← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26
هذا الأصحاح يتضمن:
1- نمو الكنيسة ومحاربات الشيطان
2- آبائنا الرسل يواظبون على صلوات السواعي (أع 3: 1)
3- معجزة شفاء الأعرج من بطن أمه (أع 3: 2-11)
4- عظة القديس بطرس الثانية (أع 3: 12-26)
5- التأكيد على بعض المبادئ الأساسية في الكرازة
كما ذكرنا في أصحاح 2 أن الآلاف آمنوا بالسيد المسيح، والآلاف اعتمدوا وبدأت الكنيسة تمتد امتدادًا سريعًا، وبالطبع هذا شيء يزعج الشيطان جدًا، جن جنون الشيطان! كلما قويت الكنيسة كلما قويت حروب الشيطان عليها، الكنيسة الضعيفة لا تُقلِق الشيطان في شيء، بينما قوة الكنيسة تزعجه وتُثير جنونه، لا بد أن يقاوم الإيمان ويُعيق نمو الكنيسة بإثارة اليهود وسنرى هذا في الأحداث الآتية من خلال دراستنا لسفر الأعمال.
1وَصَعِدَ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا مَعًا إِلَى الْهَيْكَلِ فِي سَاعَةِ الصَّلاَةِ التَّاسِعَةِ
+ هذه الآية تؤكد أن آبائنا الرسل (بطرس ويوحنا في هذه الآية) كانوا يواظبون على صلوات السواعي (الصلاة بالأجبية)، وهذا رد على من يدَّعون أن الصلاة بالأجبية تقليد جديد على الكنيسة! فكنيستنا الأرثوذكسية تسير على ما كان يفعله آبائنا الرسل كما ورد بسفر أعمال الرسل. فعندما نقول أننا نصلي الساعة السادسة تذكارًا لصلب ربنا يسوع المسيح له المجد، فنحن نفعل ما تسلمناه من آبائنا الرسل.
2وَكَانَ رَجُلٌ أَعْرَجُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يُحْمَلُ، كَانُوا يَضَعُونَهُ كُلَّ يَوْمٍ عِنْدَ بَابِ الْهَيْكَلِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ «الْجَمِيلُ» لِيَسْأَلَ صَدَقَةً مِنَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْهَيْكَلَ.
+ "أَعْرَجُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ" أي مولود أعرج.
+ "الْهَيْكَلِ": هو هيكل اليهود الذي أقامه "سليمان" كان تحفة معمارية جميلة وهو عبارة عن مبنى ضخم مكون من عدة طوابق، ومساحاته واسعة جدًا، وبداخله أروقة كثيرة (رواقات)، وله مداخل أو أبواب كثيرة ضخمة، كل باب له إسم، أحد هذه الأبواب هو باب "الْجَمِيلُ"، كان يجلس عنده هذا الشحاذ الأعرج الذي كان مشهور جدًا لدى كل اليهود لأنه كان يجلس في نفس المكان لسنوات طويلة يسأل صدقة من الداخلين والخارجين من الهيكل! وشهرة هذا الشحاذ الأعرج هي التي أعطت قيمة كبيرة للمعجزة فلم يستطع اليهود أن ينكروا هذه المعجزة أو يغطوا عليها مما أربكهم وأغاظهم!
3 فَهذَا لَمَّا رَأَى بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا مُزْمِعَيْنِ أَنْ يَدْخُلاَ الْهَيْكَلَ، سَأَلَ لِيَأْخُذَ صَدَقَةً. 4فَتَفَرَّسَ فِيهِ بُطْرُسُ مَعَ يُوحَنَّا، وَقَالَ:«انْظُرْ إِلَيْنَا!» 5فَلاَحَظَهُمَا مُنْتَظِرًا أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا شَيْئًا.
+ لماذا قال له بطرس ويوحنا "انْظُرْ إِلَيْنَا!"؟ قد يكونوا قصدوا من هذا أن يلاحظ مظهرهم البسيط فهم ليسوا كالأغنياء الذين يملكون النقود التي يطلبها! أو أرادوا أن يتعرف عليهم وينظر وجوههم التي تملأها النعمة لأنهم يشبهون المسيح بالنعمة! وقد يكونوا قصدوا أن يقولوا له، أنظر إلينا فهناك موضوع آخر أهم من أن نعطيك نقود! على أي حال أطاعهما الرجل ونظر إليهما منتظرًا أن يأخذ شيئًا!
القديسين بطرس ويوحنا كانا أصدقاء جدًا، ومرتبطين نفسيًا معًا جدًا، وسنجدهما معًا في مواقف كثيرة في سفر أعمال الرسل: كرزوا معًا، ألقوا عظات معًا، صنعوا معجزات معًا، ضُربوا وسُجنوا معًا،... إلخ. كما أنهما ذُكرا معًا في مواضع كثيرة في الكتاب المقدس، وكمثال:
+ في ليلة صلب السيد المسيح، عندما قال الرب للتلاميذ: "إِنَّ وَاحِدًا مِنْكُمْ سَيُسَلِّمُنِي!"، كان يوحنا كعادته جالسًا بجوار السيد المسيح وكان بطرس إلى جوار يوحنا، فمال بطرس على يوحنا صديقه وطلب منه أن يسأل المسيح عن اسم الذي سيسلمه، كانا يتصرفان معًا كصديقين مقربين لبعضهما (يو 13: 21-26).
