← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29
اَلأَصْحَاحُ الْخَامِسُ عَشَرَ
بعد موت عُزَّا ودفنه تَعَلَّم داود النبي والملك الدرس، تَعَلَّم من خطئه، فلم يعد يعمل شيئًا بدون مشورة الله مع دراسة الشريعة، والالتزام بالوصية الإلهية.
عظمة داود ليس أنه لم يخطئ، وإنما انتفع من كل خطأ ارتكبه. لم يسلك حسب المَثَل السائد: "أتريد ألا تخطئ؟ لا تعمل فلا تخطئ". إنه يعمل ويخطئ، ولا يستسلم للخطأ، بل يَتَعَلَّم منه، فينمو في النقاوة خلال نعمة الله العاملة في التائبين.
راعَى داود الملك في هذه المرة أن يُمارِسَ عملية نقل التابوت على أكمل وجه:
1. تمَّت العملية بأكثر دِقَّة من المَرَّة السابقة.
2. أعدَّ للتابوت موضعًا خاصًا به في المدينة [1-2]. نصب داود للتابوت خيمة خاصة في أورشليم غير خيمة الاجتماع وأثاثاتها التي بقيت في جبعون (1 أخ 16: 39) حتى أيام سليمان. أَعَدَّ خيمة للتابوت وليس بيتًا، يبدو أنها أخذت نفس طابع الخيمة التي أقامها موسى في البرية (خر 26؛ عد 1: 50).
3. صدرت الأوامر أن يقوم الكهنة بحمل التابوت على أكتافهم، وليس على عجلة كالمَرَّة السابقة.
4. قام بتنظيم اللاويين، ولكل فئة دورها اللائق.
5. لم يُخطِئ اللاويون أو غيرهم في ممارستهم للعمل [26].
6. كان الجو مملوءًا فرحًا بالنسبة لكل المُشترِكين في هذا العمل.
7. ما أبدته ميكال من استنكاف لرقص داود أمام التابوت لم يشغل أحدًا قط.
|
1-3. |
|
|
4-15. |
|
|
16-19. |
|
|
26. |
|
|
27-29. |
1 وَعَمِلَ دَاوُدُ لِنَفْسِهِ بُيُوتًا فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ، وَأَعَدَّ مَكَانًا لِتَابُوتِ اللهِ وَنَصَبَ لَهُ خَيْمَةً. 2 حِينَئِذٍ قَالَ دَاوُدُ: «لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَ تَابُوتَ اللهِ إِلاَّ لِلاَّوِيِّينَ، لأَنَّ الرَّبَّ إِنَّمَا اخْتَارَهُمْ لِحَمْلِ تَابُوتِ اللهِ وَلِخِدْمَتِهِ إِلَى الأَبَدِ». 3 وَجَمَعَ دَاوُدُ كُلَّ إِسْرَائِيلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لأَجْلِ إِصْعَادِ تَابُوتِ الرَّبِّ إِلَى مَكَانِهِ الَّذِي أَعَدَّهُ لَهُ.
وَعَمِلَ دَاوُدُ لِنَفْسِهِ بُيُوتًا فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ،
وَأَعَدَّ مَكَانًا لِتَابُوتِ الله،
وَنَصَبَ لَهُ خَيْمَةً. [1]
عندما بنى داود بيوتًا له ولأسرته وللعاملين في القصر الملكي، حرص أن يُعِدَّ موضعًا لتابوت العهد في مدينة داود. في كل عمل نقوم به، يليق بنا أن نراعي إيجاد موضع لتابوت الله. حضرة الله هي جوهر حياتنا وعِلَّة نموِّنا وسرّ بنياننا الدائم.
حِينَئِذٍ قَالَ دَاوُدُ: "لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَ تَابُوتَ الله إِلاَّ لِلاَّوِيِّينَ،
لأَنَّ الرَّبَّ إِنَّمَا اخْتَارَهُمْ لِحَمْلِ تَابُوتِ الله،
وَلِخِدْمَتِهِ إِلَى الأَبَدِ." [2]
تَعَلَّم داود من الدرس السابق حين حاول نقل التابوت من قرية يعاريم (1 أي 13).
إذ نقل التابوت إلى بيت عوبيد أدوم الجتِّي بعد موت عُزَّا بقي هناك ثلاثة أشهر، وكان داود في أثناء ذلك يستعد لاصعاده واستقباله في أورشليم. في هذه المَرَّة دَرَسَ بدقةٍ الناموس، ليعرف إجراءات نقل التابوت. اكتشف داود السبب في غضب الله. أدرك أن البركة التي حلَّت على بيت عوبيد بسبب التابوت، وأن في المَرَّة الأولى لتحريك التابوت وحمله كانت كارثة لأنها لم تُعْهَد للاويين.
طلب داود أن يحمل الكهنة اللاويون تابوت العهد، ولا يوضع على عجلة مهما كن ثمنها أو جمالها، إذ يُسَرّ الله بمؤمنيه أن يحملوه في قلوبهم، ويُمَلِّكوه على عواطفهم وأحاسيسهم. الله لا تشغله المباني مهما بلغت فخامتها، إنما يجد لذَّته في تقديس بني الإنسان.
وَجَمَعَ دَاوُدُ كُلَّ إِسْرَائِيلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ،
لأَجْلِ اصْعَادِ تَابُوتِ الرَّبِّ إِلَى مَكَانِهِ الَّذِي أَعَدَّهُ لَهُ. [3]
إن كان لا يجوز لأحد أن يلمس التابوت غير اللاويين، إلا أن التابوت يُمَثِّل الحضرة الإلهية لا وسط الكهنة واللاويين وحدهم، وإنما وسط كل شعبه. لذلك جمع داود كل إسرائيل لكي يتمتَّع الكل باللقاء بالله مُحب كل البشر.
