← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42
هذا الأصحاح يتضمن:
1- حنانيا وسفيرة وكذبهم على الروح القدس (أع 5: 1-11)
2- حدوث آيات وعجائب، ونمو الكنيسة (أع 5: 12-14)
3- كرامة القديسين وإكرامهم (أع 5: 15، 16)
4- خروج الرسل من الحبس والأبواب مغلقة (أع 5: 17-25)
5- القبض على الرسل ومحاكمتهم (أع 5: 26-32)
6- حنق اليهود وتدخل الله على فم غمالائيل (أع 5: 33-39)
7- معاقبة الرسل بالجلد (أع5: 40)
8- فرح الرسل واستكمالهم الكرازة (أع 5: 41، 42)
9- آية الأصحاح (أع 5: 41)
1 وَرَجُلٌ اسْمُهُ حَنَانِيَّا، وَامْرَأَتُهُ سَفِّيرَةُ، بَاعَ مُلْكًا 2 وَاخْتَلَسَ مِنَ الثَّمَنِ، وَامْرَأَتُهُ لَهَا خَبَرُ ذلِكَ، وَأَتَى بِجُزْءٍ وَوَضَعَهُ عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ
+ يتضح من سابق ما عرفناه من سفر أعمال الرسل أن كل الذين دخلوا الإيمان كانوا يبيعون أملاكهم حبًا وفرحًا بالرب، ويضعون ثمن ما باعوه عند أرجل الرسل لتكون هذه الأموال تحت تصرفهم فيعطوا كل واحد حسب احتياجه.
+ ولكن للأسف بدأ يندس وسط المؤمنين الصادقين الذين انضموا للكنيسة بعض المرائين مثل حنانيا وإمرأته سفيرة! حيث باع حنانيا أحد أملاكه (أرض أو مبنى أو شيء من هذا القبيل)، ولم يأتي بثمنه كاملًا للرسل بل قدم فقط جزء من الثمن وكذب على بطرس قائلًا أن هذا هو ثمن ما تم بيعه! وكانت إمرأته على علم بكل ما فعله ومتفقة معه على ذلك!
3 فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَا حَنَانِيَّا، لِمَاذَا مَلأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ وَتَخْتَلِسَ مِنْ ثَمَنِ الْحَقْلِ؟ 4 أَلَيْسَ وَهُوَ بَاق كَانَ يَبْقَى لَكَ؟ وَلَمَّا بِيعَ، أَلَمْ يَكُنْ فِي سُلْطَانِكَ؟ فَمَا بَالُكَ وَضَعْتَ فِي قَلْبِكَ هذَا الأَمْرَ؟ أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّاسِ بَلْ عَلَى اللهِ».
+ "لِمَاذَا مَلأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ" بالطبع الروح القدس كشف لبطرس كذب حنانيا، فوبخه بطرس قائلًا: "لِمَاذَا مَلأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ"! هل أتيت لتكذب على الروح القدس؟! أتيت لتكذب على ربنا نفسه؟!
+ وهذه العبارة التي قالها بطرس الرسول: "لِمَاذَا مَلأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ" تدل على أن حب المال يجعل الشيطان يملأ قلب الإنسان. وهذا ما أكده معلمنا بولس في رسالته لتلميذه تيموثاوس حين قال: "مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ" (1تي 6: 10)، أي محبة المال تجعل الشيطان يملأ قلب الإنسان فيكذب ويسرق ويغش ويرتكب خطايا عدة تجلب عليه أوجاع كثيرة. وهناك تعبير ذكره الكتاب المقدس عن يهوذا الإسخريوطي عندما تآمر على الرب يسوع من أجل 30 من الفضة، يقول: "لما خرج دخله الشيطان" ونص الآية: "فَبَعْدَ اللُّقْمَةِ دَخَلَهُ الشَّيْطَانُ..." (يو 13: 27)، أي بمجرد أن ترك المسيح وذهب لليهود لكي يُسَّلمه مقابل الـ30 من الفضة، أصبح الشيطان مصاحبًا له خطوة بخطوة!
+ "لِمَاذَا مَلأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُس" ومثال آخر للكذب على الروح القدس، الإنسان الذي يذهب للاعتراف ولكنه لا يعترف بكل خطاياه، بل يُخفي على أب اعترافه بعض الخطايا!! لماذا إذن ذهب ليعترف؟!! هل يظن أنه يستطيع أن يُخفي خطاياه عن الله؟! عندما يأتي الإنسان للإعتراف، فهو يأتي إلى الله في الأساس، الله هو الذي يستمع إليه في الاعتراف وهو الذي يغفر خطاياه، وما الكاهن إلا مجرد وكيل لله على الأرض، فهل يكذب على الله؟!
+ "4 أَلَيْسَ وَهُوَ بَاق كَانَ يَبْقَى لَكَ؟ وَلَمَّا بِيعَ، أَلَمْ يَكُنْ فِي سُلْطَانِكَ؟" أي لماذا أتيت إذن؟! ولماذا بعت الحقل من الأساس؟! لم يطلب منك أحد أن تبيع أملاكك، فإذا استبقيته لن يلومك أحد! (هذا يؤكد أن بيع الأملاك وتقديم ثمنها للكنيسة لم يكن فرضًا على شعب الكنيسة بل كان الشعب يفعل هذا حبًا للرب يسوع وإيمانًا به، وكان كل إنسان يتصرف بحريته وحسب طاقته الروحية). وأيضًا عندما بعت ما لك، ألم يكن في سلطانك أن تحتفظ بثمنه؟! لم يطلب منك أحد أن تأتي بثمنه للكنيسة، وليس في سلطان أحد أن يجبرك على هذا!
+ " فَمَا بَالُكَ وَضَعْتَ فِي قَلْبِكَ هذَا الأَمْرَ؟" حنانيا كان متعلقًا بالمال، وكان أيضًا مهتمًا بمظهره أمام الناس وأراد أن يأخذ مظهر التقوى، فتظاهر بحب العطاء، وخدع بطرس، وكذب على الروح القدس، وهاتان الخطيئتان من أكبر الخطايا التي تُبعدنا عن الله (خطيئة محبة المال، وخطيئة الرياء الناتجة عن اهتمامنا الزائد برأي الناس فينا!).
+ "أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّاسِ بَلْ عَلَى اللهِ" فالذي يكذب على الكنيسة يكذب على الله.
5 فَلَمَّا سَمِعَ حَنَانِيَّا هذَا الْكَلاَمَ وَقَعَ وَمَاتَ. وَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذلِكَ. 6 فَنَهَضَ الأَحْدَاثُ وَلَفُّوهُ وَحَمَلُوهُ خَارِجًا وَدَفَنُوهُ.
