St-Takla.org  >   books  >   fr-athnasius-fahmy  >   patrology
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب مدخل في علم الآبائيات: الباترولوجي - القمص أثناسيوس فهمي جورج

69- القديس يوستينوس: سيرة - تعاليم - أقوال *

 

محتويات

القسم الأول: سيرته

أولًا: ميلاده:

* وُلد يوستينوس الشهيد مع شروق القرن الثاني الميلادي (101-103 م.) من أسرة وثنية في مدينة نيابوليس في كان والده بريسكوس رجلًا وثنيًا شريف الأصل وقد ربى ابنه على ضلال الوثنية وأدخله مدارس الفلاسفة، فبرع يوستينوس في كل ما تعلمه هناك.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثانيًا: المذاهب الفلسفية التي عرفها القديس يوستينوس الشهيد:

1- الفلسفة الرواقية القديمة:

* عرف يوستينوس أول ما عرف الفلسفة الرواقية عند أصحاب الرواق القديم والتي تنادى بان الله جسمي وأنه منبث في العالم، إذ تؤمن بوحدة الوجود، أي أن الله مادي ومنبث في العالم المادي بمعنى أنه هو والعالم في مادة واحدة. كما تنادى الفلسفة الرواقية بأن أفعال الناس مقدره فتؤمن بالجبرية والحتمية والقدرية.

* ولما أخفق هذا المذهب في تعليل وجود العلة الأولى تركه يوستينوس وأتجه إلى المشائين.

 

2- مذهب المشائين:

* أنشأه أرسطو في الملعب الرياضي "لوكيون"، إذ كان يتمشى مع تلاميذه وهو يلقى عليهم دروسه. ولكن القديس يوستينوس اعتزل هذا المذهب سريعًا وذلك لأن المعلم المشائي أصر على دفع رسم التعليم فورًا فاستغنى يوستينوس واتجه إلى الفيثاغورية.

 

3- الفلسفة الفيثاغورية:

* وهى التي أسسها فيثاغورس وتنادى بأن العالم عبارة عن أشكال هندسية وأنغام. ولكن نظرًا لعدم معرفة القديس يوستينوس بالموسيقى والهندسة والفلك لذا تركها وأتجه بعد ذلك إلى الفلسفة الأفلاطونية.

 

4- الفلسفة الأفلاطونية:

* وأعجب بها كثيرًا للأسباب الآتية:

فرح بنظرية المُثُل المعقولة لأنها غير مادية وقدر تعاليمها فيما يتصل بالعالم المعقول باعتباره العالم الروحاني غير المادي.

كما أعجب بتعاليمها عن الله باعتباره الكائن فوق الوجود.

وسُر أيضًا بتعاليمها إذ أن الهدف من الفلسفة الأفلاطونية هو رؤية الله والتشبه به.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثالثًا: اهتداء القديس يوستينوس الشهيد إلى المسيحية:

* ذهب القديس يوستينوس يومًا إلى مكان منفرد ليتعمق وحده في درس آراء الفلاسفة الأفلاطونيين فلما وصل المكان الذي نوى السفر إليه وجد هناك شيخًا ذا هيبة لطيفة وفيما كان يوستينوس يتفرسه متعجبًا قال له الشيخ: لماذا تتعجب منى؟ فقال يوستينوس: لأني وجدت إنسانًا في هذا القفر. ثم جلسا يتخاطبان فطفق الشيخ يسأله عن سبب مجيئه إلى ذلك المكان، فقال له يوستينوس: إني قصدت الانفراد ههنا لأتأمل بعض دقائق القضايا الفلسفية ثم أخذا في التكلم عن: معرفة الحق وطبيعة الله وخلود النفس والثواب على الفضائل والعقاب على الرذائل.

* وكان يوستينوس يتحدث عن هذه الأمور بحسب مبادئ فلسفة أفلاطون، أما الشيخ فشرع حينئذ يبين له أن معرفة الله والنفس وعواقب الإنسان وما يلزم فعله للخلاص الأبدي لا يدركها أحد بمبادئ الفلاسفة ولا بتعليمهم، ثم أقام على ذلك الأدلة الساطعة والبراهين القاطعة وأورد كل ما أورد من هذا القبيل بصور الأقيسة المنطقية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فسلم يوستينوس بكل ما ذكره الشيخ. حينئذ قال له الشيخ: اعلم أنه قبل ظهور أولئك الفلاسفة ظهر أُناس أبرار يتقون الله مستنيرين منه، هؤلاء الأنبياء الذين عرفوا الله الحق حقًا وبشروا به العالم صدقًا بدون أن يطلبوا المجد والربح الزمني. اقرأ كتبهم فتجد هناك معرفة المبدأ الأول والغاية القصوى والحكمة الحقيقية وأشياء أُخر سامية جدًا كان من المستحيل أن يحصل الإنسان على معرفتها بمجرد قوة عقله، وتلك الحقائق التي هي فوق إدراكنا تراها مؤيدة بتمام ما تنبأوا به وبعجائب أخرى كثيرة لا يمكن أن تًصنع إلا لثبات الحق. فهناك تحصل على معرفة الله خالق البرايا كلها ومعرفة ابنه السماوي المساوي له في اللاهوت (الجوهر) الذي تجسد لأجل البشر وعندئذ تعلم موقنًا أنه هو وحده مخلص العالم وهناك تحصل على الحكمة الحقيقية التي تنير العقل وتنقى القلب. والخلاصة أن الفلسفة الحقيقية هي الفلسفة المسيحية.

St-Takla.org Image: Some busts of famous men, of them at the very bottom right: bust of Pythagoras of Samos (570-495 BC), the ancient Ionian Greek philosopher and the eponymous founder of Pythagoreanism - Capitoline Museums (Musei Capitolini), Rome, Italy. It is located in Piazza del Campidoglio, on top of the Capitoline Hill. It was established in 1734. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 21, 2014. صورة في موقع الأنبا تكلا: بعض تماثيل نصفية لرجال مشاهير، من ضمنهم (أقصى أسفل اليمين): تمثال نصفي للفيلسوف وعالم الرياضيات اليوناني فيثاغورس من ساموس (570-495 BC)، مؤسسة الحركة الفيثاغورية - صور متاحف كابيتوليني، روما، إيطاليا. وهو مجموعة متاحف في متحف واحد، موجود في أعلى تل كاپيتوليني، وأنشئ عام 1734 م. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 سبتمبر 2014.

