← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15
وصلنا في الأصحاح السابق إلى:
+ أن التلاميذ بعد أن جُلدوا خرجوا فرحين "لأَنَّهُمْ حُسِبُوا مُسْتَأْهِلِينَ أَنْ يُهَانُوا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. وَكَانُوا لاَ يَزَالُونَ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ وَفِي الْبُيُوتِ مُعَلِّمِينَ وَمُبَشِّرِينَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ". (أع 5: 41، 42).
+ واضح أن حيلة الشيطان في كسر الكنيسة من خارجها بالاضطهاد والتعدي على الرسل بالضرب وإلقائهم في السجن لم تفلح، بل أتت بنتائج عكسية، حيث امتلأ التلاميذ فرحًا وازداد نشاطهم الكرازي، وتزايد عدد المؤمنين بالمسيحية والتابعين للرسل! لذلك سنرى أن الشيطان سيلجأ إلى حيلة أخرى ستكون مشهورة أيضًا على مدى التاريخ، وهي أنه يهاجم الكنيسة من الداخل بخلق المشاكل والمنازعات!
+ الشيطان على مر العصور يحارب الكنيسة في اتجاهين: من خارجها بالاضطهاد أو من داخلها بخلق المشاكل والمنازعات، وفي الحالتين يكون غرضه كسر الكنيسة!
1- ظهور مشكلة أرامل اليونانيين (أع 6: 1).
(عناوين جانبية: المقصود بكلمة "تلاميذ")
2- اختيار الرسل 7 شمامسة لمساعدتهم (أع 6: 2-8).
(عناوين جانبية: الأساس السليم لاختيار أي شماس - مبادئ في الخدمة والرعاية - أسماء الشمامسة السبع - من هو استفانوس؟ - من هم اليهود الدخلاء؟ - سر الكهنوت - بعض صفات الخادم المثالي).
3- محاورة الليبرتينيين وغيرهم مع استفانوس (أع 6: 9، 10)
(عناوين جانبية: من ضمن صفات الخادم المثالي)
4- دس شهود زور والشكاية على استفانوس في المجمع (أع 6: 11-15)
1 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ إِذْ تَكَاثَرَ التَّلاَمِيذُ، حَدَثَ تَذَمُّرٌ مِنَ الْيُونَانِيِّينَ عَلَى الْعِبْرَانِيِّينَ أَنَّ أَرَامِلَهُمْ كُنَّ يُغْفَلُ عَنْهُنَّ فِي الْخِدْمَةِ الْيَوْمِيَّةِ.
+ "وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ إِذْ تَكَاثَرَ التَّلاَمِيذُ"، كلمة "التَّلاَمِيذُ" لا تقال على الـ12 تلميذ فقط، بل تُقال على كل شعب الكنيسة، وسنجدها مستخدمة بهذا المعنى حتى منتصف سفر الأعمال، لأن ربنا يسوع عندما أوصى تلاميذه قال لهم: "فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ" (إنجيل متى 28: 19)، فكل من ينال المعمودية يصبح اسمه تلميذ، أي أن كل الكنيسة اسمها تلاميذ. آخر عدد للتلاميذ وصلنا له في الأصحاحات السابقة كان 5000 رجل ويزيد.
+ هؤلاء التلاميذ جميعهم كانوا في الأصل يهود وصاروا مسيحيين، البعض كان يهودي عبراني (أي مُقيم في أورشليم ولم يبرحها)، والبعض كانوا يهود يونانيين (أي يتحدثون باللغة اليونانية لأنهم مُقيمين في المناطق المحيطة التي كان أغلبها يتحدث اللغة اليونانية). فشعب كنيسة أورشليم كان مختلط، منهم مسيحيين من أصل يهودي عبراني، ومنهم مسيحيين من أصل يهودي يوناني.
+ وكما قلنا أن المسيحيين كانوا يبيعون أملاكهم ويضعوا ثمنها في الكنيسة لكي توزع على كل واحد حسب احتياجه، وكانت فئة الأرامل المعروف أنها الأكثر احتياجًا تأخذ احتياجها من الغذاء بشكل يومي من الكنيسة بانتظام. فحدث أن اليونانيين (اليهود من أصل يوناني) لاحظوا أن هناك تمييز لأرامل اليهود من أصل عبراني عن أراملهم (كما قلنا كلهم مسيحيين). لذلك "حَدَثَ تَذَمُّرٌ مِنَ الْيُونَانِيِّينَ عَلَى الْعِبْرَانِيِّينَ أَنَّ أَرَامِلَهُمْ (أي أرامل اليونانيين) كُنَّ يُغْفَلُ عَنْهُنَّ فِي الْخِدْمَةِ الْيَوْمِيَّةِ" بمعنى أن من يوزعون الطعام قد ينسوا إعطاء أرامل اليونانيين طعامهم!
