* تأملات في كتاب
لوقا: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42 - 43 - 44 - 45 - 46 - 47 - 48 - 49 - 50 - 51 - 52 - 53 - 54 - 55 - 56 - 57 - 58 - 59 - 60 - 61 - 62 - 63 - 64 - 65 - 66 - 67 - 68 - 69 - 70 - 71 - 72 - 73 - 74 - 75 - 76 - 77 - 78 - 79 - 80
الأَصْحَاحُ الأَوَّلُ
(1) مقدمة الإنجيل (ع1-4)
(2) زكريا وأليصابات (ع5 - 7)
(3) البشارة بميلاد يوحنا (ع8 - 17)
(4) صمت زكريا (ع18 - 22)
(5) حبل أليصابات (ع23 - 25)
(6) البشارة بميلاد المسيح (ع26 - 33)
(7) حوار العذراء مع الملاك (ع34 - 38)
(8) زيارة العذراء لأليصابات (ع39 - 45)
(9) تسبحة العذراء (ع46 - 56)
(10) ميلاد يوحنا وخدمته (ع57 - 66)
(11) نبوة زكريا عن يوحنا (ع67 - 80)
1 إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، 2 كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ، 3 رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيق، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ، 4 لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.
ع1-2: يظهر من كلام القديس لوقا، أن كثيرين في زمانه كتبوا عن حياة المسيح بالإضافة للإنجيليين، فإذ آمن لوقا بالمسيح بعد أن كان أمميًّا، وإلتصق بالرسل الذين عاينوا حياة الرب يسوع وصاروا خداما للكلمة، شعر بمسئولية أن يكتب هو أيضًا عن حياته لأنه تتبعها بالتدقيق، وساعده على ذلك عمله كطبيب تعود الفحص والتدقيق.
ومعنى هذا أن لوقا جمع معلوماته من مصدرين هما:
(1) العذراء والتلاميذ الذين عاينوا المسيح.
(2) كتابات الكثيرين الذين سبقوه ولكن كتاباتهم قد تكون ناقصة.
يتبين هنا أهمية التقليد الكنسي، أي التسليم الرسولي الشفاهى للإيمان من الآباء الرسل إلى تلاميذهم حتى وصل إلينا الأن، وهذا يشمل نص الكتاب المقدس، وكل إيمان وطقوس الكنيسة، فالتقليد هو الذي حفظ الكنيسة من أيام الرسل حتى الآن.
† ليتك تتعود التدقيق في فهم الكتاب المقدس وكل إيمان وطقوس الكنيسة، بل تفحص حياتك أيضًا بالتدقيق في توبة لتنمو نموا روحيا قويا.
ع3-4: إذا اهتم لوقا بمعرفة تفاصيل حياة المسيح، كتب حياة المسيح بالترتيب إلى ثاوفيلس الذين آمن وتعلم الكثير ليثبِّت إيمانه بالمسيح. وهو يوناني صار مسيحيا وكان يعيش في الإسكندرية، له مركز سياسى كبير، إذ يلقبه بالعزيز أي صاحب الفخامة، ومعنى اسمه محب الله.
† فإن كنت يا أخي محبا لله، فهذا الإنجيل موجه لك كما يقول القديس أمبروسيوس.
5 كَانَ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ مَلِكِ الْيَهُودِيَّةِ كَاهِنٌ اسْمُهُ زَكَرِيَّا مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا، وَامْرَأَتُهُ مِنْ بَنَاتِ هارُونَ وَاسْمُهَا أَلِيصَابَاتُ. 6 وَكَانَا كِلاَهُمَا بَارَّيْنِ أَمَامَ اللهِ، سَالِكَيْنِ فِي جَمِيعِ وَصَايَا الرَّبِّ وَأَحْكَامِهِ بِلاَ لَوْمٍ. 7 وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَدٌ، إِذْ كَانَتْ أَلِيصَابَاتُ عَاقِرًا. وَكَانَا كِلاَهُمَا مُتَقَدِّمَيْنِ فِي أَيَّامِهِمَا.
ع5-6: هذا الإصحاح له أهمية خاصة، لأنه التمهيد لميلاد المسيح، ولذا تقرأه الكنيسة في آحاد شهر كيهك الأربعة قبل عيد الميلاد، فيحدثنا.
الأحد الأول: عن البشارة بميلاد يوحنا.
الأحد الثاني: البشارة بميلاد المسيح.
الأحد الثالث: زيارة العذراء لأليصابات.
الأحد الرابع: ميلاد يوحنا المعمدان.
هيرودس: الملك المذكور، هو هيرودس الكبير، وهو من نسل عيسو ويكره اليهود، حكم من عام 37 ق.م حتى حوالي عام 4 ق.م. وتميز حكمه بالقسوة وقتل أطفال بيت لحم قبل نهاية حياته (ميلاد المسيح كان 4 ق.م وتم قتل الأطفال عندما كان عمره عدة شهور)، وكان يحكم كل بلاد اليهود.
زكريا: معناه "الله يذكر" وقد كان كاهنا.
أليصابات: أي قَسَم الله، وكانت أيضًا من نسل هارون الكاهن الأعظم.
