* تأملات في كتاب
لوقا: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42 - 43 - 44 - 45 - 46 - 47 - 48 - 49 - 50 - 51 - 52 - 53 - 54
الأَصْحَاحُ الحادي عشر
(1) الصلاة الربانية (ع1 -4)
(2) الصلاة بلجاجة (ع5 -13)
(3) اتهام المسيح ببعلزبول (ع14 - 20)
(4) مَثَل القوي والأقوى (ع21 - 23)
(5) مثل السبعة أرواح النجسة (ع24 - 26)
(6) تطويب العذراء (ع27 - 28)
(7) آية يونان (ع29 - 32)
(8) العين البسيطة (ع33 - 36)
(9) توبيخ الفريسيين (ع37 - 44)
(10) توبيخ الناموسيين (ع45 - 54)
ذُكِرَت الصلاة الربانية في (مت6: 9- 15) ويلاحظ أن لوقا لا يهتم بالترتيب، إذ أنها قيلت قبل هذا الوقت الذي ذكره لوقا.
1 وَإِذْ كَانَ يُصَلِّي فِي مَوْضِعٍ، لَمَّا فَرَغَ، قَالَ وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ: «يَا رَبُّ، عَلِّمْنَا أَنْ نُصَلِّيَ كَمَا عَلَّمَ يُوحَنَّا أَيْضًا تَلاَمِيذَهُ». 2 فَقَالَ لَهُمْ: «مَتَى صَلَّيْتُمْ فَقُولُوا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ، لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ، لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ. 3 خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا كُلَّ يَوْمٍ، 4 وَاغْفِرْ لَنَا خَطَايَانَا لأَنَّنَا نَحْنُ أَيْضًا نَغْفِرُ لِكُلِّ مَنْ يُذْنِبُ إِلَيْنَا، وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ لكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ».
ع1: كان المسيح يصلى لأنه إنسان كامل يحتاج إلى الصلاة، كما أنه إله كامل، وهو أيضًا نائب عن البشرية يرفع صلاة من أجلنا لتتقدس صلواتنا فيه، وليقدم لنا نموذجًا نتمثل به في حياتنا الروحية.
لاحظ التلاميذ حرارة صلاة المسيح، فتمنوا أن يعلمهم هذه الصلاة الحارة، خاصة وأن القادة الروحيين مثل يوحنا المعمدان والفريسيين علموا تلاميذهم صلوات معينة.
وهذا التلميذ الذي سأل المسيح كان يعبر عن مشاعر كل التلاميذ لأنه قال علمنا كيف نصلي؟
ع2: لكيما نتقدم للصلاة، ينبغي أن ندخل بروح البنوة لله كأب سماوي، فنكون نحن بالتالي سمائيين في أفكارنا وسلوكنا، وبنوتنا تعطينا دالة وثقة في الصلاة أن الله يستجيب لنا ويهتم بكلامنا.
والصلاة الربانية هي المثال الذي نتبعه في كل صلواتنا الخاصة، بالإضافة إلى ترديدنا إياها لعمق المعاني التي تشملها.
تشمل الصلاة الربانية جزئين، الأول هو تمجيد الله المذكور في هذه الآية، والثاني طلبات خاصة لنا وهو المذكور في الآيتين التاليتين، لنتعلم أن نمجد الله أولًا قبل أن نطلب شيئًا.
اسم الله قدوس منذ الأزل، ولكن طلبنا أن يتقدس إسمه يعني تقديسه فينا في كلامنا وأعمالنا الصالحة.
ثم نطلب أن يملك الله على قلوبنا، فنخرج من عبودية الخطية وشهوات العالم. وهي صلاة تعبر عن أشواقنا لطاعة الله والخضوع له، بل وأشواقنا للملكوت الأبدي.
ثم إذ ننظر لتدبير الله في السماء وطاعة الملائكة له، نشتاق أن نسلم حياتنا له، فتقودنا مشيئته وليست أغراضنا المعرضة للخطأ. وتعنى أيضًا مشيئة الله في السماء والأرض أي في الروح والجسد.
ع3: الخبز اليومى يعني المسيح سواء جسده أو دمه الأقدسين، أو كلمته المحيية لأن المسيح هو الخبز النازل من السماء كما قال في (يو6: 58). وفي ترجمات أخرى مثل القبطية يقول خبزنا الآتي أو الذي للغد أو الجوهرى، فكلها تعني أن المسيح هو خبزنا الروحي.
والخبز اليومى يعني أيضًا أن نطلب من الله إحتياجاتنا المادية يومًا بيوم، لأننا نتكل عليه في كل أمورنا، فنحن محتاجون إليه ولا نظن أننا مكتفون بقدرتنا الشخصية.
وليس معنى هذا إنهماكنا في الطلبات المادية، بل احتياجنا للضروريات أي الخبز لأننا في الجسد، ولا ننشغل بالمستقبل واحتياجاته التي تربك أفكارنا.
