St-Takla.org  >   books  >   fr-athnasius-fahmy  >   patrology
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب مدخل في علم الآبائيات: الباترولوجي - القمص أثناسيوس فهمي جورج

91- البابا كيرلس الكبير ومجمع أفسس *

محتويات

البطريرك الرابع والعشرون (412 م. 444 م)

 

* قال عن نفسه "إنني قد وعدت نفسي على أن اقبل لأجل المسيح كل أنواع التضحية والعذاب إلى أن ألاقى الموت الذي أقبله بفرح من أجل غاية كهذه... فلا شيء يخيفني لا الشتائم ولا الاحتقار ولا التعذيبات أيا كانت ولكن يكفيني أن يكون الإيمان كاملًا ومحفوظًا!!"

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أولًا: نشأة القديس

1- تربى القديس في كنف خاله القديس البابا ثيؤفيلس فشب على معرفة العلوم الدينية والشغف بقراءة الكتب المقدسة وأقوال الآباء وسيرهم كما انه كان يمتلك موهبة حفظ الألحان الكنسية وترديدها.

2- وقد ألحقه خاله بالمدرسة اللاهوتية بالإسكندرية لدراسة العلوم الفلسفية التي تعينه على الدفاع عن المسيحية ضد الهراطقة والمبتدعين فتمكن من دراسة جميع العلوم الدينية والفلسفية وتهذب بكل العناية الفائقة منذ الصغر وحتى تخرجه.

3- ولم يكتف خاله بذلك بل أرسله إلى البرية في جبل النطرون إلى دير أبي مقار حتى يتتلمذ على الأنبا سيرابيون تلميذ الأنبا مقار الذي أوصاه بأن يقوم بتهذيبه بكل العلوم الكنسية والنسكية ومكث بالفعل مع أستاذه مدة خمس سنوات تمكن خلالها من التهام كل كتب البيعة وأجاد بإتقان كل علوم الكنيسة وأعطاه الرب الإله نعمة وفهم قلب عجيب حتى كان إذا قرأ كتابًا مرة واحدة بحفظه عن ظهر قلب.

4- وهكذا بعد كل هذه الدراسات عاد إلى الإسكندرية حيث خاله الذي امتدح نبوغه العظيم المبكر بقوله "إنك بهذه الدراسات ستبلغ أورشليم السمائية في موضع سكنى القديسين" وعلى الفور قام خاله برسامته شماسًا وقد كان القديس كيرلس إذا ما وقف ليرتل الإنجيل تمنى المؤمنون ألا ينتهي من القراءة لرخامة صوته.

5- ثم بعد ذلك رسمه قسًا وكلفه بالقيام بالوعظ رغم صغر سنه فحاز إعجاب السامعين ونال رضى جميع الكهنة والعلماء في جيله حيث أنه برع في فهم الأسفار المقدسة وشرحها ببراعة عجيبة. وكان البابا ثيؤفيلس بشكر الله إذ رزقه ولدًا روحيًا قد شب بالنعمة والحكمة.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثانيًا: تتويجه بطريرك

* وما كاد العرش المرقسي يخلو بنياحة البابا ثيؤفيلس حتى قال الشعب القبطي كلمته وأجمع الإكليروس على انتخاب القس كيرلس ليخلفه على العرش وأجمع الكل على تتويجه بطريركًا بعد ثلاثة أيام فقط من نياحة خاله فجلس على الكرسي في 21 بابة سنة 129ش الموافق 18 أكتوبر سنة 412 م. في عهد الإمبراطور ثيؤدوسيوس الصغير.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثالثًا: بداية أعماله:

* قام بتكريم القديس يوحنا ذهبي الفم والاعتراف بفضله أمام الجميع كما أشاد بالقيمة العظيمة لمؤلفاته الكثيرة كما انه أثناء قيام البابا كيرلس بتدوين قداس القديس مرقس الرسول دون اسم القديس يوحنا ذهبي الفم في قائمة أسماء القديسين الذين يذكرون في صلاة القداس وهكذا وضع البابا كيرلس حدًا نهائيًا لهذه القضية.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

رابعًا: متاعب في طريق البطريركية

 

المشكلة الأولى: كتابات يوليانوس الجاحد

* لقد نما إلى علم البابا كيرلس الأول أن يوليانوس الفيلسوف والملك الجاحد كان قد وضع عشرة كتب ضد الديانة المسيحية متضمنة بين سطورها التشكيك والطعن في ألوهية السيد المسيح له المجد وأقواله وتعاليمه ومعجزاته الإلهية وكانت هذه الكتب العشرة بمثابة فخر للشباب الوثني.

* فقام البابا كيرلس الأول بالرد على أقوال يوليانوس وأخذ يفندها واحدة تلو الأخرى حتى تحقق له القضاء عليها قضاءًا مبرمًا. ولبى الإمبراطور نداء البابا الإسكندري وجمع كل كتب يوليانوس وأبادها جميعًا.

 

المشكلة الثانية: اتباع نوفاسيوس الهرطوقي:

St-Takla.org Image: Saint Cyril the Great of Alexandria, Coptic pope, modern Coptic icon صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة قبطية حديثة تصور القديس البابا كيرلس الكبير بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية

St-Takla.org Image: Saint Cyril the Great of Alexandria, Coptic pope, modern Coptic icon.

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة قبطية حديثة تصور القديس البابا كيرلس الكبير بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.

* قاوم البابا كيرلس الأول النوفاسيين اتباع نوفاسيوس قس كنيسة روما الهرطوقي الذي كان يرفض توبة من جحد الإيمان أثناء الاضطهادات ويأبى أن يحل الناس من خطاياهم.

* فبعدما أوضح لهم فساد معتقدهم ولم يرجعوا عنه فاضطر البابا أخيرًا بطردهم من الإسكندرية بعد أن كانوا قد نموا عظيمًا في عهده ورسموا لهم أسقفًا لرعايتهم يدعى ثيموتمبوس فهربوا جميعًا مع أسقفهم تاركين الإسكندرية وبهذا تمكن البابا من الخلاص منهم وقطع دابرهم.

 

المشكلة الثالثة: ثورة اليهود والمسيحيين:

* عظمت شوكة اليهود ضد المسيحية حالمًا رأوا انتشارها ونموها السريع بسعيهم لدى الحكام والولاة بالرشاوى كي يساعدوهم ضد المسيحيين.

* وهكذا نجد أن البابا كيرلس الأول يواجه مقاومة شديدة ومتاعب عديدة من الهراطقة واليهود ففي إحدى الليالي انتشرت شائعة أن اليهود أشعلوا النيران في الكنيسة البابا ألكسندروس فعلى الفور سارع المسيحيون كبارًا وصغارًا ومن كل ناحية إلى الكنيسة لحمايتها من الحريق وكان وكان هذا الأمر باتفاق اليهود حتى ينفردوا بالمسيحيين ويفتكوا بهم وبالفعل حينما امتلأت الشوارع المحيطة بالكنيسة بالمسيحيين هجم عليهم اليهود من كل جانب وأسالوا دماء المسيحيين بكل وحشية وفظاظة.

* وفي صباح اليوم التالي عندما اتضحت الأمور وشعر المسيحيون بهذه الخدعة التي دبرها اليهود عزموا على الانتقام منهم.

* وعندما لم يستطع البابا أن يمنعهم من ذلك وبعد محاولات مضنية سمح لهم بعد استئذان الإمبراطور بطرد اليهود من المدينة دون سفك أي دماء ودون المساس بأي أحد فتم ذلك واستولى المسيحيون على مجامعهم وما فيها... وبهذا انتهت الجالية اليهودية بالإسكندرية.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

خامسًا: نسطور والبدعة النسطورية

 

1 من هو نسطور:

* ولد نسطوريوس في سوريا بمدينة مرعش وتربى في أنطاكية وهناك ترهب بدير إيروبيوس وقد تتلمذ على تيودورس المبسوستي واختير بعدما تم تعليمه ليكون شماسًا ثم قسًا في كاتدرائية أنطاكية واشتهر بفصاحته وقوة عظاته وقد اختاره الإمبراطور ثيؤدوسيوس الصغير ليكون بطريركًا على القسطنطينية وعند ارتقائه لهذا المنصب الرفيع لم يحتمل عظمة المكانة التي أختبر لها فسلك بالكبرياء والعظمة وأعجب بذاته حتى انه في إحدى عظاته في الكنيسة وجه خطابه للإمبراطور قائلًا له:

* "أستأصل أيها الملك معي جميع الهراطقة وأنا أستأصل معك جنود الفرس الأردياء وبعد أن تقضى على الأرض حياتك السعيدة أضمن لك أخيرًا جند الخلد في السماء".

* وقد كان نسطور قبل جلوسه على كرسي القسطنطينية يملك غيرة شديدة في الدفاع عن الإيمان المستقيم ضد الهراطقة لكن للأسف كانت هذه الغيرة مثل سحابة صيف سرعان ما تبخرت بعد قليل نتيجة سقوطه في بدعته الشنيعة وقد كان سقوطه عظيمًا حتى أن بعض المؤرخين قال عنه:

* "إن نسطور حارب جميع الهرطقات ليمهد السبيل إلى هرطقته".

 

2 ما هي النسطورية؟:

* قال نسطوريوس "حيث أن الله تعالى لا يمكن أن يموت أو يتألم لذلك كان المسيح أقنومين متباينين. ذات إلهية تعلو على الآلام الإنسانية وذات إنسانية عرضة للآلام والموت ومن ثم كانت الذات المتألمة هي الذات الإنسانية وحدها منفصلة عن الذات الإلهية".

* وهكذا نادى نسطور بأن في السيد المسيح أقنومين وشخصين وطبيعتين فهو حين يصنع المعجزات يكون ابن الله وحين يتألم ويجوع ويعطش ويصاب ويموت يكون ابن مريم.

