← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40
ما سبق:
+ آخر لقاء لنا كان مع اسْتِفَانُوس عندما كان يُرجم، وقال كلمتين: أول كلمة: "أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ اقْبَلْ رُوحِي" (أع 7: 59)، والكلمة الأخيرة عندما صرخ بصوت عظيم"يَا رَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هذِهِ الْخَطِيَّةَ" (أع 7: 60) ورقد.
هذا الأصحاح يتضمن:
عناوين رئيسية |
عناوين جانبية |
|
|
+
سلطان وضع الأيدي
وإعطاء الروح القدس كان للرسل فقط |
|
|
|
|
|
|
1 وَكَانَ شَاوُلُ رَاضِيًا بِقَتْلِهِ. وَحَدَثَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ اضْطِهَادٌ عَظِيمٌ عَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ، فَتَشَتَّتَ الْجَمِيعُ فِي كُوَرِ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ، مَا عَدَا الرُّسُلَ.
+ كان شَاوُلُ واقفًا ورأى مشهد رجم استفانوس. هنا وسنترك الكلام عن شَاوُلُ، لنستكمله في الأصحاح التالي الذي سيكون بأكمله عن شَاوُلُ، لكن على الأقل القديس لوقا شهد وسجل لنا في هذه الآية أن شاول كان موافقًا على قتل استفانوس، أي وصل به (بشاول) الأمر إلى هذا الحد!
+ "وَحَدَثَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ اضْطِهَادٌ عَظِيمٌ عَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ": طبعًا اليهود مفتريين فبعد أن رجموا استفانوس استمروا وتمادوا في افترائهم! دخلوا البيوت وكسروها، وهجموا على المسيحيين في غوغاء شديدة، أي حدث اضطهاد شديد جدًا في أورشليم على المسيحيين الأوائل الذين لم يتعدى عددهم عدة آلاف.
+ "فَتَشَتَّتَ الْجَمِيعُ فِي كُوَرِ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ": فأورشليم تقع في مقاطعة اليهودية، فعندما حدث اضطهاد شديد في أورشليم تشتت المسيحيين الأوائل وخرجوا من أورشليم إلى القرى المجاورة (كور جمع قرية) في اليهودية والسامرة، هربًا من الاضطهاد.
+ "مَا عَدَا الرُّسُلَ": الوحيدين الذين لم يهتزوا من الاضطهاد ولم يتركوا مكانهم (أورشليم) هم آبائنا الرسل، كانوا مستعدين أن يستشهدوا في أي وقت! هذا يُرينا مدى قوة آبائنا الرسل، فبالرغم من وجود خطورة على حياتهم، فبعد أن قتل اليهود استفانوس كان متوقع أن يبدأوا في قتل الرسل واحد واحد، إلا أنهم لم يتحركوا من أورشليم بينما الشعب البسيط هرب من الاضطهاد.
+ تاريخ الكنيسة يحكي لنا أن الآباء الكبار كانوا يتقدموا للإستشهاد دون خوف، بينما الشعب العادي كان مسموحًا له أن يهرب من الاضطهاد والضيقات التي قد لا يحتملها، لم يكن الهرب من الاضطهاد خطية.
2 وَحَمَلَ رِجَالٌ أَتْقِيَاءُ اسْتِفَانُوس وَعَمِلُوا عَلَيْهِ مَنَاحَةً عَظِيمَةً. 3 وَأَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ يَسْطُو عَلَى الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ يَدْخُلُ الْبُيُوتَ وَيَجُرُّ رِجَالًا وَنِسَاءً وَيُسَلِّمُهُمْ إِلَى السِّجْنِ.
+ شَاوُلُ كان من ضمن زعماء الاضطهاد، "فَكَانَ يَسْطُو عَلَى الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ يَدْخُلُ الْبُيُوتَ وَيَجُرُّ رِجَالًا وَنِسَاءً وَيُسَلِّمُهُمْ إِلَى السِّجْنِ "، هذا الكلام صعب جدًا ذكره الكتاب عن بولس الرسول (شَاوُلُ قبل أن يعرف المسيح)!! كان من صفاته أنه كان مفتريًا!! وهذا ما قاله عن نفسه فيما بعد في رسالته الثانية لتلميذه تيموثاوس: "أَنَا الَّذِي كُنْتُ قَبْلًا مُجَدِّفًا وَمُضْطَهِدًا وَمُفْتَرِيًا. وَلكِنَّنِي رُحِمْتُ، لأَنِّي فَعَلْتُ بِجَهْل فِي عَدَمِ إِيمَانٍ" (2تي 1: 13) مجدف أي يُهين ربنا!!
4 فَالَّذِينَ تَشَتَّتُوا جَالُوا مُبَشِّرِينَ بِالْكَلِمَةِ.
+ أيضًا هذه الآية من الآيات الجميلة جدًا في سفر الأعمال. المفترض أن الذين تعرضوا للإهانة والبهدلة وتركوا بيوتهم وخسروا الكثير، يصابوا بالإكتئاب أو الحزن أو الحسرة على حالهم، ولكن الغريب أن الكتاب يقول عن هؤلاء الذين تشتتوا من جراء الضيق " جَالُوا مُبَشِّرِينَ بِالْكَلِمَةِ" !! أي كل قرية كانوا يدخلوها كانوا يكلمون الناس عن الرب يسوع!!
+ يتضح من ذلك أن الكنيسة لم تفقد حماسها بالرغم من شدة الاضطهاد، وتحول الشعب إلى كارزين!! وهذا هو الشيء الغير متوقع الذي يحدث بعد كل اضطهاد! تاريخ الكنيسة كله يحكي لنا أنه كلما جاء اضطهاد على الكنيسة، يتوقع الظالمين أن الكنيسة ستنكمش، وتخسر، وتضعف وتقل، ولكن يحدث العكس! كلما زاد الاضطهاد على المسيحيين كلما انتشرت المسيحية، وكلما ازدادت الكنيسة قوة وتحول المسيحيين العاديين إلى كارزين!!
