(1) الروح القدس هو مصدر وموزع المواهب (ع 1 - 11)

(2) المؤمنون أعضاء في جسد الكنيسة (ع 12-26)

(3) أنواع المواهب في الكنيسة (ع 27-31)

ع1: يتحدث بولس الرسول في هذا الإصحاح عن المواهب الروحية، فيبدأ حديثه بأهمية اقتناء فضيلة الاتضاع ثم القدرة على التمييز بين ما هو صادق وما هو مزيف من هذه المواهب.

ع2: أذكركم بما كنتم عليه قبل قبولكم الإيمان، وكيف كنتم تساقون إلى عبادة الأوثان التي لا تتكلم. فإذًا لا فضل لأحد منكم في شيء مما حصل عليه من مواهب.

إن من يدعى حصوله على المواهب الروحية وفي نفس الوقت يجحد يسوع، فهو بالتأكيد مدعٍ مزيف وليس مؤمنًا حقيقيا. فقد كان جحد يسوع أمرًا شائعًا بين اليهود والوثنيين، لأن تعاليم يسوع كانت تكشف خبثهم وزيف أوثانهم. وفي هذا تحذير من أن يندس بينهم غير مؤمنين.

ولا أحد يستطيع أن يعترف بيسوع ربًا وإلهًا، إلا بالنعمة المعطاة له من الروح القدس.

ع4: المواهب هي الهبات المجانية التي يمنحها الروح القدس، وهي متعددة ومتنوعة ولكن مصدرها واحد وهو الروح القدس الواحد.

ع5: كذلك الخدمات الممكن أن يخدم بها الإنسان كنيسة الله كثيرة ومتنوعة، ولكنها كلها تخدم الرب يسوع.

ع6: كذلك الأعمال التي تمجد الله كثيرة التنوع، ولكن الله الذي يعطى الإنسان القدرة والنعمة للقيام بها هو إله واحد، وهو الذي يعمل في الجميع وهو مصدر كل الهبات، وجميعها يشترك في هدف واحد هو خلاص الإنسان وإعلان مجد الله.

ع7: يعلن الروح القدس عن عمله في كل مؤمن من خلال ما يعطيه له من مواهب روحية لمنفعة الكنيسة.

ع9: يعطى لآخر إيمان قوى من النوع الذي له أن ينقل الجبال ولا يكون شيء غير ممكن لديه.

كما يعطى لآخرين موهبة شفاء الأمراض المختلفة فتعالج، وتشفى بعمل الروح القدس المعجزى.

ع11: الأمر المهم الذي يؤكده الرسول هنا، هو أن جميع هذه المواهب على اختلاف أنواعها تُمنَح بواسطة الروح القدس الواحد، فهو يعطى كل مؤمن بحسب ما يتفق مع مشيئة الله بما يعمل على بنيان الكنيسة ونفع المؤمنين جميعًا.

ع12: يشبه معلمنا بولس الرسول الكنيسة، التي هى جسد المسيح، بالجسد الذي وإن تكون من مجموعة كبيرة من الأعضاء، ولكن مع كثرة هذه الأعضاء واختلاف وظائفها فإنها تكون جسدًا واحدًا، إذ تعمل جميعها في وحدة وتوافق لبنيان هذا الجسد ونموه. وهذه محاولة من الرسول لتوضيح وضع المواهب المختلفة في الكنيسة وعلاقتها بعضها مع بعض، وكذلك علاقة المؤمنين بعضهم ببعض.

ع13: جميع المؤمنين يكونون جسدًا روحيًا واحدًا، لأننا جميعًا قد اعتمدنا وولدنا ثانيةً في معمودية واحدة بواسطة الروح القدس، وأصبحنا أعضاءً في جسد المسيح الواحد، سواء كنا من اليهود أو من الأمم أي من ناحية الجنسية، أو من الناحية الاجتماعية عبيدًا أم أحرارًا.

