← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37
ملخص المحاضرة السابقة
معلمنا بطرس وعظ مرة ثانية، بمنتهى الجرأة بعد شفاء الرجل الأعرج المقعد الذي كان جالسًا على باب الجميل. وبسبب هذه العظة التي كانت داخل الهيكل والتي سمعها الآلاف، اغتاظ اليهود وازداد الأمر توترًا.
هذا الأصحاح يتضمن:
1- بدء الاضطهاد
2- القبض على القديسين بطرس ويوحنا ومثولهما أمام رؤساء اليهود (أع 4: 1-7)
3- العظة الثالثة لبطرس الرسول أمام رؤساء اليهود (أع 4: 8-12)
4- حيرة رؤساء اليهود وإطلاق سراح الرسولين بعد تهديدهما (أع 4: 13- 23)
5- صلاة الرسل وامتلائهم من الروح القدس (أع4: 24- 31)
6- طبيعة الحياة في الكنيسة الأولى (أع 4: 32-35)
7- يوسف الذي يدعى برنابا (أع 36، 37)
+ رأينا في الأصحاحات السابقة من سفر الأعمال أن الكنيسة الأولى كانت كنيسة ممتلئة بالروح، كنيسة صلاة، كنيسة كرازة، كنيسة وعظ وتبشير لليهود مع الاستعانة بنبوءات الأنبياء، كنيسة تتميز بالشركة والوحدانية والبساطة والبهجة والفرح.
+ بدءًا من هذه الأصحاح (الأصحاح الرابع) وحتى نهاية سفر الأعمال سنرى أن الكنيسة الأولى عانت الألم والاضطهاد والسجن والضرب وكل أنواع الضيقات!
+ الأصحاح الرابع هو أول لقاء بين الكنيسة والاضطهاد. عندما رأى رؤساء اليهود مجاهرة الرسل بقيامة الرب يسوع وإيمان الآلاف من اليهود، بدأوا يهيجوا على الرسل ويضطهدونهم.
1 وَبَيْنَمَا هُمَا يُخَاطِبَانِ الشَّعْبَ، أَقْبَلَ عَلَيْهِمَا الْكَهَنَةُ وَقَائِدُ جُنْدِ الْهَيْكَلِ وَالصَّدُّوقِيُّونَ،
+ " قَائِدُ جُنْدِ الْهَيْكَلِ" كان قائد جند الهيكل يهودي. فبالرغم من أن المنطقة كانت مستعمرة رومانية، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. إلا أن الهيكل كان له حرس خاص به لحمايته كلهم من اليهود، لأن ممنوع دخول شخص غير يهودي للهيكل. وهؤلاء الجنود (العساكر) اليهود هم الذين سبق وألقوا القبض على الرب يسوع.
+ "وَالصَّدُّوقِيُّونَ" جماعة من المتطرفين اليهود، لا يؤمنوا بالقيامة، ولا بالأرواح، ولا بالملائكة. وهؤلاء "الصَّدُّوقِيُّونَ" يكرهون المسيحيين جدًا وسبق أن اصطدموا بالرب يسوع، وهم الذين سبق أن سألوه قائلين: ",, «يَا مُعَلِّمُ، قَالَ مُوسَى: إِنْ مَاتَ أَحَدٌ وَلَيْسَ لَهُ أَوْلاَدٌ، يَتَزَوَّجْ أَخُوهُ بِامْرَأَتِهِ وَيُقِمْ نَسْلًا لأَخِيهِ.25 فَكَانَ عِنْدَنَا سَبْعَةُ إِخْوَةٍ، وَتَزَوَّجَ الأَوَّلُ وَمَاتَ. وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسْلٌ تَرَكَ امْرَأَتَهُ لأَخِيهِ.26 وَكَذلِكَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ إِلَى السَّبْعَةِ.27 وَآخِرَ الْكُلِّ مَاتَتِ الْمَرْأَةُ أَيْضًا.28 فَفِي الْقِيَامَةِ لِمَنْ مِنَ السَّبْعَةِ تَكُونُ زَوْجَةً؟ فَإِنَّهَا كَانَتْ لِلْجَمِيعِ!»29 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «تَضِلُّونَ إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللهِ.30 لأَنَّهُمْ فِي الْقِيَامَةِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاءِ" (مت 22: 24-30) وبدأ يدافع عن فكرة قيامة الأموات والحياة الأخرى.
2 مُتَضَجِّرِينَ مِنْ تَعْلِيمِهِمَا الشَّعْبَ، وَنِدَائِهِمَا فِي يَسُوعَ بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ.
+ "مُتَضَجِّرِينَ مِنْ تَعْلِيمِهِمَا الشَّعْبَ": "الضجر" أي "الغيظ".
+ "وَنِدَائِهِمَا فِي يَسُوعَ بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ" النداء الأساسي الذي كان يتكلم به الرسل هو "يسوع قام"، لأن هذه هي الحقيقة التي يجب أن يعلمها سائر اليهود.
3 فَأَلْقَوْا عَلَيْهِمَا الأَيَادِيَ وَوَضَعُوهُمَا فِي حَبْسٍ إِلَى الْغَدِ، لأَنَّهُ كَانَ قَدْ صَارَ الْمَسَاءُ.
+ "فَأَلْقَوْا عَلَيْهِمَا الأَيَادِيَ" أي قبضوا عليهم، "وَوَضَعُوهُمَا فِي حَبْسٍ إِلَى الْغَدِ" أي أن الرسولين قضيا ليلة في الحبس.
+ حبس الرسولين لا يعني توقف عمل الروح القدس في الكنيسة، بالعكس، الكلام الذي قاله بطرس في عظته في الهيكل أثر جدًا في المئات الذين كانوا واقفين ورأوا معجزة شفاء الرجل المقعد، فنجد الآية التالية تقول:
4 وَكَثِيرُونَ مِنَ الَّذِينَ سَمِعُوا الْكَلِمَةَ آمَنُوا، وَصَارَ عَدَدُ الرِّجَالِ نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفٍ.