St-Takla.org Image: Some busts of famous men, of them at the very bottom right: bust of Pythagoras of Samos (570-495 BC), the ancient Ionian Greek philosopher and the eponymous founder of Pythagoreanism - Capitoline Museums (Musei Capitolini), Rome, Italy. It is located in Piazza del Campidoglio, on top of the Capitoline Hill. It was established in 1734. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 21, 2014.

صورة في موقع الأنبا تكلا: بعض تماثيل نصفية لرجال مشاهير، من ضمنهم (أقصى أسفل اليمين): تمثال نصفي للفيلسوف وعالم الرياضيات اليوناني فيثاغورس من ساموس (570-495 BC)، مؤسسة الحركة الفيثاغورية - صور متاحف كابيتوليني، روما، إيطاليا. وهو مجموعة متاحف في متحف واحد، موجود في أعلى تل كاپيتوليني، وأنشئ عام 1734 م. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 سبتمبر 2014.

* ومنذ ذلك اليوم تاق يوستينوس إلى تلاوة الكتب المقدسة ولما وجدها قرأها بتأنٍ وإمعانٍ نظر، فوجد فيها كل ما كان قد أناره به ذلك الشيخ المنير. وكان يتعجب من عظمة أسرار الديانة المسيحية ونقاوة أوامرها وشجاعة القديسين الشهداء. فتعمد وأضحى فيلسوفًا حقيقيًا أي تعمد وصار مسيحيًا.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

رابعاُ: خدمته:

* بعد تحوله إلى الإيمان وصيرورته مسيحيًا وهذا تم في أفسس، حينئذ كرس حياته من أجل الدفاع عن الإيمان المسيحي، وظل مرتديًا ثياب الفلاسفة اليونانيين، وكان يطوف مسافرًا كمعلم متجول، وقد وصل إلى روما خلال حكم أنطونيوس بيوس 138-161 م.، يقول عن نفسه "لقد طرحت جانبًا كل الرغبات الشريرة الباطلة ومجدي الآن أن أكون مسيحيًا، ولا شيء أشتهيه أكثر من أن أواجه العالم كمسيحي".

* يقول يوسابيوس عنه " في تلك الأيام أشتهر يوستينوس بصفة خاصة وإذ تنكر في هيئة فيلسوف، بشر بالكلمة الإلهية، وناضل عن الإيمان بكتاباته".

* في روما أسس مدرسة لشرح الإيمان، وتلمذ له تاتيان الذي صار مدافعًا فيما بعد، وكان يبشر بالإيمان ويجادل اليهود والوثنيين والهراطقة، وفي روما واجه مقاومة عميقة من الفيلسوف الكلبي واسمه كريسكنس الذي وصفه يوستينوس بالجهل، وقد كان سبباُ في موته شهيدًا.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

خامسًا: استشهاده:

* نال يوستينوس الشهادة في روما في أيام ولاية الحاكم Prefect واسمه Junius Rusticus ومات معه خمسة رجال وامرأة عام 165 م.

* يقول يوسابيوس أن يوستينوس استشهد نتيجة لمؤامرة دبرها ضده كريسكنس الفيلسوف الذي اقتدى بحياة وعادات الكلبيين الذي حمل اسمهم، وبعد أن هزمه يوستينوس مرارًا في مناقشات ومناظرات عامة، وقد نال إكليل الظفر باستشهاده مائتًا دفاعًا عن الحق الذي كرز به.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

القسم الثاني: تعاليمه

 

أولًا: مؤلفات القديس يوستينوس

 

كتابات مؤكدة وموجودة:

1- الدفاع الأول الذي قدمه إلى الإمبراطور أنطونيوس بيوس ونجليه أويريسيموس الفيلسوف ولوكيوس الفيلسوف.

2- الدفاع الثاني الذي قدمه إلى الإمبراطور مركوس أوريليوس وهو نفسه أويريسيموس.

3- الحوار مع تريفونا.

4- استشهاد بطوليمايوس ولوكيوس أوردها يوسابيوس في تاريخ الكنيسة.

 

St-Takla.org         Image: Saint Justin Martyr, Yostinos, Youstinous el Modafea صورة: القديس الشهيد يوستينوس المدافع

St-Takla.org Image: Saint Justin Martyr, Yostinos, Youstinous el Modafea

صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس الشهيد يوستينوس المدافع

كتابات مفقودة (ذكرها المؤرخون في كتاباتهم):

1- رسالة ضد جميع الهرطقات:

* أشار إليها يوستينوس في الدفاع الأول فصل 26 قائلًا: "ولي رسالة أتممتها ضد جميع الهرطقات التي وجدت، أعطيها لكم إن شئتم مطالعتها".

* وربما هذا الكتاب هو مصدر ما كتبه كل من إيريناوس وهيبوليتوس "ضد جميع الهرطقات".

 

2- إلى اليونانيين:

* يقول يوسابيوس: "هنالك مؤلف ضد اليونانيين يناقش فيه يوستينوس بتوسع معظم المسائل المختلف عليها بيننا وبين فلاسفة اليونانيين، ويبحث فيه كذلك عن طبيعة الشياطين. ولا يلزمني أن أزيد هنا شيئًا عن هذه الأمور".

 

3- مراجعة إلى اليونانيين

4- سلطان الله:

* يقول يوسابيوس: "وعلاوة على ذلك يوجد مؤلف آخر عن (عظمة الله وسلطانه) بناه ليس فقط على كتبنا المقدسة بل أيضًا على كتب اليونانيين".

 

5- المزامير أو التراتيل

 

6- دراسة حول النفس:

* يقول يوسابيوس: "وبحث آخر عن النفس شرح فيه عدة مسائل عن موضوعه، وبعد ذلك بين آراء فلاسفة اليونان ووعد بدحضها وتقديم رأيه الشخصي في مؤلف آخر".

