← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42 - 43 - 44 - 45 - 46 - 47 - 48
هذا الأصحاح يتضمن:
من الأصحاحات السابقة نلاحظ أنه:
+ طوال التسعة أصحاحات السابقة لم نسمع عن أي أممي أصبح مسيحي، كانت الكنيسة تضم فقط اليهود الذين آمنوا وأصبحوا مسيحيين. لكن في هذا الأصحاح (الأصحاح العاشر) سيتخذ الروح القدس خطوة هامة وقوية، حيث سيقبل الروح القدس غير اليهود أيضًا (الأمم) إلى الإيمان.
وَكَانَ فِي قَيْصَرِيَّةَ رَجُلٌ اسْمُهُ كَرْنِيلِيُوسُ، قَائِدُ مِئَةٍ مِنَ الْكَتِيبَةِ الَّتِي تُدْعَى الإِيطَالِيَّةَ. وَهُوَ تَقِيٌّ وَخَائِفُ اللهِ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ، يَصْنَعُ حَسَنَاتٍ كَثِيرَةً لِلشَّعْبِ، وَيُصَلِّي إِلَى اللهِ فِي كُلِّ حِينٍ
+ قَيْصَرِيَّةَ: بلد تبعد عن أورشليم بضعة أميال شمالًا.
+ كَرْنِيلِيُوس كان يعمل بوظيفة قائد مئة في الجيش الروماني "قَائِدُ مِئَةٍ مِنَ الْكَتِيبَةِ الَّتِي تُدْعَى الإِيطَالِيَّةَ"، ومن هذا نستنتج أنه لا بد أن يكون روماني الجنسية (رجل أممي غير يهودي)، لأن الرومان لا يعينون في هذا المنصب إلا من يحملون الجنسية الرومانية، بعكس قائد جند الهيكل الذي قد يكون، بل غالبًا ما يكون يهودي الجنسية.
+ وصف الكتاب كَرْنِيلِيُوس بأنه " رَجُلٌ.. تَقِيٌّ وَخَائِفُ اللهِ"، من الممكن جدًا أن يوصف اليهودي بهذا الوصف، فالكثير من اليهود بالفعل كانوا أتقياء ويخافون الرب، لكن من الغريب أن يصف الكتاب رجل أممي بهذا الوصف، لأن الأمم كانوا يعبدون الأوثان! فهل يوجد تقوى في شعوب أخرى؟! سنجد الرد لاحقًا في سفر الأعمال في آية نصها: "(الله) لَمْ يَتْرُكْ نَفْسَهُ بِلاَ شَاهِدٍ، ..." (أع 14: 17). ففي كل أمة يوجد أتقياء يعرفون الله، ربما بطريقة بدائية، لكن بضمير متيقظ، حيث يوجد داخلهم حب فطري للخير. عين الرب على هؤلاء الناس!! وكان "كَرْنِيلِيُوس" من هذا النوع من الناس الذي يعرف أن هناك إله غير محدود، غير التماثيل التي كان يعبدها الرومان في ذلك الوقت، وقد ربَّى جميع أهل بيته على خوف الله ويظهر ذلك في تكملة الآية: "تَقِيٌّ وَخَائِفُ اللهِ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ"!
+ ووصف الكتاب أيضًا "كَرْنِيلِيُوس" بأنه "يَصْنَعُ حَسَنَاتٍ كَثِيرَةً لِلشَّعْبِ"، أي أنه كان رجل خيِّر، فمع أنه أساسًا قائد مئة أي مُستعمر، كان يصنع الخير مع اليهود الغلابة المحيطين به، لأنه يعلم أن الخير هو الذي يُرضي الله.
+ "وَيُصَلِّي إِلَى اللهِ فِي كُلِّ حِينٍ" هذا الرجل كان ينادي على ربنا ويتكلم مع ربنا طوال الوقت!
باختصار كان "كَرْنِيلِيُوس" يعيش حياة التقوى الحقيقية بالفطرة،
دون أن يكون يهودي، وقبل أن يصير مسيحيًا!
+ وتذكرنا قصة كَرْنِيلِيُوس بقصة قائد مئة آخر وردت في (مت 8: 5-13)، و(لو7: 2-10)، كان أيضًا روماني الجنسية وكان أيضًا إنسان خيِّر جدًا وتقي بالرغم من أنه غير يهودي وغير مسيحي حتى أن اليهود أنفسهم شهدوا له بذلك. فقد كان لقائد المئة هذا غلام (عبد) يحبه جدًا وكان هذا الغلام مفلوج ومشرف على الموت، وأرسل قائد المئة هذا شيوخ اليهود ليطلبوا من الرب يسوع أن يشفي غلامه، ففعلوا ذلك قائلين عنه للرب يسوع: "إِنَّهُ مُسْتَحِقٌ أَنْ يُفْعَلَ لَهُ هذَا، لأَنَّهُ يُحِبُّ أُمَّتَنَا، وَهُوَ بَنَى لَنَا الْمَجْمَعَ" (لو7: 4). وبالفعل استجاب الرب يسوع لطلبه وقام للذهاب مع شيوخ اليهود لبيت قائد المئة هذا حيث يرقد الغلام المريض، ولكن أثناء الطريق أرسل قائد المئة للرب يسوع قائلًا: "يَا سَيِّدُ، لاَ تَتْعَبْ. لأَنِّي لَسْتُ مُسْتَحِقًّا أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفِي. لِذلِكَ لَمْ أَحْسِبْ نَفْسِي أَهْلًا أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ" – قال ذلك لأنه كان يعلم أنه مُحرَّم على اليهودي دخول بيت أي شخص أممي - ثم قال في رسالته معنى بسيط وجميل جدًا يدل على عظمة إيمانه بالرب يسوع، قال: "لكِنْ قُلْ كَلِمَةً فَيَبْرَأَ غُلاَمِي لأَنِّي أَنَا أَيْضًا إِنْسَانٌ مُرَتَّبٌ تَحْتَ سُلْطَانٍ، لِي جُنْدٌ تَحْتَ يَدِي. وَأَقُولُ لِهذَا: اذْهَبْ! فَيَذْهَبُ، وَلآخَرَ: ائْتِ! فَيَأْتِي، وَلِعَبْدِي: افْعَلْ هذَا! فَيَفْعَلُ" أي أنا أؤمن أن لك سلطان أن تقول للمرض إذهب فيذهب بمجرد كلمة من فمك! فأعجب الرب يسوع جدًا بإيمانه وامتدحه قائلًا: "لمْ أَجِدْ وَلاَ فِي إِسْرَائِيلَ إِيمَانًا بِمِقْدَارِ هذَا! ". وبالفعل شُفيَ الغلام بكلمة من الرب يسوع. وكانت هذه أول معجزة يصنعها الرب يسوع عن بعد! أي وهو على مسافة بعيدة من المريض! كل المعجزات كانت مباشرة. وأكمل الرب يسوع قائلًا: "... وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِب وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ،وَأَمَّا بَنُو الْمَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ".