+ كان عدد المؤمنين من الرجال 3 آلاف، وصار 5 آلاف. نلاحظ الازدياد السريع جدًا في عدد الذين ينضمون للكنيسة!
+ 5 آلاف رجل بالإضافة إلى السيدات والأطفال الذين لم يتم احتسابهم في العدد. لأن اليهود كانوا دائمًا يحسبون الرجال فقط! فالرجل رأس العائلة، فتُحسب الأسرة بإسم الرجل. ونفس هذا التعبير نجده في معجزة الخمس خبزات، يقول الكتاب: "وَكَانَ الَّذِينَ أَكَلُوا مِنَ الأَرْغِفَةِ نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفِ رَجُلٍ" (مر 6: 44).
5 وَحَدَثَ فِي الْغَدِ أَنَّ رُؤَسَاءَهُمْ وَشُيُوخَهُمْ وَكَتَبَتَهُمُ اجْتَمَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ
+ "وَحَدَثَ فِي الْغَدِ" أي في اليوم التالي (بطرس ويوحنا ما زالوا في السجن)، "أَنَّ رُؤَسَاءَهُمْ وَشُيُوخَهُمْ وَكَتَبَتَهُمُ اجْتَمَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ"، أي تم استدعاء كل رموز الشر، كل القوي، الموضوع أصبح خطير لدى اليهود ويريدون أن يجدوا له حلًا! لأنهم ظنوا أنهم تخلصوا من الرب يسوع بالصليب! ولكن الذي حدث أنه لم يمر شهرين ووجدوا أن آلاف مؤلفه تبعت المسيح الذي صلبوه! فالموضوع لم ينتهي بصلب المسيح!
6 مَعَ حَنَّانَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ وَقَيَافَا وَيُوحَنَّا وَالإِسْكَنْدَرِ، وَجَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ عَشِيرَةِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ.
+ اجتمع رؤساء اليهود والشيوخ والكتبة إلى أورشليم، مع حنان رئيس الكهنة وقيافا. لعلكم تذكرون جيدًا هذين الاسمين (حنان وقيافا)، إنهما زعماء المؤامرة على ربنا يسوع المسيح. حنان كان رئيس الكهنة وكان والد زوجة قيافا (حماه)، وسلم رئاسة الكهنوت لقيافا لكي لا تخرج هذه الرئاسة من البيت، فيستطيعا معًا تدبير وإحاكة المؤامرات كما يحلو لهم!
+ "...وَالإِسْكَنْدَرِ،" الإسكندر كان خطيب مفوَّه ذو دهاء ومكر كبيرين، يستطيع التلاعب بعقول الناس وإقناعهم بما يريد إقناعهم به!
7 وَلَمَّا أَقَامُوهُمَا فِي الْوَسْطِ، جَعَلُوا يَسْأَلُونَهُمَا:«بِأَيَّةِ قُوَّةٍ وَبِأَيِّ اسْمٍ صَنَعْتُمَا أَنْتُمَا هذَا؟»
+ نلاحظ أن اليهود ورؤسائهم بالرغم من إعتيادهم إنكار المعجزات التي تحدث بإسم الرب يسوع، إلا أنهم لم يستطيعوا إنكار معجزة شفاء الأعرج لأنه كما قلنا كان معروفًا جدًا لدى اليهود وظل لسنين طويلة مقعدًا أمام باب الهيكل ليسأل صدقة من الداخلين والخارجين من الهيكل! فلا يستطيع أحد إنكار حدوث المعجزة. الفكر اليهودي عامة يقبل فكرة حدوث معجزة، فالعهد القديم مملوء بالمعجزات، لكن الذي حاول رؤساء اليهود أن يفعلوه هو إنكار إرتباط حدوث المعجزة بقوة الرب يسوع، لذلك سألوا بطرس ويوحنا: " بِأَيَّةِ قُوَّةٍ وَبِأَيِّ اسْمٍ صَنَعْتُمَا أَنْتُمَا هذَا؟"، محاولين إرهابهما حتى لا يذكرا اسم الرب يسوع وبالتالي يستطيعوا إنكار حدوثها بقوة الرب يسوع!
مرجعة على عظات القديس بطرس
+ العظة الأولى: كانت يوم الخمسين بعد حلول الروح القدس مباشرة. (أع 1: 16-22)
+ العظة الثانية: كانت في الهيكل بعد معجزة شفاء الأعرج. (أع 2: 14- 36)
+ العظة الثالثة للقديس بطرس: كانت أثناء محاكمته. (أع 4: 8-12)
وتسلسل الأفكار والكلام في كل العظات متقارب إلى حد كبير.
8 حِينَئِذٍ امْتَلأَ بُطْرُسُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَقَالَ لَهُمْ:«يَا رُؤَسَاءَ الشَّعْبِ وَشُيُوخَ إِسْرَائِيلَ،
+ "حِينَئِذٍ امْتَلأَ بُطْرُسُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ"، سنجد أن هذه العبارة ستتكرر كثيرًا في سفر الأعمال كلما وقف بطرس الرسول (أو أي من الآباء الرسل القديسين) في موقف صعب.
+ ".. وَقَالَ لَهُمْ:«يَا رُؤَسَاءَ الشَّعْبِ وَشُيُوخَ إِسْرَائِيلَ،"، بطرس كان واقفًا أمام منصة يجلس عليها 10 أو 15 من كبار شيوخ اليهود ورؤسائهم المملوءين مكرًا ودهاءً، شغلهم الشاغل الحفاظ على كراسيهم بأي ثمن، وهؤلاء الرؤساء كانوا مرتعبين من تزايد عدد المؤمنين بقيامة الرب يسوع لأن هذا يعني إنفلات زمام الأمور من أيديهم وإدراك اليهود مدى الجرم الذي ارتكبوه حين حكموا على الرب يسوع بالصلب! لذلك كان كل منهم مستعد أن يتهم بطرس أو أي من الرسل بألف اتهام لمجرد أنه يشهد بحقيقة قيامة الرب يسوع وأنه الإله الحقيقي.