 

7- ضد مركيون

 

8- تفسير الأبوكاليبسيس (الرؤيا)

 

كتابات مزورة ومنسوبة للقديس يوستينوس:

* هناك أيضًا الكثير من الأعمال المزورة والمنسوبة للقديس يوستينوس مثل:

1- قول ضد اليونانيين وهو عمل من القرن الثالث الميلادي.

2- نصيحة لليونانيين وهو عمل من القرن الثالث الميلادي.

3- السلطان وهو عمل من القرن الثاني الميلادي.

4- القيامة وهو عمل من القرن الثاني الميلادي أيضًا.

5- الرسالة إلى زينان وسيرينون وهو عمل من القرن الرابع الميلادي.

6 شرح بيان الاعتراف المستقيم ويعتقد الكثيرون أن هذا الكتاب هو من عمل ثيودريتو كيرو (ربما من القرن الخامس).

7- أسئلة المسيحيين إلى اليونانيين وهو لا يمكن أن يكون قبل القرن السابع الميلادي.

8- أسئلة اليونانيين إلى المسيحيين وهو أيضًا لا يمكن أن يكون قبل القرن السابع الميلادي.

9- أجوبة الأرثوذكسيين لأجل بعض المسائل الهامة وهو من القرن الرابع الميلادي.

10- انقلاب عقيدة بعض الأرستوطاليين وهو من القرن الخامس أو السادس الميلادي.

11- رسالة ديوجينيتوس وترجع إلى القرن الثاني الميلادي.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثانيًا: دفاع يوستينوس:

1- الدفاع الأول ضد الوثنيين.

2- الدفاع الثاني ضد الوثنيين.

3- حوار مع تريفو.

* يوستينوس وجه دفاعًا عن العقيدة إلى الإمبراطور أنطونيوس المُلقب بـ"التقي" وإلى أبنائه وآخر إلى مجلس الأعيان الروماني.

* الدفاع الأول طويل عبارة عن 68 فصلًا.

* الدفاع الثاني قصير يتكون من 15 فصلًا موجه إلى مجلس الأعيان الروماني.

* ويرى بعض العلماء أن الدفاع الثاني عبارة عن مُلحق أو إضافة للدفاع الأول ويبدو أن الدفاعين كتبهما يوستينوس ما بين عام 148-161 م.، لأنه يقول "المسيح وُلد من 15 عامًا تحت حكم كيرنيوس". مكان كتابة الدفاع في روما.

 

الدفاع الأول:

1- في المقدمة (ف1-3):

* يطلب يوستينوس باسم المسيحيون من الإمبراطور أن يدرس قضيتهم بنفسه وأن يُصدر حكمه بدون أن يتأثر أو يُضلل بكراهية الشعب الوثني للمسيحيين.

 

2- الجزء الأساسي في الدفاع يتكون من قسمين:

أ- القسم الأول (ف4-12) انتقاد للموقف الرسمي للدولة تجاه المسيحيين، وينتقد يوستينوس الإجراءات القضائية التي يتخذها الحكام علة ضد المسيحيين وكذلك الاتهامات الكاذبة التي توجه إليهم، ويعترض على ما تقوم به السلطات من معاقبة المسيحيين بلا رحمة لمجرد اعترافهم بمسيحيتهم، إن الاسم مسيحي مثل الاسم فيلسوف لا يُثبت أي إدانة للإنسان والعقاب لا ينزل بأحد إلا من أجل الجريمة التي أُدين بها، لكن الجرائم التي أُتهم بها المسيحيون ما هي إلا افتراءات باطلة، فهم ليسوا ملاحدة وإن كانوا لا يعبدون الآلهة الوثنية، فما ذلك إلا لأن تكريم هذه الآلهة هو حماقة فكما أن مُعتقداتهم الأخروية، وخوفهم من العقاب الأبدي يمنعهم من ارتكاب الشرور، والمسيحيون يُعتبرون مؤيدون للإمبراطور.

ب- القسم الثاني (ف13-68) يشرح يوستينوس العبادة المسيحية والعقيدة وأساسها التاريخي:

 

1- تعاليم المسيحيين العقيدية والأخلاقية

* من النبوات الإلهية يُمكن إثبات أن يسوع المسيح هو ابن الله، وهو مؤسس الديانة المسيحية، وقد أسسها بحسب مشيئة الله كي يُغير الجنس البشرى، الشياطين قلدت النبوات التي للعهد القديم في عبادات الوثنية الخرافية، وهذا يُفسر المتشابهات العديدة بين الديانة المسيحية وبين طقوس العبادة الوثنية، وبالمثل استعار الفلاسفة مثل أفلاطون -من العهد القديم- لهذا لا تندهش من وجود أفكار مسيحية في الفلسفة الأفلاطونية.

 

2- العبادة المسيحية

* يُعطى يوستينوس وصفًا لسر المعمودية وخدمة الإفخارستيا وحياة المسيحيين الاجتماعية وحياة الشركة بينهم.

* الخاتمة (ف 68) هي توجيه لوم للإمبراطور، وفي نهاية الدفاع نجد الرسالة التي أرسلها الإمبراطور هادريان عام 125 م. إلى مينوكيوس فوندانوس حاكم آسيا وفي هذه الوثيقة كان أمر الإمبراطور هكذا..

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الدفاع الثاني:

* يبدأ يوستينوس دفاعه بذكر حادثة وقعت مؤخرًا فإن أوربيكوس حاكم روما إذ قطع رؤوس ثلاثة من المسيحيين لا لشيء إلا لأنهم اعترفوا بمسيحيتهم، ويعترض يوستينوس على هذه القسوة الظالمة، ويرد على اعتراض أوربيكوس، لماذا لا يسمح المسيحيون لأنفسهم بالانتحار، كي يصلوا إلى إلههم بأكثر سرعة فيرد يوستينوس بأن الانتحار يجعلنا مخالفين لإرادة الله، لكن عندما نُسأل عن مسيحيتنا فإننا لا ننكر لأننا لا نعرف أي شر بل نعتبر عدم التقوى أن لا ننطق بالحق (الدفاع الثاني ف4).