* ونتيجة لفصل نسطور طبيعة السيد المسيح اللاهوتية عن طبيعته الناسوتية ترتب على ذلك الآتي:

أ عدم تسمية السيدة العذراء مريم qeotokoc ثيؤتوكوس Theotokos أي والدة الإله وإنها أم يسوع فقط وعليها بنى هرطقته في أن الطبيعة الإلهية لا يمكن أن تولد أو تصير جسدًا بشريًا وعلى هذا فالسيدة العذراء لم تلد الله الكلمة الأزلي وإنما ولدت يسوع الإنساني ولهذا فإننا يجب أن ندعوها أم يسوع "الجسداني" وليس أم الله.

ب انتقاد المجوس في سجودهم للطفل يسوع (مت11:2) باعتباره (يحسب اعتقاد نسطور الفاسد) ناسوتًا فقط وينبغي أن يكون السجود للاهوت وقد هتف نسطور في إحدى خطبه في يوم عيد البشارة (بشارة العذراء) مجاهرًا على مسمع ومرأى من الجميع أنه لا يمكن أن يسجد لطفل ابن ثلاثة شهور كما سجد له المجوس. وقد كان لهذا الكلام أكبر الأثر في إحداث اضطراب في بيعة الله المقدسة.

ج استبعاد الجزء الأخير من كل الثلاث تقديسات وهي:

* يا من ولدت...... يا والعشرين في عداد البطاركة. من صلبت...... يا من قمت..

* وبحكم منصبه كبطريرك للقسطنطينية وبما له من نفوذ وجبروت بدأ ينشر بدعته الفاسدة المفسدة في كل مكان مستعينًا ببعض الآباء الكهنة والأساقفة أيضًا.

* أما عن الشعب المسيحي للقسطنطينية فلما سمع أقوال نسطوريوسس رفضها رفضًا تامًا لعدم اتفاقها مع كلمة الله المقدسة وبدأوا يثورون ضد نسطور الذي ازداد في عناده وتصلفه كما حضر إليه جمع من الرهبان وبينوا له خطأ هذه التعاليم وانحرافها عن الإيمان المستقيم فغضب عليهم وأمر بحبسهم في الكنيسة كما أمر اتباعه بنزع ملابسهم وضربهم وإهانتهم ثم أوثقوهم بعامود وراحوا يضربوهم على بطونهم.

* ولما اشتد الجدال بين شعب القسطنطينية بسبب هذا الأمر انتشر أيضاُ بين البلاد المجاورة. وما هي إلا أيام قليلة حتى نما هذا الأمر إلى مسامع البابا العظيم كيرلس الكبير والغيور على الإيمان المستقيم.

 

3 ما هي عقيدتنا الصحيحة:

أ أن الرب يسوع كامل في لاهوته وكامل أيضًا في ناسوته، وأن اللاهوت والناسوت متحدان اتحادًا حقيقيًا تامًا في الجوهر وفي الأقنوم وفي الطبيعة بغير انفصال وبدون امتزاج أو تغيير.

ب إن الأقنوم الثاني في الثالوث الأقدس اتخذ من السيدة العذراء جسدًا بشريًا ونفسًا إنسانية ناطقة عاقلة، وأن المولود منها هو الإله الذي له طبيعة واحدة متجسدة لها جميع صفات وخصائص الطبيعتين معًا.

وقد أيَّد القديس كيرلس الكبير عقيدة الطبيعة الواحدة بأدلة كتابية منها:

* قول البشير يوحنا "والكلمة Logos صار جسدًا" (يو14:1) وقوله صار دلالة قوية على الإيمان الحقيقي في الطبيعة الواحدة.

* ومن قول رب المجد " ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء" (يو13:3) فالذي في السماء هو بعينه الذي على الأرض وهو ابن الله وهو ابن الإنسان... جوهر واحد وأقنوم واحد وطبيعة واحدة.

* وأيضًا من قول رب المجد عن نفسه " أنا هو الأول والآخر وإني كنت ميتًا وها أنا حي إلى دهر الدهور ولى مفاتيح الموت والجحيم" (رؤيا17:1، 18) فالضمير (أنا) يدل على الاتحاد الحقيقي والطبيعة الواحدة فهو الأول والآخر وهو هو بعينه الحي الذي كان ميتًا، الحي إلى دهر الدهور.

* وقد أعلن الرسول بولس صراحة أن السيد المسيح هو الله بقوله "كنيسة الله التي اقتناها بدمه" (أع18:20) فالدم المسفوك على الصليب هو دم الله نفسه الذي به اقتنى كنيسة الله المقدسة.

* ليس هذا فقط بل يمكننا أن نرى حقيقة التجسد الإلهي واضحة تمامًا في قول الكتاب "عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد" (1تيمو16:3).

* وحتى يقرب القديس كيرلس الإسكندري سر التجسد الإلهي الفائق الإدراك الأذهان المحدودة صار ينتقل من المحسوس إلى المعقول مستخدمًا تشبيهات متعددة.

* فقد شبه ذلك الاتحاد الحقيقي والجوهري بالاتحاد القائم بين النفس والجسد في الطبيعة البشرية وباتحاد النار بالحديد وبجمرة أشعياء (اش6:6، 7).

* ونلاحظ في معظم هذه التشبيهات أن الجوهر الإلهي ممثل فيها بواسطة النار المتأججة التي هي أقوى من كل شيء سواها لأنها رمز مناسب لجوهر الله "إلهنا نار آكلة" (عب29:12) والله محبة "ومحبته متأججة كالنار قوية كالموت لهيبها نار لظى الرب" (نش6:8).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

4 الإيمان الصحيح بشأن السيدة العذراء:

أ- إذا كانت أي أم بشرية هي أم لمولودها لكل من النفس والجسد مع أنها لم تلد نفسه التي خلقها الله..

* وإذا كنا نرفض القول بان أي أم ليست أما للجسد فقط بل هي أم للإنسان كله.. فلماذا لا ينطبق هذا الأمر على العذراء مريم!!!

ب- وما دمنا نؤمن أن السيد المسيح هو الله الذي ظهر في الجسد الكلمة الذي تجسد وتأنس من أجل خلاصنا..

فلابد لنا من أن نؤمن أن أمه هي من غير شك أم الله التي ولدت لنا عمانوئيل أي الله معنا كما أعلن الملاك المبشر إتمامًا لسائر النبوات.

ج- هناك ضرورة لاهوتية تحتملها طبيعة التجسد الإلهي المجيد.. فإنه ما دامت العذراء مريم قد ولدت الإله المتجسد وجب أن تلقب بوالدة الإله.

د- ومن الحقائق الهامة التي غابت عن أذهان أولئك المبتدعين... أنه لا يمكن أن يتم خلاصنا إن لم يكن ناسوته متحدًا بلاهوته.

ه- ويؤكد القديس غريغوريوس النزينزي هذه الحقيقة الإيمانية بقوله:

"إذا لم يؤمن أحد بان مريم هي ثيؤتوكوس qeotokoc فهو غريب عن الله".

و- ولهذا يعلن الأب الكاهن في نهاية القداس بكل خشوع عند الاعتراف في الأمانة " أؤمن أن هذا هو الجسد المحيى الذي أخذه ربنا وإلهنا ومخلصنا.. من سيدتنا... والدة الإله".

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

سادسًا: موقف البابا كيرلس من نسطور وبدعته

1 في عيد الفصح عام 428 م. كتب في رسالته الفصيحة ما يفند هذه البدعة وأرسلها إلى جميع الكنائس في كل مكان ولم يكتف بذلك بل أعلن في عظته ليلة العيد على الملأ فساد بدعة نسطور وقال:

"إن مريم لم تلد إنسانًا عاديًا بل ابن الله المتجسد لذلك هي حقًا أم الرب وأم الله".

2 ونظرًا لأن البابا كيرلس كان حكيمًا في جميع تصرفاته وأحكامه فإنه قام بملاطفة نسطور أولًا لعله يرجع عن خطأه وفساد معتقده فأرسل إليه كثير من الرسائل مملوءة بكل حكمة وتعزية وملأها بالحجج الدامغة والبراهين القوية والكثيرة التي تظهر فساد هذه الهرطقة لعلة يقتنع ويرجع عن ضلاله.

3 عقد مجمع مكاني في الإسكندرية قرر الأتي:

أ إدانة نسطور الهرطوقى وشجب كل تعاليمه.

St-Takla.org Image: An Eastern Orthodox icon depicting the First Council of Nicea (325). صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة أرثوذكسية شرقية تصور مجمع نيقية الأول (325 م.).

St-Takla.org Image: An Eastern Orthodox icon depicting the First Council of Nicea (325).

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة أرثوذكسية شرقية تصور مجمع نيقية الأول (325 م.).

ب التمسك بقانون الإيمان الذي سنة الآباء المجتمعين في نيقية سنة 325 م. واستكماله الآباء المجتمعون في القسطنطينية سنة 381 م.

* وبعد انتهاء المجمع المكاني أرسل البابا كيرلس تقريرًا بما حدث في المجمع إلى سفرائه المتواجدين في القسطنطينية فانتشر الخبر في جميع أرجاء القسطنطينية فخرج شعبها جميعًا مهللًا بالفرح والابتهاج وأرسل إلى البابا معبرًا عن شكره وامتنانه.

* وعندما رأى القديس كيرلس أن الإمبراطور ثيؤدوسيوس يدافع عن نسطور ويحامي عنه حاسبًا إياه رجلًا فاضلًا عالمًا قام بكتابة رسالة إليه يوضح فيها انحراف نسطور عن الإيمان القويم وكتب أيضًا رسائل أخرى لبعض أفراد العائلة الملكية شارحًا فيها سر التجسد.

4 قام بعقد مجمع إقليمي آخر في الإسكندرية الذي أصدر قراراته متضمنة التمسك بقرارات المجمع السابق.

