* الله إلهنا إله واحد مثلث الأقانيم. وأقنوم تعني صفة أقنومية بدونها لا يقوم الكيان. فنقول الله كائن عاقل حي. لا يمكن أن تختفي أي صفة من الثلاثة. ولكل أقنوم شخصيته المتفردة فنحن نسمع أن الروح القدس في سفر أعمال الرسل كان يوجه التلاميذ والرسل (أع8: 29 + أع10: 19 + أع13: 2-4). وفي (إش48: 16) نرى الآب والروح القدس يُرسلان الابن ليقوم بعمل الفداء.
* من تعاليم الأنبا رافائيل عن الثالوث(1):
• الآب غير الابن غير الروح القدس لكن الثلاثة هم واحد في الجوهر. وهم متساوون في كل شيء. فلو قلنا الآب ضابط الكل نقول الابن ضابط الكل ونقول الروح القدس ضابط الكل. ولو قلنا الابن مُخَلِّص فالآب أيضًا مخلص والروح القدس مخلص. هناك فقط صفة واحدة تميز الآب عن الابن عن الروح القدس تسمى الصفة الأقنومية. فالآب هو ينبوع مولود منه الابن والروح القدس منبثق منه. وكلمة آب تعني مصدر أو ينبوع يخرج منه الابن بالولادة والروح القدس بالانبثاق. وهذا مثل الشمس يخرج منها نور وحرارة. والثلاثة أقانيم في وحدة أزلية أبدية.
• الأقنوم هو شخص ولكنه غير منفصل عن باقي الأقانيم أي أن الأقانيم الثلاثة متحدين. الثلاثة أقانيم هم ثلاثة أشخاص يعملون معا مع توزيع الأدوار. فالثلاثة أقانيم خلقوا العالم. ونقول الله خلق العالم بالابن أي بحكمته، وخلصنا بالابن ويعطي الحياة بروحه القدوس.
*ونحن كبشر مخلوقين على صورته كشبهه، راجع تفسير الآية (تك1: 26). الله كائن عاقل حي، والإنسان كائن عاقل حي. فمن ليس له عقل لا يكون إنسانا بل حيوان، ينتفي منه الكيان الإنساني. ومن هو بلا روح نقول عنه ميت بلا كيان.
*كلمة أقنوم باليونانية هيبوستاس ύπόστασiς = ستاس تعني قائم وهيبو تعني مساعد. وبهذا تعني كلمة هيبوستاس ما يقوم عليه الكيان.
*والله أعلن لنا عن طبيعته اللاهوتية ما يكفي لنفهمه بعقولنا وكيف نتعامل معه. الله موجود بذاته، وناطق بكلمته، وحيٌّ بروحه القدوس. هذه هي الصفات الذاتية لله. الذات الإلهي الكائن بذاته. وهذا الكائن له عقل، وهذا العقل هو خالق أوجد كل هذا الوجود ويدبره ويحفظه كما يقول القديس بولس الرسول "فيه يقوم الكل" وبنفس المعنى يقول أيضًا أنه "حامل كل الأشياء بكلمة قدرته" (كو1: 17 + عب1: 3). وهذا الكائن حيٌّ بروحه وهو يحيي الخليقة كلها (الملائكية والإنسانية والحيوانية والنباتية). والثلاثة أقانيم هم واحد. ولأننا على شبه الله نقول أننا ثلاثة أقانيم ذات وعقل وروح والثلاثة هم واحد.
بنوة ذاتية: المسيح هو كلمة الله، ابن الله، ليس بمفهوم أن الله تزوج وأنجب له ابنًا. ولا هي بنوة إنتسابية كما نقول فلان ابن النيل أو ابن مصر. ولكن البنوة الذاتية تعني مثلًا: *الكلمة التي أتكلمها هي بنت العقل دون زواج العقل، هي كلمة مولودة من العقل وتعبر عنه وتحمل فكره ولكن بلا انفصال عنه. يمكن لهذه الكلمة أن تكتب وتنشر في كل مكان دون أن تنفصل عن العقل. مثال آخر، نور الشمس يشمل كل الأرض ولكنه يتحد بالنبات فيما يُسَمَّى بالتمثيل الكلوروفيلي دون أن ينفصل عن الشمس، أي أننا لن نجد النور محصورا في النبات. فالابن الكلمة موجود في كل مكان ويدبر أمور الخليقة، وفي نفس الوقت هو متحدا بجسده وظاهرا فيه.
*يقول القديس بولس الرسول عن المسيح أنه قد "حلَّ فيه كل ملء اللاهوت جسديًّا" (كو2: 9) وهذا يعني إتحادا كاملا بين اللاهوت والناسوت، فكان المسيح هو يهوه المتجسد. الابن وحيد الجنس. طبيعة متفردة لا يوجد لها مثيل – لاهوت (الطبيعة الإلهية) متحدًا بناسوت (الطبيعة الإنسانية).
قال غير المؤمنين أن حلول يهوه الإله في الإنسان يسوع المسيح يجعل الله محدودا في داخل إنسان، فكيف يدير الكون؟! بل كيف يدير الله الكون وهو ميت في القبر؟!
والحل بسيط جدًا – الشمس هي كائن يمكن أن نقول عنه مثلث الأقانيم. الشمس هي شمس واحدة. يولد منها الضوء، وتنبثق منها الحرارة (ويمكن القول أن الشمس لها 3 أقانيم – الشمس والضوء والحرارة). والنبات ينمو بالتمثيل الكلوروفيلي Photosynthesis وهو إتحاد أقنوم الضوء بجزيئات النبات، وأقنوم الحرارة يحيط بالنبات، الحرارة تحيط به لينمو. فبينما اتحد الضوء بالنبات، وحرارة الشمس أحاطت بالنبات، كان ضوء الشمس يغمر المسكونة كلها ولا يحده شيء، وحرارة الشمس تدفئ المسكونة كلها ولم تنحصر في النبات. الله في طبيعته اللاهوتية لا يحده مكان أو زمان. هو موجود في السماء والأرض، بل هو موجود في الهاوية أي الجحيم "إن صعدت إلى السموات فأنت هناك. وإن فرشت في الهاوية فها أنت" (مز139: 8). فإن قلنا أنه غير موجود في الجحيم نجعل الله محدودا. ولنطبق مثال الشمس والنبات على تجسد المسيح:- لقد إتحد أقنوم الابن بجسده الذي أخذه من بطن العذراء، وكان الروح القدس الذي حلَّ على العذراء مريم يهيئ مستودعها (لو1 : 35) - وهذا لم يُحِّدْ لا الابن ولا الروح القدس في بطن العذراء، ولا في جسد المسيح المتحد به لاهوت الإبن. بل اللاهوت في كل مكان يدير ويضبط الكون كضابط الكل.
وفى موت المسيح انفصلت الروح الإنسانية عن الجسد الإنساني، وظل اللاهوت يدير الكون ويضبطه، متحدًا بالجسد الذي في القبر، ومتحدًا بالروح التي ذهبت للجحيم لتفرج عن المنتظرين على الرجاء، ويذهب بهم المسيح إلى الفردوس. وبعد القيامة اتحد بجسد المسيح حياة أبدية، وبعد الصعود جلس المسيح عن يمين الآب أي صار لجسد المسيح نفس مجد لاهوته الأزلي. وكان كل ذلك لحسابنا. فبالمعمودية نموت مع المسيح بإنساننا العتيق ونقوم معه بحياة جديدة أبدية، وبعد القيامة نتمجد معه (رو6 ، يو17: 24).
*الآب ذات الله، وكلمة الآب هي كلمة أرامية (سريانية) وتعني المصدر أو النبع الذي يلد الإبن/ الكلمة/العقل/ اللوغوس/ الحكمة/ والقوة. ويبثق الروح القدس المحيي. الآب هو الله، والابن هو الله، والروح القدس هو الله. ولكن الآب ليس هو الإبن، والإبن ليس هو الروح القدس، وهذا ما نسميه تمايز الأقانيم. وهذا كما نقول أن عقل الإنسان ليس هو روحه، لكن العقل هو الإنسان والروح هو الإنسان. فأنا أخطط لمشروع بعقلي ولكن أقول أني أنا الذي صممت هذا المشروع. ونقول أن الابن هو عقل الروح القدس والروح القدس هو روح الابن. والآب روحه هو الروح القدس وهكذا الإبن.
الآب موجود بذاته، ناطق بكلمته، وحيٌّ بروحه.