+ أيضًا في أحداث القيامة، عندما أبلغت مريم المجدلية التلاميذ بقيامة الرب يسوع كان القديسين بطرس ويوحنا ملازمين أحدهما الآخر (يو 20: 3-10).
+ هذه الصداقة بين القديس بطرس والقديس يوحنا تكونت على الرغم من وجود اختلاف كبير بينهما في السن وفي الشخصية، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى.. فالقديس بطرس كان يكبر القديس يوحنا في السن بحوالي 15 سنة أو أكثر، وكانت شخصيته تتسم بالاندفاع الذي يصل للتهور في بعض الأحيان، بينما كانت شخصية القديس يوحنا تميل للوداعة والهدوء والبساطة.
+ لذلك لا نتعجب من وجود صداقة بين قديس مثل البابا كيرلس والقديس الشهيد مارمينا العجائبي، فوجود صداقة بين اثنين من القديسين لا يوجد فيه أي تعارض مع محبة كل منهما لسائر القديسين، ولكن محبتهما لبعضهما قد تكون مختلفة لأنها مُدَّعمة بصداقة قوية!
6 فَقَالَ بُطْرُسُ:«لَيْسَ لِي فِضَّةٌ وَلاَ ذَهَبٌ، وَلكِنِ الَّذِي لِي فَإِيَّاهُ أُعْطِيكَ: بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ قُمْ وَامْشِ!». 7وَأَمْسَكَهُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَأَقَامَهُ، فَفِي الْحَالِ تَشَدَّدَتْ رِجْلاَهُ وَكَعْبَاهُ،
+ "6فَقَالَ بُطْرُسُ:«لَيْسَ لِي فِضَّةٌ وَلاَ ذَهَبٌ" نلاحظ هنا أنه بالرغم من أن الشعب كان يبيع ممتلكاته ليضعها تحت أقدام الرسل، إلا أن الرسل كانوا كانوا لا يسيرون ومعهم أي نقود، متمثلين بالرب يسوع الذي كان لا يحمل في جيبه أبدًا أي نقود! ففي كفر ناحوم عندما طلبوا من الرب يسوع الجزية - وكانت مبلغ زهيد (درهمين) - لم يكن معه أي نقود، فقال لبطرس: "لِئَلاَّ نُعْثِرَهُمُ، اذْهَبْ إِلَى الْبَحْرِ وَأَلْقِ صِنَّارَةً، وَالسَّمَكَةُ الَّتِي تَطْلُعُ أَوَّلًا خُذْهَا، وَمَتَى فَتَحْتَ فَاهَا تَجِدْ إِسْتَارًا، فَخُذْهُ وَأَعْطِهِمْ عَنِّي وَعَنْكَ" (مت 17: 27). الآباء الرسل ساروا على نهج الرب يسوع، لا يحترمون المال، فالمال دائمًا تحت أقدامهم!
+ "وَلكِنِ الَّذِي لِي فَإِيَّاهُ أُعْطِيكَ: بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ قُمْ وَامْشِ!" أريد أن أقف عند هذه العبارة لأنها تنقل لنا شعور بطرس الرسول أنه يملك شيء عظيم جدًا هو: "اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ". هل ندرك معنى امتلاكنا "اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ"؟! الإنسان عندما يُحب الرب يسوع ويرتبط به، ويردد اسمه كثيرًا في صلاته "صلاة يسوع"، اسم يسوع يعمل معه معجزات! فالكتاب يعلمنا: "اِسْمُ الرَّبِّ بُرْجٌ حَصِينٌ، يَرْكُضُ إِلَيْهِ الصِّدِّيقُ وَيَتَمَنَّعُ" (أم 18: 10). فهؤلاء القديسين أحبوا اسْمِ يَسُوعَ جدًا وكانوا يعلمون أن القوة في هذا الاسم! مجرد ذكر اسم الرب يسوع المسيح يصنع المعجزات! مجرد تكرار اسم الرب يسوع المسيح، يُعتبر صلاة قوية!.
+ "قُمْ وَامْشِ! 7وَأَمْسَكَهُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَأَقَامَهُ، فَفِي الْحَالِ تَشَدَّدَتْ رِجْلاَهُ وَكَعْبَاهُ،". بطرس الرسول كان متأكدًا من أنه سيقوم، إيمان قوي، لذلك قال له وهو يساعده ليقف " قُمْ وَامْشِ!". هذا الرجل الأعرج الذي له سنين طويلة مقعد أمام باب الهيكل، وبالتأكيد حدث له ضمور شديد في الأعصاب والعضلات، كيف يقوم ويمشي؟! حتى لو شُفي بمعجزة، فهو يحتاج من وجهة النظر الطبية إلى وقت طويل من العلاج الطبيعي على الأقل! ولكن المعجزة حدثت بإسم الرب يسوع، وهي بالتأكيد معجزة كبيرة!