هذه الملاحظة غريبة جدًا حتى أن أحد المؤرخات الشهيرات جدًا وتدعى "مسز بوتشر" Mrs. Butcher قالت: "إن الذي يدرس تاريخ الأقباط بالذات يكتشف القاعدة التي تقول أن دماء الشهداء بذار الكنيسة". أي كلما سقط شهيد كلما انتشرت الكنيسة ونمت وليس العكس! ففي يوم استشهاد القديسة دميانة مثلًا، آمن 3000 شخص!
5 فَانْحَدَرَ فِيلُبُّسُ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ السَّامِرَةِ وَكَانَ يَكْرِزُ لَهُمْ بِالْمَسِيحِ.
+ "فِيلُبُّسُ": يُعْتَقَد أنه كان أحد الشمامسة السبع، الذين تم اختيارهم وذكرت أسمائهم في (أع 6: 5) وجاء اسمه بعد اسم "اسْتِفَانُوس" مباشرة. كان "فِيلُبُّسُ" من الذين تشتتوا بعد استشهاد "اسْتِفَانُوس" فذهب إلى "السَّامِرَةِ". سبق أن قلنا أن أورشليم كانت في مقاطعة اليهودية التي تليها إلى الشمال السامرة ثم الجليل.
6 وَكَانَ الْجُمُوعُ يُصْغُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِلَى مَا يَقُولُهُ فِيلُبُّسُ عِنْدَ اسْتِمَاعِهِمْ وَنَظَرِهِمُ الآيَاتِ الَّتِي صَنَعَهَا، 7 لأَنَّ كَثِيرِينَ مِنَ الَّذِينَ بِهِمْ أَرْوَاحٌ نَجِسَةٌ كَانَتْ تَخْرُجُ صَارِخَةً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ. وَكَثِيرُونَ مِنَ الْمَفْلُوجِينَ وَالْعُرْجِ شُفُوا. 8 فَكَانَ فَرَحٌ عَظِيمٌ فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ.
+ "فِيلُبُّسُ" أيضًا صار يصنع آيات. صارت المدينة كلها فرحة جدًا لأن الرب أعطى على يد "فِيلُبُّسُ" شفاءً للمرضى، وكثيرين من الذين بهم أرواح شريرة نالوا الشفاء وخرجت منهم الأرواح الشريرة! أُعجب السامريين بشخصية فيلبس وإمكانياته فسمعوا له وتأثروا بكلامه، وقبلوا الإيمان.
+ وكأن الروح القدس يُسلم الراية من شخص إلى شخص! فبعد استشهاد "اسْتِفَانُوس" الذي كان مملوءًا حكمة، وكان قوي الحجة، ولديه موهبة خطابة، ويصنع معجزات، ظهر قديس وكارز عظيم غيره مثل "فِيلُبُّسُ" وكأنه انطلق آخذًا روح استفانوس!!
فالكنيسة ولوده ولا يمكن أن تنتهي بنهاية حياة أي قديس على الأرض، عندما سافر مارجرجس إلى السماء، ظهر مارمينا العجائبي، الله لا تفرغ خزائنه أبدًا!
+ علينا أن نتذكر أن السامريين مختلفين عن اليهود لأن إيمانهم منحرف بالنسبة لليهود، لذلك لا يحبهم اليهود، وهم أيضًا لا يتعاملون مع اليهود، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. وقد ظهر هذا العداء في قصة السامرية، عندما رجع التلاميذ ووجدوا الرب يسوع يتكلم مع السامرية تعجبوا بل استنكروا ذلك.
وأيضًا عندما أراد الرب يسوع أن يهد كبرياء اليهود أعطاهم مثل السامري الصالح الذي أظهر فيه أن السامري الصالح أفضل من الكاهن واللاوي اليهودي.
فانتقال الكرازة من اليهودية كان إجباريًا لأن الذين تشتتوا (منهم فيلبس) خرجوا من اليهودية وزحفوا إلى المناطق الشبه يهودية وهي السامرة، وبالرغم من هذا العداء قبل السامريين الإيمان ببساطة، وفرحوا بالمعجزات.
9 وَكَانَ قَبْلًا فِي الْمَدِينَةِ رَجُلٌ اسْمُهُ سِيمُونُ، يَسْتَعْمِلُ السِّحْرَ وَيُدْهِشُ شَعْبَ السَّامِرَةِ، قِائِلًا إِنَّهُ شَيْءٌ عَظِيمٌ!.
+ في هذا الزمن كان السحرة يخدعون الناس وكانوا أحيانًا يقومون بعمل أشياء غريبة أو خارقة بالتعامل مع الشياطين (فالسحر ما هو إلا قدرة على الخداع، أو تعامل مع الشياطين، لكن أغلب السحر المنتشر هو أنواع من الخداع الحسي). وكان هذا السحر بالنسبة للناس شيء عظيم جدًا!
10 وَكَانَ الْجَمِيعُ يَتْبَعُونَهُ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ قَائِلِينَ:«هذَا هُوَ قُوَّةُ اللهِ الْعَظِيمَةُ». 11 وَكَانُوا يَتْبَعُونَهُ لِكَوْنِهِمْ قَدِ انْدَهَشُوا زَمَانًا طَوِيلًا بِسِحْرِهِ.
+ سذاجة الناس جعلتهم يظنون أن سيمون الساحر يمثل " قُوَّةُ اللهِ الْعَظِيمَةُ" وظلوا سنين طويلة يؤمنون بذلك. لأنهم كان لديهم نوع من الإيمان بالله، فتصوروا أن سيمون نبي أو يحمل قوة روحية.
