* تأملات في كتاب
لوقا: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31
الأَصْحَاحُ السادس عشر
(1) مثل وكيل الظلم (ع1 -8)
(2) تعليق المسيح على مثل وكيل الظلم (ع9 -13)
(3) المال والكبرياء (ع14 - 15)
(4) أهمية الوصية والطلاق (ع16 - 18)
(5) مثل الغني ولعازر (ع19 - 31)
1 وَقَالَ أَيْضًا لِتَلاَمِيذِهِ: «كَانَ إِنْسَانٌ غَنِيٌّ لَهُ وَكِيلٌ، فَوُشِيَ بِهِ إِلَيْهِ بِأَنَّهُ يُبَذِّرُ أَمْوَالَهُ. 2 فَدَعَاهُ وَقَالَ لَهُ: مَا هذَا الَّذِي أَسْمَعُ عَنْكَ؟ أَعْطِ حِسَابَ وَكَالَتِكَ لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَكُونَ وَكِيلًا بَعْدُ. 3 فَقَالَ الْوَكِيلُ فِي نَفْسِهِ: مَاذَا أَفْعَلُ؟ لأَنَّ سَيِّدِي يَأْخُذُ مِنِّي الْوَكَالَةَ. لَسْتُ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْقُبَ، وَأَسْتَحِي أَنْ أَسْتَعْطِيَ. 4 قَدْ عَلِمْتُ مَاذَا أَفْعَلُ، حَتَّى إِذَا عُزِلْتُ عَنِ الْوَكَالَةِ يَقْبَلُونِي فِي بُيُوتِهِمْ. 5 فَدَعَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ مَدْيُونِي سَيِّدِهِ، وَقَالَ لِلأَوَّلِ: كَمْ عَلَيْكَ لِسَيِّدِي؟ 6 فَقَالَ: مِئَةُ بَثِّ زَيْتٍ. فَقَالَ لَهُ: خُذْ صَكَّكَ وَاجْلِسْ عَاجِلًا وَاكْتُبْ خَمْسِينَ. 7 ثُمَّ قَالَ لآخَرَ: وَأَنْتَ كَمْ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: مِئَةُ كُرِّ قَمْحٍ. فَقَالَ لَهُ: خُذْ صَكَّكَ وَاكْتُبْ ثَمَانِينَ. 8 فَمَدَحَ السَّيِّدُ وَكِيلَ الظُّلْمِ إِذْ بِحِكْمَةٍ فَعَلَ، لأَنَّ أَبْنَاءَ هذَا الدَّهْرِ أَحْكَمُ مِنْ أَبْنَاءِ النُّورِ فِي جِيلِهِمْ.
ع1:
أعطى المسيح مثلًا لتلاميذه عن أهمية الاستعداد للأبدية بالأمانة في حياتنا الأرضية وهو مثل وكيل الظلم. فيحدثنا عن إنسان غنى أقام وكيلًا لإدارة أعماله، ولكن الأخير لم يكن أمينا بل استغل أموال سيده في إشباع شهواته. فبذر وأضاع هذه الأموال، وأخبر البعض سيده بعدم أمانة وكيله.
ع2: دعا السيد وكيله وواجهه بتهمة سرقة أمواله، وطالبه أن يقدم حساب وكالته لأنه سيطرده من عمله.
† استعد يا أخي لهذه اللحظة التي يشتكى عليك فيها الشياطين، ويقرر الله إنهاء حياتك ويطالبك بتقديم حساب عن كل أعمالك الماضية، بل وكلامك وأفكارك. فالتجئ إلى التوبة كل يوم واصنع كل ما تستطيعه لترك خطاياك فتنال غفرانا في سر الاعتراف، واستمر في حياة التوبة فلا تخاف من الموت.
ع3
: أنقب أي أحفر الأرض بالفأس.أستعطى أشحذ.
فكر الوكيل الغير أمين في قرار الطرد الذي يواجهه وماذا سيفعل بعد ذلك، أنه لا يستطيع أن يعمل كعامل عادي في حرث الأرض بالفأس وفلاحتها، فكيف بعد أن كان مديرًا لكل هذه الأملاك يصبح عاملًا بسيطًا، ومن الناحية الأخرى لا يستطيع الحصول على احتياجاته بالإستعطاء والشحاذة.
