← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17
اَلأَصْحَاحُ الرَّابِعُ عَشَرَ
إن كان الأصحاح السابق يكشف لنا عن قلب داود النقي، فإنه إذ أقام أورشليم عاصمة لمملكته، أراد أن يُعْلِنَ أن الملك الحقيقي هو الله، وأن كل نجاحٍ يبلغ إليه، إنما هو عطية من الله. لهذا وضع في قلبه أن ينقل تابوت العهد بكونه يُمَثِّل الحضور الإلهي إلى العاصمة.
أخطأ داود كما رأينا، لأنه لم يسلك حسب تدبير الشريعة فيما يخص بحمل تابوت العهد، وعوض الاحتفال المُبهِج، أقيمت جنازة لعُزَّا الذي لمس التابوت فمات.
تطلَّع الرب إلى قلب داود النقي، فثبَّت مملكته، ووهبه نجاحًا ونموًّا ونصرة ومجدًا.
هذا النجاح ولَّد ثورة وحقدًا لدى الأعداء، فثاروا ضده. استشار داود الرب، فحاربهم وغلب.
أعطاه الرب هيبة من عنده على كل الأمم المحيطة به.
|
1-2. |
|
|
3-7. |
|
|
8-17. |
1 وَأَرْسَلَ حِيرَامُ مَلِكُ صُورَ رُسُلًا إِلَى دَاوُدَ وَخَشَبَ أَرْزٍ وَبَنَّائِينَ وَنَجَّارِينَ لِيَبْنُوا لَهُ بَيْتًا. 2 وَعَلِمَ دَاوُدُ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَثْبَتَهُ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، لأَنَّ مَمْلَكَتَهُ ارْتَفَعَتْ مُتَصَاعِدَةً مِنْ أَجْلِ شَعْبِهِ إِسْرَائِيلَ.
وَأَرْسَلَ حِيرَامُ مَلِكُ صُورَ رُسُلاً إِلَى دَاوُدَ،
وَخَشَبَ أَرْزٍ وَبَنَّائِينَ وَنَجَّارِينَ لِيَبْنُوا لَهُ بَيْتًا. [1]
يبرز هنا استقرار داود في أورشليم، مع فيضٍ من العطايا يُقَدِّمها له ملك غريب من الأمم. أظهر الله لداود نعمته، وأعطاه نعمة في عينيّ حيرام ملك صور، فأرسل إليه رسلاً يطلب وِدَّ داود. كما أرسل له خشب أرز وبنَّائين مهرة، ونَجَّارين ليبنوا له بيتًا. هذه بداية صداقة قوية ومُمْتَدَّة لفترة طويلة بين داود وحيرام ملك صور، استمرت حتى أيام سليمان.
صار لداود مملكة عظيمة وممتدة، بينما كانت مملكة حيرام صغيرة لا تُقارَن بمملكة داود، لكن الله الذي كان يسند داود في كل أعماله أراد أن يقوده إلى الحُبِّ مع التواضع. فمع كل إمكانيات داود ما كان يمكنه أن يبني لنفسه قصرًا بدون مساندة حيرام ملك صور.
إنه يطالبنا ألا نحتقر من هم أقل منَّا في الإمكانيات والسلطان. فالإنسان مهما بلغ نجاحه، ومهما نال من إمكانيات، في حاجة إلى أخيه. يطلب منه أن يسنده، ويشكره على خدماته ومساعداته حتى وإن كانت بأجرٍ.
لا يستطيع أن يعيش الإنسان في معزلٍ عن أخيه، إنما كلما أُتيحَتْ له الفرصة، يكشف لأخيه أنه محتاج إلى مساندته والتعاون معه، فلا يعاني الأخ بصِغَرِ نفسٍ.