+ بطرس لم يطلب الموت لحنانيا لكنه عنفه بشدة قائلًا له الحق، والله قرر أن يجعل حنانيا عبرة للكنيسة كلها، فسقط حنانيا ميتًا! فلا يظن أحدكم أن بطرس هو الذي طلب الموت لحنانيا. ولعل الله كان شديدًا وحاسمًا جدًا في هذا الموقف، وله حكمة في ذلك، فالكنيسة كانت لا تزال في بداية نشأتها وما زال عدد المؤمنين قليل وجميعهم قديسين وأتقياء، فأراد الله أن يحفظ للكنيسة طهارتها ونقاوتها من الرياء والكذب ومحبة المال. ربنا حكم أن يموت حنانيا فجأة كإعلان أن خطيئة الكذب على الروح القدس خطيئة خطيرة وصعبة. بالطبع الكذب خطيئة صعبة جدًا ولكن خطيئة الكذب على الروح القدس خطيئة أصعب بكثير، فإذا تغاضى الله عن خطيئة الكذب على الناس، فإنه لا يتغاضى أبدًا عن الكذب على الروح القدس.
+ "وَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذلِكَ" بالطبع كان هذا الحدث مُخيف جدًا للناس، وبالطبع ربط الناس بين الخطيئة التي ارتكبها حنانيا وبين موته، وفهموا أن الله لا يتغاضى أبدًا عن خطيئة الكذب على الروح القدس وأن حنانيا مات بسبب هذه الخطيئة.
7 ثُمَّ حَدَثَ بَعْدَ مُدَّةِ نَحْوِ ثَلاَثِ سَاعَاتٍ، أَنَّ امْرَأَتَهُ دَخَلَتْ، وَلَيْسَ لَهَا خَبَرُ مَا جَرَى.
8 فأَجَابَهَا بُطْرُسُ:«قُولِي لِي: أَبِهذَا الْمِقْدَارِ بِعْتُمَا الْحَقْلَ؟» فَقَالَتْ:«نَعَمْ، بِهذَا الْمِقْدَارِ».
+ «قُولِي لِي: أَبِهذَا الْمِقْدَارِ بِعْتُمَا الْحَقْلَ؟» أراد بطرس أن يعطي الفرصة لسفيرة (إمرأة حنانيا) أن تقول الحق ولكنها هي أيضًا كذبت على الروح القدس وقَالَتْ:«نَعَمْ، بِهذَا الْمِقْدَارِ»، لقد شاركت زوجها في الكذب وكانت متفقة معه على كل شيء!
9 فَقَالَ لَهَا بُطْرُسُ:«مَا بَالُكُمَا اتَّفَقْتُمَا عَلَى تَجْرِبَةِ رُوحِ الرَّبِّ؟ هُوَذَا أَرْجُلُ الَّذِينَ دَفَنُوا رَجُلَكِ عَلَى الْبَابِ، وَسَيَحْمِلُونَكِ خَارِجًا».10 فَوَقَعَتْ فِي الْحَالِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَمَاتَتْ. فَدَخَلَ الشَّبَابُ وَوَجَدُوهَا مَيْتَةً، فَحَمَلُوهَا خَارِجًا وَدَفَنُوهَا بِجَانِبِ رَجُلِهَا.
+ "فَقَالَ لَهَا بُطْرُسُ:«مَا بَالُكُمَا اتَّفَقْتُمَا عَلَى تَجْرِبَةِ رُوحِ الرَّبِّ؟" لماذا تكذبا على الرب؟! لماذا تجربا روح الرب؟! هل تظنا أنكما تستطيعا إخفاء ما فعلتما على الرب؟ّ!
+ من يعاني من خطيئة محبة المال عليه أن يواجه نفسه ويكون أمينًا في الاعتراف بخطيئته ويطلب من الرب أن يساعده على أن يتخلص من محبة المال، ولكن الكثيرين لا يعترفون بهذه الخطيئة ولا يواجهون أنفسهم بهذه الحقيقة!
+ "هُوَذَا أَرْجُلُ الَّذِينَ دَفَنُوا رَجُلَكِ عَلَى الْبَابِ، وَسَيَحْمِلُونَكِ خَارِجًا»، قال بطرس هذا لأنه عرف حكمة الرب ومشيئته في أن يمنع هذه الخطيئة نهائيًا من الكنيسة.
11 فَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الْكَنِيسَةِ وَعَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذلِكَ.
+ "فَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الْكَنِيسَةِ وَعَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذلِكَ" وكان هذا قصد الله!
قصة حنانيا وسفيرة من أصعب القصص في العهد الجديد! الله عاقب فيها على الخطيئة بشكل مُخيف، لكن صدقوني نحن أحيانًا نكون محتاجين لهذا الشعور بالخوف من الله من أجل خلاصنا.
+ الله عندما يجد إنسان متهاون، متكاسل، ملتوي، يستبيح الكذب حتى على الرب، غشاش، يغش حتى في أبسط الأمور.... لا بد أن يعاقبه، لا بد أن يُخيفه، لأن الطريق التي يسلكها ستؤدي به للهلاك.
+ وهناك آية في سفر الأمثال تقول: "لا تمنع عصاك عن إبنك، لأنك إن منعتها تهلكه"، ونص الآيات: "مَنْ يَمْنَعُ عَصَاهُ يَمْقُتِ ابْنَهُ، وَمَنْ أَحَبَّهُ يَطْلُبُ لَهُ التَّأْدِيبَ" (سفر الأمثال 13: 24)، "لاَ تَمْنَعِ التَّأْدِيبَ عَنِ الْوَلَدِ، لأَنَّكَ إِنْ ضَرَبْتَهُ بِعَصًا لاَ يَمُوتُ" (سفر الأمثال 23: 13)، أي أنك إذا منعت عصاك عن إبنك وتهاونت في تأديبه، سيهلك! لا بد أن تستخدم عصاك لتأديبه حتى تنصلح أحواله ويسير في الطريق السليم.
+ الله أحيانًا يستخدم عصاه ليس كرهًا فينا ولكن لأنه يُحبنا، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. فعندما يكون داخلنا خوف الله، تنصلح طرقنا وأحوالنا ونسير في الطريق الصحيح.
+ فالله أضاف بهذه القصة الخوف المقدس للكنيسة. الخوف من الالتواء والكذب، من الرياء والتظاهر، لأن مرض الرياء مرض خطير جدًا، وهو أكثر مرض يدخل الكنيسة ليخربها، حيث يمثل الإنسان التقوى والتدين، بينما يكون داخله خربًا! إذا ترك الله حنانيا وسفيرة دون عقاب بالرغم من ادعائهما التقوى واستباحتهما الكذب على الروح القدس، كانت هذه الأمراض الروحية الخطيرة ستنتقل للكنيسة وهي في بداية تكوينها وتخربها!
