محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
طوبيا: |
واغتَمَّت نَفْسي فنُحتُ وبَكَيتُ وبَدَأتُ أُصَلِّي بِأَنين: 2 ((عادِلٌ أَنتَ، يا ربّ وأَعْمالُك كُلُّها عادِلَة وطُرُقُكَ كُلُّها رَحمَةٌ وحَقّ. أَنتَ تَدينُ العالَم. 3 فاذكُرْني الآنَ، يا ربُّ، وانظُرْ إِلَيَّ ولا تُعاقِبْني على خَطاياي ولا على جَهالاتي وجَهالاتِ آبائي. لِأَنَّنا خَطِئْنا إِلَيكَ 4 ولَم نُطِعْ وَصاياكَ. فأَسلَمتَنا إِلى النَّهْبِ والجَلاء والمَوت إِلى الأُحْدوثَة والأضْحوكَةِ والشَّتيمة في جَميعَ الأُمَمِ الَّتي شَتَّتَّنا بَينَها. 5 والآنَ فجَميعُ أَحْكامِكَ صادِقة إِذا عامَلتَني بِحَسَبِ خَطايايَ وخَطايا آبائي لأِنَّنا لم نَعمَلْ بِوَصاياكَ ولَم نَسلُكْ بِحَقٍّ أَمامَكَ. 6 والآنَ فبِحَسَبِ ما يُرْضيكَ عامِلْني ومُرْ أَن تُستَرَدَّ روحي مِنِّي لِكَي أَزولَ مِن وَجْهِ الأَرض فأُصبِحَ تُرابً . فالمَوت لي خَيرٌ مِنَ الحَياة لِأَنِّي سَمِعتُ شَتائِمَ كاذِبَة وبي غَمٌّ شديد. يا رَبّ، مُرْ أَن أَنجُوَ مِن هذه الشِّدَّة. دَعْني أَمْضي إِلى المُقام الأَبديّ ولا تعرِضْ، يا ربّ، بَوَجْهِكَ عنِّي فالمَوت لي خَيرٌ مِن مُشاهَدةِ ضيق شَديدٍ في حَياتي ومِن سَماعي الشَّتائم.
طوبيا هنا يعبر عن الطبيعة البشرية التي تئن تحت وطأة الضغوط النفسية القاسية، وهو يلجأ إلى الصلاة والدموع بدلًا من أن يركن إلى اليأس، فلقد عانى مثل هذه الآلام، موسى النبي حين أخطأ الشعب واستحق عقاب الله، فطلب لنفسه الموت (فَإِنْ كُنْتَ تَفْعَلُ بِي هَكَذَا فَاقْتُلنِي قَتْلً إِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَلا أَرَى بَلِيَّتِي (عد 11: 15) وكذلك إيليا النبي ضاق به الأمر فاشتهَى الموت (ثُمَّ سَارَ فِي الْبَرِّيَّةِ مَسِيرَةَ يَوْمٍ، حَتَّى أَتَى وَجَلَسَ تَحْتَ رَتَمَةٍ وَطَلَبَ الْمَوْتَ لِنَفْسِهِ، وَقَالَ: قَدْ كَفَى الآنَ يَا رَبُّ! خُذْ نَفْسِي لأَنِّي لَسْتُ خَيْرً مِنْ آبَائِي.! (1 مل 19: 4) وأيوب الصديق (فَاخْتَارَتْ نَفْسِي الْخَنْقَ وَالْمَوْتَ عَلَى عِظَامِي هَذِهِ. (أي 7: 15) ويونان النبي (فَالآنَ يَا رَبُّ خُذْ نَفْسِي مِنِّي لأَنَّ مَوْتِي خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِي، وَحَدَثَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَنَّ اللَّهَ أَعَدَّ رِيحً شَرْقِيَّةً حَارَّةً فَضَرَبَتِ الشَّمْسُ عَلَى رَأْسِ يُونَانَ فَذَبُلَ فَطَلَبَ لِنَفْسِهِ الْمَوْتَ وَقَالَ: «مَوْتِي خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِي». (يون 4: 3، 8).
