محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
طوبيا: |
اهتمت الكنيسة الأولى بهذه الأسفار وتداولتها جنبًا إلى جنب، مع بقية أسفار الكتاب المقدس، واقتبس منها الآباء في عظاتهم وكتاباتهم ودفاعهم عن الإيمان ضد الهراطقة، كما أخذت بعض هذه الأسفار مكانها بين ليتورجيات الكنيسة (مثل طوبيا والحكمة وابن سيراخ وباروخ وتتمة دانيال) والتي تقرأ في الصوم الكبير وأسبوع الآلام وليلة أبو غالمسيس وغيرها.
ومنذ نشأة البروتستانتية، وتدخّل اقتصاديات الطباعة في حذف هذه الأسفار من الطبعات الجديدة للكتاب المقدس، من جهة، واهتمام الكنيسة بالعقائد والطقوس في مواجهة التيارات الجديدة، من جهة أخرى، قد قلّص الاهتمام بها.
وقد حان الوقت لتأخذ مكانها مرة أخرى في اجتماعاتنا وقراءاتنا الخاصة، ومناهج التربية الكنسية -لا سيما للنشء- لنغوص فيها وننعم بكل ما فيها من أفكار وإشارات خلاصية، وحكمة وتعليم.
متوسلين إلى الله أن يستخدم هذا الجهد المتواضع، في تشجيع الكتّاب والدارسين للاهتمام بتناول هذه الأسفار بالدراسة والتعليق والتأمل، للدخول بعمق أكبر في كلمة الله
سفر طوبيا (والذي يقع عقب سفر نحميا مباشرة) هو عظة عاطفية جميلة ومؤثرة، كما تحسب بحق، تحفة أدبية وروحية رائعة، وهي تصور التقوى التي تحلّى بها اليهود، إبان فترات السبي بعيدًا عن أورشليم الأم موطن النبوات والأنبياء، ومحطّ أنظار الشعوب، كما يمثلّ السفر سمة خاصة في مرحلة التطور لليهود بعد السبي.
أما أحداث السفر، فتدور في بيئة شديدة الشبه، ببيئة الآباء الأول إبراهيم وإسحق ويعقوب، وتتناول عائلتين يهوديتين تعيشان في السبي، الأولى هي عائلة طوبيا، حيث تسكن في نينوى والثانية عائلة رعوئيل في أحمتا (العراق وإيران حاليًا).
وقد تعرضت العائلتان للتجارب، فطوبيا التقى، يفقد غناه ثم يفقد بصره، وعندما
يشعر بقرب نياحته، يستدعى إليه ابنه المسمّى طوبيا أيضًا، حيث يلقنه قائمة من
الوصايا متخذًا بذلك دور الإشبين (بالنسبة للمعمّد حاليًا في العهد الجديد)
ثم يخبره بأن له وديعة مالية كبيرة، لدى شخص يعيش في منطقة راجيس، ويسلمه الصكّ
الخاص بها لاستردادها، وأما العائلة الثانية فقد جرّبت أبنتها سارة بتجربة
قاسية وعجيبة، إذ تزوجت سبع مرات، غير أن
شيطانًا يدعى أزموداوس كان يقتل
الزوج في الليلة الأولى للزواج.
ويظهر على ساحة السفر، الملاك روفائيل، حيث يقوم بدور ريادي في الأحداث، فهو
يظهر في شكل إنسان مستعدّ للسفر، ويرافق طوبيا الابن في رحلته إلى بلاد مديان،
وفي الطريق يساعده في اصطياد سمكة كبيرة، استخدم طوبيا قلبها وكبدها في طرد
الشيطان أزموداوس، ويتزوج بسارة، وفي أثناء العرس يمضى الملاك روفائيل ليسترد
الوديعة المالية ثم يعود الجميع بعد ذلك (طوبيا وسارة والملاك) إلى طوبيا الشيخ
حيث يستخدم الابن مرارة السمكة -كنصيحة الملاك- في دهن عيني أبيه فيشفى من
عماه، وعندئذ ينتحي الملاك بكل من الابن والأب ليعلن لهما عن حقيقته ثم يوصيهما
بتدوين ما جرى لهما في كتاب، والتحدث بعجائب الله، ويعيش الجميع بعد ذلك في
سعادة شاكرين الله، منتظرين خلاصه وعودة إسرائيل من السبي.
يتضح من (طو 12: 6، 7، 20) أن كاتبا السفر، هما طوبيا الشيخ وطوبيا الابن معًا، حيث يوصيهما الملاك قبل اختفاءه عنهما قائلًا (بارِكا وعَظِّما اسمه. أَخبِرا جَميعَ النَّاسِ بِأَعْمالِ اللهِ له... خَيرٌ أَن يُكتَمَ سِرُّ المَلِك، أَمَّا أعْمالُ الله فلا بُدَّ مِن كَشْفِها... فدَوِّنا جَميعَ ما جَرى لَكُما..).
وقد يكون طوبيا الابن هو الذي أخذ على عاتقه هذه المهمة المقدسة، لاسيّما وأن نصيبه من المشاركة في أحداث السفر، أكبر من نصيب والده الشيخ، ومع ذلك فإنه من الصعب تحديد إلى أي منهما تنتمي تسمية السفر، ومن هنا يحتمل أن يكون منسوبًا لكليهما معا.
ويكشف الكاتب في السفر عن درايته الواسعة للأسفار المقدسة بمجموعاتها الثلاث (الناموس - الأنبياء - الكتابات) 1 كما تظهر للقارئ محبة كاتب السفر الشديدة لوصايا الناموس (اللاويين والعدد) بل وحفظه لها، فهو إذا يهودي تقي وتقليدي، وقد كان سفر عاموس هو آخر الأسفار التي اقتبس منها حيث قال في (طو 2: 6) (فذَكَرتُ الكَلامَ الَّذي تَكلَّمَ بِه عاموسُ النَّبِيُّ على بَيتَ إِيلَ حَيثُ قال: ستُحوَّلُ أَعْيادُكم نَوحً وجَميعُ أناشيدِكم رِثاءً ) وهذا ما قاله عاموس النبي (عا 8: 10) (وَأُحَوِّلُ أَعْيَادَكُمْ نَوْحً وَجَمِيعَ أَغَانِيكُمْ مَرَاثِيَ وَأُصْعِدُ عَلَى كُلِّ الأَحْقَاءِ مِسْحً وَعَلَى كُلِّ رَأْسٍ قَرْعَةً وَأَجْعَلُهَا كَمَنَاحَةِ الْوَحِيدِ وَآخِرَهَا يَوْمً مُرًّ!)
كما يعكس الكاتب في السفر، محبته للحكمة والأدب، ولا يضيره أن يقتبس من التاريخ والبيئة، إذ أنه من المعروف أن الله ترك للكاتب، صياغة الوحي، حسبما تكون ثقافته وبيئته ومستواه (في مختلف المجالات) ومما لا شك فيه أن الكاتب قصّاص طريف يحب التصوير والتفاصيل ليثرى خيال القارئ وينقله إلى الواقع، يحيا فيه معه 2
كتب السفر في القرن السابع قبل الميلاد، وبالتحديد بعد خراب نينوى سنة 612 ق.م. بسنوات قليلة، فقد جرت أحداث السفر، وما تزال نينوى قائمة ثم عاصر طوبيا خرابها، وهو الذي دون السفر كوصية الملاك روفائيل له، بعد خراب نينوى بقليل، وقبل نياحته.
وقد حاول بعض النقاد إثبات أن السِّفر كًتب خلال القرن الثاني قبل الميلاد، متعللين في ذلك بوجود بعض الاختلاف في أسماء المدن والحكام، مما يعني أن الكاتب كان في تاريخ يبعد كثيرًا عن الزمن الذي جرت فيه أحداث السفر، وأن السفر نفسه مختلق حيث كُتب ككتاب تعليمي فقط (على حد زعمهم) .
أما من جهة الاختلاف في الأسماء والمواضع فقد كان لبعض البلاد أكثر من اسم لا سيما في اللغات الأخرى، وكان المُلك كذلك ينسب لأكثر من شخص في وقت واحد، كما اكتسب الكثير من الملوك لقبً واحدًا -ربما لقب جدهم الأكبر- على التوالي ولسنين عديدة، هذا وقد تعرضت بلاد أشور في زمن السفر إلى تطورات سياسية سريعة، من ثورات إلى قتل الملوك لبعضهم البعض.
ويستند بعض أولئك النقاد أيضًا، على وجود إشارة في السفر إلى استخدام عملة الدراخمة (الدرهم) وهي عملة يونانية ترجع إلى زمن الإسكندر الأكبر (بداية من القرن الرابع قبل الميلاد) ولكن يجب الانتباه هنا إلى أن الدرهم هو عملة فارسية في الأصل وقد ورد ذكره في سفري الملوك وسفر عزرا وسفر نحميا، حيث أعطى نحميا (الترشاثا) ألفا من الدرهم مساهمة منه في العمل (نح 7: 70) "وَالْبَعْضُ مِنْ رُؤُوسِ الآبَاءِ أَعْطُوا لِلْعَمَلِ. التَّرْشَاثَا أَعْطَى لِلْخَزِينَةِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنَ الذَّهَبِ وَخَمْسِينَ مِنْضَحَةً وَخَمْسَ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ قَمِيصً لِلْكَهَنَةِ". ذلك على الرغم من أن السفر يرجع إلى أوائل القرن الرابع قبل الميلاد، أي قبل ظهور الإسكندر المقدوني. (راجع التعليق على الإصحاح الخامس).
أما العالم ريتشاردسون، فقد قام بعمل دراسة أثبت فيها أن النسخة الأصلية للسفر (أي أقدم نسخة موجودة حاليًا) ترجع إلى القرن الرابع قبل الميلاد 3.
إلا أن مخطوطات قمران Qumran، والتي اشتملت على ثلاثة أجزاء أرامية للسفر، فقد دلت بذلك على أنه كتب إبان السبي وفي الشتات، وعندما يتعرض البعض بأن الآرامية كانت مستخدمة في فلسطين لفترة طويلة بعد السبي، فإنه يجب الانتباه إلى أن اليهود اعتادوا على عمل نهرين لكتاباتهم في تلك الفترة، أحدهما عبري والآخر أرامي، وهو ما جمع بعد ذلك في القرن السادس الميلادي في كتاب معتمد سمى الترجوم Targom، ولكن مخطوطات قمران كانت بالآرامية فقط (أي الأجزاء الخاصة بسفر طوبيا)
كذلك فإن الذين يرجحون أن السفر قد كتب في القرن الثاني قبل الميلاد، يستندون أيضًا على وجود بعض الشبه بين بعض آياته، وبعض آيات أخرى في سفر يشوع بن سيراخ، ويرون كذلك أن السفر يمهد لطائفة الفريسيين، ولكن من الجلي أن السفر لم يشر إلى الثورة المكابية (176 ق.م.) ولا إلى الفتح المقدوني، وأما بخصوص طائفة الفريسيين، فإن كان السفر قد شدّد على التمسك بالوصايا ورفض أطعمة الأمم، فأن هذين الأمرين قد عالجهما من قبل، سفر دانيال والذي جرت أحداثه في القرن السادس قبل الميلاد، وأما عن التشابه بين السفر وسفر ابن سيراخ، فإن الله المعطي الوحي لجميع الأنبياء والكتاب، قد عمل في الكل وربط بينهم جميعًا ، وبين الأسفار بذلك الخيط الإلهي القرمزي.