وكانا يتميزان بالبر في إتمام وصايا الله وكذلك أحكامه التي هي فرائض الناموس، كل هذا هو السلوك الروحي السليم الظاهر أمام الناس، بالإضافة إلى ذلك كان قلباهما نقيين امام الله، ولأجل برهما، اختار الله أن يحدثهما بعد انقطاع كلامه مع شعبه أكثر من ثلاثة قرون، حتى يلدا يوحنا الذي معناه "الله حنان".
† "هكذا تظهر محبة الله لكل من يتقيه، فإن تمسكت بوصايا الله وجهادك الروحي، سترى حنانه ونعمه الكثيرة.
فرقة أبيا: كان في زمان زكريا حوالي 20 ألف كاهن في اليهودية، يقسموا على 24 فرقة كل منها حوالي الألف، وتقوم بخدمة الهيكل أسبوعا مرتين في السنة.
ع7: رغم بر زكريا وأليصابات، لكنهما واجها مشكلة صعبة وهي عدم الإنجاب، لأن العقر كان يعتبر عار في العهد القديم لعدم استحقاق ميلاد المسيا المنتظر. وقد شاخا فلم يعد هناك أمل في الإنجاب، ولكن حكمة الله من الضيقة تظهر بعد ذلك، لأن تأخير الإنجاب كان ليعطيهما الله يوحنا المعمدان... أعظم مواليد النساء، وهو الذي يعد طريق المسيح، وينبغي ولادته قبل المسيح بستة أشهر.
8 فَبَيْنَمَا هُوَ يَكْهَنُ فِي نَوْبَةِ فِرْقَتِهِ أَمَامَ اللهِ، 9 حَسَبَ عَادَةِ الْكَهَنُوتِ، أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ أَنْ يَدْخُلَ إِلَى هَيْكَلِ الرَّبِّ وَيُبَخِّرَ. 10 وَكَانَ كُلُّ جُمْهُورِ الشَّعْبِ يُصَلُّونَ خَارِجًا وَقْتَ الْبَخُورِ. 11 فَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ وَاقِفًا عَنْ يَمِينِ مَذْبَحِ الْبَخُورِ. 12 فَلَمَّا رَآهُ زَكَرِيَّا اضْطَرَبَ وَوَقَعَ عَلَيْهِ خَوْفٌ. 13 فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا، لأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَامْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا. 14 وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ، وَكَثِيرُونَ سَيَفْرَحُونَ بِوِلاَدَتِهِ، 15 لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ الرَّبِّ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ يَشْرَبُ، وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 16 وَيَرُدُّ كَثِيرِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ إِلهِهِمْ. 17 وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ، لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَبْنَاءِ، وَالْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ الأَبْرَارِ، لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْبًا مُسْتَعِدًّا».
ع8-10: جاء أسبوع الخدمة الخاص بفرقة أبيا، وحضر الكهنة وبينهم زكريا الشيخ وألقيت القرعة كالعادة لمعرفة من يدخل ليقدم البخور على المذبح الذهبي داخل القدس، الذي لا يُسَمح بدخوله إلا للكهنة.
وكانت القرعة لا تأتي غالبًا أكثر من مرة واحدة في العمر لكل كاهن ليدخل هذا المكان العظيم ويقدم البخور لله، لأن عدد الفرقة كما ذكرنا كان ألفا.
وكان جمهور الشعب وافقا خارج القدس منتظرين بركة زكريا الكاهن بعد أن يبخر داخل القدس.
كم هي عظيمة نعمة الله في العهد الجديد، التي تسمح لكل الكهنة بدخول الهيكل كل يوم وتقديم البخور تحت نظر كل الشعب، بل ويخرج بالبخور ليبارك كل الحاضرين في الكنيسة، لأن إحتراق البخور ورائحته الزكية رمز لموت المسيح على الصليب ليرفع خطايانا، ولهذا ترتفع صلواتنا شكرا وتسبيحا مع هذا البخور الصاعد إلى السماء.
ع11: أصابت القرعة زكريا، وكان هذا بتدبير إلهي.. إذ عندما دخل إلى القدس، وقدم بخورا على المذبح الذهبي الموجود في وسط القدس، أمام حجاب قدس الأقداس، الذي فيه تابوت العهد، ثم سجد كعادة الكهنة، وقام، ظهر له ملاك نورانى بشكل مهيب عن يمين مذبح البخور.
مذبح البخور: كان هناك مذبحان أساسيان في هيكل سليمان، الأول خارجي وكانت تقدم عليه الذبائح والتقدمات، والثاني داخلي لا يقدم عليه سوى البخور الذي كان يعتبر تقدمة أيضًا وأطلق عليها "رائحة سرور للرب".
† من المذبح والهيكل تنسكب علينا النعم الإلهية والبركات السمائية، فننال أعظم شيء وهو جسد الرب ودمه ونقتنى سلاما وفرحا.. بل وتنفتح عيوننا الداخلية لننرى الله ونتمتع بعشرته مع كل السمائيين.
ع12-13: أمام عظمة هذا الظهور السمائى، خاف زكريا، فطمأنه الملاك وأعلن له اهتمام الله بصلواته منذ عشرات السنين وحتى الآن، ليس فقط بإنجاب النسل بل أيضًا اشتياقه لمجئ المسيح، فهو ككاهن يصلى هكذا في صلواته الطقسية منتظرا التجسد الإلهي، ووعده بحبل إمرأته العجوز بل أعلن إسم المولود "يوحنا" أي حنان الله.