+ الرياء كان أشهر مرض روحي منتشر بين اليهود، لذلك كثيرًا ما قال لهم الرب يسوع: "أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ!"، كما حذر تلاميذه منهم قائلًا: "تَحَرَّزُوا مِنَ الْكَتَبَةِ، الَّذِينَ يَرْغَبُونَ الْمَشْيَ بِالطَّيَالِسَةِ، وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ، وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ، وَالْمُتَّكَآتِ الأُولَى فِي الْوَلاَئِمِ. الَّذِينَ يَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ، وَلِعِلَّةٍ يُطِيلُونَ الصَّلَوَاتِ. هؤُلاَءِ يَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ" (إنجيل مرقس 12: 38، 40) أي يطيلون الصلاة ليس حبًا في الله بل لكي يراهم الناس يحققون الرقم القياسي في الصلاة فيظنون فيهم التقوى!
12 وَجَرَتْ عَلَى أَيْدِي الرُّسُلِ آيَاتٌ وَعَجَائِبُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّعْبِ. وَكَانَ الْجَمِيعُ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ فِي رِوَاقِ سُلَيْمَانَ.
+ أصبح مكان الاجتماع المعتاد هو: "رواق سليمان" داخل الهيكل، يتقابلون فيه كتير.
13 وَأَمَّا الآخَرُونَ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَجْسُرُ أَنْ يَلْتَصِقَ بِهِمْ، لكِنْ كَانَ الشَّعْبُ يُعَظِّمُهُمْ.
+ "وَأَمَّا الآخَرُونَ" المقصود بـ " الآخَرُونَ" – في الغالب – "المسيحيين الأوائل الذين كانوا ينضموا للكنيسة"، "فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَجْسُرُ أَنْ يَلْتَصِقَ بِهِمْ" أي كانت الناس تنعزل عنهم، "لكِنْ كَانَ الشَّعْبُ يُعَظِّمُهُمْ" مقصود بـ "الشَّعْبُ": "سائر اليهود". أي بالرغم من أن سائر الشعب اليهودي كان يخاف جدًا ويبتعد عن اليهود الذين يسيرون وراء الرسل وينضموا للكنيسة – لا يريدون أن يقعوا في مشاكل مع رؤساء اليهود بسببهم - لكنهم في نفس الوقت كانوا يعظمونهم ويكنِّون لهم الاحترام والتقدير!
+ وهذا هو حال كل مسيحي في العالم (المسيحي الحقيقي المتدين تدين حقيقي)، قد يتجنبه الناس لأنه مختلف عنهم، ولأنهم غير قادرين على مجاراته في استقامته (أخلاقه مستقيمة مختلفة عن أخلاقهم، وسلوكه قويم مختلف عن سلوكهم)، لكنهم في واقع الأمر يكنِّون له احترامًا وتقديرًا كبيرين!
+ "كَانَ الشَّعْبُ يُعَظِّمُهُمْ"! أصبح "الشعب اليهودي" نفسه هو الذي يشهد بمثالية "المسيحيين الأوائل" وينظرون لهم نظرة احترام وتقدير واستمر هذا الحال عدة قرون (المسيحيين مثاليين)، حتى أن أحد الكتاب الذين كانوا يكتبوا منشورات للدفاع عن المسيحيين (مجموعة كتاب تُسمى: مجموعة المدافعين) قال كلمة جميلة جدًا تدل على هذا المعنى، قال: "إفتحوا السجون، ابحثوا على مسيحي واحد مسجون، إلا لعلة أنه مسيحي، وحينئذ ستعرفون المسيحية!" أي لم يكن هناك مسيحي واحد مسجون إلا لكونه مسيحي، لا يوجد مسيحي حرامي! لا يوجد مسيحي غشاش! ... إلخ، المسيحي مسيحي، لا بد أن يكون مثالي، فـ "كَانَ الشَّعْبُ يُعَظِّمُهُمْ".
14 وَكَانَ مُؤْمِنُونَ يَنْضَمُّونَ لِلرَّبِّ أَكْثَرَ، جَمَاهِيرُ مِنْ رِجَال وَنِسَاءٍ،
15 حَتَّى إِنَّهُمْ كَانُوا يَحْمِلُونَ الْمَرْضَى خَارِجًا فِي الشَّوَارِعِ وَيَضَعُونَهُمْ عَلَى فُرُشٍ (جمع فراش) وَأَسِرَّةٍ (جمع سرير)، حَتَّى إِذَا جَاءَ بُطْرُسُ يُخَيِّمُ وَلَوْ ظِلُّهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ.
+ شيء عجيب جدًا أن مجرد ظل بطرس كان له كل هذه القوة القادرة على الشفاء! لم يُقال على الرب يسوع نفسه أن مجرد ظله كان قادرًا على شفاء المرضى! لكن الرب يسوع يُحب قديسيه ويُحب أن يكرمهم وقد أعطاهم سلطانًا على الأمراض وكل قوى الشر، فقد قال لهم "اَلَّذِي يَسْمَعُ مِنْكُمْ يَسْمَعُ مِنِّي، وَالَّذِي يُرْذِلُكُمْ يُرْذِلُنِي، وَالَّذِي يُرْذِلُنِي يُرْذِلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي... هَا أَنَا أُعْطِيكُمْ سُلْطَانًا لِتَدُوسُوا الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَكُلَّ قُوَّةِ الْعَدُوِّ، وَلاَ يَضُرُّكُمْ شَيْءٌ" (لو 10: 16)، (لو10: 19).
+ وهذا رد على من يتهموننا بالمبالغة في تكريم القديسين. فإذا كان الرب كرَّمهم، ألا نكَّرمهم نحن؟! الله يُكرم قديسيه لدرجة إن ظل بطرس كان له قوة تشفي المرضى وتُخرج الشياطين!
+ بالطبع هذا معناه أنه إذا امتلأ إنسان بالروح القدس فهو يشع قوة، ويكون له تأثير إيجابي جميل على كل من يحيطون به، مجرد اسمه له قوة، وحضوره له قوة، وكلامه له قوة، كل ما يتعلق به له قوة روحية مرتبطة بالروح القدس الساكن فيه.
16 وَاجْتَمَعَ جُمْهُورُ الْمُدُنِ الْمُحِيطَةِ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَامِلِينَ مَرْضَى وَمُعَذَّبِينَ مِنْ أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ، وَكَانُوا يُبْرَأُونَ جَمِيعُهُمْ.
+ بالضبط كما حدث مع ربنا يسوع في آخر رحلة خدمته، حيث كانوا يأتون له بالمرضى محمولين على أسرتهم من كل القرى لكي يشفيهم، وكان لدى الناس إيمان أن الذي سيلمس حتى ثوب المسيح سينال الشفاء، هذا أيضًا ما حدث مع بطرس ويوحنا وسائر آبائنا الرسل، أصبحت الناس تؤمن أن المريض إذا استطاع أن يصل للرسل، لا بد سينال الشفاء!