* إن الاضطهادات الموجهة إلى المسيحيين إنما تُثير كراهية الشياطين، وبغضتهم للحق والفضيلة هؤلاء الشياطين قاوموا البار في العهد القديم، ولكن ليس لديهم أي قوة أو سلطان على المسيحيين ما لم يرد الله أن يقود أحباءه بالمحاكمات والآلامات إلى الفضيلة والمكافأة، يقودهم بالموت إلى الحياة الأبدية والفرح والغبطة.

 

الحوار مع تريفو:

* حوار يوستينوس مع اليهودي تريفو أقدم دفاع مسيحي ضد اليهود، لكنه لم يصل كاملًا فقد فقدت منه المقدمة والفصل 74.

* هذا الحوار لابد كُتب بعد الدفاعيين لأن يوستينوس يُشير إلى الدفاع الأول في الفصل 12.

* الحوار عبارة عن مناقشة لمدة يومين مع يهودي مُتعلم غالبًا هو الرابي المذكور في المشنا.

* يرى يوسابيوس في تاريخ الكنيسة 6:18:4 أن أفسس هي مكان المحاورة، والحوار عبارة عن 142 فصلًا، أرسله يوستينوس إلى شخص يدعى Marcus Pompeius.

* المقدمة من ف2-8 يروى يوستينوس قصة تغييره، ونموه الفكري وقبوله المسيحية.

* من ف9-47 يوضح وجهة نظر المسيحيون في العهد القديم أن الناموس شريعة زمنية أما المسيحية فهى الشريعة الجديدة الأبدية لكل البشرية.

* من ف 48-108 يُفند أسباب الاعتراضات على ألوهية السيد المسيح.

* من ف109-142 يثبت أن الأمم التي قبلت الإيمان بالمسيح، وتبعته هي إسرائيل الجديد وشعب الله المختار.

* خطة الدفاعين تختلف عن خطة الحوار، ففي الحوار يؤكد يوستينوس على أهمية العهد القديم ويستشهد بالأنبياء كدليل على أن الحق المسيحي كان موجودًا قبل تجسد الكلمة، ويختار اقتباساته بعناية فائقة من العهد القديم، ويتحدث عن رفض إسرائيل وقبول الأمم.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

القسم الثالثً: اللاهوت عند الشهيد يوستينوس:

1- كان يؤكد على أهمية ومعقولية الإيمان، واعتماده على العقل.

2- تقديم أوجه الشبه بين تعليم الكنيسة، وبين المفكرين والشعراء اليونانيين - لكي يُثبت أن الفلسفة المسيحية وحدها هي الفلسفة النافعة الآمنة.

 

أولًا: مفهوم يوستينوس عن الله:

1- الله بلا بداية وهو بلا اسم هو آب الكل، غير مولود فلا يُعطى له اسم لأنه مهما كان الاسم الذي يُدعى به يظل المُسمى أكبر من المُسمى. لكن كل هذه الكلمات، آب، خالق إله، سيد، ليست أسماء بل ألقاب مأخوذة من أعماله الصالحة 6:2.

2- أفضل اسم هو آب لأنه هو الخالق، هو آب الكل، يقول "الله لا يمشى ولا ينام ولا ينهض -بل يظل في مكانه- سريع في الرؤية، سريع في السمع -ليس له عيون ولا آذان، بل هو قوة لا تُوصف، هو يعرف كل الأشياء، ولا يهرب أحد من أمامه هو لا يتحرك ولا يُحد في بقعة ما في العالم، بل هو موجود قبل إنشاء العالم، فكيف إذن يُمكن أن يتكلم م. أحد أو يراه أحد (حوار 127،60).

3- لأن الله غير موصوف.. فالوسيط هو اللوغوس، الله يتصل بالخليقة بواسطة اللوغوس، هو يُعلن عن نفسه بالكلمة الذي هو قوة الآب.

4- يشرح ميلاد الابن من الآب كولادة النار من النار فتأخذ صفتها وشكلها (حوار 61).

5- ويرى أن ميلاد الابن (الكلمة الإلهي) صدور من الله، هنا نرى اتجاه يوستينوس إلى التبعية الابن للآب في علاقة الابن بالآب (الدفاع الثاني ف6).

6- الابن يُدعى وحده ابنه -اللوغوس- وحده الذي كان معه ومولود منه قبل كل أعماله - قد خلق ونظم به كل الموجودات "إنه يُدعى المسيح لقد رتب ونظم كل الموجودات من خلاله".

7- هنا يبدو يقول أن اللوغوس أصبح المنظم والخالق للعالم... هو الشخص الإلهي، ولكنه يخضع للآب (حوار 61).

8- تعليم يوستينوس عن اللوغوس بمثابة قنطرة بين الفلسفة الوثنية والمسيحية، بينما يُعلم يوستينوس عن اللوغوس الإلهي الذي ظهر بكامله في المسيح، نراه يقول "إن بذور اللوغوس انتشرت في كل الجنس البشرى قبل مجيء المسيح في الجسد -كل إنسان ينال قسطًا أو نصيبًا من البذرة التي للوغوس -ليس فقط أنبياء العهد القديم ولكن فلاسفة الوثنية الذين حملوا بذور اللوغوس في نفوسهم مثل هيراقليتس وسقراط والفيلسوف الرواقي- الذين عاشوا حسب توجيهات اللوغوس (الكلمة الإلهي)، في الحقيقة يُعتبرون مسيحيون حقيقيون".

* لقد تعلمنا أن المسيح بكر الله ونحن نعلم أنه اللوغوس الذي هو شريك لكل الجنس البشرى، وكل الذين يعيشون حسب اللوغوس يُحسبون مسيحيون، حتى لو كانوا بلا إله، مثل اليونانيون سقراط، وهيراقليتس (الدفاع الأول ف 46).

* يقول".... نحن نعبد ونُحب اللوغوس الذي هو من الآب غير المولود. غير الموصوف ومن أجلنا صار إنسانًا لكي يُشاركنا آلامنا ويحمل الشفاء لأجلنا، لقد كانت بذور اللوغوس في هؤلاء ولكن ليس بوضوح - كل واحد على قدر طاقته - (الدفاع الثاني ف13).

