محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16
آية 1: "فَلْنَخَفْ، أَنَّهُ مَعَ بَقَاءِ وَعْدٍ بِالدُّخُولِ إِلَى رَاحَتِهِ، يُرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ أَنَّهُ قَدْ خَابَ مِنْهُ!"
إلى راحته = هناك 3 أنواع من الراحة:
1. راحة الله يوم السبت،
وهي راحة الله حين تمم الخلاص للإنسان في منتصف اليوم السابع للخليقة. وبها حصلت الراحة الأبدية التي نالها البشر بالفداء وكعربون لها التعزيات والفرح والسلام الذي يعطيه الله بروحه القدوس لنا الآن على الأرض.2. دخول الشعب إلى أرض الراحة تحت قيادة يشوع وهذه راحة أرضية رمزًا للراحة
السماوية في كنعان السماوية.3. دخولنا إلى الراحة الأبدية في المسيح يسوع سر راحتنا وكرمز لها دخولهم كنعان.
هذه تتم على 3 مراحل:
1. ونحن على الأرض يعطينا الروح القدس تعزيات تكون كندى ينزل على أوراق الشجر وسط حرارة الشمس الحارقة (التجارب وآلام هذا العالم) فلا تحترق الأوراق
(راجع إش18: 4).2. بعد الانتقال تبدأ راحة حقيقية
في الفردوس للروح والنفس والجسد.أ. راحة الجسد = فلا أمراض ولا آلام في الجسد.
ب. راحة النفس = فلا قلق ولا حزن ولا هم ولا اكتئاب.
ت. راحة الروح = وهذا في قربها من الله لانعدام فرص الخطية فما كان يبعد الإنسان عن الله هو الخطية الناشئة عن ضعف الجسد.
3. الراحة في المجد حين يلبس الإنسان الجسد الممجد بعد المجيء الثاني.
فالمسيح هو سر الراحة الحقيقية فيه يستريح الآب ونستريح نحن أيضًا. في راحته نجد راحتنا بأن نستقر في أحضان الآب السماوي. والآب إرتاح في الابن لطاعته.
وكإشارة لراحة الآب بسبب طاعة الابن الذي قدَّم نفسه ذبيحة فأعادنا إلى أحضان الآب نسمع:- 1- عند تقديم ذبائح المحرقات (لا1) يقول عنها "وقود رائحة سرور للرب". وعند تقديم نوح لمحرقته "تنسم الرب رائحة الرضا" (تك8: 21). فتقديم المسيح نفسه كمحرقة على الصليب في طاعة كاملة نُحسب فيه طائعين.2- عند معمودية المسيح في الأردن، وبها نعود لأحضان الآب يقول الآب "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت".
فكانت طاعة المسيح هي بداية عودتنا لأحضان الآب ودخولنا للراحة، لكن
يلزمنا الاجتهاد حتى لا تفلت منا هذه الراحة = يرى أحد منكم أنه قد خاب منه كما حدث مع اليهود وحرموا من دخول أرض الميعاد. ولنلاحظ أن كل وعد بالراحة في العهد القديم كان يرمز للراحة في المسيح التي ستكمل في الأبدية. لأن راحة السبت أو راحة كنعان لم تحقق الراحة الكاملة للشعب. لكن هذه الراحة ستكمل في المسيح الذي يكمل كل أعواز الإنسان من جهة محبة الله ومقاصده الحلوة لنا. فلنخف = هو يكلم العبرانيين حتى يخافوا من ارتدادهم عن الإيمان.ونلاحظ أن الرسول بعد ما قارن بين المسيح وموسى نجده هنا يقارن بين المسيح
ويشوع، فيشوع أدخلهم للراحة الزمنية في كنعان. ولكن هذه الراحة الزمنية ليست هي كل قصد الله لشعبه، بل الله يُعِّد لهم راحة أبدية.نحن نحسب كاملين وبلا لوم وبلا دينونة، إن ثبتنا في المسيح الكامل (كو1: 28 + أف1: 4 + رو8: 1). وبنفس المفهوم نحن في المسيح نحسب طائعين. ونحن نصبح ثابتين في جسد المسيح إن سلكنا حسب الروح ولا نسلك بحسب شهوات الجسد الخاطئة (رو8: 1). والروح القدس يعطي معونة هي النعمة لنسلك بحسب الروح وليس بحسب الجسد، وهذا لمن يجاهد أي يغصب نفسه (مت11: 12) على السلوك بالروح وليس بالجسد. والآن بالمعمودية نصير أعضاء في جسد المسيح، الكنيسة كلها تصبح جسد المسيح، والمسيح رأس الكنيسة جسده، ويأتي بها للآب في حالة طاعة وخضوع كما أرادها الآب من البدء (1كو15: 28). وهذا هو السبب في فرحة الآب يوم معمودية المسيح، يوم أسس المسيح بمعموديته سر المعمودية الذي به نصير أعضاء في جسده فنعود إلى حضن الآب كأبناء للآب في ابنه المسيح.