8 فَوَثَبَ وَوَقَفَ وَصَارَ يَمْشِي، وَدَخَلَ مَعَهُمَا إِلَى الْهَيْكَلِ وَهُوَ يَمْشِي وَيَطْفُرُ وَيُسَبِّحُ اللهَ. 9وَأَبْصَرَهُ جَمِيعُ الشَّعْبِ وَهُوَ يَمْشِي وَيُسَبِّحُ اللهَ.
+ "فوَثَبَ وَوَقَفَ وَصَارَ يَمْشِي، وَدَخَلَ مَعَهُمَا إِلَى الْهَيْكَلِ وَهُوَ يَمْشِي وَيَطْفُرُ وَيُسَبِّحُ اللهَ" بالطبع إحساس رائع، ومبهج جدًا! إنسان عاش سنين طويلة مُقْعَد وفجأة وجد نفسه قادر على المشي بل والجري أيضًا!
+ "وَدَخَلَ (الأعرج) مَعَهُمَا إِلَى الْهَيْكَلِ" عندما شُفي هذا الرجل الأعرج دخل مع بطرس ويوحنا إلى الهيكل، وكان فرحًا بشفائه ويسبح الله وأبصره جميع الشعب. ومن الجدير بالذكر أن هذا الأعرج كان محرومًا من دخول الهيكل قبل أن تحدث له هذه المعجزة، لأن هناك اعتقاد يهودي أن الإنسان يولد بعاهة نتيجة خطيئة ما ارتكبها أبواه، ولذلك كان يُعتبر نجسًا ويُمنع من دخول الهيكل. بالطبع هذه الفكرة نقضها السيد المسيح عندما سأله تلاميذه عن المولود أعمى: «يَا مُعَلِّمُ، مَنْ أَخْطَأَ: هذَا أَمْ أَبَوَاهُ حَتَّى وُلِدَ أَعْمَى؟»، فأجابهم: «لاَ هذَا أَخْطَأَ وَلاَ أَبَوَاهُ، لكِنْ لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ اللهِ فِيهِ" (يو9: 1-3)..
10 وَعَرَفُوهُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي كَانَ يَجْلِسُ لأَجْلِ الصَّدَقَةِ عَلَى بَابِ الْهَيْكَلِ الْجَمِيلِ، فَامْتَلأُوا دَهْشَةً وَحَيْرَةً مِمَّا حَدَثَ لَهُ.
+ "وَعَرَفُوهُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي كَانَ يَجْلِسُ لأَجْلِ الصَّدَقَةِ عَلَى بَابِ الْهَيْكَلِ الْجَمِيلِ" فلا مجال للخطأ أو الشك " فَامْتَلأُوا دَهْشَةً وَحَيْرَةً مِمَّا حَدَثَ لَهُ". كما قلنا، بالرغم من أن الكثير من المعجزات كانت تجري على أيدي الرسل "وَكَانَتْ عَجَائِبُ وَآيَاتٌ كَثِيرَةٌ تُجْرَى عَلَى أَيْدِي الرُّسُلِ" (سفر أعمال الرسل 2: 43)، إلا أن القديس لوقا تعمد ذكر هذه المعجزة لأنها كانت معجزة كبيرة وكان لها صدى واسع داخل الكنيسة وبين اليهود فالذي شُفي بإسم الرب يسوع إنسان معروف لدى الجميع، فلم يستطع اليهود إخفاء هذه المعجزة كما كانوا يفعلون في المعجزات الأخرى.
11 وَبَيْنَمَا كَانَ الرَّجُلُ الأَعْرَجُ الَّذِي شُفِيَ مُتَمَسِّكًا بِبُطْرُسَ وَيُوحَنَّا، تَرَاكَضَ إِلَيْهِمْ جَمِيعُ الشَّعْبِ إِلَى الرِّوَاقِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ «رِوَاقُ سُلَيْمَانَ» وَهُمْ مُنْدَهِشُونَ.
+ هذا الرواق «رِوَاقُ سُلَيْمَانَ»، ازدحم جدًا بعد معجزة شفاء الأعرج لأن كل الناس أرادت أن ترى هذا الإنسان المعروف جدًا لديهم والذي ظل مريضًا لسنوات طويلة بعد شفائه
(سبق أن ذكرنا أن هيكل سليمان هذا البناء الضخم كان داخله أروقة (طرقات طويلة جدًا)، وكان في الأروقة أعمدة ضخمة، واعتاد كبار مُعلمي اليهود الجلوس عند هذه الأعمدة، كان لكل منهم عمود ثابت يجلس عنده ليجتمع حوله تلاميذه يُعلمهم ويعظهم، فكان لغمالائيل أحد كبار مُعلمي اليهود مثلًا عمود ثابت يجلس عنده وحوله تلاميذه ليتعلموا منه، فكانت الأروقة مكان للتعليم والوعظ).
12 فَلَمَّا رَأَى بُطْرُسُ ذلِكَ أَجَابَ الشَّعْبَ:«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ، مَا بَالُكُمْ تَتَعَجَّبُونَ مِنْ هذَا؟ وَلِمَاذَا تَشْخَصُونَ إِلَيْنَا، كَأَنَّنَا بِقُوَّتِنَا أَوْ تَقْوَانَا قَدْ جَعَلْنَا هذَا يَمْشِي؟
+ ما زال بطرس غير قادر على السكوت عن الشهادة للمسيح، وهذه المرة كانت عظته داخل الهيكل اليهودي!!.
+ " مَا بَالُكُمْ تَتَعَجَّبُونَ مِنْ هذَا؟" عبارة تدل على أن المعجزات أصبحت شيء طبيعي بالنسبة للرسل والقديسين لأنها كانت تحدث في كل يوم! "وَلِمَاذَا تَشْخَصُونَ إِلَيْنَا، كَأَنَّنَا بِقُوَّتِنَا أَوْ تَقْوَانَا قَدْ جَعَلْنَا هذَا يَمْشِي؟"، كان بطرس حريصًا أن ينبه الناس أن المعجزة لا تحدث إلا بقوة اسم يسوع المسيح، لئلا يتعلق إيمانهم أو رجاءهم بالرسل! فهو دائمًا يُذكر الناس بأن سر المعجزة في قوة اسم الرب يسوع!
13 إِنَّ إِلهَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، إِلهَ آبَائِنَا، مَجَّدَ فَتَاهُ يَسُوعَ، الَّذِي أَسْلَمْتُمُوهُ أَنْتُمْ وَأَنْكَرْتُمُوهُ أَمَامَ وَجْهِ بِيلاَطُسَ، وَهُوَ حَاكِمٌ بِإِطْلاَقِهِ.
+ "إِلهَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، إِلهَ آبَائِنَا" نلاحظ أن بطرس استخدم في كلامه اللغة التي يفهمها ويحبها اليهود.
+ "مَجَّدَ فَتَاهُ يَسُوعَ" كلمة "فَتَاهُ" إعلان واضح عن أن يسوع ابن الله (إقنوم الابن). فيقول لهم الله إله آبائكم أعطى المجد لإبنه، وإسم يسوع المسيح له كل المجد، هو سر المعجزة!
+ "الَّذِي أَسْلَمْتُمُوهُ أَنْتُمْ وَأَنْكَرْتُمُوهُ أَمَامَ وَجْهِ بِيلاَطُسَ، وَهُوَ حَاكِمٌ بِإِطْلاَقِهِ" هذا الاسم الذي كرهتموه انكرتموه وصلبتموه هو الذي جعل هذا الرجل يمشي.
14 وَلكِنْ أَنْتُمْ أَنْكَرْتُمُ الْقُدُّوسَ الْبَارَّ، وَطَلَبْتُمْ أَنْ يُوهَبَ لَكُمْ رَجُلٌ قَاتِلٌ
+ "الْقُدُّوسَ الْبَارَّ" لفظ يطلق على الله وحده، وفي هذا إعلان عن لاهوت السيد المسيح.
+ "وَطَلَبْتُمْ أَنْ يُوهَبَ لَكُمْ رَجُلٌ قَاتِلٌ" يقصد عندما طلبوا الإفراج عن "باراباس" ورفضوا المسيح! أي انتم أيها اليهود المفروض أن تكونوا أبناء الله، انكرتم القدوس البار وطلبتم أن يُفرج عن رجل قاتل!
15 وَرَئِيسُ الْحَيَاةِ قَتَلْتُمُوهُ، الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَنَحْنُ شُهُودٌ لِذلِكَ
+ "رَئِيسُ الْحَيَاةِ " هذا اللفظ نقوله في أول القداس الكيرلسي (يا رئيس الحياة)، وهو من الألقاب الجميلة للرب يسوع التي كان يحبها مارمرقس، فوضعه في بداية قداسه. فالحياة كلها ملك المسيح نفسه، فهو رئيس الحياة.
+ " الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ" القديس بطرس متى تكلم لا بد أن يذكر قيامة الرب يسوع.
+ "وَنَحْنُ شُهُودٌ لِذلِكَ" كل كارز وظيفته أن يشهد للقيامة، فنحن ككارزين شهود للقيامة.
16 وَبِالإِيمَانِ بِاسْمِهِ، شَدَّدَ اسْمُهُ هذَا الَّذِي تَنْظُرُونَهُ وَتَعْرِفُونَهُ، وَالإِيمَانُ الَّذِي بِوَاسِطَتِهِ أَعْطَاهُ هذِهِ الصِّحَّةَ أَمَامَ جَمِيعِكُمْ.
+ " وَبِالإِيمَانِ بِاسْمِهِ " أي اسم يسوع المسيح.
+ "شَدَّدَ اسْمُهُ" أي اسم يسوع المسيح شدد.
+ "هذَا الَّذِي تَنْظُرُونَهُ وَتَعْرِفُونَهُ": "هذَا" تعود على الرجل الذي شُفي، هذا الشخص الذي تنظرونه وتعرفونه.
+ "وَالإِيمَانُ الَّذِي بِوَاسِطَتِهِ أَعْطَاهُ هذِهِ الصِّحَّةَ أَمَامَ جَمِيعِكُمْ" أي سر الموضوع إننا مؤمنين باسم ربنا يسوع المسيح واسمه هو الذي جعل هذا الرجل يقف سليمًا وأعطاه الصحة أمام أعينكم.