وطلب الموت هنا هو تعبير عن شدة الآلام والاحتياج إلى معونة عاجلة، وأما عبارة طوبيا هنا (ومُرْ أَن مِن وَجْهِ الأَرض فأُصبِحَ تُرابً) فقد عاد فأوضح المقصود منها (مُرْ أَن أَنجُوَ مِن هذه الشِّدَّة) وهكذا فهي لا تعني اليأس في مفهزمه المجرّد.
علينا إذا أن نلجأ إلى الله عندما تشتد بنا الآلام، وسوف تهبنا الصلاة في حضرته، السلام الذي ننشده، وسوف نستدرّ مراحم الله بدموعنا والتي تجد الطريق إليه في سهولة ويسر.
صلاة طوبيا، صلاة يهودية تقليدية أصيلة، فنفس التركيب والفكر، والعبارات، رددّها قبله الكثير من الأنبياء مثل موسى (حَافِظُ الْإِحْسَانِ إِلَى أُلُوفٍ. غَافِرُ الْإِثْمِ وَالْمَعْصِيَةِ وَالْخَطِيَّةِ. وَلَكِنَّهُ لَنْ يُبْرِئَ إِبْرَاءً . مُفْتَقِدٌ إِثْمَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ وَفِي أَبْنَاءِ الأَبْنَاءِ فِي الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِ (خر 34: 7) وعزرا الكاهن (وَقُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَخْجَلُ وَأَخْزَى مِنْ أَنْ أَرْفَعَ يَا إِلَهِي وَجْهِي نَحْوَكَ لأَنَّ ذُنُوبَنَا قَدْ كَثُرَتْ فَوْقَ رُؤُوسِنَا وَآثَامَنَا تَعَاظَمَتْ إِلَى السَّمَاءِ. مُنْذُ أَيَّامِ آبَائِنَا نَحْنُ فِي إِثْمٍ عَظِيمٍ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ. وَلأَجْلِ ذُنُوبِنَا قَدْ دُفِعْنَا نَحْنُ وَمُلُوكُنَا وَكَهَنَتُنَا لِيَدِ مُلُوكِ الأَرَاضِي لِلسَّيْفِ وَالسَّبْيِ وَالنَّهْبِ وَخِزْيِ الْوُجُوهِ كَهَذَا الْيَوْمِ. وَالآنَ كَلُحَيْظَةٍ كَانَتْ رَأْفَةٌ مِنْ لَدُنِ الرَّبِّ إِلَهِنَا لِيُبْقِيَ لَنَا نَجَاةً وَيُعْطِيَنَا وَتَدً فِي مَكَانِ قُدْسِهِ لِيُنِيرَ إِلَهُنَا أَعْيُنَنَا وَيُعْطِيَنَا حَيَاةً قَلِيلَةً فِي عُبُودِيَّتِنَا. لأَنَّنَا عَبِيدٌ نَحْنُ وَفِي عُبُودِيَّتِنَا لَمْ يَتْرُكْنَا إِلَهُنَا بَلْ بَسَطَ عَلَيْنَا رَحْمَةً أَمَامَ مُلُوكِ فَارِسَ لِيُعْطِيَنَا حَيَاةً لِنَرْفَعَ بَيْتَ إِلَهِنَا وَنُقِيمَ خَرَائِبَهُ وَلْيُعْطِيَنَا حَائِطً فِي يَهُوذَا وَفِي أُورُشَلِيمَ.