آية 2: "لأَنَّنَا نَحْنُ أَيْضًا قَدْ بُشِّرْنَا كَمَا أُولئِكَ، لكِنْ لَمْ تَنْفَعْ كَلِمَةُ الْخَبَرِ أُولئِكَ. إِذْ لَمْ تَكُنْ مُمْتَزِجَةً بِالإِيمَانِ فِي الَّذِينَ سَمِعُوا."
قَدْ بُشِّرْنَا
= بالأخبار السارة أي الوعد بالراحة في السماء. كما أولئك = الله بشر شعب إسرائيل بأنه سيعطيهم الراحة في أرض كنعان. كَلِمَةُ الْخَبَرِ = الإنجيل لنا والوعد بكنعان لهم. وكلمة الله قوية جدًا (آية 12) ولكن هذه القوة تعمل فيمن له إيمان = مُمْتَزِجَةً بِالإِيمَانِ. فلنحذر إذن أن نقابل كلمة الموعد بعدم إيمان. لم تنفع = هلك الكثيرين من شعب إسرائيل في برية سيناء مع أنهم سمعوا وعود الله.
آية 3: "لأَنَّنَا نَحْنُ الْمُؤْمِنِينَ نَدْخُلُ الرَّاحَةَ، كَمَا قَالَ:«حَتَّى أَقْسَمْتُ فِي غَضَبِي: لَنْ يَدْخُلُوا رَاحَتِي» مَعَ كَوْنِ الأَعْمَالِ قَدْ أُكْمِلَتْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ."
نص المزمور 95:
هلم نسجد ونركع ونجثو أمام الرب خالقنا.. لأنه هو إلهنا ونحن شعب مرعاه وغنم يده. اليوم ان سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم كما في مريبة مثل يوم مسة في البرية، حيث جربني آباؤكم. اختبروني. أبصروا أيضًا فعلي. أربعين سنة مقت ذلك الجيل وقلت هم شعب ضال قلبهم وهم لم يعرفوا سبلي. فأقسمت في غضبي لا يدخلون راحتي.داود هنا يحذر شعبه أن لا يُقَسُّوا قلوبهم في الخطية بل يتوبوا حتى لا تضيع منهم الراحة.
نَدْخُلُ الرَّاحَةَ
= نفهم من المزمور أن هناك راحة موعود بها ندخلها. ومن يؤمن بالمسيح يبدأ طريق الراحة، حقًا هي راحة يشوبها الآن آلام هذا العالم ولكنها بداية ثم تكمل بعد نهاية هذا العالم في راحة بلا ألم حيث يمسح الله كل دمعة من العيون (رؤ7: 17).حَتَّى أَقْسَمْتُ فِي غَضَبِي: لَنْ يَدْخُلُوا رَاحَتِي
= (مز95: 11) يقصد بولس الرسول أن يقول لولا أن الله قد هيأ لشعبه راحة ما كان يقسم بأنه سوف يحرمهم منها. ويتساءل الرسول هنا عن ما هي الراحة التي يتكلم عنها داود في المزمور 95 هل هي راحة السبت؟ ويجيب الرسول ويقول... لا قطعا... فالراحة التي استراحها الله بعد أن أكمل الخليقة انتهى موضوعها بنهاية الخلقة. هذه الراحة التي يعد بها الله ليست راحة يوم السبت. فالله أكمل خلقة العالم منذ زمان = الأَعْمَالِ قَدْ أُكْمِلَتْ.