هذا الوكيل السارق لسيده قال أنه لا يستطيع أن يعمل كعامل لأنه كسول ولا يستطيع أن يستطعى لأنه متكبر، كل هذه صفات سيئة ولكن الفضيلة الوحيدة التي عنده هي تفكيره بإهتمام لحل مشكلته، فوصل إلى حلول بشرية خاطئة وهي سرقة سيده حتى يكرمه من شاركوه في الإختلاس بعدما يطرد فهو شرير ورسائله شريرة، أما تميزه، ففى عدم الاستسلام والبحث عن حل.
ع4-7: هداه تفكيره البشرى أن يتمادى في سرقة سيده بالتنازل عن حقوقه لمؤجرى أرضه، أي يكرم هؤلاء المؤجرين على حساب سيده. فدعا واحدًا كان مسئولًا أن يوفى للسيد كل سنة مائة بث زيت (البث= حوالي 23 لتر) وأعطاه الوثيقة أو الصك الذي يثبت حق السيد ليمزقه ويكتب بدلًا منه خمسين، وهكذا مع آخر ينبغي أن يقدم مائة كر من القمح (الكر= حوالي 230 لتر)، وقال له مزق الصك واكتب ثمانين، وهكذا مع باقي المؤجرين، ففرحوا بهذا التنازل ووعدوا أن يكرموه بعد طرده من الوكالة.
ع8: أبناء الدهر: أبناء العالم الذين يسلكون بالشر.
أبناء النور: أولاد الله الذي هو النور الحقيقي ويسلكون في نور وصايا الله.
أعجب السيد بحكمة هذا الوكيل الشرير، ومدحه ليس على شره وخيانته بل على حكمته في إخراج نفسه من مشكلة الطرد. وواضح أن الذي مدحه هو سيده في المثل وليس المسيح لأن المسيح لا يمدح على الشر.
وعلق المسيح أن أبناء العالم الأشرار، الذين يستخدمون السرقة والخيانة لتحقيق أهدافهم، يهتمون بمستقبلهم أكثر من أبناء النور أي أبناء الله في استعدادهم للأبدية بعمل الخير والصلاح.
† تعلم من تصرفات المحيطين بك، واكتسب فضائلهم واحترس حتى لا تسقط في سلوك الأشرار فيواجهك مصيرهم الأليم.
9 وَأَنَا أَقُولُ لَكُمُ: اصْنَعُوا لَكُمْ أَصْدِقَاءَ بِمَالِ الظُّلْمِ، حَتَّى إِذَا فَنِيتُمْ يَقْبَلُونَكُمْ فِي الْمَظَالِّ الأَبَدِيَّةِ. 10 اَلأَمِينُ فِي الْقَلِيلِ أَمِينٌ أَيْضًا فِي الْكَثِيرِ، وَالظَّالِمُ فِي الْقَلِيلِ ظَالِمٌ أَيْضًا فِي الْكَثِيرِ. 11 فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي مَالِ الظُّلْمِ، فَمَنْ يَأْتَمِنُكُمْ عَلَى الْحَقِّ؟ 12 وَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي مَا هُوَ لِلْغَيْرِ، فَمَنْ يُعْطِيكُمْ مَا هُوَ لَكُمْ؟ 13 لاَ يَقْدِرُ خَادِمٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ».
ع9: أصدقاء
المحتاجون ماديًا والبعيدون عن الله، الذين تساعدونهم فيصيروا أولاد الله وبالتالي أصدقاء لكم.مال الظلم هى أموال العالم باعتبار أن توزيعها على البشر ليس عادلًا، إذ يولد البعض أغنياء والبعض فقراء، وباعتبار أن كثير من المعاملات المادية يشوبها عدم الأمانة والظلم، فلذا سمى المال عمومًا بمال الظلم.
فنيتم متُّم وتركتم هذه الحياة.
يقبلونكم يكونون قد ماتوا قبلكم، وينتظرونكم في الملكوت.
المظال الأبدية الملكوت السماوي الدائم، تمييزًا له عن مظال وبيوت العالم المؤقته الزائلة.
يواصل المسيح تعليقه، ناصحًا أولاده أن يستخدموا العالم والماديات فيعطوها للمحتاجين، وبهذا يصنعون لهم أصدقاء بأموال العالم حتى يشهد هؤلاء الأصدقاء لأولاد الله في الأبدية بأعمال الخير التي عملوها فيرثوا ملكوت السموات.