+ بالطبع كل هذا أشعل غيرة اليهود وحنقهم على الرسل، وأزداد شعورهم بالعجز أمام انتشار المسيحية!
17 فَقَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَجَمِيعُ الَّذِينَ مَعَهُ، الَّذِينَ هُمْ شِيعَةُ الصَّدُّوقِيِّينَ، وَامْتَلأُوا غَيْرَةً
+ "شِيعَةُ الصَّدُّوقِيِّينَ" سبق أن تكلمنا عنهم. "وَامْتَلأُوا غَيْرَةً" كلمة "غَيْرَةً" هنا تعني غيرة مرة، غيرة كلها شر، غيرة ضد الرب يسوع والكنيسة، غيرة على اليهودية ضد المسيح! (عكس فضيلة الغيرة المقدسة في مفهومنا المسيحي، مثل الغيرة على الكنيسة بمعنى حب الحفاظ على الكنيسة) وكأن الشيطان أقنعهم بضرورة التخلص من المسيحية للمحافظة على اليهودية، بأي ثمن!! وهذه الغيرة ستكون هي الصفة المميزة لأحد اليهود فيما بعد وهو "بولس الرسول"! الذي قال عن نفسه: أنا كنت أكثر شخص غيور على اليهودية، ونص الآية "وَكُنْتُ أَتَقَدَّمُ فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ عَلَى كَثِيرِينَ مِنْ أَتْرَابِي فِي جِنْسِي، إِذْ كُنْتُ أَوْفَرَ غَيْرَةً فِي تَقْلِيدَاتِ آبَائِي" (غلاطية 1: 14)، التي أدرك فيما بعد أنها كانت غيرة في الإتجاه الخاطيء، غيرة خاطئة.
18 فَأَلْقَوْا أَيْدِيَهُمْ عَلَى الرُّسُلِ وَوَضَعُوهُمْ فِي حَبْسِ الْعَامَّةِ.
+ "فَأَلْقَوْا أَيْدِيَهُمْ عَلَى الرُّسُلِ" هذه المرة تم حبس الرسل الإثني عشر! إذن المرة الأولى تم حبس بطرس ويوحنا، وتم الإفراج عنهم في اليوم التالي لأنهم لم يستطيعوا أن يتخذوا ضدهم أي إجراء! ثم وجدوا أن الشعب يزداد التفافًا حول الرسل والوضع يزداد سوءًا بالنسبة لهم فقاموا بحبس الرسل الإثني عشر! "وَوَضَعُوهُمْ فِي حَبْسِ الْعَامَّةِ" أي السجن الذي يُحبس فيه عامة الناس، أي دون مراعاة لكرامة هؤلاء الرسل عند الشعب!
+ المرة السابقة قضى بطرس ويوحنا ليلة في (التخشيبة) وفي اليوم التالي وعظوا أثناء التحقيق معهم وساندهم الرب وتم الإفراج عنهم، وفي هذه المرة أيضًا سيتدخل الرب بطريقة أخرى! وسنكتشف أثناء دراستنا لسفر أعمال الرسل أن الرسل تعرضوا كثيرًا للقبض عليهم ووضعهم في السجون، ولكل سجن قصة مختلفة وأيضًا الله يتدخل في كل مرة بطريقة مختلفة! .
+ إذن عندما نقع في تجربة يجب ألا نتوقع الطريقة التي سيتدخل بها الله، فليس هناك قواعد لتدخل الله، الله يتعامل مع كل موقف بطريقة مختلفة، ويتدخل بطرق مختلفة قد لا تخطر لنا على بال!
19 وَلكِنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ فِي اللَّيْلِ فَتَحَ أَبْوَابَ السِّجْنِ وَأَخْرَجَهُمْ وَقَالَ: 20 «اذْهَبُوا قِفُوا وَكَلِّمُوا الشَّعْبَ فِي الْهَيْكَلِ بِجَمِيعِ كَلاَمِ هذِهِ الْحَيَاةِ».
+ هكذا أنقذهم الرب! ملاك الرب جاء في الليل وفتح أبواب السجن وأخرج الرسل كلهم وقال لهم: "اذْهَبُوا قِفُوا وَكَلِّمُوا الشَّعْبَ فِي الْهَيْكَلِ بِجَمِيعِ كَلاَمِ هذِهِ الْحَيَاةِ". إذن حديث الرسل مع الشعب عن المسيح وقيامته، وعن التوبة والمعمودية، هو كلام عن الحياة الأبدية.
21 فَلَمَّا سَمِعُوا دَخَلُوا الْهَيْكَلَ نَحْوَ الصُّبْحِ وَجَعَلُوا يُعَلِّمُونَ. ثُمَّ جَاءَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَالَّذِينَ مَعَهُ، وَدَعَوُا الْمَجْمَعَ وَكُلَّ مَشْيَخَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى الْحَبْسِ لِيُؤْتَى بِهِمْ.
+ أي أن الرسل لم يكملوا الليلة في السجن! في منتصف الليل أخرجهم الملاك وفي صباح اليوم التالي ذهبوا للهيكل ليعظوا ويعلموا عادي جدًا ودون أي تراجع!
+ بالطبع هناك فضيحة تنتظر رئيس الكهنة والذين معه، الذين دعوا المجمع وكل مشيخة بني إسرائيل من كل مكان، ليعقدوا محاكمة علنية ضخمة للرسل! أرسلوا ليؤتى بالرسل من الحبس فلم يجدوهم!
22 وَلكِنَّ الْخُدَّامَ لَمَّا جَاءُوا لَمْ يَجِدُوهُمْ فِي السِّجْنِ، فَرَجَعُوا وَأَخْبَرُوا 23 قَائِلِينَ:«إِنَّنَا وَجَدْنَا الْحَبْسَ مُغْلَقًا بِكُلِّ حِرْصٍ، وَالْحُرَّاسَ وَاقِفِينَ خَارِجًا أَمَامَ الأَبْوَابِ، وَلكِنْ لَمَّا فَتَحْنَا لَمْ نَجِدْ فِي الدَّاخِلِ أَحَدًا».
+ المعجزات أصبحت علنًا! معجزات كبيرة تحدث أمام كل الناس! الحراس واقفين أماكنهم والأبواب كلها مقفلة، ثم جاء الحراس لإخراج المتهمين فلم يجدوا أحدًا في الحبس! بالطبع فضيحة كبيرة فالمحكمة منعقدة وكل المُحققين جالسين على المنصة، والكل في إنتظار المحاكمة، بينما الحراس لم يجدوا المتهمين في الحبس!!!
