← اللغة الإنجليزية: Egypt - اللغة العبرية: מצרים - اللغة اليونانية: Αίγυπτος - اللغة القبطية: Xhmi - اللغة الأمهرية: ግብፅ - اللغة السريانية: ܡܨܪܝܢ - اللغة الهيروغليفية: (كمت) - اللغة اللاتينية: Aegyptus.
اسم مصر في اللغات الأجنبية مُشْتَق على الأرجح من اسم منفيس في اللغة المصرية القديمة وهو "حي - كو - بتاح" ومعناها "بيت روح بتاح " فصار هذا الاسم في اليونانية أيجييبتس Αίγυπτος. أما المصريون القدماء فقد أطلقوا على بلادهم عدة أسماء منها "كيمي" Xhmi التي تعني "الأرض السوداء" black land ثم أطلقوا عليها اسم "الأرضين" مصر العليا ومصر السفلى أما اسم البلاد في اللغة العربية فهو قريب من اسمها في اللغة العبرية وهو "مصرايم" وتشير صيغة المثنى على الأرجح إلى مصر العليا ومصر السفلى.
ومصر في العصور الحديثة تشبه مستطيلًا في الشمال الشرقي من قارة أفريقيا، ويحدها في الجنوب السودان وفي الشرق البحر الأبيض المتوسط وفي الغرب ليبيا. وقد ذكر المؤرخ هيرودتس في القرن الخامس قبل الميلاد "إن مصر هي هبة النيل" فإن خمسة وتسعين في المئة من سكان مصر يعيشون في مساحة هي أربعة في المئة من المساحة الكلية للبلاد وهذه المساحة الصغيرة التي تعيش فيها غالبية سكان مصر هي المساحة التي ترويها مياه النيل أما ما بقي فهو أرض صحراوية ما عدا بضع واحات تتخلل الصحاري.
أما معدل سقوط الأمطار فهو بمقدار بوصة واحدة أو يزيد قليلًا في القاهرة. أما في أسوان فيكاد نزول الأمطار يكون منعدمًا. وقد ساعد جفاف الجو في مصر على حفظ الآثار القديمة وبخاصة أوراق البردي والخشب والموميات أو الأجسام المحنطة، التي ما كانت لتبقى القرون الطويلة لو أنها وجدت في ارض كثيرة الرطوبة. ويحمل النيل في فيضانه السنوي طميًا يرسب فيخصب الأرض. وقد كان فيضانه في العصور القديمة سببًا في إراحة الفلاحين أثناء فترة الفيضان، ومن ثم أمكن القيام بمشاريع هائلة مثل بناء الأهرام والهياكل ومقابر الملوك وقد كان النيل ولا يزال طريقًا مهمًا للملاحة يستخدم في نقل البضائع والناس من مكان إلى آخر.
وقد عمل الموقع الجغرافي في القديم بين الوادي الضيق والدلتا المنبسطة المتسعة على تقسيم شعب البلاد إلى قسمين متميزين كانا في عصور سحيقة قبل بدء التاريخ قسمين سياسيين متباينين كل التباين. فكانت مصر العليا تمتد من أسوان جنوبًا إلى القاهرة ومعدل اتساع الوادي طوال هذه المسافة حوالي اثني عشر ميلًا فان النيل يتفرع إلى فرعين رئيسين هما فرع دمياط وفرع رشيد ويتفرع عن هذين الفرعين ترع وقنوات كثيرة لتروي الدلتا التي تصل في اتساعها إلى مئة وخمسين ميلًا تقريبًا.
وقد ذكر الكتاب المقدس بعض منتجات مصر وحاصلاتها الصخرية التي تقع على جانبي النيل كانت مصدرًا للأحجار التي بنيت بها الأهرام والهياكل الكثيرة التي تزخر بها أرض مصر. واستخرج حجر الجرانيت من أسوان وكان يستعمل في إقامة المسلات والتماثيل والنواويس، أما الرخام والمرمر فقد جاء من التلال القريبة من بني سويف وكانا يستخدمان في عمل الجرار والقناني لحفظ العطور الثمينة (مت 26: 7). وقد استخرج النحاس من شبه جزيرة سيناء وكان يستخدم قديمًا في صنع الآلات والأسلحة أثناء عصر الإمبراطورية في العصر البرنزي المتأخر. وقد جاء الذهب (تك 41: 42) من الصحراء الشرقية. واستخرج الفيروز وحجر اللازورد من سيناء وكانا يستخدمان لزينة وكحلي للنساء وكانت الحنطة تزرع في مصر بوفرة حتى أن الأجانب كانوا يأتون ويبتاعون قمحًا من مصر من عصر إبراهيم (تك 12: 10) إلى عصر بولس الرسول (أعمال 27: 6، 38). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس الكتاب المقدس والأقسام الأخرى). وأنتجت أرض مصر الخيار والقثاء والبطيخ والكراث والبصل (عدد 11: 5) وكان السمك عنصرًا هامًا من عناصر التغذية [كما يظهر هذا في (عدد 11: 5؛ اش 19: 8)] وكما يظهر أيضًا من النقوش الكثيرة. وكانت الماشية بوفرة في مصر (تك 41: 2). وقد ذكرت أنواعها أو نقشت صورها على الآثار المصرية منذ أقدم العصور وأما الخيل فلم يظهر استخدامها إلا بعد زمن الهكسوس. وكان الحمار أهم دواب الحَمْل (تك 45: 23). وقد نما البردي على شُطآن النيل والترع والقنوات وكانوا يشقونه ويضغطونه ليعملوا منه ورق البردي (2 يو 12) وكان الكتان أهم مصدر لعمل الثياب (تك 41: 42؛ اش 19: 9). وقد اكتشف في المقابر الكثير من الكتان الدقيق الصنع مما يدل على مهارة فائقة في نسجه.