* يبرهن يوستينوس ببراهين فيما وراء الطبيعة عن وجود عناصر الحق في الفلسفة الوثنية، ولكنه يقدم برهان تاريخي أن الفلاسفة الوثنيين اقتبسوا من كتابات اليهود لأن موسى أقدم من كل الكتاب اليونانيين وكانت الفلاسفة وموسى يؤكدون على خلود النفس، والدينونة بعد الموت، والتأمل في السماويات، وتعاليم متشابهة، لقد اقتبسوا (اليونانييون) كل ذلك من الأنبياء... هذه هي بذور الحق التي كانت في كل الناس (الدفاع الأول ف44).

* ولكن المسيحيون وحدهم يملكون الحق الكلى، ولكن المسيحيون يملكون الحق لأن المسيح ظهر لهم لأنه الحق نفسه.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثانيًا: النبوة عن يوستينوس

1- اللوغوس هو الذي يحرك الأنبياء

* يقول القديس يوستينوس: (ولكن عندما تسمعون الأنبياء يتكلمون لا تظنوا أن أقوالهم صادرة من عندياتهم بل هي من "اللوغوس الإلهي" الذي يحركهم).

 

2- طرق مختلفة للنبوة

* يقول القديس يوستينوس: (فطورًا يعلنون أشياء ستتم كالذين يتنبئون عن المستقبل، وطورًا يتكلمون بكلام صادر من الله أب ورب الجميع، وحينًا بكلام صادر من شخص السيد المسيح، أو كلام من الناس يردون به على السيد أو أبيه كما ترون في كتب مؤلفيكم إذ يكون الكاتب واحدًا ولكنه يتكلم على لسان كثيرين. واليهود الذين كانت أسفار الأنبياء في حوزتهم لم يدركوا تلك النبوات فلم يعترفوا بالمسيح عند مجيئه بل يبغضوننا نحن الذين نعترف بمجيئه ونثبت أنهم صلبوه حسب ما جاء في النبوة).

 

تكلم الآب على فم أشعياء النبي قائلًا:

يتكلم روح النبوة على لسان المسيح قائلًا:

نبوات مباشرة بواسطة الروح القدس:

* الثور يعرف قانيه والحمار معلف صاحبه أما إسرائيل فلا يعرف. شعبي لا يفهم. ويل للأمة الخاطئة الشعب الثقيل الإثم نسل فاعلي الشر أولاد مُفسدين! تركوا الرب استهانوا بقدوس إسرائيل ارتدوا إلى وراء (أش3:1-4).

* هكذا قال الرب: "السماوات كرسي والأرض موطئ قدمي. أين البيت الذي تبنون لي وأين مكان راحتي (أش 1:66).

(الدفاع الأول ف37)

* بسطت يدي طول النهار إلى شعب متمرد سائر في طريق غير صالح وراء أفكاره (أش2:65).

* بذلت ظهري للضاربين وخدي للناتفين. وجهي لم أستر عن العار والبصق. والسيد الرب يُعينني لذلك لا أخجل. لذلك جعلت وجهي كالصوان وعرفت أنى لا أخزى (أش6:50-7).

* ثقبوا يدي ورجلي (مز16:22).

* يقسمون ثيابي بينهم وعلى لباسي يقترعون (مز 18:22).

* أنا اضطجعت ونمت. استيقظت لأن الرب يعضدني (مز 5:3).

(الدفاع الأول ف 38)

* لأنه من صهيون تخرج الشريعة ومن أورشليم كلمة الرب. فيقضى بين الأمم وينصف لشعوب كثيرين فيطبعون سيوفهم سككًا ورماحهم مناجل. لا ترفع أمة على أمة سيفًا ولا يتعلمون الحرب في ما بعد (أش3:2-4).

(الدفاع الأول ف 39)

 

3- النبوة مع استعمال الفعل الماضي:

* يقول القديس يوستينوس: (عندما يتكلم روح النبوة عن أمور مستقبلية كأنها حدثت في الماضي -كما يُفهم من النصوص المتقدم ذكرها- أخشى أن يتخذ القارئ هذا الأمر عذرًا لتفسيرها على غير وجه الحقيقة لذلك أود أن أوضح ذلك جليًا أن الأمور التي يعلم روح النبوة جيدًا أنها ستحدث تنبأ عنها كأنها وقعت بالفعل. وترون -إن أنتم أمعنتم النظر- أن تلك النبوات يجب أن نفهمها على أنها نبوات كان قد نطق بها داود قبل تجسد المسيح وصلبه بمدة طويلة، أن يسوع المسيح وحده - ولا آخر سواه ممن عاشوا قبل مجيئه أو الذين عاصروه قد أدخل الفرح والسرور في قلوب الذين يترجون الخلود الموعود وذلك بصلبه وموته وقيامته وصعوده تلك الأمور التي بشر بها الرسل -باسمه- جميع الأمم).

 

4- تحقيق نبوات العهد القديم في شخص المسيح دليل قوى على صحة واكتمال حقيقة المسيحية:

* يؤكد القديس يوستينوس الشهيد على أن نبوات العهد القديم قد تحققت في شخص السيد المسيح وهذا يحوى الدليل القوى على صحة حقيقة المسيحية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. صحيح أن الناموس الموسوي يحوى الحقيقة ولكن غير كاملة لأن نقطة الإعلان النهائي أو الرؤية النهائية تمت من قبل الله في حدث التجسد بواسطة "اللوغوس" السيد المسيح. هذا الموضوع تبوأ مكانة عالية في فكر وحياة القديس يوستينوس لأنه يكون الأساس الذي يستند إليه موضوع اهتدائه إلى المسيحية كما يمثل خطًا واضحًا لجميع تفسيراته اللاهوتية.