آية 4: "لأَنَّهُ قَالَ فِي مَوْضِعٍ عَنِ السَّابعِ هكَذَا: «وَاسْتَرَاحَ اللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ جَمِيعِ أَعْمَالِهِ»."
كما استراح الله بعد أن أنهى كل أعماله الخاصة بالخلقة، هكذا سيحدث للبشر، فبعد أن ننهي الأعمال التي خلقنا الله لنعملها (أف2: 10) سندخل إلى الراحة التي أعدها الله لنا.. والله لم يتعب إذ خلق العالم فقرر أن يستريح في اليوم السابع. لكننا نحيا الآن في اليوم السابع للخليقة، والله استراح فيه بأن تمم الفداء
، وبه عادت لأبنائه الحياة الأبدية معه.والله لا يرتاح إذ أنه لا يتعب. ولكنه استراح بكمال خلاصنا وفدائنا الذي تم بالصليب وكان هذا في اليوم
السابع. والله مازال يعمل حتى الآن (يو5: 17). فموضوع السبت انتهى ونحن نحفظ السبت لنذكر السماء التي نذهب إليها والتي أعادنا لها المسيح بفدائه بعد أيام غربتنا هنا على الأرض. فنحن نرتاح يوم السبت ونسبح ونفرح بخلاصنا كما فرح الله بعودتنا له بالصليب. والنتيجة التي توصل لها الرسول أن الراحة التي يتكلم عنها داود ليست هي راحة السبت، فمنذ دخول اليهود لأرض الميعاد وهم كل أسبوع يرتاحون كل يوم سبت، إذًا إن كان هناك وعد براحة فهي قطعًا غير يوم السبت.
آية 5: "وَفِي هذَا أَيْضًا:«لَنْ يَدْخُلُوا رَاحَتِي»."
ما زال الرسول في بحثه عن الراحة التي يتكلم عنها داود. ويتساءل هل هي أرض كنعان. فالله هيأ الراحة لشعبه في كنعان ودعاهم إليها ولكن هناك من فشل في الوصول إليها، وذلك بسبب عدم الإيمان. والله أعد لنا راحة في السماء فلنحذر حتى لا نفشل وتضيع منا.
الآيات 6، 7: "فَإِذْ بَقِيَ أَنَّ قَوْمًا يَدْخُلُونَهَا، وَالَّذِينَ بُشِّرُوا أَوَّلًا لَمْ يَدْخُلُوا لِسَبَبِ الْعِصْيَانِ، 7يُعَيِّنُ أَيْضًا يَوْمًا قَائِلًا فِي دَاوُدَ:«الْيَوْمَ» بَعْدَ زَمَانٍ هذَا مِقْدَارُهُ، كَمَا قِيلَ:«الْيَوْمَ، إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ»."
سبق الرسول وقال إن الراحة المقصودة في مز 95 ليست هي السبت.
والرسول هنا يريد أن يثبت أن المقصود في المزمور ليست الراحة الأرضية في كنعان. وأن الراحة المقصودة هي راحة ما بعد الزمان. ودليله في هذا أن داود يكلم شعبه أن لا يقسوا قلوبهم فيخسروا الراحة، فأي راحة يتكلم عنها داود وهم في أرض كنعان فعلًا، أرض الراحة، إن لم تكن راحة ما بعد الزمان. فَإِذْ بَقِيَ أَنَّ قَوْمًا يَدْخُلُونَهَا فهذا يعني أن من لا يتقسَّى قلبه سيدخل، كل من يسمع داود في (مز8:95-11) ولا يقسي قلبه سوف يدخل سواء من شعب داود أو من المسيحيين فكلام داود هو لنا أيضًا. فإن ضاعت من بني إسرائيل الراحة بسبب العصيان، تكلم الله على لسان داود بوعد براحة أخرى ما زال أمامنا فرصة لدخولها.