أما البلدان والمقاطعات والأقاليم التي في مصر وقد ورد ذكرها في الكتاب المقدس فهي:
آون (حز 30: 17) أو بيت شمس (ارميا 43: 13) وهي المعروفة لدى الإغريق باسم هليوبولس وكانت مركزًا لعبادة الإله "رع " اله الشمس ومكانها اليوم ضاحية المطرية القريبة من القاهرة، وبعمل صفون (خر 14: 2) وربما كان موقعها بالقرب من تل الدفنة التي هي تحفنحيس كما ذكر الكتاب المقدس. وجاسان (تك 47: 6، 27) وهي منطقة تقع إلى الجانب الشرقي من الدلتا، وحانيس (اش 30: 4) وربما كانت هذه هي المدينة التي عرفت لدى الكتاب الكلاسيكيين باسم هيراكليوبولس الكبرى Herakleopolis Magna وهي التي تعرف في العصور الحديثة باسم اهناسيا المدينة، ومجدل (خر 14: 2) بالقرب من البحر الأحمر أو بحر سوف، ونو (ارميا 46: 25) أو نوآمون (ناحوم 3: 8) وهي التي كانت معروفة لدى الكتاب الإغريق باسم طيبة Thebes وتعرف الآن باسم الأقصر، وكانت عاصمة مصر العليا ومركزًا لعبادة آمون، ونوف (اش 19: 13) أو موف (هو 9: 6) المعروفة في اليونانية باسم ممفيس عاصمة المملكة القديمة ومكانها اليوم "ميت رهينة"، وفتروس (اش 11: 11) في المصرية القديمة "بأتأرسي" لأو أرض الجنوب أو مصر العليا، وفيبستة (حز 30: 17) وهي تل بسطا الحديثة التي تقع إلى الجانب الشرقي من الدلتا، وفم الحيروث (خر 14: 2) بالقرب من البحر الأحمر أو بحر سوف، وفيثوم (خر 1: 1) وقد ظن البعض أنها "تل المسخوطة" وظن آخرون أنها "تل الرطابة" ورعمسيس (خر 1: 11) وربما كان مكانها اليوم بلدة "قنطير" أو "صان الحجر" وكلاهما بلدتان تقعان في شمالي شرقي الدلتا، وسين (خر 30: 15، 16) وهي نفس "بلوسيوم" في العصر الكلاسيكي و"تل الفرماء" في العصور الحديثة، وتقع على بُعْد ثمانية عشر ميلًا شرقي قناة السويس، وسكوت (خر 12: 37) وربما كان مكان هذه اليوم هو "تل المسخوطة" في وادي الطميلات، وأسوان (خر 29: 10)، وتحفنحيس (ار 43: 7؛ حز 30: 18) هي "تل الدغنة" الحديثة في الجزء الشمالي الشرقي من الدلتا، وصوعن (عدد 13: 22) وهي التي كانت معروفة عند اليونان باسم "افارس" أو "تانيس" وهي صان الحجر الحديثة في الجزء الشمالي الشرقي من الدلتا.
قامت في مصر في عصور ما قبل التاريخ عدة ثقافات متنوعة من عام 5000 ق.م. تقريبًا إلى زمن قيام الأسرة الأولى أو حوالي سنة 3200 ق.م. وكانت مراكز هذه الثقافات أو الحضارات في الفيوم ومر مدة بني سلامة ودير تاسا والعمري بالقرب من حلوان والبداري والعمرة وجزرة والمعادي.
وقد ابتدعت الكتابة المصرية القديمة وتقدمت خطوات عظيمة قبل زمن الأسرات. وبدأت الكتابة الهيروغليفية بالصور التي كانت تستخدم أولًا لتمثل الأشياء التي يتناولها الإنسان أو الأعمال التي يقوم بها. ثم استخدمت فيما بعد لتمثل المقاطع، وفي النهاية استخدمت هذه الكتابة لتمثل أصوات مفردة أو الأبجدية الأولى وقد استمرت هذه الثلاثة الأنواع من الكتابة في مصر القديمة جنبًا إلى جنب مدة تزيد على الثلاثة الآلاف سنة. وفي عام 1905 اكتشف العالم الأثري فلندرزبيتري بعض النقوش السامية في سرابية الخادم في سيناء وقد استخدمت هذه النقوش السامية علامات استعارتها من الهيروغليفية المصرية. فهذه الأبجدية السينائية حلقة بين الحروف الهيروغليفية المصرية القديمة وأبجديات العالم الحديث.
وفي أثناء هذه العصور السحيقة ابتدع المصريون التقويم الشمسي الذي أصبح معمولًا به رسميًا في عصر الملك زوسر في الأسرة الثالثة وربما فعل ذلك بناءً على إشارة وزيرة إمحوتب .
من حوالي عام 3200 - عام 2780 ق.م. فقد وجد كاهن مصري يدعى مانيثو حوالي عام 280 ق.م . عني بتأليف تاريخ رسمي لمصر ومع أن هذا التاريخ فقد إلا أن مقتطفات منه حفظت لنا في التواريخ التي كتبها يوسيفوس وأفريكانوس ويوسيبيوسوس وغيرهم. وقد جمع مانيثو ملوك مصر قديمًا في ثلاثين من الأسرات بدأت بالأسرة الأولى وانتهت بفتح الإسكندر لمصر في عام 332 ق.م.