+ بالطبع هذه مشكلة لا يمكن التغافل عنها، لأنها ستؤدي إلى حدوث أمراض مجتمعية داخل الكنيسة مثل الطبقية، وشعور البعض أنهم أفضل من البعض الآخر! بينما جو الكنيسة كما قلنا في الأساس أنها كنيسة مليئة بالمحبة، والتفاهم، والشركة والوحدانية... إلخ.، وهذه المشكلة ستتسبب في دخول جرح في المحبة بين الناس وبعضها، وهذا معناه خراب الكنيسة!
2 فَدَعَا الاثْنَا عَشَرَ جُمْهُورَ التَّلاَمِيذِ وَقَالُوا:«لاَ يُرْضِي أَنْ نَتْرُكَ نَحْنُ كَلِمَةَ اللهِ وَنَخْدِمَ مَوَائِدَ.
+ طبعًا الموضوع تم تصعيده للتلاميذ الـ12، "فَدَعَا الاثْنَا عَشَرَ جُمْهُورَ التَّلاَمِيذِ" أي جمعوا جمهور الكنيسة كله، وقالوا لهم: "لاَ يُرْضِي أَنْ نَتْرُكَ نَحْنُ كَلِمَةَ اللهِ وَنَخْدِمَ مَوَائِدَ" أي لن نترك الشيطان يلهو بنا ويجعلنا ننشغل عن خدمة كلمة الله لكي نخدم موائد! خدمة الموائد مقصود بها خدمة الأكل والشرب، بالطبع كلمة ربنا أهم، لكن أيضًا هذه المشكله لا يمكن السكوت عليها، لا بد من إيجاد حل.
+ فلجأ آبائنا الرسل - بإرشاد الروح القدس طبعًا - لفكرة جميلة، كانت الأساس لبداية فكرة خدمة الشمامسة، حيث قالوا للشعب:
3 فَانْتَخِبُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ سَبْعَةَ رِجَال مِنْكُمْ، مَشْهُودًا لَهُمْ وَمَمْلُوِّينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَحِكْمَةٍ،
فَنُقِيمَهُمْ عَلَى هذِهِ الْحَاجَةِ. 4 وَأَمَّا نَحْنُ فَنُواظِبُ عَلَى الصَّلاَةِ وَخِدْمَةِ الْكَلِمَةِ».
+ "مَشْهُودًا لَهُمْ وَمَمْلُوِّينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَحِكْمَةٍ" أي سبعة رجال يكونوا متميزين بحب الناس لهم، ومشهود لهم من كل الكنيسة بأنهم أشخاص روحانيين ومملوئين من الروح القدس والحكمة.
الأساس السليم لاختيار أي شماس:
أولًا: لا بد أن يكون مشهود له من كل الكنيسة.
ثانيًا: لابد أن يكون شخص روحاني مملوء من الروح القدس.
ثالثًا: لا بد أن يكون مملوء حكمة، لأن الشماس يتعامل تعامل مباشر مع شعب الكنيسة، والحكمة مطلوبة في التعامل مع الناس حتى لا يشعر أحد في الكنيسة أنه أقل من الآخرين (دائمًا مشكلة "اشمعنى؟!" مرض منتشر في أي مجتمع).
هذا التصرف الحكيم من الآباء الرسل (اختيار شمامسة للقيام بخدمة الموائد) يُمكن أن نتعلم منه بعض المبادئ الهامة للرعاية:
+ هذا المبدأ هام جدًا لجميع المسئولين عن الرعاية في الكنيسة (الآباء الأساقفة، الآباء الكهنة، أمناء الخدمة)، فنلاحظ من تصرف آبائنا الرسل أنهم كانوا حريصين جدًا ألا يستهلكوا وقتهم وجهدهم في أي شيء آخر غير:1- الصلاة 2- خدمة الكلمة (التعليم). أي تظل الأولوية للصلاة، ولخدمة كلمة ربنا، بينما إذا انزلق الكاهن (أو أي مسئول عن الرعاية) في الإداريات، سيستهلك وقته وجهده في أشياء يُمكن أن يقوم بها الشمامسة أو الخدام عمومًا.
