* تأملات في كتاب
لوقا: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42 - 43 - 44 - 45 - 46 - 47 - 48 - 49 - 50 - 51 - 52 - 53 - 54 - 55 - 56 - 57 - 58 - 59 - 60 - 61 - 62 - 63 - 64 - 65 - 66 - 67 - 68 - 69 - 70 - 71
الأَصْحَاحُ الثاني والعشرون
(1) عيد الفطير (ع1 -2)
(2) خيانة يهوذا (ع3-6)
(3) عيد الفصح (ع7-13)
(4) الفصح والعشاء الرباني (ع14 - 23)
(5) مَنْ هو الأكبر (ع24 - 30)
(6) المسيح يحذر بطرس (ع31-34)
(7) شراء السيوف (ع35-38)
(8) الصلاة في جثسيماني (ع39-46)
(9) القبض على المسيح (ع47-53)
(10) إنكار بطرس (ع54-62)
(11) جلده والاستهزاء به (ع63-65)
(12) محاكمته أمام المجمع (ع66-71)
ذُكِرَ أيضًا في (مت26: 1-5).
1 وَقَرُبَ عِيدُ الْفَطِيرِ، الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْفِصْحُ. 2 وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ يَطْلُبُونَ كَيْفَ يَقْتُلُونَهُ، لأَنَّهُمْ خَافُوا الشَّعْبَ.
قرب عيد الفطير مساء يوم الثلاثاء، قرب ليلة الأربعاء أي قبل عيد الفصح بيومين، لأن العيد يوم الجمعة. في هذا الوقت تشاور رؤساء الكهنة واتفقوا مع يهوذا الاسخريوطي على تسليمه لهم بعيدًا عن تجمع اليهود.
لأنهم خافوا الشعب خافوا من شعبية المسيح وتعلق الجموع به، فلو حاولوا القبض عليه بين الجموع سيقاومونهم ويخطفوه وينجوه من أيديهم، بل قد يعتدوا على رجال رؤساء الكهنة.
كان عيد الفصح يُعمل في اليوم الرابع عشر من شهر نيسان، ثم في اليوم التالي يُعمل عيد الفطير لمدة سبعة أيام، وتداخل العيدان فكانا يُسميان بإسم بعض أي يقال أحيانًا عيد الفطير أو عيد الفصح ويقصد به الإثنان.
وعيد الفصح بدأ أيام موسى، بذبح الخروف داخل كل بيت وتلطيخ الباب بالدم، فعبر الملاك المُهلك عن بيوت اليهود الملطخة بالدم في مصر، أما بيوت المصريين فدخلها وقتل أبكارهم. فخرج بنو إسرائيل من مصر وعبوديتها وعبروا البحر الأحمر، وأوصاهم الله أن يُعيدوا هذا العيد كل سنة ويأكلوا فطيرًا سبعة أيام.
وكان ذلك رمزًا لموت المسيح على الصليب، والفطير يرمز للحياة النقية أي أكل (فطير بلا خمير) لأن الخمير يرمز للشر، فكان هذا العيد عظيمًا عند اليهود.
وحاول رؤساء الكهنة والكتبة قتل المسيح، ولكنهم خافوا من أجل محبة الشعب له، فأخذوا يبحثون عن وسيلة لقتله لا تثير الشعب.
† إن الحسد والغيرة يؤديان إلى أبشع الجرائم وهي القتل، فافتح قلبك بالحب للآخرين ولا تنزعج من نجاحهم، بل أطلب معونة الله لك وهو غنى وقادر أن يعطيك ويعطيهم.
ذُكر هذا الحدث أيضًا في (مت26: 17-19؛ مر14: 12-16).
3 فَدَخَلَ الشَّيْطَانُ فِي يَهُوذَا الَّذِي يُدْعَى الإِسْخَرْيُوطِيَّ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الاثْنَيْ عَشَرَ. 4 فَمَضَى وَتَكَلَّمَ مَعَ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَقُوَّادِ الْجُنْدِ كَيْفَ يُسَلِّمُهُ إِلَيْهِمْ. 5 فَفَرِحُوا وَعَاهَدُوهُ أَنْ يُعْطُوهُ فِضَّةً. 6 فَوَاعَدَهُمْ. وَكَانَ يَطْلُبُ فُرْصَةً لِيُسَلِّمَهُ إِلَيْهِمْ خِلْوًا مِنْ جَمْعٍ.
:دخل الشيطان بشهوة محبة المال.
جملة الإثنى عشر أي أقرب الناس للمسيح وهذا يظهر شناعة خطيته.
رؤساء الكهنة رؤساء فرق الكهنة الأربعة والعشرين، بالإضافة للرئيس الأعلى والرؤساء السابقين.
قواد الجند التابعين لرؤساء الكهنة.
سقط يهوذا الإسخريوطي في محبة المال، فرغم أنه كان من تلاميذ المسيح، لكن إذ كان معه الصندوق كان يسرق منه، ثم زادت محبة المال في قلبه فأراد أن يبيع المسيح معلمه ويسلمه لليهود، فذهب إلى رؤساء الكهنة واتفق معهم على تسليم المسيح لهم.
ع5-6: فرح رؤساء الكهنة بخيانته ووعدوه أن يعطوه ثمنها ثلاثين من الفضة، وهو ثمن الفدية التي تُعطى عند موت أحد العبيد إذا نطحه ثور مثلًا (خر21: 32). وهكذا بيع المسيح بثمن عبد، وهو أبخس الأثمان، وقبل يهوذا هذا الإتفاق وأخذ يبحث عن فرصة يجد فيها المسيح بعيدًا عن الجموع ليقبض عليه.
† إن مرارة الخيانة صعبة، فلا تبحث عن مصلحتك قبل الآخرين، وما لا ترضاه أن يحدث معك لا تفعله في غيرك.