أيضًا هؤلاء الشيوخ كانوا بالنسبة لبطرس الرسول في يوم من الأيام قبل أن يتبع الرب يسوع (قبل أن يقف هذا الموقف بعشرة سنوات تقريبًا) قامات روحية عالية، فهم رؤساء الكهنة الذين كان إذا رأى أحدهم ينحني أمامه ليقبل يده ويأخذ بركته! الآن انعكس الوضع وأصبح هؤلاء الشيوخ هم زعماء الشر، وبطرس المسكين واقف يدافع عن المسيح! فلا يمكن لبطرس الرسول أو أي من الرسل أن يواجه مثل هذا الموقف بمفرده دون أن يكون مسنودًا من الروح القدس حسب الوعد الجميل الذي وعده الرب يسوع: "فَمَتَى سَاقُوكُمْ لِيُسَلِّمُوكُمْ، فَلاَ تَعْتَنُوا مِنْ قَبْلُ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ وَلاَ تَهْتَمُّوا، بَلْ مَهْمَا أُعْطِيتُمْ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَبِذلِكَ تَكَلَّمُوا. لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلِ الرُّوحُ الْقُدُسُ" (مر 13: 11)، وفي موضع آخر: "لأَنِّي أَنَا أُعْطِيكُمْ فَمًا وَحِكْمَةً لاَ يَقْدِرُ جَمِيعُ مُعَانِدِيكُمْ أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا" (لو 21: 15).
+ هل معنى عبارة "امْتَلأَ بُطْرُسُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" أن الروح القدس لم يكن في بطرس الرسول من قبل؟! بالطبع كان الروح القدس في بطرس الرسول، ولكن هذه العبارة تعني أن الروح القدس تحرك أو اشتعل بداخله، والروح القدس هو الذي سيتكلم على لسانه.
كذلك عندما نصلي ونقول للروح القدس: "هلم تفضل وحل فينا" هذا لا يعني أن الروح القدس ليس فينا، بل يعني أننا نطلب من الله أن يشعل حرارة روحه القدوس الموجودة فينا ليرشدنا في كل ما نفعل أو نقول.
+ هذه الآية أيضًا تُظهر لنا مدى قوة الروح القدس التي غيرت بطرس الرسول من مجرد إنسان خائف، جَبن وأنكر الرب يسوع أمام جارية! إلى إنسان يقف بكل جرأة ليشهد للمسيح أمام هؤلاء الشيوخ والرؤساء الذين هم موضع احترام ومهابة كل الشعب اليهودي!
9 إِنْ كُنَّا نُفْحَصُ الْيَوْمَ عَنْ إِحْسَانٍ إِلَى إِنْسَانٍ سَقِيمٍ، بِمَاذَا شُفِيَ هذَا،
+ أي إذا كنتم تحققون معنا كمتهمين بسبب الخير والشفاء الذي تم لهذا الإنسان المريض!
10 فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَ جَمِيعِكُمْ وَجَمِيعِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ، أَنَّهُ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ، الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمُ، الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِذَاكَ وَقَفَ هذَا أَمَامَكُمْ صَحِيحًا.
+ أي إذا كنتم تريدون أن تعرفوا كيف شُفي، فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَ جَمِيعِكُمْ وَجَمِيعِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ، أَنَّهُ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ، الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمُ، الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِذَاكَ وَقَفَ هذَا أَمَامَكُمْ صَحِيحًا!!! أي إسم يسوع المسيح هو صاحب القوة، هو صاحب المعجزة! ولم يكتفي بطرس الرسول بهذا القول بل أكمل قائلًا:
11 هذَا هُوَ: الْحَجَرُ الَّذِي احْتَقَرْتُمُوهُ أَيُّهَا الْبَنَّاؤُونَ، الَّذِي صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ.
+ في هذه الآية بطرس يُذكِّر رؤساء الكهنة بالنبوءة التي جاءت في مزمور 118، على لسان داود النبي ويقول لهم أنتم البناءون الذين تكلم عنكم داود النبي قائلًا: "الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ" (مز 118: 22) الذين كان عليكم واجب بناء كنيسة العهد الجديد ولكنكم بدلًا من أن تقوموا بواجبكم رفضتم الرب يسوع الذي هو "رَأْسَ الزَّاوِيَةِ" أو حجر الأساس الذي ستُبنى عليه كنيسة العهد الجديد كلها، والذي سيتم بواسطته الخلاص.
+ هذه النبوءة استخدمها الرب يسوع أيضًا في أحد حواراته مع رؤساء الكهنة اليهود حين قال لهم: "أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ؟ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا!" (مت 21: 42)، وكان يقصد أن يقول لهم أنتم رفضتوني أنا رأس الزاوية!!!
12 وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ»"
+ الآية دي جميله، "لَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ" أي لا يوجد أي طريق آخر للخلاص. اليهود كانوا يريدون أن يتبعوا طرقًا كثيرة منها أنهم كانوا يدَّعون أن الختان والناموس كافيين لخلاص أو لتبرير الإنسان، وهذا الموضوع تكلم عنه بولس الرسول في رسالته إلى أهل رومية لكي يُبين خطأ هذا الفكر، فالختان والناموس غير قادرين على خلاص أو تبرير الإنسان مهما عمل، إسم ربنا يسوع لا بد أن يغطي ويستر الإنسان ليخلص، "لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ" لا يوجد اسم آخر تحت السماء به ينبغي أن نخلص.