فَرَأَى ظَاهِرًا فِي رُؤْيَا نَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ مِنَ النَّهَارِ، مَلاَكًا مِنَ اللهِ دَاخِلًا إِلَيْهِ وَقَائِلًا لَهُ:«يَا كَرْنِيلِيُوس!».
+ كان "كَرْنِيلِيُوس" يُصلي صلاة الساعة التاسعة من النهار (أي الساعة الثالثة ظهرًا)، عندما دخل عليه ملاكًا من الله ونادى عليه قائلًا "يَا كَرْنِيلِيُوس". وهذه الآية تُبين أن "كَرْنِيلِيُوس" كان يُصلي السواعي (يقف ليتكلم مع ربنا في سواعي معينة) مثل اليهود، بالرغم من أنه ليس يهودي.
فَلَمَّا شَخَصَ إِلَيْهِ وَدَخَلَهُ الْخَوْفُ، قَالَ:«مَاذَا يَا سَيِّدُ؟» فَقَالَ لَهُ:«صَلَوَاتُكَ وَصَدَقَاتُكَ صَعِدَتْ تَذْكَارًا أَمَامَ اللهِ.
+ بالطبع ظهور ملاك كان شيء غريب جدًا على "كَرْنِيلِيُوس"، بحكم أنه رجل أممي فهو لم يسمع من قبل عن الملائكة، أو عن إنسان تلقي رسالة من الله! وهذا يُوضح لنا مدى فاعلية الصدق في عمل الخير والصلاة، فهما محسوبان جدًا ولهما قيمة كبيرة عند الله.
وَالآنَ أَرْسِلْ إِلَى يَافَا رِجَالًا وَاسْتَدْعِ سِمْعَانَ الْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ. إِنَّهُ نَازِلٌ عِنْدَ سِمْعَانَ رَجُل دَبَّاغٍ بَيْتُهُ عِنْدَ الْبَحْرِ. هُوَ يَقُولُ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ».
+ وصلنا في الأصحاح السابق (أصحاح 9) أن القديس بُطْرُس بعد أن أقام طابيثا مكث فترة في يَافَا يكرز ويبشر ويتفقد البلاد، ونص الآية: "وَمَكَثَ أَيَّامًا كَثِيرَةً فِي يَافَا، عِنْدَ سِمْعَانَ رَجُل دَبَّاغٍ" (أع9: 43). حيث أقام القديس بطرس عند رجل دباغ (يعمل بدباغة الجلود) اسمه سِمْعَانَ بيته عند البحر.
نلاحظ أن آبائنا الرسل على عظمتهم كانوا يعيشون حياة بسيطة وفقيرة فبطرس الرسول كان يعمل صياد سمك وحتى بعد أن آمن الكثيرين بسببه وصنع معجزات وأقام طابيثا من الموت، أقام في يافا عند سمعان وهو رجل دباغ! أي استمرت حياته بسيطة وفقيرة أيضًا!
+ لعل كَرْنِيلِيُوس كان بقلبه نفس السؤال الذي سأله شاول للرب يسوع: "يَا رَبُّ، مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ؟" (أع 9: 6)، هو لا يعرف شيئًا، فجاءه الملاك وقال له الله يقول لك: "أَرْسِلْ إِلَى يَافَا رِجَالًا وَاسْتَدْعِ سِمْعَانَ الْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ... هُوَ يَقُولُ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ".
+ من الواضح أن قصتي شاول وكَرْنِيلِيُوس أن السماء دائمًا تجعل الكنيسة في شخص الآباء الروحيين تقوم بدور المعلم والمرشد لأبنائها. ففي قصة شاول قال الرب له "حنانيا سيقول لك ماذا تفعل"، وفي قصة كَرْنِيلِيُوس قال الملاك لكرنيليوس "سمعان سيقول لك ماذا تفعل".
هناك قصة غريبة وجميلة في بستان الرهبان تؤكد هذا المعنى (الكنيسة - متمثلة في آبائها الروحيين والإكليروس - هي المسئولة عن تعليم أولادها الإيمان الصحيح). تتحدث هذه القصة عن راهب عجوز بسيط جدًا اعتاد أن يصلي القداس وكان دائمًا يرى ملاك ظاهر يقف بجواره أثناء كل قداس. ونظرًا لأن الرهبان كانوا يعيشون في الصحراء، كان عدد الذين يحضرون القداس معه لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة. أيضًا كان هذا الراهب العجوز لبساطته لا يفهم كثيرًا في اللاهوتيات، في الوقت الذي انتشرت فيه العديد من الهرطقات، فكان يقرأ أثناء القداس جزء في القسمة به خطأ ما لاهوتي (جزء ما تناقله الهراطقة به خطأ لاهوتي). في أحد المرات حضر القداس راهب شماس على دراية باللاهوتيات، ووقف بجوار هذا الراهب البسيط أثناء القداس، فعندما سمعه يقرأ الجزء الغير سليم لاهوتيًا نبهه في السر قائلًا: يا أبي هذه الصلاة بها خطأ لاهوتي وقدم له الصلاة السليمة لاهوتيًا، فنظر الراهب العجوز يمينه للملاك الواقف بجواره ثم استمر في قراءته كالمعتاد معتمدًا على أن الملاك لم يبدي أي اعتراض على صلاته سواء في هذا القداس أو في القداسات السابقة، فنبهه الشماس مرة أخرى للخطأ ولكنه لم يستجب! وتكرر نفس الموقف وفي المرة الثالثة تعجب الراهب العجوز وسأل الملاك الواقف بجاوره: إذا كان هناك خطأ لاهوتي في صلاتي، لماذا لم يسبق لك أن تنبهني له وأنت تقف بجواري منذ سنين!! فرد عليه الملاك قائلًا: لأن الله قد وضع نظامًا أن الإنسان هو الذي يُعلِّم الإنسان!!! بالطبع هذا الراهب العجوز كان تقيًا وقديسًا حتى أن الملائكة كانت ترافقه في القداس، ولكنه استجاب باتضاع لتعليم هذا الشماس اللاهوتي.
نلاحظ في هذه القصة أن الملاك لم يتدخل في تنبيه الكاهن وتصحيح اللاهوتيات، بل الشماس (الإكليروس) هو الذي قام بهذا الدور لأنه كما قلنا الكنيسة هي المسئولة عن تعليم أولادها الإيمان الصحيح.
فَلَمَّا انْطَلَقَ الْمَلاَكُ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُ كَرْنِيلِيُوسَ، نَادَى اثْنَيْنِ مِنْ خُدَّامِهِ، وَعَسْكَرِيًّا تَقِيًّا مِنَ الَّذِينَ كَانُوا يُلاَزِمُونَهُ، وَأَخْبَرَهُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ وَأَرْسَلَهُمْ إِلَى يَافَا.
+ "نَادَى (كَرْنِيلِيُوس) اثْنَيْنِ مِنْ خُدَّامِهِ، وَعَسْكَرِيًّا تَقِيًّا مِنَ الَّذِينَ كَانُوا يُلاَزِمُونَهُ" تدل على أن "كَرْنِيلِيُوس" كان يختار مَنْ يلازمونه من الأتقياء أيضًا حتى العسكري الذي كان يخدم معه.