ذُكر أيضًا في (مت26: 17-19؛ مر14: 12-16)
7 وَجَاءَ يَوْمُ الْفَطِيرِ الَّذِي كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُذْبَحَ فِيهِ الْفِصْحُ. 8 فَأَرْسَلَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا قَائِلًا: «اذْهَبَا وَأَعِدَّا لَنَا الْفِصْحَ لِنَأْكُلَ». 9 فَقَالاَ لَهُ: «أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نُعِدَّ؟». 10 فَقَالَ لَهُمَا: «إِذَا دَخَلْتُمَا الْمَدِينَةَ يَسْتَقْبِلُكُمَا إِنْسَانٌ حَامِلٌ جَرَّةَ مَاءٍ. اِتْبَعَاهُ إِلَى الْبَيْتِ حَيْثُ يَدْخُلُ، 11 وَقُولاَ لِرَبِّ الْبَيْتِ: يَقُولُ لَكَ الْمُعَلِّمُ: أَيْنَ الْمَنْزِلُ حَيْثُ آكُلُ الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي؟ 12 فَذَاكَ يُرِيكُمَا عِلِّيَّةً كَبِيرَةً مَفْرُوشَةً. هُنَاكَ أَعِدَّا». 13 فَانْطَلَقَا وَوَجَدَا كَمَا قَالَ لَهُمَا، فَأَعَدَّا الْفِصْحَ.
اقترب، إذ كان في اليوم التالي يوم الجمعة، ميعاد عيد الفصح، فعمل المسيح يوم الخميس قبل ميعاده بيوم، ليكون هو فصحنا عندما يصلب يوم الجمعة في ميعاد عيد الفصح.
اقترب عيد الفصح، أي عيد الفطير، ولكيما يكمل كل بر عنا أرسل بطرس ويوحنا ليعدا له ولتلاميذه الفصح كشريعة موسى.
أورشليم.
البيت بيت مارمرقس، حيث أكل الفصح وقدم العشاء الربانى بعده.
سأل التلميذان المسيح عن المكان الذي يختاره ليأكل فيه الفصح، فقال لهما إذا دخلتما المدينة تجدان شخصًا يحمل جرة ماء، إتبعاه حتى يدخل بيت، وهناك أعدا الفصح. وكان هذا الشخص هو مرقس الرسول بحسب تقليد الكنيسة.
وجرة الماء ترمز للمعمودية التي ينبغي أن ينالها الإنسان أولًا ثم يتمتع بجسد الرب ودمه (العشاء الربانى).
إذا دخلتما البيت إسألا صاحبه وهو مرقس الرسول، أين يأكل المسيح وتلاميذه الفصح، فيرشدكما إلى حجرة علوية في بيته، مفروشة ومعدة لذلك، هناك أعدا الفصح. وبإيمان أطاعا فوجدا كما قال لهما وأعدا الفصح.
ولم يذكر أنه مرقس حتى لا يعرف يهوذا الإسخريوطي ويخبر رؤساء الكهنة، لأنه كان يريد أن يتمم الفصح ويؤسس سر التناول قبل أن يُقبض عليه.
† الطاعة تسهل على الإنسان تدبير كل حياته، فأطع وصايا الله تجد راحة.
ذُكر أيضًا في (مت26: 20-29؛ مر14: 17-25)
14 وَلَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ اتَّكَأَ وَالاثْنَا عَشَرَ رَسُولًا مَعَهُ، 15 وَقَالَ لَهُمْ: «شَهْوَةً اشْتَهَيْتُ أَنْ آكُلَ هذَا الْفِصْحَ مَعَكُمْ قَبْلَ أَنْ أَتَأَلَّمَ، 16 لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لاَ آكُلُ مِنْهُ بَعْدُ حَتَّى يُكْمَلَ فِي مَلَكُوتِ اللهِ». 17 ثُمَّ تَنَاوَلَ كَأْسًا وَشَكَرَ وَقَالَ: «خُذُوا هذِهِ وَاقْتَسِمُوهَا بَيْنَكُمْ، 18 لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ حَتَّى يَأْتِيَ مَلَكُوتُ اللهِ». 19 وَأَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلًا: «هذَا هُوَ جَسَدِي الَّذِي يُبْذَلُ عَنْكُمْ. اِصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي». 20 وَكَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَ الْعَشَاءِ قَائِلًا: «هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي الَّذِي يُسْفَكُ عَنْكُمْ. 21 وَلكِنْ هُوَذَا يَدُ الَّذِي يُسَلِّمُنِي هِيَ مَعِي عَلَى الْمَائِدَةِ. 22 وَابْنُ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَحْتُومٌ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِذلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي يُسَلِّمُهُ!». 23 فَابْتَدَأُوا يَتَسَاءَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ: «مَنْ تَرَى مِنْهُمْ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْعَلَ هذَا؟»
ع14:
عندما أتت ساعة أكل الفصح، وبحسب الشريعة تكون بين العشائين، أي بين الساعة الثالثة والخامسة مساء، اتكأ المسيح مع تلاميذه ليأكلوا الفصح، وهذا على غير عادة اليهود إذ كانوا يأكلونه وهم واقفين. وقد أمر الرب بهذا ليتذكروا عبوديتهم في أرض مصر، أما الآن فإذ أتى المسيح ليحررهم بموته عنهم، أجلسهم حوله كبنين وليس عبيدًا.
ع15:
اشتهى المسيح أن يأكل هذا الفصح مع تلاميذه، لأنها أخر مرة يأكل طعامًا معهم على الأرض، كوليمة حب دينية لها رموزها الروحية التي تكمل في صليبه المحيى، والذي منه يتأسس سر جسده ودمه الأقدسين الذي يعلنه ويعطيه لأولاده في نفس اليوم بعد أكل هذا الفصح.لا أشرب خمرًا معكم على الأرض مرة ثانية، فهذا آخر فصح يعمله معهم.