وَعَلِمَ دَاوُدُ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَثْبَتَهُ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ،
لأَنَّ مَمْلَكَتَهُ ارْتَفَعَتْ مُتَصَاعِدَةً مِنْ أَجْلِ شَعْبِهِ إِسْرَائِيلَ. [2]
إنه إذ يقودهم ويهتم برعايتهم وإشباع احتياجاتهم وحمايتهم، لا يشعر أن له فضلاً في ذلك، فإن هذا ما يلزم أن يفعله كراعٍ صالحٍ ومُحِبٍ لشعب الله.
العامل الأول: كانت عينا داود مُرَكِّزتين على الله، فكل نجاحٍ وازدهارٍ وكرامةٍ تَحِلُّ به، يُحسب هذا كله عطايا إلهية، ليس لأنه أكثر ذكاءً أو قدرة أو حكمة، من غيره، إنما لأن الله معه.
العامل الثاني: أن ما يناله من نجاحٍ ومجدٍ وعظمةٍ وُهِبَ له، لا ليتنعَّم به شخصيًا، وإنما لكي يخدم شعب الله. هكذا يليق بالمؤمن ألا يتمركز حول ذاته his ego وإنما يحسب نفسه مدعوًّا من الله لسعادة الآخرين وراحتهم ومجدهم وخلاصهم الأبدي. فإنه ما استحق أن يولد من عاش لأجل نفسه، ولا يبالي بأخيه.
ما تتمتع به مملكة داود من استقرار ليس مُحَصِّلة جاذبية شخصيته، حيث تجمَّعت حوله كل الأسباط، ولا محصلة محبة الناس وإخلاصهم وغيرتهم على بناء الشعب ونموّه، إنما سرّ عظمة مملكة داود عاملان رئيسيّان، وهما:
1. ما تمتع به من نمو روحي وسمو ومجد وفرح، إنما هو عطية الله له.
2. مع محبة الله الفائقة لعبده داود، قَدَّم له من امتيازات فريدة، حتى وعده أن نسله يملك إلى الأبد، هذا كله "من أجل شعبه إسرائيل". لقد أدرك داود هذا.
3 وَأَخَذَ دَاوُدُ نِسَاءً أَيْضًا فِي أُورُشَلِيمَ، وَوَلَدَ أَيْضًا دَاوُدُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 4 وَهذِهِ أَسْمَاءُ الأَوْلاَدِ الَّذِينَ كَانُوا لَهُ فِي أُورُشَلِيمَ: شَمُّوعُ وَشُوبَابُ وَنَاثَانُ وَسُلَيْمَانُ 5 وَيِبْحَارُ وَأَلِيشُوعُ وَأَلِفَالَطُ 6 وَنُوجَهُ وَنَافَجُ وَيَافِيعُ 7 وَأَلِيشَمَعُ وَبَعَلْيَادَاعُ وَأَلِيفَلَطُ.
وَأَخَذَ دَاوُدُ نِسَاءً أَيْضاً فِي أُورُشَلِيمَ،
وَوَلَدَ أَيْضاً دَاوُدُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. [3]
كان تعدُّد الزوجات والسراري عادة شائعة في ذلك العصر عند العائلات المالكة في الشرق الأوسط، ولم يكن ذلك يتفق مع الوصية الإلهية وفكر الله (تك 2: 24).
كان لداود ضعفاته، فقد تمثَّل بالعادات التي كانت سائدة بين عائلات الملوك في الشرق الأوسط في ذلك الحين، وعدم التزامه بالزوجة الواحدة. كان بعض الملوك يستغلون هذه العادة للدخول في علاقة نسب مع الملوك المُجاورِين، فيُعطِي نوعًا من السلام السياسي.
هذه العادة كثيرًا ما تُسَبِّب حسدًا وغيره في القصر الملكي بين النساء، وأيضًا بين الأبناء. بسببها دخل داود في مشاكل أسرية كثيرة ونزاعات بين أولاده، ولم يكن لديه الوقت الكافي لتربية أولاده في مخافة الرب، كما حدث مع أبشالوم وأمنون، لأن الأخير اغتصب أخت الأول، وهي أخته من نفس الوالد وليس من والدته.