والإبن عاقل بذاته، حيٌّ بالروح، موجود بالآب.
والروح حيٌّ بذاته، عاقل بالكلمة، موجود بالآب.
*واليهود كان عندهم فكرة عن هذا ولكن كانت فكرة غير واضحة. فحينما يقولون الله، يقولون إلوهيم (بالجمع أي آلهة) "في البدء خلق إلوهيم السماوات والأرض" (تك1: 1). ويعرفون روح الله "كان روح الله يرف على وجه المياه" (تك1: 2). ويعرفون أن الله يخلق بكلمته، فحين يقال أن الله قال"ليكن نور فكان نور" (تك1: 3) يفهمون أن الله خلق بكلمته، فيقول داود النبي في المزمور "بكلمة الرب صنعت السموات" (مز33: 6). فكان يمكن أن يقال أن الله خلق النور دون أن تذكر كلمة - وقال، لكن الوحي كان يشير أن كلمة الله خلق كل شيء. لذلك كان التركيز على عبارة "وقال الله" طوال الإصحاح والمعنى أن الله يخلق بأقنوم الكلمة. وفي سفر الأمثال "من صعد إلى السموات ونزل. من جمع الريح في حفنتيه. من صَرَّ المياه في ثوب. من ثبت جميع أطراف الأرض. ما اسمه وما اسم ابنه إن عرفت" (أم30: 4). فاليهود يعرفون أن اسم الله يهوه، ويعرفون أن اسم ابنه هو عقل يهوه.
*الإبن هو قوة الله وحكمة الله (1كو1: 24) وبقوته وحكمته خلق كل شيء وفيه يقوم الكل (كو1: 17)، أي أن الابن يضبط كل الخليقة ويحفظها. بل هو يهب الحكمة. "أَنِّي أَنَا أُعْطِيكُمْ فَمًا وَحِكْمَةً لاَ يَقْدِرُ جَمِيعُ مُعَانِدِيكُمْ أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا" (لو21: 15). فهو المذخر فيه كل كنوز الحكمة والعلم (كو2: 3). وفي سفر الأمثال (8) نرى أن الحكمة (الإبن) يخلق كل شيء.
*وقال فلاسفة اليونان أن هذا الكون بقوانينه المنتظمة وطبيعته الجميلة لا يمكن أن يوجد من نفسه، بل أن هناك عقلٌ أعظم خلق كل هذا ويضبطه، وأطلقوا عليه اسم اللوغوس. وجاء بعض فلاسفة اليهود (أولهم كان فيلو الفيلسوف اليهودي السكندري) وإستعملوا هذا التعبير الفلسفي اليوناني – اللوغوس - ليعبروا عن كلمة الله الخالقة. وترجموا في العربية اللوغوس بالـ "كلمة" ولكنها تُذكر بالمذكر وليس بالمؤنث "في البدء كان الكلمة". وفي الإنجليزية تترجم Word. وفى بعض الترجمات الفرنسية تترجم Verb فهو قوة فاعلة خالقة. ومعنى اللوغوس هو عقل الله الناطق أو نطق الله العاقل ومنها كلمة logic أي المنطق.
*وجاء القديس يوحنا الإنجيلي ليقول لليهود واليونانيين "في البدء كان الكلمة (اللوغوس) واللوغوس كان عند الله وكان اللوغوس الله" (يو1: 1). والمقصود هو أنكم تقولون الحقيقة - أن اللوغوس خلق الكل. ولكن هناك إله عاقل له هذا اللوغوس، وقد خلق الكل به. وعقل الله اللوغوس هو الله نفسه. ولاحظ قول السيد المسيح "عمدوهم بإسم الآب والابن والروح القدس" ولم يقل أسماء فإلهنا إله واحد "إسمع يا إسرائيل. الرب إلهنا رب واحد" (تث6: 4).
هرطقة أريوس: قال أن المسيح إله ولكنه إله مخلوق وليس مساويًا لله. إله مخلوق كلَّفَه الله بخلقة العالم. ففي رأيه أن العالم شرير والله لا يتعامل مع الشر، فأوجد الله إلها وسط بينه وبين العالم ليخلق هذا الإله الوسط (الذي هو المسيح) العالم. وهذا كان امتدادًا للفلسفة الغنوسية، وإمتد هذا الفكر للآن في شهود يهوه. وهكذا سقط كل هؤلاء في بدعة تعدد الآلهة. ولذلك بدأ قانون الإيمان بإقرار المسيحيين بأننا "نؤمن بإله واحد" للرد على هرطقة أريوس.
التجسد هو إتحاد لاهوت المسيح بناسوته أي جسده. وهذا كما يتحد الحديد بالنار، هو إتحاد:
بلا اختلاط (كاختلاط مادتين (ملح وسكر مثلًا) ويظل كل منهما على ما هو عليه).
ولا امتزاج (اختلاط مادتين ينتج عنه مادة ثالثة (مثل إتحاد كيماوي)).
· ولا تغيير (ظل اللاهوت لاهوتا والناسوت ناسوتًا بلا تغيير، كما أن إتحاد اللاهوت بالنار فيه ظل الحديد حديدا، والنار ظلت نارًا ولم يتحول الحديد إلى نار ولا النار إلى حديد). فاللاهوت لم يتحول إلى جسد، والجسد لم يتحول إلى لاهوت. والجسد يجوع ويعطش ويتألم ولكن اللاهوت لا يتأثر بهذا. كما أن الطرق على الحديد الساخن لا يؤثر على النار المتحدة به. وعند موت المسيح فارقت الروح الإنسانية جسده وظل اللاهوت متحدا بكليهما. كان الجسد في القبر بينما اللاهوت يملأ كل مكان.
ومما سبق فهمنا أن الله مثلث الأقانيم. وتجسد المسيح كان بأن اتحد أقنوم الابن بجسده الإنساني الذي أخذه من بطن العذراء. ويقول القديس بولس الرسول عن السيد المسيح "فإنه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديا" (كو2: 9) أي أن لاهوت الله اتحد بجسد المسيح بالكامل.
أعلن الله لموسى حين سأله عن إسمه، أن إسمه يهوه = الذي تفسيره أنا هو. والمسيح إستخدم هذا الاسم للإشارة لنفسه كثيرًا، بل وأرفق به عبارات لا يقولها سوى الله، مثلا: أنا هو النور الحقيقي، أنا هو الحق (حينما تأتي كلمة الحق معرفة بالـ فهي تشير لله الذي هو الحق المطلق)، أنا هو القيامة والحياة. وقال لتلاميذه في السفينة بعد أن أتى إليهم سائرا على الماء وهدأ الريح والأمواج "أنا هو. لا تخافوا" (مت14: 27). ولاحظ أن تعبير لا تخافوا كان يردده يهوه إله العهد القديم. ومن كل هذا يتضح أن المسيح هو يهوه الإله المتجسد. ولذلك عندما قال المسيح للجند "أنا هو" رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض (يو18: 6)، هذا لأنه بنطق اسم يهوه "أنا هو" ظهرت قوة ألوهيته.
يسوع = تعني يهوه يخلص، كما قال الملاك ليوسف عن العذراء مريم أنها "ستلد ابنًا وتدعو إسمه يسوع، لأنه يخلص شعبه من خطاياهم" (مت 1: 21). وهناك إشتقاقات أخرى للإسم مثل إشعياء وهوشع ومنها أوصنا وهي هوشعنا بمعنى يا رب خلصنا.
المسيح = ومعناها الممسوح لعمل معين. وكان الذين يمسحون في العهد القديم هم الملوك ورؤساء الكهنة والأنبياء. ويتم ذلك بسكب قنينة الدهن عليهم فيحل الروح القدس عليهم، فيتكرسوا أو يتخصصوا لعملهم. والروح يفرزهم ليؤدوا العمل المكلفين به ويسندهم ويقودهم. وهذا نراه في تكريس هرون كرئيس كهنة، إذ سكب موسى الدهن عليه، وسكب صموئيل النبي الدهن على رأس شاول الملك ثم داود الملك بعد ذلك (لا8: 12 + 1صم10: 1 + 1صم16: 13).
*أما المسيح، إذ لم يكون هناك من يسكب عليه الدهن (لا من الملائكة ولا من البشر) فهو يهوه الله المتجسد خالق الكل، حل عليه الروح القدس يوم المعمودية من السماء، على هيئة حمامة ليتكرس جسده لعمل الفداء، أي ليكون رئيس كهنة ويقدم نفسه كذبيحة مقبولة لخلاصنا.