أما عصر الأسرات المبكر فيشمل الأسرتين الأولى والثانية وقد وجدت بعض آثار ذلك الزمن في مقابر سقارة ونقادة ومنفيس وحلوان والفيوم وفي الهياكل في أبيدوس.
وأول ملوك الأسرة الأولى هو مينا أو نارمر وهو الذي وّحد مصر العليا ومصر السفلى ووضعهما تحت سلطة حكومة مركزية واحدة كاملة التنظيم.
من حوالي عام 2780 - عم 2280 ق.م. ويشمل هذا الزمن الأسرات الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة المتضمنة في سجلات مانيثو. وكانت عاصمة هذه المملكة منفيس. ويعرف زوسر بأنه أول ملوك الأسرة الثالثة ومنشؤها وقد عاش حوالي 2780-2761 ق.م. وهو يعرف بهرمه المدرج وبالهيكل الجنائزي الذي بناه في سقارة إلى جوار الهرم المدرج، وقد وضع تصميم هذه الأبنية العظيمة طبيبة ومهندسة ووزيرة إمحوتب.
أما الأسرة الرابعة (حوالي عام 2680 - 2560 ق.م.) فقد وصلت إلى ذروة المجد في التاريخ المصري القديم، وقد حفظت لنا سجلات سنفرو أول ملوكها في حجر بالرمو وقد قام ببناء هرمين في دهشور.
وقد بنى ثلاثة ملوك من الأسرة الرابعة أهرامات عظيمة وهؤلاء الملوك هم خوفو وخفرع وميكرينوس. وأهراماتهم الثلاثة هي أهرامات الجيزة الشهيرة.
(حوالي عام 2280 - 2052 ق.م.) وقد حكم أثناء الأسرات السابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة ملوك لم تكن لهم أهمية تذكر وقد حكموا في منفيس وطيبة وهيراكليوبوليس.
(حوالي عام 2134 - 1778) وقد وّحد منتوحوتب الأول (حوالي 2079-2061) مصر العليا ومصر السفلى معًا، ومهد الطريق لقيام الدولة الوسيطة التي شملت الأسرتين الحادية عشر والثانية عشر.
وفي أثناء حكم الأسرة الثانية عشرة (حوالي 1991-1778 ق.م.) فتحت مناجم جديدة وأكبر حجمًا من أي عصر سابق لذلك العصر في شبه جزيرة سيناء وفي فلسطين وصل فيها إلى شكيم. وقد وجد نقش في مقبرة خنوم - حوتب أحد أشراف الأسرة الثانية عشرة، في بني حسن وبصور النقش الأسيويين يدخلون مصر لكي يحصلوا على الطعام. ويحتمل أن إبراهيم زار مصر لكي يحصل على الطعام خلال ذلك العصر (تك 12: 10-20).
(حوالي عام 1778-1567 ق.م.) هذا هو عصر الانحلال الثاني وقد شمل الأسرات الثالثة عشرة إلى السابعة عشرة وفيه جاء الهكسوس "الملوك الرعاة" أو ربما "ملوك بلاد أجنبية" هؤلاء كانوا على الأغلب سامين غزوا مصر من آسيا، وربما ارتفع يوسف إلى مكانته المرموقة في مصر في زمن هؤلاء الملوك (تك: 41: 14 - 45). وكانت جاسان حيث سكن يعقوب وأسرته (تك 47: 27) بالقرب من فارس عاصمة الهكسوس في الدلتا.
(حوالي عام 1567-1085 ق.م.) وقد اشتملت هذه الفترة على الأسرات الثامنة عشر والتاسعة عشر والعشرين. وكان أول ملوك الأسرة الثامنة عشرة أحمس الأول (حوالي 1570-1546) وهو أصلًا أمير طيبة وقد طرد الهكسوس من مصر. وقد ظن بعضهم أنه هو الملك الجديد الذي لم يكن يعرف يوسف (خر 1: 8) وإذا افترضنا أن تاريخ الخروج هو القرن الخامس عشر فيكون تحتمس الثالث هو فرعون الذي فرّمنه موسى (خر 2: 15) وقد خلفه على العرش أمنحوتب الثاني (حوالي 1436-1411) الذي واصل غزوات أبيه في فلسطين وفي سوريا. وقد كان فرعون الخروج بحسب مانيثو هو أمنوفس، وهذا هو الاسم اليوناني لامنحوتب. وإذا نظرنا في (1 ملو 6: 1) بأن الخروج حدث قبل بناء هيكل سليمان بمدة 48 سنة وقارناه بما جاء في (قضاة 11: 26) (ثلاثمائة سنة من الفتح قبل يفتاح) يبدو لنا الخروج حدث في منتصف القرن الخامس عشر أو حوالي الزمن الذي حكم فيه أمنحوتب الثاني. وقد اكتشف عام 1943 في منفيس نصب تذكاري كان قد أقامه وفيه يذكر أنه أسر 3600 عبيرو أثناء غزوة قام بها في فلسطين وقد ظن بعضهم أن في هذا دليلًا على أن الخروج وقع قبل ذلك ولكن يجب ألا يغيب عن الذهن أن كلمة "عبيرو" مع أنها قريبة من كلمة عبرانيين إلا أنها تستعمل بكيفية أكثر اتساعًا وأكثر شمولًا من كلمة عبرانيين.
وبعد تحتمس الرابع وامنحوتب الثالث ارتقى عرش ابنه امنحوتب الرابع (حوالي عام 1370-1353) فهجر طيبة وبنى عاصمة جديدة سماها أخت-اتون ومكانها اليوم يعرف باسم "تل العمارنة" في مصر الوسطى وقد قام هو وزوجته هليوبوليس دينًا له وهجر عبادة آمون في طيبة وغيّر اسمه إلى اخناتون ومن ثم قام نزاع بينه وبين كهنة آمون في طيبة وبينما كان منشغلًا في إصلاحاته الدينية بدأت الإمبراطورية تفقد ممتلكاتها في فلسطين وسوريا الواحدة بعد الأخرى وقد كان موت اخناتون الضربة القاضية التي قضت على كل إصلاحاته الدينية.