† كم هو مطمئن للنفس اهتمام الله بكل صلاة وطلبة نرفعها إليه، ولكنه يستجيب في الوقت المناسب. فاستمر يا أخي في صلواتك مهما تأخرت الإستجابة، واثقا من استجابتها بالشكل المناسب في أحسن وقت يراه الله لك.
ع14: أعلن الملاك أن يوحنا ليس مولودًا عاديا يفرح قلب والديه الشيخين والأقارب والجيران فقط، بل ستمتد خدمته لتصير فرحا لكل من يؤمن ويستجيب لدعوته.
ع15: لأنه يكون عظيما: سيصير يوحنا عظيما في عينى الرب، ويعين نذيرا لله.
خمرا ومسكرا لا يشرب: فلا يشرب العنب المخمر ولا الخمر المسكرة.
يمتلئ من الروح القدس: يتميز عن باقي البشر بامتلائه من الروح القدس وهو جنين، لذا فهو أعظم مواليد النساء كما أعلن المسيح نفسه (مت 11: 11).
ع16-17: يتحدث الملاك عن طبيعة خدمة يوحنا، وهي دعوة اليهود للتوبة والرجوع لله، وعودة المحبة والترابط داخل الأسرة بين الآباء والأبناء، ويدعو الخطاة والعصاة لوصايا الله حتى يتوبوا ويفكروا في البر.
وهذا هو التمهيد للتجسد الإلهي، فإذ يعلن الملاك أن يوحنا يتقدم إلهه، فهذا إثبات للاهوت المسيح الذي تبدأ خدمته بعده بستة أشهر، ويعلن أيضًا أن يوحنا سيكون قويا في أسلوب خدمته مثل إيليا النبي.
18 فَقَالَ زَكَرِيَّا لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ أَعْلَمُ هذَا، لأَنِّي أَنَا شَيْخٌ وَامْرَأَتِي مُتَقَدِّمَةٌ فِي أَيَّامِهَا؟» 19 فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَهُ: «أَنَا جِبْرَائِيلُ الْوَاقِفُ قُدَّامَ اللهِ، وَأُرْسِلْتُ لأُكَلِّمَكَ وَأُبَشِّرَكَ بِهذَا. 20 وَهَا أَنْتَ تَكُونُ صَامِتًا وَلاَ تَقْدِرُ أَنْ تَتَكَلَّمَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ هذَا، لأَنَّكَ لَمْ تُصَدِّقْ كَلاَمِي الَّذِي سَيَتِمُّ فِي وَقْتِهِ». 21 وَكَانَ الشَّعْبُ مُنْتَظِرِينَ زَكَرِيَّا وَمُتَعّجِّبِينَ مِنْ إِبْطَائِهِ فِي الْهَيْكَلِ. 22 فَلَمَّا خَرَجَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ، فَفَهِمُوا أَنَّهُ قَدْ رَأَى رُؤْيَا فِي الْهَيْكَلِ. فَكَانَ يُومِئُ إِلَيْهِمْ وَبَقِيَ صَامِتًا.
ع18: لم يستطع عقل زكريا أن يصدق البشرى الإلهية، وقدم أدلته وهي أنه وإمرأته شيخان ويستحيل عليهما الإنجاب، مع أنه قد تكرر في التاريخ قدرة الشيوخ على الإنجاب بعمل الله الإعجازى مثل إبراهيم وسارة، ولم يقف العقر حائلا كما في اسحق ورفقة ويعقوب وراحيل، ومنوح وإمرأته والدى شمشون. ولكن يُلاحظ رقة زكريا أنه لم يتذمر على عقر إمراته، بل قال في تأدب أنها متقدمة في أيامها.
ع19-20: اليوم الذي يكون فيه هذا: أي ميلاد يوحنا المعمدان، فبعده بثمانية أيام تكلم زكريا، فالمقصود باليوم وقت او زمان ميلاده وليس يوم الميلاد بالتحديد.
لأجل شك زكريا فقد قدرته على الكلام، كما أعلن له رئيس الملائكة جبرائيل أي "جبروت الله"، وهو أحد رؤساء الملائكة السبع الواقفين أمام الله. وصمته هذا كان نتيجة طبيعية لعدم تصديق صوت الله. وصمت زكريا يعلن صمت العهد القديم ليبدأ العهد الجديد بالمسيح يسوع، وقد صمتت العبادة اليهودية وصارت بلا معنى بعد مجيء المسيح وانقطاع الأنبياء عنهم.
ع21: كان الشعب ينتظر زكريا ليباركهم كعادة العبادة اليهودية، ولكن الرؤيا استغرقت وقتا طويلا، فتعجب الجمهور متسائلين عن السبب لإبطائه.
ع22: عندما خرج زكريا عاجزا عن الكلام، مكتفيا فقط بإشارة يديه، فهموا أنه قد رأى رؤيا داخل القدس كما كان يحدث مع الأنبياء قديما، ففرحوا بالإعلان الإلهي وإن كانوا مشتاقين لمعرفة هذا الإعلان الذي ظل غامضا بسبب صمت زكريا.
23 وَلَمَّا كَمِلَتْ أَيَّامُ خِدْمَتِهِ مَضَى إِلَى بَيْتِهِ. 24 وَبَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ حَبِلَتْ أَلِيصَابَاتُ امْرَأَتُهُ، وَأَخْفَتْ نَفْسَهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ قَائِلَةً: 25 «هكَذَا قَدْ فَعَلَ بِيَ الرَّبُّ فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا نَظَرَ إِلَيَّ، لِيَنْزِعَ عَارِي بَيْنَ النَّاسِ».