فمهما كان وضعنا السابق من الناحية الدينية أو الاجتماعية، فإننا قد سقينا من نبع واحد وهو الروح القدس.

ع14: يتكامل بنيان الجسد بأعضائه الكثيرة. فلا يمكن أن يكون الجسد عضوًا واحدًا فقط. كما أن الكنيسة هي مؤمنون كثيرون ولكل عضو فيها موهبته وخدمته المختلفة عن الآخر ولكن في النهاية بتكاملها تحقق كل احتياجات الكنيسة.

ع15: إن قالت الرِجل أنى لست يدًا، ولذلك فإنى أقل شأنًا من حيث مهمتى إذا قورنت بمهام اليد لذا أعتبر نفسي خارجة عن الجسد أو منفصلة عنه. فهل بهذا الذي تقوله لا تُعتَبَر عضوا في الجسد؟

هكذا الأمر بالنسبة لك أيها المؤمن. فإن كانت لك موهبة معينة وليست لك موهبة ما أخرى، فهل يعني ذلك أنك لست عضوًا في جسد الكنيسة الواحد مع الأعضاء الآخرين؟

ع16: هل من الممكن للأذن أن تنفصل عن الجسد لأنها ليست عينًا؟

فعلى كل عضو أن يشعر بأهمية وضعه في الكنيسة، وأنه مهما صغر شأن عمله، له أهمية لا يمكن أن تستغنى الكنيسة عنها.

ع17: يقتضى الأمر أن يكون للجسد الواحد أعضاء كثيرة ذات وظائف مختلفة. لأنه لو كان الجسد كله عينًا، فمن الذي سيقوم بوظيفة السمع؟ كذلك الأمر لو كان الجسد كله سمعًا، ولم يكن به عضو للشم، فمن سيقوم بوظيفة الشم؟

هكذا الأمر أيضًا بالنسبة للكنيسة، فلو أن الجميع لهم نفس الموهبة فمن يقوم باحتياجات الكنيسة الأخرى. فلو كان الجميع معلمين فمن ينظف الكنيسة أو يجمع العطايا....؟

ع18: خصص الله لكل عضو من أعضاء الجسد المهمة الخاصة به لخدمة الجسد كله، وزوده بكل ما يحتاج إليه للقيام بمهمته على أكمل وجه. وبذلك ظهرت حكمة الله واضحة بوضع كل عضو في المكان الملائم له.

ع19: لو كان جميع أعضاء الجسد عضوًا واحدًا لفقد الجسد تكامله، لأن تكوين الجسد يتطلب أعضاء كثيرة مختلفة ذات وظائف متنوعة.

ع20: توجد أعضاء كثيرة للجسد، ومع ذلك فإن هذه الأعضاء الكثيرة تكون جسدًا واحدًا يكون فيه كل عضو معتمدًا على غيره من الأعضاء، ولكنها جميعًا تعمل في انسجام تام لصالح الجسد الواحد.

ع21: لا يستطيع أي عضو في الجسد مهما عظمت مهمته بالنسبة للجسد أن يستغنى عن مهمة أي عضو آخر. فمثلًا لا تقدر العين أن تقول لليد لا حاجة لى إليك، أو الرأس للرجلين لا حاجة لى إليكما.

ع22: بل بالأولى الأعضاء التي تبدو ضعيفة من حيث طبيعتها كالعين مثلًا إذا قورنت بأعضاء أخرى قوية، فتلك الأعضاء بالرغم من عدم قوة احتمالها وضعفها الطبيعي فإن الجسد يكون في مسيس الحاجة إليها.

ع23: الأعضاء التي يظن، بحسب مهامها، أنها بلا كرامة نحيطها بكرامة أوفر، والأعضاء التي يكون من غير اللائق أن تكون مكشوفة نغطيها، لأن الله يعطيها جمالًا وأهمية أكثر من باقي الأعضاء.