* هذا وقد أرسل المجمع الآبائية إلى نسطور متضمنة فصول "الحرومات الاثني عشر" ونظرًا لأهميتها اللاهوتية والعقيدية نذكرها فيما يلي للفائدة:

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الحرومات الاثنا عشر

الحرم الأول: من لا يعترف أن عمانوئيل هو إله حقيقي وأن البتول القديسة مريم هي والدة الإله حيث ولدت جسديًا الكلمة المتجسد الذي هو الله كما هو مكتوب أن الكلمة صار جسدًا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فليكن محرومًا.

الحرم الثاني: من لا يعترف بان كلمة الله متحد مع الجسد كالأقنوم وأن المسيح عينه هو لا ريب إله وإنسان معًا متحدًا مع جسده فليكن محرومًا.

الحرم الثالث: من فصل من بعد الاتحاد، المسيح الواحد إلى أقنومين، وقال أن اتحادهما بعضهما ببعض من قبيل المصاحبة فقط أو بالقدرة أو بالسلطان وليس باتحادهما بوحدانية طبيعية فليكن محرومًا.

الحرم الرابع: من فرق بين أقوال السيد المسيح المذكورة في الأناجيل المقدسة وفي رسائل الآباء الرسل أو نطق بها الآباء القديسون أو قالها المسيح عن ذاته ونسبها إلى أقنومين أو إلى اثنين كل قائم بذاته ويفهم أن البعض منها لائق بالإنسان وحده كأنه غريب عن كلمة الله وأن البعض الآخر ملائم لله فيخصه وينسبه إلى كلمة الآب وحده فليكن محرومًا.

الحرم الخامس: من تجاسر وقال أن السيد المسيح الذي يستعمل سلطانه الإلهي هو إنسان ساذج ولم يقل إنه إله حقيقي وابن واحد بالطبيعة كالاتحاد الأقنومي اشترك معنا في اللحم والدم لكون الكلمة صار جسدًا على ما في الكتب المقدسة فليكن محرومًا.

الحرم السادس: من قال إن كلمة الآب هو إله أو رب للمسيح ولم يعترف بأن المسيح ذاته إله وإنسان معًا كقول الكتاب المقدس الكلمة صار جسدًا. فليكن محرومًا.

الحرم السابع: من قال إن الله الكلمة لم يتأنس في الإنسان يسوع وأن عظمة ابن الله الوحيد قائمة في آخر دونه فليكن محرومًا.

الحرم الثامن: من تجاسر وقال ينبغي السجود لإنسان ساذج الذي معه الله الكلمة لكونه متخذ منه ومعه تعظم، ويدعوه إلهًا بحسب واحد في غيره، ولم يعترف بأنه ينبغي لعمانوئيل سجود واحد وتمجيد واحد كما ينبغي لكون الكلمة صار جسدًا فليكن محرومًا.

الحرم التاسع: من قال أن ربنا يسوع المسيح الوحيد كان ممجدًا من قبل الروح القدس بقدرة غريبة عنه. وإنه بنعمة هذا الروح كان يستعمل تلك القدرة والسلطان على إخراج الأرواح النجسة. وبه امتلأ من النعمة الإلهية. ولم يقل إنه كان ممتلئًا من روح خاصة كان يعمل بها تلك الآيات فليكن محرومًا.

الحرم العاشر: إن الكتاب المقدس يقول إن المسيح صار رسولًا وعظيم أحبار إيماننا وإنه قرب نفسه لله لأجلنا، ولأجل خلاصنا، بخورًا طيبًا لله الآب فمن قال أن كلمة الله الذي تجسد وصار إنسانًا ساذجًا من امرأة وإن آخر دون الكلمة ومن قال إن المسيح قرب نفسه لله الآب لأجل نفسه ولم يقل إنه قرب نفسه لأجل خلاصنا نحن البشر فقط لأنه لم يعرف خطيئة وليس بحاجة إلى ذلك القربان فليكن محرومًا.

الحرم الحادي عشر: من لا يعترف بأن جسد الرب هو معطى الحياة لأنه هو كلمة الله وقال عنه آخر دونه اجتمع معه أو قال إنه كان يعطى الحياة لأن الله الكلمة كان ساكنًا فيه غير متحد معه باتحاد أقنومي ولم يقل كما سبق إنه معطى الحياة لكونه صار لكلمة الله خاصة الذي هو قادر أن يحيى الكل فليكن محرومًا.

الحرم الثاني عشر: من لا يعترف بان الله الكلمة تألم في الجسد وصلب في الجسد وذاق الموت في الجسد أعنى جسده تألم وصلب وذاق الموت ولم يعترف إنه صار بكر الأموات وإنه إله معطى الحياة المحيى فليكن محرومًا.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

موقف نسطور من المجمع والحرومات:

* كان الغرض من إرسال رسالة المجمع وحرومات البابا كيرلس أن يوقع عليها نسطور إلا انه احتقر الرسالة والحرومات ولم يقتنع بها وقام بكتابة بنود ضدها لتأييد مزاعمه وبدعته وساعده في ذلك بعض أساقفة أنطاكية المعتنقين بدعته.

* وهكذا انقسمت الكنيسة على قسمين الأول يضم كلًا من كنائس روما وأورشليم وآسيا الصغرى وهذه الكنائس وقفت تؤازر البابا كيرلس والثاني يضم كنيسة أنطاكية والقسطنطينية التي هي كرسي نسطور.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وفى دفاعه عن لاهوت المسيح قال البابا كيرلس:

* إن الكلمة كائن قبل الدهور نقول إنه ولد منها بالجسد كجسد كل واحد منا، لكن وإن كان قد هبط إلى حدودنا ولبس صورة العبد إلا انه في علو لاهوته وربوبيته بالطبيعة

* أن الطبيعتين اجتمعتا في طبيعة واحدة ومن بعد الاتحاد لا نفرق بعضهما عن بعض ولا نقسم غير المنقسم ونجعله اثنين بل نقول انه ابن واحد وحيد. مثلما قال آباؤنا إنه طبيعة واحدة للكلمة المتجسد وغير مفترق بعد الاتحاد، ومن المنطلق الإيماني جاء في القسمة السريانية ما يأتي:

* " هكذا بالحقيقة تألم كلمة الله بالجسد، وذُبح وانحنى بالصليب، وانفصلت نفسه من جسده وطعن في جنبه بالحربة وجرى منه دم وماء غفرانًا لكل العالم وتخضب بهما جسده وأتت نفسه واتحدت بجسده وعوض الخطية المحيطة بالعالم مات الابن بالصليب وردنا من التدبير الشمالي إلى اليميني، وأمن بدم صليبه، ووحد وألف السمائيين مع الأرضيين والشعب مع الشعوب والنفس مع الجسد وفي اليوم الثالث قام من الأموات "واحد هو عمانوئيل"، وغير مفترق من بعد الاتحاد وغير منقسم إلى طبيعتين هكذا نؤمن وهكذا نعترف وهكذا نصدق أن هذا الجسد لهذا الدم وهذا الدم لهذا الجسد.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

سابعًا: المجمع المسكوني الثالث أفسس الأول 431 م.

 

أين ومتى عقد المجمع؟

* تم عقد المجمع في أفسس يوم الأحد الموافق 13 بؤونه سنة 147 ش الموافق 7 يونيو سنة 431 م.

 

أسباب انعقاد المجمع:

أولًا : بدعة نسطور Nestorius Heresy

ثانيًا: بدعة بيلاجيوس Pelageus Heresy

* وقد ولد بيلاجيوس هذا في بريطانيا ونشأت بدعته في القرن الرابع وتردد زمانًا بين روما وفلسطين ثم سيم راهبًا وحصل على درجة القسيسية وسقط في بدعة مضمونها الآتي:

* "إن خطيئة آدم قاصرة عليه وحده دون بقية الجنس البشرى ثم استنتج من ذلك أن كل إنسان حينما يولد يكون كآدم قبل الخطيئة!! ثم قال أن الإنسان بقوته الطبيعية يستطيع الوصول إلى أسمى درجات القداسة بدون احتياج إلى مساعدة النعمة الإلهية".

* ومن البديهي أن في هذه التعاليم الفاسدة ما يهدم الفداء المجيد ويضعف من قيمة دم المسيح ويناقض قول الكتاب الآتي: "هأنذا بالآثام حبل بي وبالخطية ولدتني أمي" (مز5:51).

* "وبإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت" (رو12:5)

* "كما في آدم يموت الجميع هكذا في المسيح يحيا الجميع" (1كو22:15).

* وقد ظل بيلاجيوس المبتدع هذا زمانًا ينتقل من مدينة إلى أخرى وينشر تعاليمه المضلة وعندما تم انعقاد مجمع أفسس المسكوني الثالث المقدس حكم المجمع ضده بالحرم هو وبدعته.

عدد الحاضرين: 200 أسقف

رئاسة المجمع: البابا كيرلس عامود الدين

الجلسة الأولى: تم فيها الآتي

1 حرم نسطور: "حيث أن نسطور كلى النفاق قد رفض أن يخضع لصوت دعوتنا إياه ولم يقبل الأساقفة الذين أوفدناهم إليه من قبلنا ولم يكن في وسعنا أن تتأخر عن فحص تعاليمه الآثمة".

* وبما إننا قد تحققنا من رسائله وأقواله قبل البدء في أعمال المجمع كما يبرهن على معتقده الأثيم لهذا رأينا بناء على القوانين المقدسة أن نصدر ضده هذا الحكم بكل حزن ودموع سائلين المولى بواسطة هذا المجمع المقدس أن يسقطه من درجة الأسقفية وليكن مفروزًا من أي شركة كهنوتية.

2 ثم قرر المجمع بحسب التعاليم المحفوظة في الكنيسة منذ عصر الرسل أن سر التجسد المجيد قائم في اتحاد اللاهوت بالناسوت في أقنوم الكلمة الأزلي بدون انفصال ولا امتزاج ولا تغيير وأن السيدة العذراء مريم هي والدة الإله.