إذا فقد كتب السفر في القرن السابع قبل الميلاد، هذا بالنسبة لتاريخ كتابته، أما عن مكان الكتابة، فقد كتب السفر في الشتات Diaspora وبالتحديد في بلاد ما بين النهرين (العراق وإيران حاليًا) ذلك لتقوية عزائم اليهود الذين بدأوا في التحلل من الالتزام بالناموس متعللين في ذلك ببعدهم عن أورشليم وتعرضهم للاضطهاد والضغط العقيدي الوثني، ولذلك فإن السفر يحضهم على التمسك بالشريعة ودفن الموتى وإقامة الولائم، والتصدق، والصلاة، كما يشجعهم بأن الله لن يتخلى عنهم ما داموا ملتصقين به.
وقد رجح العلماء ثلاثة أماكن كموطن للنسخة الأصلية للسفر، فيرى العالم باتريلPautrel أنه كتب في فلسطين، بينما يرشح العالم سمسون Simpson مصر كمكان لأول نسخة، وأما العالم زمري Zinpreman فقد رأى أنه كتب في سوريا.
فإذا أخذنا في الاعتبار أن بيئة الكاتب هي الشتات، فإننا بذلك بذلك نستبعد فلسطين (باعتبارها الوطن) وأن مصر فلا يمكن أن تكون هي الوطن الأصلي للسفر، إذ يرد في السفر أن الشيطان طرد إلى برية مصر العليا (فرَدَّت رائِحةُ الحوتِ الشَّيطانَ فهَرَبَ في الجَوِّ إِلى نواحي مِصْر. فمَضى رافائيلُ في إثْرِه وشَكَلَه هُناكَ وأَوثَقَه مِن ساعتِه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). (طو 8: 3) وأما بسبب ترجيح سوريا وعلى وجه الخصوص إنطاكية، فهو أن إنطاكية في العصر السلوقي كانت مركزًا سياسيًا وتجاريًا هامًا، وبالتالي فمن المحتمل أن تكون أول رحلة للسفر خارج بلاد ما بين النهرين، هي إنطاكية، حيث يظهر هناك أول ما يظهر، في المنطقة الجنوبية.
كذلك فقد ظن العالم ميليكMilik أن السفر قد كتب في السامرة، ولكن السامرة لم تكن ضمن مناطق الشتات وبالتالي فقد استبعد هذا الرأي ليبقى الرأي الأرجح بأن النسخة الأولى قد كتبت في أواخر القرن السابع قبل الميلاد في بلاد ما بين النهرين Misopotamia.
يصعب الوصول إلى النص الأصلي من خلال ترجمة! ولكن العلماء في القرن الماضي، رشحوا ثلاث لغات كأصل للنص وهي الآرامية والعبرية واليونانية، ثم جاءت مخطوطات قمران لترشح الآرامية والعبرية فقط وفي الوقت ذاته تستبعد اليونانية.
وبعد عدة أبحاث قام بها العالم زمري Zimpreman استطاع الوصول إلى أن النسخة اليونانية المأخوذة عن العبرية ترجع إلى أصل أرامي، هذا وقد تم العثور على أقدم نسخة يونانية للسفر في ثلاث صور:
أ- النسخة السينائية - CODEX SINATICUS ورمزها (S)
ب- النسخة الفاتيكانية - CODEX VATICANUS ورمزها (B)
ج- النسخة السكندرية - CODEX ALEXANDIRUS ورمزها (A)
وهذه الصور الثلاث لها مضمون واحد على الرغم من وجود بعض الاختلافات الطفيفة بينها، هذا وقد عُثِرَ على النسخة الفاتيكانية في القرن الرابع الميلادي، وهي عبارة عن نص متوسط في حجمه، بالمقارنة مع النسخة السينائية ذات النص الطويل والتي تُرْجِمَت إلى اللاتينية قبل القديس جيروم، ووجدت متفقة إلى حد كبير مع أجزاء التي عثر عليها للسفر في قمران، وقد تُرْجِمَت مؤخرا إلى العربية بمعرفة الآباء اليسوعيين، وهي التي استخدمناها هنا في دراستنا هذه.
وفي مغارات قمران Qumran تم العثور على خمسة أجزاء من السفر أربعة باللغة الآرامية والخامس باللغة العبرية، وقد كتب أحد النصوص الآرامية الثلاثة على ورق بردى، بينما كتبت بقية الأجزاء الآرامية والعبرية على ألواح من الجلد، هذا وقد وجد أن النصوص الخمسة تتفق مع بقية النصوص الأخرى (أنظر صفحة 208).
وقد أكدت مخطوطات قمران أن لغة السفر ليست يونانية، كما أشارت إلى أن النص الطويل هو الأقدم بالنسبة للنصين الآخرين ( B، A ) ويقول العالم روبيرت هـ. بفيفر ROBERT.H PFEIFFER بعد دراسة قام بها، أنه يرجح أن تكون الآرامية هي لغة السفر 4 ويقول كذلك أن سفر طوبيا هو أفضل الأمثلة الباقية للقصة السامية القديمة 5، وأن أوريجانوس وجيروم كانا محقين في ظنهما بأن النص اليوناني مأخوذ عن النص العبري من الأصل الآرامي، ويضيف بأن الرأي القائل بأن السفر يوناني اللغة في الأصل، قد تراجع الآن 6.
ومع انتشار نسخ كثيرة للسفر، دعا البابا داماسوس بطريرك روما في أواخر القرن الرابع الميلادي إلى تكليف القديس جيروم (إيرونيموس) بعمل ترجمة لاتينية شاملة للكتاب المقدس، حيث قام بنشر هذه الترجمة بمعرفة سكرتيره الخاص، كما يؤكد هو لاثنين من الأساقفة هما كرومانيوس أسقف أكويلا وهليودورس أسقف ألتينو 7.
وقد نشر الأصل الآرامي بواسطة جامعة أكسفورد وذلك في عام 1878 م.، وأما النصوص العبرية فقد نشرت كذلك في لندن عام 1879 م. وذلك بعدة لغات، وأما النصوص اللاتينية فقد نشرها القديس جيروم كما سبق.
وبصدد الحديث عن ترجمات السفر المختلفة تجدر الإشارة هنا، إلى أن عملية الترجمة من لغة سامية كالعبري مثلًا إلى لغة أخرى غير سامية مثل اليوناني، لهو أمر في غاية الصعوبة، بسبب بعض التعبيرات والمصطلحات الدينية والفنية المألوفة لليهود أنفسهم دون بقية الشعوب، مما يضطر المترجم لأن يعبر عن هذا المصطلح وذاك بما يوافقه من مفردات لغة هو، وفي كثير من الأحيان تأتي الكلمة غير مطابقة تمامًا للمعنى الأصلي، ويلاحظ أيضًا أن هناك تشابه كبير بين بعض حروف اللغتين العبرية والآرامية، مثل:
{ = R } و{ = D }
{ = B } و{ = K }
{ = O } و{ = N في آخر الكلمة}
{ = S } و{ = SH }
وفي اللغة الآرامية مثل:
{ = B } و{ = K }
{ = D } و{ = R } وهكذا.
كانت أفكار السفر راسخة في بيئة كتاب العهد الجديد، كذلك فإن المحاور التي يدور حولها السفر واضحة تمامًا في العهد الجديد (حياة وكتابات) مما يؤكد أن السفر كان متداولًا بين يهود الشتات، بل ويهود أورشليم أيضًا ، رغم محاولات بعض الجماعات المتشددة هناك (في أورشليم) طمس معالم السفر واعتباره ضمن الكتابات (التي تدنس الأيدي SEFARIM HIZONIM) وهو تعبير أطلقه حاخامات اليهود على الأسفار غير المعترف بها لديهم، كذلك -وكما أسلفنا- فأن الروح الذي ألهم الكاتب في القرن السابع قبل الميلاد، هو ذات الروح الذي ألهم كتاب العهد الجديد.
والقائمة التالية توضح نقاط التلاقي بين السفر وأسفار العهد الجديد، مثل الزواج والصدقة والتقوى والنسك، كذلك فإن بعض نقاط التلاقي نصية بينما البعض الآخر ضمنية (أي في المضمون).
الصدقة |
||||
سفر طوبيا | أسفار العهد الجديد | |||
تَصَدَّقْ مِن مالِكَ ولا تُحَوِّلْ وَجهَكَ عن فَقير فوَجْهُ اللهِ لا يُحوَّلُ عنكَ تَصَدَّقْ بِما عِندَكَ وبِحَسَبِ ما يَتَوفَّرُ لَكَ إِن كانَ لَكَ كَثير فابذُلْ كَثيرا وإِن كانَ لكَ قَليل فابذُلْ قليلً ولكِن لا تَخَفْ أَن تَتَصَدَّق فإِنَّكَ تَذَّخِرُ لَكَ كَنْزً حَسَنً إِلى يَومِ العَوَز (طو4: 7 - 9) | أَعْطُوا تُعْطَوْا كَيْلً جَيِّدً مُلَبَّدً مَهْزُوزً فَائِضً يُعْطُونَ فِي أَحْضَانِكُمْ. لأَنَّهُ. بِنَفْسِ الْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ (لو 6: 38) | |||
إذَا صَنَعْتَ غَدَاءً أَوْ عَشَاءً فَلاَ تَدْعُ أَصْدِقَاءَكَ وَلاَ إِخْوَتَكَ وَلاَ أَقْرِبَاءَكَ وَلاَ الْجِيرَانَ الأَغْنِيَاءَ لِئَلاَّ يَدْعُوكَ هُمْ أَيْضًا فَتَكُونَ لَكَ مُكَافَاةٌ. بَلْ إِذَا صَنَعْتَ ضِيَافَةً فَادْعُ الْمَسَاكِينَ: الْجُدْعَ الْعُرْجَ الْعُمْيَ. فَيَكُونَ لَكَ الطُّوبَى إِذْ لَيْسَ لَهُمْ حَتَّى يُكَافُوكَ لأَنَّكَ تُكَافَئ فِي قِيَامَةِ الأَبْرَارِ (لو 14: 13، 14) | ||||
فَجَاءَتْ أَرْمَلَةٌ فَقِيرَةٌ وَأَلْقَتْ فَلْسَيْنِ قِيمَتُهُمَا رُبْعٌ. فَدَعَ تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ لَهُمُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ هَذِهِ الأَرْمَلَةَ قَدْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ أَلْقَوْا فِي الْخِزَانَةِ لأَنَّ الْجَمِيعَ مِنْ فَضْلَتِهِمْ أَلْقَوْا وَأَمَّا هَذِهِ فَمِنْ إِعْوَازِهَا أَلْقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا كُلَّ مَعِيشَتِهَا (مر 12: 42 - 44). | ||||
بَلِ اكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزً فِي السَّمَاءِ حَيْثُ لاَ يُفْسِدُ سُوسٌ وَلاَ صَدَأٌ وَحَيْثُ لاَ يَنْقُبُ سَارِقُونَ وَلاَ يَسْرِقُونَ. (مت 6: 20). | ||||