ثُمَّ فِي الْغَدِ فِيمَا هُمْ يُسَافِرُونَ وَيَقْتَرِبُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ، صَعِدَ بُطْرُسُ عَلَى السَّطْحِ لِيُصَلِّيَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ.
+ بالطبع بطرس كان يهودي متعصب، ولذلك كان لا بد أن يرى رؤيا أو يتلق أوامر مباشرة من الرب حتى يوافق على الذهاب لكرنيليوس لأنه كما سبق أن ذكرنا كان من المُحرَّم على اليهودي أن يدخل بيت رجل أممي.
+ سافر رسل "كَرْنِيلِيُوس" في نفس الليلة التي رأى فيها "كَرْنِيلِيُوس" الملاك، ووصلوا في اليوم التالي لبطرس، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. وفي وقت اقترابهم من المدينة، صعد بُطْرُسُ لكي يصلي صلاة الساعة السادسة من النهار (أي الساعة 12 الظهر).
نلاحظ أن الرسل عندما كانوا في أورشليم كانوا يصلون في الهيكل (راجع أع3: 1)، ولكن عندما يكونون في مكان بعيد عن أورشليم كانوا يصعدوا للسطح ويصلوا متجهين نحو الهيكل بحكم الطقس اليهودي، (أو نحو الشرق طبقًا لطقس كنيستنا القبطية).
فَجَاعَ كَثِيرًا وَاشْتَهَى أَنْ يَأْكُلَ. وَبَيْنَمَا هُمْ يُهَيِّئُونَ لَهُ، وَقَعَتْ عَلَيْهِ غَيْبَةٌ،
+ كان بطرس صائمًا صوم انقطاعي وفي الساعة الثانية عشر وأثناء الصلاة شعر بالجوع "وَاشْتَهَى أَنْ يَأْكُلَ"، "وَبَيْنَمَا هُمْ يُهَيِّئُونَ لَهُ" أي وبينما كان أهل بيت سمعان الدباغ في الدور السفلي يُحضرون له الطعام، "وَقَعَتْ عَلَيْهِ غَيْبَةٌ". و"الغيبة" نوع من الذهول أو التوهان أو السرحان الشديد يدخل فيه الإنسان وهو متيقظ (ليس نائمًا) ويرى أثناءه رؤيا، أو رسالة من السماء.
+ في الغيبة يرى الإنسان الرؤيا وهو مستيقظ ومفتوح العينين. عكس الحلم الذي يرى فيه الإنسان الرؤيا وهو نائم. "يوسف الصديق" مثلًا رأى ملاك الرب وهو نائم في حلم، حيث يقول الكتاب: "إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلًا: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ... " (مت2: 13).
فَرَأَى السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَإِنَاءً نَازِلًا عَلَيْهِ مِثْلَ مُلاَءَةٍ عَظِيمَةٍ مَرْبُوطَةٍ بِأَرْبَعَةِ أَطْرَافٍ وَمُدَّلاَةٍ عَلَى الأَرْضِ. وَكَانَ فِيهَا كُلُّ دَوَابِّ الأَرْضِ وَالْوُحُوشِ وَالزَّحَّافَاتِ وَطُيُورِ السَّمَاءِ.
+ رأى منظر غريب! السماء مفتوحة، ينزل منها ملاءة (ملاية)، لها أربعة أطرف، كأنها مغطية الأرض كلها.
+ وعلى هذه الملاءة "كُلُّ دَوَابِّ الأَرْضِ وَالْوُحُوشِ وَالزَّحَّافَاتِ وَطُيُورِ السَّمَاءِ" وبالطبع كل هذه الكائنات التي كانت موجودة على الملاءة ممنوع أكلها عند اليهود. فالطيور أنواع قليلة مسموح بأكلها! الوحوش والزواحف ممنوع أكلها نهائيًا! الدواب أنواع معينة فقط مسموح بأكلها!
وَصَارَ إِلَيْهِ صَوْتٌ:«قُمْ يَا بُطْرُسُ، اذْبَحْ وَكُلْ». فَقَالَ بُطْرُسُ:«كَلاَّ يَا رَبُّ! لأَنِّي لَمْ آكُلْ قَطُّ شَيْئًا دَنِسًا أَوْ نَجِسًا». فَصَارَ إِلَيْهِ أَيْضًا صَوْتٌ ثَانِيَةً:«مَا طَهَّرَهُ اللهُ لاَ تُدَنِّسْهُ أَنْتَ!»
+ سمع القديس بطرس صوت من السماء يقول له: "قُمْ يَا بُطْرُسُ، اذْبَحْ وَكُلْ" فرد بطرس قائلًا "كَلاَّ يَا رَبُّ! لأَنِّي لَمْ آكُلْ قَطُّ شَيْئًا دَنِسًا أَوْ نَجِسًا"، فقال له الرب: ليس من حقك أن تقول على ما أقدمه لك أنه دنس، لأني أنا الذي منعتك من أكله في الماضي (كانت هذه الأطعمة محرمة عند اليهود) وأنا الذي آمرك أن تأكل منه الآن، أنا الذي أحرِّم وأنا الذي أصرِّح، أنا صاحب الأمر والنهي، " مَا طَهَّرَهُ اللهُ لاَ تُدَنِّسْهُ أَنْتَ!".
الله كان يُحرِّم أكل بعض الأشياء عند اليهود لأنهم كانوا همجيين يأكلون كل هذه الكائنات بدمها، وأراد الله أن يعطيهم إشارة لمعاني روحية معينة. وعندما نقرأ عن هذا المحرمات في سفر اللاويين، نجد أن لها تفسير مرتبط بمعاني روحية، لكن كل خليقة الله طاهرة، وهناك آيات كثيرة في الكتاب المقدس تدل على ذلك: "لأَنَّ كُلَّ خَلِيقَةِ اللهِ جَيِّدَةٌ، وَلاَ يُرْفَضُ شَيْءٌ إِذَا أُخِذَ مَعَ الشُّكْرِ" (1تي 4: 4)، "كُلُّ الأَشْيَاءِ طَاهِرَةٌ، لكِنَّهُ شَرٌّ لِلإِنْسَانِ الَّذِي يَأْكُلُ بِعَثْرَةٍ" (رو 14: 20) وكل شيء يتقدس إذا أكل بالشكر وبكلمة ربنا.
+ (أمر الله بطرس قائلًا: قوم كُل، أنا اللي بقول لك قوم كُل، وما دام أنا اللي بقول لك يبأه أنا اعتبرت هذا الأكل طاهر، ما ينفعش إنت تقول عليه نجس! وبنفس المعنى يُريد الله أن يقول لبطرس: أنا اللي قلت زمان إن الأمم ما لهومش في ربنا وأنا اللي بقول دلوقتي إن الأمم لهم في ربنا)
الله لم يوجه دعوته للأمم في الماضي، وهو الآن الذي سيدعوهم لمعرفته. أراد الرب بهذه الرؤيأ أن يُحرر بطرس من الحرفية والتزمت اليهودي.