بالطبع معجزة لا يستطيع أحد أن ينكرها!!! شخص معروف جدًا، أعرج من بطن أمه، حدثت له معجزة وشُفيَّ، وأصحاب هذه المعجزة يقولون أن سرها اسم يسوع المسيح! !!
17 «وَالآنَ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكُمْ بِجَهَالَةٍ عَمِلْتُمْ، كَمَا رُؤَسَاؤُكُمْ أَيْضًا.
+ هنا نجد أن بطرس الرسول لا يستمر في التوبيخ بل يتحول مباشرة إلى التشجيع حتى لا يقع أحد في اليأس. فيقول لهم أنه يعلم أنهم ورؤسائهم فعلوا هذا بجهالة.
18 وَأَمَّا اللهُ فَمَا سَبَقَ وَأَنْبَأَ بِهِ بِأَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ، أَنْ يَتَأَلَّمَ الْمَسِيحُ، قَدْ تَمَّمَهُ هكَذَا.
+ أي انتم رفضتم وصلبتم المسيح بجهل، لكن ما حدث وهو: "أَنْ يَتَأَلَّمَ الْمَسِيحُ"، كان ضمن خطة الرب المحكمة التي أنبأ بها بأفواه جميع أنبيائه من آلاف السنين "قَدْ تَمَّمَهُ هكَذَا" أي تم حسب الخطة تمام.
19 فَتُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ، لِكَيْ تَأْتِيَ أَوْقَاتُ الْفَرَجِ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ.
+ " فَتُوبُوا " فعل أمر! مرة أخرى في هذه العظة أيضًا القديس بطرس بعد أن تكلم عن الإيمان، وعن أن الرب يسوع هو الإله الحقيقي، وأن اسم الرب يسوع هو سر القوة، يقول لليهود أنتم الذين صلبتم المسيح وقد عملتم هذا بجهل، ولكن ما حدث كان ضمن خطة الله المحكمة ثم يقول لهم سأقول لكم عما يجب أن تفعلوه: "تُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ، لِكَيْ تَأْتِيَ أَوْقَاتُ الْفَرَجِ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ".
+ "فَتُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ، لِكَيْ تَأْتِيَ أَوْقَاتُ الْفَرَجِ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ" هذه الآية جميلة يمكن حفظها لكي نتذكرها في وقت الضيق أو المشاكل.
+ ما هي " أَوْقَاتُ الْفَرَجِ " بالنسبة لليهود؟ اليهود كانوا واقعين تحت وطأة حكم الرومان، وهذه العبودية مررت أنفسهم جدًا. فبطرس الرسول قصد أن يقول لهم أن توبتكم ورجوعكم إلى الله ستكون سبب في رضاء الله عنكم وتحريركم حتى من عبودية الرومان.
20 وَيُرْسِلَ يَسُوعَ الْمَسِيحَ الْمُبَشَّرَ بِهِ لَكُمْ قَبْلُ.
+ أي بعد أن تتوبوا وترجعوا إلى الله، سيأتي الرب يسوع مرة أخرى على السحاب ليأخذنا كلنا إلى السماء!
كان بطرس متفائل جدًا، وكان في تصوره أن كل اليهود سيؤمنوا بالمسيح ويتوبوا وسيأتي المسيح سريعًا مرة أخرى ليأخذنا إلى ملكوته! فالمجيء الثاني ودخول الملكوت كان هو شهوة واشتياق التلاميذ بعد قيامة الرب يسوع وصعوده إلى السموات.
+ لكن عندما لم يحدث ما كان هو متوقع من الرسل (التوبة والرجوع ثم سرعة مجيء الرب يسوع مرة أخرى)، يبدو أن بطرس فكر في هذا كثيرًا، وبإرشاد من الروح القدس نجده في رسالته الثانية التي كتبها بعد حوالي 30 سنة من هذه العظة يرد على كل من يتساءلون عن سبب تأخر مجيء الرب الثاني فيقول: "أَنَّ يَوْمًا وَاحِدًا عِنْدَ الرَّبِّ كَأَلْفِ سَنَةٍ، وَأَلْفَ سَنَةٍ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ. 9 لاَ يَتَبَاطَأُ الرَّبُّ عَنْ وَعْدِهِ كَمَا يَحْسِبُ قَوْمٌ التَّبَاطُؤَ، لكِنَّهُ يَتَأَنَّى عَلَيْنَا، وَهُوَ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَهْلِكَ أُنَاسٌ، بَلْ أَنْ يُقْبِلَ الْجَمِيعُ إِلَى التَّوْبَةِ. 10 وَلكِنْ سَيَأْتِي كَلِصٍّ فِي اللَّيْلِ، يَوْمُ الرَّبِّ، الَّذِي فِيهِ تَزُولُ السَّمَاوَاتُ بِضَجِيجٍ، وَتَنْحَلُّ الْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً، وَتَحْتَرِقُ الأَرْضُ وَالْمَصْنُوعَاتُ الَّتِي فِيهَا" (رسالة بطرس الرسول الثانية 3: 8-10). الله لا يريد أن يهلك أحد، وما زال هناك الكثيرين يعيشون في الخطيئة، من أجل خلاص هؤلاء يؤجل الرب يسوع مجيئه الثاني حتى يعطي فرصة للجميع ليستعدوا.