12 وَلكِنْ لَمَّا صَدَّقُوا فِيلُبُّسَ وَهُوَ يُبَشِّرُ بِالأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ وَبِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، اعْتَمَدُوا رِجَالًا وَنِسَاءً.
+ معنى ذلك أنهم كفوا عن السير خلف سيمون الساحر وبدأوا يعتمدوا بأعداد كبيرة رجال ونساء.
13 وَسِيمُونُ أَيْضًا نَفْسُهُ آمَنَ. وَلَمَّا اعْتَمَدَ كَانَ يُلاَزِمُ فِيلُبُّسَ، وَإِذْ رَأَى آيَاتٍ وَقُوَّاتٍ عَظِيمَةً تُجْرَى انْدَهَشَ.
+ "وَسِيمُونُ أَيْضًا نَفْسُهُ آمَنَ": وسيمون أيضًا نفسه سمع كلام فيلبس فآمن بكلامه.
+ "وَلَمَّا اعْتَمَدَ كَانَ يُلاَزِمُ فِيلُبُّسَ" سيمون عندما رأى أن الكثيرين تبعوا فيلبس، لازم فيلبس لأن فيلبس كان يعظ ويصنع معجزات وهو الذي يُعمد.
+ البعض يتساءل كيف كان فِيلُبُّسَ يُعمِّد وهو شماس؟! هناك تغيرات حدثت في الطقس مع التاريخ وتغير الظروف، فيُعْتَقَد أن الشمامسة السبع بالذات أعطاهم التلاميذ سلطان المعمودية، لكن ليس سلطان وضع اليد الذي هو إعطاء الروح القدس. لذلك تعتبر الشموسية درجة من درجات الكهنوت (بداية الكهنوت) لأن الشماس يخدم على المذبح.
أيضًا في زمن ما في تاريخ الكنيسة كان الكاهن يُعمِّد الداخلين للإيمان لكن لا يحق له أن يمسحهم بالميرون، فليس لأحد سلطان المسح بالميرون إلا الأسقف.
وحتى الآن الذي يُدشِّن الكنيسة لابد أن يكون أسقف وليس كاهن. فالكنيسة بطقسها مرنة تتعامل مع الظروف، وروح ربنا يسوق الكنيسة لكي ينشر الكرازة وينشر الإيمان بحكمته.
+ "وَإِذْ رَأَى آيَاتٍ وَقُوَّاتٍ عَظِيمَةً تُجْرَى انْدَهَشَ": سيمون أصبح ملازمًا لفيلبس ينظر إلى ما يفعله فِيلُبُّسَ ويندهش.
14 وَلَمَّا سَمِعَ الرُّسُلُ الَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ أَنَّ السَّامِرَةَ قَدْ قَبِلَتْ كَلِمَةَ اللهِ، أَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا، 15 اللَّذَيْنِ لَمَّا نَزَلاَ صَلَّيَا لأَجْلِهِمْ لِكَيْ يَقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ، 16 لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَلَّ بَعْدُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا مُعْتَمِدِينَ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ. 17 حِينَئِذٍ وَضَعَا الأَيَادِيَ عَلَيْهِمْ فَقَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ.
+ الآباء الرسل في أورشليم سمعوا أن السامرة قبلت الإيمان وكثير من الناس اعتمدت باسم الرب يسوع (عمدًّهم فيلبس لكن لم يعطهم الروح القدس)، فأرسلوا بطرس ويوحنا للسامرة لكي يطمئنوا على الكنيسة فصلوا لأجل الذين اعتمدوا لكي يقبلوا الروح القدس (أعطوهم الروح القدس) وحل الروح القدس على كل الذين اعتمدوا.
+ " اللَّذَيْنِ لَمَّا نَزَلاَ (بطرس ويوحنا) صَلَّيَا ... حِينَئِذٍ وَضَعَا الأَيَادِيَ عَلَيْهِمْ فَقَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ" يظهر من ذلك أن وضع اليد والصلاة تعطي الروح القدس.
+ أيضًا من خلال هذه الآيات يظهر بوضوح أن الكنيسة أو الروح القدس يوزع السلطات والمواهب. لذلك مما يدعو للدهشة أن البعض يقول: "لا يوجد ما يُسمى كهنوت"! إذا كان لا يوجد كهنوت، فما الداعي أن يأتي بطرس ويوحنا إلى السامرة؟! كان من الممكن أن يضع أي شخص يده على المُعمدين ويعطيهم الروح القدس!! بعض الطوائف تفعل هذا!! يضع الشخص يده على رأسه ويقول: "أنا بطريرك"!!
هناك شخص في مصر فعل ذلك!! أقام نفسه بطريركًا ويقوم برسامة ناس!! بالطبع هذا كلام لا يتفق مع ما جاء في الكتاب المقدس، لأن المسيح له نظامه والكنيسة لها نظامها. وشخص مثل فِيلُبُّسَ لم يشعر بالغيرة يومًا ما، ولم يخطر بباله أبدًا أن يأخذ مكان بطرس ويوحنا. فليس لدى الرسل هذه الروح أبدًا. فِيلُبُّسَ كان يبشر والله أعطى له نعمة كبيرة، فهو يقوم بدوره ويترك غيره يقوم بدور آخر. لم يكن بين الرسل أبدًا شعور من الأفضل أو من القائد، فهذه كلها أفكار الدنيا وليست أفكار الله.
فِيلُبُّسَ المذكور في هذه الآيات هو "فِيلُبُّسَ الشماس أو فِيلُبُّسَ المبشر" وليس "فِيلُبُّسَ الرسول (أحد التلاميذ الاثني عشر)".