ع4: نعترف بخطايانا ليغفرها لنا الله، الذي نثق في قدرته على الغفران، ولا نستطيع أن ننال هذا الغفران لخطايانا وهي كبيرة لأنها موجهة نحو الله، إن لم نغفر نحن أولًا للآخرين خطاياهم في حقنا، وهي صغيرة إذ أنها بين البشر. ومعنى هذا أن عدم التسامح يحرمنا من غفران خطايانا.
ثم إذ نشعر بضعفنا، نطلب من الله ألا يسمح لنا بتجارب، ولكن هذا الاتضاع ليس معناه رفض مشيئة الله إن أراد أن يمتحنا بتجربة تفيدنا روحيًا، لذلك نقول له إن سمحت لنا بتجربة فنجنا من إبليس الشرير الذي يريد إسقاطنا في الخطية وإبعادنا عنك.
† ليتك تصلى الصلاة الربانية بهدوء لتعى معانيها، فتخضع لله وتتمتع بعشرته فتحب كل أحد وتحيا مطمئنًا.
5 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «مَنْ مِنْكُمْ يَكُونُ لَهُ صَدِيقٌ، وَيَمْضِي إِلَيْهِ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُولُ لَهُ يَا صَدِيقُ، أَقْرِضْنِي ثَلاَثَةَ أَرْغِفَةٍ، 6 لأَنَّ صَدِيقًا لِي جَاءَنِي مِنْ سَفَرٍ، وَلَيْسَ لِي مَا أُقَدِّمُ لَهُ. 7 فَيُجِيبَ ذلِكَ مِنْ دَاخِل وَيَقُولَ: لاَ تُزْعِجْنِي! اَلْبَابُ مُغْلَقٌ الآنَ، وَأَوْلاَدِي مَعِي فِي الْفِرَاشِ. لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَقُومَ وَأُعْطِيَكَ. 8 أَقُولُ لَكُمْ: وَإِنْ كَانَ لاَ يَقُومُ وَيُعْطِيهِ لِكَوْنِهِ صَدِيقَهُ، فَإِنَّهُ مِنْ أَجْلِ لَجَاجَتِهِ يَقُومُ وَيُعْطِيهِ قَدْرَ مَا يَحْتَاجُ. 9 وَأَنَا أَقُولُ لَكُمُ: اسْأَلُوا تُعْطَوْا، اُطْلُبُوا تَجِدُوا، اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. 10 لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ. 11 فَمَنْ مِنْكُمْ، وَهُوَ أَبٌ، يَسْأَلُهُ ابْنُهُ خُبْزًا، أَفَيُعْطِيهِ حَجَرًا؟ أَوْ سَمَكَةً، أَفَيُعْطِيهِ حَيَّةً بَدَلَ السَّمَكَةِ؟ 12 أَوْ إِذَا سَأَلَهُ بَيْضَةً، أَفَيُعْطِيهِ عَقْرَبًا؟ 13 فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الآبُ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ، يُعْطِي الرُّوحَ الْقُدُسَ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ؟»
أعطى المسيح مثلًا في أهمية اللجاجة في الصلاة، ليس لأنه لا يعرف احتياجاتنا أو لأن التكرار في حد ذاته مفيد، بل لأنه يظهر إيمان المُصَلِّي وتمسكه بالله، وإعلان ضعفه واحتياجه، فينال مراحم الله التي يود أن يفيضها عليه.
والمثل يحكى قصة إنسان أتاه ضيف في نصف الليل، أي في وقت حرج، ولم يكن له الطعام الضرورى ليطعمه، فذهب إلى جارة وصديقه يقرع بابه يطلب منه طعامًا.
نصف الليل: يرمز لوقت الضيقة، الذي يمر به إنسان، فيلتجئ إلى الآخرين ليساعدوه، وهو يطلب من أجل ضيف أتى إليه من سفر، أي يصلي إلى الله من أجل احتياجات الآخرين، لينقذ هؤلاء الخطاة أو المتضايقين.
والثلاثة أرغفة ترمز للطعام الضرورى، وهو الإيمان بالثالوث القدوس، وترمز أيضًا للإيمان والرجاء والمحبة، وكذلك لاحتياج الروح والنفس والجسد.
ع7:
أجاب الصديق من الداخل، معلنًا أن الوقت غير مناسب لإجابة طلبته، إذ هو نائم ومعه أولاده. فهذا النائم أنانى يفكر في راحته، ولا يريد أن يساعد جاره مهما كان إحتياجه.إن مسيحنا لم يحبنا من داخل السماء بل تجسد وأتى إلينا، وهو مستيقظ دائمًا لا ينام وملائكته (أولاده) أيضًا منتبهون يسبحونه دائمًا ويطلبون عنا، والباب لم يعد مغلقًا بتجسد المسيح وفدائه، فقيامته من الأموات تشبع كل إحتياجاتنا.
ع8:
رفض الصديق من الداخل إجابة طلبة صديقه في أول الأمر، ولكن نتيجة الإلحاح قام وأعطاه بعد ذلك ما طلبه. فإن كان النائم الأنانى الكسول تحرك نتيجة اللجاجة وأعطى جاره، فكم بالأولى الله المُحِب، الذي يفرح بلجاجة أولاده في الصلاة ويعطيهم احتياجاتهم.
