محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
يوحنا: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
جزء الجبل الذي أزاله قسطنطين الملك.
في أول الأسبوع= هو يوم الأحد ويسمى اليوم الثامن بعد نهاية الأسبوع السابق. والكنيسة استبدلت السبت بالأحد لنذكر حسنات الله علينا بالقيامة.
أخذوا السيد= قولها السيد يشير للاحترام، ولكنه يشير لعدم الإيمان أيضًا فهي قد رأته ولمسته وشهدت بقيامته كما قال (مت9:28) ثم تقول أخذوا السيد. هذه الآية تشير لعظمة تواضع يوحنا فهو لم يخجل أن يسجل في إنجيله أن الذي بشره بالقيامة وهو تلميذ المسيح كان مريم المجدلية.
فسبق التلميذ الآخر= بطرس تتثاقل خطواته بسبب الخجل ويوحنا تسرع خطواته بسبب الحب.
الآيات (5-8): "وَانْحَنَى فَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً، وَلكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ. ثُمَّ جَاءَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ يَتْبَعُهُ، وَدَخَلَ الْقَبْرَ وَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً، وَالْمِنْدِيلَ الَّذِي كَانَ عَلَى رَأْسِهِ لَيْسَ مَوْضُوعًا مَعَ الأَكْفَانِ، بَلْ مَلْفُوفًا فِي مَوْضِعٍ وَحْدَهُ. فَحِينَئِذٍ دَخَلَ أَيْضًا التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي جَاءَ أَوَّلًا إِلَى الْقَبْرِ، وَرَأَى فَآمَنَ،"
وإنحنى= كان القبر منخفضًا من الغرفة الخارجية (الفسحة). وفي هذه الغرفة الخارجية كانت النسوة تجتمع للتحنيط والبكاء (أنظر الرسم). والأكفان أخذت شكل الجسم بسبب الأطياب الموضوعة.
فنظر= الكلمة في اليونانية تشير لأنها نظرة عابرة، هذه قيلت عن نظرة يوحنا للأكفان. ونظر= وهذه تشير في اليونانية لنظرة تطلع مع تأمل فاحص عن قرب. فيوحنا ترك الفحص لبطرس الذي وصل بعده. ولأن بطرس نظر ودقق لاحظ منديل الرأس الذي لم يراه يوحنا. وهذه النظرة الفاحصة أثبتت أن الجسد قام ولم يسرق لأن اللفائف والمنديل كانا في مكانهما، أما الجسد فانسحب من داخل اللفائف دون أن يفقدها نظامها. فلو كان هناك سرقة للجسد لسرقوه بأكفانه، فالسارق ليس لديه وقت لفك الأكفان. فالأكفان بسبب الأطياب الكثيرة ملتصقة تمامًا بالجسد وتتصلب فتصير كالغراء حين تجف. وما الداعي أصلًا لفك الأكفان. والعجيب ومما يثبت القيامة بقاء اللفائف في مكانها. فالمسيح خرج من اللفائف دون أن تتحرك اللفائف من مكانها، كما دخل والأبواب مغلقة. وبعد ذلك دخل يوحنا ورأى فآمن= رأى هنا في اليونانية هي نظرة تصديق وإيمان لم يكونون يعرفون الكتاب... = لم يكونوا منتبهين أن النبوات تشير أنه سيقوم.
وَالْمِنْدِيلَ... مَلْفُوفًا فِي مَوْضِعٍ وَحْدَهُ = هذه عادة يهودية. فكان اليهودي حينما يقوم عن المائدة أثناء الأكل يترك الفوطة التي يستخدمها في مسح يديه ملفوفة مرتبة لو كان سيعود ليستكمل طعامه. وإن كان قد إنتهى من طعامه يتركها بلا ترتيب. ويكون المعنى أن المسيح يعلن أنه سيعود ثانية في مجيئه الثاني.
تبكى= لأنها تتصور سرقة جسد المسيح، وشكت فيما رأته سابقًا (مت9:28).
الملاكين= على طرفي مصطبة القبر، يناظران الكاروبين على تابوت العهد أي كرسي الرحمة. هذين الملاكين هم شهود القيامة في العهد الجديد، وهم شهود رحمة الله وغفرانه بالدم في العهد القديم. التلميذان شاهدا القبر الفارغ وانصرفا. أما مريم لمحبتها بقيت في المكان فاستحقت رؤيا إضافية ترفع إيمانها وتصحح محبتها. جالسين= الجلوس علامة الراحة فالعمل كله تم والمسيح قام.