حتى يأتي ملكوت الله الملكوت السماوي، حيث نشبع بالمسيح روحيًا في السماء.
يعلن المسيح أنه لن يأكل من هذا الفصح ثانيةً على الأرض، وأنه سيأكله مع تلاميذه وكل المؤمنين به عندما يكمل خلاصهم على الصليب ويشبعهم إلى الأبد في ملكوته. فالمسيح هو فصحنا وطعامنا الروحي، ليس فقط بجسده ودمه في الكنيسة، بل في الأبدية هو شبع كل أولاده.. هذا هو كمال الفصح في السماء.
هذه الكأس هي أحد كؤوس الخمر التي يشربونها مع الفصح، ويُفهم ضمنيًا أنه ذاقها ثم أعطاها لتلاميذه بعد أن شكر كعادة اليهود. ويكرر أن هذه هي آخر مرة يعمل الفصح ويشرب من خمره حتى يشربه بشكل روحي في الملكوت الأبدي. فالخمر ترمز للفرح، وفرحه يكمل بخلاص أولاده كلهم ودخولهم إلى الملكوت وذلك بعد يوم القيامة الأخيرة.
هنا يؤسس المسيح سر الإفخارستيا، أي الشكر، فأخذ خبزًا غير طعام الفصح وشكر وكسره وأعطاه للتلاميذ ليأكلوه، معلنا أن هذا هو جسده الحقيقي الذي يبذله على الصليب، ويطالب رسله وكل كنيسته أن تصنع هذا السر على الدوام ليتذكروا محبته وبذل حياته على الصليب. والتذكار ليس لقصة حدثت قديمًا، ولكن بشكل عينى أي جسد حقيقي ودم حقيقي كما أوضح في (يو6: 53-56).
وبعد أن أعطاهم جسده ليأكلوه، أخذ كأسًا جديدة غير كؤوس الفصح وأعطاها لهم ليشربوا، معلنًا أن الخمر التي فيها قد تحول إلى دمه الذي يسفكه على الصليب عن خلاص العالم.
وقد صنع المسيح العشاء الربانى، أي أسس سر التناول بعد الفصح مباشرة، ليعلن أن الفصح رمز للتناول من جسده ودمه.
أعلن المسيح حقيقة مرة، وهي أن أحد تلاميذه سيخونه ويسلمه لليهود، إذ قال أن يده معي على المائدة، أي واحد من التلاميذ الذين على مائدة الفصح. والقديس لوقا لا يهتم بالترتيب الزمني، فهذا الكلام قاله المسيح بعد الفصح وقبل تأسيس سر الإفخارستيا، كما ذكرت باقي الأناجيل.
ويظهر المسيح شناعة خطية هذا الإنسان (يهوذا الإسخريوطي)، فالمسيح غير منزعج من آلامه وصلبه فهو أمر ضرورى في تدبيره ومحتم أن يتم، ولكن لا يلغى هذا بشاعة خيانة يهوذا والعقاب الذي ينتظره في الأبدية. وقد أثار هذا الكلام حزنًا وحيرة في قلوب التلاميذ وتساءلوا من هو هذا التلميذ الخائن.
المحتوم:
قرر المسيح أن يموت لفداء البشرية، فهو حتما سيموت ولكن ويل للخائن الذي يبيع سيده، فاحتمال المسيح الآلام لا يلغى شر يهوذا.† إن الله يحذرنا من خطايانا حتى لا نسقط فيها، فليتنا ننتبه لتحذيراته ونتوب سريعًا.
24 وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ أَيْضًا مُشَاجَرَةٌ مَنْ مِنْهُمْ يُظَنُّ أَنَّهُ يَكُونُ أَكْبَرَ. 25 فَقَالَ لَهُمْ: «مُلُوكُ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ، وَالْمُتَسَلِّطُونَ عَلَيْهِمْ يُدْعَوْنَ مُحْسِنِينَ. 26 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَيْسَ هكَذَا، بَلِ الْكَبِيرُ فِيكُمْ لِيَكُنْ كَالأَصْغَرِ، وَالْمُتَقَدِّمُ كَالْخَادِمِ. 27 لأَنْ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ: أَلَّذِي يَتَّكِئُ أَمِ الَّذِي يَخْدُمُ؟ أَلَيْسَ الَّذِي يَتَّكِئُ؟ وَلكِنِّي أَنَا بَيْنَكُمْ كَالَّذِي يَخْدُمُ. 28 أَنْتُمُ الَّذِينَ ثَبَتُوا مَعِي فِي تَجَارِبِي، 29 وَأَنَا أَجْعَلُ لَكُمْ كَمَا جَعَلَ لِي أَبِي مَلَكُوتًا، 30 لِتَأْكُلُوا وَتَشْرَبُوا عَلَى مَائِدَتِي فِي مَلَكُوتِي، وَتَجْلِسُوا عَلَى كَرَاسِيَّ تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ».
ع24:
كان المسيح يستعد لآلامه ليفدى البشرية التي يحبها، بينما كان رؤساء الكهنة يتشاورون بحسد وحقد كيف يقبضون عليه ويقتلونه، أما أخصائه التلاميذ، فانشغلوا عن مشاركته آلامه بالبحث عمن هو الأكبر فيهم، والذي يأخذ مكانًا أعظم في المملكة الأرضية التي يظنون أن المسيح سيقيمها. واختلفت الآراء وحدثت مشادة بين التلاميذ، كل منهم يبحث كيف يكون أكبر وأعظم من الباقين.
ع25-26: فهم المسيح ما دار بين تلاميذه وعاتبهم على محبتهم للرئاسة، إذ أن هذه الرذيلة من صفات الأمم البعيدين عن الله، الذين يسعون للعظمة ويعطون عطايا بغرض أن يدعوهم الناس محسنين وكرماء وبهذا يتسلطون على بعضهم البعض.