مُدَّخِرِينَ لأَنْفُسِهِمْ أسَاسً حَسَنً لِلْمُسْتَقْبَلِ لِكَيْ يُمْسِكُوا بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ. (1 تيمو 6: 19). | ||||
وَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ مَعِيشَةُ الْعَالَمِ وَنَظَرَ أَخَاهُ مُحْتَاجً وَأَغْلَقَ أَحْشَاءَهُ عَنْهُ فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَحَبَّةُ اللهِ فِيهِ؟ (1يو 3: 17). | ||||
كُلُّ ما تَكرَهُه لا تَفعَلْه بِأَحَدٍ مِنَ النَّاس. (طو 4: 15). | فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ. (مت 7: 12) (لو 6: 31). | |||
فلا تَخَفْ، يا بُنَيَّ، إِنِ اَفتَقَرْنا. عِندَكَ خَيراتٌ كثيرة، إن كُنتَ تَخافُ اللهَ وتَهرُبُ مِن كُلِّ خَطيئة وتَصنعُ ما هو صالِحٌ أمامَ الرَّبِّ إِلهِكَ. (طو 4: 21) | أَمَّا التَّقْوَى مَعَ الْقَنَاعَةِ فَهِيَ تِجَارَةٌ عَظِيمَةٌ. فَإِنْ كَانَ لَنَا قُوتٌ وَكِسْوَةٌ فَلْنَكْتَفِ بِهِمَا. (1 تيمو 6: 6، 8) | |||
الحنين إلى اللقاء والفرحة به |
||||
وكانَت كُلَّ يَومٍ تَخرُجُ مُسرِعةً فتُراقِبُ الطَّريقَ الَّتي ذَهَبَ فيها ابنُها طو (10: 7)، (11: 5) | وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيدً رَآهُ أَبُوهُ فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ. (لو 15: 20) | |||
وقامَ طوبيتُ ومَشى متَعَثِّرً وخَرَجَ مِن بابِ الدَّار وسارَ طوبِيَّا إِلى لِقائِه (طو 11: 10) | ||||
شفاء الأعمى بطريقة تبدو غير منطقية |
||||
وسارَ طوبِيَّا إِلى لِقائِه وبِيَدِه مَرارةُ الحوت ونَفَخَ في عَينَيه وأَمسَكَ بِه فقالَ لَه تشَجع يا أَبَتِ ثُمَّ طَلى عَينَيه بِالدَّواءِ وآنتَظَر وجَعَلَ بِكِلْتَي يَدَيه يُخرِجُ قِشْرَةً من أَطرافِ عَينَيه فأَلْقى أَبوه بِنَفْسِه على عُنُقِه وبَكى ثُمَّ قال إِنِّي أَراكَ يا وَلَدي ونورَ عَينَيَّ ( طو 11 : 11 – 14 ) | قَالَ هَذَا وَتَفَلَ عَلَى الأَرْضِ وَصَنَعَ مِنَ التُّفْلِ طِيناً وَطَلَى بِالطِّينِ عَيْنَيِ الأَعْمَى وَقَالَ لَهُ إذْهَبِ اغْتَسِلْ فِي بِرْكَةِ سِلْوَامَ الَّذِي تَفْسِيرُهُ مُرْسَلٌ فَمَضَى وَاغْتَسَلَ وَأَتَى بَصِيراً. ( يو 9 : 6 ، 7 ) | |||
الملاك يعمل كشفيع |
||||
فحينَ كُنتَ تُصَلِّي أَنتَ وسارة . كُنتُ أَنا أَرفعُ ذِكْرَ صَلاتِكُما إِلى حَضرَةِ مَجْدِ الرَّبّ ( طو 12 : 12 ) | صَلَوَاتُكَ وَصَدَقَاتُكَ قد صَعِدَتْ تَذْكَاراً أَمَامَ اللهِ. ( أع 10 : 4 ) | |||
أَنا رافائيل أَحَدُ المَلائِكةِ السَّبعةِ الواقِفينَ والدَّاخِلينَ في حَضرَةِ مَجْدِ الرَّبّ ... أَرسَلَني اللهُ لِأَشفِيَكَ وأُبرِئَ سارةَ كنَّتَكَ ( طو 12 : 15 ، 14 ) |
أَنَا جِبْرَائِيلُ الْوَاقِفُ قُدَّامَ اللهِ وَأُرْسِلْتُ
لأُكَلِّمَكَ وَأُبَشِّرَكَ بِهَذَا. ( لو 1 : 18 ) وَرَأَيْتُ السَّبْعَةَ الْمَلاَئِكَةَ الَّذِينَ يَقِفُونَ أَمَامَ اللهِ . ( رؤ 8 : 2 ) |
|||
ها إِنِّي صاعِدٌ إِلى الَّذي أَرسَلَني. ( طو 12 : 20 ) | وَأَمَّا الآنَ فَأَنَا مَاضٍ إِلَى الَّذِي أَرْسَلَنِي ( يو 16 : 5 ) | |||
ثُمَّ صَعِدَ وأَمَّا هُمَا فنَهَضا ولم يَعُدْ بِإِمكانِهِما أَن يَرَياه ( طو 12 : 20 ، 21 ) | وَلَمَّا قَالَ هَذَا ارْتَفَعَ عنهم وَهُمْ يَنْظُرُونَ ( أع 1 : 9 ) | |||
أورشليم الجديدة |
||||
سَتُبْنى أَبْوابُ أُورَشَليمَ مِن الياقوتِ و الزُّمُرُّد وجَميعُ أَسْورِكِ من الحَجَرِ الكَريم. ستُبْنى أَبْراجُ أُورَشَليمَ مِنَ الذَّهَب وتَحْصيناتُها مِن الذَّهَبِ الخالِص ستُفرَشُ شَوارِعُ أُورَشَليمَ بِالياقوتِ الأَحمَرِ وحَجَرِ أُوفير . ( طو 13 : 16 ، 17 ) | وَكَانَ بِنَاءُ سُورِهَا مِنْ يَشْبٍ وَالْمَدِينَةُ ذَهَبٌ نَقِيٌّ شِبْهُ زُجَاجٍ نَقِيٍّ وَ أَسَاسَاتُ سُورِ الْمَدِينَةِ مُزَيَّنَةٌ بِكُلِّ حَجَرٍ كَرِيمٍ.. (رؤ 21 : 18 – 21 ) |
سفر طوبيا هو سفر خلاصي، نستطيع أن نلمح ذلك من خلال مطالعتنا له، فطوبيا الأب يشبه الآب محب الصلاح، وطوبيا الابن المولود منه (وله نفس الاسم) يشبه الابن الإقنوم الثاني المولود من الآب والواحد معه في الجوهر، فالآب يرسل ابنه (طوبيا) إلى العالم (راجيس) ليسترد الوديعة
(الطبيعة الأولى) من غابليوس (الغربة) وطوبيا الأبن (المسيح) يتخذ سارة (الكنيسة) زوجة له (الكنيسة هي جسد المسيح وعروسه) وذلك بعد أن يدخل مع الشيطان أزموداوس في حرب (جبل التجربة) ويهزمه ويطرده ] اذهب عني يا شيطان [ ويخلص الكنيسة ] سارة [ من سلطانه ويقيده في برية مصر العليا 8 وفي اليوم الثالث يعلن سلطانه على الموت والشيطان 9 ثم يرجع إلى أبيه ] الصعود [ منتظرًا سارة مدة سبعة أيام ] مدة حياتنا على الأرض - مازلنا في اليوم السابع [ لتعود بعد ذلك إلى عريسها في بيته الذي خرج منه ] السماء [ حيث يبدأ حفل العرس السمائي في اليوم الثامن ] الأبدية [.
ونلاحظ أن هناك عدة نقاط هامة في السفر، مثل دور الملاك روفائيل الذي يقوم بعمل الخدام (ملاك = رسول) 10 ويشترك مع الله في خلاص البشرية (وهو من صميم عمل الخدام) كما تشير وليمة العرس إلى سر التناول المقدس.
ويعالج السفر عدة موضوعات لاهوتية أخرى، فهو يقدم الله كخالق (طو 8: 5، 6) (فقامَت وأَخذا يُصلِّيانِ فيَبتَهِلانِ لِكَي يُنعَمَ علَيهما بِالخلاص، وشرَعَ يقول: مُبارك أَنتَ، يا إِلهَ آبائِنا ومُباركٌ اسمُكَ إِلى جَميعِ الأجْيالِ الآتِيَة! لِتُباركْكَ السَّمَواتُ وجَميعُ خَلائِقِكَ أَبَدَ الدُّهور! 6 أَنتَ صَنَعتَ آدم أَنتَ صَنَعتَ لَه عَونً وسَنَذا حَوَّاءَ امرأَتَه ومِنهُما خَرَجَ الجِنسُ البَشَرِيّ. وأَنتَ قُلتَ: لا يَحسُنُ أَن يَكونَ الإِنسانُ وَحدَه فَلْنَصنَعْ لَه عَونً يُناسِبُه) وملك (طو 13: 6) (حينَ تَرجِعونَ إِليه من كُلِّ قُلوبِكُم ومِن كُلِّ نُفوسِكُم لِتَعْمَلوا بِالحَقِّ أمامَه عِندَئِذٍ يَرجعُ اليكُم ولا يَعودُ يَحجُبُ وَجهَه عَنكُم. والآَن فاعتَبِروا ما صَنَعَ إِلَيكُم وسَبِّحوه مِن كُلِّ أَفْواهِكُم. بارِكوا رَبَّ البِرّ وأَشيدوا بِمَلِكِ الدُّهور. أَمَّا أَنا فَني أَرْضِ الجَلاءَ أُسَبِّحُه وأُخبِرُ أُمَّةَ الخاطِئينَ بِقُوَّته وعَظَمَتِه . إِرْجِعوا، أَيُّها الخاطِئون واعمَلوا البِرَّ أَمامَه. من يَدْري؟ فلَعَلَّه يَرْضى عَنكُم وَيرأَفُ بِكُم) ومعطي الوصايا (طو 4: 5) (واذكُرِ الرَّبَّ، يا بُنَيَّ، جَميعَ أَيَّامِكَ، ولا تَرْضَ بِأَن تَخطأَ وتَتَعَدَّى وَصاياه. إِعمَل أَعْمالَ البِرِّ جَميعَ أَيَّامِ حَياتِكَ، ولا تَسلُكْ سُبُلَ الإِثْم) وله سلطان الحياة والموت (طو 3: 6، 15) (والآنَ فبِحَسَبِ ما يُرْضيكَ عامِلْني ومُرْ أَن تُستَرَدَّ روحي مِنِّي لِكَي أَزولَ مِن وَجْهِ الأَرض فأُصبِحَ تُرابً . فالمَوت لي خَيرٌ مِنَ الحَياة لِأَنِّي سَمِعتُ شَتائِمَ كاذِبَة وبي غَمٌّ شديد. يا رَبّ، مُرْ أَن أَنجُوَ مِن هذه الشِّدَّة. دَعْني أَمْضي إِلى المُقام الأَبديّ ولا تعرِضْ، يا ربّ، بَوَجْهِكَ عنِّي فالمَوت لي خَيرٌ مِن مُشاهَدةِ ضيق شَديدٍ في حَياتي ومِن سَماعي الشَّتائم ..... وإِن لم تَشأْ أَن تَقتُلَني، يا رَبّ فاسمع ما يُوجَّهُ إِلَيَّ مِنَ الشَّتائِمَ) وفي (طوبيا 13: 2) (لأَِنَّه يُؤَدَّبُ وَيرحَم يُنزِلُ إلى الجَحيمِ إِلى أسافِلِ الأَرض ويُصعِدُ مِنَ الهَلاكِ الجَسيم فما مِن أَحدٍ يُفلِتُ من يَدِه) يستجيب للذين يدعونه (طو 3: 16) (في ذلكَ الحينِ استُجيبَت صَلَوات الِاثْنَينِ أَمامَ مَجدِ الله) صالح ورحوم وعادل، وإن كان يسمح بالتجارب لفائدتنا (طو 3: 2، 3) (عادِلٌ أَنتَ، يا ربّ وأَعْمالُك كُلُّها عادِلَة وطُرُقُكَ كُلُّها رَحمَةٌ وحَقّ. أَنتَ تَدينُ العالَم. 3 فاذكُرْني الآنَ، يا ربُّ، وانظُرْ إِلَيَّ ولا تُعاقِبْني على خَطاياي ولا على جَهالاتي وجَهالاتِ آبائي. لِأَنَّنا خَطِئْنا إِلَيكَ) وإله ممجّد (طو 3: 16) (أَمامَ مَجدِ الله) تخدمه الملائكة (طو 12: 15) (أَنا رافائيل، أَحَدُ المَلائِكةِ السَّبعةِ الواقِفينَ والدَّاخِلينَ في حَضرَةِ مَجْدِ الرَب) كما يعالج السفر موضوعين آخرين هما فكر الحياة الأبدية (طو 3: 6) وخدمة الملائكة للبشر.