* يؤكد القديس يوستينوس في ف 30 على أن اقتناع المسيحيين بأن المسيح هو ابن الله لا يقوم على مجرد تصريحات ولكن إيمانًا منهم بأن ما تنبأ به أنبياء العهد القديم إنما ينطبق تمامًا على شخص السيد المسيح. كما يؤكد في ف 31 أن النبوات التي بين أيدي المسيحيين هي عن الترجمة السبعينية التي تمت في عهد بطليموس ملك مصر ثم قدم القديس يوستينوس بشيء من التفصيل عرضًا مفصلًا للنبوات التي تنبأ بها أنبياء العهد القديم وكيف تحققت في شخص المسيح تاريخيًا، ويمكننا حصرها في الجدول الآتي:

 

نبوات العهد القديم

شرحها في الدفاع الأول

* نبوة موسى عن المسيح (تك10:49)

ف 32

* كيفية ميلاد المسيح (أش14:7)

ف33

* محل ميلاد المسيح (ميخا 2:5)

ف34

* آلام المسيح وصلبه (أش6:9، أش2:65 + أش2:58 - مز16:22 + مز18:22 - زكريا9:9)

ف41+ ف57

* تآمر الرؤساء على موته (مز1، 2)

ف40

* المسيح يملك على الصليب (مز96)

ف41

* صعود المسيح وجلوسه عن يمين الآب (مز1:110-3)

ف52

* المسيح يشفى جميع الأمراض ويقيم الموتى (أش5:35-6)

ف55

* اليهود يرفضون المسيح (أش1:65-3، أش20:5)

ف56

* عظمة المسيح، وصعوده إلى السماء (اش8:53-12، مز7:24، دانيال13:7)

ف58

* للمسيح مجيئان " الأول والثاني" (حز7:37،8، أش66:24 زكريا10:12-12 + أش17:63)

ف59

* خراب اليهودية (أش10:64-13 + أش7:1)

ف54

 

5- الفلاسفة أخذوا الحقائق الفلسفية من الأنبياء ولاسيما موسى النبي

* يؤكد القديس يوستينوس في الفصل 59 أن أفلاطون مدين لموسى إذ بنى فلسفته بخصوص خلق العالم على ما ذكره موسى النبي في أسفاره. كما يبين في الفصل 60 كيف تأثر أفلاطون بموسى بخصوص ما ذكره عن الصليب...

* يقول القديس يوستينوس: (مما يدل على أن أفلاطون تأثر بأقوال أنبيائنا ومنهم موسى قال: "إن الله بعد أن شكل المادة التي لا شكل لها خلق العالم". اسمعوا نفس هذه الكلمات نطق بها موسى -وقد كان أول الأنبياء كما أوضحنا قبلًا وأقدم من كُتاب الإغريق- وتكلم بواسطة روح النبوة عن كيفية خلقة الله للعالم ومن أي المواد إذ قال: "في البدء خلق الله السموات والأرض وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرف على وجه المياه وقال الله ليكن نور فكان نور" يتضح من ذلك أن أفلاطون ومن يوافقونه في الرأي -ونحن أيضًا- قد تعلمنا ويمكن إقناعكم أنتم كذلك بأن العالم كله خُلق بكلمة الله من المادة التي ذكرها موسى ونعلم أن ما يسميه الشعراء أريبوس هو ما ذكره موسى قبلًا).

* يقول القديس يوستينوس: (كذلك البحث الفسيولوجي بخصوص طبيعة "ابن الله" في كتاب تيمايوس لأفلاطون الذي يقول فيه أنه قد "وضعه على شكل صليب في الكون" قد أخذه بالمثل عن موسى. إذ ورد في أسفار موسى كيف أن الإسرائيليين عندما خرجوا من أرض مصر كانوا في البرية في ذلك الوقت التقوا بحيوانات مسممة من أفاعي وثعابين وكل أنواع الحيات التي كانت تفترس الناس وكيف أن موسى بإلهام وتأثير الله قد أخذ نحاسًا وصنعه على شكل صليب ونصبه في خيمة الاجتماع المقدسة وقال للشعب من نظر إلى حية النحاس يحيا وقد ذكر أنه لما تم ذلك ماتت الحية. وقد وصل إلينا أن الشعب نجا من الموت بهذا السبب).

* يقول القديس يوستينوس: (وكل ما قاله الفلاسفة والشعراء عن خلود الروح والقصاص بعد الموت والتأمل في الأمور السماوية وما أشبه ذلك من التعاليم قد أخذوه عن الأنبياء. ومن هذا يتضح أن بذور الحق موجودة عند جميع الناس ولكنهم يُتهمون بعدم إدراك الحقائق عندما تبدوا منهم متناقضات).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثالثًا: الصليب في فكر القديس يوستينوس

أ- رموز الصليب

* يقول القديس يوستينوس: (إن الصليب كما تنبأ عنه أرميا النبي هو أعظم رمز لقوة المسيح وملكوته كما هو مُثبت من الأشياء الواقعة تحت بصركم انظروا إلى جميع الأشياء الموجودة في العالم هل يمكن أن تُستعمل أو تتحد مع بعضها بدون هذا الشكل؟ فالبحر لا يمكن اجتيازه إلا إذا كان القلع قائمًا في وسط السفينة والأرض لا تُحرث إلا به. والحفارون والمهندسون لا يقومون بأعمالهم إلا بالآلات التي من هذا الشكل. والشكل الإنساني لا يختلف عن الحيوان الأبكم إلا في انه منتصب القامة ويداه ممدودتان على وجهه، في الجبهة ما يسمى بالأنف ومنها التنفس للمخلوق الحي، وما هذا إلا شكل الصليب، لذلك قال النبي: "نفس أنوفنا مسيح الرب أخذ في حفرهم الذي قلنا عنه في ظله نعيش بين الأمم. وقوة هذا الشكل ظاهرة في رموزكم المنقوشة على أعلامكم التي تُرفع في جميع مواكبكم وهى تستعمل كشعار سلطتكم وحكومتكم ولو أنكم تفعلون ذلك عفوًا).

 

ب - الصليب رمز الخلاص والانتصار:

* يقول القديس يوستينوس: (عندما كان شعب إسرائيل يحارب عماليق كان موسى يصلى ويداه مبسوطتان. والذي كان ينصر بني إسرائيل هو الصليب. وليس ذلك لأن موسى عندما كان يصلى كان الشعب ينتصر ولكن لأن يسوع (يشوع) كان على رأس المقاتلين ولأن موسى كان يصنع إشارة الصليب بفتحة ذراعيه).

