St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   19-Resalet-3ebranieen
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص أنطونيوس فكري

عبرانيين 7 - تفسير رسالة العبرانيين

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين:
تفسير رسالة العبرانيين: مقدمة رسالة العبرانيين | عبرانيين 1 | عبرانيين 2 | عبرانيين 3 | عبرانيين 4 | عبرانيين 5 | عبرانيين 6 | عبرانيين 7 | عبرانيين 8 | عبرانيين 9 | عبرانيين 10 | عبرانيين 11 | عبرانيين 12 | عبرانيين 13

نص رسالة العبرانيين: عبرانيين 1 | عبرانيين 2 | عبرانيين 3 | عبرانيين 4 | عبرانيين 5 | عبرانيين 6 | عبرانيين 7 | عبرانيين 8 | عبرانيين 9 | عبرانيين 10 | عبرانيين 11 | عبرانيين 12 | عبرانيين 13 | عبرانيين كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

آيات 1-4: 1 "لأَنَّ مَلْكِي صَادَقَ هذَا، مَلِكَ سَالِيمَ، كَاهِنَ اللهِ الْعَلِيِّ، الَّذِي اسْتَقْبَلَ إِبْرَاهِيمَ رَاجِعًا مِنْ كَسْرَةِ الْمُلُوكِ وَبَارَكَهُ، الَّذِي قَسَمَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عُشْرًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. الْمُتَرْجَمَ أَوَّلًا «مَلِكَ الْبِرِّ» ثُمَّ أَيْضًا «مَلِكَ سَالِيمَ» أَيْ «مَلِكَ السَّلاَمِ» بِلاَ أَبٍ، بِلاَ أُمٍّ، بِلاَ نَسَبٍ. لاَ بَدَاءَةَ أَيَّامٍ لَهُ وَلاَ نِهَايَةَ حَيَاةٍ. بَلْ هُوَ مُشَبَّهٌ بِابْنِ اللهِ. هذَا يَبْقَى كَاهِنًا إِلَى الأَبَدِ. ثُمَّ انْظُرُوا مَا أَعْظَمَ هذَا الَّذِي أَعْطَاهُ إِبْرَاهِيمُ رَئِيسُ الآبَاءِ، عُشْرًا أَيْضًا مِنْ رَأْسِ الْغَنَائِمِ!"

سبق الرسول وقارن بين المسيح وكل من الملائكة وموسى ويشوع وهرون. ثم أخذ مثلًا بالوعد لإبراهيم أبو الآباء. وحينما أتى لإبراهيم اقتطف جزءًا من قصة إبراهيم وهو لقائه مع ملكي صادق (تك14: 18). هذا الجزء يبدو لليهود غامضًا وبلا معنى فكيف يخضع إبراهيم أبو الآباء لملكي صادق هذا ويعطيه العشور من كل شيء بل أن ملكي صادق يبارك إبراهيم. فإن كان إبراهيم قد حمل في صلبه كل شعب اليهود ومعهم سبط لاوي والكهنة ورؤساء الكهنة. فيكون كل هؤلاء قد تصاغروا جدًا أمام ملكي صادق الذي كان بالطبع رمزًا للمسيح. فملكي صادق يبارك إبراهيم الذي له المواعيد.

 

رموز ملكي صادق للمسيح

  1. هو ملك وكاهن. وبالنسبة لليهود فالمُلك والكهنوت لا يجتمعان أبدًا لشخص واحد إذ أن الملك من سبط يهوذا والكهنوت من سبط لاوي. وفي هذا يشير ملكي صادق للمسيح الملك ورئيس الكهنة.

  2. من جهة اسمه ملكي صادق التي تعني ملك البر. فالمسيح مَلَكَ على القلوب بصليبه "تكون الرياسة على كتفهِ" (إش9: 6). ويُعطينا حياته لتكون أعضائنا آلات بر تعمل لحساب مجد الله (رو6). فالمسيح قيل عنه "الرب برنا" (إر23: 6 + 33: 16) وقال عنه الرسول "... نصير نحن بر الله فيه" (2كو5: 21).

  3. من جهة عمله فهو ملك ساليم أي ملك السلام والمسيح معطي السلام للكنيسة (يو33:16 + 14: 27).