لماذا تبكين= فرح الملائكة بالقيامة جعلهم يعاتبونها إذ ظنت المسيح ما زال ميتًا.
إلتفتت إلى الوراء= غالبًا قدم الملائكة علامة خضوع واحترام للمسيح حين ظهر ومريم لاحظت حركات الملائكة تجاه شخص دخل الآن، فنظرت لتراه.
فقال لها مريم.. قالت له ربوني= هذا ما يسمى بالبصيرة الروحية.
1- هي أولًا لم ترى شيئًا.
2- ثم ظنت أنه البستاني، أي رأته ولم تتعرف عليه. بكائها أشعل حبها والحب شرط للرؤية، ولكن حبها ينقصه الإيمان (كما حدث مع تلميذيّ عمواس، لذلك حاول المسيح معها أن يرفع درجة إيمانها لتراه.
3- هي تؤمن بالمسيح كمعلم ولكنها ينقصها الإيمان به كإله. وحين سمعت صوته يناديها "مريم" عرفت أنه المعلم القائم من بين الأموات، لقد ارتفع إيمانها هنا درجة أخرى حين سمعت صوته "يسمع الأموات صوت ابن الله والسامعون يحيون".
1- هنا نرى في (آية 18) درجة أعلى أخبرت التلاميذ أنها رأت الرب هذه رؤية الإيمان. ولكن هذه الرؤيا احتاجت لدرس في الإيمان، كان الدرس بمنعها من أن تلمسه، حتى تنتقل من العيان إلى الإيمان وهو الإيقان بما لا يُرى (عب1:11) بهذا نرى أن المسيح هو الذي يشفى إيماننا الضعيف. هو يقدم المحبة ومن يتقبلها ويحبه يشفى له إيمانه.
لا تلمسيني= هنا نجد المعلم يعطي درس الإيمان للمجدلية ليرفع درجة البصيرة الروحية عندها "الذي يحبني يحبه أبي وأنا أحبه وأظهر له ذاتي" (يو21:14) ونلاحظ أن المسيح سمح لها قبلًا أن تلمسه لتنال سلامًا وسمح لتوما أن يلمسه ليؤمن، بل طلب من التلاميذ أن يجسوه ليؤمنوا، بل أعطى لتلميذيّ عمواس أن يتناولوا جسده ليروه. ولكنه هنا يمنعها من لمسه، ليمنعها أن تتعامل معه كإنسان، بعواطف إنسانية، ولكن عليها أن تعرفه كإله لا سلطان للموت عليه.
والكلمة الأصلية للعبارة لا تلمسيني تفيد "لا تمسكيني وتتعلقي بي وتقيمي روابط..." فهي أرادت أن تمسك به جسديًا، وتقيم علاقتها به كما في الأول والمسيح هنا يريد أن يرفع مستوى علاقتها به إلى مستوى علاقتها بالله يهوه "وإن كنا عرفنا المسيح حسب الجسد لكن الآن لا نعرفه بعد" (2كو16:5). ويرى بعض المفسرين أن لفظ "لا تلمسيني" المستخدم هنا يعني "لا تستمري في لمسي" ولا يعني "لا تبتدئي باللمس".
لأني لم أصعد بعد إلى أبى= في ذهنك وفي إيمانك يا مريم أنا مجرد إنسان ولست إله مثل أبى، ولذلك لن تستطيعي أن تتلامسي معي، عدم الإيمان هذا هو السبب في أن عينيك قد أمسكت فلم تعرفيني. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). درس المسيح لمريم هنا هو نفس درس العريس لعروسته في سفر النشيد (نش 6:5) وكما كان درس العريس في سفر النشيد سببًا في رجوع العروس، كان درس المسيح للمجدلية هنا لتثبيت إيمانها.