هناك كثيرون يقال عنهم مسيح الرب (الملوك ورؤساء الكهنة) فهؤلاء يمسحون بالدهن المقدس لينسكب عليهم الروح القدس، فيتكرسوا لعمل معين يعينهم عليه الروح القدس (كملوك أو رؤساء كهنة). ولكن هناك واحد فقط يقال عنه المسيح وهو ابن الله الكلمة مخلص العالم، ملك الملوك. والرب يسوع نَبَّه أن هناك كثيرون سيأتون ويدَّعوا أنهم المسيح وعلينا أن لا نصدقهم.
1. المسيح نسب لنفسه القدرة الذاتية لأعماله المعجزية. في شفاء الأبرص يقول "أريد فأطهر" (مت 8: 3؛ مر 1: 41؛ لو 5: 13). ولقائد المئة الذي طلب شفاء غلامه يقول "أنا آتي وأشفيه" (مت8: 7). لاحظ أنه لم يقل الله قادر أن يُشفيه، بل أنا آتي وأشفيه، فهو الله بنفسه متجسدًا. ويقول "تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيل الأحمال وأنا أريحكم" (مت11: 28). ويقول للسامرية "الماء الذي أعطيه أنا" (يو4:13: 14). فهو الذي يعطي لأنه هو الله. ويقول الرب يسوع "إني أنا حي فأنتم ستحيون" (يو14: 19). وهو يهب الحكمة، "إني أنا أعطيكم فما وحكمة لا يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها أو يناقضوها" (لو21: 15). بينما نرى أن واهب الحكمة في العهد القديم هو يهوه الرب الإله (2أى1: 12 + خر36: 1 + 1مل4: 29 + عز7: 25). فالمسيح بهذا ينسب لنفسه كل ما هو ليهوه. لذلك قال الرب يسوع "لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب. من لا يكرم الابن لا يكرم الآب الذي أرسله" (يو5: 23).
2. ولقد كرر المسيح عبارة "وأنا أقيمه" مرات عديدة (يو6: 39، 40، 44، 54) فهو له السلطان أن يهب الحياة، ويقول "أنا القيامة والحياة" (يو11: 25). ولاحظ في (يو5: 28 ، 29) أن المسيح بصوته أي بكلمته يقوم الأموات. وبينما نجد البشر يرتعبون من يوم القيامة، نجد المسيح يقول أنا هو القيامة. فهو ليس إنسانا عاديا، بل هو الله الظاهر في الجسد. هو وحيد الجنس لإتحاد ناسوت بلاهوته.
3. ولاحظ أن الأنبياء كانوا يدعون الناس للإيمان بالله، أما المسيح فكان يدعو الناس للإيمان به. والمسيح كان يعد بالحياة الأبدية وأنه سيمنحها لمن يؤمن به.
4. المسيح يغفر الخطايا، وحينما قال الرب يسوع للمفلوج "يا بنيَّ مغفورة لك خطاياك" شك اليهود، فقام المسيح بشفائه ليثبت أنه له السلطان على غفران الخطايا. هو أثبت بالمحسوس (الشفاء) ما هو غير محسوس (أن له سلطان على غفران الخطية).
5. يقول الرب يسوع عن نفسه "كما أن الآب له حياة في ذاته، كذلك أعطى الابن أيضًا أن تكون له حياة في ذاته" (يو5: 26). وكلمة أعطى هنا تترجم في الإنجليزية to bring forth بمعنى الولادة. لذلك ترجمها القديس أغسطينوس وَلَدَ. ويصبح معنى الآية أن الابن مولود من الآب وله هذه الطبيعة – أن تكون له حياة في ذاته، وأن يُعطي الحياة لِمَنْ يشاء. ولا يوجد من له سلطان أن يعطي الحياة إلا الله وحده. ويقول السيد المسيح "الحق الحق اقول لكم: من يؤمن بي فله حياة أبدية" (يو6: 47) وهذا يعني أنه له سلطان أن يحيي، إذًا هو الله يهوه.
6. قول المسيح عن نفسه "أنا الأول والآخِر، البداية والنهاية" إشارة لأنه الأزلي الأبدي. ولا يوجد من يقال عنه هذا إلا الله وحده (إش44: 6) ولاحظ في سفر الرؤيا قول المسيح عن نفسه "لا تخف، أنا هو الأول (الأزلي) والآخِر (الأبدي)، والحي وكنت ميتا. وها أنا حي إلى أبد الآبدين، آمين". (رؤ1: 17 ، 18). (فالأول والآخِر هو يهوه الذي لا بداية له ولا نهاية له - والحي الذي كان ميتا وقام وصار حي إلى أبد الآبدين هو المسيح). ولذلك قال المسيح "قبل إبراهيم أنا كائن" (يو8: 58)، وهذه تشير لأزليته. ولاحظ أن المسيح لم يقل أنا موجود بل كائن. فالموجود اليوم قد لا يكون موجوداً بالأمس. أما قوله كائن فيعني دائم الوجود. بل هو الكينونة، هو المقيم لكل كيان، هو الذي أوجد كل شيء، وبغيره لم يكن شيء مما كان. ولاحظ أقوال المسيح عن نفسه "أنا والآب واحد" (يو10: 30) و"أني في الآب والآب فيَّ" (يو14: 11) و"الذي رآني فقد رأى الآب" (يو14: 9). و"أكون له إلها وهو يكون لي إبنًا" (رؤ21: 6 ، 7). كل هذا يشير لألوهيته.
7. قول المسيح "سمعتم أنه قيل (الذي قال هذا هو يهوه في العهد القديم) أما أنا فأقول" (مت5 : 21 ، 22). هذه وحدها كافية لإثبات لاهوته وأنه هو يهوه المتجسد.
8. والمسيح يسمي نفسه رب البيت (مت25:10+مت27:13+مت11:20+مر35:13+لو21:14).
9. ويقول المسيح في صلاته الشفاعية لأبيه "كل ما هو لك هو لي" (يو17 : 10). يمكن لأي إنسان أن يقول لله – كل ما هو لي هو لك، فهو بهذا يكرس نفسه وما يملكه لله - لكن أن يقول إنسان لله، كل ما هو لك فهو لي، هذه لا يقولها سوى يهوه الإله المتجسد.
10. وقال المسيح أيضًا "أن مهما عمل ذاك (الآب) فهذا يعمله الابن كذلك" (يو5 : 19).
11. سؤال المسيح لليهود الذي حيَّرهم، ولكن السؤال أشار به المسيح للاهوته الأزلي "كيف يدعوه داود ربا وهو إبنه" (مت22: 41 - 46). وقال المسيح عن نفسه أنه "أصل وذرية داود" (رؤ22: 16) فهو أصل داود كخالق لداود بلاهوته، وهو ذرية داود بناسوته.
12. قال المسيح لفيلبس "الذي رآني فقد رأى الآب" (يو14: 9). ويقول القديس بولس الرسول أن المسيح هو "صورة الله غير المنظور" (كو1: 15). ويقول عنه أيضًا "بهاء مجده ورسم جوهره" (عب1: 3). وهذا معناه أن طبيعة الله غير المنظور صارت منظورة. وكان هذا هو وعد الله لموسى في (تث18: 15 – 19).