  4. ماذا قدم ملكي صادق لإبراهيم؟ خبزًا وخمرًا وهذا هو طقس كهنوت ملكي صادق.

  5. وجاءت ترجمة وَكَانَ كَاهِنًا ِللهِ الْعَلِيِّ في الإنجليزية هكذا: And he was the priest of the most high God. ونرى أن كلمة كاهن جاءت مُعَرَّفة بـ"الـ" في الترجمة الإنجليزية، وفى هذا إشارة لأن هناك كهنوت واحد هو كهنوت المسيح الذي يرمز له كهنوت ملكى صادق.

  6. ملكي صادق ظهر مرة واحدة في الكتاب المقدس والمسيح قدم ذبيحة مرة واحدة.

  7. لا يوجد تسلسل كهنوتي لملكي صادق. فهو لم يستلم كهنوته من أحد والمسيح الذي عينه كاهنًا هو الله حين أقسم بهذا (مز110).

  8. كهنوت ملكي صادق متفوق على الكهنوت اللاوي فإبراهيم أعطى له العشور. بل أن العشور يقبلها الله فقط فملكي صادق هذا يرمز لابن الله (عب7: 2).

  9. كون أن ملكي صادق يبارك إبراهيم فهذا أيضًا يثبت تفوق كهنوت ملكي صادق على كهنوت هرون والكهنوت اللاوي الخارجين من صلب إبراهيم (عب7: 1).

  10. ملكي صادق بلا أب بلا أم بلا نهاية ولا بداية حياة بلا نسب (عب7: 3). هذا لا يعني أنه حقًا بلا أب ولا أم ولا نسب وأنه يحيا حتى الآن. ولكن الكتاب لم يذكر له أي نسب ولا أي عائلة، لم يذكر أبوه ولا أمه ولم يذكر متى ولد ولا متى مات على الرغم أن الكتاب دائمًا يشير لأصل ومواليد الشخصيات المهمة. ولكن لم يذكر أباه لأنه يرمز للمسيح الذي له أم بالجسد ولكن ليس له أب بالجسد. ولم يذكر أمه أي أن المسيح الذي من جهة لاهوته بلا أم. لم يذكر له نهاية حياة ليرمز للمسيح الذي سيكون كهنوته إلى الأبد كاهنًا إلى الأبد. وكاهنًا يشفع في شعبه إلى الأبد (عب7: 3). لم يذكر له بداية أيام لأنه يرمز للمسيح الأزلي، أي الذي بلا بداية. وهو بلا سجل أنساب لأنه يرمز للمسيح الذي سيظل رئيس كهنة لم يستلم كهنوته من كاهن قبله. وبلا أنساب أي لا يعقبه كهنة آخرون رمزًا لأبدية كهنوت المسيح. أما الكهنوت اللاوي فكان بالوراثة.

  11. يقول المفسرون أن ملكي صادق هو الذي بنا أورشليم، ومن هنا جاء اسمه ملك ساليم. والمسيح أسس أورشليم السماوية أي الكنيسة.

 

St-Takla.org Image: Abraham and Melchizedek - from The Nuremberg Chronicle, book by Hartmann Schedel, 1493. صورة في موقع الأنبا تكلا: إبراهيم وملكي صادق - من كتاب تاريخ نورنبيرج، بقلم هارتمان شيدل، 1493 م.

St-Takla.org Image: Abraham and Melchizedek - from The Nuremberg Chronicle, book by Hartmann Schedel, 1493.

صورة في موقع الأنبا تكلا: إبراهيم وملكي صادق - من كتاب تاريخ نورنبيرج، بقلم هارتمان شيدل، 1493 م.

آية 5: "وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ بَنِي لاَوِي، الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الْكَهَنُوتَ، فَلَهُمْ وَصِيَّةٌ أَنْ يُعَشِّرُوا الشَّعْبَ بِمُقْتَضَى النَّامُوسِ، أَيْ إِخْوَتَهُمْ، مَعَ أَنَّهُمْ قَدْ خَرَجُوا مِنْ صُلْبِ إِبْرَاهِيمَ."