ع9-10: ذكر ما يشبه هذا الجزء (ع9-13) في (مت7: 7-11)، وقد قاله المسيح في وقت آخر غير هذه المناسبة.
إلهنا المحب يحثنا على الطلب منه والإلحاح، ليفيض علينا بعطاياه، فهو يريد أن يعطى ونحن لا نريد أن نسأل، وتباطؤه في إجابة طلباتنا ليس إهمالا لنا بل لاختبار محبتنا وتمسكنا به.
وتكرار السؤال ثلاث مرات لتكون من الفكر والكلام والعمل، أي نفكر في الله، ونرفع أصواتنا بالصلاة ومعها أيضًا أيدينا، ونسجد مرات كثيرة متضرعين إليه ويلاحظ تزايد الطلب حتى يصل للقرع بالأيدى بشدة لكثرة الاحتياج.
يعطى المسيح مثالًا آخر في الاستجابة للصلاة، وهو طلب ابن من أبيه خبزًا، فمن المتوقع أن يعطيه إياه، وليس من المعقول أن يعطيه حجرًا بدل الخبز، لأن حنان الأبوة يرفض ذلك.
ونفس الأمر إذا طلب الابن سمكة، فلن يعطيه ثعبانًا يضره بدل الطعام الذي طلبه، أو إذا طلب بيضة، فمن غير المعقول أن يعطيه بدلًا منها عقربًا يقتله بسمه.
الخبز: يرمز للحب لأنه عطية الأب لأولاده ليحيوا.
الحجر: يشير إلى قساوة القلب أي عدم الحب.
السمكة: ترمز للإيمان إذ تسبح بعيدًا عن الأنظار داخل الماء.
البيضة: ترمز للرجاء، إذ رغم صغر حجمها، نترجى أن ينطلق منها طائر يتحرك ويطير، ولا يمكن أن يعطينا الله بدل الرجاء ما يبعدنا عنه ويخيفنا.
فالطلبات الثلاثة ترمز إلى طلب الإيمان والرجاء والمحبة، وتظهر أن الأبوة تقتضى حتما العناية بطلبات الأبناء وإتمامها.
ع13:
يأخذ المسيح دليلًا من هذا المثل، أن الآباء الجسديين يفهمون كيف يعطون عطايا جيدة لأولادهم لأنهم يحبونهم، فكم بالأولى الله الآب السماوي، مصدر كل الأبوة والحنان الذي يعطى لأولاده الطالبين منه ليس فقط ما يطلبونه من عطايا مادية، بل بالأحرى عمل روحه القدوس فيهم، ليثبت إيمانهم ومحبتهم ورجاءهم فيه، فيؤمنوا أنه يستجيب لطلباتهم المادية بحنانه الأبوي، وكذلك يعزى قلوبهم ويسندهم في كل حياتهم.† إن الله الحنون يريد أن يعطيك الكثير من كنوز محبته، فأطلب منه بإيمان يظهر فيه مثابرتك وإلحاحك عليه في دالة البنوة، مهما كان الطلب صعبًا، وحتى لو تأخر الله في الاستجابة، فلا تيأس واتكل عليه لأنه يعتنى بك إلى أن يستجيب لطلبك. وإن كانت مشيئته شيئًا آخر غير ما تطلبه، فسيعطيك راحة وفرح بتدبيره الإلهي الأفضل لحياتك.
ذكرت أيضًا في (مت12: 22- 30)، ولكن لوقا لا يهتم بالترتيب الزمني فذكر هذه الحادثة في غير وقتها الذي حدثت فيه.
14 وَكَانَ يُخْرِجُ شَيْطَانًا، وَكَانَ ذلِكَ أَخْرَسَ. فَلَمَّا أُخْرِجَ الشَّيْطَانُ تَكَلَّمَ الأَخْرَسُ، فَتَعَجَّبَ الْجُمُوعُ. 15 وَأَمَّا قَوْمٌ مِنْهُمْ فَقَالُوا: «بِبَعْلَزَبُولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ». 16 وَآخَرُونَ طَلَبُوا مِنْهُ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ يُجَرِّبُونَهُ. 17 فَعَلِمَ أَفْكَارَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: «كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تَخْرَبُ، وَبَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى بَيْتٍ يَسْقُطُ. 18 فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ أَيْضًا يَنْقَسِمُ عَلَى ذَاتِهِ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟ لأَنَّكُمْ تَقُولُونَ: إِنِّي بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ. 19 فَإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟ لِذلِكَ هُمْ يَكُونُونَ قُضَاتَكُمْ! 20 وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ بِأَصْبعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ.
ع14:
سكن شيطان في إنسان وأفقده القدرة على الكلام، فأخرجه المسيح منه وعاد يتكلم، فانبهرت الجموع من عظمة المعجزة حتى بما فيهم الكتبة والفريسيون الذين يضادون المسيح.† الخطية تفقدك القدرة على النطق بكلام الله، وبالتوبة تستعيد الكلام الصالح.