+ يذكرنا ذلك بالرب يسوع الذي كان يدخل العلية فجأة على التلاميذ والأبواب مغلقة. هو أيضًا يستطيع أن يخرجهم والأبواب مغلقة!
24 فَلَمَّا سَمِعَ الْكَاهِنُ وَقَائِدُ جُنْدِ الْهَيْكَلِ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ هذِهِ الأَقْوَالَ، ارْتَابُوا مِنْ جِهَتِهِمْ: مَا عَسَى أَنْ يَصِيرَ هذَا؟ 25 ثُمَّ جَاءَ وَاحِدٌ وَأَخْبَرَهُمْ قَائِلًا:«هُوَذَا الرِّجَالُ الَّذِينَ وَضَعْتُمُوهُمْ فِي السِّجْنِ هُمْ فِي الْهَيْكَلِ وَاقِفِينَ يُعَلِّمُونَ الشَّعْبَ!».
+ بالطبع ظن رؤساء الكهنة والشيوخ أن الرسل المتهمين سيختبئوا ولن يستطيعوا احضارهم مرة أخرى للتحقيق معهم ولكنهم فوجئوا بمن يُبلغهم أن الرسل في الهيكل يعظون ويعلمون عادي جدًا وكأن شيئًا لم يحدث! كان الرسل مملوئين جرأة وغيرة مقدسة وفرح بالخدمة بلا حدود!!
26 حِينَئِذٍ مَضَى قَائِدُ الْجُنْدِ مَعَ الْخُدَّامِ، فَأَحْضَرَهُمْ لاَ بِعُنْفٍ، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَخَافُونَ الشَّعْبَ لِئَلاَّ يُرْجَمُوا.
+ ذهب رئيس الجند لإحضار الرسل، "لاَ بِعُنْفٍ" أي بطريقة ودية، لأنهم كانوا يخافون من الآلاف الملتفة حول الرسل ومتعلقين بهم، فالرسل هم الذين يشفون المرضى، وهم الذين يعلمون عن المسيح، ولهم نعمة لدى جميع الشعب، فماذا يستطيع أن يفعل هذا القائد الذي اصطحب معه بعض الجنود؟! بالطبع لن يستطيع أن يفعل شيئًا. وكان في استطاعة الرسل أن يرفضوا الذهاب معه، ولكن الآباء الرسل أطاعوا هذا القائد وذهبوا معه، فأحضرهم بدون عنف.
27 فَلَمَّا أَحْضَرُوهُمْ أَوْقَفُوهُمْ فِي الْمَجْمَعِ. فَسَأَلَهُمْ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ 28 قِائِلًا:«أَمَا أَوْصَيْنَاكُمْ وَصِيَّةً أَنْ لاَ تُعَلِّمُوا بِهذَا الاسْمِ؟ وَهَا أَنْتُمْ قَدْ مَلأْتُمْ أُورُشَلِيمَ بِتَعْلِيمِكُمْ، وَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْلِبُوا عَلَيْنَا دَمَ هذَا الإِنْسَانِ».
+ "أَمَا أَوْصَيْنَاكُمْ وَصِيَّةً أَنْ لاَ تُعَلِّمُوا بِهذَا الاسْمِ؟"، "وَهَا أَنْتُمْ قَدْ مَلأْتُمْ أُورُشَلِيمَ بِتَعْلِيمِكُمْ" شهادة جميلة للآباء الرسل، شهادة من العدو. "وَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْلِبُوا عَلَيْنَا دَمَ هذَا الإِنْسَانِ" دم هذا الإنسان مقصود به دم ربنا يسوع له المجد، لأن الرسل في وعظهم دائمًا يقولون لليهود: "المسيح الذي صلبتوه، هو الإله الحقيقي وقد قام من الأموات، وهو الذي يعطي الخلاص لمن يؤمن به".
+ أجاب الرسل بأن عليهم أن يطيعوا كلام الله أكثر من كلام أي إنسان.
30 إِلهُ آبَائِنَا أَقَامَ يَسُوعَ الَّذِي أَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ.
+ آبائنا الرسل كانوا ينتهزون كل فرصة لكي: 1- يعيدوا على مسامع اليهود مذكرين إياهم أنهم (أي اليهود) هم الذين قتلوا المسيح مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ. 2- يشهدوا بقيامة الرب يسوع من الموت بعد أن مات على الصليب! كل محاكمة بعظة! وكل عظة يكرروا نفس الكلام تقريبًا!
31 هذَا رَفَّعَهُ اللهُ بِيَمِينِهِ رَئِيسًا وَمُخَلِّصًا، لِيُعْطِيَ إِسْرَائِيلَ التَّوْبَةَ وَغُفْرَانَ الْخَطَايَا.
+ "هذَا رَفَّعَهُ اللهُ بِيَمِينِهِ رَئِيسًا وَمُخَلِّصًا" أي الله الآب قدم لنا المسيح إله، رئيس، مخلص، وانتم صلبتوه بإيديكم! "لِيُعْطِيَ إِسْرَائِيلَ التَّوْبَةَ وَغُفْرَانَ الْخَطَايَا" أي التوبة أصبحت مرتبطة بالإيمان بالمسيح.
32 وَنَحْنُ شُهُودٌ لَهُ بِهذِهِ الأُمُورِ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ أَيْضًا، الَّذِي أَعْطَاهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُطِيعُونَهُ».
+ "وَنَحْنُ شُهُودٌ لَهُ بِهذِهِ الأُمُورِ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ أَيْضًا" أي والروح القدس شاهد أيضًا معنا، لأن المسيح له المجد سبق أن قال لهم هذا التعبير، حيث قال: "«وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ، رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِي. وَتَشْهَدُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا لأَنَّكُمْ مَعِي مِنَ الابْتِدَاءِ" (إنجيل يوحنا 15: 26، 27). أي الروح القدس يشهد من خلالهم، وهم أيضًا لأنهم عاشروا الرب يسوع فترة حياته على الأرض وعاشوا معه ولمسوه، وجلسوا معه بعد قيامته، يتكلمون عن خبراتهم معه.
+ " الَّذِي أَعْطَاهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُطِيعُونَهُ " أي الروح القدس الذي يعطيه الله لمن يعيشون في طاعته، أي لكل شعب الكنيسة الذين يريدون السير وراءه والعيش في طاعته. لكن الروح القدس لا يُعطَى للشخص الذي لم يؤمن.
33 فَلَمَّا سَمِعُوا حَنِقُوا، وَجَعَلُوا يَتَشَاوَرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُمْ.