قوة إسم الرب يسوع وقوة أسماء القديسين:
+ نلاحظ أن بطرس الرسول يتكلم على إسم الرب يسوع. فالخلاص أو المعجزة أو القوة مرتبطة بإسم الرب يسوع. وبطرس الرسول منذ بدء كلامه مع الأعرج قال له: "وَلكِنِ الَّذِي لِي فَإِيَّاهُ أُعْطِيكَ: بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ قُمْ وَامْشِ!»." (أع 3: 6)، وهذا الاعتقاد كان راسخًا عند اليهود: أن الإسم فيه قوة! ليس هذا فقط، بل أن الرب يسوع أعطى قوة لإسم أولاده القديسين، حيث قال: "وَمَنْ سَقَى أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ كَأْسَ مَاءٍ بَارِدٍ فَقَطْ بِاسْمِ تِلْمِيذٍ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لاَ يُضِيعُ أَجْرَهُ" (مت 10: 42)، أي أن إسم أولاده القديسين له قوة. ولذلك نحن دائمًا نردد أسماء القديسين، نقول: "يا إله مارجرجس"، "يا ابو سيفين".... إلخ. ليس فقط القديسين من لهم قوة بل أيضًا مجرد إسمهم له قوة مُستمدة من إسم ربنا يسوع المسيح. ونلاحظ أننا دائمًا نختم التماجيد بقولنا: "يا إله (إسم القديس) اعنا اجمعين"، فكما نجد في الكتاب المقدس قول: "إله إبراهيم وإله إسحق"، نحن نقول "يا إله مارجرجس"، "يا إله مارمينا"، .... إلخ".
+ وكلنا يعرف قصة القديسة يوستينا: القديسة يوستينا كانت فتاة جميلة جدًا وعفيفة في العشرينات من عمرها، تحب الرب يسوع من كل قلبها لدرجة أنها كرست حياتها له كالراهبات تقضي وقتها في الصلاة والأصوام، أحبها أحد الأمراء الوثنيين وأراد أن يتزوج منها لكنها رفضت، فذهب لساحر مشهور جدًا في أوروبا كلها في هذا الوقت اسمه كبريانوس، وقال له خذ مني ما تريد في سبيل أن تجعل يوستينا توافق على الزواج مني. كان هذا الساحر يستطيع أن يحل أي مشكلة بتعامله مع الشياطين! وفعلًا اتفق كبريانوس مع الشياطين لكي يحضروا له يوستينا، فوافقته الشياطين ظانين أن المأمورية سهلة، ولكن الشياطين فشلت في كل محاولاتها لإبعاد يوستينا عن الله وتقديمها لكبريانوس، فهدد كبريانوس الشياطين بأنه سيصير مسيحيًا إذا لم ينجحوا في أن يأتوا بيوستينا إليه، هذا الكلام دفع الشيطان الخبيث أن يأخذ شكل يوستينا ويرتدي ملابسها ويدخل لكبريانوس خادعًا إياه بأنه هو يوستينا، وفعلًا انخدع كبريانوس ظانًا أنه يرى يوستينا فقال: "أخيرًا أتيتِ يا يوستينا"، وبمجرد أن نطق إسم "يوستينا" تبخر الشيطان! لم يحتمل أن يسمع إسمها! بعدها صار كبريانوس مسيحيًا، واستشهد على إسم الرب يسوع. أصبح شهيدًا بعد أن كان ساحرًا ضلل الآلاف بسحره!
فأسماء القديسين لها قوة مأخوذة من إسم ربنا يسوع الذي فيه كل القوة.
13 فَلَمَّا رَأَوْا مُجَاهَرَةَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا، وَوَجَدُوا أَنَّهُمَا إِنْسَانَانِ عَدِيمَا الْعِلْمِ وَعَامِّيَّانِ، تَعَجَّبُوا. فَعَرَفُوهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ.
+ "فَلَمَّا رَأَوْا مُجَاهَرَةَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا" اللذان كانا يتكلمان بمنتهى الجرأة، وهم أساسًا يعتبرا من البسطاء غير المتعلمين خاصة إذا ما قورنا برؤساء الكهنة الذين درسوا العهد القديم ويفسرونه للناس، وكل الناس تسمع لهم! فأذهلوهم بهذه المجاهرة والجرأة!
+ "فَعَرَفُوهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ" ، عرفوا أن هذه القوة ليست قوة عادية، وعرفوا أنهما كانا مع يسوع منذ بداية خدمته!
14 وَلكِنْ إِذْ نَظَرُوا الإِنْسَانَ الَّذِي شُفِيَ وَاقِفًا مَعَهُمَا، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَيْءٌ يُنَاقِضُونَ بِهِ.
+ كان رؤساء اليهود يريدون أن ينكروا المعجزة بأي شكل لكن المعجزة كانت واضحة وضوح الشمس، والرجل المقعد واقفًا حاضرًا معهم سليمًا بعد شفاءه أمام الجميع! فلم يستطيعوا المجادلة!
15 فَأَمَرُوهُمَا أَنْ يَخْرُجَا إِلَى خَارِجِ الْمَجْمَعِ، وَتَآمَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ 16 قَائِلِينَ: «مَاذَا نَفْعَلُ بِهذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ؟ لأَنَّهُ ظَاهِرٌ لِجَمِيعِ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ أَنَّ آيَةً مَعْلُومَةً قَدْ جَرَتْ بِأَيْدِيهِمَا، وَلاَ نَقْدِرُ أَنْ نُنْكِرَ.
+ فأخرجوا بطرس ويوحنا خارج المجمع ليتشاوروا معًا كيف يجدوا مخرج من هذا المأزق!