ع15: بعلزبول
: هو النطق الأرامى لبعلزبوب، إله العقرونيين ومعناه إله الذباب، أي الذي يطرد الذباب.لم يستطع المقاومون للمسيح أن ينكروا المعجزة، ولأنهم لا يريدون أن يؤمنوا به وقسوا قلوبهم، اتهموه أنه يتعامل مع بعلزبول رئيس الشياطين حتى يستطيع إخراج الشياطين، وليس هذا سلطانًا منه على الشيطان، بل بسلطان الشيطان يخرج الشياطين.
ع16:
مجموعة أخرى من المقاومين رافضوا الإيمان، رغم عظمة المعجزة، طلبوا معجزة جديدة ليؤمنوا، وبالطبع لن يستطيعوا لأن روح الشك كان داخلهم ولذا لم يستجب لهم المسيح.رد المسيح على شكوكهم بأن أوضح حقيقة منطقية، وهي أن الإنقسام يهدم أي بيت أو مملكة، وبالتالي فانقسام مملكة الشيطان يخربها، وهذا دليل على أن المسيح له سلطان على الشياطين، وليس رئيس الشياطين هو الذي يخرج الشياطين.
† كم هي خطورة الإنقسام داخل البيت أو الكنيسة أو أي مجتمع، فمهما كانت التضحية نسعى نحو الوحدانية لنحتفظ بالله داخلنا ويعمل فينا.
ع19:
استكمالًا لرده قال، إن إفترضنا أن قوتى هي قوة رئيس الشياطين، فأبناؤكم، أي تلاميذه اليهود الذين يعرفونهم، بأى سلطان أخرجوا الشياطين. قطعًا ليس بعلاقة مع رئيس الشياطين، بل بالسلطان الذي وهبته لهم، وبإيمانهم يدينونكم ويفضحون شكوككم.
ع20: أصبع الله
:- يعني به يد الله وروحه، أي أن المسيح سلطانه من نفسه لأنه هو الله، وهذا معناه أن ملكوت الله قد اقترب من اليهود بتجسد المسيح، فيملك على قلوب أولاده المؤمنين ويدين غير المؤمنين الرافضين ملكه.
21 حِينَمَا يَحْفَظُ الْقَوِيُّ دَارَهُ مُتَسَلِّحًا، تَكُونُ أَمْوَالُهُ فِي أَمَانٍ. 22 وَلكِنْ مَتَى جَاءَ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ فَإِنَّهُ يَغْلِبُهُ، وَيَنْزِعُ سِلاَحَهُ الْكَامِلَ الَّذِي اتَّكَلَ عَلَيْهِ، وَيُوَزِّعُ غَنَائِمَهُ. 23 مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ.
ع21: القوى
هو الشيطان، الذي كان يقوى الناس بشروره ويجذبهم إلى الجحيم قبل مجيء المسيح. وأسلحة الشيطان هي الشهوات، وداره هي الجحيم، وأمواله هي النفوس الخاضعة له التي سلكت في الشر.
ع22: الأقوى منه
هو المسيح، الذي يغلبه بالصليب ويسلب غنائمه، أي النفوس المقبوض عليها في الجحيم، فيطلقها المسيح القائم ويصعدها إلى الفردوس.وهذا ما يحدث عندما يسقط الشيطان أي إنسان في الشهوات الرديئة، لكن إذا إلتجأ بالتوبة للمسيح، يغفرها له ويحرره من عبودية إبليس، بل يثبته في الحياة الجديدة بجسده ودمه الأقدسين.
ع23:
يوجه المسيح هنا الأنظار لأهمية العمل الإيجابى، فمن يرفض أن يجمع النفوس مع المسيح يعطى الشيطان فرصة أن يفرقها، وبهذا يشاركه في إبعاد البشر عن الله فيكون ضد الله.† لا تخف من قوة إبليس أو تهديداته وحروبه، فهي لا شيء أمام قوة الله الذي معك. أطلب الله باتضاع وإلحاح في كل ضيقاتك، وعندما يحاربك إبليس أو حتى بعد ما تسقط في الخطية، فهو يحررك ويسندك ويبعد إبليس عنك.
← ذكر هذا المثل في (مت12: 43- 45).
24 مَتَى خَرَجَ الرُّوحُ النَّجِسُ مِنَ الإِنْسَانِ، يَجْتَازُ فِي أَمَاكِنَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ يَطْلُبُ رَاحَةً، وَإِذْ لاَ يَجِدُ يَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ. 25 فَيَأْتِي وَيَجِدُهُ مَكْنُوسًا مُزَيَّنًا. 26 ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَأْخُذُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ، فَتَدْخُلُ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ، فَتَصِيرُ أَوَاخِرُ ذلِكَ الإِنْسَانِ أَشَرَّ مِنْ أَوَائِلِهِ!»