آية 8: "لأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَشُوعُ قَدْ أَرَاحَهُمْ لَمَا تَكَلَّمَ بَعْدَ ذلِكَ عَنْ يَوْمٍ آخَرَ."
لو كانت أرض كنعان هي الراحة الحقيقية لما قال داود ما قاله في مزمور 95.
آية 9: "إِذًا بَقِيَتْ رَاحَةٌ لِشَعْبِ اللهِ!"
هناك راحة أبدية محفوظة لشعب المسيح في الأبدية.
راحة = استخدم بولس الرسول هنا ولأول مرة كلمة جديدة للراحة وهي σαββατισμός سباتزموس وهي كلمة مركبة من اليهودية العبرية (سبت) ومضاف لها مقطع يوناني. والكلمة تشير للراحة السبتية إشارة للراحة الأبدية. وكان اليهود لو أتى عيد الفصح يوم سبت يطلقون عليه السبت العظيم وهم لا يدرون أنهم في المستقبل سوف يكون هنا يوم سبت عظيم (يو19: 31) فيه سيموت المخلص. فالسبت يعني راحة، وموت المسيح بداية الراحة الحقيقية. وراحتنا الحقيقية هي في السبت الأبدي حصلنا عليها بموت المسيح وندخلها بعد انتهاء أعمالنا الأرضية.
آية 10: "لأَنَّ الَّذِي دَخَلَ رَاحَتَهُ اسْتَرَاحَ هُوَ أَيْضًا مِنْ أَعْمَالِهِ، كَمَا اللهُ مِنْ أَعْمَالِهِ."
لأن الذي دخل راحته = كلمة راحة هنا سباتزموس أيضًا ولم تذكر ثانية في أي مكان. والمقصود أن أول من أكمل عمله كان هو المسيح وكان عمله الفداء والصليب وبعدهما دخل لهذه الراحة كباكورة. ونحن نبدأ في دخول هذه الراحة لحظة إيماننا بالمسيح وستكمل في الأبدية. وكما استراح الله بعد الخلقة استراح الابن بعد تجديد الخلقة بالفداء. كَمَا اللهُ مِنْ أَعْمَالِهِ = وهذه الآية تشير للتساوي التام بين الآب والإبن.
آية 11: "فَلْنَجْتَهِدْ أَنْ نَدْخُلَ تِلْكَ الرَّاحَةَ، لِئَلاَّ يَسْقُطَ أَحَدٌ فِي عِبْرَةِ الْعِصْيَانِ هذِهِ عَيْنِهَا."
فلنجتهد = الرسول هنا يوجه الدعوة لنعمل كل الجهد حتى لا تضيع منا الراحة واضعين أمام أعيننا صورتين:
1. صوت عويل من مات في البرية وهذا للتخويف.
2. صوت تهليل وتسبيح سحابة القديسين (عب12: 1) وهذا للتشجيع.
والاجتهاد المستمر يعني ثبوتنا في الراحة الأبدية. الإيمان وحده لا يكفي، بل علينا أن نعمل كل الجهد لكي نسلك في الفضيلة.
هناك راحة معدة لنا يحذرنا أن لا نفقدها وهذه الراحة الموعودة في مز 95 ليست هي راحة السبت التي ارتاحها الله وليست هي راحة دخولهم كنعان بل هي راحة ما بعد الزمان والدليل الذي يسوقه بولس الرسول كما رأينا:
1. ليست هي راحة السبت:- لأن داود يتكلم عنها بعد أن أنهى الله أعماله راجع آية 3 مع كون الأعمال قد أكملت منذ تأسيس العالم.