+ أيضًا قيام آبائنا الرسل باختيار شمامسة لكي يساعدوهم في الخدمة، يعلمنا مبدأ آخر مهم وهو أن الخادم الحكيم (الشاطر) يُشرك معه خُدام آخرين، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. فآبائنا الرسل الأوائل لم يروا أنفسهم كافيين للخدمة، ولم يجعلوا الخدمة قاصرة عليهم (لم يحتكروا الخدمة لأنفسهم بحجة أنهم الأصلح) بل اختاروا بعناية خُدام مشهود لهم من الناس ومملوئين بالحكمة والروحانية لكي يخدموا معهم.
سيدنا الأنبا موسى (أسقف الشباب) دائمًا ينادي بتطبيق هذا المبدأ الجميل في الخدمة قائلًا: إذا كانت كفاءتك في القيام بخدمة معينة 100%، بينما إذا أوكلتها لـ5 خدام آخرين سيؤدوها ولكن بكفاءة 70% مثلًا، فمن الأفضل لك أن توكل بهذه الخدمة لهؤلاء الخدام الخمس! ووجهة نظره في ذلك أنه بعد فترة من الزمن سيتمكن هؤلاء الخُدام الخمس من أداء هذه الخدمة بنفس كفاءتك 100% ، وبذلك تنمو الخدمة وتتسع وتقوى، بينما إذا تمسكت بأن تقوم بها بمفردك بحجة أنك الأكفأ في القيام بها ستظل الخدمة محدودة ومتوقفة عليك ومع الوقت ستضعف هذه الخدمة!
5 فَحَسُنَ هذَا الْقَوْلُ أَمَامَ كُلِّ الْجُمْهُورِ، فَاخْتَارُوا اسْتِفَانُوسَ، رَجُلًا مَمْلُوًّا مِنَ الإِيمَانِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ، وَفِيلُبُّسَ، وَبُرُوخُورُسَ، وَنِيكَانُورَ، وَتِيمُونَ، وَبَرْمِينَاسَ، وَنِيقُولاَوُسَ دَخِيلًا أَنْطَاكِيًّا.
+ "اسْتِفَانُوسَ، وَفِيلُبُّسَ، وَبُرُوخُورُسَ، وَنِيكَانُورَ، وَتِيمُونَ، وَبَرْمِينَاسَ، وَنِيقُولاَوُسَ".
+ " اسْتِفَانُوسَ، رَجُلًا مَمْلُوًّا مِنَ الإِيمَانِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ"! قد يكون الآباء الرسل قد انزعجوا من هذه الأزمة (أزمة أرامل اليونانيين)، لكن بترتيب من الله هذه الأزمة أفرزت لنا قديس عظيم جدًا اسمه "اسْتِفَانُوسَ" أصبح أول شماس يتم اختياره من قبل شعب الكنيسة كله، ثم صار أول شهيد في المسيحية، وأستاذ كل الشمامسة عبر كل الأجيال. اسْتِفَانُوسَ كان أحد أفراد شعب الكنيسة، لكنه كان محبوبًا من الكل ومشهودًا له من جميع الناس بأنه مملوء بالإيمان والروح القدس.
+ وعلينا هنا أن نتأمل ترتيب ربنا في أن ينتج من هذه المشكلة التي حدثت في الكنيسة، بركة! وكقاعدة لا يمكن أن تتعرض الكنيسة لمشكلة، إلا ويكون نتيجتها بركة أو بركات! لأن الكنيسة في يد الله، وكما علمنا بولس الرسول "وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، ... " (رومية 8: 28).
+ "َوَنِيقُولاَوُسَ دَخِيلًا أَنْطَاكِيًّا"، من هو"نِيقُولاَوُسَ"؟ "نِيقُولاَوُسَ" كان رجلًا يوناني الأصل، من أنطاكيا اعتنق اليهودية أي كان أمميًا وأصبح يهودي، لذلك قِيل عنه أنه " دَخِيلًا أَنْطَاكِيًّا".
+ "اليهود الدخلاء" هم الأمميين - في الأغلب كانوا يونانيين وليسوا عبرانيين – الذين اختتنوا واعتنقوا الديانة اليهودية على كبر (لم يولدوا يهود، بل اعتنقوا الديانة اليهودية على كبر).
6 اَلَّذِينَ أَقَامُوهُمْ أَمَامَ الرُّسُلِ، فَصَلُّوا وَوَضَعُوا عَلَيْهِمِ الأَيَادِيَ.