ع24:
أعطى المسيح مثلًا جديدًا ليؤكد أهمية العمل الإيجابى بقوله، أن هناك إنسان به روح نجس استطاع بنعمة الله أن يتخلص منه، فعاد هذا الإنسان صحيحًا، أما الروح النجس فظل يبحث عن إنسان آخر شرير يسكن فيه ولم يجد ماء، أي فرصة للحياة والسكن في إنسان آخر، ففكر أن يعود إلى صديقه الأول لعله يستطيع أن يجد فيه استعدادًا للشر ويدخل فيه ثانية.هذا يعلن نشاط الشيطان وبحثه الدائم عن فرصه ليحاربنا، فينبغي الإحتراس المستمر بالحياة مع الله، حتى لا يجد له ثغره يدخل من خلالها حياتنا.
ع25:
وجد الشيطان صديقه الأول، أي روحه وجسده، فارغًا من كل عمل صالح، ومُزينا بالميل للشهوات الرديئة.
ع26:
فرح الشيطان جدًا ووجدها فرصة ليتعاون مع مجموعة من الشياطين عددهم سبعة، أي عدد كامل كبير، فأتى بهم وسكنوا في هذا الإنسان، لذا إندفع في شرور كثيرة فصارت نهايته سيئة أكثر من بداية حياته.† ينبغي أن ننتهز الفرص الروحية عندما يبعد الله عنا حروب الشياطين، ولو لفترة قصيرة، لنتمسك بالله وننمو في محبته، فإن حاول إبليس مهاجمتنا مرة أخرى، يجدنا في قوة أكبر فيخاف ويبتعد.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
27 وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهذَا، رَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَوْتَهَا مِنَ الْجَمْعِ وَقَالَتْ لَهُ: «طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذِي حَمَلَكَ وَالثَّدْيَيْنِ اللَّذَيْنِ رَضِعْتَهُمَا». 28 أَمَّا هُوَ فَقَالَ: «بَلْ طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ».
ع27:
من عظمة كلام المسيح ومعجزاته، طوبت واحدة من الجمع أم المسيح، لأن المرأة في المجتمع اليهودي تُطوب من خلال نسلها الصالح.
ع28:
لم يرفض المسيح تطويب أمه، بل وجه النظر إلى الأهم، وهو تطويب من يسمع ويعمل بكلامه، وهذا هو تطويب أكثر للعذراء فهي لم تلد فقط المسيح، بل هي إنسانة روحية تحفظ كلام الله على أعلى مستوى.† الباب مفتوح لك لتشارك العذراء وتكون مُطوبًا إذا إعتنيت بقراءة الكتاب المقدس وتنفيذه كرسالة شخصية لك كل يوم.
← ذكر هذا الحديث في (مت12: 38- 42).
29 وَفِيمَا كَانَ الْجُمُوعُ مُزْدَحِمِينَ، ابْتَدَأَ يَقُولُ: «هذَا الْجِيلُ شِرِّيرٌ. يَطْلُبُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةُ يُونَانَ النَّبِيِّ. 30 لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ آيَةً لأَهْلِ نِينَوَى، كَذلِكَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضًا لِهذَا الْجِيلِ. 31 مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ رِجَالِ هذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُمْ، لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ ههُنَا! 32 رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ ههُنَا!
ع29:
طلب كثير من اليهود أن يروا آيات من المسيح رغم أنه عمل معجزات كثيرة، ولكنهم ما زالوا يطلبون معجزات أخرى، فأعلن لهم المسيح بوضوح أنهم محتاجون إلى آية يونان النبي، أي مناداته بالتوبة لأهل نينوى، فهم محتاجون للتوبة عن شكوكهم وكبريائهم، ولن ينفعهم نظر أي معجزات بدون التوبة.
ع30:
كما نادى يونان بالتوبة لأهل نينوى، كذلك المسيح ينادى لليهود بالتوبة، لأنه قد اقترب منهم ملكوت السموات. وكما خرج يونان من بطن الحوت بعد ثلاثة أيام حيًا، كذلك مات المسيح ثلاثة أيام تم قام. وكما أعطى يونان الحياة لأهل نينوى بطاعتهم لكلامه، كذلك يعطى المسيح الحياة الأبدية لمن يحفظون وصاياه.
ع31:
يوبخ المسيح ساميعه لعدم إيمانهم، مع أن ملكة التيمن أي سبأ (الحبشة أو اليمن) الأممية آمنت بحكمة سليمان، أما اليهود فأمامهم أُقنوم الحكمة نفسه، الله الكلمة، ويرفضون الإيمان به.
ع32:
يوضح المسيح الدينونة التي تنتظر سامعيه، إذا أصروا على عدم إيمانهم، لأن أهل نينوى الأمميين بإيمانهم عند سماع كلام يونان سيدينون اليهود الرافضين بشارة المسيح، الذي هو أعظم من يونان.† لا ترفض كلام الله المرسل لك بطرق متنوعة يدعوك للتوبة حتى تخلص في يوم الدينونة.
← ذُكِر بعظة المسيح على الجبل في (مت5: 15، 6: 22-23؛ مر4: 21).