اذهبي إلى إخوتي... وقولي لهم... إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم كلمات في منتهى الروعة يعبر بها المسيح عن عمله الخلاصي وبركات القيامة. لقد تحول البشر إلى إخوة له "فصار بكرًا بين إخوة كثيرين" (رو29:8) وبإتحاده بنا صار أبوه (بحسب الطبيعة) أبًا لنا (بالتبني). وصار إلهه (هو يتكلم كإنسان لهُ طبيعتنا، مؤكدًا تجسده الكامل وبشريته) إلهًا لنا (بمعنى التصالح بين الله والإنسان فنحن كبشر بالفداء عدنا شعب الله المحبوب) ونلاحظ أنه لم يقل إلهنا وأبونا، فنحن نختلف عنه. الآب أبوه بالطبيعة وصار لنا أبًا بالتبني، والآب متحد معهُ أقنوميًا فالمسيح الابن هو الله. ولكنه بالجسد يقول إلهي كما قال سابقًا وهو في حالة إخلاء نفسه "أبي أعظم مني" وقوله إلهكم فنحن عبيده المخلوقين. ما أعظم هذه الآية التي تلخص عمل المسيح معنا ولنا.
وما أحلى أن تتحول مريم الخاطئة إلى مبشرة= قولي لهم= بهذا الإنجيل. إني أصعد= لم يقل لهم المسيح قولي لهم إنني قمت، فقيامة المسيح هي خطوة أولى في طريقه للصعود بجسده البشرى للسماء. وهذا ما أعده لنا "أنا ذاهب لأعد لكم مكانًا... حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا. لقد صرنا وارثين للمجد السماوي، وارثين معهُ، وارثين الله" (رو17:8). كانت القيامة عربون للصعود. فإن كان المسيح قد قام ولم يصعد لكان الإنسان قد ظل على الأرض. فالقيامة وحدها لا تكفي.
آية (18): "فَجَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَأَخْبَرَتِ التَّلاَمِيذَ أَنَّهَا رَأَتِ الرَّبَّ، وَأَنَّهُ قَالَ لَهَا هذَا."
رأت الرب= هي رؤيا إيمانية، فلقد استجابت مريم للدرس، كما رأى يوحنا القبر واللفائف فآمن.
آية (19): "وَلَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذلِكَ الْيَوْمِ، وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ، وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ، وَقَالَ لَهُمْ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!»"
الأبواب مغَّلقة= علامة رعبهم أحكموا إغلاق الأبواب بالمتاريس. لاحظ أن جسد القيامة ليس كالأجساد العادية. فالمسيح دخل والأبواب مغلقة. في الوسط= هو قريب للكل بنفس الدرجة.
سلامٌ لكم= هذه ليست تحية، بل عطية من ملك السلام لطرد الخوف. عشية ذلك اليوم= هو يوم القيامة لذلك يقول عنه اليوم دون تحديد. فهو يوم الحياة الجديدة والخلقة الجديدة. هو يقابل يوم خلقة آدم أولًا.
آية (20): "وَلَمَّا قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ، فَفَرِحَ التَّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوْا الرَّبَّ."
أراهم يديه..= فمسيح الصليب هو مسيح القيامة، الحي وكان ميتًا. فرح التلاميذ= سأراكم فتفرحون (يو 22:16) فهو هنا بحسب وعده، هو الذي جاء. والفرح ناتج عن اختبار ورؤيةّ يسوع.
آية (21): "فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا: «سَلاَمٌ لَكُمْ! كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا»."
التكرار لتأكيد أن المسيح هو واهب السلام. ونرى هنا إرسالية التلاميذ للكرازة. السلام هنا ليس لتبديد الخوف، بل إعدادهم ليتشجعوا فيرسلهم للكرازة.
آية (22، 23): "وَلَمَّا قَالَ هذَا نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ: «اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ. مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ»."
نفخ = أصل الآية نفخ في وجوههم وهذا غير ما حدث يوم الخمسين، فيوم الخمسين كان فيه سكنى الروح القدس في الناس. ولم يكن عن طريق نفخة من المسيح. والنفخة هنا كانت للتلاميذ فقط ليعطيهم المسيح موهبة الروح القدس التي بها تغفر الخطايا. ولنفهم أن الذي يغفر الخطايا هو الله وحده. ولكن إذا قلنا الكاهن يغفر، فهذا يعنى أن الروح القدس الساكن في الكاهن بواسطة هذه النفخة، والحاضر في سر الإعتراف، هو الذي يغفر أو يُمسك الخطايا. والخاطئ يقر بخطاياه أمام الروح القدس في حضرة الكاهن. ولكن العمل والقول يكونان بواسطة الكاهن. كأن الكاهن يعلن الغفران الذي تم بالروح القدس. وحينما يُصلي الكاهن صلاة التحليل على رأس المعترف، ينقل الروح القدس خطايا المعترف إلى حساب دم المسيح الكفاري.