وقد اكتشفت مراسلات امنحوتب الثالث وابنه اممنحوتب الرابع أو اخناتوت الدولية. اكتشفت عام 1887 في تل العمارنة وقد كانت تلك السجلات في شكل لوحات فخارية كتب معظمها بالخط الأكادي المسماري وتذكر هذه اللوحات "الحبيرو" الذين أحدثوا اضطرابًا في فلسطين وسوريا. ويرّجح أن في اسمهم كثيرًا من الشبه مع اسم العبرانيين وقد اعتقد البعض أن العصيان والاضطراب اللذان أحدثهما الحبيرو يتصلان صلة وثيقة بالفتوحات التي قام بها العبرانيون في فلسطين وبذلك يؤيدون النظرية القائلة بأن الخروج حدث في القرن قبل الميلاد. على أن نشاط "الحبيرو" كان أوسع مدى واتساعًا من ميدان نشاط العبرانيين.
أما ثاني الفراعنة الذين خلفوا اخناتون فهو زوج ابنته توت عنخ آتون الذي اضطر إلى ترك عبادة آتون وإلى تغيير اسمه إلى توت عنخ آمون ومعناه "آمون جميل في الحياة" وقد زعم على ترك المدينة الملكية أخت-آتون وأن يعيد البلاط الملكي إلى طيبة. وقد اكتشفت مقبرته في سنة 1922 اكتشفها العالم الأثري هاورد كارتر ووجدت زاخرة بالأثاث الجنائزي.
أما رمسيس من الأسرة التاسعة عشر الثاني الذي حكم حوالي 1223-1290 ق.م. وهو من أشهر فراعنة مصر قديمًا فقد قاد معركة بالقرب من قاديش ضد الحثيين وحلفاءهم فقهرهم وتعقبهم إلى نهر العاصي. وأخيرًا في السنة الحادية والعشرين من ملكه انتهت الحرب بين المصريين والحثيين وعقدت معاهدة صلع بين رمسيس الثاني وحتوسلس ملك الحثيين. وبموجب هذه المعاهدة احتفظت مصر بفلسطين والجزء الجنوبي من سوريا. ويظن كثيرون أن البناء العظيم هو فرعون الذي بنى له العبرانيون المدينة المسماة باسمه رعمسيس (خر 1: 11) وقد وردت في السجلات التي تركها أنه استخدم عبيدًا من "العبيرو" في مشاريع البناء التي قام بها. وعلى أساس تاريخ تخريب بعض المدن في فلسطين يتجه البعض إلى تحديد تاريخ الخروج في أثناء حكمه وفي أوائل القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
ويظن آخرون أن فرعون الخروج هو منفتاح ابن رمسيس الثاني وقد حكم منفتاح حوالي 1211-1223 ق.م. وهذا التاريخ شبيه بالتاريخ الذي تقدمه في أن الخروج حدث في زمن آمون حوتب الثاني وكلاهما يتفقان مع ما جاء في (خروج 2: 32) في هذا الأمر- وهو أن فرعون الذي أراد أن يقتل موسى حكم وقتًا طويلًا ومات بعد أن بقي موسى في البرية قرابة أربعين سنة. وقد سجل منفتاح انتصاراته في فلسطين في نصب تذكاري. وفي هذا النصب التذكاري ذكر بني إسرائيل وهذه المرة الوحيدة التي نجد فيها ذكرهم في أي من النقوش المصرية القديمة ويقول: "لقد أخربت إسرائيل وانمحت ذريته فلا وجود له" ولا بد أن الخروج حدث قبل تاريخ هذا النصب التذكاري أي قبل 1220 ق.م.
وقد ورد نقوش رمسيس الثالث من الأسرة العشرين، والذي حكم حوالي سنة 1160-1192 سجلات على جدران هيكل مدينة حابو أنه رد شعوب البحر الهاجر من الشمال على أعقابهم، ومن بينهم كان شعب بلسطي أو الفلسطينيين الذين ورد ذكرهم في الكتاب المقدس. ولم يستطع هؤلاء الفلسطينيون إلا أن يستقروا في بعض المدن الساحلية في فلسطين مثل غزّة واشقلون وأشدود وعقرون وجتّ.
ويشمل هذا العصر من الأسرة الحادية والعشرين إلى الأسرة الثلاثين أو إلى أن فتح الإسكندر الكبر مصر. وفي أثناء حكم الأسرة الحادية والعشرين (945-1085) كانت العاصمة هي تانيس وكان فرعون الذي آوى هدد الأدومي (1 ملوك 11: 18) أمنوبي أو سيمون في الأسرة الحادية والعشرين. وكان فرعون الذي أعطى ابنته وزوجة لسليمان (1 ملوك 3-1) هو سيمون أو بسوسنس والتبوت الفضي الذي دفن فيه بالقرب من تانيس.