ما قيل عن يهوه في العهد القديم |
ما قيل عن المسيح في العهد الجديد |
|||
1- يهوه تعني أنا هو (خر3: 14): أهيه الذي أهيه = أنا الذي هو أنا - أي الكائن بذاته والمقيم لكل كيان. |
1- يقول السيد المسيح لليهود "متى رفعتم ابن الإنسان، فحينئذ تفهمون إني أنا هو" (يو8: 24 ، 28 + يو13: 19). |
|||
2- "ينظرون إليَّ الذي طعنوه" - هنا المتكلم هو يهوه (زك12: 10). |
2- الذي طُعِن هو يسوع (يو19: 34) + (رؤ1: 7). |
|||
3- السجود لله وحده "إنك لا تسجد لإله آخر لأن الرب اسمه غيور" (خر34: 14). |
3- المسيح قبل السجود (أنظر نقطة رقم 27) فيما يلي في موضوع ألقاب المسيح في العهد الجديد. |
|||
4- (إش45: 23) ليهوه تجثو له كل ركبة. |
4- "لكي تجثو بإسم يسوع كل ركبة" (فى2: 10). |
|||
5- الله أعلن ذاته لإبراهيم بأنه الله القدير (تك17: 1). |
5- المسيح هو القادر على كل شيء (رؤ19: 6). |
|||
6- المجد هو يهوه "أكون مجدًا في وسطها" (زك2: 5). |
6- المسيح له المجد أزليا (يو17: 4 ، 5 ، 24) - "أبي هو الذي يمجدني" (يو8: 54). |
|||
7- أنا الرب (يهوه) ومجدي لا أعطيه لآخر (إش42: 8). |
7- يقول المسيح "ليتمجد ابن الله (يو11: 4 + يو17: 4 ، 5). |
|||
8- أنا الرب وليس غيرى مخلص (إش43: 11). |
8- تدعو اسمه يسوع لانه يخلص شعبه (مت1: 21) - فيسوع تعني يهوه يخلص. |
|||
9- يهوه هو الخالق بكلمته "بكلمة الرب صنعت السموات وبنسمة فيه كل جنودها" (مز33: 6). |
9- المسيح كلمة الله هو الخالق (يو1: 3 + كو1: 16 ، 17) - "به كان كل شيء، وبغيره لم يكن شيء مما كان". |
|||
10- يهوه غافر الذنوب (إش43: 25 + مز103: 2 ، 3). |
10- المسيح يغفر الذنوب أيضًا (مر2: 5) "يا بنيَّ مغفورة لك خطاياك". |
|||
11- يهوه يرسل روحه القدوس (مز104: 30). |
11- المسيح يرسل الروح القدس (يو15: 26). |
|||
12- يهوه هو الفادي (إش41: 14 + إش44: 24). |
12- المسيح هو الفادي (رو3: 24 + أف1: 7). |
|||
13- يهوه هو الأول والآخِر، ولا إله غيري (إش44: 6). |
13- أنا الأول والآخِر والحي وكنت ميتا" (رؤ1: 17 ، 18). |
|||
14- يهوه هو القدوس والملائكة تسبحه وتقول "قدوس قدوس قدوس" (إش6: 3) + (لا11: 44 ، 45). |
14- لذلك القدوس المولود منك يدعى ابن الله (لو1: 35) + (1بط1: 15 ، 16). |
|||
15- يهوه هو القدوس وهو الملك (مز89: 18 + إش43: 15 + مز149: 1 – 4 + إش24: 23). |
15- المسيح ملك اليهود يأتي راكبا على حمار (زك9: 9) + مت2: 2 + يو19: 19 + يو18: 37 "وملكت" (رؤ11: 17 ، 18). |
|||
16- يهوه هو ديان كل الأرض (تك18: 25 + 1صم24: 15 + مز94: 2). |
16- المسيح هو الديان (عب12: 23 + 2تى4: 8 + يو5: 22) + (رؤ2: 23). |
|||
17- يهوه فاحص القلوب والكلى (مز7: 9). |
17- المسيح فاحص القلوب والكلى (رؤ2: 23+ مت9: 4). |
|||
18- يقول يهوه "أرسلت عبيدي الأنبياء" (إر29: 19) + (عا2: 10 ، 11). |
18- المسيح حكمة الله يرسل الأنبياء (1كو1: 24 + لو11: 49) وهو الذي أرسل تلاميذه. |
|||
19- يهوه واهب الحياة (تك1: 26 + 2: 7). |
19- المسيح كانت فيه الحياة يو1: 3 ، 4 + يو10: 10 - هي حياة روحية وليست أكل وشرب، حياة نستمدها من الله. |
|||
20- يقول عن الخراف "لا يقدر أحد أن يخطفها من يد أبي" (يو10 : 29). |
20- يقول المسيح "خرافي لا يخطفها أحد من يدي" (يو10: 28) - وينسب الخراف لنفسه. |
ومن كل هذا يتضح أن المسيح هو يهوه الإله المتجسد.
1) يهوه في العهد القديم هو خالق كل شيء بحكمته (أم30:8).
*لاحظ قول ملاخي النبي "أليس إله واحد خلقنا" (ملا 2: 10) ونحن نرى أن يهوه الله هو الخالق في العهد القديم. ويقول الوحي في (إش48: 12 ، 13) "أنا هو الذي أسس الأرض". وفي (إش45: 11 ، 12) "أنا قدوس إسرائيل وجابله .. أنا صنعت الأرض وخلقت الإنسان عليها، يداي أنا نشرت السموات ..". وفي (إش45: 18) "أنا خالق السموات. هو الله مصور الأرض وصانعها ... أنا الرب وليس آخر". *ونرى في (أم8: 1 – 30) أن الحكمة (هو الابن حكمة الله) يقول "كنت عنده صانعًا" فالابن، حكمة الله، المسيح هو هو يهوه الخالق.
2) المسيح إبن الله المتجسد وحكمة الله (1كو24:1) هو خالق الكل.
*ونرى في العهد الجديد أن المسيح يسوع خالق كل الخليقة ما يرى وما لا يرى، السموات وما فيها، هو خالق الملائكة بطغماتها (كو 1: 16). والأرض وما عليها (يو1: 3 + كو1: 16، 17) + (رؤ4: 11 +رؤ10: 6). وبهذا نفهم أن المسيح يسوع هو الله يهوه ظاهرًا في الجسد. وهو القادر على حماية خرافه وحفظها، ويساوي في هذا بينه وبين الآب (لا يقدر أحد أن يخطفها من يدي – لا يقدر أحد أن يخطفها من يد الآب). وهذا لأنه هو والآب واحد. ولذلك يقول "من لا يكرم الابن لا يكرم الآب الذي أرسله (يو5: 23).
3) لذلك نجد المسيح يربط حياتنا به فهو الخالق وهو الطريق للآب.
*وبينما نرى يهوه هو الخالق واهب الحياة في العهد القديم، نجد المسيح يربط حياتنا به، فهو *1 خبز الحياة، 2* لا حياة بدونه. 3* وبدون الإيمان به لا حياة. وقال عنه بطرس الرسول أنه 4*رئيس الحياة (أع3 : 15). أي واهب الحياة ومعطي الحياة وأصل ونبع الحياة ورأس وأساس الحياة. أما حين مات، فهو مات بالجسد، أي انفصلت روحه عن جسده، ولكن ظل لاهوته متحدًا بجسده وروحه. وهو له السلطان أن يعطي الحياة الأبدية بعد الموت "لانه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية" (يو3: 15 ، 16). وهذه الحياة الأبدية متوقفة على الإيمان به. والمسيح أقام لعازر بسلطانه. ولا توجد حياة خارج المسيح، لذلك يسمى سفر الحياة، بسفر حياة الخروف الذي ذبح (رؤ20: 15 + رؤ13: 8 + رؤ 21: 27). الرب يسوع هو واهب الحياة لمن يشاء، ومن له هذا السلطان، فهو له السلطان أن ينهي الحياة وقتما يشاء.
4) إبن الله، حكمة الله خلقنا وأعطانا حياة. ولما فقدناها أتى متجسداً ليعيد لنا الحياة، وهذا لكل من يؤمن به ويثبت فيه.
*هذا الاسم يعني يسوع الذي من الناصرة. فهو عاش في الناصرة بعد عودة العائلة المقدسة من مصر (فاليهود لم يعرفوا أن ميلاده كان في بيت لحم). وإستعمل اليهود غير المؤمنين بالمسيح هذا الاسم يسوع الناصري ليقللوا من شأنه، إذ لم يريدوا الإعتراف بأنه المسيا المنتظر، ابن الله مخلص إسرائيل ملك الملوك. فهم لا ينتظرون مسيحًا متواضعًا في شكله وملبسه، بل قائدا حربيا قويا يخلصهم من الرومان ويعطيهم ملكا وسيادة. هم أعجبوا به كمعلم مقتدر وصانع معجزات أو نبي، ولكن ليس المسيا المنتظر. وهم أنكروا الطبيعة اللاهوتية للمسيح.
*وكان يهود اليهودية يحتقرون يهود الجليل لإختلاطهم باليونانيين الأمم وغيرهم من الأمم. وكانت الناصرة من أصغر مدن الجليل، ونسمع قول نثنائيل الذي صار من تلاميذ المسيح بعد ذلك "فقال له نثنائيل، أمن الناصرة يمكن أن يكون شيء صالح"(يو1: 46). ولكن المسيح صنع من الناصرة شيئا عظيما، كما عمل مع بيت لحم. وقال الفريسيين لنيقوديموس "ألعلك أنت أيضًا من الجليل؟ فتش وانظر! أنه لم يقم نبي من الجليل" (يو7: 52).
