كما كان جسد آدم من تراب الأرض ويتسم بالضعف والقابلية للتحلل والفساد، هكذا أيضًا نسل آدم لأن أجسادنا من التراب كجسده. وكما كان المسيح النازل من السماء، هكذا المؤمنون به والمعتمدون الذين صاروا أبناءه عند القيامة يكونون على صورة جسد مجده في السماء.

ع49: كما ورثنا من آدم طبيعته الضعيفة القابلة للمرض والألم والموت، فإننا بالقيامة ستصبح أجسادنا مثل جسد المسيح الممجد.

ع51: أعلن لكم حقيقة كانت مجهولة ولكن روح الله أعلنها لنا، وهي أن البشر الذين يكونون أحياءً عند المجيء الثاني للمسيح لن يموتوا ولكن جميعنا - سواء كنا من هؤلاء أو من الذين رقدوا - تتغير أجسادنا وتتخذ خصائص جديدة تلائم حياة الخلود.

ع53: هذا التغير لا بُد أن يتم، لأن هذا الجسد الفاسد لا بُد أن يتحول إلى عدم فساد، والقابل للموت لا بُد أن يصبح غير قابل للموت وله خصائص الخلود والأبدية.

ع54: متى قامت أجسادنا متمتعة بخصائص الخلود والحياة الأبدية، وتحول الجسد من جسد فاسد إلى جسد غير قابل للفساد، لن يعود للموت سلطان علينا ويتحقق ما سبق وأنبأ به إشعياء "يبلع الموت إلى الأبد" (إش25: 8) وكما أنبأ هوشع "أين أوباؤك يا موت أين شوكتك يا هاوية" (هو13: 14).

ع55: تساؤل استنكارى يأخذه الرسول من هوشع النبى، أراد به أن يقول أن سلطان الموت والهاوية قد انتهيا إلى الأبد بقيامة المسيح. وقد شبه الموت بلادغ سام كالعقرب لدغته مهلكة كالوباء. وخاطب القبر أو مسكن الأموات، كأنه سجان قاسٍ تسلط على البشر على مر العصور لكنه انكسر أخيرًا وأُطلق أسراه إلى الأبد.

ع57: أخيرًا يقدم الرسول الشكر لله الذي أعطانا الغلبة وأوجد وسائل نيلها بقيامة ربنا يسوع المسيح من الأموات.

ع58: بناء على ما سبق من البراهين على صحة القيامة، فإنى أطلب منكم أيها الأحباء أن لا تلتفتوا إلى المعلمين الكذبة الذين أرادوا أن يحملوكم على إنكار تلك العقيدة الأساسية في الإيمان المسيحي، واثبتوا في إيمان الإنجيل، واكثروا من الأعمال التي غايتها تمجيد الرب في كل وقت، فالرب لن ينسى ما عمله المؤمن أو احتمله في خدمته، فيجازيه بقيامة مجيدة وحياة خالدة وأجر سماوي.