أما المؤمنون بالمسيح، فينبغي أن من هو أكبر في سنه أو مركزه أو علمه... الخ، يضع نفسه أصغر وأقل من الباقين ومن له القدرة على القيادة والتقدم يتعامل كخادم للكل.
ولذا في كنيسة العهد الجديد من يعلم غيره ويقوده في طريق الحياة الروحية يسمى خادم، ليتذكر دائمًا أن يضع نفسه أقل من الكل.
ع27: قدم المسيح نفسه مثالًا في الاتضاع، إذ وهو المعلم الذي ينبغي أن يجلس ويخدمه تلاميذه، كان هو مهتمًا بخدمتهم بل بغسل أرجلهم. فقد غسل أرجل تلاميذه بعد الفصح وقبل تأسيس سر التناول. وهذه المشاجرة إما أن تكون قد حدثت بعد غسل الأرجل أو تكون حدثت قبل دخول أورشليم، ولكن لوقا ذكرها متأخرًا لأنه لا يهتم بترتيب الحوادث زمنيًا.
تركوا أهلهم، واحتملوا إهانات وعداء الكتبة والفريسيين لهم.
أجعل لكم... ملكوتا أعطيكم الملكوت السماوي مكافأة لما احتملتموه.
كما جعل لى أبى أي المسيح له ملكه منذ الأزل الذي له في الآب، وأخلى ذاته بالتجسد وصار في شكل الإنسان العادي ثم يعود لمجده بعد قيامته وصعوده.
تأكلوا وتشربوا... في ملكوتى الشبع الروحي بالمسيح في ملكوت السموات. وتعنى أيضًا ملك الله على قلوب التلاميذ بالإيمان في الكنيسة، فيتناولوا من جسده ودمه طوال حياتهم على الأرض.
على كراسى تظهر عظمة مكانة التلاميذ في ملكوت السموات.
يمدح المسيح تلاميذه لأنهم احتملوا معه آلام الخدمة تاركين أهلهم وبيوتهم، ويعدهم بالملكوت الأبدي معه، وأنهم يأكلون على المائدة الروحية في السموات ويتمتعون بعشرته إلى الأبد. وفي مكانهم هذا يدينون كل اليهود الذين لم يؤمنوا به، إذ ينظر اليهود لتلاميذه في المجد الذي نالوه بسبب إيمانهم، ويندمون في العذاب الأبدي لأنهم كانوا معهم في نفس الظروف ولم يؤمنوا.
†
قدم الآخرين عنك في الكرامة، وإذا أخذت مكانًا قياديًا فامدح وإرفع من معك طالبًا في قلبك ما هو أهم وهو عشرة الله، فتنال سعادة في الأرض وفرح في السماء.
31 وَقَالَ الرَّبُّ: «سِمْعَانُ، سِمْعَانُ، هُوَذَا الشَّيْطَانُ طَلَبَكُمْ لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَالْحِنْطَةِ! 32 وَلكِنِّي طَلَبْتُ مِنْ أَجْلِكَ لِكَيْ لاَ يَفْنَى إِيمَانُكَ. وَأَنْتَ مَتَى رَجَعْتَ ثَبِّتْ إِخْوَتَكَ». 33 فَقَالَ لَهُ: «يَا رَبُّ، إِنِّي مُسْتَعِدٌّ أَنْ أَمْضِيَ مَعَكَ حَتَّى إِلَى السِّجْنِ وَإِلَى الْمَوْتِ!» 34 فَقَالَ: «أَقُولُ لَكَ يَا بُطْرُسُ: لاَ يَصِيحُ الدِّيكُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ تُنْكِرَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَعْرِفُنِي».
ع31:
ينادى المسيح هنا سمعان باسمه القديم، أي الضعيف، وليس بطرس الصخرة القوية، الاسم الذي سماه به المسيح، لأن الشيطان انتهز فرصة دخول المسيح في آلامه، ووجه سهامه نحو التلاميذ ليظهر ضعفهم بل ويغربلهم كالحنطة (القمح)، وكان ذلك بسماح من الله حتى إذ يظهر ضعفهم الشخصى، يتضعون فيسندهم بروحه القدوس، فيزداد إيمانهم وتمسكهم به.
ع32: لا يفنى إيمانك
حتى لو سقطت بضعف إيمانك، لكن لا يتلاشى إيمانك بل تقوم وتتوب وترجع إلى الله.ثبت إخوتك يظهر هذا ضعف التلاميذ وتعرضهم جميعًا للتشكك والإنكار مثل بطرس واحتياجهم لتثبيت إيمانهم.
يتقدم المسيح باتضاع ليصلى من أجلنا، مظهرا حبه وأبوته. ويتكلم هنا كإنسان مع أنه الله القادر على كل شيء، ليعلمنا الاتضاع والحب والصلاة من أجل الآخرين.
ثم يظهر معنى روحي هام وهو أن التائب متى رجع عن خطاياه، ينبغي أن يعمل عملًا إيجابيًا، فيدعو النفوس للمسيح ويثبتهم في الإيمان، كما طلب من بطرس عندما يتوب أن يثبت أخوته. فالتائب يشعر بالخطاة الذين مثله فيحنوا عليهم ويشجعهم.
† إهتم أن تحيا حياة التوبة فتكون خادمًا حقيقيًا تجمع النفوس للمسيح، وليس مجرد معلم لتعاليم جامدة.
ع33: ذكر هذا الحديث في (مت26: 33-35)
.هنا يظهر اندفاع سمعان بطرس الناتج عن حب ولكن بعدم تعقل، فوعد ألا يترك المسيح حتى إلى السجن والموت، متناسيًا ضعفه وحاجته إلى مساندة الله. من أجل هذا وَّجه المسيح الحديث له قبل باقي التلاميذ، ليعلمه ويعلمهم الاتضاع والتوبة والاستناد على معونة الله.