4 فَجَمَعَ دَاوُدُ بَنِي هَارُونَ وَاللاَّوِيِّينَ. 5 مِنْ بَنِي قَهَاتَ: أُورِيئِيلَ الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ مِئَةً وَعِشْرِينَ. 6 مِنْ بَنِي مَرَارِي: عَسَايَا الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ مِئَتَيْنِ وَعِشْرِينَ. 7 مِنْ بَنِي جَرْشُومَ: يُوئِيلَ الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ مِئَةً وَثَلاَثِينَ. 8 مِنْ بَنِي أَلِيصَافَانَ: شَمَعْيَا الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ مِئَتَيْنِ. 9 مِنْ بَنِي حَبْرُونَ: إِيلِيئِيلَ الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ ثَمَانِينَ. 10 مِنْ بَنِي عُزِّيئِيلَ: عَمِّينَادَابَ، الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ مِئَةً وَاثْنَيْ عَشَرَ. 11 وَدَعَا دَاوُدُ صَادُوقَ وَأَبِيَاثَارَ الْكَاهِنَيْنِ وَاللاَّوِيِّينَ: أُورِيئِيلَ وَعَسَايَا وَيُوئِيلَ وَشَمَعْيَا وَإِيلِيئِيلَ وَعَمِّينَادَابَ، 12 وَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ رُؤُوسُ آبَاءِ اللاَّوِيِّينَ، فَتَقَدَّسُوا أَنْتُمْ وَإِخْوَتُكُمْ وَأَصْعِدُوا تَابُوتَ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ إِلَى حَيْثُ أَعْدَدْتُ لَهُ. 13 لأَنَّهُ إِذْ لَمْ تَكُونُوا فِي الْمَرَّةِ الأُولَى، اقْتَحَمَنَا الرَّبُّ إِلهُنَا، لأَنَّنَا لَمْ نَسْأَلْهُ حَسَبَ الْمَرْسُومِ». 14 فَتَقَدَّسَ الْكَهَنَةُ وَاللاَّوِيُّونَ لِيُصْعِدُوا تَابُوتَ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ. 15 وَحَمَلَ بَنُو اللاَّوِيِّينَ تَابُوتَ اللهِ كَمَا أَمَرَ مُوسَى حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ بِالْعِصِيِّ عَلَى أَكْتَافِهِمْ.
جمع داود 870 من اللاويين لإحضار التابوت إلى أورشليم. لم تكن هناك مشكلة بسبب كثرة العدد والتنظيم، لأن ما كان يشغلهم هو أن يمارسوا هذا العمل بفرحٍ بكل قلوبهم، يخدمون الرب بالبهجة (مز 100: 2). يعبدون الرب بغيرةٍ متَّقدةٍ، كما فعل داود وهو يرقص أمام تابوت العهد.
فَجَمَعَ دَاوُدُ بَنِي هَارُونَ وَاللاَّوِيِّينَ. [4]
مِنْ بَنِي قَهَاتَ أُورِيئِيلَ الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ مِئَةً وَعِشْرِينَ. [5]
مِنْ بَنِي مَرَارِي عَسَايَا الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ مِئَتَيْنِ وَعِشْرِينَ. [6]
مِنْ بَنِي جَرْشُومَ يُوئِيلَ الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ مِئَةً وَثَلاَثِينَ. [7]
مِنْ بَنِي أَلِيصَافَانَ شَمَعْيَا الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ مِئَتَيْنِ. [8]
مِنْ بَنِي حَبْرُونَ إِيلِيئِيلَ الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ ثَمَانِينَ. [9]
مِنْ بَنِي عُزِّيئِيلَ عَمِّينَادَابَ الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ مِئَةً وَاثْنَيْ عَشَرَ. [10]
وَدَعَا دَاوُدُ صَادُوقَ وَأَبِيَاثَارَ الْكَاهِنَيْنِ
وَاللاَّوِيِّينَ أُورِيئِيلَ وَعَسَايَا وَيُوئِيلَ وَشَمَعْيَا وَإِيلِيئِيلَ وَعَمِّينَادَابَ [11]
استدعى أيضًا رئيسي الكهنة صادوق وأبياثار (1 مل 4:4) لهذه المناسبة [11]. كان صادوق في خدمة الخيمة في جبعون، وكان أبياثار كاهنًا في أورشليم في الخيمة التي أُعِدَّت هناك لتابوت العهد.
تحدث داود النبي مع آباء اللاويين وطلب منهم أن يتقدَّموا ليحملوا تابوت العهد. من كان أبًا أو قائدًا أو رئيسًا فليتقدَّم للعمل قبل الآخرين. عمل الأب الحقيقي لا أن يُصدِرَ أوامر، أو يضع تنظيمات، إنما أولاً وقبل كل شيءٍ أن يشترك في العمل، ويكون قدوة لأبنائه ومرؤوسيه.
وَقَالَ لَهُمْ: "أَنْتُمْ رُؤُوسُ آبَاءِ اللاَّوِيِّينَ،
فَتَقَدَّسُوا أَنْتُمْ وَإِخْوَتُكُمْ،
وَأَصْعِدُوا تَابُوتَ الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ إِلَى حَيْثُ أَعْدَدْتُ لَهُ. [12]
ماذا يعني "تَقَدَّسوا" أو "تَطَهَّروا" لنقل تابوت العهد؟
إن كانت كلمة التقديس تعني أحيانًا الانفصال أو الاعتزال، والتطهير تعني الغسل، فإن الإنسان يَتَقَدَّس ويَتَطَهَّر حين يعزل قلبه وفكره وأعماقه عن كل ما لا يليق بالله.