+ أحد الرسل يُدعى فِيلُبُّسَ ولكن كما ذكرنا أغلب التفاسير تقول أن فِيلُبُّسَ الذي تكلم عنه القديس لوقا في هذه الآيات هو أحد الشمامسة السبع الذين اختارهم الرسل وذكرت أسمائهم في (أع 6: 5) وجاء اسمه بعد اسم "اسْتِفَانُوس" مباشرةً. ويتضح هذا من قول لوقا البشير: "وَلَمَّا سَمِعَ الرُّسُلُ الَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ...." فلو كان فِيلُبُّسَ الذي تتحدث عنه هذه الآيات هو أحد الرسل (أي ذو رتبة كهنوتية حينها تسمح له بسر التثبيت) كان قد وضع اليد على المُعمدين مباشرة، وما كانت هذه الآيات قد ذُكرت. فواضح أن هذا "فِيلُبُّسَ الشماس" ويسمى أيضًا "فِيلُبُّسَ المبشر" فيما بعد وهو غير "فِيلُبُّسَ الرسول (التلميذ)".
18 وَلَمَّا رَأَى سِيمُونُ أَنَّهُ بِوَضْعِ أَيْدِي الرُّسُلِ يُعْطَى الرُّوحُ الْقُدُسُ قَدَّمَ لَهُمَا دَرَاهِمَ 19 قَائِلًا:«أَعْطِيَانِي أَنَا أَيْضًا هذَا السُّلْطَانَ، حَتَّى أَيُّ مَنْ وَضَعْتُ عَلَيْهِ يَدَيَّ يَقْبَلُ الرُّوحَ الْقُدُسَ».
+ سيمون رأى قوة الروح القدس، وهو يفهم جيدًا معنى القوة الروحية، ورأى المعجزات التي يفعلها فِيلُبُّسَ وسلطان بطرس ويوحنا في إعطاء قوة الروح القدس لمن اعتمدوا.
+ سيمون كان قد آمن واعتمد، لكن إيمانه كان غير سليم، لأن له غرض، كان يريد أن يأخذ هذا السلطان ويصير مثل بطرس ويوحنا له سلطان إعطاء الروح القدس، حتى يعود لمكانته الأولى لدى الناس، فقد ظل لسنين طويلة يظنون أن له "قُوَّةُ اللهِ الْعَظِيمَةُ" وكانوا يتبعونه لسنين طويلة.
+ لذلك طلب أن يعطيه بطرس ويوحنا هذا السلطان في مقابل مادي!!!
+ "أَعْطِيَانِي أَنَا أَيْضًا هذَا السُّلْطَانَ" إذن واضح أن هذا سلطان إعطاء الروح القدس ليس للكل، فقط للآباء الرسل ومنهم للآباء الأساقفة، من جيل إلى جيل.
+ ما فعله سِيمُونُ الساحر سُمي على مستوى تاريخ الكنيسة السيمونية، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. كل شخص يحاول شراء رتبة من الرتب الكهنوتية يكون قد وقع في السيمونية، مثل شخص يذهب لبطريرك ويعرض عليه مبلغ مالي مقابل أن يقوم برسمه أسقف!! بالطبع هذه المحاولات تكون سيئة الغرض، لأن الذي سيحاول شراء رتبة كهنوتية، لا يمكن أن تكون لديه أي مبادئ روحية فهو فقط يُريد مركز في الكنيسة.
وقد تكررت تلك المحاولات عبر تاريخ الكنيسة مرات عديدة، سواء على مستوى كنيستنا القبطية أو غيرها. ولكن كل من سار في هذا الطريق لحقته اللعنة الإلهية، لأن ذلك مرفوض تمامًا في الكنيسة، وهذا ما سيظهر فيما يلي.
20 فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ:«لِتَكُنْ فِضَّتُكَ مَعَكَ لِلْهَلاَكِ، لأَنَّكَ ظَنَنْتَ أَنْ تَقْتَنِيَ مَوْهِبَةَ اللهِ بِدَرَاهِمَ!
+ القديس بطرس معروف أنه صارم في مثل هذه الأمور، لعلنا نتذكر قصة حنانيا وسفيرة (أع 5)، فإن كان حنانيا وسفيرة وقعا ميتين بسبب طمعهما في أموال الكنيسة، فما بالك سِيمُونُ الذي أراد اقتناء سلطان عطية الروح القدس!
+ بالطبع القديس بطرس لا يمكن أن تغريه الأموال، فهو الذي قال للأعرج: "لَيْسَ لِي فِضَّةٌ وَلاَ ذَهَبٌ، وَلكِنِ الَّذِي لِي فَإِيَّاهُ أُعْطِيكَ.." (أع3: 6)، وشفاه فكانت هذه المعجزة سبب إيمان الكثيرين وتسببت في إرباك اليهود، كل هذا بسبب أنه لا يسير بذهب أو فضة! فمهما عرض عليه سِيمُونُ من دراهم لا يمكن أن تُغريه.
+ فقال القديس بطرس لسِيمُونُ: "لِتَكُنْ فِضَّتُكَ مَعَكَ لِلْهَلاَكِ،.... " أي احتفظ بها معك لتنتفع بها في جهنم! كلمة شديدة!
+ "لأَنَّكَ ظَنَنْتَ أَنْ تَقْتَنِيَ مَوْهِبَةَ اللهِ بِدَرَاهِمَ!" أي مجرد اعتقادك انك تستطيع أن تأخذ موهبة الله بدراهم، تستحق عليه الهلاك! إذن القديس بطرس تصدى لهذه الفكرة بشدة. لا يمكن أن تُقتَنى المواهب الروحية بالمال. ليس المال أبدًا هو الذي يعطي موهبة روحية، لا يمكن لأي إنسان أن يشتري نعمة من الرب بالمال!
21 لَيْسَ لَكَ نَصِيبٌ وَلاَ قُرْعَةٌ فِي هذَا الأَمْرِ، لأَنَّ قَلْبَكَ لَيْسَ مُسْتَقِيمًا أَمَامَ اللهِ.
+ بالرغم من أن سِيمُونُ آمن واعتمد (أع8: 13) إلا أن قلبه لم يكن نقيًا أمام الله لذلك قال له القديس بطرس: لا يكون لك نصيب في الكهنوت معنا، لأن قلبك غير مستقيم أمام الله!