ع10: القليل
هو ممتلكات هذه الحياة الأرضية.الكثير هو نعيم الحياة الأبدية.
فمن يكون أمينًا في استخدام حياته على الأرض لعمل الخير، يأتمنه الله على ميراث ملكوت السموات، أما من يستخدم العالم لشهواته وأنانيته ويظلم المحتاجين ولا يساعدهم، فلا يؤتمن على ميراث الملكوت. ومعنى هذا أن المسيح يؤكد أهمية الأمانة ولا يمتدح خيانة وكيل الظلم، ويدعونا فقط للتمثل بحكمته، فنكون أمناء أثناء حياتنا على الأرض لأننا وكلاء من الله على أجسادنا وكل إمكانياتنا، فيهبنا بعد ذلك الملكوت مكافأة لنا.
ع11:
إن كان المقصود بمال الظلم هو أموال هذا العالم، فمال الحق هو ميراث ملكوت السموات. أي ينبغي الأمانة في الحياة الأرضية ليهبنا الله ملكوت السموات.
ع12:
كل ما عندنا في حياتنا الأرضية نحن وكلاء عليه لأنه ملك لله، وحياتنا ليست لهذا العالم بل نحن مخلوقون لأعمال صالحة سبق الله فأعدها لنا (أف2: 10).فالماديات ليست لنا، أما مالنا فهو الفضيلة والصلاح الذي ننعم به في الأبدية.
ع13:
أعلن المسيح حقيقة واضحة وهي ضرورة محبة الله من كل القلب، واستخدام أموال العالم كعطية من الله في عمل الخير. أما إن تعلق الإنسان بالمال، فلابد أن يترك الله من قلبه، ويصير عبدًا للمال.†
افحص نفسك كل يوم، هل كان هدفك من كل أفكارك وكلامك وأعمالك محبة الله أم محبة العالم واقتناء الماديات؟؟؟
14 وَكَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ أَيْضًا يَسْمَعُونَ هذَا كُلَّهُ، وَهُمْ مُحِبُّونَ لِلْمَالِ، فَاسْتَهْزَأُوا بِهِ. 15 فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ تُبَرِّرُونَ أَنْفُسَكُمْ قُدَّامَ النَّاسِ! وَلكِنَّ اللهَ يَعْرِفُ قُلُوبَكُمْ. إِنَّ الْمُسْتَعْلِيَ عِنْدَ النَّاسِ هُوَ رِجْسٌ قُدَّامَ اللهِ.
ع14:
وجه المسيح كلامه لتلاميذه ولكن كان هناك فريسيون يسمعونه. وكان الفريسيون يتصفون بمحبة المال، فأظهر المثل وتعليق المسيح عليه خطيتهم. فبدلًا من أن يتوبوا، استهزأوا بكلامه ليتحقق كلام المسيح، وهو أن من يعبد المال ويتعلق به يرفض كلام الله، إذ تقود محبة المال إلى الكبرياء فيظن الإنسان تفوقه على غيره بكثرة أمواله، مع أنه في نظر الله خاطئ غير أمين في توزيع أمواله على المحتاجين.
ع15:
وبخ المسيح الفريسيين بجرأة، إذ أهتموا بتعظيم أنفسهم أمام اليهود، قائلًا أن هذا لا يغير شيئًا لأن الله يعرف حقيقة قلوبكم الشريرة النجسة بمحبة الكبرياء ومحبة المال، لأنهم رفضوا الاعتراف بخطيتهم وهي محبة المال، بل برروا أنفسهم وأهملوا عمل الرحمة، بل ظنوا أنفسهم أفضل ممن حولهم وأنهم أحق الناس بالملكوت.†
تذكر أن كل ما عندك أنت وكيل عليه، فاستخدمه لعمل الخير، وقدم توبة باتضاع عن كل تقصير، فيرشدك الله كيف تستخدم حياتك لمساعدة المحتاجين.← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
16 «كَانَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ إِلَى يُوحَنَّا. وَمِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ يُبَشَّرُ بِمَلَكُوتِ اللهِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَغْتَصِبُ نَفْسَهُ إِلَيْهِ. 17 وَلكِنَّ زَوَالَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ تَسْقُطَ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ. 18 كُلُّ مَنْ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَيَتَزَوَّجُ بِأُخْرَى يَزْنِي، وَكُلُّ مَنْ يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ مِنْ رَجُل يَزْنِي.