هذا ويلاحظ أن إنجيل القديس يوحنا اللاهوتي، هو أكثر أسفار العهد الجديد، تقابلًا مع سفر طوبيا، وذلك على مستوى الفكر اللاهوتي.
وفي السمكة التي اصطادها طوبيا، رمز للمسيحية كلها، فقد اتخذ المسيحيون الأوائل، السمكة كرمز للمسيحية. (راجع التعليق على الإصحاح السادس) ففي السمكة وجد طوبيا طعامًا ، وفيها وجد شفاءًا لوالده الفاقد البصر، وفيها أيضًا القجرة على إخراج الشياطين.
ونلاحظ أيضًا أن الولائم في الأفراح اليهودية، كانت تستمر مدة سبعة أيام، وأمّا في سفر طوبيا تستمر أربعة عشر يومًا ، الأمر الذي لم يتكرر إلا في تدشين بيت الرب في عهد سليمان، (طو 8: 20).
(ثمَّ دعا طوبِيَّا فقالَ لَه: طَوالَ أَربَعَةَ عَشَرَ يَومً لا تتحَرَّكُ مِن هُنا، بل تَبْقى لِتأكُلَ وتَشرَبَ عِنْدي وتُفرِجَ الغَمَّ عن نَفْسِ ابنَتي.( وفي (1 مل 3: 15 ) (فَاسْتَيْقَظَ سُلَيْمَانُ وَإِذَا هُوَ حُلْمٌ. وَجَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَوَقَفَ أَمَامَ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ وَقَرَّبَ ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ وَعَمِلَ وَلِيمَةً لِكُلِّ عَبِيدِهِ.) وأيضا في (1مل 8: 65) (وَعَيَّدَ سُلَيْمَانُ الْعِيدَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ، جُمْهُورٌ كَبِيرٌ مِنْ مَدْخَلِ حَمَاةَ إِلَى وَادِي مِصْرَ أَمَامَ الرَّبِّ إِلَهِنَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَةَ أَيَّامٍ، أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمً ) مما يغنى أن الاحتفال في الحالتين هو احتفال إلهي.
أن ما قام به الملاك روفائيل إنما يرمز لعمل المسيح الذي كان وسيطًا بيم الله والناس، ولأن المسيح قد قبض على الشيطان الذي كان يقتل أرواحنا ولأن السيد الرب هو الذي أنار عيون النفس كما فعل روفائيل مع طوبيا الأب، ومن هنا فقط كان السفر في العصر الرسولي مطابق جدًا لعمل المسيح له المجد، وأحد أركان البشارة الأساسية، لقوة رموز طوبيا والملاك لعمل المسيح الخلاصي.
وفي السفر نرى أن الله له شهود في كل زمان ومكان مهما كانت الظروف المحيطة والشرور السائدة، فكما ذكر شهود للرب في فترة السبي مثل دانيال والثلاثة فتية، كذلك طوبيا وسارة وغيرهم في سبي الشمال.
ويوضح السفر أيضًا حيل أبليس وهزيمته بعد طول صبر وصلاة نقية من نفس لها رجاء بإلهها.
سفر طوبيا، سفر معبق برائحة نسكية، تصطبغ تعاليمه بصبغة أورثوذكسية، ولذلك فإن الكنيسة الملهمة بالروح القدس قد أدخلته في ليتورجياتها، حيث رتبت أن يقرأ بكامله في يوم الجمعة من الأسبوع السادس في الصوم الكبير، وذلك في إطار التعليم الكتابي الكنسي عن
(إستجابة الله للذين يدعونه، بخلاص أكيد).
في عيد العنصرة، وكما يقضي الناموس والتقليد أقام طوبيا الأب (الآب) وليمة عظيمة في بيته، ثم أرسل طوبيا ابنه (الابن) لكي يدعو إلى الوليمة كل مستعد وتقى حتى يكمل الفرح، إذ لم يشأ طوبيا الأب أن يأكل طعامه حتى يأتي ضيوفه إلى المائدة، هكذا يصرخ الكاهن في نهاية القداس (القدسات للقديسين).
كما يأخذ السفر دوره في الصوم المقدس عمومًا ، في تعزيز أركان العبادة الثلاثة
(الصلاة والصوم والصدقة) والتي من المحتمل أن تكون مستقاه فكرًا ونصا من السفر، إذ وردت في السفر (الصَّلاةُ مع الصَّومِ والصَّدَقةُ مع البِرِّ خَيرٌ مِنَ الغِنى مع الإِثْم، التَّصَدُّقُ خَيرٌ مِنِ اذِّخارِ الذَّهَب طو 12: 8) وقد ركز كثير من قديسي الكنيسة الأول مثل يوحنا ذهبي الفم والقديس أغسطينوس على الصدقة ورحمة المساكين، في عظاتهم كثيرًا ، معتمدين أيضًا على ما ورد في السفر (لِأَنَّ الصَّدَقَةَ تُنقِذُ مِنَ المَوت ولا تَدَعُ النَّفْسَ تَصيرُ إِلى الظُّلمَة طو 4: 10، 12: 9 الصَّدَقةُ تُنَجِّي مِنَ المَوت وهي تُطَهِّرُ مِن كُلِّ خَطيئة. الَّذينَ يَتَصَدَّقونَ يَشبَعونَ مِنَ الحَياة).
كذلك فقد كان للسفر أثرًا كبيرًا في طقوس الزواج في الكنيسة، فإلى وقت قريب كان والد العروس يأخذها من يدها ويسير بها داخل الكنيسة حتى يصل إلى مكان عقد الإكليل حيث يسلمها للعريس، هذا ما صنعه رعوئيل والد سارة، حيث أخذها من يدها اليمنى وسلمها ليمين طوبيا (راجع طو 7: 12) (ثُمَّ دَعا رَعوئيلُ سارةَ ابْنَتَه، فأَتَت إِلَيه، فأَخَذَها بِيَدِها وسلَّمَها إِلَيه وقال: إِقْبَلْها، فهي تُزَفُّ إِلَيكَ امرأَةً بِحَسَبِ الشَّريعة وبِحَسَبِ الحُكْمِ الوارِدِ في كِتابِ موسى. خُذْها وعُدْ إِلى أَبيكَ سالِمً . أَوصَلَكم إِلهُ السَّماءَ بِسَلام) كما وردت في السفر أول إشارة إلى استخدام صحيفة (عقد) الزواج، وهو الأمر المعمول به إلى اليوم لدى جميع الكنائس والشعوب (طو 7: 13) (!ثُم دَعا أُمَّها وطَلَبَ إِلَيها أَن تأتِيَ بِصَحيفة وكتَبَ فيها عَقدَ الزَّواج، زافًّ إِيَّاها امرأَةً لَه بِحَسَبِ حُكْمِ شَريعةِ موسى).
كما نلاحظ أن طوبيا وسارة يتفرغان للصلاة والصوم مدة ثلاثة أيام، بعد مراسم الزواج وقبل الاحتفال بهما، وهو الأمر الذي كان متبعا في الكنيسة الأولى، حيث يتم طقس سر الزواج بين رفع بخور باكر والقداس الإلهي وعندها يتناول العروسان من السرائر المقدسة ثم يتفرغان للعبادة ثلاثة أيام.
وقد بدأ هذا الطقس في اتخاذ موقعه في الكنيسة اليوم، حيث يشجع الآباء على إتمام مراسم الزواج باكر يوم الأحد عقب بخور باكر، ثم يتناول العروسان من الأسرار المقدسة قبل خروجهما من الكنيسة والاحتفال مع الأهل والأصدقاء بزواجهما.
يرد في طقس صلوات الإكليل، أن الكاهن يصلي على الزيت، ثم يرشم العريس والعروس قائلًا
(ليبطل هذا الدهن الشياطين، هذا الدهن قبالة الأرواح الرديئة، هذا دهن الأرواح المقدسة، هذا الدهن قبالة مقاومة الأرواح النجسة، بيسوع المسيح ملك المجد.... إلخ) وفي هذه الصلاة إشارة إلى الروح الرديء المذكور في قصة زواج طوبيا بسارة.
ويقول أيضًا هذه الصلاة (أستر عبديك...... واحفظ مضجعهما نقيًا ، حصنهما بملائكتك الأطهار.. إلخ) وفيها إشارة إلى دور الملاك روفائيل في قصة الزواج هذه (راجع كتاب مجموع صلوات الكنيسة للأفراح والأتراح، للقمص عبد المسيح سليمان سنة 1943 م. ص 47: 52).
وفي إطار التعليم عن المعمودية، يظهر طوبيا الأب في دور الإشبين بالنسبة لابنه طوبيا (طو 4) وهو الأمر الذي صار معمولًا به حتى أواخر القرن الماضي حين اضطر الأب والأم في أيامنا هذه إلى الخروج للعمل ولم يعودا مؤهلين للقيام بهذا الدور، مما دفع الكنيسة إلى إنشاء مدارس الأحد لتقوم بدور الإشبين لدى الطفل.
وعن سر مسحة المرضى، نرى أن الملاك يوصى طوبيا بأن يطلى عيني أبيه بمرارة السمكة، وهو مايقابل الزيت المقدس في دهن المرضى (طو 11: 11) (وبِيَدِه مَرارةُ الحوت. ونَفَخَ في عَينَيه وأَمسَكَ بِه فقالَ لَه: تشَجع، يا أَبَتِ. ثُمَّ طَلي عَينَيه بِالدَّواءِ وانتَظَر) والقاسم المشترك هنا، أن إيمان الملايض نفسه، هو الذي يشفيه، 11 مع العمل الخفي للأسرار، وليست المادة المحسوسة فقط (راجع التعليق على ذلك في شرح النص).
ويرى العالم ب جيفين P.GIFFUN أنه كان لسفر طوبيا الأثر الكبير في تأكيد عادة وتقليد رش المنازل بالماء، لتبريكها وطرد الأرواح الشريرة منها.
وفي بستان الرهبان ترد قصة عن شخص مريض ظهر له في حلم، شخص آخر (كان الأول قد
أحسن إليه) ومسح بيده عليه وشفاه ثم أورد له آية من سفر طوبيا وهي (إعمل الرحمة
فإنها تخلصك من الآفات وتغفر الخطايا) وهو نفس مضمون (لِأَنَّ
الصَّدَقَةَ تُنقِذُ مِنَ
المَوت ولا تَدَعُ النَّفْسَ تَصيرُ إِلى
الظُّلمَة.
طو
4: 10 ،
الصَّدَقةُ تُنَجِّي مِنَ المَوت
وهي تُطَهِّرُ مِن كُلِّ خَطيئة.
الَّذينَ يَتَصَدَّقونَ
يَشبَعونَ مِنَ الحَياة
12: 9) مما يدل على أن السفر كان معروفًا في القرن الرابع الميلادي (الوقت
الذي جرت فيه أغلب حوادث بستان الرهبان) وإتضح بما لا يقبل الشك أن الروح القدس
الذي ألهم كاتب السفر هو ذات الروح الذي وضع في فم الشخص - الذي ظهر في الحلم -
نفس القول.