+ هذا يدل على أن: ليس كل من آمن واعتمد يكون مقبولًا أمام الله، وليس كل من آمن واعتمد يسير في طريق الله باستقامة. وهذا رد على من يقولون من آمن واعتمد خلص (مثل بعض الطوائف البروتستانتية). ففكرة أن المؤمن لا يمكن أن يسير في طريق الخطيئة، هذه فكرة خاطئة، أو المؤمن لا يمكن أن يهلك، كل هذا كلام غير سليم وغير حقيقي، لأن الذي آمن واعتمد إذا لم يسير في الطريق المستقيم سيهلك.
+ "لَيْسَ لَكَ نَصِيبٌ وَلاَ قُرْعَةٌ": لماذا ذكر القديس بطرس كلمة " قُرْعَةٌ"؟ قد يكون سِيمُونُ طلب من القديس بطرس أن يُدخلوه معهم بالقرعة كما كان الأمر مع متياس، وبالطبع يقصد مقابل الدراهم التي يعرضها!! وبعد أن وبخه القديس بطرس أراد كراعي أن يرشده للطريق السليم قائلًا:
22 فَتُبْ مِنْ شَرِّكَ هذَا، وَاطْلُبْ إِلَى اللهِ عَسَى أَنْ يُغْفَرَ لَكَ فِكْرُ قَلْبِكَ، 23 لأَنِّي أَرَاكَ فِي مَرَارَةِ الْمُرِّ وَرِبَاطِ الظُّلْمِ».
+ أي ليس لك حل إلا التوبة عن هذا الشر، لعل الله يُسامحك على هذه الفكرة الشريرة. مجرد فكرة أخذ موهبة ربنا مقابل مال، تعتبر خطيئة كبيرة جدًا لأن دافعها حب المال، وحب السلطة، وأيضًا تحوي خطية كبيرة جدًا هي وضع المال في كفه وموهبة الروح القدس في الكفة الأخرى! فهذه إهانة شديدة جدًا لربنا! فهذه الفكرة تحمل مجموعة من الخطايا!!! لذلك قال له بطرس أيضًا:
+ "23لأَنِّي أَرَاكَ فِي مَرَارَةِ الْمُرِّ وَرِبَاطِ الظُّلْمِ". الكنيسة عجبتها كلمة "رِبَاطِ الظُّلْمِ" وأصبحت تقولها في التحليل: "إقطع كل رِباطات خطايانا". فالإنسان عندما تسيطر عليه الأفكار الشيطانية (مثل فكر الانتقام أو الكراهية أو محبة المال أو أي فكرة شريرة) يكون كالمربوط أو المُقيد! وليس له علاج إلا التوبة.
24 فَأَجَابَ سِيمُونُ وَقَالَ:«اطْلُبَا أَنْتُمَا إِلَى الرَّبِّ مِنْ أَجْلِي لِكَيْ لاَ يَأْتِيَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْتُمَا».
+ من ممكن أن يكون الكلام الشديد اللي قاله بطرس أخاف سِيمُونُ فطلب منه ومن يوحنا أنا يصليا من أجله حتى لا يقع عليه عقوبة من الله. لكن التاريخ يقول لنا أن هذا الرجل لم يتب وأكمل في طريق الانحراف، ولذلك استمرت الكنيسة في إطلاق اسم السيمونية على طريقته، ولعله إن كان قد قدم توبة وسلك في طريق الاستقامة لتوقفت الكنيسة عن إطلاق اسم سيمونية على هذا السلوك احترامًا لتوبته واستقامة سلوكه.
+ مما يؤكد أن الله هو الذي كان يسوق الأحداث والكنيسة وليس بطرس، هو أن حنانيا الذي كذب على الروح القدس كانت عقوبته الموت بينما في سيمون الذي أراد أن يقتني موهبة الروح القدس بالمال لم يُنهي الله حياته. فبطرس رسالته واحده، هي أن يوجه الخاطئ، ويرشده للتوبة والطريق السليم، لكن الله هو الذي يحكم على كل شخص بالطريقة التي تناسب الموقف حسب حكمته، لأنه هو "فَاحِصَ الْقُلُوبِ وَالْكُلَى" (مز 7: 9). وعلينا ألا ننسى أن في قصة حنانيا كانت الكنيسة في بداية نشأتها ويقول لنا الكتاب: "صَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذلِكَ" (أع 5: 5)، كل الناس خافت من الرياء، وشعروا أنهم إما يعيشوا صادقين مع الله، أو ستنتهي حياتهم! التمثيل والرياء مرفوضين من الله. أما الموضوع بالنسبة لسيمون فمختلف لأن سيمون أدخل بدعة جديدة على الكنيسة وهي شراء الرتب الكهنوتية بالمال وهي بدعة من الطبيعي أن تكون مرفوضة من كل الكنيسة شعب وخدام.
25 ثُمَّ إِنَّهُمَا (القديسين بطرس ويوحنا) بَعْدَ مَا شَهِدَا وَتَكَلَّمَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ، رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ وَبَشَّرَا قُرىً كَثِيرَةً لِلسَّامِرِيِّينَ.
+ القديسين بطرس ويوحنا لا يكفا عن التبشير والكرازة فبعد أن قاما بمهمتهما في السامرة بوضع الأيدي وإعطاء الروح القدس للمعمدين في السامرة، ظلا يبشرا ويكرزا في السامرة وقرى كثيرة للسامريين أثناء عودتهما لأورشليم.
26 ثُمَّ إِنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ كَلَّمَ فِيلُبُّسَ قِائِلًا: «قُمْ وَاذْهَبْ نَحْوَ الْجَنُوبِ، عَلَى الطَّرِيقِ الْمُنْحَدِرَةِ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى غَزَّةَ الَّتِي هِيَ بَرِّيَّةٌ».