حسب الناموس كانت كل الأسباط تقدم عشورها لسبط لاوي. وكل الأسباط هم أيضًا من نسل إبراهيم وإسحق ويعقوب. فيكون سبط لاوي يأخذ العشور من إخوته.

 

آية 6: "وَلكِنَّ الَّذِي لَيْسَ لَهُ نَسَبٌ مِنْهُمْ قَدْ عَشَّرَ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارَكَ الَّذِي لَهُ الْمَوَاعِيدُ!"

ولكن ملكي صادق لم يكن له نسب مع إبراهيم. وبالتالي لا صلة نسب مع لاوي ومع هذا أخذ الأعشار من إبراهيم وبارك إبراهيم.

 

آية 7: "وَبِدُونِ كُلِّ مُشَاجَرَةٍ: الأَصْغَرُ يُبَارَكُ مِنَ الأَكْبَرِ."

فإن كان ملكي صادق قد بارك إبراهيم يكون ملكي صادق أكبر من إبراهيم.

 

آية 8: "وَهُنَا أُنَاسٌ مَائِتُونَ يَأْخُذُونَ عُشْرًا، وَأَمَّا هُنَاكَ فَالْمَشْهُودُ لَهُ بِأَنَّهُ حَيٌّ."

أناس مائتون = هم اللاويون الذين بحكم الطبيعة يموتون. وهم يأخذون الأعشار ولكن في حالة ملكي صادق والذي لم يتحدث الكتاب عن موته كأنه يشهد له أنه حيّ يأخذ الأعشار من إبراهيم. والمسيح (ورمزه ملكي صادق) حيّ وكهنوته أبدي.

 

آية 9، 10: "حَتَّى أَقُولُ كَلِمَةً: إِنَّ لاَوِي أَيْضًا الآخِذَ الأَعْشَارَ قَدْ عُشِّرَ بِإِبْرَاهِيمَ.10لأَنَّهُ كَانَ بَعْدُ فِي صُلْبِ أَبِيهِ حِينَ اسْتَقْبَلَهُ مَلْكِي صَادَقَ."

لاوي كان في صلب إبراهيم حين أعطى إبراهيم العشور لملكي صادق، وكأن لاوي دفع العشور هو أيضًا لملكي صادق. فيكون ملكي صادق أعظم من اللاويين والكهنة.

 

آية 11: "فَلَوْ كَانَ بِالْكَهَنُوتِ الّلاَوِيِّ كَمَالٌ ­ إِذِ الشَّعْبُ أَخَذَ النَّامُوسَ عَلَيْهِ ­ مَاذَا كَانَتِ الْحَاجَةُ بَعْدُ إِلَى أَنْ يَقُومَ كَاهِنٌ آخَرُ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ؟ وَلاَ يُقَالُ عَلَى رُتْبَةِ هَارُونَ."

إذا كان من الممكن أن نبلغ العلاقة الكاملة ونحقق الصلة القوية بالله بواسطة الكهنوت اللاوي، فما الداعي أن يقيم الله كهنوت جديد على رتبة ملكي صادق ونلاحظ أن الناموس مؤسس على الكهنوت اللاوي.

 

آية 12: "لأَنَّهُ إِنْ تَغَيَّرَ الْكَهَنُوتُ، فَبِالضَّرُورَةِ يَصِيرُ تَغَيُّرٌ لِلنَّامُوسِ أَيْضًا."

تغيير نظام الكهنوت كله استتبع تغيير الناموس. واستبدل العهد القديم بالعهد الجديد. لأنه يستحيل إقامة كهنوت جديد بنفس طقس هرون فطقس هرون ثبت عجزه عن التطهير بواسطة الذبائح الحيوانية.

 

آية 13: "لأَنَّ الَّذِي يُقَالُ عَنْهُ هذَا كَانَ شَرِيكًا فِي سِبْطٍ آخَرَ لَمْ يُلاَزِمْ أَحَدٌ مِنْهُ الْمَذْبَحَ."

هذه الآية تشير إلى ملكي صادق وأنه لم يكن من سبط لاوي الذي يخرج منه الكهنة الذين يخدمون المذبح. وملكي صادق يرمز للمسيح الذي لم يكن هو أيضًا من سبط لاوي بل من سبط يهوذا. ومن سبط يهوذا لا يخرج كهنة. فإذا فهمنا أن المسيح سيكون كاهنًا على طقس ملكي صادق أي ليس من سبط لاوي فيلزم إذن أن يحل كهنوت جديد بدلًا من الكهنوت اللاوي.