ع23: ظل زكريا في الهيكل حتى انتهى أسبوع خدمته، ثم عاد إلى بيته الذي هو خارج أورشليم في التلال المحيطة بالمدينة.
ع24-25: لما شعرت أليصابات بحبلها فرحت جدًا هي وزكريا زوجها، وشكرا الله الذي باركهما، واستراحت أخيرا أليصابات من تعييرات النساء لها بالعقر وعدم استحقاقها البركة، ولكنها أخفت نفسها خمسة اشهر عن الظهور أمام الناس حتى تتأكد من الحبل المعجزى، فقد شاركت زوجها في خطية الشك.
ولكن هذه الفترة التي صمت فيها زكريا، كانت فرصة لحديث أعمق مع الله امتزجت فيه التوبة مع الشكر، وأيضا التأمل في أعمال الله السابقة مع شعبه ومعهما.
† انتهز فرصة المرض وانعزالك أحيانا عن الناس لتراجع نفسك وتقدم توبة وشكر وتأمل في اعمال الله معك، ويمكنك أن تشعر بهذا إذا أخذت خلوة أسبوعية.
26 وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ، 27 إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُل مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. 28 فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ». 29 فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ، وَفَكَّرَتْ: «مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ!» 30 فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. 31 وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. 32 هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، 33 وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ».
ع26-27: بعد مرور ستة أشهر على بشارة رئيس الملائكة جبرائيل لزكريا، وفي بداية الشهر السادس، ظهر في مدينة صغير تسمى الناصرة، وهي من الجليل أي القسم الشمالى من بلاد اليهود، وتبعد أكثر من 80 ميلا عن أورشليم، وكانت على طريق تجارى ويزورها تجار امميون وجنود رومانيون، فاشتهرت بابتعادها عن العبادة اليهودية لكثرة الأمم فيها.
هناك في بيت صغير، كانت عذراء في سن حوالي الخامسة عشر اسمها مريم، تعيش في رعاية رجل عجوز إسمه يوسف من سبط داود [لتتحقق البنوات أن يكون المسيح ابن داود (مز 11:132)]، وكان يعمل نجارا، أما معيشته فكانت فقيرة لكبر سنه وضعف قدرته على العمل. والخطوبة في المجتمع اليهودي كانت تعتبر ارتباط زواج رسمى ولكن دون بدء العلاقة الجسدية، كما الحال الآن عند أخوتنا المسليمن فيما يسمى بـ"كتب الكتاب"، وهو زواج رسمى دون العلاقة الجسدية.
ع28: أعطى الملاك السلام للعذراء، وهو هبة الله التي ينفرد بها أولاده عن باقي العالم" ليس سلام قال إلهي للأشرار" (إش 57: 21)، ووصفها بأنها ممتلئة نعمة (كما في النص القبطى واليوناني والتي ترجمت خطأ في الطبعة البيروتية إلى المنعم عليها، غير باقي البشر الذين ينعم عليهم ببركاته، أما هي فقد حل عليها الروح القدس وملأها من النعمة ليولد منها الإله القدوس، وطوبها وباركها بين كل النساء، وكما دخلت الخطية إلى العالم عن طريق حواء، فإن البشرى بالخلاص جاءت عن طريق امرأة وهي العذراء مريم.
ع29: كان منظر الملاك مهيبا، فخافت العذراء الصغيرة السن من بهائه ونوره وفكرت في نفسها عن سبب ظهوره وتحيته ومباركته لها؟
ع30-31: طمأنها الملاك بمحبة الله لها، وعزمه أن ينعم عليها بأعظم البركات لقداستها والتصاقها بالله، كما أعلن لها الملاك البشارة بالحبل الإلهي، وإسم الإله المتأنس وهو يسوع ومعنى اسمه مخلص.
ع32: وصفه بصفة الله وهي "العظمة"، بل لقبه "بابن العلى" أي ابن الله من جوهره وطبعه، وفيه تتم كل النبوات، فهو المسيا المنتظر من نسل داود.
ع33: ليكون المسيح ملكا إلى الأبد على يعقوب، أي شعب الله المؤمنين به.
† إن المسيح يريد أن يملك على قلبك ويمتعك بحبه إلى الأبد، إن كنت تؤمن به وتخضع له وتطيع وصاياه.
34 فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلًا؟» 35 فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. 36 وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضًا حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا، وَهذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِرًا، 37 لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ». 38 فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ». فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلاَكُ.
ع34: قبلت العذراء مريم البشرى الإلهية وآمنت كما شهدت أليصابات فيما بعد(لو1: 45)، ولكنها قد نذرت البتولية، فكان سؤالها هل الله يريد منها التنازل عن بتوليتها، إذ قالت للملاك "أنا لست أعرف رجلا".
ع35: كان رد الملاك مؤكدا احتفاظها ببتوليتها لتكون دائمة البتولية، لأن الله قد أعد طريقة معجزية لإتمام هذا الحبل الإلهي، وهي حلول الروح القدس عليها لتكوين الخلية الأولى الكاملة للجنين داخل الرحم، وقوة العلى المظللة هي حضن الآب لإتمام الإنجاب الإلهي. ثم يعلن بوضوح صفة المولود الأزلية إذ هو القدوس اى الله وابن الله، فهو من طبعه وجوهره.