33 «لَيْسَ أَحَدٌ يُوقِدُ سِرَاجًا وَيَضَعُهُ فِي خِفْيَةٍ، وَلاَ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ، لِكَيْ يَنْظُرَ الدَّاخِلُونَ النُّورَ. 34 سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَمَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، وَمَتَى كَانَتْ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يَكُونُ مُظْلِمًا. 35 اُنْظُرْ إِذًا لِئَلاَّ يَكُونَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظُلْمَةً. 36 فَإِنْ كَانَ جَسَدُكَ كُلُّهُ نَيِّرًا لَيْسَ فِيهِ جُزْءٌ مُظْلِمٌ، يَكُونُ نَيِّرًا كُلُّهُ، كَمَا حِينَمَا يُضِيءُ لَكَ السِّرَاجُ بِلَمَعَانِهِ».
ع33: سراجًا
هو كلمة الله التي ينبغي إعلانها من خلال حياتنا، وإذا أخفيناها لن يستفيد منها الميحطون بنا، فلا نضعها تحت مكيال المشاغل العالمية، أو القياسات المنطقية البشرية.خفية أي إخفاء التعاليم، وعدم إعلانها لأن هذا سيمنع إستفادة الناس منها.
مكيال هو إناء ذو فوهة أضيق من قاعدته، يستخدم في قياس أحجام الحبوب عند بيعها بدلًا من الموازين.
كان الفريسيون يتهمون المسيح بعدم إعلان تعاليمه، ويطالبونه بآيات مع أنه كان يعلن تعاليمه ويعمل معجزات، ولكن المشكلة كانت في عدم إستعدادهم للإيمان وهم يضعون مكيال الشك على قلوبهم فلا يستطيعون أن يؤمنوا.
أي عينك التي كان المفروض أن تكون نورًا لجسدك، تدخل إليه مشاعر طيبة تساعد على الإيمان، تصير على العكس مظلمة بشرها، لا ترى إلا الشك والإدانة فتبعد القلب عن الإيمان.
ينقل المسيح الكلام من السراج إلى العين، فالعين البسيطة هي سراج للجسد. ومعنى العين البسيطة، أي التي ترى الله وأعماله في كل ما حولها، وترى فضائل الآخرين وتشكر الله على كل شيء، وحينئذ يمتلئ الإنسان سلامًا ويستضئ بنور الله داخله. أما العين الشريرة، أي التي ترى خطايا الآخرين، فتدينهم وتتذمر، فيمتلئ جسدها اضطرابًا وتعبًا.
وهنا يوضح المسيح للفريسيين سبب عدم إيمانهم، وهو أن عيونهم شريرة تشك فيه، فترفض قلوبهم الإيمان به.
† ينبغي فحص عينيك حتى تكون نظراتك بسيطة، أي مصدر راحة وسعادة لك، وتبعد عن كل نظرة شريرة تظلم حياتك وتفسدها.
ع36:
إحرص أن تكون نظرتك بسيطة، فيضئ لك المسيح السراج الحقيقي بلمعان يفرح حياتك دائمًا.
هذا جزء من توبيخ المسيح للفريسيين المذكور في (مت23).
37 وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ سَأَلَهُ فَرِّيسِيٌّ أَنْ يَتَغَدَّى عِنْدَهُ، فَدَخَلَ وَاتَّكَأَ. 38 وَأَمَّا الْفَرِّيسِيُّ فَلَمَّا رَأَى ذلِكَ تَعَجَّبَ أَنَّهُ لَمْ يَغْتَسِلْ أَوَّلًا قَبْلَ الْغَدَاءِ. 39 فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «أَنْتُمُ الآنَ أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّونَ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالْقَصْعَةِ، وَأَمَّا بَاطِنُكُمْ فَمَمْلُوءٌ اخْتِطَافًا وَخُبْثًا. 40 يَا أَغْبِيَاءُ، أَلَيْسَ الَّذِي صَنَعَ الْخَارِجَ صَنَعَ الدَّاخِلَ أَيْضًا؟ 41 بَلْ أَعْطُوا مَا عِنْدَكُمْ صَدَقَةً، فَهُوَذَا كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ نَقِيًّا لَكُمْ. 42 وَلكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّونَ! لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالسَّذَابَ وَكُلَّ بَقْل، وَتَتَجَاوَزُونَ عَنِ الْحَقِّ وَمَحَبَّةِ اللهِ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ. 43 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّونَ! لأَنَّكُمْ تُحِبُّونَ الْمَجْلِسَ الأَوَّلَ فِي الْمَجَامِعِ، وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ. 44 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ مِثْلُ الْقُبُورِ الْمُخْتَفِيَةِ، وَالَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَيْهَا لاَ يَعْلَمُونَ!»
ع37:
فيما كان المسيح يعلم الجموع، دعاه أحد الفريسيين ليأكل طعام الغذاء عنده، وقبل المسيح ودخل وجلس على المائدة.والفريسيون طائفة متكبرة من اليهود، يشعرون بتميزهم في المعرفة الروحية، ويمثلون الطبقة الأرستقراطية.
ورغم علم المسيح أن هذا الفريسي لم يكن نقيًا في دعوته، بل أراد اصطياده في خطأ، لكنه قبل الدعوة، وانتهزها فرصة لتعليمه ومن معه من فريسيين.