*بل أن حتى أهله من الناصرة، حينما دخل المسيح إلى مجمع الناصرة ووعظ وعلَّم وصلَّى وأعجبوا بكلامه -أنظر ماذا قالوا عنه- "وكان الجميع يشهدون له ويتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه ويقولون: أليس هذا ابن يوسف" (لو4: 22). كل ما فكروا فيه أنه ابن النجار ولم ينتبهوا لقوة كلماته. وهذا ما نقول عنه أنهم رفضوا أن يكون هذا هو المسيا المنتظر.
*والمسيح قيل عنه أنه "يُدعى ناصريًّا" (مت2: 23) فالمسيح عاش وتربى في الناصرة التي في الجليل.
*ولكن أين دُعِيَ المسيح ناصريًّا في الأنبياء؟ يقول زكريا النبي "هوذا الرجل الغصن اسمه، ومن مكانه ينبت ويبني هيكل الرب" (زك6: 12) وكلمة الغصن تعني بالعبرية NATZAR وذلك لأن عائلة داود كانت كشجرة قطعت على يد نبوخذ نصر عند سبي بابل، ثم جاء المسيح من نسل داود كغصن نبت من الشجرة. وراجع أيضًا "ويخرج قضيب من جذع يسى، وينبت غصن من أصوله" – "في ذلك الزمان أنبت لداود غصن البر" -"لأني هأنذا آتي بعبدي الغصن" (إش11: 1 + إر33: 15 + زك3: 8). من هذا نفهم أن قول القديس متى الإنجيلي "يُدعى ناصريا" أنه يشير للنبوات التي تنبأت بأنه سيكون غصنًا (ناتسار) من شجرة أو من عائلة داود النبي.
*هؤلاء الرافضين للمسيح على أنه المسيح، المسيا المنتظر، رفضوا إطلاق اسم مسيحيين على المؤمنين بالمسيح وقالوا عنهم ناصريين نسبة للناصرة. ونلاحظ قولهم عن بولس الرسول "مقدام شيعة الناصريين" (أع24: 5). أما بيلاطس فقد علق على الصليب عبارة "يسوع الناصري ملك اليهود" (يو19: 19). ولما إعترض اليهود على ذلك رفض بيلاطس تغييرها. ولقد هدد اليهود كل من يؤمن بأن يسوع الناصري هو المسيح (يو9: 22).
كان سؤال رئيس الكهنة للمسيح عند محاكمته "أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا: هل أنت المسيح ابن الله" (مت26: 63). وكان قصد رئيس الكهنة أن يقول – نعرف أنك يسوع الذي من الناصرة، فهل أنت المسيح – المسيا المنتظر مخلص إسرائيل. وحينما أجاب المسيح بالإيجاب إعتبروه يجدف. واليهود أيضًا سألوه في الهيكل "إلى متى تعلِّق أنفسنا، إن كنت أنت المسيح فقل لنا جهرًا" (يو10: 24).
1. يقال عن المؤمنين بالمسيح ابن الله. "ودُعِي التلاميذ مسيحيين في إنطاكية أولا" (أع11: 25 ، 26) وإفتخروا بلقب مسيحيين كمؤمنين بالمسيح. وهؤلاء المسيحيون آمنوا بأن يسوع الناصري هو المسيح، المسيا المنتظر، ابن الله المخلص.
2. المسيح قيل عنه:- المسيح ملك إسرائيل (مر15: 31 ، 32) / المسيح مختار الله ملك اليهود (لو23: 35 – 37). إبن الله ملك إسرائيل (مت27: 39 – 43).
3. وقال عنه زكريا الكاهن أنه "قرن خلاص .. من أعدائنا" (القرن في المجتمعات الرعوية يشير للقوة) والمعنى أن الخلاص الذي صنعه المسيح كان خلاصا قويًا، أنقذنا من الموت ومن الخطية، وأعاد لنا الفرح والمجد والحياة الأبدية (لو1: 69). وقال عنه سمعان الشيخ "عينيَّ قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام جميع الشعوب ..." (لو2: 25 - 32). وقال القديس بطرس "ليس بأحد غيره الخلاص، لأن ليس إسمٌ آخر تحت السماء قد أُعطِيَ بين الناس به ينبغي أن نخلص" (أع4: 12).
4. شهادة الملاك للعذراء مريم:- فأجاب الملاك "الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظلك فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله" (لو1: 35). القدوس لا تقال سوى عن الله.
5. شهادة الملاك للرعاة:- قال لهم الملاك لا تخافوا. فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب أنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب" (لو2: 10 ، 11).
6. حينما سأل المجوس عن المولود ملك اليهود، نجد هيرودس يجمع رؤساء الكهنة ويسألهم "أين يولد المسيح" فالمسيح بحسب المفهوم اليهودي هو ملك اليهود (مت2: 2 ، 4). فاليهود يفهمون أن المسيح هو ملك اليهود.
7. قول أندراوس لسمعان بطرس أخيه "قد وجدنا مسيا الذي تفسيره المسيح" (يو1: 40: 41).
8. قول السامرية أنا أعلم أن مسيا الذي يقال له المسيح يأتي – "أنا الذي أكلمك هو". وشهد السامريون له بأنه بالحقيقة "المسيح مخلص العالم" (يو4: 25 ، 26 ، 42).
9. قول الرب يسوع لبولس الرسول "أنا يسوع الذي أنت تضطهده" (أع9: 5).
10. قول الخصي الحبشي "أنا أؤمن أن يسوع المسيح هو ابن الله". وذلك حينما قال له فيلبس "إن كنت تؤمن من كل قلبك يجوز" (يجوز لك المعمودية) أع8: 36 ، 37).
11. قول بطرس الرسول "بإسم يسوع الناصري قم وإمشي (أع3: 6).
12. شهادة المعمدان "من له العروس فهو العريس .. الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع .. الآب يحب الابن وقد دفع كل شيء في يده .. الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية" (يو3: 26 – 36).
13. شهادة بطرس "أنت المسيح ابن الله الحي" (مت16 15 – 18) وكان رد المسيح أن ما قاله بطرس كان من عند الآب السماوي فهو صدق على ما قاله بطرس.
14. بولس يكرز أن المسيح هو ابن الله محققا أن هذا هو المسيح (أع9: 18 – 22 + أع18: 24 - 28). ويقول بولس الرسول عن المسيح أنه "بهاء مجده ورسم جوهره" (عب1: 3). والبهاء هو ما يظهر من المجد، كما أن الشعاع هو ما يظهر من النور. وراجع أيضًا (أع20: 28 + تى2: 10 + كو1: 16 ، 17). ويقول أيضًا أنه صورة الله غير المنظور (كو1: 15) وكلمة صورة المستخدمة هنا أتت في اليونانية بمعنى صورة طبق الأصل، صورة لها نفس الطبيعة ونفس الصفات.
15. إعلان مريم أخت لعازر:- "أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله، الآتي إلى العالم (يو11: 27).
16. شهادة بطرس:- "الكلمة التي أرسلها إلى بني إسرائيل يبشر بالسلام بيسوع المسيح. هذا هو رب الكل" (أع10: 36).
17. شهادة القديسين متى ومرقس الإنجيليين عن المسيح: "يسوع المسيح ابن داود ابن ابراهيم"(مت1: 1) و"يسوع المسيح ابن الله" (مر1: 1).
18. شهادة القديس يوحنا الإنجيلي:- "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله" (يو1: 1) وقوله الكلمة كان عند الله تترجم والكلمة كان في حضن الله كما ترجمت في الآية 18 من نفس الإصحاح. المسيح هو اللوغوس كلمة الله الذي به كان كل شيء (هو خالق الكل) ... والكلمة صار جسدا وحل بيننا (يو1: 1 – 3 + يو1: 14 ، 18). يُفهم من هذا أن الابن مركزه في ذات الآب وهذا معنى حضن الآب. وهذه تعادل "أنا في الآب والآب فيَّ". وأيضًا "وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة بإسمه. (يو20: 30 ، 31). وفي رسالته الأولى يقول "بهذا تعرفون روح الله: كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله، وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد، فليس من الله. وهذا هو روح ضد المسيح (1يو4: 1 – 3).