مع غسل أنفسهم وثيابهم بطقوسٍ مُعَيَّنة (عد 8: 5-8) يلزم غسل الإنسان الداخلي عن كل ما هو غريبٍ عن الله، مع الالتزام بالطاعة للوصية الإلهية.
الله القدوس يُسَرُّ بالعمل مع من يُقَدِّسهم، بل ويتجلَّى في قلوبهم ويُعلِن لهم نفسه وأسراره. إنه يهب كنيسته المُقَدَّسة روحه القدوس كي يُقَدِّس مؤمنيه. يقول الرسول بولس: "لأن الله لم يدعنا للنجاسة، بل في القداسة" (1 تس 4 : 7). كما يقول: "اتبعوا السلام مع الجميع، والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب" (عب 12: 14).
v الروح القدس المنبثق عن الله (الآب) هو مصدر القداسة، القوة الواهبة الحياة، النعمة التي تُعطِي كمالاً، خلاله ينعم الإنسان بالتبني، يصير الفاسد في عدم فساد، إنه واحد مع الآب والابن في كل شيء، في المجد والأبدية والقوة والملكوت واللاهوت، هذا ما يختبر بتقليد معمودية الخلاص[1].
v إن تَعَدُّد الأسرار هو عمل مقصود حسب تدبير الخليقة الجديدة، لأن المعمودية تُجَدِّد أصلنا، والميرون يعطي لنا القداسة والمواهب الروحية والإفخارستيا تعطي لنا الغذاء الإلهي.
v بالتجسد الإلهي صرنا مُشابِهين إياه من جهة الجسد، صرنا أغصانًا في الكرمة، مُتَّحِدين به، مُتمتِّعين بملئها (يو 1: 16). بهذا تقدس جسدنا الذي كان قبلاً ميتًا وفاسدًا، إذ صار له حق القيامة والخلاص خلال إخوتنا بالسيد المسيح الحامل لجسدنا![2]
v الآب يُقَدِّس حسب المكتوب: "إله السلام نفسه يقدسكم بالتمام، ولتُحفَظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم عند مجيء ربنا يسوع المسيح" (1 تس 13:5). وفي موضع آخر الآب يُقَدِّس: "أيها الآب قدِّسهم في حقك" [17]. ويقول نفس الرسول عن الابن: "قد صار لنا حكمة من الله وبرًا وقداسة وفداءً" (1 كو 30:1)...
ويُعَلِّم الرسول أيضًا أن الروح القدس يُقَدِّس، إذ يقول: "وأما نحن فينبغي لنا أن نشكر الله كل حين لأجلكم أيها الإخوة المحبوبون من الرب أن الله اختاركم من البدء للخلاص بتقديس الروح وتصديق الحق" (2 تس 13:2)...
لكن التقديس واحد، لأن المعمودية واحدة، ونعمة السرِّ واحدة[3].
لأَنَّهُ إِذْ لَمْ تَكُونُوا فِي الْمَرَّةِ الأُولَى،
اقْتَحَمَنَا الرَّبُّ إِلَهُنَا،
لأَنَّنَا لَمْ نَسْأَلْهُ حَسَبَ الْمَرْسُومِ". [13]
مع غيرة داود المتَّقدة وحُبّه للتابوت وتقديره وتكريمه له، إذ سبق أن أراد أن ينقل التابوت، ولم يطلب من الكهنة أن يحملوه حسب الشريعة، فشل في تحقيق اشتياقه، الآن نراه يعترف بخطئه، مُدرِكًا أن الله الذي يطلب نقاوة القلب وغيرة النفس هو أيضًا إله نظام وترتيب، وليس إله تشويش (1 كو 14: 33). هذه الحادثة وردت في (1 أخ 13: 8-11؛ 2 صم 6: 1-11).
في هذه المَرَّة إذ أُحضِرَ تابوت العهد إلى أورشليم حمله الكهنة على أكتافهم [2، 15]، كما سبق أن طلب موسى (عد 4: 2، 14؛ تث 10: 8؛ 31: 25؛ 1 صم 6: 15). لقد تَعَلَّم داود من المرة السابقة ألا تُحمَل خيمة الاجتماع إلا حسب الشريعة [13].
حقًا في المرة الأولى مات عُزَّا، لأنه لمس التابوت بحُسْنِ نيَّة وبقصد الحرص عليه، لكن خلافًا لما طلب الناموس. لقد تَعَلَّم داود أن العبادة لله لها طقوسها التي نلتزم بها، وإن كان يجب تنفيذها بالروح.
يليق بنا أن ندرك أن السماء عينها لها أيضًا طقوسها، تلتزم بها الطغمات السماوية، لأن إلهنا ليس إله تشويش. فالطقس في العبادة ليس مُجَرَّد نظام، لكنه يَمِسُّ فهمنا لقداسة الله وبنيان نفوسنا وخلاصها، وذلك لمجد الله.
يليق بعبادتنا أن تتجاوب مع إعلان الله نفسه وليس حسب فكرنا البشري المحض.
اكتشف داود سرَّ غضب الله، والخطأ الذي حدث، وحاول معالجته هذه المرة:
1. لم يستشر الرب في المرة الأولى، والآن يستشيره على النقل وكيفية القيام به.
2. تَطَهَّر الكهنة واللاويون وتَقَدَّسوا استعدادًا لحمل التابوت حسب الناموس.
3. حملوه على عصي على أكتافهم حتى لا يلمسه أحد، كما فعل عُزَّا.