 

آية 14: "فَإِنَّهُ وَاضِحٌ أَنَّ رَبَّنَا قَدْ طَلَعَ مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ عَنْهُ مُوسَى شَيْئًا مِنْ جِهَةِ الْكَهَنُوتِ."

طلع = فالمسيح هو شمس البر وهو جاء من سبط يهوذا. ولا يخرج من سبط يهوذا كهنة. 

 

آية 15: "وَذلِكَ أَكْثَرُ وُضُوحًا أَيْضًا إِنْ كَانَ عَلَى شِبْهِ مَلْكِي صَادَقَ يَقُومُ كَاهِنٌ آخَرُ."

في الآية السابقة قال أنه واضح. وهنا يقول والأكثر وضوحًا قول المزمور أن الكهنوت المشار إليه سيكون على طقس ملكي صادق الذي ليس من سبط لاوي. فهو كهنوت جديد.

 

آية 16: "قَدْ صَارَ لَيْسَ بِحَسَبِ نَامُوسِ وَصِيَّةٍ جَسَدِيَّةٍ، بَلْ بِحَسَبِ قُوَّةِ حَيَاةٍ لاَ تَزُولُ."

قَدْ صَارَ لَيْسَ بِحَسَبِ = قد صار كاهنًا ليس بحسب... وَصِيَّةٍ جَسَدِيَّةٍ = أي أن كهنوت المسيح ليس بحسب ناموس موسى الذي كان يشترط أن يكون الكاهن من صلب هرون وحينما يموت هرون يقوم ابنه برياسة الكهنوت وهكذا. نرى أن هذا الكهنوت يقوم فيه رؤساء كهنة يموتون ويقوم غيرهم. فالكهنوت يُتَوارث بحسب الجسد، والجسد يموت.

فكيف يعطي هذا الكهنوت وهؤلاء الكهنة الذين يموتون حياة أبدية لمن يشفعون فيهم.

لكن كهنوت المسيح رئيس كهنتنا كهنوت أبدي (آية 17) أي إلى الأبد، فالمسيح حي إلى الأبد لا يموت. والمسيح يقدم جسده كذبيحة حية ليعطي شعبه حياته الأبدية = بَلْ بِحَسَبِ قُوَّةِ حَيَاةٍ لاَ تَزُولُ كما نصلي ونقول "يُعْطَى لغفران الخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه". والكهنة المسيحيين يستمدون كهنوتهم من كهنوت المسيح.

بالمسيح انتهى عصر الخيرات الزمنية كمكافأة وانفتح باب الرجاء على الخيرات الأبدية السماوية. فرئيس كهنتنا وشفيعنا أبدي في السماء.

 

آية 17: "لأَنَّهُ يَشْهَدُ أَنَّكَ: «كَاهِنٌ إِلَى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ»."

هذه الآية تأتي لشرح الآية السابقة فالوحي الإلهي يشهد لداود عن المسيح أنه كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق فلا يوجد كاهن لاوي يدوم كهنوته للأبد فهم بشر يموتون.

 كاهن إلى الأبد:-

 

آية 18: "فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضَعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا."

الناموس والوصية عجزا عن أن يدخلا بالإنسان للاقتراب إلى الله أو الإتحاد معه. لذلك أُبطِلت الوصية والناموس، والوصية التي أُبطِلت هي طقوس الكهنوت والكهنوت نفسه. والكهنوت ووصاياه أبطلا لضعفهم وعجزهم عن تبرير الإنسان. الكهنوت الهاروني لا يقدر أن يعطي حياة أبدية، الذبائح تعطي غفران للخطايا ولكنها لا تعطي حياة أبدية. (والغفران كان كشيك مكتوب على ظهره تاريخ صلب المسيح، كما قال ناثان النبي لداود "الرب نقل عنك خطيتك"). فالحياة الأبدية لا مصدر لها سوى الإتحاد بالله الوحيد الحي إلى الأبد.