19. شهادة توما:- "ربي وإلهي" (يو20: 28). وهذه تعني أن المسيح هو الله الظاهر في الجسد، إذ رأى جروحه. وكان قول المسيح "ضع يدك في جنبي" يقصد به أن يقول لتوما "أنا بذاتي يا توما الذي صلبت بناسوتي المتحد بلاهوتي. ولاحظ دخول المسيح والأبواب مغلَّقة، وخروجه من القبر وقد إنسل من الأكفان ولم يتغير مكان الأكفان ولم تتحرك.
20. ونفهم أن تلاميذ المسيح كانت بشارتهم أن المسيح هو ابن الله يهوه المتجسد. وكلهم إستشهدوا ما عدا يوحنا الذي قبل عذابا أليما ولم ينكر، فهل كل هؤلاء إستشهدوا بسبب عقيدة هم غير مؤمنين بها، أو هم في شك من صدقها.
21. شهادة بولس الرسول عن المسيح:- "الكائن على الكل إلها مباركا" (رو9: 5).
22. ونرى أن المسيح يعطي قوة وسلطان على الشياطين (لو10: 19). والرسل رجعوا فرحين حينما خضعت لهم الشياطين بإسم يسوع. فالمسيح إذًا أعطاهم سلطان حقيقي.
23. والمسيح قبل السجود له من: *المجوس على أساس أنه الملك العظيم (مت2: 11). *والأبرص (مر1: 40). *ويايرس (مر5: 22). *وفى السفينة سجدوا له معترفين أنه ابن الله، وهو قبل السجود (مت14: 33). *وأم إبني زبدي (مت20: 20). *والمريمات سجدوا (مت28: 9). *والمولود أعمى يسأله المسيح أتؤمن؟ ويقترن سجوده بإيمانه (يو9: 38). والسيد المسيح يقول للشيطان "للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد" (مت4: 10). والملاك لم يقبل سجود يوحنا له في الرؤيا (رؤ19: 10).
24. معجزات المسيح التي تثبت لاهوته:- ينتهر البحر فيهدأ البحر (مت8: 26) – يغفر الخطايا (مر2: 5) - إقامة لعازر بعد أربعة أيام من موته وقد أنتن (يو11). تحويل الماء إلى خمر (يو2) وهنا خلق الرب يسوع عنصرا جديدًا هو الكربون، فالماء مكون من عنصرين (الأكسوجين والهيدروجين). أما الخمر فمكون من (أكسوجين وهيدروجين وكربون). وخلق خبزًا وسمكًا في معجزتي بركة الخبز والسمك (مت14 ، مت15).
25. كان المسيح يربط المؤمنين به هو، فهو الطريق للآب (يو14: 6) وهو خبز الحياة، لا حياة بدونه (يو6).
26. قول الرب يسوع أنا هو الراعي الصالح (يو10: 11)، ويقول للشاب الغني "ليس صالح إلا الله وحده (مر10: 18)، والمعنى أن المسيح هو الله الصالح. ولكن يقول للشاب هل تقول لي إنني صالح لأنك تؤمن بأني الله، أو هي كلمات مجاملة وإنتفاخ كما تقولون للربيين اليهود المتكبرين (رو2: 17 – 20). فالمسيح لا يقبل هذا. ولاحظ أن المسيح لم يقل للشاب لا تدعوني صالحًا.
27. قول الرب "الذي يؤمن به لا يدان، والذي لا يؤمن فقد دين، لأنه لم يؤمن بإسم ابن الله الوحيد" (يو3: 18)
28. اليهود فهموا من كلام المسيح أنه يعادل نفسه بالله، بالذات حين قال "أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل" (يو5: 17). فمع أن اليهود يقولون ويؤمنون أنهم أولاد الله "يا الله أنت أبونا وجابلنا" (إش64: 8)، ولكنهم فهموا أن المسيح أراد أن يقول أنه ابن الله، وذلك ليس بنفس مفهومهم بل هو ابن الله المعادل لله، وأنه هو والآب واحد (يو10: 26 – 31). ففهموا أنه يساوي نفسه بالله فأرادوا رجمه. والمسيح لم يتراجع ويقول "إنتم فهمتوني غلط"، بل أصَّر على ما قاله. وهم صلبوه لأنه ألَّه نفسه وقال عن نفسه أنه ابن الله.
29. بل أن الشيطان إعترف به "آه، ما لنا ولك يا يسوع الناصري، أتيت لتهلكنا، أنا أعرفك من أنت قدوس الله" (مر1: 24). الشيطان رأى في تعامله مع البشر، أنبياء وقديسين كثيرين، لكنه لم يرى مثيلا للمسيح، فالمسيح بلا خطية. وهو رأى من اليهود من له موهبة إخراج شياطين، لكن لم يواجه هذا السلطان الذي لا يقاوم من قبل. بل أن الشيطان عرف أن المسيح له السلطان أن يعاقبهم "ما لنا ولك يا يسوع ابن الله؟ أجئت إلى هنا قبل الوقت لتعذبنا" (مت8: 29).
30. ونلاحظ رعب الشيطان من المسيح وأنه ينتهر الشياطين بسلطان "فلما رأى يسوع أن الجمع يتراكضون إنتهر الروح النجس قائلا له: أيها الروح الأخرس الأصم أنا آمرك: أخرج منه ولا تدخله أيضا" (مر9: 25). بينما أن الملاك ميخائيل في تعامله مع الشيطان قيل عنه "وأما ميخائيل رئيس الملائكة، فلما خاصم إبليس محاجا عن جسد موسى، لم يجسر أن يورد حكم إفتراء، بل قال: "لينتهرك الرب" (يه9).
31. قائد المئة، هذا لم يرى معجزات المسيح ولا سمع تعاليمه، لكنه تعجب من صرخة المسيح القوية بينما هو مصلوب غير قادر على التنفس، هو سمع أنهم يقولون أن المسيح يدَّعي أنه ابن الله والآن تأكد، فإعترف به أنه ابن الله (مر15: 37 - 39). فهذه الصرخة القوية لا تصدر سوى من قوة خارجية أتت إليه. هذا بالإضافة للظواهر الطبيعية الغريبة كالظلام والزلازل.
32. آخر آيات في الكتاب المقدس "يقول الشاهد بهذا، نعم أنا آتي سريعا. آمين. تعال أيها الرب يسوع. نعمة ربنا يسوع المسيح مع جميعكم. آمين". (رؤ22: 20، 21).
33. ومع أن المسيح وتلاميذه وكل هؤلاء الشهود أكدوا على ألوهيته، فالمسيح أيضًا أكد على أنه إبن الإنسان، ليشير بهذا إلى أنه إنسان كامل. ولكن كان لقب ابن الإنسان هو لقب يفهمه اليهود بصورة خاصة، وأنه يشير للمسيح الديان - الله بلاهوته الذي ظهر في ابن الإنسان، لتتعبد له كل الشعوب "كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه (هذه الكلمة تعني تقديمه لنفسه ذبيحة وجاء منها كلمة قربان) قدامه. فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض" (دا7: 13 ، 14). هو الله الظاهر في الجسد.
وهناك شهادات واضحة من العهد القديم عن كل حياة المسيح منذ ولادته وحتى صلبه وقيامته وإرساله للروح القدس. ولمنع التكرار يُرجى مراجعة مقدمة سفر التكوين.
بل لن يخلو سفر أو إصحاح إلا وبه إشارة للمسيح.
وسنكتفي هنا بنبوة إشعياء "لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابنا (تجسد المسيح) وتكون الرياسة (هو ملك علينا) على كتفه (صليبه الذي حمله على كتفه وبه ملك علينا) ويُدعَى إسمه عجيبًا مشيرًا إلها (لاهوت المسيح) قديرًا أبًا أبديًا رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لا نهاية على كرسي داود وعلى مملكته، ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن إلى الأبد. غيرة رب الجنود تصنع هذا" (إش9: 6، 7). وفي هذه النبوة نرى لاهوت وناسوت السيد المسيح. وفي (ميخا5: 2) "أما أنت يا بيت لحم أفراتة وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لي (ناسوت المسيح المولود في بيت لحم) الذي يكون متسلطا على إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل" (لاهوت المسيح الأزلي). وما رأيناه في العهد القديم نراه في العهد الجديد. فنرى لاهوت المسيح وناسوته أيضًا في إنجيل القديس يوحنا. "وكان الكلمة الله (لاهوت المسيح) .. والكلمة صار جسدا (ناسوت المسيح) وحل بيننا" (يو1: 1 ، 14) فالكلمة (اللوغوس) هو تعبير عن لاهوت المسيح الذي اتخذ له جسدا حل به بيننا.