2. ليست هي راحة كنعان:- فداود يتكلم عنها وهم في كنعان (مز95).
آية 12: "لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ."
في آية (11) قال الرسول فلنجتهد. وقد يتساءل إنسان لماذا نجتهد فيجيب الرسول هنا بأن كلمة الله لها خطورتها فهو وَعَدَ بالراحة ووعده لا بُد سيتم، كلمته لها هيبتها والله يعلم خبايا النفوس. وكلمة الله تدين أي انحراف في المشاعر والميول (يو 12: 48) فكلمة الله لها قدرة على تمييز ما هو داخل النفس لأن كل شيء مكشوف أمامه في الخليقة. كلمة الله الآن هي للتعليم وللإنذار وللتقويم ولكنها هي نفسها التي سنقف أمامها عرايا في اليوم الأخير مكشوفي الضمائر والأفكار. ولكنها الآن هي سلاحنا الذي يسندنا في جهادنا للدخول إلى الراحة سواء الكلمة المكتوبة أم الكلمة المتجسد الذي يدخل إلى حياتنا الخفية، يعمل في القلب والحواس ويقدس كل أعضائنا مهيئًا إيانا بروحه القدوس لينطلق بنا إلى حضن أبيه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). هو الكاشف أسرارنا الداخلية وعارف بأعماقنا وقادر على تجديدها. وبكلمة الله المكتوبة ندخل للقاء المسيح المختفي وراء الحروف. فيالسعادة من ينقاد لكلمة الله ووصاياه ويتعلم من الإنجيل ويا لشقاء من يقاوم. فلأن الله يعلم النيات فيستحيل أن يضمر الإنسان عدم طاعة لله والله لا يعلم.
حَيَّةٌ
= كلمة الله لها قوة الحياة حينما نسمعها. فهي حية ومحيية (يو5: 24 + 6: 68) تقيم من موت الخطية (يو5: 25) بل هي تخرج من القبور (يو28:5، 29).فَعَّالَةٌ
= لها ثمر في حياة من يسمعها، هي تكشف للإنسان طبيعته وأعماقه وتظهر ما هو رديء فيه، لذلك ارتعب فيلكس أمام كلمات بولس الرسول (أع24:24، 25) ومن ثم تقود النفس أسيرة لجلالها في طريق الفضيلة.أمضى من كل سيف = الكلمة أمضى من كل سيف الذي هو ذو حدين.
الحد الأول :- يقطع به الله محبة الخطية من القلب وهذا يسميه الكتاب ختان القلب بالروح (رو 2: 29). وبهذا يولد الإنسان ولادة جديدة "مولودين ثانية لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى، بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد" (1بط1: 23). وهذا ما قاله السيد المسيح "وأنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به" (يو15: 3). فكلمة الله حيَّة وقادرة أن تنقي وتحيي وتَلِد.
أما الحد الثاني :- فهو حد إدانة. فمن لا يتجاوب مع كلمة الله ويولد ثانية ويتنقى تدينه كلمة الله "فتب وإلا فإني آتيك سريعًا وأحاربهم بسيف فمي" (رؤ2: 16)، الكلام الذي تكلمت به هو يدينه في اليوم الأخير (يو12: 48). وأما من يهمل دراسة كلمة الله فهو يدفن وزنته وينطبق عليه "هلك شعبي من عدم المعرفة" (هو4: 6).
خارقة = تصل لكل ما هو خفي داخل النفس. إلى مفرق النفس والروح = من الأشياء المخفية أين تلتقي النفس مع الروح وأين يفترقان. ولكن كلمة الله تصل لهذا المفرق وتفصل بينهما للتطهير لتعد الإنسان للراحة العليا. فالإنسان لا يسهل علية أن يفرق بين ما هو للنفس وما هو للروح أما كلمة الله فتميز أفكار الإنسان بسهولة وتكشفها له. فهناك أشياء تبدو لنا أنها روحية ولكنها هي أصوات رغباتنا داخلنا. والجلوس أمام كلمة الله يكشف لنا هذا من ذاك.