ع34: نادى المسيح سمعان بإسمه هذا رغم أنه أسماه بصخرة أي بطرس، ولكنه سيضعف وينكره ثلاث مرات، وأعطاه علامة وهي صياح الديك بعد هذا الإنكار. فالديك يعترف باسم الله بصوته المعروف، أما بطرس الإنسان فينكر المسيح ويقول لا أعرفه. وقد نبه المسيح أيضًا بطرس لعدم الإنكار قائلًا أنت تعرفنى فاحترس أن تقول أنك لا تعرفنى، ومع هذا التحذير أنكره بطرس.
†
إحذر أن تنكر المسيح بخطاياك التي تعثر الآخرين، فتكون لعنة لإسمه القدوس.
35 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حِينَ أَرْسَلْتُكُمْ بِلاَ كِيسٍ وَلاَ مِزْوَدٍ وَلاَ أَحْذِيَةٍ، هَلْ أَعْوَزَكُمْ شَيْءٌ؟» فَقَالُوا: «لاَ». 36 فَقَالَ لَهُمْ: «لكِنِ الآنَ، مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفًا. 37 لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ فِيَّ أَيْضًا هذَا الْمَكْتُوبُ: وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ. لأَنَّ مَا هُوَ مِنْ جِهَتِي لَهُ انْقِضَاءٌ». 38 فَقَالُوا: «يَا رَبُّ، هُوَذَا هُنَا سَيْفَانِ». فَقَالَ لَهُمْ: «يَكْفِي!»
ع35-36: نبه المسيح تلاميذه إلى مبدأ عدم الاعتماد على الماديات عند الخروج للخدمة والذي طبقوه عند خدمتهم في اليهودية، أما الآن وهم يستعدون للكرازة في العالم كله بالمسيح المصلوب القائم من الأموات، فيلزمهم الجهاد الروحي بكل طاقاتهم التي أشار إليه بالكيس والمزود، أي كل إمكانياتهم. وليس المقصود الاعتماد على المال والأطعمة المخزونة للخروج في الخدمة، ولكن الجهاد الروحي من صلوات وأصوام ومطانيات، والمثابرة في تعاليم وإقناع الآخرين وكل المواهب التي يهبها الله للخدام.
ثم يقول من ليس له قدرات ومواهب ويشعر بضعف فليبع ثوبه، بمعنى أن يعيش في تجرد ونسك حتى من الضروريات وفي صلوات وأصوام ويترك راحة الجسد ويشترى سيف الروح.. أي التمسك بكلمة الله.
ع37: المكتوب
(إشعياء 53: 12).أحصى مع أثمة صلبه بين لصين.
له إنقضاء سأتمم الفداء وأقوم من الأموات.
يؤكد المسيح هنا ضرورة احتماله الآلام والصلب والموت، فهذا أمر ضرورى لفداء البشرية وسينتهى في الوقت المعين أي وقت الصليب، ثم يقوم من الأموات ويعطى الروح القدس لأولاده، فيكرزوا به في العالم كله.
ع38: لم يفهم التلاميذ القصد الروحي للمسيح وهو الجهاد بسيف الروح، وظنوه يتكلم عن معركة مادية يجمعون فيها المال والسيوف للحرب كما يبدو من المعنى الحرفي للكلام، فأجابوه أنه عندهم سيفان. وطبعًا هؤلاء مجموعة من الصيادين لم يتدربوا على استخدام السيوف، ويقال أنهما لم يكونا سيفين بل سكينتين كبيرتين استخدموهما في أكل الفصح.
ورد المسيح عليهم بأن هذا يكفي، أي يكفي الكلام في هذا الموضوع، لأنهم لم يفهموا قصده ولا يقصد أن سيفين كافيين للمعركة المادية بدليل توبيخه لبطرس عندما حاول استخدام سيفه في قطع أذن عبد رئيس الكهنة عند القبض على المسيح. (مت26: 52)
†
إذا كنت محاربًا بخطية متكررة أو متزايدة، فيلزمك أن تستخدم كل أسلحتك الروحية، ومن أجل جهادك يتحنن عليك الله ويرفع عنك هذه الحروب.← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
ذكر أيضًا ما حدث في البستان في (مت26: 30-46؛ مر14: 26- 42)
.39 وَخَرَجَ وَمَضَى كَالْعَادَةِ إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، وَتَبِعَهُ أَيْضًا تَلاَمِيذُهُ. 40 وَلَمَّا صَارَ إِلَى الْمَكَانِ قَالَ لَهُمْ: «صَلُّوا لِكَيْ لاَ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ». 41 وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42 قَائِلًا: «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43 وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44 وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ، وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ. 45 ثُمَّ قَامَ مِنَ الصَّلاَةِ وَجَاءَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ، فَوَجَدَهُمْ نِيَامًا مِنَ الْحُزْنِ. 46 فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا أَنْتُمْ نِيَامٌ؟ قُومُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ».
ع39: خرج
: من مدينة أورشليم.جبل الزيتون: فعند سفحه يوجد بستان جثسيماني الذي دخله.
كان المسيح معتادًا أن يذهب إلى بستان في جبل الزيتون مع تلاميذه، يقول البعض أنه كان ملكًا لمرقس الرسول، فذهب إليه بعد أكل الفصح والعشاء الربانى.
ع40: عند وصولهم إلى البستان في الجبل، دعا تلاميذه للصلاة إذ هم مقبلون على أحداث صعبة، وهي رؤية معلمهم مقبوضًا عليه ثم مصلوبًا، وتعرضهم للخوف والتشكك وكل الحروب التي أعدها إبليس لهم، فالصلاة تحميهم من السقوط في التجربة والابتعاد عن الله.
† مهما كانت ظروفك صعبة، فثق أن صلواتك وتشبثك بالله يعبر بك الضيقة بسلام دون السقوط في الخطية.