 

آية 19: "إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئًا. وَلكِنْ يَصِيرُ إِدْخَالُ رَجَاءٍ أَفْضَلَ بِهِ نَقْتَرِبُ إِلَى اللهِ."

إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئًا = إذ عجز الناموس عن تنفيذ قصد الله الأزلي في أن يحيا الإنسان للأبد، كان لا بد من أن يبطل ليقوم كهنوت جديد يعطي رجاء في حياة أبدية.

وبعد أن يبطل الكهنوت وناموسه يصير إدخال رجاء أفضل به نقترب إلى الله هو الكهنوت الذي على طقس ملكي صادق.

نقول أن ذبائح الناموس قد تغفر الخطايا لكنها عاجزة عن شفاء الضمير المتألم لمحبته للخطية، بل أن الناموس كان كمؤدب أي ليخيف الناس من ارتكاب الخطية بينما أن محبة الخطية داخل القلب. لذلك كان الناموس غير قادر أن يُكَمِّل أحد. وفي مقابل الموت الذي يفرضه الناموس على الخاطئ نجد رجاء حي للاقتراب لله في العهد الجديد.

 

الآيات 20، 21: "وَعَلَى قَدْرِ مَا إِنَّهُ لَيْسَ بِدُونِ قَسَمٍ، لأَنَّ أُولئِكَ بِدُونِ قَسَمٍ قَدْ صَارُوا كَهَنَةً، وَأَمَّا هذَا فَبِقَسَمٍ مِنَ الْقَائِلِ لَهُ:«أَقْسَمَ الرَّبُّ وَلَنْ يَنْدَمَ، أَنْتَ كَاهِنٌ إِلَى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ»."

كهنوت المسيح أفضل وتتضح أفضليته في أن الله أعطاه بقسم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). أما الكهنوت اللاوي فبدون قسم.

 

آية 22: "عَلَى قَدْرِ ذلِكَ قَدْ صَارَ يَسُوعُ ضَامِنًا لِعَهْدٍ أَفْضَلَ."

إذا كان يسوع قد صار كاهنًا بصورة أسمى وأفضل من الكهنوت اللاوي فمعنى هذا أنه قد صار ضامنا ومحققًا لعهد أفضل وأسمى.

 

الآيات 23، 24: "وَأُولئِكَ قَدْ صَارُوا كَهَنَةً كَثِيرِينَ من أَجلِ مَنْعِهِمْ بِالْمَوْتِ عَنِ الْبَقَاءِ، وَأَمَّا هذَا فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يَبْقَى إِلَى الأَبَدِ، لَهُ كَهَنُوتٌ لاَ يَزُولُ."

كان رؤساء الكهنة يموتون ويرثهم أولادهم علامة على ضعف الكهنوت اللاوي. أما المسيح فلم يهزمه الموت قط ولذلك كهنوته أبدي. ونلاحظ أن الموت كان يعتبر نجاسة في العهد القديم فرئيس الكهنة يفقد كهنوته بعد موته. أما المسيح فموته هو أساس كهنوته، فالموت لم ينجسه لأنه انتصر عليه وقام ليشفع فينا للأبد.ولأن المسيح حيّ سيعطي حياة لمن يشفع فيهم (يو11: 25، 26). ولأنه حيّ فهو لا يسلم كهنوته لأحد ويبقى هو كاهنًا إلى الأبد.

 

آية 25: "فَمِنْ ثَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضًا إِلَى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى اللهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ."

إِلَى التَّمَامِ = أي كل حين وتعني أيضًا يخلص كل الإنسان (جسد ونفس وروح) وتعني أيضًا أنه يخلص كما يريد الله للإنسان الخلاص بحسب محبته في أن يعطي للإنسان حياة أبدية. هو يخلص وإلى الأبد الذين يجيئون بواسطته إلى الله.

ليشفع فيهم = إن ثبتنا في المسيح لا يرانا الآب بل يرى ابنه، وقد غطانا بدمه = هذا معنى الشفاعة الكفارية (كفارة من غطاء = cover). وهذا معنى قول الرب على الصليب "اغفر لهم بعد أن كان قد تغطى جسده بدمه"، وجسده هو كنيسته التي غطَّاها بدمه. أي فلتبدأ الغفران أيها الآب بعد أن تمت الكفارة. لذلك يطلب الرب قائلا "اثبتوا فيَّ وأنا فيكم". فمن هو ثابت في المسيح يغطيه دم المسيح فيصير مقبولا أمام الله.