المفاصل والمخاخ = أي ما هو ظاهر (المفاصل) وما هو خفي في الإنسان (المخاخ) فهناك سلوك ظاهر للإنسان، ولكن هناك أشياء باطنية خفية فيه تكشفها كلمة الله.
آية 13: "وَلَيْسَتْ خَلِيقَةٌ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ قُدَّامَهُ، بَلْ كُلُّ شَيْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَيْ ذلِكَ الَّذِي مَعَهُ أَمْرُنَا."
كلمة الله لها قدرة على تمييز ما هو خفي داخل النفس. والمسيح هو كلمة الله فاحص القلوب والكلى.
آية 14: "فَإِذْ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ عَظِيمٌ قَدِ اجْتَازَ السَّمَاوَاتِ، يَسُوعُ ابْنُ اللهِ، فَلْنَتَمَسَّكْ بِالإِقْرَارِ."
يشوع وحده لم يكن قادرًا على عبور الأردن إلى كنعان الراحة إلا لو كان معه رئيس الكهنة والكهنة حاملي التابوت. ونحن لنا رئيس كهنة يحملنا فيه ليعبر إلى كنعان السماوية ونستقر في حضن الآب. رئيس كهنة عظيم = فهرون وباقي رؤساء الكهنة خلفاءه كانوا يجتازون الحجاب إلى داخل قدس الأقداس الأرضي فقط. أما المسيح رئيس كهنتنا فاجتاز السماء أي دخل إلى اللامنظور ودخل إلى الفائق السمو. هو دخل إلى الراحة الأبدية.
فلنتمسك بالإقرار= أي بالإيمان. لا ننكر إيماننا.
آية 15: "لأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ."
يَرْثِيَ
= يشترك بمشاعره كما بكى المسيح على قبر لعازر ويشفق علينا، بل أن بطرس الرسول يطلب منا أن نفعل هذا (1بط 8:3).فكم وكم يفعل المسيح. فلا يخطر على بالنا أن المسيح طالما هو في السماء فهو لا يهتم بنا. بل لأنه تعرض لما نتعرض له فهو شاعر بآلامنا. هو يشعر بالظلم الواقع علينا وبكل
ألم نتألم به، فلم يُظلَم أحد أو تألم أحد كما ظُلِم هو وتألم. لذلك هو قادر أن يرفع هذا الظلم أو الألم وإن لم يرفعه فهو يعد لنا مكافأة سماوية إن احتملنا وعزاءً أرضيًا الآن فهو يشترك معنا بمشاعره.بل مجرب = الإنسان يجرب من الخارج بالظلم والآلام ويجرب من الداخل من شهوته (يع14:1، 15). أما المسيح فقد جُرِّب من الخارج فقط وليس من الداخل فالخطية ليست فيه. وإبليس جربه وفشل (مر12:1، 13) ولما فشل في تجربته بالخطايا من الداخل جربه بالآلام من الخارج والخيانة (يهوذا) وإهانات وشتائم الناس.
بلا خطية = وفي هذا يختلف عن رؤساء الكهنة العاديين.
آية 16: "فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ."
نتقدم بثقة = كان من يتقدم ويقترب من الأقداس يُقْطَع، أما الآن فنحن نتقدم واثقين أنه حسب وعده الأمين والعادل من يعترف يطهره بدمه من كل خطية (1يو7:1-9). فلنتقدم إذا بكل ثبات وإيمان إلى عرشه الذي تنبع منه النعمة لنحصل على غفران خطايانا.
ونجد مراحمه عونا لنا حين تدهمنا التجارب = في حينه.
← تفاسير أصحاحات عبرانيين: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير عبرانيين 5 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
تفسير عبرانيين 3 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/t6j2drj