ع41: رمية حجر
حوالي 20 مترًا، وهي مسافة قريبة تسمح للثلاثة تلاميذ أن يروه ويسمعوه.ترك المسيح ثمانية من تلاميذه في مدخل البستان، وابتعد عنهم مع الثلاثة الباقين ثم دخل إلى عمق البستان مسافة حوالي 20 متر، حتى يختلى وحده في الصلاة وكل مجموعة تصلى مع بعضها.
ع42:
ركع المسيح كإنسان معلنًا ثقل الآلام المقبلة، ليست فقط الآلام الجسدية في الصليب بل أيضًا النفسية، بإنكار وابتعاد التلاميذ عنه ووقوف الجموع التي خدمها تطلب صلبه، وأيضًا الآلام الروحية في حمله كل خطايا البشر وهو البار. لذا طلب في الصلاة كإنسان أن تعبر عنه كأس الآلام لأنها ثقيلة جدًا، ولكن في نفس الوقت ينفذ أعلى تدريب في المسيحية وهو تسليم الإرادة لله، فيقول لتكن لا إرادتى بل إرادتك يا الله. ومع انه إله كامل ويعلم أنه سيتمم حمل الصليب، أظهر أن له ناسوت كامل يتوجع من الألم. وقد صلى هذه الصلاة ثلاث مرات، إذ كان يعود إلى تلاميذه الثلاثة فيجدهم نيامًا ويوقظهم للصلاة ويرجع ويصلى وحده كما يذكر إنجيل متى.† أطلب معونة الله ورفع الضيقة عنك، ولكن في النهاية إقبل مشيئته، فهي خيرك حتى لو كنت لا ترى ذلك في الوقت الحاضر ولكن آمن بحسن تدبيره لك.
ع43: تجاوبت السماء مع المسيح المتألم لأجلنا، أما البشرية فكانت تعد له الموت وحتى أقرب الناس إليه، وهم تلاميذه، لم يقفوا معه بل غلبهم النوم.
وهنا تظهر محبة الملائكة للبشر، فقد أتت لتعين المسيح كإنسان، لتظهر استعدادها لمعاونة البشر في كل ضيقاتهم.
ع44: استمر المسيح في صلاة حارة شاعرًا بكل الآلام الآتية عليه، وكان عرقه يتصبب مثل قطرات دم أي يعتصر من الحزن (كلمة جثسيماني معناها معصرة).
†
ثابر في صلواتك مهما كانت الضيقة صعبة أو تأخرت الإستجابة، فالله يهتم جدًا بكل كلمة ودمعة وقطرة عرق في صلاتك.
ع45-46: عاد المسيح ينظر إلى تلاميذه بعد صلاته فوجدهم قد تثقلوا من النوم، إذ كانوا حزانى لما سمعوه منه عن الآلام المقبلة عليه، فنبههم المسيح ليستيقظوا ويواصلوا الصلاة حتى لا تغلبهم التجربة.
ذكر القبض على المسيح في (مت26: 47-56؛ مر14: 43-52؛ يو18: 2-12).
47 وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا جَمْعٌ، وَالَّذِي يُدْعَى يَهُوذَا، أَحَدُ الاثْنَيْ عَشَرَ، يَتَقَدَّمُهُمْ، فَدَنَا مِنْ يَسُوعَ لِيُقَبِّلَهُ. 48 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «يَا يَهُوذَا، أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟» 49 فَلَمَّا رَأَى الَّذِينَ حَوْلَهُ مَا يَكُونُ، قَالُوا: «يَا رَبُّ، أَنَضْرِبُ بِالسَّيْفِ؟» 50 وَضَرَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ فَقَطَعَ أُذْنَهُ الْيُمْنَى. 51 فَأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ: «دَعُوا إِلَى هذَا!» وَلَمَسَ أُذْنَهُ وَأَبْرَأَهَا. 52 ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَقُوَّادِ جُنْدِ الْهَيْكَلِ وَالشُّيُوخِ الْمُقْبِلِينَ عَلَيْهِ: «كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ! 53 إِذْ كُنْتُ مَعَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ لَمْ تَمُدُّوا عَلَيَّ الأَيَادِيَ. وَلكِنَّ هذِهِ سَاعَتُكُمْ وَسُلْطَانُ الظُّلْمَةِ».
ع47:
بعد صلوات المسيح في بستان جثسيماني وحديثه مع تلاميذه عن أهمية الصلاة كحماية من السقوط في التجارب، أقبل يهوذا الإسخريوطي تلميذ المسيح ومعه جمع من رؤساء الكهنة وقادة جند الهيكل وبعض الجنود بمشاعل وسيوف وعصى للقبض على المسيح، وكانت العلامة المتفق عليها أن من يقبله يهوذا يقبضون عليه.
ع48: كانت خيانة يهوذا للمسيح في منتهى الشناعة، لأنها بدون سبب يخون التلميذ الملتصق بمعلمه ويبيعه لأعدائه بأبخس الأثمان، أي بثمن عبد وهو ثلاثين من الفضة.
ورغم شر يهوذا، ما زال المسيح يحبه، فيعاتبه لعله ينتهز آخر فرصة ويتوب قائلًا له كيف يستخدم وسيلة التعبير عن الحب وهي القبلة للخيانة والشر وقتل الآخرين، بل قتل سيده ومعلمه وصاحب كل الفضل عليه والآتي لخلاصه وخلاص كل البشرية.
ومن ناحية أخرى كيف يسلم للقتل المسيح، ابن الإنسان، البار الذي لم يخطئ أبدًا.