ع36-37: إذ رأى الله إيمانها العجيب وخضوعها للبشرى رغم ما تحملها من آلام كثيرة ستحتملها، لأنها ستُتَهَم بالزنا من كل المحيطين بها، ساندها ببشارة حبل أليصابات نسيبتها العجوز، ليثبت إيمانها بقدرة الله المعجزية، فهو القادر أن يجعل العاقر العجوز حبلى، وهو أيضًا قادر على كل شيء فيجعل العذراء تحبل.
ع38: كان جواب العذراء في ختام هذا الحوار هو الخضوع للبشرى في تسليم كامل واتضاع عجيب، فلم تفتخر بأنها ام الله بل أعلنت أنها عبدته.
† على قدر ما تطيع وصايا الله وتتكل عليه في تسليم حياتك له، تفيض عليك بركات السماء ويسندك الله ويثبت إيمانك وتعاين الله في حياتك، فتطمئن وتفرح وتستحق أن تعاين السمائيات وأنت على الأرض.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
39 فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا، 40 وَدَخَلَتْ بَيْتَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيصَابَاتَ. 41 فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، 42 وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! 43 فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ 44 فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. 45 فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ».
ع39: في تلك الأيام أي بعد بشارة الملاك لها بقليل، أي أعدت نفسها للسفر بعد البشارة مباشرة.
إلى الجبال: سافرت العذراء مسافة طويلة من الناصرة في الجليل شمال اليهودية إلى نواحى اورشليم في مدينة بالقرب منها تابعة لسبط يهوذا وتحملت متاعب السفر، فاجتازت الجبال لتصل إلى أليصابات.
إذ امتلأت العذراء مريم من البشرى الإلهية، وحل الجنين الإلهي في بطنها، أسرعت الممتلئة نعمة بحماس روحي تصعد الجبال بحثا عمنَّ تعطيه حبها الذي ستقدمه لكل البشرية بابنها الوحيد، فقد ذهبت إلى أليصابات ليس فقط لتهنتئتها، بل لتخدمها لأنها حبلى وعجوز فتحتاج لمن يساعدها. إنها الكنيسة الكارزة بالمسيح مخلص العالم.
ع40: عندما دخلت العذراء بيت نسيبتها أليصابات زوجة زكريا الكاهن، أعطتها السلام الذي هو عطية الله لأولاده.
ع41: حين سمعت أليصابات السلام، سجد الجنين في بطنها أمام يسوع الذي في بطن العذراء، وتحرك بابتهاج لهذا اللقاء، وامتلأت أليصابات من الروح القدس فأعلن لها أمورًا كثير:
(1)أن العذراء حُبلى بالمسيا المنتظر أي يسوع المسيح.
(2)أن حركة الجنين في بطنها هي سجود وابتهاج بلقاء المسيح والعذراء والدته.
ع42-43: قالت أليصابات للعذراء أنها مستحقة البركة أكثر من كل نساء العالم، ومبارك أيضًا الجنين الذي في بطنها، وباتضاع واضح أعلنت أليصابات عدم استحقاقها أن تزورها والدة الإله، فكان هذا تعضيدا وتثبيتا لإيمان العذراء بالبشرى الإلهية التي لم تخبر بها أحدًا، وهو أيضًا إعلان من الكنيسة الممثلة في أليصابات بمكانه العذراء أنها والدة الإله.
ع44: قدمت أليصابات الدليل على عظمة العذراء وهو حركة وسجود الجنين يوحنا في بطنها حين سلمت العذراء عليها.
ع45: باتضاع أيضًا اعترفت أليصابات بخطيئتها هي وزوحها في عدم تصديق بشرى الملاك، أما العذراء فقد تميزت عنهما بإيمانها العجيب بالبشرى التي لم يُسمع مثلها من قبل أي حبل عذراء. وقد علمت أليصابات ببشارة الملاك للعذراء عن طريق الروح القدس الذي حلَّ عليها.
† ليتك تكون متضعا، فتعترف بخطاياك امام الآخرين، وتقدمهم عنك في الكرامة فتستحق بركات الله، وتخرج منك ثمرات مباركة مثل يوحنا، أي فضائل مقدسة.
46 فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، 47 وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، 48 لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، 49 لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ، 50 وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ. 51 صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. 52 أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ. 53 أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ. 54 عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً، 55 كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ». 56 فَمَكَثَتْ مَرْيَمُ عِنْدَهَا نَحْوَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا.
ع46-47: إن كانت الخطية قد دخلت إلى العالم بحواء، تتقدم الآن النساء وهن أليصابات والعذراء بنبوات مفرحة عن المسيح المبارك مخلص العالم.
وإذ تتأمل العذراء في الله، تعظم وتكبر صورته في داخلها، فتفرح به كمخلص شخصى لها من خطاياها، فهي محتاجة للخلاص مثل سائر البشر، وإن كانت هي أعظم القديسين بل وفوق الملائكة من أجل قداستها وفضائلها.
ع48: أظهرت العذراء نعمة الله العجيبة التي وهبها لها، معلنة اتضاعها كعبدة لله، تنازل فنظر إليها، وأعطاها أن تكون أما له لذا يمدحها كل البشر.