1. خلق الله آدم ليحيا للأبد في فرح ووحدة وينعكس عليه مجد الله فيتمجد. ولكن دخلت الخطية وفسد الإنسان ومات ودخلت اللعنة والموت وغيرهما. وفقد الإنسان كل ما أراده الله للإنسان من مجد وفرح. لكن كان لا يمكن أن يفشل القصد الإلهي. ولذلك تجسد الابن – المسيح - ليتحقق القصد الإلهي في خلقة الإنسان ويستعيد الإنسان ما أراده الله له منذ البدء. ويرجى مراجعة موضوع "ماذا قدم لنا المسيح بتجسده" في نهاية تفسير رسالة كولوسي. كما يرجى مراجعة موضوع "الصليب لعنة تتحول إلى بركة" في نهاية تفسير الإصحاح الثالث من رسالة غلاطية. وذلك لمنع التكرار.
2. منذ اللحظة الأولى لسقوط أبوينا الأولين كان وعد الله بالخلاص "وأضع عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها. هو يسحق رأسِك (المسيح يسحق الشيطان بالصليب)، وأنت تسحقين عقبه (الشيطان هو من دبَّر ألام وصلب وموت المسيح)" (تك3: 15). ورأينا في قصة إستير ومردخاي وهامان شرح تصويري لصليب المسيح الذي دبَّره الشيطان فهلك به.
3. ورأينا تصويرًا للصليب وآلام المسيح في أماكن كثيرة جدًا في العهد القديم. أمثلة على ذلك: (تقديم إسحق ذبيحة ورجوعه حيًّا/ كل ذبائح العهد القديم تشرح فكرة الفداء بالصليب. فبريء هي الذبيحة التي تصير حاملة للخطية، تموت عوضًا عن الخاطئ/ يونان في جوف الحوت ثلاث أيام وثلاث ليالٍ كان مثالا للمسيح في جوف القبر ثلاث أيام وثلاث ليالٍ.
4. ولمحبة الله اللانهائية للإنسان الذي خلقه إذ أحبه، نرى إشتياق المسيح للصليب في نبوة إشعياء "في ذلك اليوم (يوم الصليب) يعاقب الرب بسيفه القاسي العظيم الشديد (الصليب) لوياثان الحية الهاربة. لوياثان الحية المتحوية (الشيطان). ويقتل التنين الذي في البحر (العالم). في ذلك اليوم غنوا للكرمة المشتهاة (الكنيسة). أنا الرب حارسها. أسقيها كل لحظة. لئلا يوقع بها. أحرسها ليلا ونهارا. ليس لي غيظ. ليت عليَّ الشوك والحسك (كل نتائج الخطية) في القتال (يوم الصليب) فأهجم عليها وأحرقها معا. أو يتمسك بحصني فيصنع صلحًا معي. صلحًا يصنع معي (شهوة قلب الله التصالح مع الإنسان). في المستقبل يتأصل يعقوب. يُزهِر ويُفرِع إسرائيل، ويملأون وجه المسكونة ثمارا. (الكنيسة التي تمجد الله في كل العالم، وقال عنها بولس الرسول "إسرائيل الله" غل6: 16) (إش27: 1 – 6). وعن شهوة قلب الله للتصالح مع الإنسان يقول القديس بولس الرسول "ولكن الكل من الله الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح وأعطانا خدمة المصالحة. أي أن الله كان في المسيح مصالحا العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم وواضعا فينا كلمة المصالحة" (2كو5: 18 ، 19).
5. رأينا شهوة قلب الله هي فداء الإنسان ليخلص، وتعود له الحياة الأبدية والفرح والمجد والوحدة. وفي داخل المشورة الثالوثية يقول الوحي على لسان الابن يهوه "منذ وجوده أنا هناك (الإبن أزلي). والآن السيد الرب أرسلني وروحه (هذا عن ولادة المسيح بالجسد)" (إش48: 16).
6. تجسد المسيح بولادته من بطن العذراء مريم وهو عالمٌ بكل ما سيأتي عليه، فإرادته في خلاص البشر هي نفسها إرادة الآب وهي نفسها إرادة الروح القدس. ولكن كما خلق الابن الخليقة الأولى قام الابن بخلق الخليقة الجديدة فيه "فبه كان كل شيء، وبغيره لم يكن شيء مما كان" (أف2: 10 + 2كو5: 17 + يو1: 3) لذلك فالخليقة الجديدة ستكون عمله.
7. كان المسيح عالم بكل ألامه وصلبه وقيامته ثم صعوده وجلوسه بجسده عن يمين الآب. وكان يُعَلِّم تلاميذه بكل التفاصيل حتى لا يشكوا فيه عندما يحدث هذا. وكثيرا ما أخبرهم عن الصليب (مت17: 22 ، 23 / مت26: 1 ، 2 / يو13: 1) بل وفي (مر14: 28) يخبرهم المسيح أنه سيقوم ويسبقهم إلى الجليل. وهو يعلم تماما أنه سيعلق على الصليب ليفدي الإنسان، يعلم تمامًا أن الصليب هو رسالته، بل هو مشتاق إليه لمحبته للبشر. فنجد رب المجد يقول "وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي (هنا نرى حتمية الصليب) أن يُرفع ابن الإنسان (أي يُعَلَّق على الصليب)، لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو3: 14 ، 15). "أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يو10: 11). "أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء. إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد. والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم. (يو6: 51). وتكرار المسيح لتلاميذه على أنه سيصلب كان إشارة لحتمية الصلب. وكان تكرار إشارة المسيح لتلاميذه بحتمية الصلب تحذيرًا ليهوذا – يريد به المسيح القول بأنه سيصلب، وأنه جاء لذلك – فيا يهوذا لا تُدخِل نفسك في الموضوع لئلا تهلك. اليهود والرومان سيشتركوا في الصليب مع الشيطان فإبعد عن طريقهم أنت.
8. رأينا في (إش27: 1 – 6) شهوة قلب المسيح للصليب. وكانت فرحة قلب الآب بعودة أبنائه إلى حضنه واضحة يوم معمودية المسيح إذ قال "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت". فنحن نعود لحضن الآب في شخص إبنه. وفرحة الآب كانت هي نفسها فرحة الإبن، ولنرى قول بولس الرسول "ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع، الذي من أجل السرور الموضوع أمامه، إحتمل الصليب مستهينا بالخزي، فجلس في يمين عرش الله" (عب12: 2). فإرادة الآب هي نفسها إرادة الإبن، وهي خلاص البشر "الله يريد أن جميع الناس يخلصون" (1تى2: 4).
9. ونرى إشتياق المسيح للصليب فيما حدث يوم الخميس ليلًا: فبينما كان المسيح يكلم التلاميذ في العلية ويقول "كما أوصاني الآب هكذا أفعل" إذ به يقوم قائلا "قوموا ننطلق من ههنا" (يو14: 31) فهو يعرف أن يهوذا والجند قد اقتربوا من بستان جثسيماني. وأيضًا في بستان جثسيماني قال بعد صلاته ثلاث مرات "ناموا الآن وإستريحوا، هوذا الساعة قد اقتربت، وإبن الإنسان يسلم إلى أيدي الخطاة. قوموا ننطلق. هوذا الذي يسلمني قد اقترب" (مت26: 45). فنرى في كلا المرتين أن المسيح كان متعجلا متشوقا لإتمام مهمته في خلاص البشر، هو يبادر بالذهاب لمن أتوا للقبض عليه.
10. ألام المسيح لا يمكن لبشر أن يتخيلها، فنحن خطاة بالطبيعة، لكن المسيح قدوس بلا خطية. هو لم يولد كباقي البشر وارثا للخطية، إنما أخذ من بطن العذراء جسدا بدون زرع بشر ليشابهنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها (عب4: 15). الابن إحتاج لجسد بشري ليتمم به الفداء، فإتخذ لاهوته جسدًا من بطن العذراء. وولادة المسيح بهذه الطريقة المعجزية أدت لأنه لم يرث الخطية الجدية. لذلك قال "من منكم يبكتني على خطية" (يو8: 46). وبيلاطس ومن حاكموا المسيح لم يجدوا فيه علة واحدة (أع13: 28). وقال عنه بولس الرسول "الذي لم يعرف خطية" (2كو5: 21). والمسيح قال عن نفسه "رئيس هذا العالم (الشيطان) يأتي (كان الشيطان يأتي لكل إنسان ساعة موته ليأخذه معه إلى الهاوية أي الجحيم) وليس له فيَّ شيء" (فالمسيح لم يكن مديونًا له إذ لم يقبل منه أي خطية) (يو14: 30). وصار هذا القدوس البار حاملا لكل خطايا العالم. بل وهو الحي الذي لا يموت، مات وكان الميت بحكم العهد القديم يعتبر نجسًا، ومن يلمسه يتنجس. "وجعل مع الأشرار قبره ... على أنه لم يصنع ظلما ولم يوجد في فمه غش" (إش53: 9). طبعا هذا بالإضافة للألام الجسدية والنفسية من هَرَب كل تلاميذه وخيانة يهوذا وكثيرين ممن كان يجول يصنع لهم خيرًا.