وقد امتد تأثير السفر منذ فجر المسيحية، إلى عادات الناس وحياتهم العامة، فهذه هي صورة الملاك روفائيل برفقة طوبيا وسمكة كبيرة قابعة عند قدميهما، منتشرة في المنازل ليس في مصر فقط وإنما في جميع أنحاء العالم، حيث الطمأنينة في قلوب الآباء والأبناء، إذ أن الملاك حارسهم ورفيقهم في تنقلاتهم، وقد اهتم الكثير من فنانى العالم بتحويل مشاهد سفر طوبيا ووقائعه إلى لوحات فنية رائعة، انتشرت في بلاد الشرق والغرب. 12
كما كان لدور الملاك روفائيل في رحلة طوبيا، الأثر الكبير في تعضيد التعليم الكتابي والكنسي بوجود الملاك الحارس لكل إنسان، يحميه ويدافع عنه ويرافقه في أسفاره، وقد تمخض هذا التعليم عن عبارة شهيرة تقال عند توديع المسافرين وهي {يصحبك ملاك السلامة}!
ومن الملاحظات الطريفة في السفر، أن الكلمة التي اعتاد الأقباط تبادلها عند اللقاء، وهي كلمة
{سعيدة} وأصلها {سعيدا}، هذه الكلمة في الواقع مقتبسة من سفر طوبيا، إذ نقرأ أن طوبيا الشيخ قد إستقبل بها الملاك روفائيل (المتخذ صورة إنسان) عند لقاءه به، إذ قال له: أَهلً بِكَ سالِمً مُعافًى (طو 5: 14).
هذا إلى جوار ملاحظات أخرى كثيرة سنتعرض لها في حينه.
في مجمع يمنيا JAMNIA والذي عقد سنة 90 م.، قام اليهود مرة أخرى بتحديد الأسفار القانونية للعهد القديم، حيث إستبعدوا مجموعة من الأسفار المسماه (بطريق الخطأ) الأسفار القانونية الثانية، بما فيها سفر طوبيا، من قائمة كتبهم المقدسة رغم انتشاره في ذلك الوقت وكان السبب في إعادة تحديد كتبهم المقدسة هو اعتبارهم أن المسيحية قد خرجت عن الإطار اليهودي ومن المحتمل بذلك أن تضيف بعض الأسفار السابقة.
أما عن السبب في رفضهم سفر طوبيا بالتحديد، فإنه يحتمل جدًا أن اليهود في الجنوب (أورشليم) قد رفضوا أي شيء قادم من مملكة الشمال باعتباره فاسدًا دينيًا ولا يصلح. لاعتبارهم أن المملكة الشمالية قد دخلت عليها تأثيرات وثنية كثيرة كعجلى الذهب اللذان وضعهما يربعام بن نباط في دان وبيت إيل، وتعيينه كهنة من غير سبط لاوي، وغيره من الملوك (مثل آخاب) والذين ساعدوا بقوة على طمث الهوية الدينية اليهودية ومحاولة صبغها بالصبغة الوثنية لأغراض سياسية وشخصية،
وهم بذلك نظروا إلى سفر طوبيا نظرة لا تخلو من الشك والتحفظ، ولعل هذا ما يبرر عدم ضمه إلى بقية الأسفار رغم وجوده أيام عزرا الكاهن. 13
ومن بين الأسباب التي دعت اليهود أيضًا إلى إعادة تحديد الأسفار في مجمع يمنيا هو أنهم كانوا على مشارف فترة شتات طويلة سوف تتجاوز العشرين قرنًا ! ومن هنا يصبح من الضروري لديهم تحديد الأسفار التي ستقرأ في مجامع الشتات.
وبتعبير آخر نستطيع أن نقول أنهم وضعوا هذه الأسفار (طوبيا ويهوديت...) مع الأسفار والتعاليم المسيحية (في سلة واحدة) لجعلها أسفارًا (تدنس الأيدي SEFARIM HIZONIM)
وهو تعبير الذي أصطلح عليه للدلالة على الكتب المرفوضة (كما استخدمه التلمود).
ولكن في مجمع يمنيا الذي تم فيه الحكم بالتصويت، لم يكن معصومًا من الخطأ، أما آباء ومعلمي الكنيسة الأولى، فقد اعتبروها أسفارًا لها نفس أهمية ومصداقية الأسفار الأخرى، في الوقت الذي رفضوا فيه أكثر من ثلاثين سفرًا ، اعتبروها كتبًا تاريخية وأدبية، لا ترقى إلى مستوى الأسفار التي نحن بصددها. 14
وقد رفضت الكنيسة أيضًا المصطلحات، التي ظهرت للتعبير عن هذه الأسفار التي قبلتها ككتب موحى بها (مثل طوبيا).
ومن هذه المصطلحات:
* APOCRYPHA أبوكريفا، لأنه تعبير أصبح يطلق على الكتابات التي تحوى الأساطير والتعاليم المشكوك في صحتها ونسبتها.
* PSEUDEPIGRAPHA بسودبجرافا، والذي يعني الأعمال الكاذبة.
* DEUTEROCANONICSL أي الأسفار القانونية الثانية (ديتروكانونيكال) 15 إذ تعتبرها الكنيسة (أي الأسفار التي نحن بصددها) أسفارًا في نفس مستوى وأهمية الأسفار الأخرى. وهذه الأسفار هي:
1. سفر طوبيا (موضوع دراستنا).
2. سفر يهوديت.
3. تتمة سفر أستير.
4. سفر الحكمة.
5. سفر يشوع بن سيراخ.
6. تتمة سفر دانيال.
7. سفر نبوة باروخ.
8. سفر المكابيين الأول.
9. سفر المكابيين الثاني.
إضافة إلى:
* المزمور المائة والواحد والخمسين.
أما يهود الشتات فقد استخدموا هذه الأسفار في عبادتهم، نظرًا لاتساع أفقهم اللاهوتي، بالنسبة لنظرائهم في فلسطين، بل أن جماعة الآسينيين ESSENS والتي سكنت بجوار البحر الميت في فلسطين كانت تستخدم هذه الأسفار، حيث عثر في سنة 1947 م. في كهوف قمران QUMRAN على خمسة أجزاء من سفر طوبيا وبعض من سفر يشوع بن سيراخ.
وقد أشار العالم إسفلدت EISSFALDT في طبعته الثانية لكتابه AINLATLUNG سنة 1956 م.، أن اكتشافات قمران أثبتت أن المجتمع الأسيني في قمران، عرف مجموع كتابات تتفق مع القانون اليوناني المعمول به لدى يهود الشتات، والمأخوذ عن السبعينية.
وعلى الرغم من أن اليهود يزعمون أن الوحي قد توقف منذ عصر أرتحتشتا، في القرن الرابع قبل الميلاد (كما ورد في تاريخ يوسيفوس) فإننا نقرأ في (2 مكا 2: 14) (وكذلك جمع يهوذا كل ما ضاع منا من الكتب في الحرب الأخيرة، وهذه الكتب في حوزتنا ألان.) أن يهوذا المكابي قام بجمع بعض الكتب والأسفار والمخطوطات وقد حدث ذلك في سنة 163 قبل الميلاد، مما يدل على أنه كانت هناك أسفار لم تدرج بعد، عثر عليها بعد عصر عزرا.
فعندما قام عزرا الكاتب بجمع الأسفار المقدسة، لم يعثر عليها جميعًا بسبب ظروف الشتات، كما أن بعض من هذه الأسفار التي نحن بصددها (مثل يشوع بن سيراخ والمكابيين) قد كتبت بعد عصر عزرا، وقد فقد كثير من الأسفار الأخرى التي أشار إليها الكتاب المقدس مثل سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا وإسرائيل وسفر ياشر وسفر حروب الرب وسفر عدو النبي.
ومن هنا فإن الترجمة السبعينية تُعَد عملًا عظيمًا، وعلميًا، ومتمم لما قام به عزرا الكاتب، إذ أنه من المؤكد أن علماء اليهود الذين أوكل إليهم بطليموس فيلادلفوس هذا العمل كانوا موضع ثقة وعلى دراية كبيرة بالأسفار والظروف المختلفة التي حولها، وكان عملهم هذا بتدبير من الله 16. (أنظر صفحة 106).
وقد ظلت الكنيسة منذ البداية وبعد أن دون السفر كجزء من الكتاب المقدس وذلك قبل سنة 240 17 متيقظة لأية محاولات تنال من هذه الأسفار، على مر السنين، ولعل أول صفة قانونية مجمعية توهب لهذه الأسفار كانت في مجمع نيقية المنعقد سنة 325 م. حسبما صرح بذلك القديس جيروم، الذي يقول: أن اعتراف هذا المجمع با، قد قضى على أي شك لديه من ناحيتها.
وقد تصدت الكنيسة الأولى تلك المحاولات، في مجمع هيبو HIPPO الذي عقد سنة 393 م. والذي حضره القديس أغسطينوس، أعقبه مجمع قرطاجنة الأول سنة 397 م. ثم الثاني سنة 419 م.
ثم قامت الكنيسة الرومانية بعد ذلك باعتماد ترجمة القديس جيروم -بعد هذين المجمعين- وأعطتها اسم الفولجاتا VOLGATE أي الشعبية، معتبرة جميع الأسفار -بما فيها الأسفار موضوع دراستنا- ذات صيغة قانونية واحدة، دون تمييز.
وبفضل معلمي وآباء الكنيسة الأول، ضم سفر طوبيا مع بقية الأسفار ضمن مجلد واحد وفي عدة لغات، متخذة هذه الأسفار ترتيبها بين بقية أسفار العهد القديم، وظلت تحظى بالشريعة حتى القرن الرابع عشر، حين قام العالم المسيحي (من أبوين يهوديين) نيقولاوس الليرالي NICHOLUS OF LYRA (مات سنة 1340 م.). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). بعمل طبعة للكتاب المقدس، وضع فيها هذه الأسفار في ملحق منفصل، في آخر العهد القديم، هي طبعة WYCLIFFE OF BIBLE سنة 1340 م.، وتعد هذه هي المرة الأولى التي تفصل فيها هذه الأسفار هكذا.
وقد كان لهذا العالم وطبعته هذه، الأثر المباشر والرئيسي على مارتن لوثر، مؤسس حركة الإصلاح، والذي قام بالتعاون مع العالم الألمانى كارل ستار KARL STAR بعمل ترجمة للكتاب المقدس سنة 1534 م. حيث قام بفصلها أيضًا عن العهد القديم مطلقين عليها اصطلاح (نافعة للقراءة) وأسموها أبوكريفا، ظلمًا .
ومنذ ذلك الحين وبدأت تظهر طبعة للملك جيمس للكتاب المقدس K.J.V.، أحيانًا بدون هذه الأسفار، حتى أعلنت جمعية الكتاب المقدس في بريطانيا بعد مناقشة حادة سنة 1847 م. بخصوص هذه الأسفار، بأنها سوف تحذفها من طبعاتها، ليس كذلك فحسب وإنما امتنعت أيضًا عن مساعدة الجمعيات الأوربية التي تصدر الكتاب المقدس متضمنًا هذه الأسفار، وهكذا تدخلت اقتصاديات الطباعة أيضًا في حذفها!!
أما الكاردينال كاجيتان CAJETAN، وهو الخصم الأكبر لمارتن لوثر 18 فقد صرح قائلًا:
{إن الكتب التي كانت معدودة عند جيروم، قانونية، يجب أن نعتبرها قانونية، والتي كانت محسوبة عنده غير قانونية، ينبغي أن نرفضها} ثم أضاف ] إن الكنيسة مديونة لهذا الأب لأجل تمييزه للأسفار القانونية من غيرها [.