+ نلاحظ أن سفر الأعمال يكلمنا في بدايته عن كرازة بطرس ثم استفانوس وبعد استشهاد استفانوس، ظهر فيلبس ككارز، وسيكلمنا عن بطرس أصحاح آخر، ثم يبدأ في الكلام عن بولس الرسول وكرازته ويستمر الكلام عنه حتى نهاية سفر الأعمال.
+ " مَلاَكَ الرَّبِّ كَلَّمَ فِيلُبُّسَ قِائِلًا: «قُمْ وَاذْهَبْ نَحْوَ الْجَنُوبِ، عَلَى الطَّرِيقِ الْمُنْحَدِرَةِ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى غَزَّةَ الَّتِي هِيَ بَرِّيَّةٌ ". عندما نتطلع إلى خريطة فلسطين نجد أن القدس تنحدر جنوبًا نحو غزة، ثم مصر، ثم السودان، ثم الحبشة. فكان هناك رجل حبشي جاء من أقصى الجنوب (الحبشة) ليحج في أورشليم، وأثناء عودته كلم ملاك الرب فيلبس ليترك السامرة ويلتقي بهذا الرجل في الطريق المنحدرة من أورشليم إلى غزة (مأمورية عاجلة!).
+ نلاحظ أن ملاك الرب يسوق القديسين، جعل فيلبس يترك مؤقتًا كرازته في السامرة ليقوم بمهمة عاجلة بهدف توصيل الإيمان للحبشة عن طريق هذا الإنسان الحبشي، فبدلًا من أن يجعل فِيلُبُّسَ يسافر للحبشة جعله يلتقي بهذا الإنسان في طريق عودته للحبشة (عَلَى الطَّرِيقِ الْمُنْحَدِرَةِ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى غَزَّةَ الَّتِي هِيَ بَرِّيَّةٌ)!
27 فَقَامَ وَذَهَبَ. وَإِذَا رَجُلٌ حَبَشِيٌّ خَصِيٌّ، وَزِيرٌ لِكَنْدَاكَةَ مَلِكَةِ الْحَبَشَةِ، كَانَ عَلَى جَمِيعِ خَزَائِنِهَا. فَهذَا كَانَ قَدْ جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيَسْجُدَ.
+ "رَجُلٌ حَبَشِيٌّ خَصِيٌّ، وَزِيرٌ لِكَنْدَاكَةَ مَلِكَةِ الْحَبَشَةِ": كانت تحكم الحبشة في ذلك الوقت ملكة، وكان الوزراء في بلاد الحبشة أحيانًا يكونوا "خصيان" لأنهم يدخلوا بيت الملكة ويتعاملوا معها.
+ "كَانَ عَلَى جَمِيعِ خَزَائِنِهَا": منصب مثل رئيس الديوان
+ "فَهذَا كَانَ قَدْ جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيَسْجُدَ": ما دام قد جاء لأورشليم ليسجد إذًا فهو رجل يهودي ولكنه يعيش في الحبشة، كما سبق أن تكلمنا عن اليهود من اليونان، ومثل بولس فهو يهودي من طرسوس سوريا (يهود الشتات).
28 وَكَانَ رَاجِعًا وَجَالِسًا عَلَى مَرْكَبَتِهِ وَهُوَ يَقْرَأُ النَّبِيَّ إِشَعْيَاءَ.
+ كان راجعًا في البرية (الطَّرِيقِ الْمُنْحَدِرَةِ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى غَزَّةَ) متجهًا إلى الجنوب. وغالبًا مركبته عبارة عن عربة تجرها عدة أحصنة.
29 فَقَالَ الرُّوحُ لِفِيلُبُّسَ:«تَقَدَّمْ وَرَافِقْ هذِهِ الْمَرْكَبَةَ».
+ هذه الآية جميلة لأنها تُرينا إلى أي مدى كان القديسين مسوقين من الروح القدس؟!!! لا نعرف كيف كلم الروح فِيلُبُّسَ؟! وكيف سمع فِيلُبُّسَ الروح؟! لكن واضح جدًا أن الله كان يُحرك الرسل وكان الرسل يعرفون جيدًا صوت الله ويسمعونه جيدًا ويتجاوبون معه، وهذا من أسرار عظمة الكنيسة الأولى، وسنعرف فيما بعد من سفر الأعمال كيف أن الروح كان يكلم بولس ويمنعه من دخول بعض البلاد أو يأمره بدخول بعض البلاد!!!
30 فَبَادَرَ إِلَيْهِ فِيلُبُّسُ، وَسَمِعَهُ يَقْرَأُ النَّبِيَّ إِشَعْيَاءَ، فَقَالَ:«أَلَعَلَّكَ تَفْهَمُ مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟»
+ يبدو أن اليهود كان عندهم عادة القراءة بصوت عال، مثل نظام القراءات أي التلاوة. فكان يقرأ أصحاح 53 في إشعياء الذي هو أدق أصحاح يتكلم عن المسيح في العهد القديم كله، أوضح أصحاح عن الصليب.
+ فَقَالَ له:«أَلَعَلَّكَ تَفْهَمُ مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟»: فِيلُبُّسُ سأل الرجل الحبشي إذا كان يفهم ما يقرأ أم لا.
31 فَقَالَ:«كَيْفَ يُمْكِنُنِي إِنْ لَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ؟». وَطَلَبَ إِلَى فِيلُبُّسَ أَنْ يَصْعَدَ وَيَجْلِسَ مَعَهُ.