+ كلما كان بطرس يفيق من الغيبة، تأتيه مرة أخرى ويرى نفس الرؤيا. وتكرر هذا المشهد بنفس السيناريو ثلاث مرات! لكي يتأكد أن هذا ليس سرحان أو وهم، بل حقيقة ورؤيا سماوية.
+ "ثُمَّ ارْتَفَعَ الإِنَاءُ أَيْضًا إِلَى السَّمَاءِ".
+ بعض الآباء يقولون عندما تكون الأحلام رسائل روحية، انتظر تكرارها، وكثير من الناس يحدث هذا معهم! (لما تكون رسالة من السماء واضحة، إذا لم يصدقها الشخص من أول مرة، مسموح له ينتظر لأنها إذا كانت حقيقية ستتكرر حتى يتأكد).
"وَإِذْ كَانَ بُطْرُسُ يَرْتَابُ فِي نَفْسِهِ: مَاذَا عَسَى أَنْ تَكُونَ الرُّؤْيَا الَّتِي رَآهَا؟، إِذَا الرِّجَالُ الَّذِينَ أُرْسِلُوا مِنْ قِبَلِ كَرْنِيلِيُوسَ، وكَانُوا قَدْ سَأَلُوا عَنْ بَيْتِ سِمْعَانَ وَقَدْ وَقَفُوا عَلَى الْبَابِ" وَنَادَوْا يَسْتَخْبِرُونَ:«هَلْ سِمْعَانُ الْمُلَقَّبُ بُطْرُسَ نَازِلٌ هُنَاكَ؟»
+ وفيما كان بطرس متحيرًا في معنى هذه الرؤيا، وصل الثلاثة رجال الذي أرسلهم "كَرْنِيلِيُوس" إلى البيت الذي يُقيم فيه بطرس، ونادوا كعادتهم للتأكد من وجوده في هذا البيت.
وَبَيْنَمَا بُطْرُسُ مُتَفَكِّرٌ فِي الرُّؤْيَا، قَالَ لَهُ الرُّوحُ:«هُوَذَا ثَلاَثَةُ رِجَال يَطْلُبُونَكَ. لكِنْ قُمْ وَانْزِلْ وَاذْهَبْ مَعَهُمْ غَيْرَ مُرْتَابٍ فِي شَيْءٍ، لأَنِّي أَنَا قَدْ أَرْسَلْتُهُمْ
+ الروح القدس لم يترك بطرس متحيرًا بل قال له بكل وضوح: "هُوَذَا ثَلاَثَةُ رِجَال يَطْلُبُونَكَ. لكِنْ قُمْ وَانْزِلْ وَاذْهَبْ مَعَهُمْ غَيْرَ مُرْتَابٍ فِي شَيْءٍ، لأَنِّي أَنَا قَدْ أَرْسَلْتُهُمْ" أي لا تَشُك أو تسأل أو تتردد في الذهاب معهم! بالطبع هؤلاء الرجال أمميين، ويريدون أن يأخذوه لبيت وثني! وبالنسبة لبطرس هذا شيء لا يمكن أن يقبله نفسيًا! لكن الله يقول له: " لأَنِّي أَنَا قَدْ أَرْسَلْتُهُمْ!". كما قلت لك " مَا طَهَّرَهُ اللهُ لاَ تُدَنِّسْهُ أَنْتَ!"، أنا أقول لك أني أرسلتهم!
فَنَزَلَ بُطْرُسُ إِلَى الرِّجَالِ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَيْهِ مِنْ قِبَلِ كَرْنِيلِيُوسَ، وَقَالَ:«هَا أَنَا الَّذِي تَطْلُبُونَهُ. مَا هُوَ السَّبَبُ الَّذِي حَضَرْتُمْ لأَجْلِهِ؟»
+ بالطبع بطرس كان يُريد أن يعرف السبب الذي أتى من أجله هؤلاء الرجال؟! وماذا يريدون؟!
فَقَالُوا:«إِنَّ كَرْنِيلِيُوسَ قَائِدَ مِئَةٍ، رَجُلًا بَارًّا وَخَائِفَ اللهِ وَمَشْهُودًا لَهُ مِنْ كُلِّ أُمَّةِ الْيَهُودِ، أُوحِيَ إِلَيْهِ بِمَلاَكٍ مُقَدَّسٍ أَنْ يَسْتَدْعِيَكَ إِلَى بَيْتِهِ وَيَسْمَعَ مِنْكَ كَلاَمًا».
+ أراد الرجال الثلاثة بكلامهم هذا أن يطمئنوا بطرس أن "كَرْنِيلِيُوس" - الرجل الذي سيذهب إليه معهم - رجل صالح جدًا، وبار، ومحبوب من كل اليهود، ومشهود له منهم أنه خائف الله وأنه رأى ملاك ولذلك هو يستدعيه لكي يستمع لكلامه. كان هؤلاء الرجال يعلمون صعوبة الأمر على بطرس (أن يذهب معهم إلى بيت رجل أممي)!
فَدَعَاهُمْ إِلَى دَاخِل وَأَضَافَهُمْ. ثُمَّ فِي الْغَدِ خَرَجَ بُطْرُسُ مَعَهُمْ، وَأُنَاسٌ مِنَ الإِخْوَةِ الَّذِينَ مِنْ يَافَا رَافَقُوهُ
+ بالطبع لم يذهب معهم بطرس في نفس الوقت بل دعاهم وأضافهم لكي يُسافر معهم في الصباح الباكر، (كانوا يُفضلون السفر في الصباح الباكر "الفجر" حتى يصلوا أثناء النهار وقبل دخول الليل)،
+ وبالطبع لم يترك التلاميذ بطرس يسافر مع هؤلاء الرجال الغرباء بمفرده قلقًا عليه، فسافر معه بعض المسيحيين من يافا (لم يُذكر عددهم في هذا الأصحاح ولكن جاء عددهم في أصحاح 11 على لسان القديس بطرس وهو يروي ما حدث أنهم كانوا ستة أشخاص ونص الآية: "فَقَالَ لِي الرُّوحُ أَنْ أَذْهَبَ مَعَهُمْ غَيْرَ مُرْتَابٍ فِي شَيْءٍ. وَذَهَبَ مَعِي أَيْضًا هؤُلاَءِ الإِخْوَةُ السِّتَّةُ. فَدَخَلْنَا بَيْتَ الرَّجُلِ" (أع 11: 12).
وَفِي الْغَدِ دَخَلُوا قَيْصَرِيَّةَ. وَأَمَّا كَرْنِيلِيُوسُ فَكَانَ يَنْتَظِرُهُمْ، وَقَدْ دَعَا أَنْسِبَاءَهُ وَأَصْدِقَاءَهُ الأَقْرَبِينَ.
+ "وَأَمَّا كَرْنِيلِيُوسُ فَكَانَ يَنْتَظِرُهُمْ": بالطبع كَرْنِيلِيُوس كان يعلم أن رجاله سيقضون ليلة عند بطرس، وأنهم سيعودوا إليه مرة أخرى بعد يومين من سفرهم لإحضار بطرس، فجمع أنسباءه وأصدقاءه المقربين ليكونوا جميعًا في انتظار بطرس الرسول.