ارتبط داود بزوجات وسراري من بينهن الآتي:
1. ميكال ابنة شاول الملك: لم تُنْجِبْ، ربما لأنها احتقرته عندما رأته يرقص أمام تابوت العهد (2 صم 6: 14). يبدو أنها قد تَبَنَّت خمسة من أبناء أختها. أعطى داود أبناء أختها الخمسة للجبعونيين ليقتلوهم من أجل خطايا شاول.
2. أخينوعم اليزرعيلية: أنجبت أمنون، وهو البكر. اغتصب أخته غير الشقيقة ثامار. انتقم منه أبشالوم أخ ثامار شقيقتها.
3. معكة ابنة تلماوي ملك جاشور: أنجبت أبشالوم وهو الابن الثالث لداود. قتل أخاه أمنون (غير الشقيق) وأقام في خيمة على السطح ولم يرد أبوه أن يلتقي به. اضطجع مع نساء أبيه، تمرَّد على أبيه، وقُتِلَ أثناء المعركة ضد جيش أبيه.
4. حجيث: أنجبت الابن الرابع أدونيا. أقام نفسه ملكًا قبل موت أبيه، لكن مؤامرته فشلت، وأبقى داود على حياته، غير أن سليمان قتله بعد تولِّيه العرش.
5. بثشبع: أخطأ معها داود ودبَّر مؤامرة لقتل رجلها أوريّا الحثِّي لكي يُخفِي جريمته: أنجبت طفلاً لم يُذكَر اسمه، مات وهو طفل. ثم أنجبت سليمان الذي تولَّى العرش بعد والده. للأسف تزوج بنساء كثيرات وثنيّات جذبنه للعبادة الوثنية.
وَهَذِهِ أَسْمَاءُ الأَوْلاَدِ الَّذِينَ كَانُوا لَهُ فِي أُورُشَلِيمَ:
شَمُّوعُ وَشُوبَابُ وَنَاثَانُ وَسُلَيْمَانُ [4]
وَيِبْحَارُ وَأَلِيشُوعُ وَأَلِفَالَطُ [5]
وَنُوجَهُ وَنَافَجُ وَيَافِيعُ [6]
وَأَلِيشَمَعُ وَبَعَلْيَادَاعُ وَأَلِيفَلَطُ. [7]
تَذْكُر الأنساب لميلاد السيد المسيح اثنيْن من بنيه من بثشبع وهما ناثان (لو 3: 31)، وجاءت من نسله القديسة مريم. والثاني سليمان (مت 1: 6)، وجاء من نسله القدِّيس يوسف خطيبها.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
8 وَسَمِعَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ أَنَّ دَاوُدَ قَدْ مُسِحَ مَلِكًا عَلَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ، فَصَعِدَ كُلُّ الْفِلِسْطِينِيِّينَ لِيُفَتِّشُوا عَلَى دَاوُدَ. وَلَمَّا سَمِعَ دَاوُدُ خَرَجَ لاسْتِقْبَالِهِمْ. 9 فَجَاءَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ وَانْتَشَرُوا فِي وَادِي الرَّفَائِيِّينَ. 10 فَسَأَلَ دَاوُدُ مِنَ اللهِ قَائِلًا: «أَأَصْعَدُ عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ فَتَدْفَعُهُمْ لِيَدِي؟» فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «اصْعَدْ فَأَدْفَعَهُمْ لِيَدِكَ». 11 فَصَعِدُوا إِلَى بَعْلِ فَرَاصِيمَ وَضَرَبَهُمْ دَاوُدُ هُنَاكَ. وَقَالَ دَاوُدُ: «قَدِ اقْتَحَمَ اللهُ أَعْدَائِي بِيَدِي كَاقْتِحَامِ الْمِيَاهِ». لِذلِكَ دَعَوْا اسْمَ ذلِكَ الْمَوْضِعِ «بَعْلَ فَرَاصِيمَ». 12 وَتَرَكُوا هُنَاكَ آلِهَتَهُمْ، فَأَمَرَ دَاوُدُ فَأُحْرِقَتْ بِالنَّارِ. 