أما فراعنة الأسرة الثانية والعشرين فقد كانوا من أصل ليبي وكانت بوبسطس (تل بسطا) فقد لجأ يربعام ابن نباط إلى شيشق ملك مصر (1 ملوك 11: 40) وقد تمرد يربعام على سليمان فآواه شيشق الذي حكم حوالي 924-945 ق.م. وهو أول ملوك هذه الأسرة. ثم أن شيشق غزا أورشليم فيما بعد وأخذ منها الكنوز في أثناء حكم رحبعام (1 ملو 14: 25، 26؛ 2 أخبار 12: 2-9) ويوجد نقش على الجزء الخارجي من الحائط الجنوبي لهيكل آمون في الكرنك يصور هذه الجملة التي قام بها شيشق ويذكر المدن التي غزاها. ويرّجح أن زارح كورشي الذي غزا يهوذا وهزمه آسا (2 أخبار 14: 9-15؛ 16: 8) كان أحد القواد أوسركون الأول (895-924) وقد أقام الكوشيون في أثناء في أثناء الأسرة الثانية والعشرين والثالثة والعشرين والرابعة والعشرين مملكة مستقلة لهم وكانت عاصمتهم مدينة نباتا وأخذوا يفتحون طريقًا لهم إلى مصر. ولذا فإن سوا الذي أرسل إليه هوشع سفارات (2 ملو 17: 4) ربما كان أوسركون الرابع (727-617 ق.م.) في الأسرة الثالثة والعشرين أو سايس عاصمة الدلتا في ذلك الحين ثم تمكن الكوشيون من التغلب على كل من البلاد وأسسوا الأسرة الخامسة والعشرين (217-366 ق.م.) وكانت آشور في الحين هي الدولة القوية والتي تزداد قوة في الشرق الأوسط القديم. وقد حذر الآشوريين الذين كانوا يحاصرون أورشليم الملك حزقيا ضد الاعتماد على ترهاقة (2 ملوك 19: 8-13). واسمه في اللغة المصرية تهارقة أو يرّجح أنه كان حينئذ قائد جيش ثم أصبح فما بعد أحد الفراعنة الخامسة والعشرين أو الأسرة الكوشية وقد هزم الآشوريون ترهاقة عدة مرات ثم استولوا في النهاية على طيبة في سنة 662 ق.م. (ناحوم 3: 8-10) وفي الأسرة السادسة والعشرين (366-525 ق.م.) كانت العاصمة سايس وقد انتعشت قوة مصر وقد نشطت في أحياء الفن والأدب القديمين وقد زحف نخو الثاني (610-595 ق.م.) في فلسطين محاولًا إغاثة آشور ضد مملكة بابل الناشئة، فاعترض هوشيا ملك يهوذا طريقه في مجدو فهزم يوشيا وقتل (2 ملو 23: 29-30) وخلع نخو فرعون مصر يهواحاز خليفة يوشيا وأقام بدلًا عنه يهوياقيم على عرش يهوذا وفرض عليه الجزية (2 ملو 23: 33-35). وقد وجد في سقارة في عام 1942 مكتوب أرامي مرسل من أحد ملوك المدن في فلسطين إلى نخو ويذكر له فيه تقدم البابليين في جنوب فلسطين وقد ورد وصف هذا التقدم في (1 ملوك 24: 1-17؛ 2 أخبار 36: 6-10). وقد جاء فرعون هفرع الذي يدعوه اليونان إيريس (589-570 ق.م.) إلى معونة صدقيا الذي كان يحاصره البابليون في أورشليم (حز 17: 11-21؛ ار 37: 5). وقد رفع نبوخذنصر الحصار إلى حين حتى يرد هفرع (ار 37: 7، 11). وفي النهاية قتل هفرع، قتله شريكه في الحكم أحمس الثاني وفقًا لنبوة (إرميا 44: 30) وفي أثناء حكم أحمس الثاني (570-526 ق.م.) تقدم نبوخذنصر زاحفًا عليها كما تنبأ أرميا (إر 34: 10-13؛ 46: 13-26).
وفي سنة 525 ق.م. غزا مصر جيش فارسي بقيادة قمبيز وأسس ملوك الفرس الأسرة السابعة والعشرين إلى أن فتح الإسكندر البلاد وقام الحكام المصريون الذين ثاروا على الفرس في أواخر ذلك العصر بتأسيس الأسرات الثامنة والعشرين والثلاثين. وورد في بردي من القرن الخامس قبل الميلاد وكانت تمتلكه الجماعة اليهودية التي كانت تقطن جزيرة الفتيني بالقرب من أسوان، ذكر بعض شخصيات الكتاب المقدس مثل يوحانان الكاهن (نح 12: 22، 23) وأبناء سنبلط (نح 2: 10) وعناني وربما كان هو الذي جاء ذكره في (1 أخبار 3: 24). وتدل هذه الكتابات على أن اليهود الذين كانوا في هذه المدينة التي تقع على الحدود كانوا من ضمن حرس الفرس تحت قيادة الحاكم الفارسي وكان لهم هيكلهم وقد قاموا بممارسة أعيادهم وبخاصة عيد الفصح وفقًا لتعليمات رئيس الكهنة في أورشليم. ويشير وعاء فضي اكتشف في تل المسخوطة إلى قينوبن جشم (نح 2: 19). ويظهر منه أن جشم كان ملكًا عربيًا لقبيلة قيدّار وكان على قيادة حرس حدود مصر الشرقية من قبل الفرس.
عندما وصل الإسكندر بجيشه إلى مصر نادى به الشعب محرّرًا لهم من حكم الفرس وحال وصوله ذهب توًا إلى منفيس وقدم الذبائح للعجل أبيس واستقبله الكاهن كما يستقبل فرعون وعندما عاد إلى الشاطئ وضع أسس مدينة الإسكندرية.