وأمّا ردّ الفعل المباشر للكنيسة الرومانية تجاه موقف لوثر، فهو عقد مجمع ترنت TRENT (جمعية الثالوث) وذلك في سنة 1546 م.، حيث أعلنت فيه (إن كل من لا يعترف بقانونية هذه الأسفار فليكن أناثيما {محرومًا}) مستندين في ذلك أيضًا على مجمع فلورنسا الذي عقد سنة 1439م والذي أيد هذه الأسفار وحرم كل من يرفضها، ثم تمّ تعضيد قرارات هذا المجمع (ترنت) في مجمع الفاتيكان الذي عقد سنة 1870 م.
أمّا في مصر فقد كانت الكنيسة بمنأى عن هذه الصراعات، ولم تدخل طرفًا فيها، نظرًا لقناعتها بهذه الأسفار ضمن قائمة الكتب القانونية وذلك في قوانين الشيخ الصفي بن العسال، وكذلك في قوانين العلامة شمس الرياسة أبو البركات والمعروف بإبن كبر. 19
وأما في القسطنطينية فقد عقد مجمع، كملت أعماله في (ياش) سنة 1642 م. أيّد فيه قرارات المجامع السابقة على تاريخه، وأقّر قانونية هذه الأسفار، وكذلك الكنيسة اليونانية اتخذت نفس الموقف في مجمع عقده البطريرك دوسيتاوس سنة 1672 م. في أورشليم، وفي الهند قام العالم الكاهن (الكانن سل) بتشجيع الكنيسة هناك على الاهتمام بهذه الأسفار ودراستها.
وفي القرن العشرين، ومنذ أن نشر العالم. كارلس R.H.CHARLES كتابه APOCRYPHA & PSEUDAPIGRAPHA في سنة 1913 م. وتزايدت الرغبة في دراسة هذه الأسفار لإعطائها نصيبها من الشريعة كبقية الأسفار، كذلك فقد قوَّى هذه الرغبة، ما ورد في طبعة جود سبيد E.J.GOODSPEED للكتاب المقدس حيث جاء فيه (أننا لا نستطيع أن نقبل الكتاب المقدس كمرجع للدراسات الثقافية والفنية والأدبية والتاريخية والروحية، بدون هذه الأسفار).
كما يجب ألا ننسى ونحن في هذا الصدد، أن نشير إلى الدور البارز الذي قام به المجلس القومي للكنائس NATIONAL COUNCIL OF CHURCHS، إذ نشر مخطوطات قمران، مما شجع مجلس الكنائس الأمريكية على تكوين لجنة من علماء الكتاب المقدس لإعداد ترجمة جديدة صدرت سنة 1957 م. وتم ضمها إلى طبعة R.S.V، كما توجد حاليًا منظمة دولية وهي INTERNATIONAL ORGANIZATION FOR SEPTUAGINT & COGNOTE STUDIES وذلك لدراسة هذه الأسفار ونشر نتائجها أولًا بأول.
وأخيرًا فقد قامت دار الكتاب المقدس في مصر (وللمرة الأولى) بعمل طبعة جديدة للكتاب المقدس بعهديه تتضمن هذه الأسفار (مجتمعة في نهاية العهد القديم) مترجمة عن النص اليوناني.
وفيما يلي قائمة بأسماء بعض القديسين الذين اقتبسوا من سفر طوبيا في تعاليمهم وكتاباتهم:
* القديس كليمندس الروماني، تلميذ بولس الرسول - في رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس |
تنيح ما بين 90 - 100 م. |
|||||||
* القديس بوليكاربوس أسقف سميرنا - تلميذ القديس يوحنا الحبيب - في رسالته إلى فيلبي. |
ولد في 70 م. |
وتنيح ما بين 155 - 160 م. |
||||||
* القديس كليمندس السكندري - في كتابه (المربى) |
ولد في سنة 155 م. |
وتنيح سنة 220 م. |
||||||
* القديس يوسابيوس القيصرى - في كتابه تاريخ الكنيسة |
ولد في سنة 265 م. |
وتنيح سنة 339 م. |
||||||
* العلامة أوريجانوس - في كتابه (الصلاة) |
|
وتنيح سنة 254 م. |
||||||
* القديس أثناسيوس الرسولي - في دفاعه ضد الأريوسيين. |
ولد في سنة 296 م. |
وتنيح سنة 373 م. |
||||||
* القديس ديوناسيوس الروماني - في الرد أتباع سابليوس. |
وتنيح سنة 369 م. |
|
||||||
* القديس ديديموس الضرير - في كتابه الثالوث. |
ولد ما بين 309- 314 م. |
وتنيح سنة 398 م. |
||||||
* القديس كبريانوس (حيث يصف السفر بأنه الموحى به من الله). |
|
|
||||||
* القديس إيرونيموس (جيروم) حيث قام بترجمة السفر على الآرامية. |
ولد في سنة 245 م. |
.وتنيح سنة 419 م. |
||||||
* القديس أغسطينوس - في الرد على البلاجية، والموعظة على الجبل، ومدينة الله وشرح إنجيل يوحنا. |
ولد في سنة 354 م. |
وتنيح سنة 430 م. |
||||||
* القديس ديوناسيوس السكندري - في رسالته العاشرة. |
|
وتنيح سنة 454 م. |
||||||
ومن آباء الكنيسة اللاتينية: | ||||||||
* البابا ليون الكبير - في كتابه (الرعاية) |
ولد سنة 540 م. |
|||||||
* البابا كليستوس بابا روما - في كتاب له عن التعامل مع الآخرين. | ||||||||
إضافة إلى مجموعة قوانين الآباء الرسل (المجموعة الثانية) القانون 55، ومجموعة تعاليم الآباء الرسل. |
حاول بعض العلماء والنقاد في دراستهم النقدية للكتاب المقدس، لا سيّما العالم
إرنست رينان
E.RENAN،
الربط بين سفر طوبيا من جهة وبعض الأساطير التي انتشرت في القرن الخامس قبل
الميلاد من جهة أخرى، والتي ظهرت في منطقة الشرق الأدنى، ومن بين تلك الأساطير:
أ- قصة رجل قام بدفن جثة ميت، متكلفًا بذلك مبلغًا طائلًا من المال، ثم قام شبح الرجل الميت بإرشاد الرجل في العثور على كنز كبير، وقد أطلق على هذه الأسطورة اسم الميت الشاكر GRATEFUL DEAD.
ب- قصة العروس التي كان التنين يقتل أزواجها، حتى جاء البطل برفقة صديق آخر يتبعهما كلب، وقام بذبح التنين، وقد أطلق على هذه الأسطورة اسم العروس الخطرة DANGEROUS BRIDE، وعروس الوحش BRIDE OF TH MANOTER، والمرأة المفتدية REUSOMED WOMEN، وقد عثر عليها في مؤلف يوناني شهير يرجع إلى القرن الخامس قبل الميلاد.
ج- أسطورة تروَى عن شخص اسمه سيمونيدس
SIMONIDES،
أنه بعدما قام بدفن جثة رجل مجهول، حذره شبح الرجل الميت ألاّ يبحر على أية
سفينة خوفًا من هلاكه غرقًا ، قد إتبع سيمونيدوس النصيحة بالفعل عند أسفاره،
بينما مات جميع الذين إستقلوا السفينة.
د- وقد ظهرت قصة أرمنية حديثة، عبارة عن تجميع للقصص السابقة، حيث تروي أن رجلًا رأى جثة يعذبّها دافنوها بسبب دين كان على صاحبها، فدفع هو هذا الدين ثم دفنها بإكرام، وبعد ذلك أصبح هو ذاته فقيرًا ، وفكر في التزوج من عذراء غنية، كانت قد تزوجت بخمسة رجال من قبل ولكنهم ماتوا في ليلة الزفاف، ثم جاء إليه رجل مجهول وعرض عليه أن يكون خادمه مقابل نصف الثروة التي سوف يحصل عليها في المستقبل، ونصحه بالتزوج من البتول، وفي ليلة الزواج قطع الخادم رأس التنين الخارج من فم العروس، كما أجبر تنينا آخر على الخروج منها بعد أن هددها بشطرها إلى نصفين، ثم أعلن الخادم للرجل أنه روح الرجل الميت الذي أكرم هو جثته، ثم اختفى بعد ذلك عنه، وقد أطلق على هذه الأسطورة لقب الميت الشاكر، أيضًا .
ه - وبعد ذلك ظهرت إضافة لهذه الأسطورة وذلك بالقلاب من ADRIANOPLE حيث ورد أن المرافق بعد أن قطع رأس التنين الهارج من المرأة، طلب نصف المرأة، فلما أخذ سيفه ليشطرها نصفين، صرخت المرأة وتقيأت التنين الثاني. 20
و- كذلك حاول البعض الربط بين قصة أخيكار الحكيم وسفر طوبيا، وقد ظهرت هذه القصة في مؤلف يوناني خلال القرن السابع قبل الميلاد أيضًا ، حيث يرد أخيكار كوزير للملكين سنحاريب وأسرحدون على التوالي، وقد تبنى ابن أخيه ناداب بالإرشاد والنصح، فلما كبر أشركه معه في الحكم، ولكن ناداب مالبث أن انقلب عليه وتسبب في سجنه، غير أن السّجان وهو من تلاميذ أخيكار، سهل له الهرب من السجن، فلمّا تغيرت الظروف السياسية، عاد أخيكار إلى وظيفته معاتبًا ابن أخيه بسلسلة من النصائح والحكم قبل أن يودعه هو نفسه في السجن، حيث بقى فيه حتى مات.
ز- كما ادعى البعض أن TRACTATE OF KHONS المصري، ربما كان في فكر طوبيا عندما كتب السفر، حيث يحكى قصة أميرة، امتلكت بواسطة شيطان، طرد عن طريق تدخل (خونس) KHONS إله طيبة 21.
كثيرًا ما يجد النقاد، في الأساطير القديمة، سلاحًا للطعن في سلامة الأسفار وصحة الوحي بها، ولكن الأساطير لا تستطيع أن تقوم كدليل قاطع في نفى صحة الأسفار، إذ يعتبرها المعتدلون مجرد احتمالات، ومعروف أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال، سقط به الإستدلال، فقط جاءت تلك الأساطير عبارة عن قصص مبتورة، بحيث أن أوجه الشبه بينها وبين فقرات من السفر، ضعيفة وهزيلة للغاية، كذلك فإن المزج بينها جميعًا لتكون ملحمة أسطورية كاملة، كما أوردناها، قد جاء في وقت متأخر، بحيث كان السفر قد أخذ مكانته بين يهود الشتات. 22
فقد كتب السفر في أواخر القرن السابع قبل الميلاد، ولا مانع من أن يقتبس بعض الشعراء والقصاصين، من الكتب المقدسة، ويستوحون منها في ملامحهم ويتأثرون بها في أعمالهم، حيث أن ذلك قد حدث كثيرًا ، عندما تحولت الكثير من قصص الكتاب المقدس إلى أعمال أدبية، قدم بعضها على المسرح الأوروبى في القرون الوسطى ] مثل سفر يهوديت [.
أما إذا اعتبرنا جدلًا ، أن الكاتب الإنجيلي قد تأثر بالبيئة، فهذا أمر لا خلاف عليه، إذ أنه من الثابت أن الله يترك صياغة الوحي، إلى شخصية الكاتب، حسبما تكون ثقافته وظروفه المختلفة، ويظهر ذلك في تنوع أشكال الأسفار الإلهية، مابين بسيطة وأدبية، وشعرية وفلسفية، غير أن تأثر سفر طوبيا بالبيئة، يظهر فقط في استعارته لبعض المصطلحات السامية مثلما ورد في ] طو 1: 11، 6: 15 - طَعامِ الأُمَم، فأَخْشى أَن أَموتَ فأُنزِلَ إِلى القَبرِ حَياةَ أَبي وأُمِّي غَمًّ علَيَّ (إنزل الشيبة بحزن إلى الجحيم) [.