ع16-17: الناموس والأنبياء إلى يوحنا
كل تعاليم العهد القديم من موسى حتى يوحنا المعمدان.من ذلك الوقت أي بعد يوحنا المعمدان ويعنى بشارة المسيح.
زوال السماء والأرض هو أمر مستحيل لأنها ثابتة على مدى الأيام. ويعنى هذا أن الناموس وكل تعاليم المسيح ثابتة طوال الحياة، فيلزم الخضوع لها وعدم الاستهزاء بها كما فعل الفريسيون.
نقطة واحدة أصغر تعليم في العهد القديم.
يعلن المسيح أن بشارته هي استكمال وامتداد لأسفار العهد القديم ونبواته، وضرورة الإلتزام بكل الوصايا، وحتى لو كانت صعبة في مظهرها، ينبغي أن يتمسك بها الإنسان ويغصب نفسه عليها، فلا يسير بشهواته الخاصة سعيًا نحو الوصول إلى الملكوت الأبدي الذي هو أفضل من كل شهوة أرضية.
ع18: ذكرت هذه الأية في (مت5: 31-32، 19: 3-9)
إذ أظهر المسيح أهمية وصايا الله، واجه شر الفريسيين المتظاهرين بتمسكهم بها، وأباحوا الطلاق لأسباب تافهة مثل عدم تقديم الزوجة وجبة مناسبة فيطلقها زوجها، فأعلن كمثال لثبات وصايا الله وصية الزواج التي تحفظ كيان الأسرة. فمن يطلق إمرأته ويتزوج بأخرى يزنى، لأن الزواج الأول قائم، وقد تركه الزوج لأجل أغراضه الخاصة مستهينًا بالسر المقدس الذي أتممه الروح القدس. فزواجه الثاني باطل حتى لو كان له شرعية مدنية، بل هو زنا في نظر الله والكنيسة.
وإذا تزوج إنسان بمطلقة فهو يزنى، لأنها ما زالت في نظر الله مرتبطة بزوجها الأول، إلا إذا كان الطلاق بالسبب الذي أعلنه المسيح وهو زنا الطرف الآخر، فالطرف البرئ يحق له الزواج.
† لا تحرف كلام الله وتتهاون في وصاياه لأجل أغراضك مستخدمًا فلسفتك، بل اتضع واغصب نفسك على الوصية حتى لو بدت ثقيلة، فالله سيسندك ويعزى قلبك ويهبك في النهاية الحياة الأبدية.
19 «كَانَ إِنْسَانٌ غَنِيٌّ وَكَانَ يَلْبَسُ الأَرْجُوانَ وَالْبَزَّ وَهُوَ يَتَنَعَّمُ كُلَّ يَوْمٍ مُتَرَفِّهًا. 20 وَكَانَ مِسْكِينٌ اسْمُهُ لِعَازَرُ، الَّذِي طُرِحَ عِنْدَ بَابِهِ مَضْرُوبًا بِالْقُرُوحِ، 21 وَيَشْتَهِي أَنْ يَشْبَعَ مِنَ الْفُتَاتِ السَّاقِطِ مِنْ مَائِدَةِ الْغَنِيِّ، بَلْ كَانَتِ الْكِلاَبُ تَأْتِي وَتَلْحَسُ قُرُوحَهُ. 22 فَمَاتَ الْمِسْكِينُ وَحَمَلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَمَاتَ الْغَنِيُّ أَيْضًا وَدُفِنَ، 23 فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ فِي الجَحِيمِ وَهُوَ فِي الْعَذَابِ، وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعِيدٍ وَلِعَازَرَ فِي حِضْنِهِ، 24 فَنَادَى وَقَالَ: يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، ارْحَمْنِي، وَأَرْسِلْ لِعَازَرَ لِيَبُلَّ طَرَفَ إِصْبِعِهِ بِمَاءٍ وَيُبَرِّدَ لِسَانِي، لأَنِّي مُعَذَّبٌ فِي هذَا اللَّهِيبِ. 25 فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا ابْنِي، اذْكُرْ أَنَّكَ اسْتَوْفَيْتَ خَيْرَاتِكَ فِي حَيَاتِكَ، وَكَذلِكَ لِعَازَرُ الْبَلاَيَا. وَالآنَ هُوَ يَتَعَزَّى وَأَنْتَ تَتَعَذَّبُ. 