وكما نفخ الله في آدم فصار نفسًا حية (تك7:2) وكما تنبأ حزقيال (حز 10:37) فكان للقتلى حياة. هكذا أعطى المسيح إمكانية الحياة لكنيسته عن طريق الأسرار التي سيمارسونها. فهذه النفخة إذًا أعطت للتلاميذ سر الكهنوت. والرسل سلموا هذا السلطان الذي إستلموه من المسيح لخلفائهم من الأساقفة فصارت الكنيسة جامعة رسولية.
وَمَنْ ينكرون سر الكهنوت يفسرون هذه النفخة أنها لكل المؤمنين بها يغفرون إساءتهم لبعض ولكن، هل هذا يحتاج إلى نفخة خاصة؟!
1) هذه النفخة كانت للتلاميذ، وهي تنتقل لخلفائهم بوضع اليد (1تى22:5+ أع2:13، 3). ومع وضع اليد ينفخ الأسقف في الكاهن الذي يضع يده عليه فهي ليست لكل الناس.
2) ما الداعي أن ينفخ المسيح في التلاميذ ليغفروا لبعضهم البعض إساءتهم وغفران الخطايا أصلًا هو الشرط لأن يغفر الله لنا (مت14:6، 15).
3) كيف يفسر من ينكرون الكهنوت قول المسيح هنا ومن أمسكتم خطاياه أمسكت. هل ينفخ المسيح فينا لنمسك خطايا البعض ضدنا، وهل هذا لا يتعارض مع (مت14:6، 15). حل هذا الإشكال الوحيد أن ما في (مت14:6، 15) هو لجميع الناس وما في (يو23:20) هو للتلاميذ ككهنة. والسيد أعطاهم هذا السلطان حينما أرسلهم ليكرزوا ومن يؤمن يغفروا خطاياه (في المعمودية والتوبة) فيستحق التناول من الإفخارستيا. ومن لا يؤمن أو يأتي للتناول بغير استحقاق لا تغفروا له خطاياه. وبالتالي يمنع من التناول.
4) والمسيح أيضًا أعطى لتلاميذه سلطان الحل والربط "اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى ٱلْأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي ٱلسَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى ٱلْأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي ٱلسَّمَاءِ" (مت19:16+ مت18:18). بهذا أعطى للرسل وخلفائهم من الأساقفة سلطانا ليتخذا قرارات فيما لم يرد به نص في الكتاب المقدس مثل تحديد الأصوام والصلوات وكل الترتيبات الكنسية وما يستجد من مشاكل، معنى قول المسيح هنا " صلوا وإتفقوا وأنا موافق". ولاحظ فهذه النفخة التي أخذوها ترشدهم للقرار الصحيح، فالروح القدس هو "روح القوة والمحبة والنصح" (2تى7:1).
آيات (24، 25): "أَمَّا تُومَا، أَحَدُ الاثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ، فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ حِينَ جَاءَ يَسُوعُ. فَقَالَ لَهُ التَّلاَمِيذُ الآخَرُونَ: «قَدْ رَأَيْنَا الرَّبَّ!». فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ»."
توما شخصية عقلانية. والشخصية العقلانية تتساءل دائما. ولكن توما في الحقيقة شخصية رائعة ولا يصح ان نقول عنه الشكاك. فهو مُحِب للمسيح جدًا وكان على استعداد ان يذهب معه إلى أورشليم وهو عالِم أنه إذا ذهب سيقتلونه مع المسيح ( يو11: 16 ). لكنه لا يترك تساؤلا داخله ولا يسأل عنه (يو14: 5 ) هو عقلاني وليس شكاك. ومثل هذا لا يحزن المسيح بل يدخل معه المسيح في حوار حتى يقنعه. خصوصا أن الرب لن يرسل للكرازة من في داخله ذرة شك. تساؤلاتنا لا تضايق الله، فالله خلق لنا عقلًا لنستخدمه، فلنتساءل والله سيرسل لنا الإجابات إما عن طريق القدس الذي في داخلنا أو عن طريق عظة أو أي رسول يرسله لنا الله يجيب عن تساؤلاتنا. ولاحظ أن هناك فرق بين التساؤلات مع وجود الإيمان في القلب وبين التشكيك بطريقة غير إيمانية أو ساخرة، فمن يفعل هذا لن يجيبه الله.
آية (26): "وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ كَانَ تَلاَمِيذُهُ أَيْضًا دَاخِلًا وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ، وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!»"