3 وأخيرًا تفضل الآباء المجتمعون في أفسس بوضع مقدمة قانون الإيمان كالآتي:

* "نعظمك يا أم النور الحقيقي ونمجدك أيتها العذراء القديسة والدة الإله لأنك ولدت لنا مخلص العالم، أتى وخلص نفوسنا، المجد لك يا سيدنا وملكنا المسيح فخر الرسل إكليل الشهداء، تهليل الصديقين، ثبات الكنائس، غفران الخطايا، نكرز ونبشر بالثالوث المقدس لاهوت واحد، نسجد له ونمجده، يا رب ارحم يا رب ارحم، يا رب بارك أمين".

4 إعلان نسطور بالحكم.

5 أما بالنسبة لبدعة بيلاجيوس والتي سبق الإشارة إليها فقد ناقشها الآباء على ضوء ما جاء في الكتاب المقدس وبعد أن تأكد المجمع من فسادها ومعارضتها لسر الفداء المجيد وإنها تُضعف من قيمة الدم الزكي الكريم وتناقض آيات الكتاب المقدس أصدر المجمع المسكوني الثالث المقدس المنعقد في أفسس حكمة ضد بيلاجيوس المبتدع بحرمه وبدعته وكل تعاليمه مزيدًا بذلك الحرم الموقع عليه في مجامع عقدت بأفريقيا وروما سنة 418 م.

6 إعلان أحكام المجمع للشعب.

* رفعت الجلسة الأولى الافتتاحية وأعلنت الأحكام للشعب الذي ابتهج كثيرًا لحرمان نسطور ورفض بدعته وهتف للبابا كيرلس الكبير رئيس المجمع المقدس وللآباء القديسين الذين حافظوا على الإيمان القويم وحرموا التعليم الأثيم ثم أوقد الشعب الشموع وأخذ يسبح الليل كله.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

موقف نسطور من قرارات المجمع

* أما نسطور فلم يقبل الحكم الصادر من المجمع المقدس وسافر إلى القسطنطينية بحمل معه تقارير مزيفة كتبها له مندوب الإمبراطور "كانديديان" الممالي له وملأها بالطعن في رئيس المجمع البابا كيرلس. وفي نفس الوقت شدد كانديديان الحراسة على أبواب المدينة لمنع أي رسل من الخروج.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

تدخل يوحنا الأنطاكي وأساقفته:

* بعد سفر نسطور بخمسة أيام وصل يوحنا الأنطاكي أسقف أنطاكية إلى أفسس وبرفقته 32 أسقفًا وعند سماعه الحكم الذي صدر ضد نسطور صديقه غضب غضبًا شديدًا لأنه كان من أعوانه ومن مؤيدي هرطقته ثم قام بعقد مجمع من أساقفته قرر فيه عزل كيرلس الإسكندري وممنون أسقف أفسس!! ورفض قبول أساقفة مجمع أفسس في شركته إن لم يتنازلوا عن قرارهم!! وبمعونة مندوب الإمبراطور تمكن يوحنا الأنطاكي من إرسال قراراته إلى الملك طالبًا التصريح بإعادة انعقاد المجمع من جديد ولم تمضى بضعة أيام حتى وصل نواب أسقف روما وهم الأسقفان أركاديوس وبروجاكتوس نائبين عن مجمع رومية والقس فيلبس نائبًا شخصيًا عن أسقف روما.

الجلسة الثانية: تم عقد هذه الجلسة في 10 يوليو سنة 431 م. وعقدها البابا كيرلس للمجمع المقدس وقد حضرها مندوبو روما مع الأساقفة.

* وقد تليت في هذه الجلسة أعمال الجلسة الأولى ثم قرئت رسالة أسقف روما وأخيرًا تكل وفد روما مؤيدين بكل قوة القديس البابا كيرلس.

* ومما هو جدير بالإعجاب ما أعلنه الأسقفان أمام المجمع المسكوني من أنهما رغم صداقتهما الحميمة لنسطور فإنهما كخادمين للكلمة ملزمان بإعلان الحق بأمانة ولهذا فإنهما يضحيان بمودتهما له في سبيل ولائهما للحق لأنه ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس (أعمال الرسل 21:5).

الجلسة الثالثة: وقد تم عقدها في اليوم التالي وفيه وقع نواب روما على حكم المجمع وقراراته.

الجلسة الرابعة: وقد تم عقدها في يوم 26 يوليو من نفس العام للنظر في تصرفات يوحنا الإنطاكي وأساقفته وقد قام المجمع بإرسال البعض منهم لاستدعاء يوحنا الأنطاكي دفعتين متتاليتين غير انه رفض الاشتراك معهم.

الجلسة الخامسة: وقد حدث في هذه الجلسة أن المجمع أرسل مرة ثالثة إلى يوحنا الأنطاكي بإنذار للحضور ولكنه أصر على عدم الحضور وقال "أنه ينتظر أوامر من الإمبراطور"!!

* فعاد المجلس وبحث بكل اجتهاد موقفه من جميع الجهات وأصدر قرارًا بالأتي:

أولًا: تبرئة القديس كيرلس الإسكندري وممنون أسقف أفسس.

ثانيًا: حرم يوحنا الأنطاكي بطريرك أنطاكية واللذين يؤيدونه.

الجلسة السادسة: تم في هذه الجلسة تأكيد وتثبيت دستور الإيمان الذي بدأ في نيقة وأستكمل في القسطنطينية

الجلسة السابعة: تم في هذه الجلسة تحرير أسقفية قبرص من الخضوع لبطريركية أنطاكية كما سُن في هذه الجلسة ثمانية قوانين لم تزل باقية حتى اليوم.

الجلسة الأخيرة للمجمع المقدس:

* أنه لما رأى الآباء أن مندوب الإمبراطور في المجمع، يعمل بكل الطرق الممكنة لعدم وصول القرارات والأحكام إلى القسطنطينية فكر الآباء في طريقة يوصلون بها قراراتهم للإمبراطور فأحضروا شخصًا لبس ملابس شحاذ وأمسك في يده عكازًا مفرغًا وضعت بداخله قرارات المجمع. فاستطاع بهذه الحيلة أن يفلت من الحصار الشديد الذي فرضه كانديديان على المدينة كلها، وأن يصل إلى دلماتيوس العابد الذي كان الإمبراطور يجله كثيرًا لقداسته وتقواه ويزوره تبركًا في مغارته التي لم يغادرها منذ ثمان وأربعين سنة إلا من أجل الدفاع عن الإيمان. وسرع دلماتيوس عندما وصلته القرارات في مقابلة الإمبراطور حيث أطلعه على أعمال المجمع وأحكامه. فوافق عليها الإمبراطور واعتمدها.

* ولقد ظل البعض يحرضون الإمبراطور ضد المجمع وقراراته وأخيرًا انتدب المجمع ثمانية من أساقفته كما انتدب يوحنا الأنطاكي والنساطرة ثانية منهم وتقابل الوفدان مع الإمبراطور في مدينة "خلقيدون" وبعد مباحثات طويلة اقتنع الإمبراطور بصحة أحكام المجمع فثبتها وأمر بنفي نسطور بعيدًا عن القسطنطينية.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

انتهاء المجمع وعودة الأساقفة:

* عاد القديس كيرلس إلى الإسكندرية وهناك خرج الشعب الإسكندري في استقبال مهيب وقابل باباه الحبيب بالابتهاج والتهليل مهنئينه على ما أحرزه من نصر عظيم في مجمعه القويم.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثامنًا: نهاية نسطور

* بعد صدور أمر الإمبراطور بنفي نسطور تقرر نفيه إلى ديره الأول بريبيوس الذي نشأ فيه أمام أبواب أنطاكية. كما نفى الإمبراطور عددًا كبيرًا من الأساقفة من اتباعه ومكث هذا المضل هناك في الدير أربع سنوات غير أنه لم يهدأ بل ظل ينفث سمومه بين الرهبان مما أغضب الإمبراطور الذي سبق أن حاباه فانقلب عليه وأصدر أمره بإحراق جميع مؤلفاته ونفيه إلى بلاد العرب ثم إلى أخميم وكانت عاصمة للإقليم التاسع من أقاليم جنوب مصر الـ22 وحيث أن المسيحيين هناك كانوا شديدي التمسك بإيمانهم ولا يخشى عليهم من وجوده مقيمًا بينهم، لأن إيمان أهلها أقوى من أن يتأثر ببدعته.. وظل هذا الخائن مقيمًا هناك حتى مات منبوذًا مكروهًا من الجميع ودفن في أخميم في سنة 450 م.

* وذكر المؤرخ الكنسي فيليب شاف انه لما مات نسطور اعتاد أقباط أخميم أن يرجموا قبره بالحجارة ويلقوا عليه القمامة والتراب حتى تكون من ذلك (كوم أو تل نسطور) ومازال هذا الموضع معروفًا بهذا الاسم حتى الآن ويوجد في النصف البحري الشرقي للمدينة.

وقد اختلف المؤرخون حول سبب موت نسطور:

* فقد ذكر المؤرخ شاف انه لما تملكه اليأس شدخ رأسه بحجر ومات منتحرًا.

* وقال ايفاجريوس Evagruis والى مصر أن الله قد ضربه بالدود الذي أكل لسانه النجس الذي كانت تنبعث منه التجاديف عقابًا له على تجديفه.

* بينما قال المؤرخ الكنسي (تاودوريتس) ان جسده كله فسد وتمزق. وأيا كانت النتيجة فقد كانت نهايته بشعة وشنيعة للغاية.

* وهكذا انتصر الحق وأجبر ذلك المضل على أن يشرب حتى الثمالة كأس الاضطهاد المر الذي سبق هو نفسه أيام جبروته، أن أجبر الآخرين الأبرياء على شربه.