13 ثُمَّ عَادَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ أَيْضًا وَانْتَشَرُوا فِي الْوَادِي. 14 فَسَأَلَ أَيْضًا دَاوُدُ مِنَ اللهِ، فَقَالَ لَهُ اللهُ: «لاَ تَصْعَدْ وَرَاءَهُمْ، تَحَوَّلْ عَنْهُمْ وَهَلُمَّ عَلَيْهِمْ مُقَابِلَ أَشْجَارِ الْبُكَا. 15 وَعِنْدَمَا تَسْمَعُ صَوْتَ خَطَوَاتٍ فِي رُؤُوسِ أَشْجَارِ الْبُكَا فَاخْرُجْ حِينَئِذٍ لِلْحَرْبِ، لأَنَّ اللهَ يَخْرُجُ أَمَامَكَ لِضَرْبِ مَحَلَّةِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ». 16 فَفَعَلَ دَاوُدُ كَمَا أَمَرَهُ اللهُ، وَضَرَبُوا مَحَلَّةَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ مِنْ جِبْعُونَ إِلَى جَازِرَ. 17 وَخَرَجَ اسْمُ دَاوُدَ إِلَى جَمِيعِ الأَرَاضِي، وَجَعَلَ الرَّبُّ هَيْبَتَهُ عَلَى جَمِيعِ الأُمَمِ.
أكَّد له الرب مساندته له، فبعد أن أظهر ملك صور خضوعه وتقديره لداود، وهبه نصرات على الفلسطينيين، وأعطاه هيبة على جميع الأمم.
وَسَمِعَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ أَنَّ دَاوُدَ قَدْ مُسِحَ مَلِكًا عَلَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ،
فَصَعِدَ كُلُّ الْفِلِسْطِينِيِّينَ لِيُفَتِّشُوا عَلَى دَاوُدَ.
وَلَمَّا سَمِعَ دَاوُدُ خَرَجَ لاِسْتِقْبَالِهِمْ. [8]
فَجَاءَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ وَانْتَشَرُوا فِي وَادِي الرَّفَائِيِّينَ. [9]
في حبرون لم يشعر الفلسطينيون بخطورة داود عليهم، أما في أورشليم فشعروا بخطورته، وأرادوا أن يُحَطِّموه، غير أن داود كان يستشير الرب قبل دخوله في المعارك.
"أَأَصْعَدُ عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ، فَتَدْفَعُهُمْ لِيَدِي؟"
فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: "اصْعَدْ فَأَدْفَعَهُمْ لِيَدِكَ." [10]
أراد الكاتب بطريق غير مباشر أن يُقَدِّم لنا مقارنة بين تصرف شاول وتصرف داود. الأول استشار الجان (1 أخ 10: 13)، ولم يسأل الرب (1 أخ 10: 14) في معركته ضد الفلسطينيين في جبل جلبوع، أما داود فسأل الرب في معركته ضدهم في بعل فراصيم.
اعتاد داود قبل أن يخرج للحرب يطلب مرافقة الله له، كما يطلب مشورته. يقول يوسيفوس: "لم يسمح داود لنفسه أن يفعل شيئًا بدون نبوة وأمر الله، وبدون الاعتماد عليه كوقاية له في المستقبل[1]."
كثيرًا ما نلجأ إلى الله بعد أن تحلَّ بنا الضيقات والمتاعب، أما داود فسأل الرب المشورة قبل أن يتحرَّك. ليت استشارتنا لله لا تأتي في المؤخرة، بل في المقدمة، فنتحاشى الكثير من المتاعب الخطيرة.
v بعد (قتله جليات) لم يدخل قط في حربٍ دون أن يستشير الرب. بهذا كان منتصرًا في كل معاركه، وحتى في أواخر حياته كان مستعدًا أن يحارب.