* ويقول أيضًا: (وكذلك جميع الأحداث التي حصلت مع الصديقين، فموسى أرسله الله مع عصاه لخلاص شعب إسرائيل: لقد سار على رأس الشعب والعصا في يده وضرب مياه البحر فانشق ومر بنو إسرائيل وكذلك بواسطة العصا ضرب الصخر فتفجرت المياه وأيضًا عندما عطش الشعب رمى بعصاه في مياه "مارا" المُرة فأصبحت حلوة وشرب الشعب وهكذا فإن خشبة الصليب أصبحت رمز الخلاص لجميع الشعوب).

 

ج- حمل الفصح مثال المسيح المصلوب على الصليب:

* يقول القديس يوستينوس: (إن حمل الفصح الذي أمركم الله بتقديمه ضحية هو صورة عن المسيح الضحية أو الذبيحة ولقد كنتم ترشون دمه عليكم وعلى بيوتكم لتطهروا كذلك فإن جسد آدم قد أصبح هيكل الروح القدس لأن الله مسحه بدم الكلمة "اللوغوس". وأيضًا فإن طقس طهي الحمل بلحمه وعظمه كانت ترمز إلى آلام المسيح الحمل الإلهي على الصليب. فالحمل عندما كان يُطهى كان يوضع بشكل يشابه الصليب: فأحد السفود كان يخرقه من أعضائه السفلى إلى رأسه والآخر من ظهره إلى الأمام رابطين رجليه ويديه).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

رابعًا: العذراء (حواء الثانية) عند القديس يوستينوس فى ضوء تقليد الكنيسة وكتابات الآباء

 

* يقول القديس يوستينوس الشهيد: (نحن نعلم أن ابن الله صار إنسانًا وتجسد من العذراء مريم. وكما أن حواء برفضها لكلمة الله حملت إلى البشرية الهلاك فالعذراء بقبولها كلمة الله حملت الخلاص. حواء كانت عذراء غير دنسة ولكنها حبلت بالكلمة التي جاءت من الحية وبذلك جاءت المعصية والموت. أما العذراء مريم فقد كان لها إيمان وفرح ولذلك عندما أخبرها الملاك بالبشارة السارة: "أن روح الرب سوف يحل عليها وقوة العلى تظللها وأن المولود منها قدوس وابن الله يُدعى".. أجابت وقالت: ليكن لي كقولك. فولد منها ذلك الذي نتحدث عنه (أي المسيح) الذي به سحق الله الحية وملائكته).

* هذه المقارنة وهذا التبادل بين حواء الأولى وبين حواء الثانية أي "العذراء مريم" نجده بوضوح تام في تقليد الكنيسة القبطية من خلال قطع الثيؤطوكيات، كما نجده في الكثير من كتابات آباء الكنيسة الجامعة.

* جاء في القطعة الثانية من ثيؤطوكية يوم الاثنين: (حواء التي أغرتها الحية حُكم عليها من قبل الرب. تحنن الرب من قبل محبته للبشر وسُر مرة أخرى بعتقها).

* كما جاء في القطعة الثانية من ثيؤطوكية يوم الخميس: (فخر جميع العذارى هي مريم والدة الإله، من أجلها أيضًا نُقضت اللعنة الأولى التي جاءت على جنسنا من قبل المخالفة التي وقعت فيها المرأة لما أكلت من ثمرة الشجرة. من أجل حواء أُغلق باب الفردوس ومن قبل مريم العذراء فُتح لنا مرة أخرى. استحققنا شجرة الحياة لنأكل منها أي جسد الله ودمه الحقيقيين).

* وهكذا صار التبادل بين حواء الأولى وحواء الثانية كما توصفه القطعة الثالثة من ثيؤطوكية يوم الخميس بالأتي: (يا لعمق غنى وحكمة الله لأن البطن الواقع تحت الحكم وولد الأولاد بوجع القلب. صار ينبوعًا لعدم الموت، ولدت لنا عمانوئيل بغير زرع بشر ونقض فساد جنسنا).

 

ولكن السؤال الهام: كيف حدث هذا التبادل بين حواء والعذراء القديسة مريم؟

* إجابة السؤال: نجدها عند القديس يوستينوس الشهيد والقديس إيريناؤس وكلاهما من آباء القرن الثاني الميلادي وتتلخص الإجابة في "طاعة العذراء وقبولها أن تلد المسيح".

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

خامسًا: سر المعمودية عند القديس يوستينوس

إعداد الموعوظين:

* يقول القديس يوستينوس: (سأقص عليكم أيضًا كيف أننا كرسنا أنفسنا لله عندما تجددنا بالمسيح فإننا إن حذفنا نكون مقصرين في الإيضاح الذي نبديه. إن كل من يقتنع ويؤمن بصحة تعاليمنا وأقوالنا ويشرع في ترتيب معيشته على موجبها يتعلم أن يُصلى لله ويتوسل إليه بالصوم لمغفرة خطاياه السابقة ونحن نصلى ونصوم معه).

 

التعميد باسم الثالوث القدوس

* يقول القديس يوستينوس: (ثم نحضرهم إلى حيث يوجد الماء فيتجددون كما تجددنا. ويغتسلون بالماء باسم الله آب وسيد الكون ومخلصنا يسوع المسيح والروح القدس. لأن المسيح قال: "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت السموات" وظاهر للجميع أنه من المحال أن من وُلد يدخل ثانية إلى بطن أمه).

 

المعمودية لمغفرة الخطايا

* يقول القديس يوستينوس: وقد أعلن إشعياء النبي كما أسلفنا كيف أن الذين أخطأوا وندموا يخلصون من خطاياهم إذ قال: "اغتسلوا تنقوا اعزلوا شر أفعالكم من أمام عيني كفوا عن فعل الشر. تعلموا فعل الخير. اطلبوا الحق انصفوا المظلوم اقضوا لليتيم حاموا عن الأرملة. هلم نتحاجج يقول الرب. إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج. إن كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف. إن شئتم وسمعتم تأكلون خير الأرض. وإن أبيتم وتمردتم تؤكلون بالسيف لأن فم الرب تكلم.