† كن إيجابيًا رغم شر المحيطين بك. لا تخف منهم، وأعلن الحق لهم لأجل خلاص نفوسهم بالطريقة التي تناسبهم.
ع38:
من تقاليد الفريسيين، أن يغتسلوا قبل الغذاء، ويشير هذا لأهمية التطهير قبل أي عمل، وهو يرمز للمعمودية قبل تناول جسد الرب ودمه ولم يرد الفريسيون أن يفهموا النبوات عن المسيح، واكتفوا أن يتمسكوا بالرموز، وقد قصد المسيح ألا يغتسل قبل الأكل، ليس لأنه ضد التطهير الخارجي، ولكن ليعلم الفريسيين الاهتمام بطهارة القلب قبل الطهارة الخارجية بإغتسال اليدين قبل الأكل. وأدان الفريسي (بينه وبين إخوانه الفريسيين) المسيح لأنه لم يغتسل.
ع39-40: ذكرت أيضًا في (مت23: 25-26).
اهتم الفريسيون بالمظاهر الروحية الخارجية لنوال تمجيد الناس، أما قلوبهم فامتلأت شرًا، فوبخهم المسيح، ليس لأن الاغتسال قبل الطعام خطأ، ولكن للتمسك بالمظهر دون الجوهر، والاهتمام بمديح الناس لهم دون تنقية قلوبهم الداخلية.
والمقصود بالقصعة، أي الطبق، فمن غير المعقول أن يكون داخل الكأس أو الطبق مملوء قذارة ويأكل ويشرب الإنسان منهما، مكتفيًا بنظافتها الخارجية.
فالله هو خالق الجسد الخارجي والروح الداخلي، بل أن القلب الداخلي أهم من المظهر الجسدي الخارجي، والله يطلب النقاوة الداخلية ثم النقاوة الخارجية.
ع41:
وضع المسيح حلًا لمشكلة الفريسيين، وهي الكبرياء والأنانية، بأن يخرجوا عن التفكير في أنفسهم إلى الإحساس بالآخرين، ويعطوا صدقة للمحتاجين فتمتلئ قلوبهم محبة، وتتطهر من الأنانية.وهذا يوضح أنهم محتاجون للعطاء ومحبة الآخرين قبل الاهتمام بالطهارة الخارجية، فإن تصدقوا على الآخرين يصير طعامهم وممتلكاتهم نقية بسبب محبتهم أكثر من طهارتها بسبب إغتسالهم أو تطهير أوانهيم من الخارج.
امتدادًا في التمسك بمظاهر العبادة دون جوهرها، اهتم الفريسيون في تعليمهم للشعب أن يعطوا عشور كل شيء، حتى نباتات النعناع والسذاب وهو نبات طبى، وكذلك نباتات البقول، وأهملوا إعلان الحق ومحبة الله، فدعاهم المسيح أن يهتموا بالجوهر ثم الاهتمام بمظاهر العبادة الخارجية.
وبخ المسيح أيضًا محبتهم وسعيهم نحو مديح الناس، واهتمامهم أن يُمَجَدَوا منهم في أماكن العبادة مثل المجامع أو الأماكن العامة مثل الأسواق، وبهذا يزداد كبرياؤهم الداخلي.
ع44
: ذكرت في (مت23: 27)شبه المسيح رياء الفريسيين المتمسكين بالعبادة الظاهرية مع امتلاء قلوبهم بالكبرياء والشر، كقبور مختفية تحت الأرض ويبدو سطحها أرض جميلة ولكن داخلها عظام أموات، فخارجهم يبدو حيًا مع الله، وداخلهم الموت لابتعادهم عنه والناس يمجدونهم ولا يعلمون شر قلوبهم.
† جيد أن يكون لك مظهر سليم، ولكن الأهم أن يكون قلبك نقيًا في توبة ورفض للأفكار الشريرة، فتظهر نقاوة قلبك في ميلك للمحبة والعطاء وخدمة من حولك.