+ رؤساء اليهود كانوا متأكدين من حدوث المعجزة لدرجة أنهم لم يستطيعوا إنكارها، والمعجزة حدثت بإسم يسوع المسيح، كل العجب أن هؤلاء الرؤساء لم يفكروا ولو للحظة أن يصدقوا الرسل ويراجعوا أنفسهم ويعترفوا أن المسيح هو الله! قلبهم كان قاسيًا وعنيدًا لا يرى الحق! القلب العنيد القاسي لا يرى، وهذا ما قاله عنهم الرب يسوع: "... لأَنَّهُمْ مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ يَسْمَعُونَ وَلاَ يَفْهَمُونَ... قَلْبَ هذَا الشَّعْب قَدْ غَلُظَ، وَآذَانَهُمْ قَدْ ثَقُلَ سَمَاعُهَا. وَغَمَّضُوا عُيُونَهُمْ، لِئَلاَّ يُبْصِرُوا بِعُيُونِهِمْ، وَيَسْمَعُوا بِآذَانِهِمْ، وَيَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِمْ، وَيَرْجِعُوا فَأَشْفِيَهُمْ" (مت 13: 14، 15).
17 وَلكِنْ لِئَلاَّ تَشِيعَ أَكْثَرَ فِي الشَّعْبِ، لِنُهَدِّدْهُمَا تَهْدِيدًا أَنْ لاَ يُكَلِّمَا أَحَدًا مِنَ النَّاسِ فِيمَا بَعْدُ بِهذَا الاسْمِ».
+ "لِنُهَدِّدْهُمَا تَهْدِيدًا أَنْ لاَ يُكَلِّمَا أَحَدًا مِنَ النَّاسِ فِيمَا بَعْدُ بِهذَا الاسْمِ" أصبحت المشكلة كلها في الاسم! وبالطبع هذا التهديد سيكون بالكلام أولًا ثم بالضرب بحيث يجعلوهما لا ينطقا باسم يسوع المسيح مرة أخرى!
"18 فَدَعَوْهُمَا وَأَوْصَوْهُمَا أَنْ لاَ يَنْطِقَا الْبَتَّةَ، وَلاَ يُعَلِّمَا بِاسْمِ يَسُوعَ "
+ هكذا كان عمل الشيطان منذ بداية الكنيسة! الشيوخ ورؤساء الكهنة أتوا ببطرس ويوحنا المتقدمين في التلاميذ –في بداية تكوين الكنيسة– ونطق على لسان هؤلاء الرؤساء ليهددوا ويأمروا بطرس ويوحنا أن لا ينطقا باسم الرب يسوع مرة أخرى! بالطبع هذا العمل كان سيؤدي حتمًا إلى وقف نمو الإيمان في الكنيسة إذا خاف بطرس ويوحنا وأطاعا كلام هؤلاء الرؤساء (خاصة أنهما من الكبار المتقدمين بين الرسل)!
+ هناك حقيقة يجب أن تعرفوها هي أن الشيطان يرتعب من مجرد النطق بإسم ربنا يسوع المسيح، لا يريد أن ينطق أحد باسمه. لذلك دائمًا ينصحنا آبائنا القديسين أن نردد إسم الرب يسوع، لأن الشيطان يهرب عند سماع اسمه، يهرب من أفكارنا ويهرب من قلبنا، كثير من المشاكل تُحل، وكثير من الحروب تنطفئ. لذلك علينا أن نكرر إسم الرب يسوع بإلحاح.
19 فَأَجَابَهُمْ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا وَقَالاَ:«إِنْ كَانَ حَقًّا أَمَامَ اللهِ أَنْ نَسْمَعَ لَكُمْ أَكْثَرَ مِنَ اللهِ، فَاحْكُمُوا
+ نلاحظ أن بطرس ويوحنا يردون على رؤساء الكهنة بمنتهى الهدوء والجرأة لأنهم في موقف قوة، لا يهمهم أي شيء سوى الشهادة للرب يسوع ولا يخافون شيئًا، بينما رؤساء الكهنة في موقف ضعف لأنهم مرعوبين من زيادة عدد المؤمنين بالرب يسوع بسبب كلام بطرس ويوحنا!
+ "إِنْ كَانَ حَقًّا أَمَامَ اللهِ أَنْ نَسْمَعَ لَكُمْ أَكْثَرَ مِنَ اللهِ، فَاحْكُمُوا" أي إذا كان ربنا أوصانا أن نتكلم وأنتم تقولون لنا لا تتكلموا، إذن احكموا انتم! المفروض الواحد يسمع لكلام ربنا أم يسمع لكلامكم؟!!!! الستم رجال الله؟!! كانا يتكلمان دون أدنى خوف أو رهبة من هؤلاء الرؤساء!
20 لأَنَّنَا نَحْنُ لاَ يُمْكِنُنَا أَنْ لاَ نَتَكَلَّمَ بِمَا رَأَيْنَا وَسَمِعْنَا.
+ هذه الآية جميلة: "لاَ يُمْكِنُنَا أَنْ لاَ نَتَكَلَّمَ بِمَا رَأَيْنَا وَسَمِعْنَا" أي نحن رأينا المسيح وسمعناه وعاشرناه، ولا بد أن نشهد له، ليس لنا حياة أو رسالة أخرى. أنظروا كم كانوا أقوياء آبائنا الرسل؟! بينما نحن اليوم ما زال البعض يقول في ضعف "لا يمكننا أن نتكلم!"
21 وَبَعْدَمَا هَدَّدُوهُمَا أَيْضًا أَطْلَقُوهُمَا، إِذْ لَمْ يَجِدُوا الْبَتَّةَ كَيْفَ يُعَاقِبُونَهُمَا بِسَبَبِ الشَّعْبِ، لأَنَّ الْجَمِيعَ كَانُوا يُمَجِّدُونَ اللهَ عَلَى مَا جَرَى، 22 لأَنَّ الإِنْسَانَ الَّذِي صَارَتْ فِيهِ آيَةُ الشِّفَاءِ هذِهِ، كَانَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً.
+ يبدو أن رؤساء الكهنة كانوا يريدون أن يضربوا الرسولين بطرس ويوحنا كنوع من التهديد ولكنهم خافوا من الشعب الذي بدأ يتعلق بهؤلاء الرسل القديسين، والكثيرين أصبحوا مسيحيين، فلم يستطيعوا أن يعاقبونهما.