تصرُّف داود وإصلاحه للخطأ، أكَّد للشعب أن الله نفسه هو القائد الحقيقي للمملكة والمُدَبِّر لشئونها.
كثيرًا لا يُدرِك الطفل ما وراء توجيهات أبيه له، هكذا لاق بالملك كما بالقادة والشعب أن يلتزموا بأوامر الله وتوجيهاته، كأبناء يسمعون لمشورة أبيهم العارف بأمورٍ قد لا يستطيعون إدراكها في ذلك الوقت.
فَتَقَدَّسَ الْكَهَنَةُ وَاللاَّوِيُّونَ لِيُصْعِدُوا تَابُوتَ الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ. [14]
يؤكد هنا مرة أخرى أن الأشخاص المناسبين يَتَقَدَّسون حتى يحملوا التابوت وبالطريقة اللائقة حسب كلمة الرب مع موسى.
وَحَمَلَ بَنُو اللاَّوِيِّينَ تَابُوتَ الله كَمَا أَمَرَ مُوسَى حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ،
بِالْعِصِيِّ عَلَى أَكْتَافِهِمْ. [15]
كثيرون ممن يُهمِلون في واجبهم إذا ما أُنْذروا، يُصْلَحون ويعملون بطريقة أفضل، فالعقوبة التي حلَّتْ بعُزَّا جعلت الكهنة أكثر حرصًا على لتقديس أنفسهم بالله مقدسهم، ، أيّ يَتَطهَّرون من الزغل الروتيني، ويتأهبون لخدمة الله في جدية لكي ما يفيضوا هيبة على الشعب. يتقدَّسون كي يكونوا مثًلا صالحًا لكي ما يَتَمَثَّل الآخرون بهم.
أعان الله اللاويين الذين حملوا التابوت! في الواقع لم يكن التابوت ذا حمل ثقيل بحيث يحتاج حاملوه إلى مساعدة غير عادية، ولكن:
أ. حينما تَذَكَّر اللاويون العقوبة التي حلَّتْ بعُزَّا، ربما ابتدأوا يرتجفون عند حمل التابوت، لكن الله أعانهم، أيّ أنه شجعهم ونزع عنهم خوفهم، وقوَّى إيمانهم.
ب. يُستحسَن أن نلاحظ المساعدة المُرَتَّبة من العناية الإلهية حتى في المواقف التي في نطاق قدرتنا الطبيعية، فبدون معونة الرب لا يمكن أن نخطو خطوة.
ج. يجب أن نستمد معونة خاصة لأداء خدماتنا الدينية (انظر أع 26: 22)، فكل كفايتنا للخدمات المقدسة تأتي من الله.
د. ساعدهم الله ليقوموا بالعمل بنظامٍ وجديةٍ دون أن يرتكبوا أيّ خطأ. إذا ما قمنا بأيّ واجب ديني، يليق بنا أن ننسب القضل لمعونة لله، لأننا إن تُرِكنا لأنفسنا قد نسقط في إخفاقات جسيمة. فخُدَّام الله الذين يحملون آنية الرب يحتاجون إلى معونة خاصة في خدمتهم لكي ما يتمَجَّد الله فيهم وكنيسته تُبنَى بهم، أما إذا أعان الله اللاويين فيجني الشعب الفائدة.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
16 وَأَمَرَ دَاوُدُ رُؤَسَاءَ اللاَّوِيِّينَ أَنْ يُوقِفُوا إِخْوَتَهُمُ الْمُغَنِّينَ بِآلاَتِ غِنَاءٍ، بِعِيدَانٍ وَرَبَابٍ وَصُنُوجٍ، مُسَمِّعِينَ بِرَفْعِ الصَّوْتِ بِفَرَحٍ. 17 فَأَوْقَفَ اللاَّوِيُّونَ هَيْمَانَ بْنَ يُوئِيلَ، وَمِنْ إِخْوَتِهِ آسَافَ بْنَ بَرَخْيَا، وَمِنْ بَنِي مَرَارِي إِخْوَتِهِمْ إِيثَانَ بْنَ قُوشِيَّا، 18 وَمَعَهُمْ إِخْوَتَهُمْ الثَّوَانِيَ: زَكَرِيَّا وَبَيْنَ وَيَعْزِئِيلَ وَشَمِيرَامُوثَ وَيَحِيئِيلَ وَعُنِّيَ وَأَلِيآبَ وَبَنَايَا وَمَعَسْيَا وَمَتَّثْيَا وَأَلِيفَلْيَا وَمَقَنْيَا وَعُوبِيدَ أَدُومَ وَيَعِيئِيلَ الْبَوَّابِينَ. 19 وَالْمُغَنُّونَ: هَيْمَانُ وَآسَافُ وَإِيثَانُ بِصُنُوجِ نُحَاسٍ لِلتَّسْمِيعِ.
وَأَمَرَ دَاوُدُ رُؤَسَاءَ اللاَّوِيِّينَ أَنْ يُوقِفُوا إِخْوَتَهُمُ الْمُغَنِّينَ بِآلاَتِ غِنَاءٍ،
بِعِيدَانٍ وَرَبَابٍ وَصُنُوجٍ،
مُسَمِّعِينَ بِرَفْعِ الصَّوْتِ بِفَرَحٍ. [16]
عَيَّنَ داود أناسًا مُدبرين لكي يكونوا مستعدين لاستقبال التابوت بكل تعبيرات الفرح.
تم نقل التابوت خلال موكبٍ مُفرِحٍ، لأن حضور الله وسط شعبه يبث فرحًا في حياة الكل. حرص داود أن يمتزج الترتيب أو الطقس بروح الفرح، لا بالحرف الجامد، إذ يليق بالمؤمن في تنفيذه للطقس أن يحمل خبرة السماء المتهللة.