* وكتب نسطور تاريخ حياته بعنوان (ماساة) وهلك مع سائر المبتدعين ومضطهدي الكنيسة الذين كانت نهايتهم البشعة بينه على قضاء الله العادل الذي يظهر قوته ومجده

وأسقفيته يأخذها آخر: دعا الإمبراطور المجمع المقدس الأفسسي للحضور إلى القسطنطينية لكي يقوم باختيار أسقف جديد بدلًا من نسطور ومنح الحرية لكل من يرغب في العودة إلى أبروشيته فرجع القديس كيرلس شبل ما مرقس منتصرًا.

* أما الآباء الأساقفة الذين مكنتهم ظروفهم من تلبية دعوة الإمبراطور فقد اجتمعوا معًا ووقع اختيارهم على الراهب مكسيميانوس الصريح في الإيمان فأقاموه على الكرسي الرسولي بدلًا من الخائن في 25 أكتوبر (تشرين الأول) عام 431 م.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

مصير النسطورية بعد نسطور:

* بعد موت نسطور وخلع ونفى الأساقفة النسطوريين عن كراسيهم لم تمت البدعة النسطورية تمامًا لتمسك معلمي مدرسة الرها السريانية وتلاميذها بتعاليم نسطور ونشاطهم في نشر وترجمة مؤلفات مؤسسيها ديودوروس الطرسوسي وثيؤدور الأنطاكي إلى اللغات السريانية والأرمنية والفارسية واتخاذهم مدرسة أديسا Edessa اللاهوتية الشهيرة أكبر معقل لهم.

* وحدث انه لم طوردت النسطورية من الدولة وأغلق الإمبراطور زينون هذه المدرسة سنة 489 م. انتشر أنصارها في الشرق ومعهم بعض الكهنة وهناك شيدوا مقرًا لهم ورسموا رئيسًا عليهم ودعوه (جاثليقًا). ولجأ النسطوريون إلى جزيرة العرب وإيران والهند وحتى الصين.

* ولا يزال حتى الآن بعض النساطرة في جبل سنجار على حدود بلاد فارس وفي ملبار بالهند وشبه جزيرة العرب ووجدت النسطورية لها منفذًا إلى المسيحية في الكنيسة الغربية ومنها إلى الكنيسة الإغريقية الأرثوذكسية بواسطة الإرساليات. وقد اتخذ النساطرة بغداد مقرًا لرئاستهم وظلوا يتمتعون بحماية الخلفاء لهم في العراق حتى غزا تيمور لنك البلاد في القرن الرابع عشر واضطهدهم وأباد الكثيرين جدًا منهم. ومازالت الهرطقة النسطورية مستقرة في قطاعات منتظمة إلى اليوم في هذه الكنائس المتنوعة في الشرق.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

تاسعًا: مؤلفات وكتابات وتدوينات البابا كيرلس الكبير

 

القسم الأول: تفاسير الأسفار المقدسة:

* وهى سبعة عشر كتابًا تحت عنوان العبادة بالروح والحق.. وثلاثة عشر كتابًا تعرف بالتفاسير الأنيقة وهى تغطى مختارات من كل أسفار العهد القديم وفي العهد الجديد تفسير إنجيل يوحنا ثم 156 عظة على إنجيل متى والرسالة إلى رومية وكورنثوس الثانية والعبرانيين.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

منهجية البابا كيرلس عمود الدين في تفسيره للكتاب ومدارس التفسير

* القديس كيرلس عمود الدين كمفسر للكتاب المقدس إذ هو نموذج عظيم لواحد من آباء الكنيسة الذين عاشوا سر "الإعلان الإلهي"، ذلك السر الذي كشف وتحقق بتجسد السيد المسيح ومن خلال عمله الخلاصي من أجلنا ومن أجل خلاصنا، وبشر به "بشارة مفرحة" بالإنجيل.

* ومن خلال دراستنا لطريقة تفسير القديس كيرلس للكتاب المقدس نستطيع أن نتبيَّن مدارس التفسير التي كانت سائدة في العصور الأولى، وكيف تعامل معها القديس كيرلس بحكمة ووعى روحي ليقدم لنا في النهاية سمات التفسير الأرثوذكسي والتي يمكن فهمها من خلال الملامح الأساسية الآتية:

1- الأساس الخريستولوجي: إذ أن الإيمان الصحيح بسر التجسد والفداء هو ضرورة أساسية للتفسير السليم، إذ أن الكلمة المتجسد هو القانون والمعيار الذي يقاس عليه التفسير الأرثوذكسي.

2- الأساس الروحي: إذ أن الكلمة المكتوبة لها مفهومين، تاريخي وروحي. والذي يقودنا إلى التفسير الصحيح هو الإيمان إذ هو يسبق المعرفة، إذ بواسطة الإيمان يصل الإنسان إلى المعرفة الكاملة. والإيمان هنا هو المعرفة الصحيحة عن الله داخل حياة الفضيلة.

3- الأساس الكنسي: حيث يلجأ القديس كيرلس دائمًا إلى التعاليم والخبرة الكنسية معبرًا أن التقليد الكنسي هو المرشد والضامن للتفسير الكتابي السليم. ويركز على حقيقة الوحي الإلهي وحضور الروح القدس في الكنيسة، وعلى أهمية التقليد الذي يشمل الإيمان المستقيم والعقيدة الصحيحة، وعلى العبادة الليتورجية داخل الكنيسة، وعلى الحياة الروحية في الفضيلة.

* يعتبر القديس كيرلس الإسكندري (370-444 م.) من المفسرين العظماء للكتاب المقدس في تاريخ الكنيسة، وبينما اتبع الطريقة الأوريجانية لتفسير العهد القديم، ظل محافظًا على العقيدة من سوء التفسير الرمزي. إن العقيدة الخريستولوجية ضد (أريوس، نسطور، أبوليناريوس، افنوميوس) تمثل الأساس لفهم كل شروحاته وتفسيراته للكتاب، وهو يربط ربطًا محكمًا بين الشروحات وعقيدة الكنيسة.

* ولأن القديس كيرلس ربط بين التفسير واحتياجات الكنيسة التعليمية في عصره فقد يفهم إنه انطلق من العقيدة ليفسر الكتاب ولكن العكس صحيح. بدون شك لا ينتمي القديس كيرلس إلى المتطرفين الغيورين للتفسير الرمزي وفي نفس الوقت لم يوجد معاديًا للمدرسة الأنطاكية فلقد استخدم الرمزية allhgorikh مع النموذجية (النمطية) أو المثالية Tupologikh

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أ- العهد القديم:

* إن تفاسير القديس كيرلس للعهد القديم تعتبر من أقدم كتاباته، فقد كتب "العبادة بالروح والحق" في صورة حوار بينه وبين بلاديوس، وهو شرح رمزي ونمطي، ويشمل الكتاب 17 فصلًا. وموضوع الكتاب الرئيسي كيف أن الناموس قد ألغى فقط بحسب الحرف وليس بحسب الروح.

* في رأى القديس كيرلس: كل شيء يحويه العهد القديم هو صورة ورمز وظلال للعبادة بالروح والحق. في الفصول الأولى ينشغل كيرلس بخطية آدم ويناقش مسألة تحرر الإنسانية من عبودية الخطية والشيطان ويؤكد أن التحرر لا يأتي إلا من المسيح ويستمر في هذا الموضوع حتى الفصلين الرابع والخامس ليؤكد على أهمية الدور الإنساني في حفظ هذا الخلاص لذا يشدد على أهمية قرار وإصرار الإرادة الإنسانية في أن تخلص. وكتب أيضًا في هذه الفترة (Ta Glafura) "تعليقات" من ثلاث عشر فصلًا وهو يكمل ما كتبه سابقًا في "العبادة بالروح والحق" ولكنه لم يكن في صورة حوار، ما يخص سفر التكوين سبعة فصول،

* وثلاث فصول لسفر الخروج، وثلاث فصول كل واحد منها لسفر اللاويين، سفر العدد، سفر التثنية.

* أيضًا كتب في هذه الفترة تفسيره لسفر إشعياء والذي شغل مجلدًا كاملًا (رقم 70) في سلسلة Migne، ومذكراته في الأنبياء الصغار.

* في هذه الكتابات اتبع القديس كيرلس التقليد الإسكندري في التفسير، إذ ترك الحرف والتاريخ ودخل في قلب النص مفتشًا على الثمر الروحي اللازم للغذاء. لقد وضع كيرلس أساس التفسير وهو التفتيش على "المعنى الروحي" وراء الحرف. القديس كيرلس محق في تطبيقه هذه الطريقة في التفسير للعهد القديم لأن الناموس يعطى فقط صور ورموز للحقيقة، هو الظلال، لذلك قد بَطُل، ولكن كيرلس يشدد على أن الإبطال تم بحسب الحرف وليس بحسب محتواه الروحي وأهميته الروحية، ومن هنا نرى أن الناموس- كما يعلن القديس كيرلس - حفظ فاعليته حتى اليوم ولكن بحسب مفهومه الروحي.

* يركز القديس كيرلس في كتاباته على الصورة القديمة التي للكنيسة في قلب العهد القديم، كذلك في كتابه "تعليقات" يركز على أن "سر المسيح" رمز إليه وصور في كتب موسى الخمسة "التوراة".

* أن شروحات القديس كيرلس لأسفار الملوك، نشيد الإنشاد، والأنبياء حزقيال، إرميا، باروخ، دانيال قد بقى منها مقاطع صغيرة.

* ولا ننسى إنه قد شرح (ق. كيرلس) سفر المزامير وذلك بحسب رأى "فوتيوس" في القرن العاشر.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ب- العهد الجديد

1- تفسير إنجيل يوحنا: كتب القديس كيرلس تفسيره لإنجيل يوحنا وذلك قبل فترة البدعة النسطورية، وهو يمثل 12 مجلدًا.

* إن تفسير كيرلس له طبيعة عقيدية، والمقدمة تكشف على أنه يريد أن يعطى مفاهيم عقيدية للنص وعلى محاربة الأفكار الهرطوقية.