ع49-50: سأل بطرس ومعه باقي التلاميذ المسيح، هل يستخدمون سيوفهم للدفاع عنه؟ لأنهم فهموا كلامه السابق في شراء السيوف أنها معركة مادية يدافعون فيها عن المسيح بهذه السيوف. واندفع بطرس، دون أن ينتظر إجابة المسيح، فقطع الأذن اليمنى لعبد رئيس الكهنة، لأنه صياد ولا يجيد استخدام السيوف، أوحتى السكاكين. ولم يذكر الإنجيليون اسم الضارب والمضروب إلا يوحنا فقط، لأنه كتب إنجيله في أواخر القرن الأول بعد استشهاد بطرس الرسول، إذ لم يعد خوف من معاتبة السلطة الرومانية له بمحاولة قتل عبد رئيس الكهنة (يو18: 10).
ع51: هنا يظهر لاهوت المسيح وحبه العجيب لأعدائه، إذ لمس الأذن المقطوعة فبرأت في الحال معلنًا أن معركته هي مع أجناد الشر الروحية وليس البشر، فيهزمهم بموته على الصليب ويقيد الشيطان.
وكان شفائه لعبد رئيس الكهنة لإيقاف الجند عن القبض أو الإساءة لتلاميذه، وخاصة بطرس، الذي قطع أذن العبد. وللأسف لم يتأثر هؤلاء الآتين للقبض عليه بهذه المعجزة، واستمروا في قساوة قلوبهم فقبضوا عليه ليقتلوه.
† قدم محبتك للكل حتى لأعدائك، وأعلن الحق وعاتبهم إن كانوا يسمعونك، لعلهم يتوبون ويرجعون إلى الله.
اللاويون المسئولون عن حراسة الهيكل، والتابعون لرؤساء الكهنة.
الشيوخ: شيوخ اليهود المُعتَبرون بين الشعب.
ساعتكم الوقت الذي سمح به الله أن يقدم نفسه ليموت عن العالم.
سلطان الظلمة سلطان الشر الذي يحركه إبليس للإساءة إلى كل من يعمل الخير.
أظهر المسيح حبه للجمع الآتي للقبض عليه إذ نبههم إلى الشر الذي يعملونه.. فمن المدهش أن يأتوا كمجموعة كبيرة مسلحين بالسيوف والعصى للقبض عليه كأنه مجرم خطير هارب من العادلة، مع أنه المعلم الصالح الذي يعظ كل يوم في الهيكل ليخلص الكل. ولكنه يعلن سماح الله أن يتسلط إبليس ويثير حقدهم للقبض عليه وقتله.
† أنظر لئلا تكون مندفعًا في الإساءة إلى غيرك مع أنه برئ.
ذكر أيضًا في (مت26: 69-75؛ مر14: 66-72).
54 فَأَخَذُوهُ وَسَاقُوهُ وَأَدْخَلُوهُ إِلَى بَيْتِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. وَأَمَّا بُطْرُسُ فَتَبِعَهُ مِنْ بَعِيدٍ. 55 وَلَمَّا أَضْرَمُوا نَارًا فِي وَسْطِ الدَّارِ وَجَلَسُوا مَعًا، جَلَسَ بُطْرُسُ بَيْنَهُمْ. 56 فَرَأَتْهُ جَارِيَةٌ جَالِسًا عِنْدَ النَّارِ فَتَفَرَّسَتْ فيهِ وَقَالَتْ: «وَهذَا كَانَ مَعَهُ!». 57 فَأَنْكَرَهُ قَائِلًا: «لَسْتُ أَعْرِفُهُ يَا امْرَأَةُ!» 58 وَبَعْدَ قَلِيل رَآهُ آخَرُ وَقَالَ: «وَأَنْتَ مِنْهُمْ!» فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَا إِنْسَانُ، لَسْتُ أَنَا!» 59 وَلَمَّا مَضَى نَحْوُ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ أَكَّدَ آخَرُ قَائِلًا: «بِالْحَقِّ إِنَّ هذَا أَيْضًا كَانَ مَعَهُ، لأَنَّهُ جَلِيلِيٌّ أَيْضًا!». 60 فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَا إِنْسَانُ، لَسْتُ أَعْرِفُ مَا تَقُولُ!». وَفِي الْحَالِ بَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ صَاحَ الدِّيكُ. 61 فَالْتَفَتَ الرَّبُّ وَنَظَرَ إِلَى بُطْرُسَ، فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ كَلاَمَ الرَّبِّ، كَيْفَ قَالَ لَهُ: «إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». 62 فَخَرَجَ بُطْرُسُ إِلَى خَارِجٍ وَبَكَى بُكَاءً مُرًّا.
ع54:
لما قبضوا على المسيح، إقتادوه ليُحاكم في بيت قيافا رئيس الكهنة بعد أن حاكموه أولًا في بيت حنان حما قيافا.
ع55:
بينما كان المسيح يحاكم في داخل بيت قيافا رئيس الكهنة، جلس بطرس في وسط الدار، أي بعيدًا قليلًا عن مكان محاكمة المسيح، وكان حول بطرس مجموعة من الجوارى والعبيد أشعلوا نارًا لأن الجو كان باردًا ليلًا.
ع56-57: فيما كمان بطرس جالسًا، لاحظت إحدى الجوارى أنه كان من المقربين للمسيح أثناء تعاليمه ومعجزاته وسط الجموع، فأعلنت ذلك لكل المحيطين، أما بطرس فأنكر مظهرًا أنه لا يعرف المسيح يسوع.
ع58-60: بعد فترة قليلة لاحظ أحد الذين في الدار بطرس، فقال للكل أن هذا من التابعين للمسيح فأنكر بطرس ثانية.
استمرت المحاكمة، وبعد حوالي ساعة لاحظ شخص ثالث بطرس وكلامه بلكنة الجليليين، فأعلن ذلك أمام الكل، أما بطرس فأنكر لثالث مرة معرفته للمسيح، وبعد ذلك مباشرة صاح الديك وكانت هذه هي العلامة التي ذكرها المسيح لبطرس حين نبهه أنه سينكره.