+ لم يستطع اليهود في هذه المرة احتمال الجرأة التي يتكلم بها الرسل، فصاروا يفكرون كيف يقتلوهم! كان من الصعب جدًا استصدار أحكام بالإعدام؟! وكما نعلم لم يكن حكم الإعدام بالذات في سلطة اليهود بل سلطة الرومان، لأن اليهود كانوا محتلين من الرومان. فعندما أراد اليهود التخلص من الرب يسوع اضطروا لنسج المؤامرات حتى يستطيعوا أن يستصدروا حكم بصلبه من الرومان، فما بالك باستصدار حكم بإعدام 12 شخص!! لا بد أن يجدوا حجه قوية جدًا لكل منهم أو تهمة واضحة تستحق الإعدام أو القتل. هذا أوقعهم في حيرة لوجود صعوبة في التخلص من هؤلاء الرسل!
34 فَقَامَ فِي الْمَجْمَعِ رَجُلٌ فَرِّيسِيٌّ اسْمُهُ غَمَالاَئِيلُ، مُعَلِّمٌ لِلنَّامُوسِ، مُكَرَّمٌ عِنْدَ جَمِيعِ الشَّعْبِ، وَأَمَرَ أَنْ يُخْرَجَ الرُّسُلُ قَلِيلًا.
+ هنا نجد أن الله يتدخل لإنقاذ الرسل بطريقة أخرى!
+ "فَقَامَ فِي الْمَجْمَعِ رَجُلٌ فَرِّيسِيٌّ اسْمُهُ غَمَالاَئِيل"، من هم الفريسيين؟ "فَرِّيسِيٌّ".
سبق أن ذكرنا هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت عن "الصدوقيين" أنهم جماعة متطرفة من اليهود، ولها معتقداتها حيث أنهم لا يؤمنوا بالقيامة ولا الملائكة ولا الأرواح. "الفريسيين" أيضًا جماعة متطرفة من اليهود لكن بطريقة أخرى. فهم حرفيين جدًا، بمعنى أنهم متدينين جدًا بشكل مبالغ، لهم طقوس خاصة بهم، متزمتين إلى حد كبير في حياتهم وسلوكياتهم، ويعتبرهم اليهود قمة في التدين مثل الرهبان بمفهومنا المسيحي.
لذلك نجد بولس الرسول يقول عن نفسه: "... أَنَا فَرِّيسِيٌّ ابْنُ فَرِّيسِيٍّ ..." (أع 23: 6)، أي إذا كنتم تريدون وضعي في مقارنة مع أي يهودي، فأنا أتفوق عليه. فالفريسي لا يكون متدين فقط بل شديد التدين.
+ " غَمَالاَئِيل": كان رجلًا فريسيًا، كبير في السن ومتزن العقل وقد وصفه معلمنا لوقا بأنه: "مُعَلِّمٌ لِلنَّامُوسِ، مُكَرَّمٌ عِنْدَ جَمِيعِ الشَّعْبِ"، فهو أحد الرابايز rabbis أي المعلمين اليهود الكبار المشهورين لدى اليهود (أحد الأسماء المشهورة في التاريخ اليهودي) ويقول لنا التاريخ وكذلك سفر الأعمال أن "غَمَالاَئِيل " كان مُعلِّم بولس الرسول، فبولس أساسًا كيهودي متعصب كان تلميذ لهذا الرجل.
+ " وَأَمَرَ أَنْ يُخْرَجَ الرُّسُلُ قَلِيلًا"، أراد أن يكلم رؤساء اليهود دون أن يسمع الرسل ما سيقوله.
35 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ:« أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ، احْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ جِهَةِ هؤُلاَءِ النَّاسِ فِي مَا أَنْتُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ تَفْعَلُوا.
+ غَمَالاَئِيل عندما استمع إلى ما دار سواء من الرسل أو من رؤساء اليهود لم يتخذ من الرسل موقفًا عنيفًا أو متعصبًا كما فعل سائر رؤساء اليهود، بل فكر بطريقة عقلانية متزنة واتخذ موقف الرجل المعتدل التقي، وكان هذا بالطبع بتدخل من الله لحماية الرسل من أن يقتلوا في بداية كرازتهم، فيستطيعوا أن يستكملوا رسالتهم!
+ ولعل غَمَالاَئِيل عملت في ذهنه أفكار مثل: هؤلاء الناس (الرسل) يصنعون المعجزات! هؤلاء الناس غير مستفيدين أبدًا من البشارة التي يبشرون بها بل بالعكس هم يعرضون أنفسهم لأذية اليهود! هؤلاء الناس لم ينادوا لمجد شخصهم، بل لمجد إسم شخص آخر! هؤلاء الناس رغم جهلهم وفقرهم، أحدثوا تأثير خطير جدًا في أورشليم! هؤلاء الناس فيهم تقوى حقيقية، جعلتهم يجدوا نعمة لدى جميع الناس! لدرجة أن الذين يتبعوهم يبيعون أملاكهم ويضعون ثمنها تحت تصرفهم دون غرض! فليس هناك أي حكمة في الاصطدام بهم!
+ لذلك فبالرغم من أن غَمَالاَئِيل كان فريسي متعصب للديانة اليهودية، وبالرغم من أن كلام الرسل كان ضد اليهود وإلى حد ما ضد الديانة اليهودية كما هي في الفكر اليهودي، إلا أنه بدأ يميل لهؤلاء الناس (الرسل)، وبدأ يشعر أنهم صادقين وأن شهادتهم حق ومعجزاتهم تُظهر أنهم على حق، ولم يستطع أن يغمض عينيه عن الحق. هذا التناقض جعل ضميره غير قادر على اتخاذ أي قرار تجاه الرسل.
+ أيضًا تكونت لدى غَمَالاَئِيل فكرة حكيمة وهي: إذا كنا غير قادرين على اتخاذ قرار بطريقة معينة تجاه هؤلاء الناس (الرسل)، فعلينا أن ننتظر لنرى إرادة الله. فإذا كانت دعوة هؤلاء الناس من الله، فلن نستطيع إيقاف عملهم، وإذا كانت ليست من الله ستقف دعوتهم دون تدخل منّا.
] علينا أحيانًا أن نفكر بهذه الطريقة الحكيمة، فعندما نكون في حيرة من أمر معين (نستمر فيه أم نبتعد عنه)، أو غير قادرين على إتخاذ قرار تجاه أمر معين، ننتظر بعض الوقت دون اتخاذ أي قرار او تصرف، فقط ننتظر بعض الوقت، فبمرور الأيام سنرى عمل الله ونتحقق من مشيئته وإرادته في هذا الأمر، فإذا كان هذا الأمر في صالحنا ويتفق مع إرادة الله فإن كل شيء سيسير على ما يرام وسنكون مع الوقت أكثر ارتياحًا وسلامًا وثقة، وإذا كان هذا الأمر ليس في صالحنا وعلى غير إرادة الله فإن الله سيوقفه بمعرفته دون أي تدخل منَّا[ .