* يفحص مفاهيم عقيدية للنص وعلى محاربة الأفكار الهرطوقية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. يفحص القديس كيرلس في شروحاته هذه فكر الأريوسيين، فكر أتباع افنوميوس، وخريستولوجية المدرسة الأنطاكية. وأيضًا في تفاسيره هذه لا يذكر لا نسطور ولا مصطلح والدة الإله، ومصطلحاته في هذا التفسير ليست هي نفسها كما وجدت في كتاباته بعد ظهور النسطورية. لذلك يوجد اتفاق بين المفسرين بأنه كتبه قبل فترة البدعة النسطورية هذا رأى الأب جورج فلورفسكي في كتابة "آباء بيزنطة القرن الخامس" والصادر في تسالونيكي سنة 1992 م.

2- تفسير إنجيل لوقا: هو مجموعة عظات حول نصوص إنجيل لوقا، والهدف من هذه العظات ليس عقيدي فقط كما في تفسيره لإنجيل يوحنا ولكنه سلوكي عملي أيضًا.
بقيت فقط ثلاث عظات من النص اليوناني المفقود وبعض المقاطع الأخرى، بينما هناك 156 عظة وصلت إلينا باللغة السريانية (من القرن السادس) ومن خلال هذه الترجمة نعرف من العظة رقم 63 أن وقت كتابة هذه العظات كان أواخر 430 م. لأنه يذكر حرومات القديس كيرلس الاثني عشر.

3- مقاطع تفسيرية لأعمال أخرى للعهد الجديد: مقاطع قليلة من شروحاته لإنجيل متى، وأسفار أخرى للعهد الجديد.

* إن مفهوم اللوغوس يعلن فقط داخل خبرة الإيمان. الذي يقودنا خارج محدوديتنا كمخلوقات، هو الإيمان وليس البحث. الإيمان يجب أن يسبق البحث، المعرفة الصحيحة يمكن أن تؤكد فقط على أساس الإيمان.

* بدون استنارة الروح القدس، لا يستطيع أحد أن يقبل لمعرفة الحق وأن ينجح في الحصول على فهم دقيق سليم للعقائد الإلهية. الآب لا يمنح معرفة المسيح لغير الأنقياء، لأنه في رأيه لا يمكن أن يسكب فارورة طيب كثير الثمن داخل قبر.

* معرفة الله هي حوارية أي تتطلب حوار حقيقي مع الله وشركة قوية وليست كالمعرفة الخارجية. ويؤكد القديس كيرلس على أن معرفتنا اليوم ستظل ناقصة ولا تقارن بمعرفة الحياة العتيدة، فكما يختفي لمعان النجوم بظهور نور الشمس هكذا تختفي معرفتنا أمام كمال نور المجد الإلهي.

1- الأساس الخريستولوجي.

2- الأساس الروحي.

3-الأساس الكنسي.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

القسم الثاني: الكتب اللاهوتية:

* وهى كتب دفاعية ِ لمقاومة البدع، وكتب عقائدية لإعلان الإيمان الأرثوذكسي الحق.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ونورد هنا نموذج لتعليم البابا كيرلس:

التعليم عن الخلاص للقديس كيرلس رئيس أساقفة الإسكندرية (*)

 

* القديس كيرلس الإسكندري -كما يشهد المؤرخون الأولون- زَينَ كرسي الإسكندرية في الفترة من 412-444 م. وهو يعتبر بلا جدال أحد آباء الكنيسة الكبار والذي بكتاباته المتنوعة التفسيرية الكتابية والعقائدية قد أثرى الكنيسة الجامعة. كما أنه اشتهر بتعاليمه الخريستولوجية وأيضًا التعليم عن الخلاص. وقد أتيحت له الفرصة ليأخذ مكانًا ضد الهرطقات المختلفة مثلما فعل من قبله آباء الكنيسة السابقون له مثل القديس أثناسيوس في مواجهته للأريوسية. وقد كان له دورًا بارزًا في محاربة ودحض بدعة نسطور.

* للأسف ليس لدينا معلومات كافية عن نشأة القديس كيرلس الإسكندري الثقافية. ولكن كتاباته تدل على عمق ثقافته الفلسفية واللاهوتية. فحيث إنه أسكندري الأصل والمولد فقد تعلم في مدرسة الإسكندرية اللاهوتية حيث درس الفلسفات القديمة والعلوم اللاهوتية. وكان واسع الاطلاع حيث عرف بعمق التفكير وقوة الحجة بالإضافة إلى مثابرته على الدراسة والبحث. فالذي يدرس كتابات القديس كيرلس الإسكندري يلاحظ سعة إطلاعه ليس فقط على الكتاب المقدس المصدر الأول لتعاليمه، أو على كتابات الآباء السابقين له، لكن أيضًا على كتابات الوثنيين، حيث كان له رأى في الرد على أفكارهم. وقد ساعدته معرفته للعلوم الفلسفية في الرد على الأفلاطونية الحديثة والتي كانت تعتبر عدوا كبيرًا للمسيحية في القرن الثاني الميلادي. كما أنه كتب بحثًا ضخمًا في كتاب يحوى ثلاثون فصلًا لم يتبق منها إلا عشرة فصول للرد على تعاليم الإمبراطور يوليانوس المرتد.

* أما إذا تحدثنًا عن رأى القديس كيرلس بالنسبة لكل من الكتاب المقدس والتقليد وأيضًا التعليم الكنسي، فنجد أن هؤلاء الثلاثة يشكلون بالنسبة له المعيار المناسب للتعليم وقاعدة الإيمان. فكلا العهدين القديم والجديد هما موحى بهما من الله، حيث إن الروح المتكلم فيهما واحد. لذلك يكتب القديس كيرلس إلى نسطور: [سوف يكون من المفيد لنا إن كنا نلتزم بتعاليم الآباء، وإن كنا نجتهد لكي نعتبرهم ذوى قيمة عظيمة، ونمتحن أنفسنا "هل نحن في الإيمان" (2كو 5:11) كما هو مكتوب، ونشكل أفكارنا حسنًا جدًا لتطابق آراءهم المستقيمة والتي بلا لوم]. فالإيمان الصحيح سلم للكنائس منذ البدء بواسطة الرسل القديسين والبشيرين الذين كانوا معاينين وخداما للكلمة. فمن المجمعين المسكونيين (نيقية 325 م. والقسطنطينية 381) واللذين كانا سابقين للقديس كيرلس حيث لم يكن معاصرًا لهما فقد ورد ذكر في الرسالة 17 مجمع نيقية فقط حيث إن الآباء تكلموا فيه بالروح القدس؛ أو كما ذكر في الرسالة الأولى [إن ما تكلم به الآباء أنفسهم الذين وضعوا تحديدات الإيمان الذي بلا لوم، إذ أن الروح القدس قد علمهم الحق، لأنه حسب كلمات المخلص فإنهم لم يكونوا هم أنفسهم المتكلمين بل "روح الله الآب الذي يتكلم فيهم" (مت 20:10)]

* أما بالنسبة للتعليم العقيدي فإن القديس كيرلس يذكر جملة هامة في معارضته لرأى نسطور القائل بأن القانون النيقاوي لم يذكر صراحة تعبير "والدة الإله": [حتى وإن كان المجمع لم يذكر التعبير (والدة الإله)، فإنه قد تصرف بصواب، لأن مثل هذا الموضوع لم يكن مثارًا للجدل آنذاك. لذلك لم يكن من الضروري عرض أمور لم تكن مثار نقاش].

* يذكر القديس كيرلس مرتين في كتاباته سلسلة من آباء الكنيسة السابقين له مقتبسًا فقرات من كتاباتهم مثل القديس إيريناؤس والقديس أثناسيوس الإسكندري واللذان اعتمدا في تعاليمهما على الكتاب المقدس. فيذكر مثلًا عن القديس أثناسيوس بأنه [رتب معرفة رسولية وغير مغلوبة في المعركة ضد سفسطات الهراطقة، وأبهج العالم بكتاباته كرائحة عطرة جدًا، والجميع يشهدون لدقة وتقوى تعاليمه].

* ويعتبر القديس كيرلس الإسكندري المرجع الأول في التعاليم الخريستولوجية والخلاصية، والتي تأصلت في فكره قبل اندلاع النزاع النسطوري عام 429 م. ولذلك استطاع بحماس بالغ أن يدخل كمدافع عن العقيدة الأرثوذكسية منذ بدء هذا النزاع. ونظرًا لغزارة التعليم عن الخلاص عند القديس كيرلس الإسكندري والتي أسهب في عرضها خلال كتاباته المتنوعة، لذلك سنقتصر في بحثنا هذا على إيضاح إحدى مفاهيم الخلاص في أن المسيح هو وسيط الخلاص استنادًا إلى ما ذكره القديس بولس الرسول في الرسالة إلى العبرانيين.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

المسيح وسيط الخلاص

 

سنعالج هذا المفهوم من خلال نقطتين هامتين:

1- يسوع المسيح الإله المتجسد.

2- يسوع المسيح الوسيط بين الله والبشرية.