+ "لأَنَّ الْجَمِيعَ كَانُوا يُمَجِّدُونَ اللهَ عَلَى مَا جَرَى" الشعب بطبعه بسيط، فرح بشفاء هذا الرجل الشحاذ الذي كان عمره أكثر من أربعين سنة قضاها كلها في المرض، ولم يستطيعوا أن يمنعوا أنفسهم من الإنفعال بالموقف.
23 وَلَمَّا أُطْلِقَا أَتَيَا إِلَى رُفَقَائِهِمَا وَأَخْبَرَاهُمْ بِكُلِّ مَا قَالَهُ لَهُمَا رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ.
+ رجع بطرس ويوحنا لباقي الآباء الرسل، ورووا لهم ما حدث من أن رؤساء الكهنة يطلبون منهم ألا يتكلما مرة أخرى أو ينطقا بإسم الرب يسوع المسيح، وأنهم هددوهما! كان من المنطقي جدًا أن يتفق الرسل على السكوت تجنبًا للمشاكل، وكان من الممكن أن يجدوا مائة حجه وحجة لذلك مُقنعين أنفسهم أن الحكمة تقتضي السكوت في الوقت الحالي!!!
ولكن هذا أبدًا لم يحدث، بل كل التلاميذ كان لهم روح واحد! ما هو هذا الروح الواحد؟! "رَفَعُوا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ صَوْتًا إِلَى اللهِ".
"24 فَلَمَّا سَمِعُوا، رَفَعُوا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ صَوْتًا إِلَى اللهِ وَقَالُوا:«أَيُّهَا السَّيِّدُ، أَنْتَ هُوَ الإِلهُ الصَّانِعُ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا، "
+ لم يستخدم الرسل في حياتهم أي سلاح آخر غير الصلاة (فليس لديهم حاكم يعرفونه ويلجأون إليه وقت الشدة، أو معارف في مراكز عليا، أو نقود يستخدموها للرشوة، لا يلجأون لشيء من هذه الأساليب العالمية، ليس لديهم أي وسيلة أخرى يلجأون إليها إلا الصلاة واللجوء إلى الله، والصلة مفتوحة بينهم وبين ربنا، فيتكلمون مع الله وهم واثقين من سماعه لهم).
+ "رَفَعُوا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ صَوْتًا إِلَى اللهِ" أيضًا عبارة "بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ" سنجدها تتكرر كثيرًا في سفر الأعمال.
+ "وَقَالُوا:«أَيُّهَا السَّيِّدُ، أَنْتَ هُوَ الإِلهُ الصَّانِعُ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا"، كلنا يعلم أن الله هو الذي خلق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها! ما فائدة هذه المقدمة؟! هنا الرسل ينادون الله بإسم القوة، بمعنى أنهم يراجعون مع أنفسهم بالروح من هو الله الذي يعملون معه؟! هو إله السماء والأرض والبحر وكل ما فيها، ماذا تكون قوة رؤساء الكهنة بجوار قوة وقدرة الله؟! لا شيء.
25 الْقَائِلُ بِفَمِ دَاوُدَ فَتَاكَ: لِمَاذَا ارْتَجَّتِ الأُمَمُ وَتَفَكَّرَ الشُّعُوبُ بِالْبَاطِلِ؟ 26 قَامَتْ مُلُوكُ الأَرْضِ، وَاجْتَمَعَ الرُّؤَسَاءُ مَعًا عَلَى الرَّبِّ وَعَلَى مَسِيحِهِ"
+ نلاحظ أن كل أصحاح به نبوة أو أكثر، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى.لأن الرسل كانوا في الأصل يهود، وبدأوا يتمتعون بالإستنارة الروحية فأصبح كل موقف له مرجعه في العهد القديم. كما شرحنا في الأصحاحات السابقة: موت يهوذا له مرجع في العهد القديم، حلول الروح القدس له مرجع في العهد القديم ، مجيء الرب يسوع له مرجع، قيامة الرب يسوع لها مرجع ...إلخ، أيضًا في هذه الآية هياج رؤساء الكهنة والشيوخ عليهم له مرجع في العهد القديم وهو قول داود النبي: " لِمَاذَا ارْتَجَّتِ الأُمَمُ، وَتَفَكَّرَ الشُّعُوبُ فِي الْبَاطِلِ؟ قَامَ مُلُوكُ الأَرْضِ، وَتَآمَرَ الرُّؤَسَاءُ مَعًا عَلَى الرَّبِّ وَعَلَى مَسِيحِهِ، قَائِلِينَ: «لِنَقْطَعْ قُيُودَهُمَا، وَلْنَطْرَحْ عَنَّا رُبُطَهُمَا»." (مز 2: 1-3)
+ الرسل يكلمون الله قائلين: اجتمعوا كلهم يا رب علينا، يريدون أن لا ننطق بإسمك! كما تنبأ داود النبي منذ ألف عام قائلًا: "قَامَ مُلُوكُ الأَرْضِ، وَتَآمَرَ الرُّؤَسَاءُ مَعًا عَلَى الرَّبِّ وَعَلَى مَسِيحِهِ"، كأن الدنيا ستحارب ربنا وجهًا لوجه!
27 لأَنَّهُ بِالْحَقِيقَةِ اجْتَمَعَ عَلَى فَتَاكَ الْقُدُّوسِ يَسُوعَ، الَّذِي مَسَحْتَهُ، هِيرُودُسُ وَبِيلاَطُسُ الْبُنْطِيُّ مَعَ أُمَمٍ وَشُعُوبِ إِسْرَائِيلَ،
+ في هذه الآية يفسرون النبوءة بما يحدث لهم الآن: "لأَنَّهُ بِالْحَقِيقَةِ اجْتَمَعَ عَلَى فَتَاكَ الْقُدُّوسِ يَسُوعَ"، "فَتَاكَ" أي إبنك الوحيد، "الَّذِي مَسَحْتَهُ" الذي هو المسيح الحقيقي، "هِيرُودُسُ وَبِيلاَطُسُ الْبُنْطِيُّ مَعَ أُمَمٍ وَشُعُوبِ إِسْرَائِيلَ،" أي انطبقت الآية التي قيلت زمان، فهيرودس وبيلاطس مع شعوب اليهود كلها اجتمعوا ضد المسيح له المجد.