ولما مات الإسكندر في بابل عام 323 ق.م. قسّمت إمبراطوريته على قواده فأخذ بطليموس الأول مصر وأسس أسرة البطالسة التي حكمت مصر إلى أن استولى عليها الرومان. وقد أسس بطليموس الأول مكتبة الإسكندرية الشهيرة التي أصبحت فيها فيما بعد مركزًا مرموقًا للثقافة اليونانية. ويشير (دانيال 11) إلى كثير من البطالسة حتى زمن بطليموس السادس (180-145 ق.م.) ويلقبهم "ملوك الجنوب" ويصف بنوع خاص حربهم ضد السكوليين. وتذكر كتب الأبوكريفا عددًا من البطالسة، مثلًا بطليموس الرابع (3 مكابيين 1: 1). وفي الأسفار القانونية الثانية يوجد السادس (1 مكابيين 1: 18) والسابع (1 مكابيين 15: 16) والثامن (تتمة أستير 11: 1) وقد اكتشف نصب تذكاري أقامه بطليموس الخامس (203-181 ق.م.) مكتوب باللغة الهيروغليفية واللغة الديموطيقية واللغة اليونانية. وهذا النصب هو الذي عرف باسم حجر رشيد وقد فك رموزه العالم الأثري الفرنسي تشامبليون فأصبح مفتاحًا للغة المصرية القديمة وقد نشر أبحاثه في فك هذه الرموز عام 1822.
وكانت آخر البطالسة الملكة كليوباترا وقد جاء يوليوس قيصر الروماني إلى مصر في زمن حكمها في عام 48 ق.م. ثم من بعده جاء ماركوس انطونيوس وقد حاولت كليوباترا بإغرائها وإغوائها هذين القائلين الرومانيين أن تحتفظ بعرش مصر لنفسها ولكن هزم اوكتافيوس أسطول انطونيوس وكليوباترا في معركة أكتيوم البحرية عام 30 ق.م. ورفض أن ينصاع إلى إغواء كليوباترا وإغرائها فما كان منها إلاّ أن قضت على حياتها بيدها وأصبحت مصر إقليمًا رومانيًا.
يخبرنا (متى 2: 13-15) بأن العائلة المقدسة هربت إلى مصر لكي ينجو بالصبي يسوع من فتك هيرودس به، ويُقال أنهم استراحوا تحت شجرة في هليوبوليس ، ويقول التقليد أنهم سكنوا مصر القديمة وتذكارًا لمقامهم هناك أقيم مذبح في سرداب يرى إلى اليوم في كنيسة أبو سرجة أو القديس سرجيوس. ويرّجح أن هذا هو المكان الذي أقامت فيه العائلة المقدسة لأن الجماعة اليهودية في القاهرة كانت تقيم في هذا المكان. ويقول التقليد في الكنيسة المصرية بأنهم زاروا مصر العليا ووصلوا إلى درنكة بالقرب من أسيوط. ويذكر الكتاب المقدس عددًا من مثلي الجماعة اليهودية في الإسكندرية ومنهم من زار أورشليم في يوم الخمسين (أع 2: 10) ومنهم من قاوموا استفانوس (أع 6: 9) وكان أبولس العالم الفصيح من تلك الجماعة (أع 18: 24-28). وكان منهم ثائر ظهر في أورشليم (أع 21: 38). ويقول تقليد قديم مشهور بأن يوحنا مرقس نادى ببشارة الإنجيل في الإسكندرية وبأنه استشهد هناك. ويذكر بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في سلسلة ترجع إلى مرقس الرسول ويدعون بطاركة الكرازة المرقسية. ويعتقد البعض أن (1 بط 5: 13) يشير إلى مصر القديمة التي كانت تعرف باسم بابليون في اللغة اليونانية وهي من أقدم مراكز المسيحية في مصر ولكن كثيرين يعتقدون في هذا القول إشارة مجازية لروما.
أن كثير من فن مصر قديمًا قد حفظ لنا في المقابر الاعتقاد المصريين القدماء بأن صور الطعام والخدم والأواني والأوعية والأثاث لكل يوم من أيام الحياة العادية يمكن أن يستخدمها الموتى. وأما فنّ العمارة والبناء فقد تميز بالعظمة والفخامة الهائلة كما يبدو في أهرامات الدولة القديمة وكما يبدو أيضًا في الهياكل العظمية التي يرجع عهدها إلى الدولة الحديثة. وكذا النقش والحفر والرسم وأنواع الحلي قد وصلت إلى درجة رفيعة من الإتقان والجمال والروعة. وقد رسم أو صور أو نحت الفنان المصري رسومه من ناحية الخاصية البارزة في الأشياء أو من عدة نواح في آن واحد. فمثلًا أصبحت بعض الوقفات أو الأوضاع تقليدًا مصطلحًا عليه لدى الفنانين واحتفظوا بها على مدى الثلاثة الآلاف سنة التي عاشها الفن المصري القديم. أما الفن الذي اتبع في تل العمارنة فقد ترك هذا التقليد جانبًا واضحًا نقوشه ورسومه وحفره ونحته قريبة من الحقيقة الواقعية بعض الشيء، أما في عصر البطالسة فقد ظهر تأثير الفن الإغريقي في تكييف الجسم البشري وإظهار حركاته وعضلاته ومعالمه جميعها.
وربما أثر الفن المصري القديم في فن العبرانيين في بعض المواضع فمثلًا:
(1) العجل الذهبي الذي صنعه هارون لبني إسرائيل في سيناء (خر 32) الذي ربما كان يشبه العجل أبيس أو منفس.
(2) تصميم بعض الهياكل المصرية والمقادس المتنقلة ربما كانت شبيهة بخيمة الاجتماع والتابوت (خر 25-27).
(3) وربما كانت تماثيل أبي الهول المجنحة المصرية تشبه الكروبيم الموضوعة فوق التابوت (خر 25: 18-22) أو المرسومة على أستار خيمة الاجتماع (خر 26: 1).