ع49: الله القادر على كل شيء وهبنى وأنا عذراء أن أحبل، وكذلك من عظمة أعماله أنه اتحد بالبشرية في سر التجسد عندما يكون كجنين في بطنى، وهو أيضًا القادر على تقييد الشيطان على الصليب لفداء البشرية، ورغم اتضاعه بتجسده فهو الله القدوس.
ع50: وصفت العذراء الله بالقادر والقدوس في الآية السابقة، وهنا تتحدث عن رحمته التي يمنحها لكل من يؤمن به ويتقيه ليس فقط في هذا الجيل بل إلى نهاية الأيام، فخلاصه يقدمه للبشرية كلها.
ع51: تظهر قوة الله في جعله العذراء المتضعة تحبل، وكذلك أليصابات العجوز، أما المتكبرون مثل هيرودس فيشتت كل قوتهم وشرهم ولا يستطيعون أن يضروا المسيح المولود، كما يشتت الشياطين ويقيدهم بصليبه.
ع52: كل مَنْ يتكبر ويعتز في نظر نفسه، يحطه عن مكانته المادية التي وضع نفسه فيها، مثل هيرودس الذي أكله الدود (ابن هيرودس الكبير)؛ وفي نفس الوقت يمجد المتضعين مثل العذراء وأليصابات.
ع53: كل من يجوع إلى البر، يشبعه بجسده ودمه الأقدسين وكل عطية روحية، أما المتكلين على غناهم وأموال العالم، فلا ينالون منه أي بركة وليس لهم نصيب في ملكوت السموات.
ع54-55: تضيف العذراء تمجيد الله على صفة رابعة فيه وهي وفائه بوعوده لشعبه إسرائيل، الذي تلقبه "فتى" اى ابن يهتم به الله أبوه ويسنده، فيقدم الخلاص له عن طريق تجسده وفدائه، وحينئذ يتذكر أولاد الله رحمته ويشكرونه كل حين.
وشعب الله ليس فقط إسرائيل القديم، بل إسرائيل الجديد أي المسيحيين المؤمنين به يهودًا كانوا أم أمميين، وإتمام الوعود التي أعطاها لإبراهيم والآباء، أي الخلاص، يدوم إلى الأبد مع أولاده المؤمنين به، فيفرحون معه في ملكوته السماوي.
† إن أقصر الطرق إلى قلب الله هو الاتضاع، بأن تعرف خطاياك واحتياجك له، حينئذ تنهمر عليك كل البركات السمائية. فحاسب نفسك وقدم توبة كل يوم أمامه واتضع أيضًا امام الكل، فيرفعك فوق الكل بالسلام الداخلي والسعادة على الأرض، ثم بالأمجاد السمائية في الدهر الآتي.
ع56: ظلت العذراء مريم مدة ثلاثة أشهر تخدم باتضاع أليصابات العجوز الحبلى في شهورها الأخيرة، متناسية مكانتها العظيمة. وإذ كان يوحنا الجنين قد تحرك فرحا داخل بطن أليصابات لمجرد اللقاء بالمسيح الجنين في بطن العذراء، فكم كان فرح وشبع أليصابات ويوحنا عندما تمتعا بعشرة العذراء وابنها ثلاثة أشهر كاملة!.
وبعد ذلك عادت العذراء إلى بيتها في بلدة الناصرة بالجليل، حيث ظهر حبلها واكتشاف يوسف لذلك، كما يذكر متى الإنجيلي (مت1).
57 وَأَمَّا أَلِيصَابَاتُ فَتَمَّ زَمَانُهَا لِتَلِدَ، فَوَلَدَتِ ابْنًا. 58 وَسَمِعَ جِيرَانُهَا وَأَقْرِبَاؤُهَا أَنَّ الرَّبَّ عَظَّمَ رَحْمَتَهُ لَهَا، فَفَرِحُوا مَعَهَا. 59 وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ جَاءُوا لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ، وَسَمَّوْهُ بِاسْمِ أَبِيهِ زَكَرِيَّا. 60 فَأَجَابَتْ أمُّهُ وَقَالَتْ: «لاَ! بَلْ يُسَمَّى يُوحَنَّا». 61 فَقَالُوا لَهَا: «لَيْسَ أَحَدٌ فِي عَشِيرَتِكِ تَسَمَّى بِهذَا الاسْمِ». 62 ثُمَّ أَوْمَأُوا إِلَى أَبِيهِ، مَاذَا يُرِيدُ أَنْ يُسَمَّى. 63 فَطَلَبَ لَوْحًا وَكَتَبَ قِائِلًا: «اسْمُهُ يُوحَنَّا». فَتَعَجَّبَ الْجَمِيعُ. 64 وَفِي الْحَالِ انْفَتَحَ فَمُهُ وَلِسَانُهُ وَتَكَلَّمَ وَبَارَكَ اللهَ. 65 فَوَقَعَ خَوْفٌ عَلَى كُلِّ جِيرَانِهِمْ. وَتُحُدِّثَ بِهذِهِ الأُمُورِ جَمِيعِهَا فِي كُلِّ جِبَالِ الْيَهُودِيَّةِ، 66 فَأَوْدَعَهَا جَمِيعُ السَّامِعِينَ فِي قُلُوبِهِمْ قَائِلِينَ: «أَتَرَى مَاذَا يَكُونُ هذَا الصَّبِيُّ؟» وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ مَعَهُ.