 

1- المسيح الإله المتجسد

 

1- صورة الإعلان الجديدة لكلمة الله المتجسد وعلاقته بالآب وبالروح القدس:

* نعلم أنه بحسب المفهوم الأريوسي أن المسيح كائن متوسط مخلوق، وذلك بمعنى أن الله لا يمكنه الاتصال المباشر بالمخلوقات، لذلك خلق كائنات إلهية متوسطة يمكنها أن تخلق العالم. وبالنسبة إلى النساطرة الذين يقسمون شخص المسيح الواحد إلى اللوغوس (الكلمة) والإنسان يسوع، فنجد أن الوضع لا يخرج عن حيز أن المسيح إنسان مخلوق، وقد سعى نحو الكمال الذي ناله كمكافأة بسبب حلول اللاهوت فيه. لذلك يكون المسيح بحسب تعاليم نسطور عبارة عن شخصين في اتحاد أخلاقي (أدبي). بهذا المفهوم لا يكون هناك حديث عن مكانه السيد المسيح تجاه اللاهوت. فكما يرد القديس كيرلس ضد هذا المفهوم النسطوري فإن المسيح يظل عبدا، كما أنه [لا يختلف بأي حال عن الرسل أو الأنبياء الذين من خلال المراحم نالوا من فوق، المسحة الإلهية، واستطاعوا أن يقولوا: ولكن بنعمة الله نحن ما نحن (1كو 10:15)

* في الواقع يكون وضع الكلمة المتجسد شيء آخر. لأنه خلال التجسد يكون "للكلمة" طريقة إعلان جديدة، حيث إنه أخذ الطبيعة البشرية وظهر في شكلنا وطبيعتنا ولكن هذا لا يعنى استحالة اللاهوت إلى الناسوت، بل [ظلت الطبيعة الإلهية كما هي] كما أنه لا يجب الاعتقاد بأن الطبيعة الإنسانية تحولت إلى الطبيعة الإلهية أو امتزجت بها، وإلا لتوقفت عن أن تكون مخلوقة ولفقدت صفات الخلقة. لذلك يحتج القديس كيرلس بشدة على من يعتقدون في تحول طبيعة لأخرى في شخص المسيح المتجسد، ويكتب في رسالته إلى سوكينسوس أسقف ديوقيصرية الآتي:

* [وحيث إن جسد الله الخاص يتعالى على كل الأجساد البشرية، فلا يمكن أن يكون أمرًا مقبولا أن الجسد وهو من الأرض، يتعرض للتغير إلى طبيعة اللاهوت، فهذا أمر مستحيل. لأننا لو قبلنا هذا فإننا ندعى على اللاهوت كأنه شيء قد صار إلى الوجود وكأنه يضيف إلى ذاته شيئًا لم يكن خاصًا به بحسب الطبيعة. لأنه أمر غير معقول أن يقال إن الجسد قد تحول إلى طبيعة اللاهوت. وبالمثل أن يقال إن "الكلمة" تحول إلى طبيعة الجسد بالقول إن اللاهوت قد غير نفسه إلى طبيعة الجسد وكما أن الأمر الأخير هو مستحيل، لأنه (اللاهوت) غير قابل للتغير والتحول هكذا أيضًا هذا الأمر مستحيل لأنه غير معقول أن يتغير أي مخلوق إلى جوهر اللاهوت أو طبيعته. والجسد مخلوق، لذلك فمن ناحية نقول إن جسد المسيح هو إلهي إذ أنه جسد الله، ونقول إنه يلمع بالمجد الذي لا يوصف، وهو غير قابل للفساد ومقدس ومعطى الحياة. ولكن من الناحية الأخرى، فإنه لا أحد من الآباء القديسين ولا نحن، فكر أو قال إن (الجسد) تغير إلى طبيعة اللاهوت].

* ولأن اللوغوس ظل في الجسد كما كان من قبل، لذلك احتفظ أيضًا في خروجه من حضن الآب بنفس علاقته الأزلية بالآب وبالروح القدس. فالكلمة المتجسد هو "صورة الآب". فنحن الآن نرتفع إلى الآب من خلال وساطة الابن المتجسد (يو 6:14) ونكتسب معرفة مناسبة للاهوت (يو 7:14). والابن في تجسده يكون الروح فيه وكابن متجسد فإنه "يهب ويمنح الروح".

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2- المسيح "آدم الثاني":

* يوصف وضع المسيح بالنسبة للإنسانية بأنه آدم الثاني، فهو يحمل هذه التسمية لا لشيء إلا لأنه [هو الأصل الثاني للجنس البشرى ومبتدئ الإنسانية التي عادت ثانية خلال القداسة في الروح إلى السلامة (النجاة)]. فالمسيح دخل إلى هذا الوضع بعد سقوط آدم. وأكثر من ذلك فإن آدم يسمى مثال الآتي، بالرغم من أن الأخير (آدم الثاني) كان له الوجود السابق الأزلي، وأكمل سر التجسد بحسب خطة الله. لذلك يقول الرسول إن المسيح ظهر في الزمن كمخلص.

* يقارن القديس كيرلس بين طبيعة كل من آدم الأول، وآدم الثاني حيث يذكر اثنين من الاختلافات الجوهرية بينهما:

أ- آدم الأول كان كائنًا حيا وقبل الحياة كمخلوق، أما المسيح فهو الله والحياة والواهب الحياة (1كو 45:15). في هذا يريد أن يقول القديس كيرلس مع القديس بولس الرسول إن المسيح هو أصل وحامل الإنسانية لأنه يحمل في ذاته قوة الحياة، بينما آدم الأول تقبل حياته من مصدر الحياة.

ب- ولأن آدم الأول من الأرض لذلك فهو نفساني، أما آدم الثاني من السماء فهو سمائي وروحاني (1كو 47:15). لذلك يقول القديس كيرلس [إن هذا لا يعنى اختلاف في الطبيعة ولكن الاختلاف يكون في نوعية الخلق والسلوك]. هذا يعنى أن آدم الأول لم يكن قد أرتفع بعد إلى درجة المجد، وكان مرتبكًا في الحس الجسدي، لذلك كان من الممكن أن يخطئ وقد أخطأ فعلا، ولذلك سقط "النفساني" في الفساد. أما المسيح آدم الثاني فقد كان له الكمال وهو في الجسد ولم يخطئ ولم يوجد في فمه غش.

* طبيعة كل من الأصلين (آدم الأول وآدم الثاني) ترتبط مع الجنس البشرى في علاقة متبادلة: فكما الأرضي هكذا أيضًا الأرضيون، وكما السمائي هكذا السمائيون. وقد استخدم القديس كيرلس تعبير القديس بولس هذا (1كو 49:15) مرات عديدة. وعلى ذلك يمكننا أن نستخلص المفاهيم الآتية: فهناك (أي في آدم الأول) يكون الأرضي والمخلوق والفساد الذي أخذناه، أما هنا (في آدم الثاني) فيكون الجانب الإلهي للنجاة والخلود. فحيث إن آدم الأول كان مثال للآتي، لذلك يأتي فيه وبدلا منه سر المسيح بلا شك وإن كان هناك اختلاف بينهما، ولكنهما في صورة متماثلة، ولكن في علاقة جديدة مع الجنس البشرى وليست مثل علاقة آدم الأول. فآدم الأول كان للجنس البشرى بداية للموت وللعنة وللهلاك، أما آدم الثاني المسيح فكان عكس ذلك حيث صار للجنس البشرى، بداية للحياة وللبركة وللتبرير. فكما كان آدم الأول أصل الشعب القديم، حيث فيه سقط كل الجنس البشرى، فإن المسيح وهو أصل الشعب الجديد قد أعيدت فيه خلقته (الشعب الجديد) لجدة الحياة. فمثلما آدم الأرضي كان المثال والأصل لكل الجنس البشرى، هكذا المسيح السماوي يكون هو المثال للذين يتبعونه.

* القديس كيرلس اختار للتعبير عن هذا الوضع الشامل لآدم الثاني الاصطلاح "بداية" إذ يتكلم عن المسيح بأنه "الأصل الثاني" الكرمة، "والأساس" وقد استخدم التعبير الكتابي "رأس" كما ذكر في (1كو 43:11؛ أف 23:5) بمفهوم "البداية".

* يلاحظ هنا أن الشرح التفصيلي عن المسيح آدم الثاني بالمقارنة بآدم الأول والتي تسود تعاليم الخلاص للقديس كيرلس الإسكندري، تستند أساسًا إلى رسائل القديس بولس الرسول إلى غلاطية وأفسس وخاصة إلى رومية.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

3- المكانة الشاملة للمسيح باعتباره آدم الثاني

* توجد ازدواجية في الوضع العام لآدم: (أ) آدم بحسب طبيعته يكو مثالًا للكل والذي يأخذون منه أصلهم وينشأ فيه الكل؛ (ب) ينقل طبيعته الإنسانية للفرد من خلال التناسل الجسدي، وبالمثل فإن المسيح بحسب التدبير الإلهي فهو بداية للجنس الجديد وهذه البداية ليست زمنية عادية ولكن أيضًا حقيقية وسببية، حيث تبلغ فيه الطبيعة البشرية التعديل المناسب بطريقة مثالية، كما تتجدد فيه هذه الطبيعة البشرية ولادة فائقة للطبيعة.

* لقد اكتسبنا في المسيح الخيرات الصالحة، حيث حول الطبيعة البشرية بالكامل في ذاته إلى حياة مقدسة وبلا عيب بأن صار إنسانًا مثلنا. فقد كانت الطبيعة البشرية مجردة من نعمة الروح القدس بسبب التعدي الأصلي، ولكنها نالتها ثانية خلال المسيح وفي باكورته فقد أعاد آدم الثاني خلقة الطبيعة البشرية إلى جدة الحياة.