وعندما قال أنه قد وجد بعض التشابه بين مقولات أخناتون الملك المصري وبعض قطع من المزامير، وبين شكل خيمة الاجتماع والمعابد الفرعونية في صعيد مصر، وأن فكرة الختان كان لها صدى في مصر، فإنه من الثابت أن ذلك كان بتدبير من الله لإعداد الذهن البشري (في كل مكان) لفكرة الفداء ومجيء المخلص وتكوين خلفية للعهد الجديد.
وإضافة إلى ما سبق، فقد ورد في بستان الرهبان، والذي ترجع الحوادث الموجودة فيه إلى القرن الثالث والرابع والخامس الميلادي، قصتين يظهر فيهما بوضوح أن الاهتمام بجثث الموتى والإحسان إليها وكذلك عمل الرحمة، هي وصايا إلهية مستقاة من سفر طوبيا الموحى به من الله. 23
2.
يذكر السفر أن
سبط منسى، قد سُبِيَ في عهد شلمناصر
(في
أَيَّامِ شَلْمَنآسَر،
مَلِكِ أَشُّور، جُلِيَ مِن تِشْبَةَ في جَنوبِ
قادَشَ نَفْتالي في
الجَليلِ الأَعْلى فَوقَ حاصور وَراءَ شَمسِ
الغُروبِ وإِلى شَمالِ
صَفَت
طو 1: 2) في حين أن الذي سَبَى
سبط منسى
هو تجلث فلاسر أبوه (2 مل 15: 29) (فِي
أَيَّامِ فَقْحٍ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، جَاءَ تَغْلَثَ فَلاَسِرُ مَلِكُ
أَشُّورَ وَأَخَذَ عُيُونَ وَآبَلَ بَيْتِ مَعْكَةَ وَيَانُوحَ وَقَادِشَ
وَحَاصُورَ وَجِلْعَادَ وَالْجَلِيلَ وَكُلَّ أَرْضِ نَفْتَالِي، وَسَبَاهُمْ
إِلَى أَشُّورَ).
الرد
تجلث فلاسر سَبَى بعض من الأسباط العشرة في عهد فقح بن رمليا، ثم أكمل السبي في عهد شلمناصر، في أيام هوشع، وقد نسب البعض السبي في المرتين إلى شلمناصر لشهرته ب (قاهر الملوك) وذلك لأنه الملك الذي تفاعل أكثر مع أحداث السفر.
3. ذكر في السفر أن سبط منسى، انفصل عن إسرائيل الأم، بينما كان طوبيا لا يزال شابًا "لَمَّا كُنتُ في بِلادي في أَرضِ إِسْرائيل وكُنتُ شابًّ ، اِنفَصَلَ كُلُّ سِبْطِ نَفْتالي جَدِّي عن بَيتِ داوُدَ وعن أُورَشَليم، المَدينةِ المُخْتارةِ مِن بَينِ جَميعِ أَسْباطِ إِسْرائيلَ لِتَكون مَكانَ ذَبائِحِهم، وحَيثُ قُدِّسَ هَيكَلُ سُكْنى الله وبُنِيَ لِجَميعِ الأَجْيال" (طو 1: 4) بينما تم هذا الانفصال عام 930 م، في عهد يربعام ورحبعام.
الرد
المقصود بالانفصال هنا هو السبي والبعد عن أورشليم الأم.
4. ورد في السفر أن سنحاريب هو ابن وخليفة شلمناصر، في حين أن سرجون الثاني (722-705 ق.م.) هو الذي خلف شلمناصر.
الرد
السفر يركز على الملوك الذين أوقعوا الضرر والسوء باليهود، بينما لم يذكر الملوك الذين لم يفعلوا شيئًا ذا بال لليهود (ولَمَّا ماتَ شَلْمَنآسَر ومَلَكَ سَنْحاريبُ ابنُه مَكانَه فأُغلِقَت طُرُقُ ميدِيا، لم أَعُدْ أَستَطيعُ الذَّهابَ إلَيها. طو 1: 15)، وهو ما تكرر في إنجيل القديس متى، إذ تجاوز في سرده لسلسلة أنساب المسيح عدة ملوك، حيث ورد في (وَآسَا وَلَدَ يَهُوشَافَاطَ. وَيَهُوشَافَاطُ وَلَدَ يُورَامَ. وَيُورَامُ وَلَدَ عُزِّيَّا. مت 1: 8) أن يورام ولد عزّيّا والحقيقة أن يورام ولد أخزيا، وأخزيا ولد يوآش، ويوآش ولد أمصيا، وأمصيا ولد يورام (كما ورد في فَقَالَ حَزَائِيلُ: لِمَاذَا يَبْكِي سَيِّدِي؟ فَقَالَ: لأَنِّي عَلِمْتُ مَا سَتَفْعَلُهُ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الشَّرِّ، فَإِنَّكَ تُطْلِقُ النَّارَ فِي حُصُونِهِمْ وَتَقْتُلُ شُبَّانَهُمْ بِالسَّيْفِ وَتُحَطِّمُ أَطْفَالَهُمْ وَتَشُقُّ حَوَامِلَهُمْ. فَقَالَ حَزَائِيلُ: وَمَنْ هُوَ عَبْدُكَ الْكَلْبُ حَتَّى يَفْعَلَ هَذَا الأَمْرَ الْعَظِيمَ؟ فَقَالَ أَلِيشَعُ: قَدْ أَرَانِي الرَّبُّ إِيَّاكَ مَلِكً عَلَى أَرَامَ. فَانْطَلَقَ مِنْ عِنْدِ أَلِيشَعَ وَدَخَلَ إِلَى سَيِّدِهِ فَسَأَلَهُ: مَاذَا قَالَ لَكَ أَلِيشَعُ؟ فَقَالَ: قَالَ لِي إِنَّكَ تَحْيَا.{2 مل 8: 12، 14}، { 2 أخ 22: 24، 25}) ربما لكي يحافظ على سلسلة الأمساب 14 جيلًا لا أكثر ولا أقل، وربما لإن أولئك الملوك كانوا من أصل وثني (وَكَأَنَّهُ كَانَ أَمْرً زَهِيدً سُلُوكُهُ فِي خَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ حَتَّى اتَّخَذَ إِيزَابَلَ ابْنَةَ أَثْبَعَلَ مَلِكِ الصَّيْدُونِيِّينَ أمْرَأَةً، وَعَبَدَ الْبَعْلَ وَسَجَدَ لَهُ. 1 مل 16: 31). 24
كذلك فإن كثيرًا ما ورد في الكتاب المقدس، شخصًا ينسب إلى جده باعتباره والده، مثل يكنيا الذي ينسب ليوشيا باعتباره أبوه (وَيُوشِيَّا وَلَدَ يَكُنْيَا وَإِخْوَتَهُ عِنْدَ سَبْيِ بَابِلَ. مت 1: 11) في حين يرد في (وَبَنُو يُوشِيَّا: الْبِكْرُ يُوحَانَانُ، الثَّانِي يَهُويَاقِيمُ، الثَّالِثُ صِدْقِيَّا، الرَّابِعُ شَلُّومُ. وَابْنَا يَهُويَاقِيمَ: يَكُنْيَا وَصِدْقِيَّا.1 أخ 3: 15، 16) أن يكنيا هو ابن أبن يوشيا، وكذلك فقد دعى آخزيا ابنًا ليهوشافاط والحقيقة أنه ابن ابنه "وَمَلَّكَ سُكَّانُ أُورُشَلِيمَ أَخَزْيَا ابْنَهُ الأَصْغَرَ عِوَضً عَنْهُ لأَنَّ جَمِيعَ الأَوَّلِينَ قَتَلَهُمُ الْغُزَاةُ الَّذِينَ جَاءُوا مَعَ الْعَرَبِ إِلَى الْمَحَلَّةِ. فَمَلَكَ أَخَزْيَا بْنُ يَهُورَامَ مَلِكِ يَهُوذَا. وَطَلَبَ أَخَزْيَا فَأَمْسَكُوهُ وَهُوَ مُخْتَبِئٌ فِي السَّامِرَةِ وَأَتُوا بِهِ إِلَى يَاهُو وَقَتَلُوهُ وَدَفَنُوهُ لأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّهُ ابْنُ يَهُوشَافَاطَ الَّذِي طَلَبَ الرَّبَّ بِكُلِّ قَلْبِهِ. فَلَمْ يَكُنْ لِبَيْتِ أَخَزْيَا مَنْ يَقْوَى عَلَى الْمَمْلَكَةِ" (2 أخ 22: 1، 9).
وهكذا ذكر طوبيا شلمناسر وسنحاريب ولم يذكر سرجون للأسباب التالية:
I. في عصر شلمناصر إحتل الآشوريين كل البلاد فيما عدا السامرة، بعد أن عصى عليه هوشع وتحالف مع ملك مصر ضده.
II. الملك سنحاريب (704 - 682 ق.م.) والذي اعتلى العرش بعد سرجون الثاني، هو الذي ضربه الرب حين الاستيلاء على أورشليم في أيام حزقيا الملك، وقد قتله إبناه عندما كان يسجد في هيكل الإله نسروخ وهربا إلى آرارات، وقد اهتم الكتاب المقدس كعادته بجوهر القصة ولم يورد التفاصيل الفرعية.
III. كان سرجيون الثاني مشغولًا بقمع الثورات الداخلية في الإمبراطورية، مثل ثورة مردوخ في سنة 721 ق.م. الذي استطاع الاستقلال بحكم بابل عشر سنوات قبل قمعه، والثورات التي قامت في حماة وغزة ودمشق والسامرة ورفح، حيث هزمها جميعًا في معركة قرقر، وثورة (ميتاأوميداس) ملك فريجية التي أقمعها في معركة كركميش، كما هاجم سرجون نفسه أوروراتو (آرارات حاليًا) وحطمها، ثم ثورة (آزورى) ملك أشدود مع بعض المدن الفلسطينية بالتحالف مع ملك مصر، ولكنه سحقها جميعًا في سنة 711 ق.م.، كما قام بانتصارات مختلفة في سنة 710 ق.م. في سوريا وفلسطين وآرارات وغيرها، وقد نعم ببعض الهدوء في أواخر حياته فقام بأعمال تشييد كثيرة وقد قتل سنة 705 ق.م. في مناوشة على الحدود مع آسيا الصغرى، ودفن بعيدًا عن وطنه ومن هنا يتضح السبب في إغفال السفر لسرجون الثاني
5. ورد في كتابات سترابو STRABO المؤرخ الشهير، أن راجيس مدينة بناها سلوقس نكانور في سنة 300 ق.م.، في حين يذكر السفر أن رعوئيل سكن في راجيس (في القرن السابع ق.م.).
الرد
قد ينسب بناء مدينة واحدة لأكثر من شخص، عندما يقوم الشخص الثاني بإعادة البناء والإضافة والتوسع، وقد حدث ذلك كثيرًا.
6. ورد في السفر أن كل من رعوئيل حمو طوبيا، وغابليوس مدين طوبيا، قد سكنا في مدينة راجيس، في حين يذكر السفر نفسه، أن الملاك روفائيل سافر من عند رعوئيل إلى غابليوس لإسترداد الوديعة، فكيف ذلك وهي مدينة واحدة؟
الرد
هناك احتمالين لذلك، الأول أن يكون رعوئيل قد سكن في أحد طرفى المدينة الكبيرة راجيس، بينما سكن غابليوس في الطرف الآخر، أما الاحتمال الثاني فهو أن يكون أحدهما وكليهما قد سكن في ضواحى وقرى بالقرب من تلك المدينة، وأستخدم الاسم راجيس للتعبير عنها باعتبارها الأشهر، مثلما يطلق على القاهرة مصر والعكس.