هذه الآية تؤكد سر الكهنوت، سر الكهنوت يتضح في هذه الآية:
+ "اَلَّذِينَ أَقَامُوهُمْ أَمَامَ الرُّسُلِ" أي أنهم أوقفوا الـ7 شمامسة أمام الآباء الرسل الاثني عشر، "فصَلُّوا وَوَضَعُوا عَلَيْهِمِ الأَيَادِيَ" لكي يرشموهم شمامسة. ووضع اليد هنا ليس شيئًا عاديًا، بل يد الله هي التي وُضعت على هؤلاء الذين تم رسامتهم شمامسة. لأن الرسول أو البطريرك أو الأسقف وكيل لله على الأرض.
+ وهذا ما يحدث حتى الآن عند رسامة كهنة أو شمامسة حيث يجتمع البطريرك والآباء الأساقفة، ويصلوا، ويضعوا الأيدي على الذين سيتم سيامتهم شمامسة أو كهنة. ويد الله تعطي موهبة خاصة أو نعمة خاصة لمن تمت سيامتهم وحسب ما ينطق به (فلان شماس على كنيسة ربنا أو فلان كاهن على كنيسة ربنا) فالكلمة التي يُنطق بها تُسجل في السماء.
7 وَكَانَتْ كَلِمَةُ اللهِ تَنْمُو، وَعَدَدُ التَّلاَمِيذِ يَتَكَاثَرُ جِدًّا فِي أُورُشَلِيمَ،
وَجُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الْكَهَنَةِ يُطِيعُونَ الإِيمَانَ.
+ "وَعَدَدُ التَّلاَمِيذِ يَتَكَاثَرُ جِدًّا فِي أُورُشَلِيمَ" كما قلنا: كلمة "التلاميذ" مقصود بها شعب الكنيسة كله.
+ "وَجُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الْكَهَنَةِ يُطِيعُونَ الإِيمَانَ" إذًا الكنيسة دخلت في مرحلة أجمل! حيث آمن بعض كهنة اليهود بالمسيح ودخلوا الإيمان. بالطبع إيمان هؤلاء الكهنة يعطي نوع من القوة، لأن هذا معناه أن اليهود المتدينين جدًا ومنهم الكهنة آمنوا بالرب يسوع ونالوا نعمة المعمودية وصاروا مسيحيين.
"8 وَأَمَّا اسْتِفَانُوسُ فَإِذْ كَانَ مَمْلُوًّا إِيمَانًا وَقُوَّةً، كَانَ يَصْنَعُ عَجَائِبَ وَآيَاتٍ عَظِيمَةً فِي الشَّعْبِ"
+ أستاذنا في خدمة إخوة الرب "اسْتِفَانُوسُ" كانت تُجرى على يده المعجزات! وكان مملوء من الروح القدس! وكان مشهود له من الجميع، ومملوء من الإيمان ومن الحكمة.
+ إذًا علينا ألا نستهين بخدمة الموائد أو خدمة اخوة الرب أو بأي خدمة أيًا كان نوعها. فخادم إخوة الرب أو الخادم عمومًا لا بد أن يكون: إنسان وديع، وإنسان حكيم، وإنسان روحاني، وإنسان فيه إيمان، لأن كل خدمة تحتاج إلى عمل الله. قد نبدأ كخدام بضعف شديد لكن مع استمرارنا في الخدمة علينا أن نجاهد لكي ننمو روحيًا ونمتلئ بالروح القدس حتى نتمثل بأستاذنا في الخدمة "اسْتِفَانُوسُ".
+ هناك ملاحظة أخرى: " اسْتِفَانُوسُ ... كَانَ يَصْنَعُ عَجَائِبَ وَآيَاتٍ عَظِيمَةً فِي الشَّعْبِ"، أي كما كان الآباء الرسل يصنعون معجزات! وبالرغم من ذلك كان يقوم بخدمة الموائد (توزيع الطعام على الفقراء!) التي يعتبرها البعض قليلة الشأن! لم يطلب اسْتِفَانُوسُ مثلًا أن يصبح خادم للكلمة مثل الرسل! وهذا يُعلمنا كخدام ألا نستهين أبدًا بأي نوع من أنواع الخدمة في الكنيسة فأي خدمة في الكنيسة لها أهميتها الخاصة.
اسْتِفَانُوسُ كان يتعامل مع الأرامل بمنتهى الحب وبمنتهى الحكمة وكانت الناس تتعلم من مجرد النظر لوجهه، أو من طريقته في التعامل.
9 فَنَهَضَ قَوْمٌ مِنَ الْمَجْمَعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَجْمَعُ اللِّيبَرْتِينِيِّينَ وَالْقَيْرَوَانِيِّينَ وَالإِسْكَنْدَرِيِّينَ، وَمِنَ الَّذِينَ مِنْ كِيلِيكِيَّا وَأَسِيَّا، يُحَاوِرُونَ اسْتِفَانُوسَ.
+ "9فَنَهَضَ قَوْمٌ مِنَ الْمَجْمَعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَجْمَعُ اللِّيبَرْتِينِيِّينَ ..." هو مجمع للفلاسفة اليهود، "اللِّيبَرْتِينِيِّينَ وَالْقَيْرَوَانِيِّينَ وَالإِسْكَنْدَرِيِّينَ وَمِنَ الَّذِينَ مِنْ كِيلِيكِيَّا وَأَسِيَّا" يهود أتوا من هذه المناطق لأورشليم وهم يهود متعصبين بالرغم من أنهم أتوا من هذه البلاد، وهذا المجمع من النوع المتذمر إلى حد ما.
+ "يُحَاوِرُونَ اسْتِفَانُوسَ" ظلوا يحاورون اسْتِفَانُوسَ ويجادلونه بأن معتقدات المسيحية كلها خاطئة، وكان اسْتِفَانُوسَ يرد عليهم لأنه كان مملوءًا بالحكمة.
+ أيضًا هنا نلاحظ أن بالرغم من أن خدمة اسْتِفَانُوسَ في الكنيسة كانت خاصة بالموائد، إلا أنه كان معرض في أي وقت أن يشهد لربنا ويتكلم، فلابد أن الخدام في كل مكان (حتى الذين يخدمون الغلابة والأرامل)، يعرفوا كيف يتكلموا وكيف يردوا حين يضعون في هذا الموقف.
10 وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُقَاوِمُوا الْحِكْمَةَ وَالرُّوحَ الَّذِي كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهِ.
+ أي لم يستطيعوا أن يغلبوا اسْتِفَانُوسَ أبدًا، لأنه كان يتكلم بروحانية وحكمة، لم يستطيعوا أن يقاوموها! بالرغم من أنهم كانوا يحيطون به كعصابة تريد أن تفترسه! فجميعهم بالطبع من اليهود المتعصبين الذين يحفظون كل آيات العهد القديم ونبواته!
11 حِينَئِذٍ دَسُّوا لِرِجَال يَقُولُونَ:«إِنَّنَا سَمِعْنَاهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ تَجْدِيفٍ عَلَى مُوسَى وَعَلَى اللهِ».
+ لما لم يستطيعوا أن يغلبوا اسْتِفَانُوسَ بالمنطق أو بالكلام المباشر - وهم أصلًا مغتاظين منه لأنه محبوب من الناس ويصنع معجزات - لجأوا للحيلة وللعنف فدسوا له رجالًا يتهموه باتهامات باطلة قائلين: "إِنَّنَا سَمِعْنَاهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ تَجْدِيفٍ عَلَى مُوسَى وَعَلَى اللهِ"!
12 وَهَيَّجُوا الشَّعْبَ وَالشُّيُوخَ وَالْكَتَبَةَ، فَقَامُوا وَخَطَفُوهُ وَأَتَوْا بِهِ إِلَى الْمَجْمَعِ،
+ بعد أن اضطهد اليهود الآباء الرسل (قادة الكنيسة)، بدءوا في مهاجمة واضطهاد الشمامسة أيضًا! فأتوا باسْتِفَانُوسَ إلى المجمع.
13 وَأَقَامُوا شُهُودًا كَذَبَةً يَقُولُونَ:«هذَا الرَّجُلُ لاَ يَفْتُرُ عَنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ كَلاَّمًا تَجْدِيفًا ضِدَّ هذَا الْمَوْضِعِ الْمُقَدَّسِ وَالنَّامُوسِ، 14 لأَنَّنَا سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: إِنَّ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ هذَا سَيَنْقُضُ هذَا الْمَوْضِعَ،
وَيُغَيِّرُ الْعَوَائِدَ الَّتِي سَلَّمَنَا إِيَّاهَا مُوسَى».
+ "ضِدَّ هذَا الْمَوْضِعِ الْمُقَدَّسِ" أي ضد الهيكل، أي اتهموا اسْتِفَانُوسَ كذبًا أنه يجدف على الهيكل وعلى الناموس!