(4) وقد زين عرش توت عنخ آمون بتماثيل الأسود كما كان عرش سليمان كذلك أيضًا (1 ملوك 10: 19، 20).
(5) وقد ظهر صور لأسرى مقيدين بلاد عديدة عند موطئ قدمي توت عنخ آمون وهناك صورة رمزية تشبه هذه في (مز 110: 1).
(6) ويوجد تمثال لنسر تحمي جناحاه تمثال خفرع المصنوع من الجرانيت الأسود أو الصوان وقد استخدم هذا التشبيه إشارة إلى حفظ الله وحمايته للمؤمن في (مز 17: 8).
نجد بين صنوف الأدب المصري القديم التي حفظت لنا على مر العصور بعض النصوص الجنائزية التي جاءتنا من المقابر، وكتاب الموتى (وهو عبارة عن تعليمات للمائت وإرشادات له يستعين بها عندما يمثل للدينونة)، وترانيم للآلهة ومقطوعات مديح تخلد انتصارات الملوك والأمثال والقصص وأشعار الحب والمراسلات والوثائق للمعاملات اليومية والتجارية والنصوص الحسابية والطبية والسحرية.
ويمكننا أن نتبيَّن شيئًا من العلاقة بين الأدب المصري القديم والكتاب المقدس فيما يأتي:
(1) بعض الكلمات العبرية في العهد القديم مشتقة من اللغة المصرية القديمة. فمثلًا كلمة يئور (مشتقة من ارو) وتعني النيل، واسم موسى (ربما كان من مسو التي معناها مولود من، وتظهر في أسماء الملوك مثل رعمسيس أي مولود رع)، واسم فنيخاس (من بنحسي، أي "النوبي").
(2) الشبه الذي يراه بعضهم بين قصة انبو وباطا المصرية القديمة وقصة يوسف وفوطيفار، وكذلك الاعترافات السلبية الواردة في "كتاب الموتى" والعشر وصايا ولكن الفرق بين هذه وتلك الاختلاف بينها شاسع إلى الحد الذي يجعل أي تشابه إن وجد ضئيلًا إلى الغاية.
(3) أشار إلى كثير من العلماء إلى التشابه الظاهري بيت ترنيمة اخناتون للإله آتون والمزمور المئة والرابعة ولكن يمكن أن يعزو أي تشابه، إِن وجد، إلى تشابه الموضوع الذي يتحدث عن الخلق والعناية فلا يمكن أن نثبت من ها أن هناك علاقة أدبية بينهما.
(4) يرى بعض العلماء تشابهًا بين أمثال أمون-ام-اوبي التي كتبت حوالي 1100-950 ق.م. وبين كلمات الحكيم الواردة في (أمثال 22: 17-24: 22).
(5) في عصر ما بين العهدين أصدرت الجماعة اليهودية في الإسكندرية كتابات مهمة وترجمات إلى اللغة اليونانية لها اعتبارها. فمن ضمن الأبوكريفا اخرجوا المكابيين الثاني والترجمة اليونانية للحكمة أو سيراخ ومن بين السود أبيجرافا أو الكتب المنتحلة نجد رسالة أرستياس ووحي سبلين والمكابيين الثالث والرابع وأخنوخ الثاني وباروخ الثالث. ومن أهم ما صدر عن الإسكندرية، الترجمة السبعينية وهي ترجمة للكتب المقدسة في العهد القديم من اللغة العبرانية إلى اللغة اليونانية وقد بدأت كما يذكر التقليد في زمن بطليموس الثاني أو فيلادلفس (285-246) وقد جعلت هذه الترجمة الكتاب المقدس كتابًا مفتوحًا لليهود الذين كانوا يتكلمون اللغة اليونانية وللأمم وللمسيحيين فيما بعد.
(6) وقد ظهر في الإسكندرية الفيلسوف اليهودي فيلو الذي حاول أو يوّفق بين أفلاطون وفلسفته والكتاب المقدس وهو يستخدم بعض العبارات والوسائل في تفسير العهد القديم شبيه بعض الشبه بما نجده في إنجيل يوحنا والرسالة إلى العبرانيين. فيتحدث فيلو مثلًا عن اللوغس أو "الكلمة" كواسطة الخلق وهذا يشبه ما جاء في (يوحنا 1: 3) "به كل شيء كان وبغيره لم يكن شيء مما كان"، أما الفرق العظيم بين ما كتبه فيلو عن الكلمة وبين ما كتبه يوحنا أن "الكلمة" في يوحنا شخص تاريخي متجسد في يسوع المسيح. ويشير فيلو إلى أن الهيكل الأرضي رمز إلى الهيكل السماوي كما يشير إلى هذا كاتب الرسالة إلى العبرانيين (عب 9: 11، 23، 24). وكذلك يذكر فيلو "ملكي صادق" كرمز ومجاز للعقل الصائب الخيّر بينما يذكره كاتب الرسالة إلى العبرانيين رمزًا للمسيح الفادي والوسيط الأعظم.
(7) بعض الأقوال التي تنسب إلى المسيح في بعض الأناجيل الغنوسية القبطية التي ترجع إلى القرن الرابع أو الخامس الميلاديين والتي اكتشفت حديثًا في نجع حمادي في مصر العليا شبيهة بأقوال المسيح المذكورة في البشائر القانونية. إنما في هذه الأناجيل الغنوسية الكثير من الميول التقشفية والتنكسية وكذلك نجد فيها بعضًا من الأفكار الثنائية وهذه كلها بعيدة كل البعد عن العهد الجديد.
يمكن أن نذكر آلهة المصريين القدماء الكثيرة تحت ثلاثة رؤوس.