كثيرًا ما يشير سفرا أخبار الأيام إلى دور المُغَنِّين بآلات التسبيح، فالعبادة لله مُفرِحة ومُبهِجة. مَسَرَّة الله أن يمارس شعبه عبادتهم وحياتهم بروح الفرح والتهليل، سواء على المستوى الشخصي أو الجماعي.
الأدوات الموسيقية المذكورة هنا كانت مستخدمة في الهيكل بعد السبي، ولا تزال تُستخدَم في العبادة اليهودية، خاصة في الاحتفال ببدء السنة اليهودية.
هَيْمَانَ بْنَ يُوئِيلَ،
وَمِنْ إِخْوَتِهِ آسَافَ بْنَ بَرَخْيَا،
وَمِنْ بَنِي مَرَارِي إِخْوَتِهِمْ إِيثَانَ بْنَ قُوشِيَّا، [17]
أمر داود رؤساء اللاويين أن يدعوا الذين يُعرَف عنهم بالمهارة في الخدمة، فأوائل المدعويين كانوا مُغَنِّين، لهم صلة بالمزامير: هيمان (مز 88) وآساف (مز 73- 83) وإيثان (مز 89).
وَمَعَهُمْ إِخْوَتَهُمْ الثَّوَانِيَ:
زَكَرِيَّا وَبَيْنَ وَيَعْزِئِيلَ وَشَمِيرَامُوثَ وَيَحِيئِيلَ وَعُنِّيَ وَأَلِيآبَ وَبَنَايَا
وَمَعْسِيَّا وَمَتَّثْيَا وَأَلِيفَلْيَا وَمَقَنْيَا وَعُوبِيدَ أدوم وَيَعِيئِيلَ الْبَوَّابِينَ. [18]
كان في هذا المحفل أو الموكب الروحي لمسات روحية بترتيب ونظام، فعُيِّن لكل عملٍ جماعة خاصة، سواء بالنسبة لحمل التابوت أو الحراسة الخ.
تَعَيَّن البعض أن يكونوا بَوَّابين [18]، وآخرون تَعيَّنوا حافظي أبواب للتابوت [23، 24] وواحد منهم كان عوبيد أدوم الذي اعتبر هذا موضوع شرف ومكافأة له على العناية التي أعطاها للتابوت عندما حفظه في بيته ثلاثة أشهر. ويرى أحد الآباء أن وجود التابوت في بيت عوبيد أدوم لمدة ثلاثة أشهر كان رمزًا وإشارة لمكوث التابوت العقلي (السيدة العذراء والدة الإله الكلمة) في بيت زكريا واليصابات لمدة ثلاثة أشهر (لو 1: 56).
وَالْمُغَنُّونَ هَيْمَانُ وَآسَافُ وَإِيثَانُ بِصُنُوجِ نُحَاسٍ لِلتَّسْمِيعِ. [19]
أخذوا يُصَوِّتون بصنوج نحاس، وآخرون بالرباب [20]، وأخرون بالعيدان على القرار للإمامة [21] أيّ على نوتة أعلى أو أخفض من الآخرين حسب قواعد الكونسرتو، وكان بعض الكهنة ينفخون بالأبواق [24] كما كانت العادة أثناء نقل التابوت (عد 10: 8) وفي الأعياد المقدسة (مز 81).
ربما استُخدِمَت الأربعة عشر مزمورًا التي للمصاعد (مز 120، 134) في صورتها الأولى أثناء هذه المناسبة، على أن بعض التغيُّرات ربما طرأت عليها فيما بعد. وسواء استخدموا هذه المزامير أم لا، يوجد صدى لمثل هذه الأوتار كما لو كانت قد لُحِّنَتْ من هذه المزامير وغيرها. مثل هذه الطريقة لتسبيح وحمد الله لم تكن مُستخدَمة حتى ذاك الوقت، ولكن داود بما أنه نبيّ وضعها بتدبير إلهي، وأضاف إليها فرائض جسدية أخرى كما قال بولس الرسول (عب 9: 10).
ما يشغل قلب داود الملك أن يستغل كل مناسبة لتسبيح الرب.
20 وَزَكَرِيَّا وَعُزِّيئِيلُ وَشَمِيرَامُوثُ وَيَحِيئِيلُ وَعُنِّي وَأَلِيَابُ وَمَعَسْيَا وَبَنَايَا بِالرَّبَابِ عَلَى الْجَوَابِ. 21 وَمَتَّثْيَا وَأَلِيفَلْيَا وَمَقَنْيَا وَعُوبِيدُ أَدُومَ وَيَعِيئِيلُ وَعَزَزْيَا بِالْعِيدَانِ عَلَى الْقَرَارِ لِلإِمَامَةِ. 22 وَكَنَنْيَا رَئِيسُ اللاَّوِيِّينَ عَلَى الْحَمْلِ مُرْشِدًا فِي الْحَمْلِ لأَنَّهُ كَانَ خَبِيرًا. 23 وَبَرَخْيَا وَأَلْقَانَةُ بَوَّابَانِ لِلتَّابُوتِ. 24 وَشَبَنْيَا وَيُوشَافَاطُ وَنَثْنَئِيلُ وَعَمَاسَايُ وَزَكَرِيَّا وَبَنَايَا وَأَلِيعَزَرُ الْكَهَنَةُ يَنْفُخُونَ بِالأَبْوَاقِ أَمَامَ تَابُوتِ اللهِ، وَعُوبِيدُ أَدُومَ وَيَحِيَّى بَوَّابَانِ لِلتَّابُوتِ. 25 وَكَانَ دَاوُدُ وَشُيُوخُ إِسْرَائِيلَ وَرُؤَسَاءُ الأُلُوفِ هُمُ الَّذِينَ ذَهَبُوا لإِصْعَادِ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ، مِنْ بَيْتِ عُوبِيدَ أَدُومَ بِفَرَحٍ.