26 وَفَوْقَ هذَا كُلِّهِ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ هُوَّةٌ عَظِيمَةٌ قَدْ أُثْبِتَتْ، حَتَّى إِنَّ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْعُبُورَ مِنْ ههُنَا إِلَيْكُمْ لاَ يَقْدِرُونَ، وَلاَ الَّذِينَ مِنْ هُنَاكَ يَجْتَازُونَ إِلَيْنَا. 27 فَقَالَ: أَسْأَلُكَ إِذًا، يَا أَبَتِ، أَنْ تُرْسِلَهُ إِلَى بَيْتِ أَبِي، 28 لأَنَّ لِي خَمْسَةَ إِخْوَةٍ، حَتَّى يَشْهَدَ لَهُمْ لِكَيْلاَ يَأْتُوا هُمْ أَيْضًا إِلَى مَوْضِعِ الْعَذَابِ هذَا. 29 قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: عِنْدَهُمْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءُ، لِيَسْمَعُوا مِنْهُمْ. 30 فَقَالَ: لاَ، يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، بَلْ إِذَا مَضَى إِلَيْهِمْ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يَتُوبُونَ. 31 فَقَالَ لَهُ: إِنْ كَانُوا لاَ يَسْمَعُونَ مِنْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ، وَلاَ إِنْ قَامَ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يُصَدِّقُونَ».
ع19: كل يوم
الاستمرار في الشهوات المادية والانغماس فيها.أعطى المسيح مثلًا في عمل الرحمة واحتمال الآلام كطريق استعداد للملكوت فقال، كان إنسان غنى اهتم بملابسه ولذاته وشهواته، التي عبر عنها بثياب الملوك أي الأرجوان والبز، وانغمس في كل ما تشتهيه النفس من طعام وشراب وراحة وممتلكات في قصره العظيم وغناء ورقص، وكل ما يمكن أن تتخيله من رفاهية هذا العالم. فهو لم يصنع خطايا واضحة ضد وصايا الله لكن خطيته كانت الانهماك في الماديات ولذات العالم.
أي وضعه بعض معارفه أمام قصر الغني لعله يعطف عليه بطعام وعلاج، ومعنى هذا أنه كان عاجزًا عن الحركة ومحتاج لمن يحمله.
القروح نتيجة عجزه عن الحركة، ووجوده بين القاذورات، تعرض لميكروبات فتسلخ جلده ونزف منه الدم.
يشتهى يتمنى أن يأكل شيئًا من فضلات الغني، ولكن لم يتوفر له حتى هذا الشئ الزهيد الذي قد يلقونه مع القمامة، ولكن قد يكون أحد الخدم في القصر قد حمل إليه بعض الفتات دون علم الغني، أو عندما ألقيت الفضلات خارج القصر كان بعضها بجواره فأكل منها قليلًا.
الكلاب تأتي أتت الكلاب لتأكل من الفضلات، فوجدت الدم النازف من جسمه العارى تقريبًا، فأسرعت تلحس القروح لأنها تحب الدم، فكانت بهذا ترطب القروح وتخفف آلامه قليلًا، فأشفقت عليه أكثر من الغني.
عند باب قصر هذا الغنى العظيم سكن فقير عريان ضُربَ بالأمراض، وانشغل الغني بملذاته عن إطعام هذا الفقير أو علاج أمراضه، وكان هذا الفقير لا يجد طعامه الضرورى، واشتهى الفضلات الملقاه من قصر الغني ولم يجد إلا القليل، أما قروحه فلم يجد لها طبيبًا أو أي إنسان يهتم به. فكانت الكلاب هي التي تلحس قروحه وترطبها، واحتمل الفقير أن يكون مأكلًا للكلاب التي تلحس دمه، كما احتمل أيضًا كل الفقر بشكر وصبر.
وكان إسم الفقير "لعازر" أي الله معين، فكانت معونة الله تستنده حتى يحتمل، وقد استحق أن يسمى بإسم، أما الغني فلحقارة حياته البعيدة عن الله، لم يعطَ له إسم في المثل.