(1) آلهة أماكن معينة مثل بتاح إله منفس والتمساح أو سوبك إله الفيوم-وآمون الذي له رأس الكبش إله طيبة.
(2) آلهة كونية مثل آلهة القبة الزرقاء "نوت" وآلهة الأرض "جب" وإله الشمس "رع".
(3) آلهة تقع عليها مسؤولية أعمال الحياة مثل مئات آلهة الحق والعدل مثل"سخمت" التي لها رأس كرأس اللبؤة آلهة الحرب والمرض ومثل "هاثور" الآلهة التي فيشكل البقرة وهي آلهة المحبة و"توت" الذي له رأس الأيبس أو أبو قردان وهو إله الحكمة.
وكان بتاح ورع أهم الآلهة في الدولة القديمة ولكن مكانة أمون ارتفعت كثيرًا في الدولة الحديثة بحيث أصبح سيد الآلهة امتزج برع أما عبادة الإله الواحد "أتون" التي ابتدعها اخناتون فلم يقدر لها إلا أن تبقى أمدًا قصيرًا. وأهم أساطير مصر القديمة هي أسطورة أوزيرس. وتقول على جسده فحنطه ثم قام من بين الأموات وأصبح اله العالم السفلي وحملت ايزيس بحورس من أوزيريس بعد موته. وقد كانت عبادة سراببيس مزجًا بين عبادة أوزيريس وأبيس وبعض العناصر اليونانية. وقد أدخلت هذه العبادة على العبادات المصرية القديمة في عصر البطالسة.
وهناك بعض التشابه بين ديانة المصريين القدماء وديانة الكتاب المقدس ولكن يجب أن لا يغيب عن البال أن هناك مفارقات وتناقضًا شديدًا بين الديانتين.
(1) فالختان الذي مارسه القدماء من أقدم العصور. كان أول من مارسه من رجال الكتاب المقدس إبراهيم وقد مارسه بناء على أمر إلهي فختن أولًا ابنه إسماعيل الذي ولدته له أمته المصرية هاجر (تك 16: 3؛ 17: 23).
(2) وقد ورد ذكر التخطيط لمدة أربعين يومًا (تك 50: 3) ووضع الميت في تابوت (تك 50: 26) ويتفق هذان العملان مع ما كان يعمله المصريون القدماء ويمارسونه.
(3) كان أحد الأغراض التي قصدها الرب من الضربات التي أوقعها على آل فرعون أن يظهر سمة الإله الواحد الرب الذي في السماء على آلهة المصريين الكثيرة (خر 9: 14).
(4) إِنه من الصعب جدًا أن يثبت أحد أن هناك علاقة مباشرة بين عبادة اله واحد هو أتون وبين عبادة وبين عبادة الإله الواحد الرب. فإن عبادة الرب تمتاز بمطالبها الخلقية الكثيرة وبانعدام وجود الأصنام والتماثيل فيها- فلم تكن عبادة قرص الشمس بل كانت التعبد لرب الشمس وخالقها.
(5) رأى بعض الآباء المسيحيين الأولين أن في ديانة أوزيريس تمهيد الطريق وإعدادها لمجيء المسيح. إلا أن القصة المصرية القديمة قصة الإله الذي ممات وقام أسطورة وخرافة أما سجل حياة يسوع المسيح وموته وقيامته كما ورد في الإنجيل فهو سجل تاريخي حقيقي وواقعي. وكذلك نجد في أسطورة الثلاثي المتعدد الآلهة من أوزيريس وايزيس وهورس اختلافًا جوهريًا قويًا بينه وبين عبادة الإله الواحد الثالوث الأقدس.
قبل أن اكتشفت لفائف وادي قمران Qumran scrolls كانت أقدم المخطوطات العبرية للعهد القديم تلك التي اكتشفت في مصر من أمثال بردي ناش وجزازات الجنيزة من مجمع بن عزرا في مصر. القديمة ونسخة لنينجراد التي استخدمها العالم "كتيل" أساسًا للنص العبري المشهور الذي ينسب إليه. ومن ضمن المخطوطات الكتابية التي جاءت من مصر ما يأتي: بردي شيدي ويشمل نبوات حزقيال ومن المرجح أن جدًا أن النسختان العظيمتان النسخة الفاتيكانية والسينائية نسختا في مصر. وهناك جزازة من إنجيل يوحنا من ضمن بردي جون ريلندز يرجع تاريخها إلى حوالي عام 125 الميلادي. وهناك أيضًا بردي أو كسرنخس وبردي تشستر بيتي Chester Beatty وبردي بودمر المكتشف حديثًا والذي يشمل إنجيل يوحنا وإنجيل لوقا والرسائل الجامعة. كل هذه جادت بها أرض مصر. وكذلك يجد العلماء في الترجمات القبطية القديمة شهادة قوية مبكرة جدًا لنص الكتب المقدسة.
وقد ورد ذكر مصر كثيرًا في النبوات فمثلًا نجد ذكرها في (أش 19؛ 30؛ ارميا 46؛ حز 29-32) وتشمل هذه النبوات إنذارات موجهة إلى مصر في ذلك الحين كما تشمل الوعد والتنبؤ بأن المصريين سيعرفون الرب وبأن الرب سيبارك مصر (اش 19: 21، 25). وقد أشار إشعياء إلى مصر في إحدى نبواته مستعملًا اسمًا مجازيًا هو "رهب" أي "الكبرياء" (اش 30: 7).
* انظر أيضًا: نهر النيل، رحلة موقع الأنبا تكلاهيمانوت للحبشة وزيارة منابع نهر النيل، عامرة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/f5pr2md