وَزَكَرِيَّا وَعُزِّيئِيلُ وَشَمِيرَامُوثُ وَيَحِيئِيلُ وَعُنِّي وَأَلِيَابُو وَمَعْسِيَّا
وَبَنَايَا بِالرَّبَابِ عَلَى الْجَوَابِ. [20]
وَمَتَّثْيَا وَأَلِيفَلْيَا وَمَقَنْيَا وَعُوبِيدُ أدوم وَيَعِيئِيلُ وَعَزَزْيَا بِالْعِيدَانِ
عَلَى الْقَرَارِ لِلإِمَامَةِ. [21]
وَكَنَنْيَا رَئِيسُ اللاَّوِيِّينَ عَلَى الْحَمْلِ مُرْشِدًا فِي الْحَمْلِ لأَنَّهُ كَانَ خَبِيرًا. [22]
وَبَرَخْيَا وَأَلْقَانَةُ بَوَّابَانِ لِلتَّابُوتِ. [23]
أُقيم بَوَّابان لحراسة تابوت العهد، حتى لا يتجاسر أحد ويرفع غطاء التابوت، كما صار في بيت شمس، فمات كثيرون (1 صم 6: 19).
وَشَبَنْيَا وَيُوشَافَاطُ وَنَثْنَئِيلُ وَعَمَاسَايُ وَزَكَرِيَّا وَبَنَايَا وَأَلِيعَزَرُ الْكَهَنَةُ
يَنْفُخُونَ بِالأَبْوَاقِ أَمَامَ تَابُوتِ الله،
وَعُوبِيدُ أدوم وَيَحِيَّى بَوَّابَانِ لِلتَّابُوتِ. [24]
نَفْخُ الكهنة بالأبواق أثناء التحرُّك بالتابوت، عاد بذاكرة الحاضرين بما كان يتم في البريّة عندما كانوا يحملون التابوت للتحرُّك في رحلتهم التي تحمل رمزًا لرحلتنا في هذه العالم، ليس نحو أرض الموعد، إنما نحو كنعان السماوية. وأيضًا خلق جوًّا من الاحتفال كعيدٍ مُقَدَّسٍ رهيبٍ (مز 81: 3).
وَكَانَ دَاوُدُ وَشُيُوخُ إِسْرَائِيلَ وَرُؤَسَاءُ الأُلُوفِ
هُمُ الَّذِينَ ذَهَبُوا لإِصْعَادِ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ،
مِنْ بَيْتِ عُوبِيدَ أدوم بِفَرَحٍ. [25]
هنا نجد تسجيًلا لهيبة المناسبة، فقد كان موكب انتصار عظيم، سار من منزل عوبيد أدوم إلى مدينة داود.
لم يكن حمل التابوت يحتاج إلى كل هذا العدد، إذ لم يكن ثقيلاً، لكن خلال خبرة المحاولة الأولى أدرك الكل أن التحرُّك بالتابوت لا يتوقَّف على وزنه، ولا على عدد المشاركين في الموكب، إنما على تَدَخُّل الله نفسه ومَسَرَّته بشعبه وخُدَّامه ولكل القادة. كأن الجميع أدركوا بأنه لا نجاح للعمل دون تَدَخُّل الله.
وَلَمَّا أَعْلَنَ الله اللاَّوِيِّينَ حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ،
ذَبَحُوا سَبْعَةَ عُجُولٍ وَسَبْعَةَ كِبَاشٍ. [26]
عندما اختبروا وجود الله معهم (في حضرة التابوت)، قدَّموا له ذبائح تسبيح [26]، وفي هذا أعانهم الله أيضًا. لقد قَدَّموا هذه العجول والكباش ربما كتكفيرٍ عن الخطأ السابق، لكي ما لا تُذكَر ضدهم الآن، وأيضًا عن طريق الاعتراف بالمعونة التي حصلوا عليها الآن. أرادوا أن يردوا لله الحب بالحب، والبذل بالبذل، لكن شتَّان ما بين محبة الله لنا وحُبّنا نحن له.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
27 وَكَانَ دَاوُدُ لاَبِسًا جُبَّةً مِنْ كَتَّانٍ، وَجَمِيعُ اللاَّوِيِّينَ حَامِلِينَ التَّابُوتَ، وَالْمُغَنُّونَ وَكَنَنْيَا رَئِيسُ الْحَمْلِ مَعَ الْمُغَنِّينَ. وَكَانَ عَلَى دَاوُدَ أَفُودٌ مِنْ كَتَّانٍ. 28 فَكَانَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ يُصْعِدُونَ تَابُوتَ عَهْدِ الرَّبِّ بِهُتَافٍ، وَبِصَوْتِ الأَصْوَارِ وَالأَبْوَاقِ وَالصُّنُوجِ، يُصَوِّتُونَ بِالرَّبَابِ وَالْعِيدَانِ. 29 وَلَمَّا دَخَلَ تَابُوتُ عَهْدِ الرَّبِّ مَدِينَةَ دَاوُدَ، أَشْرَفَتْ مِيكَالُ بِنْتُ شَاوُلَ مِنَ الْكُوَّةِ فَرَأَتِ الْمَلِكَ دَاوُدَ يَرْقُصُ وَيَلْعَبُ، فَاحْتَقَرَتْهُ فِي قَلْبِهَا.