28 لِيَفْعَلُوا كُلَّ مَا سَبَقَتْ فَعَيَّنَتْ يَدُكَ وَمَشُورَتُكَ أَنْ يَكُونَ.
+ أي ليفعلوا ما سبق أن أسسته ورتبته، الذي هو الصليب، أي اجتمعوا كلهم لكي يصلبوك، وينفذوا ما سبق أن خطت له.
29 وَالآنَ يَا رَبُّ، انْظُرْ إِلَى تَهْدِيدَاتِهِمْ، وَامْنَحْ عَبِيدَكَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِكَلاَمِكَ بِكُلِّ مُجَاهَرَةٍ،
+ الرسل يطلبون من الرب أن يعطيهم قوة ليتكلموا بإسمه بكل مجاهرة!! أي عكس ما طلبه رؤساء اليهود منهم وهو ألا ينطقوا بإسم الرب يسوع مرة أخرى!! منتهى العند، ولكن عند جميل طبعًا.
+ "انْظُرْ إِلَى تَهْدِيدَاتِهِمْ" عبارة تدل على جمال بساطة الإيمان!
+ وفي العهد القديم يوجد موقف مشابه حدث في عهد حزقيا الملك: ففي عهد حزقيا الملك استولى سنحاريب على الكثير من مدن يهوذا، وأرسل لشعب أورشليم منشورًا يهدده ويحذره من الاستماع لكلام الملك حزقيا من أن الرب سيحميهم وينصرهم على جيوش سنحاريب التي استطاعت أن تهزم سائر البلاد وتكسر آلهتهم! فأخذ حزقيا الملك هذا المنشور المليء بالتهديدات، ووضعه أمام الرب وصلى قائلًا: "أَمِلْ يَا رَبُّ أُذُنَكَ وَاسْمَعْ. اِفْتَحْ يَا رَبُّ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ، وَاسْمَعْ كَلاَمَ سَنْحَارِيبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ لِيُعَيِّرَ اللهَ الْحَيَّ" (أي يقول لربنا: إقرا يا رب ماذا يقول سنحاريب ورجاله عنك؟! أنظر يا رب كيف يستهينون بك؟! أنظر تهديداتهم!!!)، فأرسل له إشعيا في نفس اليوم قائلًا: "هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي صَلَّيْتَ إِلَيْهِ مِنْ جِهَةِ سَنْحَارِيبَ مَلِكِ أَشُّورَ: قَدْ سَمِعْتُ" أي الموضوع انتهى وتسَّلم الرب القضية. بمنتهى الإيمان صعَّد حزقيا الموضوع لربنا وربنا قاله خلاص أنا سأتولى الأمر. وبالرغم أن جيش سنحاريب كان قوي جدًا ولا يمكن معرفة عدد جنوده من كثرتهم، كان عددهم لا يحصى مثل الرمل، لكن الكتاب المقدس يروي لنا ما حدث، وكيف كانت استجابة الرب السريعة للصلاة: "لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ عَنْ مَلِكِ أَشُّورَ: لاَ يَدْخُلُ هذِهِ الْمَدِينَةَ، وَلاَ يَرْمِي هُنَاكَ سَهْمًا، وَلاَ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا بِتُرْسٍ، وَلاَ يُقِيمُ عَلَيْهَا مِتْرَسَةً. 33 فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ يَرْجعُ، وَإِلَى هذِهِ الْمَدِينَةِ لاَ يَدْخُلُ، يَقُولُ الرَّبُّ.34 وَأُحَامِي عَنْ هذِهِ الْمَدِينَةِ لأُخَلِّصَهَا مِنْ أَجْلِ نَفْسِي وَمِنْ أَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِي».35 وَكَانَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ خَرَجَ وَضَرَبَ مِنْ جَيْشِ أَشُّورَ مِئَةَ أَلْفٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا. وَلَمَّا بَكَّرُوا صَبَاحًا إِذَا هُمْ جَمِيعًا جُثَثٌ مَيْتَةٌ.36 فَانْصَرَفَ سَنْحَارِيبُ مَلِكُ أَشُّورَ وَذَهَبَ رَاجِعًا وَأَقَامَ فِي نِينَوَى.37 وَفِيمَا هُوَ سَاجِدٌ فِي بَيْتِ نِسْرُوخَ إِلهِهِ، ضَرَبَهُ أَدْرَمَّلَكُ وَشَرَآصَرُ ابْنَاهُ بِالسَّيْفِ، وَنَجَوَا إِلَى أَرْضِ أَرَارَاطَ. وَمَلَكَ آسَرْحَدُّونُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ". (2مل 18: 13 - 19: 37)
+ بنفس هذا الإيمان البسيط الجميل كلم الرسل إله السماء والأرض والبحر، قائلين: "انْظُرْ إِلَى تَهْدِيدَاتِهِمْ" (تهديدات رؤساء اليهود)، ثم لم يطلبوا من الله أن يُسكت هؤلاء الرؤساء! بل طلبوا قائلين: "امْنَحْ عَبِيدَكَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِكَلاَمِكَ بِكُلِّ مُجَاهَرَةٍ".