+ "فَقَالَ:«كَيْفَ يُمْكِنُنِي إِنْ لَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ؟»: كان الرجل متواضع فرد على فِيلُبُّسَ قائلًا بصراحة لأ، كيف أفهم إذا لم يرشدني أحد؟! وهذا الاعتراف بعدم الفهم جميل، يعني إذا لم يفهم أحد ما يقرأه واعترف وطلب الإرشاد أو التفسير، فهذا شيء جميل وليس فيه أي مشكلة فوزير كنداكه الذي كان رجل متدين ويسجد في أورشليم ويهودي قال أنا لا أفهم ما يقوله الأنبياء، وطلب الإرشاد أو التفسير.
+ "وَطَلَبَ إِلَى فِيلُبُّسَ أَنْ يَصْعَدَ وَيَجْلِسَ مَعَهُ": طلب أن يركب معه، يبدو أنه استنتج أن فِيلُبُّسَ يعرف ويفهم ما يقوله الأنبياء.
32 وَأَمَّا فَصْلُ الْكِتَابِ الَّذِي كَانَ يَقْرَأُهُ فَكَانَ هذَا:«مِثْلَ شَاةٍ سِيقَ إِلَى الذَّبْحِ، وَمِثْلَ خَرُوفٍ صَامِتٍ أَمَامَ الَّذِي يَجُزُّهُ هكَذَا لَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. 33 فِي تَوَاضُعِهِ انْتُزِعَ قَضَاؤُهُ، وَجِيلُهُ مَنْ يُخْبِرُ بِهِ؟ لأَنَّ حَيَاتَهُ تُنْتَزَعُ مِنَ الأَرْضِ» 34 فَأَجَابَ الْخَصِيُّ فِيلُبُّسَ وَقَالَ:«أَطْلُبُ إِلَيْكَ: عَنْ مَنْ يَقُولُ النَّبِيُّ هذَا؟ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ عَنْ وَاحِدٍ آخَرَ؟» 35 فَفَتَحَ فِيلُبُّسُ فَاهُ وابْتَدَأَ مِنْ هذَا الْكِتَابِ فَبَشِّرَهُ بِيَسُوعَ
+ "وَقَالَ (الرجل الحبشي لفيلبس):«أَطْلُبُ إِلَيْكَ: عَنْ مَنْ يَقُولُ النَّبِيُّ هذَا؟ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ عَنْ وَاحِدٍ آخَرَ؟": أي هل إشعياء كان يتكلم عن نفسه أم عن شخص آخر؟! بهذا السؤال قصَّر الرجل الحبشي على فيلبس المسافة جدًا، فهو يعرف النبوة ويريد أن يعرف عمن تتكلم.
+ بالطبع هاتين الآيتين اللتان كان يقرأهما الرجل الحبشي من سفر إشعياء (إش 53: 7، 8) تنطبقان على السيد المسيح جدًا:
"مِثْلَ شَاةٍ سِيقَ إِلَى الذَّبْحِ": أي ساقوه مثل الخروف الصامت، لا يريد أن يتكلم، حتى أن بيلاطس كان يقول له: لماذا أنت صامت ألا ترى كم يشتكون عليك؟! ونص الآيات: "أوْثَقُوهُ وَمَضَوْا بِهِ وَدَفَعُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ الْوَالِي.... وَبَيْنَمَا كَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ لَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَمَا تَسْمَعُ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ؟»فَلَمْ يُجِبْهُ وَلاَ عَنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، حَتَّى تَعَجَّبَ الْوَالِي جِدًّا" (مت27: 2، 12-14) .
"فِي تَوَاضُعِهِ انْتُزِعَ قَضَاؤُهُ": أي باتضاعه الشديد جدًا أخذ الحكم الذي يريده وهو حكم الخلاص لكل البشرية، قضاء العدل الذي حُكم به الرب على آدم وكل بنيه: "وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ" (تك 2: 17)، هذا الحكم الذي رفعه الرب يسوع عنا عندما مات عوضًا عنا فانتزع القضاء، باتضاعه، بتنازله، بصليبه.
"وَجِيلُهُ مَنْ يُخْبِرُ بِهِ؟" في وقتها لم يكن أحد يستطيع أن يدرك أن هذا هو الإله الحقيقي الذي جاء ليموت عنا! فجيله من يخبر به؟ لذلك يقول إشعياء في بداية أصحاح 53 "مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا، وَلِمَنِ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ؟" (إش 53: 1) أي من يُصّدِق الذي نقوله؟! من يُصدِّق أن الشخص المُعلق على الصليب كمجرم هو ربنا الذي خلق هذه الدنيا دي كلها؟! ". "وَلِمَنِ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ؟" أي في ذلك الجيل في ذلك الوقت في ذلك اليوم من يستطيع أن يفهم أو يستوعب خطتك يا رب؟! لم يكن هناك من يستطيع أن يستوعب ما يحدث.
+ بشر فِيلُبُّسُ الرجل الحبشي فآمن بالرب يسوع وآمن بقيامته.
36 وَفِيمَا هُمَا سَائِرَانِ فِي الطَّرِيقِ أَقْبَلاَ عَلَى مَاءٍ، فَقَالَ الْخَصِيُّ:«هُوَذَا مَاءٌ. مَاذَا يَمْنَعُ أَنْ أَعْتَمِدَ؟»
+ وكما قلنا فيما قبل أنه في الكرازة أول خطوة تتم بعد الإيمان بيسوع المسيح كمخلص وموته وقيامته، هي التوبة والمعمودية. وبما أن هذا الرجل الحبشي رجل يحيا حياة التوبة، بدليل أنه جاء من الحبشة قاطعًا مشوار طويل جدًا ليسجد في أورشليم، فهو يُريد أن يرضي الله بكل كيانه طول حياته، فبمجرد أن سمع كلام فِيلُبُّسُ عن المسيح ووجدوا في الطريق ماء طلب أن يعتمد! نلاحظ أن الروح القدس قد رتب الأمور بدقة شديدة!!
37 فَقَالَ فِيلُبُّسُ:«إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ يَجُوزُ». فَأَجَابَ وَقَالَ:«أَنَا أُومِنُ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ ابْنُ اللهِ».