وهو هنا يتكلم عن الأعضاء التناسلية التي تتميز عن باقي الأعضاء في مشاركة الله عمله وهو الخلق عندما تنجب طفلًا.

ع24: هناك بعض الأعضاء مثل الوجه واليد التي لها بطبيعتها المظهر الجميل لا تحتاج لأن نغطيها بقصد إعطائها جمالًا أفضل.

على أن الله جعل الجسد يتكون من أعضاء مختلفة في الكرامة والمظهر، معطيًا الأعضاء الأضعف مثل الأعضاء التناسلية كرامة أفضل.

ع25: عمل الله هذا بحكمة في المزج بين الأعضاء المختلفة، حتى لا يكون هناك مجال للإنقسام بين أعضاء الجسد الواحد، وحتى يهتم كل عضو بالأعضاء الأخرى ويكون للجميع إهتمام واحد هو منفعة الجسد ككل.

ع26: وجود هذه الوحدة القوية بين أعضاء الجسد الواحد، تجعل الجسد كله يشعر بالألم عندما يصاب أحد الأعضاء، وإن كُرّم عضو واحد أي إذا توج الرأس مثلًا، فإن جميع الأعضاء تشترك في هذا التكريم، فالعين تضحك عندما يتكلم الفم بفرح.

ع27: أما أنتم فكل منكم كعضو في جسد المسيح له تفرده وشخصيته أو موهبته التي أعطيت له من الروح القدس. فكل منكم جزء من حياة الكنيسة ككل.

ع28: كما تختلف أعضاء الجسد الواحد في وظائفها، هكذا أيضًا يختلف المؤمنون في المواهب التي أعطيت لهم. فوضع الله في الكنيسة أناسًا للخدمة الرسولية أي خدمة الرسل وخلفائهم الأساقفة والكهنة، ثم أناسًا للتعليم النبوى الذي يقود إلى التوبة وخلاص النفوس إذ يساعد كل مؤمن على كشف حالته الروحية، وبعد ذلك معلمين لهم القدرة على تعليم العقائد المسيحية وتوضيح المفاهيم الصحيحة لها. ووهب للبعض القدرة على عمل المعجزات وآخرين أن يشفوا الأمراض، وأعطى للبعض الآخر استعدادًا لخدمة الأيتام والأرامل والفقراء وغيرهم ممن يحتاجون للعون والمساعدة، وآخرين الحكمة في تدبير الأمور الروحية والمادية للكنيسة، ولأناس أخر أعطى لهم أن يتكلموا بلغات مختلفة.

والخلاصة أن المواهب تتنوع والكنيسة في حاجة إلى جميع هذه المواهب.

ع29: هل من المنطق أن يكون جميع أعضاء الكنيسة رسلًا؟ وهل يمكن أن يكون جميعهم أنبياء أو معلمين؟ فلكى يوجد معلم يوجد في المقابل متعلم. وهل من الأمور الطبيعية أن يكون للجميع قدرة على إتيان المعجزات؟ حينئذ لن تكون معجزات إذا كان الكل قادرًا على الإتيان بها.

ع30: كذلك هل أُعطِىَ الجميع القدرة على شفاء الأمراض؟

وإن تكلم الجميع بألسنة فما المنفعة.

وكذلك إذا كان للجميع القدرة على ترجمة الألسنة فلمن تترجم إذا كان الجميع لهم هذه القدرة؟

ومعنى هذا أن الله أعطى لكل واحد موهبة خاصة، ولم يشأ بحكمته أن يكون للكل نفس الموهبة.

ع31: إذا كان الأمر هكذا، وإذا كانت الكنيسة في حاجة إلى هذه المواهب المتنوعة فعليكم أن تطلبوا المواهب التي تكون أنفع وأجدى للكنيسة. إننى أشير عليكم طريقًا أفضل تستطيعون من خلاله أن تكتسبوا المواهب الأحسن، وهو المحبة كما سيظهر في الأصحاح التالي.