ع57-58: أخيرا كملت تسعة أشهر لأليصابات فولدت إبنها، وحين سمع محبوها بذلك فرحوا جدًا، لأنه قد تمت معجزة الرب بحبل العجوز العاقر.
ع59: في اليوم الثامن حين يتم ختان الطفل الذكر من شعب إسرائيل، وهو دليل بنوته لله، والذي كان رمزًا للمعمودية. وكانت العادة تسمية المولود في يوم ختانه، فسماه أقرباؤه المجتمعون زكريا على إسم أبيه.
ع60: أما أمه التي امتلأت من الروح القدس، فقالت يسمى يوحنا، وكانت قد علمت ذلك الإسم من أبيه زكريا، حسبما أعلن له الملاك، فلابد أنه كتب لها هذا الإسم بل تفاصيل الرؤيا لتفرح معه بها.
ع61: اعترض الأقارب المجتمعون إذ أن هذا الإسم كان غريبًا عن أسماء الأسرة، فقد كان المعتاد استخدام أسماء معينة في كل أسرة ليتباركوا ويقتدوا بأسلافهم، وحتى لا يشك أحد فيما بعد في نسبة الابن الجديد إلى أسرته.
ع62: أشار الحاضرون إلى والده الأخرس، والذي كان غالبًا قد فقد سمعه، لذلك لم يكلموه بل أشاروا إليه، سائلين إياه، ماذا يريد ان يسمى ابنه؟
ع63: طلب زكريا لوحًا وكتب عليه يوحنا، فاندهش الحاضرون جدًا لاتفاق الوالدين على إسم واحد، ولعله كان أيضًا إعلانًا من الملاك لزكريا بإسم المولود وكانوا غالبًا يستخدمون ألواحًا من الخشب مغطاة بالشمع يكتبون عليها بقلم مدبب من ناحية ليحفر في الشمع ومسطح من طرفه الآخر لمحو ما يريدون محوه.
ع64-65: بعد أن كتب إسم يوحنا مباشرة، شفاه الله وانطلق لسانه مسبحا الله، ووقع خوف الله على قلوب الحاضرين عندما تكلم زكريا، واتفق رأيه مع أليصابات زوجته على هذا الاسم الغريب وهو يوحنا، فانتشر خبر هذه المعجزة في كل أورشليم وجبال اليهودية المحيطة بها.
ع66: شعر الكل بأن هذا الطفل غير عادي وسيكون عظيما، بل وهم يسترجعون أحداث ميلاده العجيب، أخذوا يفكرون في مظاهر العظمة الروحية التي ستظهر عليه عندما يكبر.
لاحظ أعمال الله مع المحيطين بك، وحاول أن تتعلم منها شيئًا لنفسك حتى تقربك إلى الله، فهي رسائل منه إليك كل يوم.
67 وَامْتَلأَ زَكَرِيَّا أَبُوهُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَتَنَبَّأَ قَائِلًا: 68 «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ افْتَقَدَ وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ، 69 وَأَقَامَ لَنَا قَرْنَ خَلاَصٍ فِي بَيْتِ دَاوُدَ فَتَاهُ. 70 كَمَا تَكَلَّمَ بِفَمِ أَنْبِيَائِهِ الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ هُمْ مُنْذُ الدَّهْرِ، 71 خَلاَصٍ مِنْ أَعْدَائِنَا وَمِنْ أَيْدِي جَمِيعِ مُبْغِضِينَا. 72 لِيَصْنَعَ رَحْمَةً مَعَ آبَائِنَا وَيَذْكُرَ عَهْدَهُ الْمُقَدَّسَ، 73 الْقَسَمَ الَّذِي حَلَفَ لإِبْرَاهِيمَ أَبِينَا: 74 أَنْ يُعْطِيَنَا إِنَّنَا بِلاَ خَوْفٍ، مُنْقَذِينَ مِنْ أَيْدِي أَعْدَائِنَا، نَعْبُدُهُ 75 بِقَدَاسَةٍ وَبِرّ قُدَّامَهُ جَمِيعَ أَيَّامِ حَيَاتِنَا. 76 وَأَنْتَ أَيُّهَا الصَّبِيُّ نَبِيَّ الْعَلِيِّ تُدْعَى، لأَنَّكَ تَتَقَدَّمُ أَمَامَ وَجْهِ الرَّبِّ لِتُعِدَّ طُرُقَهُ. 77 لِتُعْطِيَ شَعْبَهُ مَعْرِفَةَ الْخَلاَصِ بِمَغْفِرَةِ خَطَايَاهُمْ، 78 بِأَحْشَاءِ رَحْمَةِ إِلهِنَا الَّتِي بِهَا افْتَقَدَنَا الْمُشْرَقُ مِنَ الْعَلاَءِ. 79 لِيُضِيءَ عَلَى الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَهْدِيَ أَقْدَامَنَا فِي طَرِيقِ السَّلاَمِ». 80 أَمَّا الصَّبِيُّ فَكَانَ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ، وَكَانَ فِي الْبَرَارِي إِلَى يَوْمِ ظُهُورِهِ لإِسْرَائِيلَ.
ع67: في صمت التسعة أشهر، تمتع زكريا بصلوات وتأملات كثيرة مع الله، فاستحق ان يمتلئ من الروح القدس، ويحدثنا عن المسيح والخلاص الذي سيتممه على الصليب ويعلنه بقوة قيامته.