+ هذه الفكرة جعلت غَمَالاَئِيل يقول للحاضرين (رؤساء اليهود الذين أتوا لمحاكمة الرسل): "أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ، احْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ جِهَةِ هؤُلاَءِ النَّاسِ فِي مَا أَنْتُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ تَفْعَلُوا" هؤلاء الناس (الرسل) وراءهم لغز! ثم ذكَّرَ غَمَالاَئِيل اليهود ببعض الأحداث التي حدثت منذ زمن بعيد في التاريخ اليهودي فقال:
36 لأَنَّهُ قَبْلَ هذِهِ الأَيَّامِ قَامَ ثُودَاسُ قَائِلًا عَنْ نَفْسِهِ إِنَّهُ شَيْءٌ، الَّذِي الْتَصَقَ بِهِ عَدَدٌ مِنَ الرِّجَالِ نَحْوُ أَرْبَعِمِئَةٍ، الَّذِي قُتِلَ، وَجَمِيعُ الَّذِينَ انْقَادُوا إِلَيْهِ تَبَدَّدُوا وَصَارُوا لاَ شَيْءَ.
+ " ثُودَاس" كان رجل يهودي، قام بثورة ضد الرومان وادعى أنه سيحرر اليهود منهم، وكعادة اليهود يلتفون حول من يظنون أنه سيحررهم من المستعمر ويعاملوه كنبي (مثل شمشون، وجدعون،... إلخ.) فقد كانوا يعتبرون أن دور النبي هو تحريرهم من المستعمر! التف حوله حوالي 400 رجل كانوا يشتركون معه في مقاومة الرومان ولكن انتهى الأمر بمقتله وتشتت الـ400 رجل! فكانت حركته ضد الرومان ليست من ربنا، ما دامت قد انطفأت بهذا الشكل وانتهت دون جدوى. وقد عبر غَمَالاَئِيل عن فشل هذه الحركة بقوله "وَجَمِيعُ الَّذِينَ انْقَادُوا إِلَيْهِ تَبَدَّدُوا وَصَارُوا لاَ شَيْءَ" .
37 بَعْدَ هذَا قَامَ يَهُوذَا الْجَلِيلِيُّ فِي أَيَّامِ الاكْتِتَابِ، وَأَزَاغَ وَرَاءَهُ شَعْبًا غَفِيرًا. فَذَاكَ أَيْضًا هَلَكَ، وَجَمِيعُ الَّذِينَ انْقَادُوا إِلَيْهِ تَشَتَّتُوا.
+ "أَيَّامِ الاكْتِتَابِ" كانت وقت ميلاد الرب يسوع له المجد، أي قبل أحداث مُحاكمة الرسل هذه بـثلاثة وثلاثين سنة ونصف، حيث أمر قيصر روما في هذا الوقت بعمل إحصائيات عالمية (بمعنى أن كل شخص يذهب إلى قريته أو بلدته التي وُلِدَ فيها لكي يُقيد اسمه).
+ "يَهُوذَا الْجَلِيلِي" هو شخص آخر قام بثورة ضد الرومان وقت الاكتتاب ويقول عنه غَمَالاَئِيل "فَذَاكَ أَيْضًا هَلَكَ، وَجَمِيعُ الَّذِينَ انْقَادُوا إِلَيْهِ تَشَتَّتُوا".
+ يتضح من الكلام أن غَمَالاَئِيل كان رجل كبير في السن جدًا لأنه يتكلم عن أحداث عاصرها تمت منذ ثلاثة وثلاثين سنة وأكثر.
38 وَالآنَ أَقُولُ لَكُمْ: تَنَحَّوْا عَنْ هؤُلاَءِ النَّاسِ وَاتْرُكُوهُمْ! لأَنَّهُ إِنْ كَانَ هذَا الرَّأْيُ أَوْ هذَا الْعَمَلُ مِنَ النَّاسِ فَسَوْفَ يَنْتَقِضُ، 39 وَإِنْ كَانَ مِنَ اللهِ فَلاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنْقُضُوهُ، لِئَلاَّ تُوجَدُوا مُحَارِبِينَ للهِ أَيْضًا».
+ غَمَالاَئِيل اقترح على رؤساء اليهود أن يتركوا الرسل وشأنهم، لأنهم إن كانوا من أمثال "ثوداس" أو "يَهُوذَا الْجَلِيلِي" سينتهي عملهم إلى لا شيء كما حدث مع ثوداس ويَهُوذَا الْجَلِيلِي، "وَإِنْ كَانَ (هذَا الرَّأْيُ أَوْ هذَا الْعَمَلُ) مِنَ اللهِ فَلاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنْقُضُوهُ".
+ إذًا كما سبق أن قلنا يتضح من كلام غَمَالاَئِيل أنه كان يضع احتمال أن عمل هؤلاء الناس (الرسل) من الله، وأن هناك تساؤلات كانت تدور بداخله وفي ضميره تجعله مُتحير: هل كلام هؤلاء الناس عن المسيح حقيقة أم لا؟ّ! هل المسيح الذي ينادي به هؤلاء الناس هو المسيا المنتظر أم لا؟! هل المعجزات التي يعملها هؤلاء الناس بهذه القوة هي شهادة على الحق الذي ينادون به أم لا؟! هو نفسه بدأ يتشكك.
+ "لِئَلاَّ تُوجَدُوا مُحَارِبِينَ للهِ أَيْضًا" أي إذا كان هؤلاء الناس (الرسل) على حق، فأنتم أيها اليهود تكونوا واقفين ضد الله نفسه! تحاربون الله نفسه!
40 فَانْقَادُوا إِلَيْهِ. وَدَعُوا الرُّسُلَ وَجَلَدُوهُمْ، وَأَوْصَوْهُمْ أَنْ لاَ يَتَكَلَّمُوا بِاسْمِ يَسُوعَ، ثُمَّ أَطْلَقُوهُمْ.
+ كما قلنا كان رؤساء اليهود يريدون قتل الرسل، ولكن عمل الله في غَمَالاَئِيل وأقواله جعلت اليهود يتراجعون عن قتلهم. الله أرسل غَمَالاَئِيل في الوقت المناسب لأنه لا يريد لأولاده أن يموتوا في هذا التوقيت. فاكتفى اليهود بجلد الرسل فقط وليس قتلهم.
+ "وَدَعُوا الرُّسُلَ وَجَلَدُوهُمْ" في الجلسة السابقة هددوا بطرس ويوحنا وطلبوا منهم ألا يذكروا اسم يسوع المسيح، لذلك في هذه الجلسة مع الرسل لم يكتفوا بالتهديد بل جلدوا الاثني عشر رسولًا!