+ "20وَيُرْسِلَ يَسُوعَ الْمَسِيحَ الْمُبَشَّرَ بِهِ لَكُمْ قَبْلُ" أي يسوع هذا الذي أتكلم لكم عنه أيها اليهود ليس جديدًا عليكم، فكل النبوات في العهد القديم تشاور لكم عليه، ولم يتبقى لخلاصكم سوى الإيمان به كما آمنتم بالنبوات!
21 الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ السَّمَاءَ تَقْبَلُهُ، إِلَى أَزْمِنَةِ رَدِّ كُلِّ شَيْءٍ، الَّتِي تَكَلَّمَ عَنْهَا اللهُ بِفَمِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ الْقِدِّيسِينَ مُنْذُ الدَّهْرِ.
+ "21الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ السَّمَاءَ تَقْبَلُهُ، إِلَى أَزْمِنَةِ رَدِّ كُلِّ شَيْءٍ" أي يسوع له المجد، صعد إلى السماء لكي يُعد لنا مكانًا ولكي يُعدَّنا نحن لهذا المكان، وسيأتي مرة أخرى بعد وقت معين أو زمن معين حسب ترتيبه هو، هذا الوقت المعين أو هذا الزمن المعين أطلق عليه بطرس الرسول تعبير جميل هو: "أَزْمِنَةِ رَدِّ كُلِّ شَيْءٍ".
+ "أَزْمِنَةِ رَدِّ كُلِّ شَيْءٍ" يجب أن يرد كل شيء لمكانه أو وضعه الصحيح. فالشيطان سيطر على الدنيا منذ آلاف السنين وآن الأوان لكي يتحرر الكل من سيطرة الشيطان ويعود إلى الله مالك الكون، كل شيء لا بد أن يُرد لأصله. الظلم ملأ العالم لسنين طويلة ولكن لا بد للحق أن ينتصر ويُرَد كل شيء لأصله، ويأخذ كل ذي حق حقه. الكثير من الناس لاقوا بهدلة وآلام في هذه الدنيا، هؤلاء الناس لا بد أن يأخذوا حقهم من السعادة والأمان، لا بد أن يُرد كل شيء لوضعه الحقيقي والسليم. والكثير من الناس تنعمت في هذه الدنيا ونسوا الله والحق، هؤلاء لا بد أن ينالوا جزاءهم، كل شيء لا بد أن يُرد. هذا هو معنى عبارة " أَزْمِنَةِ رَدِّ كُلِّ شَيْءٍ " أي كل شيء يعود لمكانه الصحيح، وكل خطأ لا بد أن يعود إلى الصواب، ويأخذ كل ذي حق حقه وينال كل من أخطأ وأصر على خطأه عقابه.
+ "الَّتِي تَكَلَّمَ عَنْهَا اللهُ بِفَمِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ الْقِدِّيسِينَ مُنْذُ الدَّهْرِ" الذي يقرأ النبوات في العهد القديم، يجد أن فكرة أن كل شيء لا بد أن يعود لوضعه ومكانه الصحيح، وأن الله يملك على العالم، ويسود الحق، ويسري العدل، هذه الفكرة ملحة جدًا. كل شيء في النهاية لا بد أن يكون في وضعه السليم والصحيح والمضبوط، كل شيء لا بد أن يُرد لمكانه الصحيح.
22 فَإِنَّ مُوسَى قَالَ لِلآبَاءِ: إِنَّ نَبِيًّا مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ فِي كُلِّ مَا يُكَلِّمُكُمْ بِهِ. 23وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ نَفْسٍ لاَ تَسْمَعُ لِذلِكَ النَّبِيِّ تُبَادُ مِنَ الشَّعْبِ.
+ هنا بطرس الرسول يتكلم عن نبوءة أخرى من نبوءات العهد القديم. في الأصحاح الثاني القديس بطرس ألقى عظة طويلة وجهها لليهود الذين حضروا حلول الروح القدس وكانت هذه العظة في الطريق أمام العلية، أما هذه العظة فقصيرة وقالها وهو في الهيكل لليهود الذين حضروا معجزة شفاء الأعرج من بطن أمه، في كلا العظتين كل السامعين يهود ولا يوجد أمميين، لذلك حرص بطرس الرسول أن يستشهد في كلامه بنبوات من العهد القديم الذي يحفظه اليهود جيدًا ويؤمنون به.
+ وهذه النبوءة قالها موسى ووردت في: (سفر التثنية 18: 15)، (سفر التثنية 18: 18، 19)، فكان اليهود منتظرين رجل اسمه "النبي" (مُعرَّف بالألف واللام). نبي "مِنْ إِخْوَتِكُمْ" أي إنسان (ناسوت كامل مثل موسى أو مثل أي إنسان) لا بد أن تسمعوا له في كل شيء، ومن لا يسمع له يباد من الشعب! وكانت هذه النبوءة لغز عند اليهود!