ع68: بارك زكريا الله ولقبه بإله إسرائيل ليعلن أبوته ورعايته لشعبه، فحقق أخيرًا وعوده لإبراهيم والآباء بتجسد المسيح وفدائه على الصليب.
ع69: المسيح المخلص هو ابن داود، الذي أقام مملكة روحية قوية يرمز إليها بالقرن (وهو أقوى ما في الحيوان)، تهزم أعداءنا أي الشياطين الذين يبغضوننا.
ع70: بفم انبيائه: الله هو المتكلم على فم الأنبياء، لذا يلزم الخضوع لكلام الله.
منذ الدهر: منذ بداية الخلقة، أي من آدم حتى هذا الوقت.
بهذا تمت نبوات كل الأنبياء عن المسيح وكل اقسام الله ووعوده.
ع71: يبدأ من هذا العدد حتى ع75 في وصف فاعلية خلاص المسيح وتأثيره في المؤمنين به، فيعلن أنه يحررنا من سلطان الخطية التي تجذبنا الشياطين إليها، فهي تبغضنا وتحاول الإيقاع بنا، فبقوته نصد هجماتها.
ع72: خلاص المسيح ليس فقط للأحياء الذين يؤمنون به، بل أيضًا رحمة وفداء لكل الآباء الذين ماتوا على الرجاء، مؤمنين بالمسيا المنتظر.
فالله يتذكر وعوده للآباء، أي ينفذها وينقلهم من الجحيم إلى الفردوس، بخلاصه الذي يتممه على الصليب.
ع73: العهد أو القسم الإلهي الذي وعد به إبراهيم أب الآباء (تك 22: 16، 17)، الآن يتممه بالمسيح مخلصنا.
ع74: يعطى المسيح المؤمنين به سلاما وطمأنينة، فلا يضطربون من حروب الشياطين، ولا يخافونهم لأنه ينقذهم منها، وإذ يتمتعون بهذا السلام، ينطلقون في عبادة روحية لله.
ع75: العبادة التي تقدمها لله تكون بقداسة، أي طهارة داخلية وبر يظهر في نقاوة سلوكنا، لأننا نقدمها لله فاحص القلوب والكلى والذي يرى كل أعمالنا طوال عمرنا.
† تذكر يا أخي إنك إن كنت قد نلت الحرية والطبيعة الجديدة في المعمودية، فهدفك الوحيد في حياتك هو عبادة الله والسلوك بالبر، وأي شر تعمله هو خروج عن حياتك المخصصة والمقدسة لمحبة الله وصنع الخير.
ع76: يواصل زكريا نبوته ويحدث الطفل يوحنا ويدعوه نبي الله، أما المسيح فدعا يوحنا أعظم من نبي (لو 7: 26)، ووظيفة يوحنا المعمدان هي إعداد طريق المسيح في قلوب شعبه.
ع77: كان اليهود يظنون أن المسيح يخلصهم من عبودية الرومان، فأتى يوحنا ليعرفهم الخلاص الحقيقي، وهو الخلاص من الخطية بالتوبة لينالوا غفران خطاياهم، فيوحنا يعرفهم الخلاص ويدعوهم للتوبة، أما المسيح فهو الذي يتمم هذا الخلاص على الصليب.
ع78: يعود زكريا فيتكلم عن المسيح المخلص، فيعلن محبة الله العميقة التي يعبر عنها بالرحمة النابعة من أحشائه، هذه الرحمة افتقدت البشرية في ملء الزمان لتنجيها من ظلمة الخطية وذلك بتجسد المسيح، الذي هو شمس البر الآتي من السماء.
ع79: المسيح نور العالم، يضئ للخطاة المنشغلين بشهوات العالم المعبر عنها بالظلمة، وإذ ينير لهم طريق الحياة معه، يرشدهم إلى طريق الملكوت، فيتمتعون بسلام داخلي عندما يحررهم من الخطية، بل يثبتون في هذا السلام إلى الأبد.
† الله يفتقدك اليوم بحبه الحانى، أنت الجالس في ظلمة الخطية، فليتك تتوب عن خطيتك المحببة ويرتفع قلبك بمشاعر حب في توبة وشكر، مستعدا لنوال حبه المبذول على المذبح في جسده ودمه الأقدسين.
ع80: بعد نبوة زكريا، يختم القديس لوقا كلامه بنمو يوحنا جسديًّا وروحيًّا بمعونة الله في البرية، ويحكى لنا التقليد أنه عند قتل أبكار بيت لحم، كيف حمله زكريا إلى المذبح في هيكل الله، فأتى ملاك وخطفه ليعيش بالبرية في رعاية الملائكة.
أما زكريا الذي كان يطارده عساكر الرومان فأمسكوه وقتلوه بين الهيكل والمذبح (مت23: 35)، وفي هدوء البرية، نمت محبته وصلواته وتأملاته وأعده الله ليكون السابق له.
وظل هناك حتى سن الثلاثين، وهو السن القانونى لبدء الخدمة عند اليهود، حين بدأ كرازته.
← تفاسير أصحاحات إنجيل لوقا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير لوقا 2 |
قسم
تفاسير العهد الجديد الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
مقدمة إنجيل لوقا |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/church-encyclopedia/luke/chapter-01.html
تقصير الرابط:
tak.la/n95z7sa