 

آية 26: "لأَنَّهُ كَانَ يَلِيقُ بِنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ مِثْلُ هذَا، قُدُّوسٌ بِلاَ شَرّ وَلاَ دَنَسٍ، قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ."

هنا نرى صفات المسيح رئيس كهنتنا. ونلاحظ أن لفظ قُدُّوسٌ لا يقال سوى عن الله، أما البشر فيقال عنهم قديسين (إش6: 3). بِلاَ شَر= أما الكهنة اللاويين فكانت لهم خطاياهم ويحتاجون لمن يقدسهم. انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ = ليس أنه قاطعهم بل هو جاء لأجلهم، بل تعني: انفصل عن خطاياهم، ولم يكن في فمه غِش. وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ = السموات مأخوذة هنا بمعنى مجازي فالسموات تشير لكل ما يسمو ويعلو. يَلِيقُ بِنَا = إن الكهنوت اللاوي قد أبطل لعدم نفعه، إذ أن الله في محبته للبشر وجد أنه يليق بهم خلاصًا أبديا تامًا. يليق بنا = أي على قدر محبته لنا وليتم قصد الله فينا.

 

آية 27: "الَّذِي لَيْسَ لَهُ اضْطِرَارٌ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ أَنْ يُقَدِّمَ ذَبَائِحَ أَوَّلًا عَنْ خَطَايَا نَفْسِهِ ثُمَّ عَنْ خَطَايَا الشَّعْبِ، لأَنَّهُ فَعَلَ هذَا مَرَّةً وَاحِدَةً، إِذْ قَدَّمَ نَفْسَهُ."

رئيس الكهنة اللاوي يخطئ يوميًا فهو يحتاج لذبيحة عن نفسه دائمًا. كُلَّ يَوْمٍ = تعني دائمًا. ولذلك كان يتطهر بالماء يوميًا حتى يدخل للأقداس. ويقدم ذبيحة عن نفسه لو أخطأ. ويقدم ذبيحة عن خطاياه سنويًا في عيد الكفارة. أما المسيح فهو بلا خطية وحين قدم نفسه ذبيحة عنا ، كان هذا مرة واحدة وفيها كل الكفاية. أما ذبيحة الإفخارستيا فهي ليست ذبيحة مختلفة عن ذبيحة الصليب بل هي نفسها ذبيحة الصليب الدائمة وهذا معنى كهنوت المسيح الأبدي على طقس ملكي صادق، هي توزيع ما تقرر لنا في ذبيحة الصليب من بركات. والكاهن المسيحي يوكله الله ليقوم بالخدمة الإفخارستية بالنيابة عن المسيح الكاهن الحقيقي . فمن يستطيع تقديم المسيح ذبيحة سوى المسيح نفسه ، ويوكل الكاهن المسيحي في هذا العمل الإفخارستي.

 

آية 28: "فَإِنَّ النَّامُوسَ يُقِيمُ أُنَاسًا بِهِمْ ضَعْفٌ رُؤَسَاءَ كَهَنَةٍ. وَأَمَّا كَلِمَةُ الْقَسَمِ الَّتِي بَعْدَ النَّامُوسِ فَتُقِيمُ ابْنًا مُكَمَّلًا إِلَى الأَبَدِ."

رئيس الكهنة اللاوي مهما كان قديسًا فهو يخطئ ويموت. ورئيس الكهنة اللاوي هذا يقام بالناموس. أما الكلمة والوعد الذي أُعْطِىَ بقسم، والذي أُعْطِى بعد الناموس، كلمة القسم هذه قد أقامت رئيس الكهنة ابن الله. الذي كان في حياته الأرضية كاملًا بلا خطية وتكمل بالآلام. ويظل رئيس كهنة للأبد.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات عبرانيين: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/19-Resalet-3ebranieen/Tafseer-Resalat-Al-Ebranyeen__01-Chapter-07.html

تقصير الرابط:
tak.la/54rztpv