وَكَانَ دَاوُدُ لاَبِساً جُبَّةً مِنْ كَتَّانٍ،
وَجَمِيعُ اللاَّوِيِّينَ حَامِلِينَ التَّابُوتَ،
وَالْمُغَنُّونَ وَكَنَنْيَا رَئِيسُ الْحَمْلِ مَعَ الْمُغَنِّينَ.
وَكَانَ عَلَى دَاوُدَ أَفُودٌ مِنْ كَتَّانٍ. [27]
وُجِدَتْ تعبيرات عظيمة عن الفرح، فقد ضُرِبَتْ الموسيقى المقدسة، ورقص داود، ورَنَّمَ المُغَنُّون، وصاح الشعب [27-28]. ذُكِرَ هذا أيضًا في (2 صم 6: 14- 15). نَتَعَلَّم من هذا:
أ. أننا نخدم سيدًا صالحًا، يُسَرُّ أن خدامه يُرَنِّمون أثناء عملهم.
ب. أوقات النهضة الشعبية يجب أن تكون أوقات فرح للشعب، فالذين لا يفرحون بالتابوت لا يستحقونه.
ج. إنه ليس حطًّا من كرامة أعظم الناس أن يُظهِروا غيرتهم لأعمال العبادة، فميكال ابنة شاول الملك التي صارت أول زوجة لداود عندما رأته مُظهِرًا حماسًا وفرحًا لخدمة الرب، فَكَّرَتْ في قلبها أنه متعصب دينيًا. نحن في حاجة إلى أناس مثل داود في أيامنا وليست الحاجة إلى تَعَصُّب بل إلى فرحٍ يفيض من أعماق قلب شعب الله وحياتهم.
يرى الأب مكسيموس أسقف تورين Turin في إدخال تابوت العهد إلى أورشليم لقاء العريس السماوي بالعروس. يليق بنا أن نفرح مع داود إذ كان يرقص أمام التابوت (2 صم 6: 14). هكذا يليق بنا أن نفرح ونتهلل بالمسيح المتجسد في أحشاء القدِّيسة مريم، وكأنها بتابوت العهد.
v ماذا يمكننا أن نقول عن التابوت إن لم يكن هو القدِّيسة مريم.
إذ حمل التابوت في داخله حَجَرَي العهد، أما مريم فحملت سيد هذا العهد؟
حمل التابوت الشريعة فيه، ومريم حملت الإنجيل.
كان التابوت يومض في داخله وخارجه ببريق الذهب، أما القدِّيسة مريم فأشرقت في الداخل والخارج ببهاء البتولية.
تَزَيَّن التابوت بذهبٍ أرضيٍ، والقديسة بذهبٍ سماويٍ[4].
الأب مكسيموس أسقف تورين
تعتقد الكنيسة في قداسة مريم الفريدة في نوعها التي تفوق الخليقة السماوية، حتى الشاروبيم والسيرافيم. لقد أمضت حياتها في قداسة كتابوت العهد الحقيقي المصنوع من خشبٍ لا يسوس، مُغَطَّى بالذهب من الداخل والخارج.
v كاروبا الذهب مصوران مظللان على الغطاء بأجنحتهما كل حين يظللان على موضع قدس الأقداس في القبة الثانية.
وأنت يا مريم ألوف ألوف وربوات ربوات يظللان عليك.
مسبحين خالقهم،
وهو في بطنك.
هذا الذي أخذ شبهنا...
ثيؤطوكية الأحد
v أسألك أن تقبل الحبل به وأن ترقص أمامه، إن لم يكن في الرحم كيوحنا فعند استقرار التابوت كما فعل داود[5].
v زكريا يُرَنِّم ويفرح ويُسَبِّح وهو مملوء عجبًا، ثم ترفع اليصابات صوتها بخصوص البشارة.
تصمت العذراء مثل سفينة مملوءة بالأسرار، وبيت الكاهن يبتهج ويفرح ويكرمها.
نظرا إليها كأنما إلى سفينة الله، وكانا يحسبانها كتابوت العهد المملوء بالنار[6].
v كان الإسرائيليون يرقصون بفرح أمام الله (تابوت العهد) حين كان يُحمَل في أماكن خاصة.
كان الملك داود يرقص أمام تابوت العهد (2 صم 6: 14-16)، ولم ينتبه إلى بروتوكول الملكية، بسبب الفرح العظيم الذي في قلبه.
عندما كان يوحنا جنينًا، رقص بابتهاج أفضل من داود. إنه لم يخجل من أن يرقص، لأنه ما زال صغيرًا.
الأم العذراء والطوباوية كانت أبهى من التابوت المملوء بأسرار بيت الله.
وداود الذي رقص بفرحٍ أمام التابوت، أنبأ أن يوحنا سوف يرقص أيضًا أمام مريم.
لم يَسمَعْ أحد من قبل أن ملكًا يرقص ماعدا داود، ولا أن جنينًا يرقص ماعدا يوحنا، لأن الواحد سبق وأنبأ عن الآخر.
الأنبياء والملوك أَعدُّوا الطريق لابن الله. وعندما جاء كمَّل الأسرار التي كانوا يبحثون عنها.
بينما كان التابوت يُحمَل، رقص داود بابتهاج، حتى يستطيع هو أيضًا أن يشهد لمَلِكِه وربِّه.
لقد صَوَّر بالحقيقة حال العذراء مع يوحنا، لأن هذه الفتاة كانت أيضًا تابوت اللاهوت.
ربُّ الأسرار حلَّ فيها، لهذا رقص الجنين بابتهاج، مثل الملك المملوء انتصارات.