وبعد ثمانية أيام= أي يوم الأحد التالي. فهو يحصون اليوم الأول والثامن. ولم نسمع أن الرب نفخ في وجه توما. فالرب نفخ مرة واحدة لجسم الكنيسة كله. وهذه النفخة تصل بوضع اليد.
آية (27): "ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا»."
من تواضع السيد أنه يستخدم نفس الكلمات التي استخدمها توما كشروط لإيمانه. والمسيح أبقى على جروحه بعد قيامته لكي يثبت حقيقة قيامته ولكي يراها صالبوه ورافضوه وكل الأثمة فيحزنون وينوحون يوم الدينونة في يأس ويندمون على ما فعلوه، ويراها المؤمنين فيفرحون فهي سبب خلاصهم. هنا السيد يشفى إيمان توما.
آية (28): "أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُ: «رَبِّي وَإِلهِي!»."
ربى وإلهي= يهوه إلوهيم= هي كلمات اليهودي في العهد القديم عن الله يهوه، قالها توما عن المسيح فتحققت بشارة القديس يوحنا "وكان الكلمة الله". ولكن توما لم يضع يديه في جنب المسيح.
آية (29): "قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا»."
كل من يطلب شهادة حواسه أو أن يرى معجزات ليؤمن، هو في درجة أقل لأننا بالإيمان نسلك لا بالعيان. والمسيح هنا يطوب من يؤمن دون أن يرى عبر كل الدهور فالإيمان هو الإيقان بأمور لا ترى.
آية (30): "وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هذَا الْكِتَابِ."
ما إهتم يوحنا بتسجيله من معجزات هو معجزات الخلق التي تثبت لاهوت السيد. آيات أخر = قوله أخر يعني أن القديس يوحنا يعتبر أن ظهور يسوع هو آية بعد قيامته (شيء إعجازي). ولكن كلمة آية تعني عمل يوصل حقيقة من عمله. فظهور يسوع يظهر حقيقته أنه ابن الله الحي الأبدي لم تكتب في هذا الكتاب= أي أنا لم أكتب قصة حياة المسيح كلها.
آية (31): "وَأَمَّا هذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ."
حياة بإسمه
= ذكر الاسم يستدعى وجوده وحضوره بحسب فكر العهد القديم، فذكر اسم الله يعني أن الله حاضرًا وقائمًا وفعالًا، لذلك كانوا يحظرون نطق اسمه لأن ذكر اسمه هو الدخول في حضرته، ولهذا كانوا يخافون أن يصعقوا أو يموتوا لو ذكروا اسمه. لذلك إستبدلوا اسم يهوه بكلمة الرب وباليونانية كيريوس κύριος. وبعد القيامة صار ذكر اسمه للحياة (أهمية ترديد صلاة يسوع). والاسم يشير لقدرات صاحبه وقوته، فالمسيح بفدائه القوي أعطانا حياة أبدية. ولكن وبنفس الفكر نحن نبدأ كل صلواتنا وإجتماعاتنا بذكر إسم الله فنقول بسم الآب والابن والروح القدس لنطلب حضوره في وسطنا.
1- لكي تؤمنوا أن يسوع الذي من الناصرة الذي ولدته العذراء وصلب وقام هو المسيح ابن الله، المسيا الذي تنبأ عنه كل الأنبياء. وهو رجاء إسرائيل كلها. وهو الذي يؤسس مملكة الله. يسوع هذا الذي رأيناه إنسانًا في وسطنا هو ليس من الأرض بل هو نفسه ابن الله.
2- لكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه= بهذا الإيمان تنالون الحياة الأبدية التي ظهرت في قيامة المسيح آمنتم= هو قبول المسيح والثقة فيه وإعطائه السيادة ليقود الحياة. بإسمه = أي بقوة عمل فدائه غفرت خطايانا وبشفاعة دمه تم الصلح مع الآب وصرنا مقبولين فيه، فإنتقلنا من الموت إلى الحياة. لذلك كان للمذابح في الهيكل وفى خيمة الإجتماع قرون، والقرون ترمز للقوة، قوة دم المسيح في الغفران وقوة شفاعته. لذلك قال القديس يوحنا "وَدَمُ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱبْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ" (1يو7:1). لاحظ قوله "كل" وهذه هي الشفاعة القوية.
← تفاسير أصحاحات إنجيل يوحنا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير يوحنا 21 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
تفسير يوحنا 19 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/j68yykf