11. ومع معرفة المسيح بالألام التي ستقع عليه، نرى إصراره على الصليب "وحين تمت الأيام لإرتفاعه ثَبَّتَ وجهه لينطلق إلى أورشليم" (لو9: 51). فالمسيح حين اقتربت ساعة إرتفاعه على الصليب. وهذه الساعة هو الذي حددها منذ الأزل فهو ضابط الكل، أنه ثبت وجهه تجاه أورشليم. وبدأ يسير تجاه أورشليم بلا تردد، وهو عالمٌ أنه سيتألم ويموت في أورشليم وذلك ليفدي البشرية. والمسيح نفسه شرح فكرة الفداء إذ قال عن موته أنه هو "حبة الحنطة التي تموت في الأرض لتأتي بثمر كثير" (يو12: 24 - 33).
12. حاول اليهود مرارًا أن يقتلوا الرب يسوع (لو4: 29 ، 30 + يو10: 31). ولكنه كان يمر بينهم ولم يستطيعوا أن يمسوه بأذى. فهو الذي يحدد متى يصلب "لهذا يحبني الآب، لأني أضع نفسي لآخذها أيضًا. ليس أحد يأخذها مني، بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضًا" (يو10: 17 ، 18). كان على المسيح أن يتمم تعليمه ثم يُسَلِّم نفسه للموت. لذلك قيل "فطلبوا أن يمسكوه، ولم يلق أحد يدًا عليه، لأن ساعته لم تكن قد جاءت بعد" (يو7: 30 + يو8: 20).
13. المسيح لم يحدد فقط أنه سيصلب بل سيتألم (مت16: 21). وحدَّد نوع الألام "وأخذ الإثني عشر وقال لهم: ها نحن صاعدون إلى أورشليم وسيتم كل ما هو مكتوب بالأنبياء عن ابن الإنسان. لأنه يُسَلَّم إلى الأمم (الرومان) ويُستهزأ به ويشتم ويتفل عليه. ويجلدونه ويقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم" (لو18: 31 – 33). بل هو كان يعلم أن مريم لن تجد الوقت الكافي لتكفينه، إذ كان يوم الصلب هو الجمعة مساء. وفي السبت لا يوجد بيع وشراء. فسمح لمريم أن تكفنه "فقال يسوع، أتركوها، إنها ليوم تكفيني قد حفظته" (يو12: 7).
14. وأيضا حدَّد مكان صلبه وأنه سيكون في أورشليم إذ قال "لا يمكن أن يهلك نبي خارج أورشليم" (لو13: 33). وهو يعلم أن أورشليم هي قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها (لو13: 34). ومع أنه يعلم الساعة والمكان ووحشية اليهود ونيتهم في قتله ذهب إلى أورشليم.
15. قال البعض أن المسيح في صلاته في بستان جثسيماني كرر قوله ثلاث مرات "يا أبتاه إن شئت أن تعبر عني هذه الكأس. ولكن لتكن لا كإرادتي بل إرادتك". وقالوا أن المسيح بهذا أراد أن يتراجع عن الصليب! فهل كان المسيح يريد فعلا أن لا يصلب؟! رأينا إشتياق المسيح لتلك الساعة، وهو يعلم أن هدف تجسده هو موت الصليب وأن هذه هي رسالته لخلاص البشر. وهو الذي قال عنها "الآن نفسي قد اضطربت. وماذا أقول؟ أيها الآب نجني من هذه الساعة؟. ولكن لأجل هذا أتيت إلى هذه الساعة. أيها الآب مَجِّد اسمك!». فجاء صوت من السماء:«مجدت، وأمجد أيضًا" (يو12: 27 ، 28). ونفهم من هذا أن صلاة المسيح في بستان جثسيماني كانت مناجاة بين الابن وأبيه السماوي، أراد أن تكون مسموعة للتلاميذ أعلانا لمحبته لنا بل وللبشر جميعًا. والتي بسببها سيدفع ثمنا غاليا هو سفك دمه على الصليب. هو أراد إعلان محبته اللانهائية بإعلان مدى الآلام التي سيعانيها من أجل كل البشر. هذه الصلاة تناظر قوله على الصليب "إلهي إلهي لماذا تركتني"؟ والمقصود من كلا الصلاتين أن المسيح أراد أن يظهر لنا وللبشرية كلها أن هذه هي الطريقة الوحيدة لخلاص الإنسان، وإخراجه من دائرة الخطية والموت. ولكن كان ذلك بثمن غالٍ جدًا. وهذا يظهر تماما بشاعة الخطية. أما طلبه من تلاميذه أن يصلوا، فكان هذا لأنه عالم بما سيحدث له في الساعات القادمة، وأن التلاميذ سيضطربون ويتزعزع إيمانهم، فأرادهم أن يصلوا لتسندهم الصلاة في ضعفهم فيتشددوا. وقوله أيها الآب مجِّد إسمك يشير لأن المسيح قد قرر ولن يتراجع عن الصليب. فبالصليب يحدث الصلح بين الله والإنسان، وبهذا يتمجد الآب بعودة أبنائه إلى حضنه. إذًا قول المسيح مجِّد إسمك كان به يطلب الصليب ليتمجد الآب بخلاص أولاده الذين أحبهم.
16. المسيح لو أراد كان في إمكانه أن يهرب من البستان أو لا يذهب للبستان أصلا، أو يهرب حين سقط الجند على وجوههم. أو يدافع عن نفسه أمام رئيس الكهنة أو أمام بيلاطس. إلا أنه لم يهرب ولم يدافع عن نفسه. فهو أتى لهذه الساعة وهو تشوق لهذه الساعة كما رأينا.
17. وفي سقوط الجند في بستان جثسيماني عندما قال "أنا هو" كان بهذا يعلن لاهوته. والمعنى أنكم لا سلطان لكم عليَّ، وأنا قادر أن أفنيكم بإثني عشر جيش من الملائكة (مت26: 47)، لكني لهذه الساعة أتيت بإرادتي. وحينما قال "أنا هو" في المرة الثانية قال لهم عن تلاميذه "دعوا هؤلاء يذهبون" (يو18: 8) وبهذا أعلن الهدف من الصليب والفداء، فهو أتى ليخلص البشر ممن يؤمنوا به، وليس لكي يهلكوا.
18. بل كان رأى المسيح أن من يعوقه عن الصليب هو الشيطان (مت16: 23).
19. هل كان اليهود يفهمون معنى الفداء؟ لقد سبق الله وأعد أذهانهم لقبول فكر الفداء بأن جعلهم يقدمون ذبائح بريئة عندما يخطئون. وقال لهم الله أنه الفادي "هكذا يقول الرب فاديكم قدوس إسرائيل" (إش43: 14). وكانوا ينتظرون مجيء المسيا الفادي، ولكننا نرى أن الفكرة قد تشوهت لديهم فانتظروا من يفديهم من الرومان ويعطيهم مجدا عالميا. وأنظر لتعليق تلميذي عمواس "ونحن كنا نرجو أنه هو المزمع أن يفدي إسرائيل. ولكن مع هذا كله اليوم له ثلاثة أيام منذ حدث ذلك" (لو24: 21).
20. ولكن لنسمع قول يوحنا المعمدان المملوء من الروح القدس حين قال عن المسيح "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم" (يو1: 29). والحمل يُقَدَّم ذبيحة للفداء.
_____
(1) عن فيديو بعنوان "لمحة سريعة عن الثالوث القدوس - الأنبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة"، YgtXw9Q1yr4، Apr 30, 2019.
تواجد آيات الأناجيل الأربعة في كتب التفسير |
تفسير العهد الجديد |
شرائع وناموس السبت كما وردت في المشناة وتلمود أورشليم |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/g3mfyjh