+ "فَقَالَ فِيلُبُّسُ:«إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ يَجُوزُ»": أي لو أو آمنت الإيمان الصحيح بالرب يسوع أنه الإله الحقيقي الذي تحدثت عنه النبوات، والذي تجسد وفدانا على الصليب وقام من الأموات وصعد للسماء، ، يجوز لك أن تعتمد.
+ فَأَجَابَ (الرجل الحبشي) وَقَالَ:«أَنَا أُومِنُ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ ابْنُ اللهِ»: وهذا هو أصغر قانون إيمان. إيسوس خرستوس ثيئؤس إيوس سوتير وترجمتها (يسوع المسيح ابن الله مخلصنا أو المخلص)، هذه الخمس كلمات مختصر المسيحية.
+ لذلك كانوا يرسمون السمكة (إخثيس ixquc) كرمز للمسيحيين أو الإيمان المسيحي، لأن اسمها يتكون من الحروف الأولى من الكلمات (إيسوس خرستوس ثيئوس إيوس سوتير Ἰησοῦς Χριστός, Θεοῦ Υἱός, Σωτήρ).
+ وهذا ما يُطبق في طقس المعمودية، لا بُد أن يعترف الإنسان بإيمانه أولًا. حيث يرفع الكاهن الصليب ويقول الآتي ويردد الكلام وراءه الشخص الذي سيتعمد: أؤمن بإله واحد، الله الآب ضابط الكل، وابنه الوحيد يسوع المسيح ربنا، والروح القدس المحيي، وقيامة الجسد، والكنيسة الواحدة. لا بد أن يعترف الشخص الذي سيعتمد بالإيمان قبل أن يعتمد.
في حالة عماد الأطفال يسأل الكاهن الأب والأم نيابة عن طفلهما": هل يؤمن؟ فيردوا: "آمنت" ولا بد أن يكررها الكاهن 3 مرات ويجيبوا 3 مرات. وأيضًا في حالة تعميد الكبار يسأل الكاهن: "أتؤمن" فيرد قائلًا "أؤمن" ويُكرر هذا 3 مرات.
+ هذا أيضًا منا نفعله في التناول حيث يقول الكاهن: "أؤمن، أؤمن، أؤمن واعترف أن هذا هو الجسد المحيي الذي لابنك الوحيد ربنا ....."، كان زمان الشعب كله يقولها مع أبونا، وما زال حتى الآن في القرى الشعب يردد مع الكاهن هذا الاعتراف بالإيمان بأن هذا جسد حقيقي ليسوع المسيح ابن الله.
38 فَأَمَرَ أَنْ تَقِفَ الْمَرْكَبَةُ، فَنَزَلاَ كِلاَهُمَا إِلَى الْمَاءِ، فِيلُبُّسُ وَالْخَصِيُّ، فَعَمَّدَهُ.
+ بالطبع الوزير أوقف المركبة، ونزل فيلبس والخصي فعمده. وبمجرد أن عمده انتهت المأمورية فيقول الكتاب:
39 وَلَمَّا صَعِدَا مِنَ الْمَاءِ، خَطِفَ رُوحُ الرَّبِّ فِيلُبُّسَ، فَلَمْ يُبْصِرْهُ الْخَصِيُّ أَيْضًا، وَذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ فَرِحًا. 40 وَأَمَّا فِيلُبُّسُ فَوُجِدَ فِي أَشْدُودَ (بلد أخرى). وَبَيْنَمَا هُوَ مُجْتَازٌ، كَانَ يُبَشِّرُ جَمِيعَ الْمُدُنِ حَتَّى جَاءَ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ.
+ بقوة الله اختفى فِيلُبُّسَ من مكان الخصي الحبشي وظهر في بلدة أخرى تُسمى أَشْدُودَ. الله يستطيع أن يتمجد بأولاده بأشكال مختلفة، كيف يوجد شخص في مكان يبعد عشرات الساعات في دقائق؟! هذه القوة قوة الله. مثل التكلم بالألسنة، كيف يستطيع إنسان لا يتكلم اللغات أن يتكلم أكثر من لغة ويتكلم بها بوعي وبطريقة مؤثرة وينشر الإيمان؟! الروح القدس يُريد أن تمتد الكرازة بسرعة شديدة.
+ ونلاحظ أن الروح القدس يختار الأشخاص الذين لهم روح التقوى والصدق مثل هذا الوزير الحبشي، الذي جاء هذا المشوار الطويل جدًا من الحبشة ليسجد في أورشليم، يُريد أن يرضي الله، وطوال الطريق كان يقرأ في العهد القديم، ويطلب من الرب الفهم لأنه لم يكن يفهم كلام النبوات. هذا الإنسان يستحق أن يكون مسيحي. بعد إصحاحين سنقابل شخص أممي وثني قائد مائة لكنه يستحق أن يكون مسيحي. فهناك شخصيات أقرب للإيمان بسبب استعدادها.
هؤلاء الناس الصادقين عكس رؤساء الكهنة الذين كانوا يحفظون العهد القديم، ورأوا معجزات كثيرة، ولكنهم عذبوا الآباء الرسل، ولم يقتربوا من الإيمان أبدًا بل رفضوا بعند الرب يسوع!
+ "وَبَيْنَمَا هُوَ مُجْتَازٌ، كَانَ يُبَشِّرُ جَمِيعَ الْمُدُنِ حَتَّى جَاءَ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ" هكذا كان آبائنا الرسل لا يكفوا أبدًا عن الكلام عن الرب يسوع.
لإلهنا كل مجد وكرامة إلى الأبد آمين.
← تفاسير أصحاحات سفر الأعمال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أعمال الرسل 9 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص داود لمعي |
تفسير أعمال الرسل 7 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/fr-dawood-lamey/acts-of-the-apostles/chapter-08.html
تقصير الرابط:
tak.la/46sqqg5