* يجيب القديس كيرلس على سؤال طرحه في شرحه لإنجيل يوحنا "[بأي طريقة أعيد خلق الطبيعة الإنسانية إلى حلتها الأولى]. فيجيب قائلًا:

* [الإنسان الأول ترابي من تراب الأرض، وكان في مقدوره الاختيار بين الخير والشر لأنه يميل إلى الخير أو الشر ولكنه سقط بمكر وخدعة، ومال إلى العصيان فسقط إلى الأرض الأم التي خرج منها، وساد عليه الفساد والموت، ونقل الموت إلى كل الجنس البشرى، ونما الشر وكثر فينا وانحدر إدراكنا إلى الأسوأ وسادت الخطية، وبالإجمال ظهر أن الطبيعة الإنسانية تعرت من الروح القدس الذي سكن فيها.... ولأن آدم لم يحتفظ بالنعمة التي أعطاها الله له، لذلك قرر الله الآب أن يرسل لنا آدم الثاني من السماء. فنزل ابنه الوحيد إلى شكلنا الذي هو بالطبيعة بلا تغيير أو اختلاف، بل لم يعرف الخطية مطلقًا، حتى كما " بعصيان "الأول خضعنا للغضب الإلهي" (رومية 9:5)، هكذا "بطاعة" الثاني نهرب من اللعنة وتنتهي كل شرورها. ولكن حينما صار كلمة الله إنسانًا، قبل الروح القدس من الآب كواحد منا ولم يقبله كأقنوم في ذاته، لأنه كأقنوم هو واهب الروح. وإنما الذي لم يعرف خطية عندما يقبل الروح كإنسان فإنه يحفظ الروح لطبيعتنا لكيما تتأصل فينا النعمة التي فارقتنا. لهذا السبب أعتقد أن المعمدان أضاف " رأيت الروح نازلًا من السماء واستقر عليه". لقد فارقنا الروح بسبب الخطية، لكن الذي لم يعرف خطية صار كواحد منا لكيما يتعود الروح القدس على السكنى فينا، بدون أي مجال للمفارقة أو الانسحاب. ولذلك قبل الروح القدس فيه ليجد الصلاح الأول لطبيعتنا].

* من هذه المكانة المزدوجة للمسيح بالنسبة للجنس البشرى يستنتج القديس كيرلس قرابة مزدوجة للإنسان مع المسيح، قرابة أساسية (طبيعية) وقرابة سرية. وحيث إن المسيح دخل إلى الجنس البشرى، وكأصل قبل كل الجنس البشرى فيه للخلاص لذلك فإن كل أبناء آدم صاروا أقرباء للمسيح. هذه الوحدة والقرابة مع المسيح ليست قرابة عادية مثل تلك التي مع كل أحد من أبناء الإنسان، ولكنها قرابة ذات معنى سام فهي القرابة مع المسيح رأس الجنس الجديد، الذي قبل الكل فيه من الصالحين والأشرار للخلاص، وهو الذي جدد الكل في ذاته، لذلك فإن هذه العلاقة ليست خاوية وبدون تأثير ولكنها حية (يو 10:10).

* إن السبب السري الذي من أجله ينبغي أن تكون الحياة الأساسية فينا هو أنه [بدون حضور المسيح يكون من غير الممكن أن يخلص الإنسان وأن يتحرر من الخطية والموت، وإلا لكانت الحياة ليست فيه]. لأن من غير الممكن لنفس الإنسان التي لا تثبت في نعمة الروح القدس وفي المسيح أن تفعل الصلاح وتنجو من فخ الشيطان

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

القسم الثالث: القوانين الكنسية:

* له قوانين في رسائله كما وضع اثني عشر حرمًا تعتبر أيضًا بمثابة قوانين وهى حجة دامغة للدفاع ضد بدعة نسطور إذ قد فصل فيها العقدية المسيحية السليمة وختم كل بند منها بإيقاع الحرم على كل من لا يؤمن بها ويخالفها.

وقد أوردنا الحرومات الاثني عشر في هذا الفصل.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

القسم الرابع: تدوين قداس مارمرقس الإنجيلي وتطوره التاريخي

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: His Holiness Pope Cyril I, Coptic Pope 24, pencil and ink, 2009, used with permission - by Mina Anton صورة في موقع الأنبا تكلا: قداسة البابا المعظم الأنبا كيرلس الأول، بابا الإسكندرية 24، قلم رصاص وحبر، 2009، موضوعة بإذن - رسم الفنان مينا أنطون

St-Takla.org Image: His Holiness Pope Cyril I, Coptic Pope 24, pencil and ink, 2009, used with permission - by Mina Anton

صورة في موقع الأنبا تكلا: قداسة البابا المعظم الأنبا كيرلس الأول، بابا الإسكندرية 24، قلم رصاص وحبر، 2009، موضوعة بإذن - رسم الفنان مينا أنطون

وأخيرًا:

نياحة القديس العظيم البابا كيرلس الكبير

* حينما أكمل القديس العظيم البابا كيرلس الأول عامود الدين البطريرك الرابع والعشرون من بطاركتنا العظماء سعيه المبارك وبعد أن قاد دقة الكنيسة في أبوة صادقة ورعاية ساهرة أمينة وبعد أن استنزف الدفاع عن الإيمان القويم كل قواه الجسمية مرض قليلًا وتنيح بسلام في 10 يوليو سنة 444 م. (3 أبيب عام 160ش) بعد أن قام على العرش الرسولي إحدى وثلاثين سنة وثمانية أشهر وثلاثة وعشرين يومًا.

* وأخيرًا دخل إلى فرح سيده في بيعة الأبكار وهو لم يتجاوز السابعة والستين من حياته المباركة.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

عاشرًا: البابا كيرلس في عيون الآخرين

 

الألقاب التي اشتهر بها:

1 الكبير

2 الرابع والعشرون

3 الإسكندري

4 عامود الدين،

5 وعامود الإيمان،

6 وعامود النار المنير.

7 أثناسيوس الثاني ابن أثناسيوس.

8 الأسد الجريء،

9 وشبل مار مرقس الإنجيلي

10 بولس الجديد

11 كوكب الري المستقيم

12 والنجم المشرق الجليل

13 والمصباح المنير الأرثوذكسية

14 الكاهن المختبر جدًا

15 الراعي الصالح

16 معلم الأقوال الإنجيلية المقدسة

17 حكيم البيعة معلم

18 وطبيب الكنيسة الجامعة

19 المدافع الصالح عن الإيمان

20 معاضد الإيمان المستقيم

21 وبطل مجمع أفسس

22 والمناضل عن الحقيقة الذي لا يقهر

23 الفارس

24 الحارس

25 المبشر الدائم بالإيمان الأرثوذكسي

26 الرقيب.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

قالوا عن القديس كيرلس الكبير:

 

1 قداسة البابا شنودة الثالث:

* شهد أمام بابا روما في اللقاء التاريخي بين البابا شنودة الثالث والبابا بولس السادس بروما في 5 مايو 1973 م. أثناء الاحتفالات بمرور 16 قرنًا على نياحة البابا أثناسيوس الرسولي واستعادة مصر لرفاته إذ قال قداسته "القديس كيرلس الكبير عامود الدين وبطل الإيمان الأرثوذكسي.." القديس أثناسيوس حارب الأريوسية والقديس كيرلس دافع عن الإيمان ضد النسطورية وثبت الإيمان المسيحي في الشرق وفي الغرب".

 

2 الأسقف الروماني كلستينوس:

* أعلن فضله عندما استفسر منه عن بدعة نسطور وأوضح له ما خفي عنه بقوله "أنك أعظم المدافعين عن الإيمان الأرثوذكسي. لقد كشفت لنا عن دقائق هذا المبتدع وأوضحت الإيمان وضوحًا ملأ القلوب ثبات".

 

3 الكاردينال نيومان Newman (1801 1890 م).

* " إن أعماله المنظورة كانت تعتبر قياسًا لحالته القدسية العاطفية.. فقد نقب وبحث وأخرج من بينها في سعة الأبحاث العميقة التي أصبحت كأسس اللاهوتيات النافعة للأجيال.

 

4 مكسيميانوس بطريرك القسطنطينية (خلف المبتدع نسطور):

* " لقد قهرت الشيطان بصبرك واستهنت بالعذابات وحسبت الجوع كلا شيء لأنك استمتعت بالخبز النازل من السماء والواهب حياة أبدية للبشر".

 

5 الآباء اليسوعيون.

* " أحد كواكب الشرق الأوفر ضياء، ومعلمي الكنيسة الأسمى علمًا وطهارة".

 

6 الأستاذ / عباس محمود العقاد.

* "كان كيرلس الكبير في أوائل القرن الخامس مؤسس الدعائم في كنيسة مصر بل وفي جميع الكنائس المسيحية.

* وخير تكريم من الكنيسة الكاثوليكية لأبطال الإيمان أنها شيدت المذبح بكنيسة القديس بطرس بالفاتيكان على أربع أعمدة.. ومن دواعي فخرنا أن ثلاث أعمدة منها بأسماء آباء وقديسي كنيسة الإسكندرية البابا أثناسيوس الرسولي حامى الإيمان القويم والبابا كيرلس الأول عامود الدين والقديس أنطونيوس كوكب البرية وأب الرهبان.

* أما خير شهادة للقديس كيرلس الإسكندري ما شهد به الخصم العنيد نسطور عدو الإيمان والحق.. فقد ذكر المؤرخ ستيفنسون Stevenson.

أن المبتدع نسطور نفسه قد اقر أخيرًا وهو في منفاه بشهادة ناطقة نقتطف منها:

كيرلس كان المدعى والمتهم وأنا المدافع، أن كيرلس بين القضاة، هو المحكمة كله

مهما قال كان يردده الباقون.. ولشخصيته التي احتلت مكانة في نفوسهم. كيرلس الذي كان متهمًا.. أصبح هو القاضي بل هو كل شيء.

_____

(*) المراجع:

1- الخريدة النفيسة في تاريخ الكنيسة (ج1، ج2) الأسقف إيسوذورس.

2- تاريخ البطاركة ساويرس بن المقفع (1-4).

3- المجامع الكنسية الأنبا يوأنس.

4- تاريخ الكنيسة القبطية القس منسى يوحنا.

5- عصر المجامع القمص كيرلس الأنطوني.

6- تاريخ بابوات كرسي الإسكندرية كامل صالح نخلة.

7- الكنيسة تواجه الوثنية أمير نصر.

8- الكنيسة تواجه الهراطقة أمير نصر.

9- بطاركة عظماء (جزءان) د. جميل فخري.

(*) مقالة للدكتور ميشيل بديع عبد الملك - دراسات آبائية ولاهوتية في المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية - السنة الثانية العدد الثالث يناير 1999 م.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/patrology/cerelus.html

تقصير الرابط:
tak.la/9769sfq