عندما قامت حرب مع الفلسطينيين دخل المعركة معهم بفرقهم الشرسة...
إننا نحسب ثبات (المؤمنين) مجيدًا، هؤلاء الذين بعظمة فكرهم "بالإيمان... سدُّوا أفواه أسود، أطفأوا قوة النار، نجوا من حدِّ السيف، تقوُّوا من ضعف" (عب 11: 33-34). إنهم لم يقتنوا نصرة عامة مع كثيرين، محاطين بمحاربين وتسندهم فرق، إنما ينالون نصرتهم وحدهم على أعدائهم المخادعين، وذلك بمجرد شجاعة نفوسهم[2].
فَصَعِدُوا إِلَى بَعْلِ فَرَاصِيمَ وَضَرَبَهُمْ دَاوُدُ هُنَاكَ.
وَقَالَ دَاوُدُ: "قَدِ اقْتَحَمَ الله أَعْدَائِي بِيَدِي كَاقْتِحَامِ الْمِيَاهِ".
لِذَلِكَ دَعُوا اسْمَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ "بَعْلَ فَرَاصِيمَ". [11]
وَتَرَكُوا هُنَاكَ آلِهَتَهُمْ، فَأَمَرَ دَاوُدُ فَأُحْرِقَتْ بِالنَّارِ. [12]
لجأ داود إلى الله الحيّ، فنال نصرة عظيمة على الوثنيين، فحرق أصنامهم ومتعلقاتها. كان تصرف داود حازمًا وجادًا أن يُحَطِّم الأوثان ويحرقها بالنار مع متعلقاتها. إذ لم يرد أن يترك أي أثرٍ للشر في حياته وفي حياة إخوته والمجتمع الذي يعيش فيه. يليق بنا ألا نترك شيئًا يحتل مركز الله في قلوبنا أو أفكارنا. لعل داود فعل هذا خشية أن يعجب بعض الجنود ببعض الأصنام، خاصة المصنوعة من الذهب أو الفضة، فلم يترك لهم فرصة أن يُفَكِّروا في الاحتفاظ ببعض الأصنام الصغيرة الحجم.
تمَّم الوصية بكل قوة (تث 7: 5)، على عكس الكثير من الملوك من نسل داود الذين تهاونوا في إبادة الأصنام.
ثُمَّ عَادَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ أَيْضًا، وَانْتَشَرُوا فِي الْوَادِي. [13]
فَسَأَلَ أَيْضًا دَاوُدُ مِنَ الله،
فَقَالَ لَهُ الله: "لاَ تَصْعَدْ وَرَاءَهُمْ،
تَحَوَّلْ عَنْهُمْ، وَهَلُمَّ عَلَيْهِمْ مُقَابِلَ أَشْجَارِ الْبُكَا. [14]
سرُّ نجاح داود وعظمته أنه في كل موقفٍ لا يتكل على خبرته القديمة أو إمكانياته، إنما يطلب مشورة الله. مع كل موقف جديد كان داود يستشير الله، حتى يتجنَّب أية مخاطر تحلُّ به.
يليق بنا مع كل موقف، نتطلَّع إليه كفرصة جديدة للقاء مع الله وطلب مشورته، فهو يريدنا أن نكون في لقاءٍ دائمٍ معه.
فلتكن حادثة هجوم الفلسطينيين ثانية على داود وسؤاله مرة ثانية من الله درسًا لنا لنعترَّف بالرب: نهرب إليه في وقت المحنة، نلتجئ إليه عندما نُظلَم، وعندما لا نعرف ماذا نعمل. نسأله المشورة ونضع مشيئتنا تحت إرادته وتدبيره، ونلح في الطلب ليهدينا الطريق.