وَلَمَّا دَخَلَ بُطْرُسُ اسْتَقْبَلَهُ كَرْنِيلِيُوسُ وَسَجَدَ وَاقِعًا عَلَى قَدَمَيْهِ. فَأَقَامَهُ بُطْرُسُ قَائِلًا:«قُمْ، أَنَا أَيْضًا إِنْسَانٌ».
+ واضح أن كَرْنِيلِيُوس كان رجل متواضع فعلًا وتقي، لأن بالرغم من أنه قائد مئة، بينما بطرس الذي دخل عنده كان صياد غلبان، إلا أن " كَرْنِيلِيُوسُ سَجَدَ وَاقِعًا عَلَى قَدَمَيْهِ"! كان كَرْنِيلِيُوس واثقًا أن بطرس هذا لابد أن يكون مرسل من السماء، أو إنسان عظيم، أو نبي، ما دام الملاك قال له أرسل رجالك لإحضار بطرس! لذلك سجد له للأرض.
+ لكن بطرس أقامه قائلًا: لا تسجد، فأنا إنسان مثلك (ما يصحش تسجد أمامي).
+ "ثُمَّ دَخَلَ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ مَعَهُ" أي حدث تعارف بين بطرس وكَرْنِيلِيُوس. "وَوَجَدَ كَثِيرِينَ مُجْتَمِعِينَ".
+ ولعل القديس بطرس يسامحنا إذا قلنا أن وجود كثيرين مجتمعين بالتأكيد أثار قلقه، فهو بالطبع كان يُفضِّل أن تمر مقابلة "كَرْنِيلِيُوس" في سرية دون أن يدري بها أحد، لأن هذه المقابلة من الطبيعي أن تسبب له مشكلة كبيرة مع اليهود (المسيحيين من أصل يهودي) وهذا ما حدث فعلًا وورد ذكره بوضوح في أصحاح 11. فجميع اليهود (المسيحيين الذين من أصل يهودي كلهم) لاموه بشدة على دخول بيت رجل أممي!! بالرغم من أن هؤلاء اليهود أصبحوا مسيحيين، لكن ما زال فيهم كل الطباع اليهودية، لم يستوعبوا بعد أن المسيحية ليست حكرًا على اليهود إنما هي للوثنيين أيضًا، بل وللعالم كله.
+ بالطبع أدرك القديس بطرس أن وجود الكثيرين بالطبع سيحول دون بقاء هذه المقابلة سرية!
فَقَالَ لَهُمْ:«أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ كَيْفَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى رَجُل يَهُودِيٍّ أَنْ يَلْتَصِقَ بِأَحَدٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ يَأْتِيَ إِلَيْهِ. وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَرَانِي اللهُ أَنْ لاَ أَقُولَ عَنْ إِنْسَانٍ مَا إِنَّهُ دَنِسٌ أَوْ نَجِسٌ.
+ تكلم القديس بطرس بصراحة مع المجتمعين فقال لهم: كما تعلمون "كَيْفَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى رَجُل يَهُودِيٍّ أَنْ يَلْتَصِقَ بِأَحَدٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ يَأْتِيَ إِلَيْهِ "، وكان من غير الممكن أن آتِ إليكم إلا بعد أن "أَرَانِي اللهُ (في رؤيا) أَنْ لاَ أَقُولَ عَنْ إِنْسَانٍ مَا إِنَّهُ دَنِسٌ أَوْ
نَجِسٌ".
+ والعبارة التي قالها القديس بطرس "قَدْ أَرَانِي اللهُ أَنْ لاَ أَقُولَ عَنْ إِنْسَانٍ مَا إِنَّهُ دَنِسٌ أَوْ نَجِسٌ" عبارة جميلة، تُعلمنا أنه يجب ألا نقول عن إنسان مهما كان إنه دنس أو نجس، فنحن لا نعلم ما وراء الأمور، نحن لا نعلم شيئًا عن أحد، فعلينا ألا نحكم على أحد من أي دين أو من أي مله هذا الحكم القاسي، فهذا ليس من حقنا أبدًا. ربنا علَّمَ القديس بطرس أن لا ينظر هذه النظرة اليهودية المتطرفة للأممي!
+ مع الأسف ما زال اليهود حتى الآن ينظرون لكل من هو ليس يهودي على أنه دنس أو نجس، لذلك هم يحتقرون العالم كله، مهما أظهروا عكس ذلك على سبيل الإتيكيت أو السياسة، في داخلهم احتقار لكل من هو غير يهودي، تربوا على هذا الفكر المتطرف!
فَلِذلِكَ جِئْتُ مِنْ دُونِ مُنَاقَضَةٍ إِذِ اسْتَدْعَيْتُمُونِي. فَأَسْتَخْبِرُكُمْ: لأَيِّ سَبَبٍ اسْتَدْعَيْتُمُونِي؟».
+ حتى هذه اللحظة لم يكن القديس بطرس يعلم ما هو المطلوب منه بالضبط؟! كل الذي يعلمه أن المطلوب منه دخول هذا البيت، لكن لم يكن يعلم لأي سبب؟! لذلك سألهم " لأَيِّ سَبَبٍ اسْتَدْعَيْتُمُونِي؟".
فَقَالَ كَرْنِيلِيُوسُ: «مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ كُنْتُ صَائِمًا. وَفِي السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ كُنْتُ أُصَلِّي فِي بَيْتِي، وَإِذَا رَجُلٌ قَدْ وَقَفَ أَمَامِي بِلِبَاسٍ لاَمِعٍ
+ "مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ" إذا حسبنا يوم رؤيا كَرْنِيلِيُوس هو اليوم الأول، ثم يوم سفر الرجال ووصولهم لبطرس هو اليوم الثاني، ثم يوم سفر العودة هو اليوم الثالث، يكون يوم وصول بطرس والرجال لكرنيليوس هو اليوم الرابع، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى."إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ كُنْتُ صَائِمًا. وَفِي السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ كُنْتُ أُصَلِّي فِي بَيْتِي" إذًا بطرس والرجال وصلوا لكرنيليوس تقريبًا الساعة التاسعة (3 ظهرًا)، وهي نفس الساعة التي رأى فيها كَرْنِيلِيُوس الملاك قبلها بأربعة أيام. ونلاحظ أن كَرْنِيلِيُوس كان صائمًا حتى الساعة 3 الظهر وأثناء صلاته صلاة الساعة التاسعة، بالرغم من أنه ليس يهودي! رأى الملاك.