+ هذه النبوة لم تنطبق على أي نبي: جاء إيليا وجاء اليشع وجاء هوشع ويوئيل وعاموس وعبوديا ... إلخ. ولم تنطبق على أحد منهم هذه النبوءة، لم يأخذ أي منهم هذه الكرامة، ولم يصل أحد منهم لهذا المركز! جاء بعد موسى عشرات الأنبياء، لا أحد منهم اسمه "النبي".
+ لذلك عندما جاء يوحنا المعمدان وتبعه الآلاف، سأله اليهود المدققين (الكهنة واللاويين): «أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟» (إنجيل يوحنا 1: 21) - أي هل أنت "النبي" الذي قال عنه موسى والذي ينتظرونه؟! - "فَأَجَابَ: «لاَ». 22 فَقَالُوا لَهُ: «مَنْ أَنْتَ، لِنُعْطِيَ جَوَابًا لِلَّذِينَ أَرْسَلُونَا؟ مَاذَا تَقُولُ عَنْ نَفْسِكَ؟»23 قَالَ: «أَنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: قَوِّمُوا طَرِيقَ الرَّبِّ، كَمَا قَالَ إِشَعْيَاءُ النَّبِيُّ»" (إنجيل يوحنا 1: 22-23).
+ هذه النبوة لا تنطبق إلا على المسيح فقط لا غير، لأنه هو الذي من لم يسمع لكلامه لن يكون له نصيب في الملكوت.
+ قد يسأل البعض: لماذا أطلق الكتاب المقدس اسم "أَلنَّبِيُّ" على الرب يسوع؟! فقد يسيء البعض فهم هذا التعبير! علينا أن نعرف أن السيد المسيح له المجد أخذ كل الألقاب الروحية الراقية: أخذ لقب "ابن الإنسان" فقد جاء على صورة الإنسان بكل صفاته فيما عدا الخطيئة، وأخذ لقب "الملك"، و"الكاهن" فهو رئيس كهنتنا في العهد الجديد، و"النبي" فهو أعظم من كل الأنبياء، و"الرسول" حيث قال: "كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا" (إنجيل يوحنا 20: 21)، ولكن مجيء الرب يسوع على الأرض في صورة إنسان، أو كرسول، أو كنبي، كل هذا لا يلغي أبدًا أنه هو نفسه الله له المجد "الإله الحقيقي".
24 وَجَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَيْضًا مِنْ صَمُوئِيلَ فَمَا بَعْدَهُ، جَمِيعُ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا، سَبَقُوا وَأَنْبَأُوا بِهذِهِ الأَيَّامِ.
+ الذي يدرس العهد القديم يجد فعلًا أن جميع الأنبياء تكلموا بوضوح عن مجيء الرب يسوع، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. فهناك مَنْ تكلم عن يوم ميلاده بدقة مثل دانيال، وهناك من تكلم عن مكان ميلاده في بيت لحم بدقة مثل ميخا، وهناك من تكلم عن صلبه بتفاصيل التفاصيل مثل إشعياء، ومن تكلم عن قيامته بمنتهى الوضوح ومجد القيامة مثل حزقيال، ... إلخ. هناك إشارات واضحة جدًا مذكورة في العهد القديم عن المسيح قبل مجيئه بمئات السنين. أصبحت الصورة واضحة عند الآباء الرسل، أن العهد القديم كله يشير إلى الرب يسوع، والرب يسوع نفسه قال: "فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي" (إنجيل يوحنا 5: 39).
25 أَنْتُمْ أَبْنَاءُ الأَنْبِيَاءِ، وَالْعَهْدِ الَّذِي عَاهَدَ بِهِ اللهُ آبَاءَنَا قَائِلًا لإِبْراهِيمَ: وَبِنَسْلِكَ تَتَبَارَكُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ.
+ "أَنْتُمْ أَبْنَاءُ الأَنْبِيَاءِ" بعد أن عنَّف القديس بطرس اليهود بشدة، أراد أن يذكرَّهم بأنهم أولاد الأنبياء الذين تعبوا كثيرًا في خدمتهم، وهذه ثروة ضخمة عليهم ألا يضيعوها! لديهم الكثير من المقدمات والنبوءات التي تؤهلهم للإيمان بالرب يسوع، عليهم ألا يضيِّعوا هذه الثروة! "وَالْعَهْدِ الَّذِي عَاهَدَ بِهِ اللهُ آبَاءَنَا قَائِلًا لإِبْراهِيمَ: وَبِنَسْلِكَ تَتَبَارَكُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ"، كلمة "بِنَسْلِكَ" فسرها بولس الرسول أنها: "شخص معين يأتي من نسل أبونا إبراهيم هو الرب يسوع" ولا يُقصد بها "مجموعة أو جميع من يأتوا من نسل إبراهيم"، أي أحد أبنائك يا أبونا إبراهيم ستتبارك به جميع قبائل الأرض! لذلك نجد أن أول كلمة في العهد الجديد: "كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْراهِيمَ" لأن لا بد من إثبات أن الرب يسوع من نسل أبونا إبراهيم حسب وعد الرب. هذا هو النسل المنتظر، هذا هو الشخص المنتظر أن يكون بركة للعالم كله.