+ وهنا علينا أن نتخيل معًا صورة الآباء الرسل وهم مطروحين على الأرض لكي يُضربوا ويجلدوا من أجل إسم الرب يسوع! حقيقة، كم هم مستحقين لكل كرامة؟! لم تأت كرامتهم من فراغ!
هذا الجلد يُذكرنا بما قاله الرب يسوع لأم ابني زبدي (أم يعقوب ويوحنا) عندما طلبت منه أن يجلس ابنيها على جانبيه في الملكوت، حيث قال لها: "أيستطيعا أن يشربا الكأس التي أشربها، ويصطبغا بالصبغة التي أصطبغ بها. ونص الآيات: "حِينَئِذٍ تَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ أُمُّ ابْنَيْ زَبْدِي مَعَ ابْنَيْهَا، وَسَجَدَتْ وَطَلَبَتْ مِنْهُ شَيْئًا. فَقَالَ لَهَا: «مَاذَا تُرِيدِينَ؟» قَالَتْ لَهُ: «قُلْ أَنْ يَجْلِسَ ابْنَايَ هذَانِ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِكَ وَالآخَرُ عَنِ الْيَسَارِ فِي مَلَكُوتِكَ». فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مَا تَطْلُبَانِ. أَتَسْتَطِيعَانِ أَنْ تَشْرَبَا الْكَأْسَ الَّتِي سَوْفَ أَشْرَبُهَا أَنَا، وَأَنْ تَصْطَبِغَا بِالصِّبْغَةِ الَّتِي أَصْطَبغُ بِهَا أَنَا؟» قَالاَ لَهُ: «نَسْتَطِيعُ»" (إنجيل متى 20: 20-22).
فكما جُلِدَ المسيح ها الآباء الرسل يُجلدون. ومن المؤكد أن أثناء جلدهم كانوا يتذكرون منظر الرب يسوع وهو يُجلد، وهذا جعلهم متأكدين أنهم يسيرون في الطريق الصحيح، في نفس الطريق الذي سار فيه الرب يسوع الذي جُلِدَ ليلة صليبه. ها هم أيضًا يُجلَدون الآن لكي نالوا نفس قوته.
+ "وَأَوْصَوْهُمْ أَنْ لاَ يَتَكَلَّمُوا بِاسْمِ يَسُوعَ، ثُمَّ أَطْلَقُوهُمْ" مرة أخرى نفس الوصية! كان مطلوبًا من الرسل ألا يتكلموا بإسم الرب يسوع!!
+ الشيطان دائمًا يقول لك: من فضلك انسى اسم يسوع المسيح، ما تجيبش سيرته! وإحنا نقول له: لأ هنقوله على طول، مش هنسكت.
+ طب بعد الجلد والتهديد؟! المفروض إن الرسل كانت تروح تلم عضمها، وتأخذ اسبوعين نقاهة، وتدور على بلد تهرب لها، وتشوف لها حد يهدي كده أمن الدولة! لكن كل هذا لم يحدث، حيث يصف لنا القديس لوقا ما فعله الرسل بعد الجلد قائلًا:
41 وَأَمَّا هُمْ فَذَهَبُوا فَرِحِينَ مِنْ أَمَامِ الْمَجْمَعِ، لأَنَّهُمْ حُسِبُوا مُسْتَأْهِلِينَ أَنْ يُهَانُوا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ.
+ هذه الآية من أجمل آيات سفر الأعمال!
+ هؤلاء الناس شعروا بإحساس غريب جدًا، إذ اعتبروها كرامة كبيرة جدًا، وكأنهم حصلوا على ترقية، أن يهانوا من أجل اسم المسيح! وكأن كل منهم كان يقول في قلبه: "يا رب، أنا لا استحق أن أنال كرامة الضرب من أجلك، أو الجلد من أجل اسمك!
(إنت كده خلتني في مركز كبير أوي! مركز إيه ياعم؟! ده إنت بتضرب! لأ هم كانوا حاسين بالروح كده: إن كون ربنا سمح لهم يهانوا من أجل إسمه، دي معناها مركز كبير جدًا عنده! وكأن الغالي عند ربنا، لا بد أن يتحمل البهدلة علشانه! علينا أن ندرك جيدًا هذا المعنى: الغالي عند ربنا يسمح له يتبهدل علشانه)!
+ السماء لها مقياس آخر غير مقاييس الدنيا، وكرامة أخرى، وإكليل آخر، فحين تُهان أو تُضرب من أجل إسم المسيح، فاعلم أن هذا شيء غالي جدًا وكبير جدًا عند الله، ولذلك التطويب الأخير في التطويبات هو: "طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ، مِنْ أَجْلِي، كَاذِبِينَ. اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاوَاتِ، ..." (إنجيل متى 5: 11، 12). أي حينما تحتمل التجارب، أو تصنع سلام، أو تكون جعان وعطشان للبر، أو تتمتع بنقاء القلب كل هذا جميل في عيني الرب، ولكن حينما تُضرب من أجل الله، فعليك أن تفرح فرحًا شديدًا لأن أجرك سيكون عظيم عند الله.
+ كل هذه المعاني كانت في قلب الرسل أثناء جلدهم، ولذلك خرجوا بشعور عجيب جدًا! خرجوا فرحين! شيء عجيب أن يكون الإنسان مضروب وفرحان!!!
+ " لأَنَّهُمْ حُسِبُوا مُسْتَأْهِلِينَ" أي أصبحوا مستحقين "أَنْ يُهَانُوا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ"، ونلاحظ أن كلمة "اسم الرب يسوع" تتكرر كثيرًا!
42 وَكَانُوا لاَ يَزَالُونَ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ وَفِي الْبُيُوتِ مُعَلِّمِينَ وَمُبَشِّرِينَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ
+ "وَكَانُوا لاَ يَزَالُونَ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ، وَفِي الْبُيُوتِ" لم يتغير أي شيء، كل شيء كان يتم كما سبق وجاء في أصحاح 2 (أع 2: 42)، (أع 2: 46) استمر الرسل في مواظبتهم على صلاة الأجبية في الهيكل، والقداس وكسر الخبز في البيوت، "مُعَلِّمِينَ وَمُبَشِّرِينَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ".
لم تزل كلمة الرب تنمو وتزداد.
"وَأَمَّا هُمْ فَذَهَبُوا فَرِحِينَ مِنْ أَمَامِ الْمَجْمَعِ، لأَنَّهُمْ حُسِبُوا مُسْتَأْهِلِينَ أَنْ يُهَانُوا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ".
← تفاسير أصحاحات سفر الأعمال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أعمال الرسل 6 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص داود لمعي |
تفسير أعمال الرسل 4 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/fr-dawood-lamey/acts-of-the-apostles/chapter-05.html
تقصير الرابط:
tak.la/c4b576n