وَقَالَ: يَا كَرْنِيلِيُوسُ، سُمِعَتْ صَلاَتُكَ وَذُكِرَتْ صَدَقَاتُكَ أَمَامَ اللهِ. فَأَرْسِلْ إِلَى يَافَا وَاسْتَدْعِ سِمْعَانَ الْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ. إِنَّهُ نَازِلٌ فِي بَيْتِ سِمْعَانَ رَجُل دَبَّاغٍ عِنْدَ الْبَحْرِ. فَهُوَ مَتَى جَاءَ يُكَلِّمُكَ. فَأَرْسَلْتُ إِلَيْكَ حَالًا. وَأَنْتَ فَعَلْتَ حَسَنًا إِذْ جِئْتَ. وَالآنَ نَحْنُ جَمِيعًا حَاضِرُونَ أَمَامَ اللهِ لِنَسْمَعَ جَمِيعَ مَا أَمَرَكَ بِهِ اللهُ»
+ "وَالآنَ نَحْنُ جَمِيعًا حَاضِرُونَ أَمَامَ اللهِ" هذه العبارة أيضًا جميلة جدًا، كرنيليوس هيأ نفسه ومن معه إلى أن بطرس عندما يأتي سيكلمهم كلام الله. إلى هذا الحد هذا الإنسان كان تقي بالحقيقة وبداخله نقاوه وبساطه جميله. قليل جدًا ما نجد إنسان يعامل الكاهن أو الأسقف أو رجل الله بهذه الطريقة المملوءة إيمان فيعتبر كل كلمة تخرج من فم رجل الله أنها صادرة من الله نفسه، ويشعر في وجود رجل الله أنه جالس أمام الله. إيمان جميل!!
+ بالطبع بطرس تأثر جدًا من تقوى هذا الإنسان! إنسان يصوم ويتفوق على بطرس في صيامه (بطرس جاع في الساعة الثانية عشر ظهرًا بينما كرنيليوس كان صائمًا ويصلي الساعة الثالثة!)، وصلاته لا تقل عن صلاة معلمنا بطرس، إنسان متضع أعدَ نفسه وكل أحبائه لكي يستمعوا لكلمة ربنا على فم القديس بطرس، لم يستكثر السجود لبطرس باعتباره مُرسل من قبل الرب، إنسان كله حماس لمعرفة الرسالة الروحية التي سيتلقاها، شيء مفرح! كل هذا بالرغم من أنه ليس يهودي بل أممي والمفترض أنه لا يعرف الله!
+ "ففَتَحَ بُطْرُسُ فَاهُ وَقَالَ: «بِالْحَقِّ أَنَا أَجِدُ أَنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ الْوُجُوهَ" أول درس تعلمه بطرس أن الله لا يُخدع بالمظاهر الخارجية (لا ينظر للوجه!). اليهودي التقي مظهره الخارجي يختلف عن مظهر قائد المئة تمامًا، لكن اتضح أن قائد المئة غالي عند ربنا مثل اليهودي التقي تمامًا. فمهما ظهر الإنسان للناس تقيًا، الله لا ينخدع بهذا المظهر لأن "اللهَ لاَ يَقْبَلُ الْوُجُوهَ" (يعني ربنا ما بيخدش بالمنظر، من الخارج، تعمل فيها منظر من بره ده مش بالضرورة يعجب ربنا).
+ لا بد أن نتوقف قليلًا عند هذه الآية. ما معنى عبارة "مَقْبُولٌ عِنْدَهُ (الله)"؟ هل كل الذي يتقي الله ويصنع البر يخلص ويعاين ملكوت الله؟! بالطبع لا، فعبارة "مَقْبُولٌ عِنْدَهُ" لا تعني "الخلاص" أو "معاينة ملكوت الله" لأن هناك شرط آخر وضعه الله لمعاينة ملكوته هو أن يكون مولدًا من فوق، ونص الآية: "إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ" (يو3: 3). لكن نفرض أن هناك إنسان غير مسيحي لكنه مؤمن بوجود الله وتقي ويصنع البر، يقول لنا الكتاب انه "مَقْبُولٌ عِنْدَ الله".
+ لا نعلم بالضبط معنى عبارة "مقبول عند الله"، ولكن إذا كنا نحن بضعف بشريتنا وقلبنا الصغير الغلبان، كثيرًا ما نرى شخصيات تقية وجميلة فنشعر بالحزن لأننا نعلم أنها لن تعاين الله، فبالتأكيد هذه الشخصيات لها مكانة عند الله ومقبولين لدى الله.
إذن أفضل معنى يمكن أن نأخذه من عبارة "مَقْبُولٌ عِنْدَه (الله)" الموجودة في هذه الآية، هو أن هؤلاء الناس المقبولين لدى الله لهم مكانة عند الله ولن يتركهم للهلاك بل سيأتي بهم كما أتى بكرنيليوس! كيف؟! لا نعرف، بطريقة أو بأخرى فهذا عمل الله وحده.
+ الدرس الأول: لا تقل عن أحد أنه نجس أو دنس، مهما كان شرير.
+ الدرس الثاني: الله له أحباء وناس في كل أمة مقبولين عنده، لم يأخذوا النعمة التي أخذناها، ولم ينالوا المجد الذي حصلنا عليه، ولكنهم مقبولين عنده.
(فعندما نجد إنسان غير مسيحي خير جدًا، صوَّام، ورجل صلاة، يتقي ربنا وهو لا يعرف الكثير عن الله، علينا أن نعلم أن له مكانة خاصة عند الله. لكن هل معنى هذا أنه سيخلصى لمجرد أنه تقي؟ّ! بالطبع لا وإلا ما كان هناك داعي أن يظهر الملاك لكرنيليوس، وما كان هناك داعي أن يأتي بطرس لكرنيليوس وينقل له الإيمان ويعمده! لكن يكفينا أن نقف عند الكلمة الجميلة التي قالها بطرس "مقبول"، فمن حقك عندما تجد رجل تقي تصلي له قائلًا: "يا رب ما تخليه كرنيليوس، ما تبعتله ملاك من ملائكتك أو ابعتله واحد مثل بطرس يمكن يشده لأن فاضل له خطوة، لأن استعداده حلو، اتضاعه حلو، إيمانه بسيط، معلوماته قليله لكن فيه صدق في حياته، شده يا رب كمل جميلك معاه).
+ الدرس الثالث: "اللهَ لاَ يَقْبَلُ الْوُجُوهَ" المناظر اليهودية (العبادة الظاهرية)غير مقبولة عند ربنا، رؤساء الكهنة وشيوخ اليهود، (هؤلاء هم الوجوه) لم يعودوا مقبولين عند الله، بينما كيرنيليوس أصبح مقبول.
"الْكَلِمَةُ الَّتِي أَرْسَلَهَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ يُبَشِّرُ بِالسَّلاَمِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. هذَا هُوَ رَبُّ الْكُلِّ"
+ القديس بطرس تكلم مباشرة عن الرب يسوع قائلًا: ربنا في آخر الأيام أرسل كلمته (إبنه الوحيد ربنا يسوع المسيح) إلى شعب إسرائيل ليبشرهم بالسلام، " هذَا هُوَ رَبُّ الْكُلِّ".
بالطبع هذه البلاد (ومن ضمنها بلد كرنيليوس ومن معه) سبق أن سمعت عن يسوع الناصري، لكنهم لا يعرفون من هو يسوع الناصري؟! هل هو نبي، أم إنسان عادي، أم ماذا؟!!! لذلك ابتدأ القديس بطرس كلامه بهذا الإعلان الواضح أن الله أرسل ابنه الوحيد (كلمته) إلى شعب إسرائيل ليبشرهم بالسلام، وأنه هو بالحقيقة "رَبُّ الْكُلِّ".