45 فَأجَابَ وَاحِدٌ مِنَ النَّامُوسِيِّينَ وَقالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، حِينَ تَقُولُ هذَا تَشْتُمُنَا نَحْنُ أَيْضًا!». 46 فَقَالَ: «وَوَيْلٌ لَكُمْ أَنْتُمْ أَيُّهَا النَّامُوسِيُّونَ! لأَنَّكُمْ تُحَمِّلُونَ النَّاسَ أَحْمَالًا عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَأَنْتُمْ لاَ تَمَسُّونَ الأَحْمَالَ بِإِحْدَى أَصَابِعِكُمْ. 47 وَيْلٌ لَكُمْ! لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ، وَآبَاؤُكُمْ قَتَلُوهُمْ. 48 إِذًا تَشْهَدُونَ وَتَرْضَوْنَ بِأَعْمَالِ آبَائِكُمْ، لأَنَّهُمْ هُمْ قَتَلُوهُمْ وَأَنْتُمْ تَبْنُونَ قُبُورَهُمْ. 49 لِذلِكَ أَيْضًا قَالَتْ حِكْمَةُ اللهِ: إِنِّي أُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَ وَرُسُلًا، فَيَقْتُلُونَ مِنْهُمْ وَيَطْرُدُونَ 50 لِكَيْ يُطْلَبَ مِنْ هذَا الْجِيلِ دَمُ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ الْمُهْرَقُ مُنْذُ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ، 51 مِنْ دَمِ هَابِيلَ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا الَّذِي أُهْلِكَ بَيْنَ الْمَذْبَحِ وَالْبَيْتِ. نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُطْلَبُ مِنْ هذَا الْجِيلِ! 52 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا النَّامُوسِيُّونَ! لأَنَّكُمْ أَخَذْتُمْ مِفْتَاحَ الْمَعْرِفَةِ. مَا دَخَلْتُمْ أَنْتُمْ، وَالدَّاخِلُونَ مَنَعْتُمُوهُمْ». 53 وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُهُمْ بِهذَا، ابْتَدَأَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ يَحْنَقُونَ جِدًّا، وَيُصَادِرُونَهُ عَلَى أُمُورٍ كَثِيرَةٍ، 54 وَهُمْ يُرَاقِبُونَهُ طَالِبِينَ أَنْ يَصْطَادُوا شَيْئًا مِنْ فَمِهِ لِكَيْ يَشْتَكُوا عَلَيْهِ.
ع45:
اعترض أحد الناموسيين الحاضرين في بيت الفريسي على توبيخ المسيح، لأنه موجه أيضًا للناموسيين، فهم يشاركون الفريسيين الخطايا السابقة.والناموسيون هم المتمسكون بالناموس ويعلمون الشريعة للشعب، وكان أكثرهم من الفريسيين.
لم يضطرب المسيح من اعتراض الناموسيين، بل انتهزها فرصة لتوبيخهم حتى يتوبوا، فقال لهم أنهم يطالبون الناس بتعاليم ثقيلة وصعبة ولا يطبقون أصغرها في حياتهم الشخصية.
† ليتك تحاول تنفيذ كل ما تعلمه لغيرك في حياتك أولًا، حتى يكون كلامك قويًا، مختبرًا ومؤثرًا في الآخرين، ويكون كلامك وتعاليمك لتنميك روحيًا وتستفيد منها قبل من يسمعونك.
ع47-48: ذكرت أيضًا في (مت23: 29)
وبخ المسيح أيضًا اهتمام الناموسيين ببناء قبور الأنبياء وتزيينها، ولم يتوبوا عن خطايا آبائهم الذين قتلوا الأنبياء ولم يخضعوا لتعاليمهم التي تتحدث عن المسيح القائم في وسطهم الآن. وبهذا يشهدون على أنفسهم أنهم أبناء قتلة الأنبياء، ولم يتطهروا من هذه الصفة لأنهم لم يتوبوا ولم يطيعوا تعاليم المسيح.
ع49-51: ذكرت في (مت23: 34-36)
قالت حكمة الله، أي المسيح، أن يرسل أنبياء ورسل كثيرين حتى يدعوهم للتوبة، وإن لم يتوبوا، فتكون دماء هؤلاء الأنبياء شاهدة على شرهم، ويعاقب في العذاب الأبدي كل الأشرار من أجل سفك دماء الشهداء، من دم هابيل أول شهداء العالم إلى دم زكريا الذي يقال أنه زكريا أبو يوحنا المعمدان، الذي قتله الجند بعد ما وضع الطفل يوحنا على المذبح واختطفه الملاك ليذهب به إلى البرية، فاغتاظ الجند المكلفون بقتل أطفال بيت لحم الأقل من سنتين، وقتلوا زكريا.
كان الناموسي في سن الثلاثين يعطونه مفتاح، دليل على سلطانه في تعليم الآخرين معرفة الله، وهدف الناموس هو معرفة المسيا المنتظر ولكنهم لم يؤمنوا به، بل بتعاليمهم منعوا الآخرين أيضًا أن يؤمنوا، أي استخدموا سلطانهم بطريقة خاطئة فعقابهم شديد.
يغتاظون ويحقدون عليه، وينوون الإساءة له.
يصادرون يناقشونه ويجادلونه لعلهم يسقطونه في أي خطأ.
يصطادوه أي يمسكوا عليه أي كلمة تدينه.
يشتكوا عليه لرؤساء اليهود أنه مجدف، أو للرومان أنه مهيج للشعب.
اغتاظ الكتبة والفريسيون والناموسيون، إذ فضح المسيح أخطاءهم، وبدلًا من أن يتوبوا حاولوا مقاومة كلامه واصطياد خطأ عليه ليحاكموه ويمنعوا تعالميه التي تظهر خطاياهم.
† اقبل صوت الله على فم الآخرين إن كان هذا يظهر أخطاءك لتتوب، ولا تتضايق منهم بل أشكرهم.
← تفاسير أصحاحات إنجيل لوقا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير لوقا 12 |
قسم
تفاسير العهد الجديد الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير لوقا 10 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/church-encyclopedia/luke/chapter-11.html
تقصير الرابط:
tak.la/7ns8rd4