وَعِنْدَمَا تَسْمَعُ صَوْتَ خَطَوَاتٍ فِي رُؤُوسِ أَشْجَارِ الْبُكَا،
فَاخْرُجْ حِينَئِذٍ لِلْحَرْبِ،
لأَنَّ اللهَ يَخْرُجُ أَمَامَكَ لِضَرْبِ مَحَلَّةِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ". [15]
ليكن سماع الصوت في أعلى شجر البُكا دليًلا لنا لنسمع حركة الله في إلهامه الإلهي وتأثيرات روحه القدوس.
فَفَعَلَ دَاوُدُ كَمَا أَمَرَهُ الله،
وَضَرَبُوا مَحَلَّةَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ مِنْ جِبْعُونَ إِلَى جَازَرَ. [16]
قام الفلسطينيون بهجومٍ ثانٍ، ونال داود النصرة بطريق آخر بمعونة الله.
وَخَرَجَ اسْمُ دَاوُدَ إِلَى جَمِيعِ الأَرَاضِي،
وَجَعَلَ الرَّبُّ هَيْبَتَهُ عَلَى جَمِيعِ الأُمَمِ. [17]
جعل الرب هيبة داود على كل الأمم، إذ ارتعبت الأمم المحيطة، ونال داود شهرة في الأرض كلها [16-17]. فقد جاء الوعد الإلهي: "يقول الرب: حاشا لي، فإني أُكرم الذين يكرمونني، والذين يحتقرونني يصغرون" (1 صم 2: 30).
v أَقمتَ داود من رعاية الغنمات،
ليرعى شعبك الذي اخترته لك.
أعطيتَه نعمة في أعين كل الأسباط،
وهبتَه نجاحًا ونصرةً في كل عملٍ تمتد إليه يداه.
v أتيت يا ابن داود في عالمنا،
لكي تُقِيمَ ملكوتك في أعماق قلوبنا.
تجعل من قلوبنا أورشليم المتلألئة ببهائك.
وتحوِّل ترابنا إلى أشبه بسماءٍ جديدة.
v أعطيته نعمة في عينيّ حيرام ملك صور،
فبعث برُسُلٍ إليه لإقامة علاقة ودٍّ وصداقة.
وأرسل له بنَّائين ونجَّارين ليبنوا له قصرًا.
نزلتَ بنفسك إليَّ يا ملك الملوك.
وأرسلتَ لي روحك القدوس القدير.
لا ليبني لي قصرًا، بل يُقِيم مني هيكلاً لك.
تعالَ أيها الابن الوحيد مع أبيك وروحك القدوس.
ولتقم في داخلي، وتعلن ملكوتك فيَّ.
v وهبتَ داود أبناءَ في حبرون كما في أورشليم.
وها أنت تهبنا روح البنوة للآب القدوس.
لا تعود تدعونا عبيدًا بل أحبَّاء وأبناء.
نحن لسنا أهلاً أن نُحسَب عبيدًا لك.
حُبُّك أقام منَّا ورثة الله ووارثين معك.
ما هو ميراثنا سوى حُبِّك وحنانك؟!
v ليهج العدو علينا، فنحن مستترون فيك!
أنت ملجأ لنا، وحصن حياتنا!
أنت قائد الموكب وواهب النصرة!
تُحَطِّم إبليس، وتطرحه تحت الأقدام.
v مع كل صباح تتلألأ صورتك في حياتنا.
ترد لنا جمالنا الروحي، وتنزع عنَّا فسادنا!
تُعطِينا روح القوة والسلطة.
فنمتلئ من انعكاس بهائك.
وتتهلل نفوسنا بنُصرتك العجيبة!
_____
← تفاسير أصحاحات أخبار أول: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أخبار الأيام الأول 15 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير أخبار الأيام الأول 13 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/g92q96t