ومن المثل نشعر بالفارق الضخم بين حالتى الغني ولعازر فيما يلى:-
الغني يلبس أفخر الثياب، ولعازر عريان وقروحه مكشوفة.
الغني انغمس في شهوات الطعام والشراب، ولعازر يتمنى قليلًا من فضلات طعام الغني.
الغني يخدمه الكثيرون، ولعازر لا يجد من يهتم به إلا الكلاب التي أتت لتلحس دمه، ليس حبًا فيه بل صار طعامًا لها.
والغني يرمز للمنشغلين بشهوات العالم عن عمل الرحمة ومحبة الله، فلو أحب الصلاة وارتبط بالله لأحب المحتاجين وساعدهم.
وهو يرمز أيضًا للشعب اليهودي الذي نال معرفة الله في الوصايا والناموس، ولكنه أهمل توصيلها للأمم، بل احتقرهم وتضايق من خطاياهم الواضحة كالقروح وتركهم في فقرهم.
أما لعازر فيرمز للمحتملين ضيقات الحياة بشكر، وللأمم الذين عاشوا في الفقر وأمراض الخطية سنينًا كثيرة، ولكن أعلنوا واعترفوا بخطاياهم، إذ أن القروح تخرج دمًا من داخل الجسم إلى الخارج، أي الاعتراف بالخطية الباطنية علنًا، فنالوا مراحم الله في دم المسيح الفادي.
† ليتك تشعر باحتياجات المحيطين بك، ليس فقط للطعام والعلاج المادي بل بالأحرى البعيدين عن الله ويتعذبون من الخطية، لأنهم محتاجون أن تظهر لهم محبتك وتعرفهم ولو قليلًا عن الله حتى يشبعوا به ويطمئنوا بين يديه. لا تنهمك بأنانية في مشاغلك الخاطئة فأنت مسئول أن تقدم حبًا لكل من حولك، فعطايا الله وإمكانياته المعطاه لك أنت وكيل عليها لتوزعها على المحتاجين.
ع22: مات المسكين
لم يذكر أي اهتمام بدفن جسده بل مات في مكانه دون اهتمام أحد ولكن السماء أسرعت ترحب به.حضن إبراهيم يمثل كل القديسين الفرحين في السماء، وهو أب عظيم لشعب الله ولكل من يؤمن من العالم. ووجود إبراهيم في الفردوس قبل إتمام الفداء على الصليب لا يزعجنا لأنه مَثَل وليس قصة واقعية، فهو يعبر عما سيحدث بعد إتمام الفداء.
مات الغني ودفن أهتم الناس بجنازة ودفن الغني، ولكن روحه لم تجد لها مكانًا إلا في العذاب.
ماتت نفس الغني لابتعاده عن الله وانشغاله بالشهوات الجسدية، فكان موت جسده ودفنه امتدادًا طبيعيًا لموت نفسه السابق. أما لعازر الذي احتمل بصبر كل الآلام، فعندما استوفى أتعابه انتقل إلى السماء ممتلئًا من الفضائل الكثيرة، وكان ثقيلًا من كثرة ما يحمله من فضائل، فاحتاج إلى ملائكة كثيرين يحملونه إلى الفردوس، لينعم بالوجود مع الله والقديسين. فصار لعازر، الذي يرمز للأمم، في حضن إبراهيم، لأنه آمن بالمسيح وقبل آلامه بشكر، أما الغني، الذي يرمز لليهود، فلأجل أنانيته ذهب بعيدًا عن أبيه إبراهيم أب الإيمان، وألقى في الهاوية والعذاب الأبدي.
يؤكد أن الجحيم في مكان سفلى والفردوس في مكان سامٍ، وهذا من الناحية المعنوية وليست المادية أي أن الفردوس حالة سامية، أما الجحيم فحالة متدنية.
من بعيد يعلن هذا التباعد بين الفردوس مكان انتظار الأبرار، والجحيم مكان انتظار الأشرار.
نتيجة أنانية هذا الغني وانغماسه في الشهوات المادية، أُلقى في الجحيم مكان انتظار الأشرار بعد هذه الحياة، وهناك واجه عذابًا شديدًا عبر عنه باللهيب وبالألم الشديد في لسانه وبأنه مكان سفلى، ورفع عينيه إلى الفردوس مكان انتظار الأبرار، فوجد لعازر يتمتع في حضن إبراهيم، الذي يتمنى كل اليهود أن يكونوا معه في الفردوس، وطلب ولو قطرة ماء من إصبع لعازر يبلل بها لسانه.
