مقدمة
عامة في دراسة الأناجيل الأربعة - القمص أنطونيوس فكري
شرائع وناموس السبت كما وردت في
المشناة وتلمود أورشليم
شرائع الربيين للسبت كمية
مرعبة ومناقشات بلا نهاية، حمل رهيب حمَّله الربيين للشعب اليهودي. ووردت
هذه القوانين في ليس أقل من 24 فصلًا. ويقولون أن أحد الربيين قضى سنتين
ونصف في دراسة فصل واحد منهم. وتستمر المناقشات بين الربيين وبين مدارسهم
بلا نهاية لتحديد ما هو المسموح به وما هو غير المسموح به. وكمثال
للمناقشات - قال البعض لا يسمح أن يخرج حمار إلى الطريق وعلى ظهره غطاء فهذا
يعتبر عمل، إلا لو تم وضع الغطاء يوم الجمعة، ولكن يسمح بتغطيته داخل حظيرة
المنزل لتدفئته. وتبدأ الاستعدادات للسبت من الجمعة بعد الظهر وسنجد هنا
مجرد بعض ما ورد في المشناة وكتب تقاليد الربيين لندرك مدى الخلاف في الفكر
بين الفريسيين اليهود وبين المسيح وسبب هياجهم عليه ومحاولاته المستمرة
لمعالجة أفكارهم عن السبت:-
لا يسمح بسفر يزيد عن 2000 ذراع أي أقل من كيلومتر من مكان سكن الشخص،
وهذا ما يسمونه سفر سبت. ولكن هناك تخفيف، فلو ترك الرجل طعامًا يكفي
وجبتين يوم الجمعة فيمكنه أن يذهب ليحضره على أن لا يبعد أكثر من 4000
ذراع أي ضعف المسافة المسموح بها.
ومن أشهر ما يعتبر عملا في السبت حمل الأشياء. وحمل الأشياء ينقسم
لشقين هما رفع الشيء وإنزاله وهنا دارت المناقشات:- رفع الشيء وإنزاله
في مكانين مختلفين - من مكان عام إلى مكان الشخص الخاص - من مكان الشخص
الخاص إلى مكان عام. وهنا دارت مناقشات طويلة في تعريف العام والخاص.
وهل العام مكان عام لا يخص أحد مثل واد عميق أو بحر أو مكان يقود إلى
طريق أو حقل. وهي مناقشات لا تنتهي. والحمل له حسابات قياسية، فأقل حمل
هو وزن تينة مجففة والتساؤل هل حمل الشخص نصف تينة مجففة على مرتين.
وهذا التحديد لكل شيء لازم لتحديد عدد الخطايا التي يحتويها هذا العمل.
وهناك صعوبات في تحديد قذف شيء من مكان خاص إلى مكان عام أو العكس - وهل
تم قذف الشيء في الهواء باليد اليسرى ومسكه مرة أخرى باليد اليمنى فهذا
يعتبر خطية، لكن لو تلقف الشيء بفمه فلا يعتبر خطية لأنه بعد أن يأكله
يكون هذا الشيء قد اختفى وما عاد موجودا، وكأن القذف حدث من شخص آخر.
لو أمطرت السماء ودخل الماء في وعاء وتم حمل الوعاء فهذا ليس خطية،
ولكن لو نزل الماء على حائط ثم نزل في وعاء وحمل أحد الوعاء فهذا خطية.
ولو ملأ أحد يده ببعض الفاكهة ومدها ليعطيها لآخر ودخل عليه السبت دون
أن يعطيها له فليترك الفاكهة تسقط على الأرض ولا يعيد يده المملوءة
بالفاكهة لأنه بهذا يكون قد نقل شيء من شخص آخر إليه.
والسبت يبدأ من الجمعة بعد الظهر، ومن هنا فلا يبدأ إنسان عملا جديدا
فلا يخرج الخياط يده بالإبرة ولا الكاتب يده بالقلم. ولا المدرس يسمح
لطالب بالقراءة، ولا يقتل أحد حشرة تلدغه. ولا تنظر امرأة في مرآة لئلا
تجد شعرة بيضاء فتغوى على نزعها وهذا عمل وخطية عظيمة. وكثير ولا يحصى
كم المناقشات التي كانت تدور بين مدرستي هليل وشماي بخصوص المسموح وغير
المسموح به.
وبعد ذلك يأتي فصلين لدراسة مشكلة عويصة وهي تسخين الأكل في يوم السبت
فمن غير المسموح به إشعال نار في السبت، فما العمل؟ إذًا عليهم إشعال
الفرن في الجمعة وتركه موقدًا. ويمنع سلق بيضة بوضعها بجانب قدر ساخن
أو في رمل ساخن من حرارة الشمس. ويسمح بوضع ماء بارد على ماء ساخن وليس
العكس (على الأقل هذا بحسب تعليم شماي).
سؤال - هل يسمح للأب بحمل ابنه بين ذراعيه؟ وهذه تسامحوا فيها بل
تمادوا في التسامح وقالوا، حتى لو كان الطفل يحمل حجرا في يديه، فيمكن
لوالده أن يحمله بين ذراعيه. مع أن الوالد لا يسمح له بحمل حجر.
عن ماذا يلبس في السبت؟ على اليهودي عندما يلبس ملابسه أن يراعي عدم
لبس أشياء كثيرة وإلا يضطر لخلعها وإمساكها في يديه وهذا عمل. وعلى
المرأة أن لا تضع حلق في أذنها وهي ذاهبة للاستحمام وإلا ستضطر لخلعه
وحمله. وعلى المرأة أن لا تسير في الشارع وعلى رأسها شعر مستعار. لكن
مسموح لها أن تفعل هذا في بيتها. وعلى الرجل أن لا يلبس حذاء به مسامير
خشبية فهذا يعتبر عمل. وهناك مشكلة عويصة، فماذا يعمل من ينقطع حذاءه
في السبت؟ عليه أن يضع لاصق ولكن لا يصلحه فهذا يعتبر عمل.