+ نلاحظ أن هذه هي المرة الأولى التي يذكر فيها القديس بطرس عن السيد المسيح أنه "رَبُّ الْكُلِّ"، فلا يمكن بعد هذه الرؤى والإعلانات أن يقول عنه أنه رب إسرائيل فقط، فقد عرِفَ أن عينا الرب على الأمم أيضًا فهو إذن "رَبُّ الْكُلِّ".
"أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ الأَمْرَ الَّذِي صَارَ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ مُبْتَدِئًا مِنَ الْجَلِيلِ، بَعْدَ الْمَعْمُودِيَّةِ الَّتِي كَرَزَ بِهَا يُوحَنَّا"
+ واضح من كلام القديس بطرس أن سيرة ربنا يسوع كانت منتشرة جدًا في ذلك الوقت، لذلك من الغشم الشديد أن يدعي أحدهم في القرن 21 أن قصة يسوع قد تكون اسطورة مؤلفة!!! أو يسوع شخصية وهمية!! قصة يسوع المسيح تاريخيًا كانت منتشرة في كل البلاد المحيطة بسبب الآلاف التي سارت وراءه، وبسبب مئات بل آلاف المعجزات التي صنعها. فالتاريخ لا يمكن ينكر أن السيد المسيح له المجد جاء على الأرض وبشر وصنع الكثير من المعجزات.
+ "الَّذِي صَارَ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ مُبْتَدِئًا مِنَ الْجَلِيلِ، بَعْدَ الْمَعْمُودِيَّةِ الَّتِي كَرَزَ بِهَا يُوحَنَّا" كما تعلمون ربنا يسوع في الأصل جليلي، من منطقة الشمال في فلسطين (الجليل)، وقد بشر في الجليل وفي كل اليهودية إلى أن جاء إلى أورشليم وبشر فيها وقُتِلَ في أورشليم.
+ وقد بدأ السيد المسيح خدمته بعد معمودية يوحنا. أيضًا معمودية يوحنا كانت موضوع ضخم جدًا سمعت به كل الولايات، وخرج ليوحنا المعمدان آلاف مؤلفه ليعتمدوا على يديه. وكل البلاد المحيطة والرومان سمعوا بكل هذه الأحداث.
يَسُوعُ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ كَيْفَ مَسَحَهُ اللهُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَالْقُوَّةِ، الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ، لأَنَّ اللهَ كَانَ مَعَهُ.
+ "يَسُوعُ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ كَيْفَ مَسَحَهُ اللهُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَالْقُوَّةِ"، القديس بطرس أعلن لنا صراحة أن يسوع المسيح هو "رَبُّ الْكُلِّ"، ولكن هذا لا يلغي أبدًا أنه كإنسان مُسح بالروح القدس. متى حدث ذلك؟! حدث ذلك يوم معموديته، حيث حل عليه الروح القدس مثل حمامه ليعلن أنه مسيح الرب. لكن هل كان السيد المسيح ينقصه الروح القدس؟! بالطبع لا، لكن الروح القدس مسحه لإعلان المسحة، أي إعلان أنه هو المسيح.
+ "الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ، لأَنَّ اللهَ كَانَ مَعَهُ" بهذه العبارة لخص القديس بطرس حياة ربنا يسوع المسيح.
وَنَحْنُ شُهُودٌ بِكُلِّ مَا فَعَلَ فِي كُورَةِ الْيَهُودِيَّةِ وَفِي أُورُشَلِيمَ. الَّذِي أَيْضًا قَتَلُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ.
+ "وَنَحْنُ شُهُودٌ" هذه الكلمة مشهورة خاصة بالقديس بطرس، وتعني أنهم لم يسمعوا فقط بقصة الرب يسوع، بل كانوا معه يوم بيوم"اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ" (رسالة يوحنا الرسول الأولى 1: 1)، سمعناه وشفناه ولمسناه وأخرجنا معه شياطين، وصنعنا معه معجزات. وكلمة "شهود" ستتكرر كثيرًا في سفر الأعمال.
+ "الَّذِي أَيْضًا قَتَلُوهُ": القديس بطرس في كل عظاته السابقة كان يوجه كلامه لليهود فكان يقول لهم أنتم "قتلتموه"، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يقول فيها القديس بطرس كلمة "قتلوه"، لأنه يتكلم مع ناس ليسوا يهود وليس لهم ذنب في قتل الرب يسوع.
هذَا أَقَامَهُ اللهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَأَعْطَى أَنْ يَصِيرَ ظَاهِرًا، لَيْسَ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ، بَلْ لِشُهُودٍ سَبَقَ اللهُ فَانْتَخَبَهُمْ. لَنَا نَحْنُ الَّذِينَ أَكَلْنَا وَشَرِبْنَا مَعَهُ بَعْدَ قِيَامَتِهِ مِنَ الأَمْوَاتِ.
+ أي عندما قام الرب يسوع في اليوم الثالث لم يختبئ! بل كانت قيامته ظاهرة. كلنا كتلاميذ رأيناه قائم وجلسنا وتكلمنا معه وتكلم معنا "لَيْسَ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ" أي لم يظهر لجميع الشعب، "بَلْ لِشُهُودٍ سَبَقَ اللهُ فَانْتَخَبَهُمْ. لَنَا نَحْنُ الَّذِينَ أَكَلْنَا وَشَرِبْنَا مَعَهُ بَعْدَ قِيَامَتِهِ مِنَ الأَمْوَاتِ"، هنا يتكلم عن نفسه وعن الآباء التلاميذ.
+ القديس بطرس كان ينتهز كل فرصة لكي يتكلم عن القيامة ويبرهن عن حقيقة هذا الحدث، لأن موضوع القيامة هو أهم موضوع وهو سر المسيحية كله، المسيح قام بالحقيقة قام.
وَأَوْصَانَا أَنْ نَكْرِزَ لِلشَّعْبِ، وَنَشْهَدَ بِأَنَّ هذَا هُوَ الْمُعَيَّنُ مِنَ اللهِ دَيَّانًا لِلأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ.
+ "وَأَوْصَانَا أَنْ نَكْرِزَ لِلشَّعْبِ"، المقصود بكلمة "لِلشَّعْبِ"، اليهود! كان القديس بطرس والتلاميذ يظنون أن عليهم الكرازة لليهود فقط! بالرغم من أن السيد المسيح أمرهم بالكرازة للكل وليس لليهود فقد، فبالرجوع للوصية نجد نصها: "اذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ" (مت 28: 19)، ووعدهم "سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ" (أع 1: 8)، لكن التلاميذ في البداية جعلوا كرازتهم مقتصرة على أورشليم وأغمضوا أعينهم عن السامرة وأقصى الأرض!! فالكرازة في السامرة أجبروا عليها، أما الكرازة لأقصى الأرض فبدأت بحدث إيمان ومعمودية كرنيليوس (الأممي).
+ "وَنَشْهَدَ بِأَنَّ هذَا هُوَ الْمُعَيَّنُ مِنَ اللهِ دَيَّانًا لِلأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ": أي هذا هو الإله الحقيقي الديان.