+ باختصار: بطرس الرسول يقول لليهود أنتم أولاد العهد الذي بدأه الله مع إبراهيم، وقال له من من المسيح الذي سيأتي من نسلك، سيأخذ كل العالم البركة، فلا تضيعوا هذه البركة، أنتم أولاد الأنبياء الذين تكلم جميعهم عن المسيح، فلا تضيعوا هذه النعمة التي أخذتموها.
26 إِلَيْكُمْ أَوَّلًا، إِذْ أَقَامَ اللهُ فَتَاهُ يَسُوعَ، أَرْسَلَهُ يُبَارِكُكُمْ بِرَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَنْ شُرُورِهِ».
+ "إلَيْكُمْ أَوَّلًا": كلمة "أَوَّلًا" كلمة دقيقة جدًا لأن معناها أن هناك ثانيًا: أي ثانيًا أيها اليهود إذا لم تقبلوا الرب يسوع سيقبله غيركم من الأمم. "11 إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. 12 وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ" (يو1: 11، 12). وهذا ما حدث لم يقبله اليهود ولكن العالم يقبله، وكل من آمن به صار ابنًا لله.
+ بالطبع الكرازة بدأت باليهود، لأنها خرجت من عند اليهود، ولأن اليهود كان لديهم مقدمات وخلفية عن مجيء المسيح الفادي والمخلص، فالمفروض أنهم أقرب ناس للإيمان بالمسيح الإله الحقيقي، ولكن بسبب عندهم أصبحوا أبعد ناس عن المسيح.
+ والجدير بالذكر أن اليهود يعادون المسيحيين حتى اليوم أكثر من أي حد في الدنيا، لأنهم أعداء المسيح، ولأنهم رافضين المسيح بهذا الشكل الذي أتى به، هم لا يريدون المسيح الطيب مُحِب الغلابة، لا يريدون المسيح الذي صُلِب، لا يريدون المسيح الذي يقول: "أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ،.." (إنجيل متى 5: 44)، فهذا لن ينفعهم!! هم يريدون مسيحًا قويًا، جبارًا بمفهومهم الأرضي لكي يخلصِهم من الحكم الروماني!
+ "إِذْ أَقَامَ اللهُ فَتَاهُ يَسُوعَ": كلمة "فَتَاهُ" تعني ابنه الوحيد، وهذا هو اللفظ المحبوب في الكتاب ليسوع، بالنسبة للآب "الابن الوحيد" بالجوهر، أي واحد مع أبوه في الطبع، إله من إله، بالطبع فبنوتنا للآب تختلف عن بنوة يسوع للآب، بنوتنا لله نعمة أعطاها لنا الرب يسوع بدمه ونحن غير مستحقين لها.
+ "أَرْسَلَهُ يُبَارِكُكُمْ " أي هذا هو النسل الذي فيه كل البركة، "بِرَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَنْ شُرُورِهِ" أي هناك شرط لكي تقبلوا المسيح، لا بد أن يترك كل واحد شروره.
من خلال العظتين السابقتين للقديس بطرس يتضح أن هناك خطوط واضحة يجب اتباعها في الكرازة:
+ الإيمان ثم التوبة ثم المعمودية، بمعنى:
1- شرح الإيمان والخلاص بالمسيح، والاستدلال بالنبوات إذا كان المستمع يهودي.
2- عندما تستطيع توصيل الإيمان بالرب يسوع الذي مات وقام يأتي دور التوبة.
3- ثم يأتي دور المعمودية.
هذا هو سيناريو الكرازة الذي نتبعه مع غير المسيحيين حتى اليوم.
+ عندما يسألك غير المسيحي عن المسيح: مَنْ هو المسيح؟ عليك أن تقدم له المسيح في تدرج بحيث يقتنع أولًا أن المسيح ليس إنسانًا عاديًا، وليس نبيًا عاديًا، حتى تصل به إلى الإيمان بأن المسيح هو الإله الحقيقي القادر على خلاص العالم. عندما يصل إليه هذا الإيمان، يأتي دور التوبة ثم المعمودية ويصير إنسانًا مسيحيًا.
+ إن كان المستمع يهودي، قد تصل به للإيمان أسرع لأن اليهودي يحفظ النبوات ويعرفها ويؤمن بها فعليك أن توضح له أن هذه النبوات لا تنطبق إلا على المسيح. وهذه النبوات تؤكد أن المسيح ليس شخص عادي، بل هو إله، وإذا كان الله جاء لنا على الأرض ومات لكي يفدينا ويخلصنا، فلا بد أن نؤمن به، وطلبه الوحيد والأساسي: التوبة عن الخطية، ثم المعمودية حتى تصبح إنسانًا جديدًا وتبدأ حياة جديدة وتدخل الكنيسة (جسد المسيح) ويُكتب اسمك في سفر الحياة.
آية للحِفظ: 19فَتُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ، لِكَيْ تَأْتِيَ أَوْقَاتُ الْفَرَجِ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ (أع 3: 19).
← تفاسير أصحاحات سفر الأعمال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أعمال الرسل 4 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص داود لمعي |
تفسير أعمال الرسل 2 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/fr-dawood-lamey/acts-of-the-apostles/chapter-03.html
تقصير الرابط:
tak.la/qbz7k56