عقوبة من يعمل في السبت هي الرجم. ولو نسى شخص أن اليوم سبت وعمل فهذه
خطية، ولكن لو ظل يكرر هذا عدة سبوت يرجم.
هناك 39 عملا (أربعون إلا واحدا) ممنوعا في السبت ويسمونهم الأعمال
الرئيسية أو الآباء وهي الزراعة والحرث والحصاد، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير
الكتاب المقدس الأخرى..
وهي أعمال تخص إعداد الخبز مثل الزراعة والحرث / أعمال خاصة بالملابس
كنسج الصوف وغسل الملابس / أعمال خاصة بالكتابة مثل إعداد جلود الغزال
من صيده وسلخه وتمليحه وإعداد الجلد / أعمال خاصة بالبناء. وقالوا أن
رقم 39 هو عدد مرات تكرار كلمة عمل في الكتاب. وهناك أعمال أخرى مشتقة
من الأعمال الآباء هذه الـ39. وقالوا أن إلقاء حبتي حبوب في الأرض هذا
يعتبر عمل زراعة. ويمنع عمل أي شيء يساعد على نضج الزرع مثل رش الماء
على الزرع أو نزع ورقة جافة من شجرة. ويمنع نزع ثمرة من شجرة أو حمل
ثمرة سقطت من شجرة فهذا يعتبر عمل من أعمال الحصاد. ولكن قطع عش الغراب
(mushroom)
فهذا يعتبر خطيتين فقطع واحد يخرج آخر مكانه.
لو تناثر طين على الملابس فيسحق باليد ولكن لا يتم حك الرداء فهذا
يعتبر عمل. ولو إستحم شخص - هنا إختلفت المدارس هل يجفف جسده مرة واحدة
أو عضو عضو. ويمنع قص الأظافر والشعر فهذا يعتبر خطية مميتة.
قطعا الصيد ممنوع في السبت، وحتى لا يدخل حيوان كغزال مثلا لو ترك
الباب مفتوحا عليهم ملاحظة الأبواب جيدا.
لا تقرأ الكتب المقدسة سوى مساء، لأن الصباح يجب أن يترك لدراسة
الشريعة. وقالوا أن دراسة المشناة هي أكثر أهمية من الكتاب المقدس.
والأكثر استحقاقا للقراءة هو التلمود ففيه إجابة على كل التساؤلات. وما
العمل في الكتب التي تحتوي على اسم الله مثل أناجيل المسيحيين وكتب
الهراطقة؟ يتم قطع كل مكان فيه اسم الله ويحرق باقي الكتاب. وقال أحد
الربيين بل تحرق على الفور. وقال أنه عند الضرورة فليهرب اليهودي إلى
هيكل أوثان، فهذا أفضل من الهروب إلى كنيسة مسيحية، لأن الوثني ينكر
الله لأنه لا يعرفه، أما المسيحي المرتد عن اليهودية فهو أسوأ من
الوثني.
يسمح بعمل كل اللازم نحو الميت، مثل غسله ودهنه بالعطور لكن بدون تحريك
أعضاءه ولا حتى إغلاق عينيه (وَغَلْق عَينيّ الميت هو إجراء يُتَّخَذ عادة مع
الميت).
يقول التلمود أنه يحرم على شخص أن يتسلق شجرة ليجلس عليها ليرتاح.
ويمنع التصفيق باليدين. وتمنع كل الإجراءات القانونية والقضائية.
ممنوع التداوي في السبت أو أخذ أي دواء لتتحسن حالة المريض. ولكن إذا
تعرضت الحياة للخطر هنا يسمح بكسر السبت. ولو سقط جدار على أحد، وكان
هناك شك أن يكون أحد تحت الأنقاض، أو شك في أن تحت الأنقاض يهودي أو
حتى وثني، أو شك أن من تحت الأنقاض ما زال حيا، يسمح بإزالة الأنقاض
حتى يجدوا الشخص الموجود تحتها. وإن وجدوا أنه ما زال فيه حياة
فليكملوا العمل، ولكن لو وجد ميتًا فليتوقف العمل فورًا. وسمح أحد
الربيين باستعمال أدوية لعلاج الحلق واعتبر أنها من الأمراض الخطيرة
وهكذا ضخم الربيين وصية السبت
البسيطة كما وردت بالكتاب. وضاع منهم الهدف الروحي للوصية وحملوا الناس
بأحمال رهيبة. ولا نتعجب بعد كل هذا من موقفهم من المسيح لكسره السبت
[ومن هنا يتضح معنى قول
بولس الرسول "ولكن بسبب الاخوة الكذبة المدخلين خفية، الذين دخلوا إختلاسا
ليتجسسوا حريتنا التي لنا في المسيح كي يستعبدونا" (غل2: 4). ففي المسيح
تحررنا من كل هذه القيود ليس فقط كونها خانقة ومرعبة بل وفيها عبودية لأراء
خاطئة للبشر، ولكن هي فقدت المعنى الروحي في تقديس السبت أي تكريس القلب
وإنشغاله بالله يوما في الأسبوع ليذكر أنه ينتمي للسماء ولا يضيع عمره كله
في أعمال الأرض التي سيأتي يوما ويتركها].