كانت محمولة مثل تابوت مملوء بالكتابات المقدسة؛ حلَّ فيها تفسير كل النبوات الغامضة.
حتى تصبح عظمتها أكثر من التابوت، ابتهج الجنين لأنها كانت مُزَيَّنة بمنظرٍ رائعٍ.
إثارة الرضيع الصامت في الرحم المُغلَق كانت غير مقيدة. لقد أبهجت البطن الذي ظلَّ كئيبًا لزمانٍ طويلٍ[7].
فَكَانَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ يُصْعِدُونَ تَابُوتَ عَهْدِ الرَّبِّ بِهُتَافٍ،
وَبِصَوْتِ الأَصْوَارِ وَالأَبْوَاقِ وَالصُّنُوجِ يُصَوِّتُونَ بِالرَّبَابِ وَالْعِيدَانِ. [28]
العبادة الجماعية يشترك فيها الكهنة واللاويون وجميع إسرائيل، والملك نفسه الذي كان يرقص بكل قوته.
وَلَمَّا دَخَلَ تَابُوتُ عَهْدِ الرَّبِّ مَدِينَةَ دَاوُدَ،
أَشْرَفَتْ مِيكَالُ بِنْتُ شَاوُلَ مِنَ الْكُوَّةِ،
فَرَأَتِ الْمَلِكَ دَاوُدَ يَرْقُصُ وَيَلْعَبُ،
فَاحْتَقَرَتْهُ فِي قَلْبِهَا. [29]
كان داود نفسه يرقص أمام تابوت العهد، الأمر الذي ساء في عيني ميكال زوجته، ابنة شاول. كان مستعدًا أن يبدو غبيًا في أعين البعض حتى زوجته، ليُعَبِّر عن فرحه وشكره لله بكل قوةٍ وأمانةٍ.
سَخَرَتْ ميكال ابنة شاول بزوجها داود حين رأته يرقص أمام تابوت العهد، لأن شاول أباها لم يكن يشغله تابوت العهد. لقد استخفِّت بإخلاص داود في عبادته لله، إذ كانت تُمَثِّل عائلة شاول التي لم تطلب الرب في كل شيءٍ!
يرى البعض أن موقف ميكال من داود، وإن كان في ظاهره أنها استخفَّت به كملكٍ يرقص في وجود شعبه، إلا أن ما بداخلها هو نظرتها نحو التابوت التي تَعَلَّمَتها من أبيها شاول، فكانت تحمل نوعًا من الاستهتار والاستخفاف به.
في الأصحاح التالي نرى داود مرتين يسأل الرب غالبًا أمام تابوت العهد (1 أخ 14: 10، 14). اهتم سفر الأخبار أن يعلن عن اهتمام داود بإعلانات الله لداود عن إرادته الإلهية.
يُعَلِّق القديس أمبروسيوس على موقف ميكال، أنها عوقبت بعدم إنجابها (2 صم 6: 23)، قائلاً: [هكذا، إنه درس واضح أن النبي الذي يضرب على طبلةٍ ويرقص أمام تابوت الرب يُبَرَّر، بينما التي انتهرته دينت بالعُقْمِ[8].]
v اشتهى داود أن يُقِيم لتابوت عهدك خيمة في مدينته.
ودعا الكهنة واللاويين والقادة وكل إسرائيل،
كي يشترك الكل في موكبك البهي!
هَبْ لي أن أُقَدِّم لك قلبي مسكنًا لك،
تضع فيه رأسك وتستريح!
لتُعلِن على الدوام حضورك الإلهي.
فتتقدَّس كل أعماقي وتتهلل بك.
v ليعزف روحك القدوس سيمفونية الحب على قيثارتي.
ليعزف على أوتار حواسي وعواطفي مع قلبي وفكري.
لتشترك كل أعضاء جسمي في الهتاف لك.
هَبْ لي لا أن أنفخ في أبواق فَضِّية لأعلن عن حضورك.
إنما أنفخ بكل نسمات حياتي بالطاعة لوصاياك.
v أخبرني، ماذا أرتدي في هذا الموكب السامي؟
هَبْ لي أن أرتدي ثوب برِّك عوض خطاياي.
هَبْ لي أن أخضع لوصاياك، فأحمل زينة سماوية.
v أيّة ذبيحة أُقَدِّمها لك في هذا الموكب؟
هَبْ لي ذبيحة الحُبِّ لك ولكل البشرية.
هَبْ لي ذبيحة التسبيح والشكر والحمد؟
فإنك بمثل هذه الذبائح تُسَرُّ!
v حوِّل حياتي إلى موكبٍ لا يتوقَّف،
فتستريح في داخلي كما في خيمة مقدسة.
وأستريح فيك، فأنت لذَّتي ومسرَّتي!
v تعالَ أيها الرب يسوع مع أبيك وروحك القدوس،
لكي أتحرَّك نحوك، وأستقر في أحضانك.
متى أراك على السحاب وأنطلق معك إلى حجالك؟!
متى أرى السمائيين متهلِّلين بيوم العُرْسِ الأبدي؟!
_____
[1] Epis. 15 to the Deaconesses , the daughters of Count Terentius.
[2] De Sententia Dionysii 11.
[3] Of the Holy Spirit Book 3:4:25-28.
[4] Sermon 42:5.
[5] Oration on the Holy lights 17.
[6] ميمر 197 عن البشارة لوالدة الإله.
[7] ميمر 198 عن القديسة والدة الإله مريم، عندما ذهبت إلى اليصابات.
[8] Exposition on Psalm 118.
← تفاسير أصحاحات أخبار أول: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أخبار الأيام الأول 16 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير أخبار الأيام الأول 14 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/pf85cpr