7. ذكر في السفر أن طوبيا اصطاد سمكة من نهر دجلة، في حين أن هذا النهر لا يقع على الطريق من نينوى إلى راجيس.
الرد
بالرجوع إلى خريطة الإمبراطورية الآشورية، يتضح لنا أن أحد فروع نهر دجلة
الرئيسية، يمتد شرقًا حتى يصل إلى أكبتانا (أحمتا) حيث تقع راجيس هناك (أنظر
الخريطة).
8. كيف يصف السفر الملاك كاذبًا؟ إذ يقول أنه عزريا بن حننيا العظيم وأنه من سبط منسى؟
الرد
ظهور الملاك متخفيًا ، ورد كثيرًا في أسفار العهد القديم، وفي قصص الآباء،
ويمكننا أن نعتبر اسم الملاك روفائيل الذي اتخذ لنفسه باعتباره معنى لمهمته،
فيكون المعنى هكذا: قوة الله (عزريا) ابن حننيا العظيم وهو المعنى الذي يتفق مع
دوره في الرحلة، وأما قوله أنه من
سبط منسى
فهذا يعني أنه مكلف بمساعدة شخص من
نفس السبط (راجع زيارة الملائكة لإبراهيم ولوط.. وصراع الملاك مع يعقوب... إلخ).
9. كيف يمكن لشاب أعزل أن يصطاد حوتًا ، وكيف يمكن أن تحيا الحيتان في الأنهار في حين أن مكانها المحيطات؟
الرد
جميع الترجمات اليونانية والإنجليزية والقبطية، أوردتها (سمكة كبيرة) وليست
حوتًا ، وقد ترجع التسمية إلى الرغبة في الإشارة إلى كبر السمكة، كذلك تجدر
الإشارة هنا، إلى أنه وحتى وقت قريب، كان الناس في صلواتهم يقولون عن الخمس
خبزات والسمكتين (خمس خبزات وحوتان !) وقد وردت على هذا النحو في بعض الأجابى
القديمة.
10. كيف تبرأ عيني طوبيا بدهنهما بمرارة الحوت؟
الرد
الوصفات الطبية الشعبية، كانت معروفة ومتداولة، ومازالت حتى اليوم في كثير من
القرى وبين عرب البادية، غير أن الذي شفى طوبيا هو إيمانه مع العمل الخفي للروح
القدس، وهذا ما يحدث في سر مسحة المرضى من استخدام زيت قهل يعقل أن الزيت لوحده
(دون قوة الله يشفي؟) طبعا لا ولم نسمع هذا الاعتراض من أحد خاصة أن الإنجيل
المقدس يقول أن الرسل شفوا أناس كثيرين به (مرقس 6: 13) (وَأَخْرَجُوا
شَيَاطِينَ كَثِيرَةً وَدَهَنُوا بِزَيْتٍ مَرْضَى كَثِيرِينَ فَشَفَوْهُمْ.)
مع أن مادة الزيت لا تشفي وحدها ولكن الاعتراض أساسه موجه لعمل الله في الأسرار
لأنهم ينكرون حدوث استخدام الله لهذه المواد لأيصال نعمته (راجع التعليق على
النص).
11. كيف يتسنى للشيطان أن يقتل أزواج سارة السبعة ومن أين له هذا السلطان على أرواح البشر .؟
الرد
واضح في الكتاب المقدس أن الله سمح للشيطان بتجربة البشر، ومن البشر من مات
بسبب تعذيب الشيطان له، والسيد المسيح نفسه يصف الشيطان بأنه قتال للناس (أَنْتُمْ
مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا.
ذَاكَ كَانَ قَتَّالً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ
لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا
يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ. يو 8: 44)
كما تسبب الشيطان كثيرًا في إشعال الحروب مما تسبب عنها هلاك كثيرين، ومع ذلك
فإنه لم يستطع أن يؤذي طوبيا وذلك لأنه بار ومتكل على الرب (حسب الترجمة
اللاتينية).
12. ماذا يعني أن الملاك طرد الشيطان وأوثقه في برية مصر؟
الرد
معروف أن برية مصر العليا التي مقرها طيبة الأقصر الآن (حسب النص اللاتيني)
وهي صعيد مصر، كانت مليئة في ذلك الوقت بهياكل الوثنية والتي تسكنها الشياطين،
كما أنه كان هناك اعتقاد، في ذلك الوقت، بأن مصر هي آخر حدود العالم، إذ كانت
تمثل الحدود الجنوبية للإمبراطورية الآشورية، فهو بالتالي، قد طرد خارج العالم
!، وكما أن مصر هي آخر الحدود الجنوبية، فهذا يعني أنه قد طرح إلى أسفل!
25
في ذلك الوقت أيضًا كانت منطقة طيبة (الأقصر) تشهد نشاطًا دينيًا ملحوظًا ،
حيث يوجد الإله آمون، معبود مصر كلها إذن أن زمان كتابة السفر يتزامن مع الأسرة
الحادية والعشرون للخامسة والعشرون وهم المعروفون في التاريخ المصري القديم
بأسر الكهنة لأن كهنة آمون استطاعوا إعتلاء عرش البلاد وشهد الدين نشاطا ملحوظا
وتأثيرا قوي جدًا في هذه الفترة فإذن كل ما عمله الملاك هو قصر نشاط هذا الشيطان
على دائرته ومنطقة نفوذه الوثنية فقط.
13. كيف يتسبب وسخ العصفور الصغير في فقدان البصر .؟
الرد
العين عضو حساس في الجسم، يتأثر سريعًا لاسيّما باليوريا والأمونيا، التي
يحتوي عليها وسخ العصفور، وقد يكون طوبيا قد عالجها في البداية بطريقة خاطئة،
أضف إلى ذلك أنه كان قد قارب الستين من عمره، والعين في مثل هذا السن لا تكون
بقوتها في الشباب (أنظر تعليقنا على الإصحاح الثاني).
14. يذكر السفر أن طوبيا والملاك، كان يتبعهما كلب، وهو الأمر غير المألوف لدى اليهود، إذ تعد الكلاب في نظرهم ضمن الحيوانات النجسة، فكيف ذلك .؟
الرد
يجب ألا ننسى أن القصة قد حدثت خارج أورشليم، مما يغفر بعض التجاوزات، وقد تكون
عادة اقتناء
كلب للترفيه، قد اكتسبت في ذلك السبي، وفي ميمر للقديس يوحنا ذهبي
الفم، يرد أن طوبيا تبعه
كلب من مواشيهم،
26
أي أن
الكلب
كان موجودًا بغرض الحراسة (وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ضَحِكَ
عَلَيَّ مَنْ يَصْغُرُنِي فِي الأَيَّامِ الَّذِينَ كُنْتُ أَسْتَنْكِفُ مِنْ
أَنْ أَجْعَلَ آبَاءَهُمْ مَعَ
كِلاَبِ غَنَمِي.
راجع أي 30: 1 وتعليقنا
على النص) كما يجب أن نجاسة
الكلب
في الأكل فقط وليس في الانتفاع به وهذا أمر
تعرض له اليهود كثيرا في شروحاتهم على التوراة - راجع مثلًا باب عفوداه زاره في
التلمود (العبادة الأجنبية) إذ يقررون أن الانتفاع بشيء محرم أكله لا يعني
تحليله بل الأكل شيء واستخدامه في بعض المواد النافعة شيء - فمثلا دباغة الجلود
تضطر الشخص إلى ملامسة جثث الحيوانات وسلخها وهو الأمر الذي يسبب نجاسة لدى
اليهود لكن لم نسمع أن شخص ما اعترض على استخدام جلود هذه الحيوانات على الرغم
من أنها في عملية السلخ والدباغة تسبب نجاسة.
15. ورد في السفر أن طوبيا الشيخ تنبأ قبل موته بإعادة بناء أورشليم والهيكل، في حين أن السبي البابلي لم يكن قد تمّ بعد فكيف ذلك؟
الرد
طوبيا شأنه هنا، شأن جميع الأنبياء الذين تنبأوا عن أمور لم تكن قد حدثت وكأنها
حدثت في الماضي، فالنبوة هنا تسبق الحدث نفسه. ويقول بولس الرسول في (عبرانيين
11: 13) (فِي الإِيمَانِ مَاتَ هَؤُلاَءِ أَجْمَعُونَ، وَهُمْ لَمْ
يَنَالُوا الْمَوَاعِيدَ، بَلْ مِنْ بَعِيدٍ نَظَرُوهَا وَصَدَّقُوهَا
وَحَيُّوهَا، وَأَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ عَلَى الأَرْضِ.)
وموضوع النبوة هو وحي إلهي كما تذكر كلمة الله فهل يستحيل على الله الإنباء
بهذا الأمر؟! (2 بطرس 1: 21) (لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ
بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللَّهِ الْقِدِّيسُونَ
مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ).
16. يرد في الحديث عن رحلة الرجوع إلى نينوى أنهما (طوبيا والملاك) وصلا إلى حاران بالقرب من نينوى، في حين أن حاران تقع غرب نينوى فكيف ذلك .؟
الرد
هناك عدة ردود على هذه النقطة البسيطة:
أن المنطقة كان فيها الكثير من القلاقل بسبب ثورة مردوخ بلدان، مما كان يحتم على القادم من أحمتا الدوران والمرور عن طريق حاران في الغرب. - راجع تاريخ هذه المنطقة في هذه الفترة التاريخية من ثورات وقالئل شمالية.
تعني كلمة حاران، لغويًا: قافلة، فيكون المعنى أن طوبيا بلغ القافلة التي كانت أمامه من عبيد وإماء ومواشي وأموال (هبة رعوئيل له).
ومن معاني حاران أيضًا لغويًا: طريق، فيصبح المعنى أن طوبيا وصل إلى طريق القوافل، حيث كانت هناك طرق خاصة للقوافل التجارية.
وظاهرة إطلاق اسم مدينة كبيرة على منطقة صغيرة موجودة ومعروفة ليومنا هذا كما في القديم فكانت هناك هناك قرية صغيرة تحمل نفس الاسم وتقع شرق نينوى .
في الترجمة اليونانية (التي اعتمدنا عليها) يرد أنهم وصلوا إلى بلدة قصرين (أربيل) وتقع بالفعل شرق نينوى.
أخيرًا:
سيكون من اللائق والضروري (حتى لراحة العقل وعدم قلقه) الخضوع لكلمة الله في السفر، فهو مليء بالكنوز اللاهوتية والعقائدية والروحية، بل والأدبية والفنية، لا يليق بنا تجاوزها.
وإلى كل من يقف حائرًا أمام بعض أجزاء من الكتاب المقدس، يقول القديس أغسطينوس:
"ولكن إفهم قبل كل شيء أنه لا يجوز لك أن تضطرب إذا لم تفهم الكتاب المقدس، بل إصبر باحترام إلى أن ينكشف أمامك معناه الخفى... عمق كلمة الله يروّض الذوق ولا يلغى العقل، لو كان كل شيء مغلقًا لما كان مجال لكشف الستار عما هو ظلمة.. إن الله لم يحجب كنوز الكتاب المقدس لمنعها عن عقول الناس بل لكي يذكى الشوق إلى معرفتها.. إحترم في الكتاب مالا تفهم وزد له احترامًا كلما زاد إحتجابًا عن ناظريك، وفي الواقع فإن احترام الشخص يزداد كلما ازدادت الحجب في بيته، أمّا الذين يسخرون منها (يشكون في بعضها) فالدنو إليها محظور عليهم.. وبالتالي لا تمل إلى الأضاليل، ولا تتهم الكتاب إن لم تفهمه". 27
← تفاسير أصحاحات طوبيا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/6nq42yv