 

بالمعمودية ننجو من الخطية الجدية,

* يقول القديس يوستينوس: (وقد تعلمنا من الرسل سبب هذا الطقس وهو أنه من حيث أننا ولدنا بدون معرفتنا واختيارنا بواسطة معاشرة أبوينا بعضهم لبعض. ونشأنا على العادات الرديئة والتربية الشريرة فلكي لا نبقى أبناء ضرورة وجهل بل نصير أبناء خير ومعرفة ونحصل بالماء على مغفرة الخطايا السابقة فإنه ينطق باسم الله آب وسيد الكون على من يختار أن يولد ثانية ويندم على خطاياه والذي يقود المعتمد إلى حوض المعمودية هو فقط يدعو بهذا الاسم لأنه لا يستطيع أحد أن ينطق اسم الله الذي لا يُعبر عنه ومن يجرؤ على القول بأنه يوجد له اسم فهو يهذى في جنون لا شفاء له).

 

المعمودية هي استنارة

* يقول القديس يوستينوس: (وهذا الاغتسال يُسمى تنويرًا لأن الذين يتعلمون هذه الأمور يستنيرون في أفهامهم والذي يستنير يعتمد باسم يسوع المسيح الذي صلب في عهد بيلاطس البنطي وباسم الروح القدس الذي نطق بالأنبياء عن كل ما جرى ليسوع).

 

خدمة الأسرار المقدسة بعد المعمودية

* يقول القديس يوستينوس: (إننا بعد أن نعمد من يقتنع ويقبل تعليمنا نحضره إلى المكان الذي يجتمع فيه الأخوة لنقدم الصلوات القلبية الاجتماعية لأجلنا ولأجل الشخص المعتمد أو المستنير ولسائر الناس في كل مكان لنكون مستحقين بأن نكون رعايا صالحين وحفظة الوصايا بأعمالنا إذ عرفنا الحق لنحصل على الخلاص الأبدي وبعد إتمام الصلاة يُقبل بعضنا بعضًا.

* ثم يحضرون إلى رئيس الأخوة خبزًا وكأس خمر ممزوجًا بالماء حتى إذا أخذهما يقدم الشكر والتمجيد لآب الجميع باسم الآب والابن والروح القدس ويقدم الشكر الكافي لكوننا صرنا مستحقين أن نتناول هذه الأشياء من بين يديه. وعند إتمام الصلاة والشكر يؤمن جميع الحاضرين بقولهم آمين ومعناه بالعبرانية "ليكن كذلك". وعندما يقدم الرئيس الشكر ويؤمن الكل على كلامه يقوم الشمامسة بتقديم الخبز والخمر الممزوج بالماء اللذين تُلي عليهما الشكر ليشترك فيهما كل من حضر ويُرسل جزءً منهما إلى الغائبين).

* (هذا الطعام يسمى عندنا الإفخارستيا "أي الشكر" ولا يُسمح لأحد بأن يشترك فيه إلا إذا آمن بصحة الأمور التي نعلمها واعتمد لمغفرة الخطايا والتجديد وعاش كما أمر المسيح. لأننا لا نتناوله كالخبز والشراب العاديين بل كما أن يسوع المسيح مخلصنا كلمة الله الذي تجسد قد كان له لحم ودم لأجل خلاصنا فكذلك قد تعلمنا أن الطعام الذي يتبارك بصلاة كلمته ويتغذى منه لحمنا ودمنا -بعد الاستحالة Transubstantiation- هو جسد ودم يسوع الذي تجسد. لأن الرسل قد سلمونا ما أُمروا به في الأسفار التي كتبوها المعروفة بالبشائر قائلين: إن يسوع أخذ خبزًا وبعد أن شكر قال هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم اصنعوا هذا لذكرى وكذلك لما أخذ الكأس وشكر قال هذا هو دمي وأعطاه لهم وحدهم).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

سادسًا: وصف خدمة العبادة الأسبوعية عند القديس يوستينوس

خدمة سر الافخارستيا يوم الأحد

* (إننا دائمًا نذكر بعضنا بعضًا بهذه الأمور والغنى عندنا يساعد المحتاج، ونحن نجتمع على الدوام. ولأجل جميع الأشياء التي نحصل عليها نبارك صانع الكل بواسطة ابنه يسوع المسيح والروح القدس. وفي اليوم المسمى يوم الشمس (الأحد) يجتمع في مكان واحد جميع سكان المدن والأرياف حيث تُقرأ البشائر أو أسفار الأنبياء بقدر ما يسمح به الوقت، وعند الفراغ من القراءة يقوم الرئيس بالتعليم الشفهي والحث على الإقتداء بهذه الأشياء الصالحة. ثم نقوم كلنا ونصلى وعند إتمام صلواتنا.. يُؤتى بالخبز والخمر والماء ويصلى المتقدم في الصلاة، صلوات ويشكر أيضًا حسب قدرته ويؤمن الشعب على أقواله بقولهم آمين. ويوزع على كل واحد ويشترك فيما حصل الشكر لأجله أي الأسرار المقدسة، ويُرسل مع الشمامسة جزء منها للغائبين. ثم إن الذين في سعة ولهم رغبة في العطاء يعطون ما يرونه مناسبًا وما يجمع يودع طرف الرئيس وهو يساعد الأيتام والأرامل والذين في حاجة بسبب المرض أو بسبب آخر والمحبوسين والغرباء المقيمين فيما بيننا وبالاختصار يهتم بجميع المعوزين).

 

لماذا يجتمع المسيحيون يوم الأحد؟

* أما يوم الأحد فهو اليوم الذي نعقد فيه اجتماعنا العام لأنه هو اليوم الأول الذي فيه خلق الله العالم بعد أن حول الظلمة والمادة. وقام فيه من الأموات مخلصنا يسوع المسيح لأنه صُلب في اليوم السابق للسبت وفي يوم الأحد التالي له لما تجلى لرسله وتلاميذه علمهم هذه الأمور التي عرضناها عليكم للتأمل فيها).

_____

(*) المراجع:

القديس يوستينوس الشماس الدكتور رشدي واصف بهمان.

الآباء المدافعون القمص مينا ونيس.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/patrology/yusteenos.html

تقصير الرابط:
tak.la/b98tn3a