+ يسوع المسيح هو الذي جاء لنا على الأرض، هو الذي مُسِح مسيحًا حقيقيًا، هو رب الكل، هو الذي خلصنا، وصعد إلى السموات، وأيضًا يأتي في مجده ليدين الأحياء والأموات.
لَهُ يَشْهَدُ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِاسْمِهِ غُفْرَانَ الْخَطَايَا
+ أي كتابنا المقدس وكل أنبيائنا تكلموا عنه وقالوا أن كل من يؤمن به ينال بإسمه غفران الخطايا (اسمه ده هو اللي فيه مغفرة الخطايا). قال ذلك لأنهم بحكم أنهم غير يهود، فطبيعي أنهم لا يعلموا شيئًا عن العهد القديم وما قاله الأنبياء.
فَبَيْنَمَا بُطْرُسُ يَتَكَلَّمُ بِهذِهِ الأُمُورِ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ. فَانْدَهَشَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِتَانِ، كُلُّ مَنْ جَاءَ مَعَ بُطْرُسَ، لأَنَّ مَوْهِبَةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ قَدِ انْسَكَبَتْ عَلَى الأُمَمِ أَيْضًا. لأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ وَيُعَظِّمُونَ اللهَ. ...
+ كانت أقصى طموحات بطرس الرسول وهو يعظ كرنيليوس ومن معه أن هؤلاء الناس يقتنعوا ويعجبوا بالفكره، ثم بعد ذلك يتركهم وشانهم. لا أعتقد أبدًا أنه كان يفكر في توبتهم ومعموديتهم، لأنهم ليسوا يهود. (هو حكى لهم الحكاية، إنتم عايزين تعرفوا حكايتنا إحنا كمسيحيين؟ أديني قلت لكم، إحنا ماشيين وراء يسوع المسيح، الإله الحقيقي، رب الكل، اللي عمل معجزات اللي صلبوه اليهود، اللي قام من الأموات، اللي هييجي يدين الأحياء والأموات. انتم بأه فين في القصة دي، بصراحة ما لكمش مكان!).
+ "َفَيْنَمَا بُطْرُسُ يَتَكَلَّمُ بِهذِهِ الأُمُورِ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ" فجأة وبدون مقدمات - دون أدنى تفكير أو سابق معرفة من بطرس - حل الروح القدس على جميع الحاضرين (الأمميين) ولأول مرة في التاريخ كما حدث يوم الخمسين تمامًا! وكان هذا هو يوم ميلاد كنيسة الأمم، لذلك قلنا أن أعمال 2 ميلاد الكنيسة عامة، أعمال 10 ميلاد كنيسة الأمم (يعني فرع الأمم جوه الكنيسة اتولد في تلك الحادثة فقط).
+ " فَانْدَهَشَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِتَانِ" أي المسيحيين الذين جاءوا مع القديس بطرس من يافا، اندهشوا. "لأَنَّ مَوْهِبَةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ قَدِ انْسَكَبَتْ عَلَى الأُمَمِ أَيْضًا ": وكلمة "انْسَكَبَتْ" أي حلول الروح القدس تم فجأه دون مقدمات كما سبق أن ذكرنا.
+ "لأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ وَيُعَظِّمُونَ اللهَ. ..." حيث بدأ هؤلاء الأمميين ينطقون بالتسبيح والشهادة لله بلغات غريبة عنهم، ولكنها لغات حقيقية ومفهومة نتيجة لإنسكاب الروح القدس عليهم، بالضبط كما حدث في يوم الخمسين - بالطبع المسيحيين أو الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِتَانِ، يعلمون جيدًا علامات حلول الروح القدس، فهم يتذكرون ما حدث يوم الخمسين حيث تكلم الموجودين أيضًا بألسنة – أي أخذ هؤلاء الناس إمكانيات لم تكن لديهم من قبل وكان هذا إشارة واضحة إلى أن الروح القدس الذي ولد الكنيسة اليهودية يوم الخمسين قد ولد الآن كنيسة الأمم.
+ كان هذا أمام بطرس ومن جاءوا معه من يافا ، ربنا دبر إن يكونوا معه لكي يكونوا شهودًا على صحة كلامه عندما يحكي ما حدث.
حِينَئِذٍ أَجَابَ بُطْرُسُ: «أَتُرَى يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَ الْمَاءَ حَتَّى لاَ يَعْتَمِدَ هؤُلاَءِ الَّذِينَ قَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ كَمَا نَحْنُ أَيْضًا؟» وَأَمَرَ أَنْ يَعْتَمِدُوا بِاسْمِ الرَّبِّ. حِينَئِذٍ سَأَلُوهُ أَنْ يَمْكُثَ أَيَّامًا
+ الروح القدس كان قد دخل هؤلاء الأمميين الحاضرين الذين آمنوا بكلامه، فلم يكن أمام القديس بطرس إلا أن يعمدهم بالماء، وهذه هي الحادثة الوحيدة التي انعكست فيها الأسرار حيث سبق حلول الروح القدس سر المعمودية.
(بطرس ما كنش هيعمد أبدًا. فاهمين؟ فالروح القدس حل لكي يدفعه دفعًا أن يعمد هؤلاء الناس، كما حدث مع شاول الطرسوسي لازم يسوع المسيح هو اللي يجيبه الأول وبعدين الكنيسة تقوم بدورها. فهنا كمان الروح القدس حل أولًا ثم نالوا سر المعمودية علشان يدخلوا في السيستم (النظام) مظبوط).
+ بالطبع لاقى بطرس لومًا شديدًا من كل كنيسة أورشليم ويافا على أنه قبِلَ أن يُعمد هؤلاء الأمميين!!! كيف فعل هذا؟!!! بالطبع هم يهود وبالنسبة لهم هذا الحدث مرفوض تمامًا ولا يستطيعوا أن يستوعبوه، لولا أن بطرس حكى لهم كل ما حدث وكان معه ستة من الشهود الذين جاءوا معه من يافا، فتعجبوا أن الرب يريد الخلاص للأمم أيضًا! وكان هذا اكتشاف بالنسبة لهم!! إكتشاف ذكرهم بكم من المرات شهد السيد المسيح للأمميين؟!! فقد مدح المرأة الكنعانية، ومدح قائد المائة، وأظهر لهم أن السامري أفضل من اليهودي، وكلمهم كثيرًا عن الخلاص المقدم للكل! وهم طبعًا لم يفهموا شيئًا من كلامه في حينه، كانوا قد ألغوا الكل من تفكيرهم، فاكتشفوا أن هناك خطة إلهية محكمة، جهز لها ربنا يسوع والروح القدس بدأ في تنفيذها لكي تكون الكنيسة كنيسة للعالم كله وتحتضن كل من يؤمن، والخلاص لكل من يؤمن.
لم تزل كلمة الله تنمو وتزداد في هذه البيعة وكل بيعة إلى الأبد آمين.
← تفاسير أصحاحات سفر الأعمال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/fr-dawood-lamey/acts-of-the-apostles/chapter-10.html
تقصير الرابط:
tak.la/229p3wk