"30 بِمَدِّ يَدِكَ لِلشِّفَاءِ، وَلْتُجْرَ آيَاتٌ وَعَجَائِبُ بِاسْمِ فَتَاكَ الْقُدُّوسِ يَسُوعَ "
+ ما دامت المعجزة قد جذبت الكثيرين للإيمان، وأتت بكل هذه النتائج الإيجابية، "لْتُجْرَ آيَاتٌ وَعَجَائِبُ بِاسْمِ فَتَاكَ الْقُدُّوسِ يَسُوعَ" ، وما دام هذا الإسم يغيظ اليهود ورؤسائهم فلتحدث كل يوم معجزة بإسم الرب يسوع!
31 وَلَمَّا صَلَّوْا تَزَعْزَعَ الْمَكَانُ الَّذِي كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِيهِ، وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَكَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلاَمِ اللهِ بِمُجَاهَرَةٍ
+ حرارتهم في الصلاة، وصدقهم، وتكريسهم (لا شيء يشغلهم عن الكرازة، لا الحياة، ولا العالم، ولا أولاد... ولا شيء، ولا شيء يخيفهم)، من كثرة هذا الصدق، شعروا أن المكان يهتز وكأن زلزال قد حدث!!! وكأن الله يقول لهم: أنا سامع، أنا موافق على كل ما تقولونه، أنا سأعمل.
+ "وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَكَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلاَمِ اللهِ بِمُجَاهَرَةٍ" إذن كيف ننال نعمة الامتلاء من الروح القدس؟! ننالها بالصلاة، بالتكريس، بروح النفس الواحدة، أيضًا ننالها عندما نكون في موقف شهادة، أي عندما نقف في مواجهة من هم أقوى منا بمقاييس العالم أو من نعرف أننا لن نستطيع مواجهتهم بمفردنا، في هذه الحالة علينا ألا نخاف، لأن الله هو الذي سيتكلم عنا.
32وَ كَانَ لِجُمْهُورِ الَّذِينَ آمَنُوا قَلْبٌ وَاحِدٌ وَنَفْسٌ وَاحِدَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِ لَهُ، بَلْ كَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكًا. 33 وَبِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ كَانَ الرُّسُلُ يُؤَدُّونَ الشَّهَادَةَ بِقِيَامَةِ الرَّبِّ يَسُوعَ، وَنِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ كَانَتْ عَلَى جَمِيعِهِمْ، 34 إِذْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ مُحْتَاجًا، لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ كَانُوا أَصْحَابَ حُقُول أَوْ بُيُوتٍ كَانُوا يَبِيعُونَهَا، وَيَأْتُونَ بِأَثْمَانِ الْمَبِيعَاتِ، 35 وَيَضَعُونَهَا عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ، فَكَانَ يُوزَّعُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ كَمَا يَكُونُ لَهُ احْتِيَاجٌ.
+ هذا الجزء يشبه الجزء الأخير من أصحاح 4. ملخص سفر الأعمال أو ملخص حياة الكنيسة الأولى نجده في آخر جزء في أصحاح 2 (أع 2: 42-47) وآخر جزء في أصحاح 4 (أع 4: 32-34)، نفس المعاني.
36 وَيُوسُفُ الَّذِي دُعِيَ مِنَ الرُّسُلِ بَرْنَابَا، الَّذِي يُتَرْجَمُ ابْنَ الْوَعْظِ، وَهُوَ لاَوِيٌّ قُبْرُسِيُّ الْجِنْسِ، 37 إِذْ كَانَ لَهُ حَقْلٌ بَاعَهُ، وَأَتَى بِالدَّرَاهِمِ وَوَضَعَهَا عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ
+ في هذه الآية، لأول مرة تأتي سيرة شخص ليس من الرسل الإثني عشر، وسنعرف عنه أكثر في الأصحاحات القادمة. هذا الشخص يُدعى "برنابا"، وكعادة اليهود زمان كان له إسمين: إسم يهودي هو "يوسف"، وإسم يوناني هو "برنابا". هذا الرجل يهودي الديانة ولكنه قبرصي المنشأ (كما ذكرنا سابقًا أن يهود الشتات كانوا منتشرين في كثير من البلاد، ولكنهم كانوا يحتفظون بديانتهم اليهودية. كما هو الحال مع بولس الرسول فهو مولود في طرسوس، كيليكية، لكنه كان يهودي الديانة. كذلك مرقس الرسول مولود في القيروان نواحي ليبيا لكنه كان يهودي الديانة، فليس شرط أن كل يهودي يكون مولود في أورشليم).
+ "برنابا" ترجمته "ابن الوعظ"، كان والديه متدينين فأسماه "ابن الوعظ"، أو "ابن الكلام"، وفعلًا صار "برنابا" أحد القديسين المبشرين الكبار فيما بعد. وقد قصد القديس لوقا (كاتب السفر) أن يوضح لنا بعض جوانب شخصية القديس "برنابا" عندما باع قطعة الأرض المملوكة له ووضع ثمنها تحت أرجل الرسل، وكأن الكاتب أراد أن يقول لنا أن "برنابا" كان يحب الله حبًا قويًا وكان مستعدًا أن يفعل أي شيء من أجله، ولذلك استخدمه الله.
+ وكان أهم عمل قام به القديس "برنابا" في حياته هو أنه أتى ببولس الرسول للخدمة.
قد لا يعرف أحد منكم أين كانت خدمة القديس "برنابا"، ولكن الذي لا يمكن ننساه والذي لا يمكن أن ينساه التاريخ أبدًا هو أن "برنابا" هو الذي أتى ببولس الرسول للخدمة، وحتى إذا نسينا نحن أو نسي التاريخ القديس "برنابا"، السماء لن تنسى له أبدًا أنه هو الذي اشترى "بولس"!
← تفاسير أصحاحات سفر الأعمال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أعمال الرسل 5 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص داود لمعي |
تفسير أعمال الرسل 3 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/fr-dawood-lamey/acts-of-the-apostles/chapter-04.html
تقصير الرابط:
tak.la/k5az8fq