+ نفس التهمة التي اتهموا بها ربنا يسوع ليلة صليبه! حيث دسوا أيضًا عليه ناس يتهمونه بأنه قال "إِنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَنْقُضَ هَيْكَلَ اللهِ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِيهِ" (إنجيل متى 26: 61)، الرب يسوع قال ذلك فعلًا ولكنه كان يتكلم عن هيكل جسده ويظهر ذلك في (إنجيل يوحنا 2: 18-21)!
+ " سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: إِنَّ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ هذَا سَيَنْقُضُ هذَا الْمَوْضِعَ" فكما نعلم: الرب يسوع له المجد أخبر اليهود بما سيحدث للهيكل وأنه سيتهدم ولن يظل فيه حجر على حجر، ونص الآية: "إِنَّهُ لاَ يُتْرَكُ ههُنَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ!" (إنجيل متى 24: 2)، وهذا ما حدث بالفعل سنة 70م، أي بعد صلب الرب يسوع وبعد هذه الأحداث بأكثر من ثلاثين سنة. حيث صدرت أوامر رومانية بهدم أورشليم وهدم الهيكل بحيث لا يبق فيه حجر على حجر، هذا كان نص القرار الصادر، وبالفعل تم هذا حرفيًا! لأن الرومان كانوا مغتاظين (مغلولين) من اليهود لأنهم (أي اليهود) قاموا بثورة شديدة عليهم، فأرسلوا لهم سنة 70م أحد القادة الرومان المعروفين بعنفهم الشديد وهو "تيطس" وكانت لديه أوامر بأن يمحو أورشليم نهائيًا! وفي هذا الوقت كانوا يقتلون الأطفال ويشقون بطون الحوامل! وكان دمارًا شديدًا ومجازر! وتم هدم الهيكل عن آخره، ولم يُعاد بناءه حتى الآن!
+ " وَيُغَيِّرُ الْعَوَائِدَ الَّتِي سَلَّمَنَا إِيَّاهَا مُوسَى"، طبعًا هم ألفوا هذا الاتهام من كلام السيد المسيح، حيث كان يقول في تعاليمه: "قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ.... وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ"، السيد المسيح في ذلك كان يُكمل الناموس ولا ينقضه –اليهود بالطبع حرفوا الكلام - لأنه قال بنفسه: "لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ" (إنجيل متى 5: 17). لكن هم أخذوها حجه وقالوا أن المسيح جاء لينقض! جاء ليُغير الكلام! جاء ليقول ما يحلو له!
15 فَشَخَصَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الْجَالِسِينَ فِي الْمَجْمَعِ، وَرَأَوْا وَجْهَهُ كَأَنَّهُ وَجْهُ مَلاَكٍ
+ لقد كان اسْتِفَانُوسَ مُحاصًرا باليهود المملوئين خبثًا وشرًا، أولئك الذين حاكموا الرسل وجلدوهم، وقبل هذا بعدة أشهر صلبوا المسيح نفسه، كان واقفًا في وسطهم ليعارضوه ويحاربوه حرب شرسة ويتهموه باتهامات باطلة منها تهمة التجديف وهي تهمة مُخيفة عقوبتها القتل (الاعدام)! وكما تعلموا هي نفس التهمة التي صُلب بسببها الرب يسوع له المجد حين قال عن نفسه أنه ابن الله، فيقول الكتاب أن قيافا شق ملابسه قائلًا: "قَدْ جَدَّفَ! " (بالطبع كانت مؤامرة وتمثيلية دبرها قيافا للتخلص من الرب يسوع) ، وما دام قد جدف يكون مستوجب الموت لأنه ادعى أنه إله! (مت 26: 63-66)
+ كل هذا كان جديرًا أن يجعل اسْتِفَانُوسَ مرعوب ولكن القديس لوقا صور لنا هذه اللحظات قائلًا: "فَشَخَصَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الْجَالِسِينَ فِي الْمَجْمَعِ، وَرَأَوْا وَجْهَهُ كَأَنَّهُ وَجْهُ مَلاَكٍ"! أي وجهه كان مُنيرًا مثل وجه الملائكة، مملوء بالروحانية والوداعة، غير خائف منهم بأي شكل!
← تفاسير أصحاحات سفر الأعمال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أعمال الرسل 7 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص داود لمعي |
تفسير أعمال الرسل 5 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/fr-dawood-lamey/acts-of-the-apostles/chapter-06.html
تقصير الرابط:
tak.la/5b2j7db