ع61-62: لم تشغل المحاكمات يسوع عن خلاص نفس بطرس، فعندما صاح الديك ترك المسيح الكل ونظر إلى بطرس الجالس خارجًا. نظر بعتاب الحب لينبهه إلى الخطية التي سقط فيها ليتوب، ولم يحتمل بطرس محبة المسيح المشعة عليه من عينيه فخرج خارج البيت وبكى بكاءً شديدًا، شاعرًا بضعفه وجحوده في إنكاره للمسيح المحب الذي إعتنى به أكثر من ثلاث سنوات.
رغم شناعة خطية بطرس، لكن دموع توبته وندمه الشديد كانت طريقه للرجوع إلى الله.
† إن التوبة هي أقصر الطرق إلى قلب الله الحنون الغافر مهما كانت خطاياك.
ذكرت أيضًا في (مت26: 67-68؛ مر14: 65).
63 وَالرِّجَالُ الَّذِينَ كَانُوا ضَابِطِينَ يَسُوعَ كَانُوا يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ وَهُمْ يَجْلِدُونَهُ، 64 وَغَطَّوْهُ وَكَانُوا يَضْرِبُونَ وَجْهَهُ وَيَسْأَلُونَهُ قَائِلِينَ: «تَنَبَّأْ! مَنْ هُوَ الَّذِي ضَرَبَكَ؟» 65 وَأَشْيَاءَ أُخَرَ كَثِيرَةً كَانُوا يَقُولُونَ عَلَيْهِ مُجَدِّفِينَ.
ع63: بعد المحاكمة الثانية للمسيح، جلدوه 39 جلدة بحسب القانون الروماني، ولم يكتفوا بالإساءة إليه جسديًا، بل أيضًا نفسيًا بالاستهزاء به والتهكم عليه.
ع64: من ضمن طرق الاستهزاء به أنهم غطوا وجهه، وأخذوا يلطمونه، ثم يرفعون الغطاء ويسألونه التنبؤ بمن ضربه إن كان يعرف الغيب كما يقولون عنه.
ع65: استمروا يستهزئون به كخاطئ ومجرم، وهو البار القدوس الذي احتمل في صمت كل تعييراتهم.
†
من الصعب أن تحتمل إساءات دون أن تخطئ خاصة من الذين هم أقل منك سنًا أو مركزًا، ولكن تذكر ما احتمله ملك الملوك ورب الأرباب.
ذكرت أيضًا في (مت27: 1؛ ممر15: 1).
66 وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ اجْتَمَعَتْ مَشْيَخَةُ الشَّعْبِ: رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ، وَأَصْعَدُوهُ إِلَى مَجْمَعِهِمْ 67 قَائِلِينَ: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمسِيحَ، فَقُلْ لَنَا!». فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ قُلْتُ لَكُمْ لاَ تُصَدِّقُونَ، 68 وَإِنْ سَأَلْتُ لاَ تُجِيبُونَنِي وَلاَ تُطْلِقُونَنِي. 69 مُنْذُ الآنَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ قُوَّةِ اللهِ». 70 فَقَالَ الْجَمِيعُ: «أَفَأَنْتَ ابْنُ اللهِ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا هُوَ». 71 فَقَالُوا: «مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شَهَادَةٍ؟ لأَنَّنَا نَحْنُ سَمِعْنَا مِنْ فَمِهِ».
تنص الشريعة على عدم الحكم بقتل إنسان إلا في النهار، لذلك لم يكتفوا بالمحاكمات الليلية، واجتمع المجلس الأعلى لليهود، وهو مجمع السنهدريم أي السبعين شيخًا، في النهار لمحاكمة المسيح للمرة الثالثة.
قدموا المسيح إلى المحاكمة الثالثة في مجمعهم، حيث إجتمع رؤساء الكهنة والكتبة وهم الشيوخ المعتبرين عند اليهود الذين سألوه هل هو المسيح، فأجابهم انهم غير قابلين لتصديق كلامه، إذ رأوا معجزاته وسمعوا تعاليمه قبلًا ورفضوها من أجل حسدهم وشرهم، وأنه مهما قال لهم لن يطلقوه لأنهم مصرون على قتله ويبحثون فقط عن دليل وسبب لإكمال جريمتهم.
ع69:
إذ شعر المسيح بعجزهم عن إيجاد تهمة عليه، قدم لهم سببًا يستندون عليه في قتله، إذ قال لهم أنه قد اقتربت الساعة ليجلس ابن الإنسان عن يمين الله في الأعالى، أي يستعيد مجده الإلهي في السماء. وهو هنا يكرر ما أعلنه في محاكمته أمام قيافا التي تمت ليلًا (مت26: 64).
ع70:
فسألوه ليتأكدوا من معنى كلامه هل يقصد أنه ابن الله، فأكد لهم المسيح ذلك كما نطقوا وقالوا. وهكذا أعلن المسيح لاهوته واضحًا ليؤمن به من يريد، ويكون كلامه هذا دينونة لمن لا يؤمن ولمن يتجاسر على صلبه وقتله.† إن المسيح يعلن لك ذاته مهما كنت غارقًا في الخطية لعلك تنتبه وتتوب.
ع71:
ظن اليهود الجهلاء أنهم وجدوا دليلًا ملموسًا لإدانته وصلبه، ولم يفهموا أن المسيح الحكيم الذي لم يستطيعوا أن يصطادوه بكلمة واحدة خلال كل مكائدهم القديمة، هو الذي أعلن لاهوته متحملًا حقدهم واستخدامهم كلامه هذا ليقتلوه.
← تفاسير أصحاحات إنجيل لوقا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير لوقا 23 |
قسم
تفاسير العهد الجديد الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير لوقا 21 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/church-encyclopedia/luke/chapter-22.html
تقصير الرابط:
tak.la/zmmsp4v