هذا الغني الذي بخل على لعازر بالفتات الساقط مائدته، تحول شحاذ ولم ينل.
لسان الإنسان هو الذي يؤدى به إلى السعادة الأبدية أو العذاب الأبدي، ولكثرة عجرفة الغني وكلامه الكثير عن الشهوات المادية، كان لسانه يتألم بشدة وهو ينادى إبراهيم يا أبى، ولكنه فقد بنوته بشره وصار في العذاب.
ع25:كان رد إبراهيم على الغني أن ما يقاسيه من عذاب هو الجزاء الطبيعي له، لأنه انغمس في الشهوات المادية واستغنى بها عن معرفة الله، أما لعازر فقد احتمل البلايا بشكر من يد الله، فاستحق العزاء والفرح الأبدي.
† إن احتملت الآلام بشكر، أو خسرت بعض الماديات فلا تنزعج، لأن الله يعوضك عنها في السماء.
ع26:قدم إبراهيم سببًا آخر لعدم الاستجابة لطلبه، وهو أن هناك فاصل بين الجحيم والفردوس يمنع انتقال أحد إلى الآخر، وهذا معناه أن الحالة في السماء ثابتة، إما في العذاب أو في النعيم ولا خلطة بين الأبرار والأشرار ولكنهم يرون بعضهم، فيتعزى الأبرار ويشكرون الله عندما ينظرون عذاب الأشرار، ويزداد عذاب الأشرار إذا نظروا إلى سعادة الأبرار التي حُرموا منها إلى الأبد.
ع27-28: بعد يأس الغني من تخفيف آلامه، طلب طلبًا آخر من إبراهيم وهو أن يرسل لعازر إلى الأرض لينذر إخوة الغني الخمسة حتى يتوبوا، لأنهم يسلكون مثل أخيهم ومنهمكين في اللذات المادية، فلا يأتون إلى العذاب. وقد أراد الغني من طلبه ألا يزداد عذابه برؤية إخوته معه في الجحيم، خاصة أنه قد يكون سببًا في إنهماكهم بالشهوات لأنه كان قدوة لهم.
والخمسة إخوة يرمزون إلى الخمسة حواس التي إن لم تتقدس في المسيح، تنغمس في الشهوات فتقود الإنسان إلى العذاب الأبدي.
ع29: من الحوار السابق يظهر أن المنتقلين حتى الأشرار منهم الذين في الجحيم، يرون الذين على الأرض، ويودون خلاصهم بالتوبة والحياة مع الله، وُلكن رد إبراهيم على الغني أن عندهم أسفار العهد القديم، وهذا يظهر أهمية العهد القديم في خلاص الإنسان وتوبته.
كذلك فهذا المثل يرد على بدعة تناسخ الأرواح، التي تنادى بأن الروح تتجسد في عدة أجساد حتى تتنقى من خطاياها، فترتفع إلى الروح العليا. فبدلًا من أن يتعذب الغني، كان يمكن أن يتجسد في جسد حقير كما تقول هذه البدعة.
ع30-31: قال الغني لإبراهيم أن قيامة ميت من الأموات تنبه المتغافلين عن خلاص نفوسهم ليتوبوا، أما إبراهيم فاعترض على ذلك مُعْلِنًا أن مَنْ لا يتوب بقراءة الكتاب المقدس، لا ينفعه قيامة ميت لأن كلمة الله، أي المسيح الذي في الكتاب، هو أقوى من الكل لمن يريد أن يسمع. وقد قام لعازر أخو مريم ومرثا من الأموات عندما أقامه المسيح، ولم يتب اليهود بل حاولوا قتله، وكذلك المسيح قام من الأموات ولم يتوبوا أيضًا بل اضطهدوا تلاميذه.
† اهتم أن تقرأ الكتاب المقدس كل يوم وتطيعه كرسالة شخصية لك من الله.
← تفاسير أصحاحات إنجيل لوقا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير لوقا 17 |
قسم
تفاسير العهد الجديد الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير لوقا 15 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/church-encyclopedia/luke/chapter-16.html
تقصير الرابط:
tak.la/8g7vmpc