وَالآنَ فَمَاذَا نَقُولُ يَا إِلَهَنَا بَعْدَ هَذَا لأَنَّنَا قَدْ تَرَكْنَا وَصَايَاكَ. الَّتِي أَوْصَيْتَ بِهَا عَنْ يَدِ عَبِيدِكَ الأَنْبِيَاءِ قَائِلً: إِنَّ الأَرْضَ الَّتِي تَدْخُلُونَ لِتَمْتَلِكُوهَا هِيَ أَرْضٌ مُتَنَجِّسَةٌ بِنَجَاسَةِ شُعُوبِ الأَرَاضِي بِرَجَاسَاتِهِمِ الَّتِي مَلَأُوهَا بِهَا مِنْ جِهَةٍ إِلَى جِهَةٍ بِنَجَاسَتِهِمْ. وَالآنَ فَلاَ تُعْطُوا بَنَاتِكُمْ لِبَنِيهِمْ وَلاَ تَأْخُذُوا بَنَاتِهِمْ لِبَنِيكُمْ وَلاَ تَطْلُبُوا سَلاَمَتَهُمْ وَخَيْرَهُمْ إِلَى الأَبَدِ لِتَتَشَدَّدُوا وَتَأْكُلُوا خَيْرَ الأَرْضِ وَتُورِثُوا بَنِيكُمْ إِيَّاهَا إِلَى الأَبَدِ. وَبَعْدَ كُلِّ مَا جَاءَ عَلَيْنَا لأَجْلِ أَعْمَالِنَا الرَّدِيئَةِ وَآثَامِنَا الْعَظِيمَةِ - لأَنَّكَ قَدْ جَازَيْتَنَا يَا إِلَهَنَا أَقَلَّ مِنْ آثَامِنَا وَأَعْطَيْتَنَا نَجَاةً كَهَذِهِ. أَفَنَعُودُ وَنَتَعَدَّى وَصَايَاكَ وَنُصَاهِرُ شُعُوبَ هَذِهِ الرَّجَاسَاتِ؟ أَمَا تَسْخَطُ عَلَيْنَا حَتَّى تُفْنِيَنَا فَلاَ تَكُونُ بَقِيَّةٌ وَلاَ نَجَاةٌ.؟ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ أَنْتَ بَارٌّ لأَنَّنَا بَقِينَا نَاجِينَ كَهَذَا الْيَوْمِ. هَا نَحْنُ أَمَامَكَ فِي آثَامِنَا لأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَقِفَ أَمَامَكَ مِنْ أَجْلِ هَذَا (عز 9: 6 - 15) ونحميا (وَقُلْتُ: أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهُ السَّمَاءِ الإِلَهُ الْعَظِيمُ الْمَخُوفُ الْحَافِظُ الْعَهْدَ وَالرَّحْمَةَ لِمُحِبِّيهِ وَحَافِظِي وَصَايَاهُ. لِتَكُنْ أُذْنُكَ مُصْغِيَةً وَعَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَيْنِ لِتَسْمَعَ صَلاَةَ عَبْدِكَ الَّذِي يُصَلِّي إِلَيْكَ الآنَ نَهَارً وَلَيْلً لأَجْلِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَبِيدِكَ وَيَعْتَرِفُ بِخَطَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي أَخْطَانَا بِهَا إِلَيْكَ. فَإِنِّي أَنَا وَبَيْتُ أَبِي قَدْ أَخْطَانَا. لَقَدْ أَفْسَدْنَا أَمَامَكَ وَلَمْ نَحْفَظِ الْوَصَايَا وَالْفَرَائِضَ وَالأَحْكَامَ الَّتِي أَمَرْتَ بِهَا مُوسَى عَبْدَكَ. اذْكُرِ الْكَلاَمَ الَّذِي أَمَرْتَ بِهِ مُوسَى عَبْدَكَ قَائِلً: إِنْ خُنْتُمْ فَإِنِّي أُفَرِّقُكُمْ فِي الشُّعُوبِ. وَإِنْ رَجَعْتُمْ إِلَيَّ وَحَفِظْتُمْ وَصَايَايَ وَعَمِلْتُمُوهَا إِنْ كَانَ الْمَنْفِيُّونَ مِنْكُمْ فِي أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ فَمِنْ هُنَاكَ أَجْمَعُهُمْ وَآتِي بِهِمْ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي اخْتَرْتُ لإِسْكَانِ اسْمِي فِيهِ. فَهُمْ عَبِيدُكَ وَشَعْبُكَ الَّذِي افْتَدَيْتَ بِقُوَّتِكَ الْعَظِيمَةِ وَيَدِكَ الشَّدِيدَةِ. يَا سَيِّدُ لِتَكُنْ أُذْنُكَ مُصْغِيَةً إِلَى صَلاَةِ عَبْدِكَ وَصَلاَةِ عَبِيدِكَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ مَخَافَةَ اسْمِكَ. وَأَعْطِ النَّجَاحَ الْيَوْمَ لِعَبْدِكَ وَأمْنَحْهُ رَحْمَةً أَمَامَ هَذَا الرَّجُلِ. لأَنِّي كُنْتُ سَاقِيً لِلْمَلِكِ (نح 1: 5 - 11)،أَنْتَ هُوَ الرَّبُّ الإِلَهُ الَّذِي اخْتَرْتَ أَبْرَامَ وَأَخْرَجْتَهُ مِنْ أُورِ الْكِلْدَانِيِّينَ وَجَعَلْتَ اسْمَهُ إِبْرَاهِيمَ. وَوَجَدْتَ قَلْبَهُ أَمِينً أَمَامَكَ وَقَطَعْتَ مَعَهُ الْعَهْدَ أَنْ تُعْطِيَهُ أَرْضَ الْكَنْعَانِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ وَالْجِرْجَاشِيِّينَ وَتُعْطِيَهَا لِنَسْلِهِ. وَقَدْ أَنْجَزْتَ وَعْدَكَ لأَنَّكَ صَادِقٌ. وَرَأَيْتَ ذُلَّ آبَائِنَا فِي مِصْرَ وَسَمِعْتَ صُرَاخَهُمْ عِنْدَ بَحْرِ سُوفٍ وَأَظْهَرْتَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ عَلَى فِرْعَوْنَ وَعَلَى جَمِيعِ عَبِيدِهِ وَعَلَى كُلِّ شَعْبِ أَرْضِهِ لأَنَّكَ عَلِمْتَ أَنَّهُمْ بَغُوا عَلَيْهِمْ وَعَمِلْتَ لِنَفْسِكَ اسْمً كَهَذَا الْيَوْمِ. وَفَلَقْتَ الْيَمَّ أَمَامَهُمْ وَعَبَرُوا فِي وَسَطِ الْبَحْرِ عَلَى الْيَابِسَةِ وَطَرَحْتَ مُطَارِدِيهِمْ فِي الأَعْمَاقِ كَحَجَرٍ فِي مِيَاهٍ قَوِيَّةٍ. وَهَدَيْتَهُمْ بِعَمُودِ سَحَابٍ نَهَارً وَبِعَمُودِ نَارٍ لَيْلً لِتُضِيءَ لَهُمْ فِي الطَّرِيقِ الَّتِي يَسِيرُونَ فِيهَا.وَنَزَلْتَ عَلَى جَبَلِ سِينَاءَ وَكَلَّمْتَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَأَعْطَيْتَهُمْ أَحْكَامً مُسْتَقِيمَةً وَشَرَائِعَ صَادِقَةً فَرَائِضَ وَوَصَايَا صَالِحَةً .وَعَرَّفْتَهُمْ سَبْتَكَ الْمُقَدَّسَ وَأَمَرْتَهُمْ بِوَصَايَا وَفَرَائِضَ وَشَرَائِعَ عَنْ يَدِ مُوسَى عَبْدِكَ. وَأَعْطَيْتَهُمْ خُبْزً مِنَ السَّمَاءِ لِجُوعِهِمْ وَأَخْرَجْتَ لَهُمْ مَاءً مِنَ الصَّخْرَةِ لِعَطَشِهِمْ وَقُلْتَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا وَيَرِثُوا الأَرْضَ الَّتِي رَفَعْتَ يَدَكَ أَنْ تُعْطِيَهُمْ إِيَّاهَا. [وَلَكِنَّهُمْ بَغُوا هُمْ وَآبَاؤُنَا وَصَلَّبُوا رِقَابَهُمْ وَلَمْ يَسْمَعُوا لِوَصَايَاكَ وَأَبُوا الاِسْتِمَاعَ وَلَمْ يَذْكُرُوا عَجَائِبَكَ الَّتِي صَنَعْتَ مَعَهُمْ وَصَلَّبُوا رِقَابَهُمْ. وَعِنْدَ تَمَرُّدِهِمْ أَقَامُوا رَئِيسً لِيَرْجِعُوا إِلَى عُبُودِيَّتِهِمْ. وَأَنْتَ إِلَهٌ غَفُورٌ وَحَنَّانٌ وَرَحِيمٌ طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ فَلَمْ تَتْرُكْهُمْ. مَعَ أَنَّهُمْ عَمِلُوا لأَنْفُسِهِمْ عِجْلً مَسْبُوكً وَقَالُوا: هَذَا إِلَهُكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ مِصْرَ وَعَمِلُوا إِهَانَةً عَظِيمَةً أَنْتَ بِرَحْمَتِكَ الْكَثِيرَةِ لَمْ تَتْرُكْهُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ وَلَمْ يَزُلْ عَنْهُمْ عَمُودُ السَّحَابِ نَهَارً لِهِدَايَتِهِمْ فِي الطَّرِيقِ وَلاَ عَمُودُ النَّارِ لَيْلً لِيُضِيءَ لَهُمْ فِي الطَّرِيقِ الَّتِي يَسِيرُونَ فِيهَا. وَأَعْطَيْتَهُمْ رُوحَكَ الصَّالِحَ لِتَعْلِيمِهِمْ وَلَمْ تَمْنَعْ مَنَّكَ عَنْ أَفْوَاهِهِمْ وَأَعْطَيْتَهُمْ مَاءً لِعَطَشِهِمْ وَعُلْتَهُمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي الْبَرِّيَّةِ فَلَمْ يَحْتَاجُوا. لَمْ تَبْلَ ثِيَابُهُمْ وَلَمْ تَتَوَرَّمْ أَرْجُلُهُمْ. وَأَعْطَيْتَهُمْ مَمَالِكَ وَشُعُوبً وَفَرَّقْتَهُمْ إِلَى جِهَاتٍ فَأمْتَلَكُوا أَرْضَ سِيحُونَ وَأَرْضَ مَلِكِ حَشْبُونَ وَأَرْضَ عُوجٍ مَلِكِ بَاشَانَ. وَأَكْثَرْتَ بَنِيهِمْ كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَأَتَيْتَ بِهِمْ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي قُلْتَ لِآبَائِهِمْ أَنْ يَدْخُلُوا وَيَرِثُوهَا. فَدَخَلَ الْبَنُونَ وَوَرِثُوا الأَرْضَ وَأَخْضَعْتَ لَهُمْ سُكَّانَ أَرْضِ الْكَنْعَانِيِّينَ وَدَفَعْتَهُمْ لِيَدِهِمْ مَعَ مُلُوكِهِمْ وَشُعُوبِ الأَرْضِ لِيَعْمَلُوا بِهِمْ حَسَبَ إِرَادَتِهِمْ. وَأَخَذُوا مُدُنً حَصِينَةً وَأَرْضً سَمِينَةً وَوَرِثُوا بُيُوتً مَلآنَةً كُلَّ خَيْرٍ وَآبَارً مَحْفُورَةً وَكُرُومً وَزَيْتُونً وَأَشْجَارً مُثْمِرَةً بِكَثْرَةٍ فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا وَسَمِنُوا وَتَلَذَّذُوا بِخَيْرِكَ الْعَظِيمِ. وَعَصُوا وَتَمَرَّدُوا عَلَيْكَ وَطَرَحُوا شَرِيعَتَكَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ الَّذِينَ أَشْهَدُوا عَلَيْهِمْ لِيَرُدُّوهُمْ إِلَيْكَ وَعَمِلُوا إِهَانَةً عَظِيمَةً . فَدَفَعْتَهُمْ لِيَدِ مُضَايِقِيهِمْ فَضَايَقُوهُمْ. وَفِي وَقْتِ ضِيقِهِمْ صَرَخُوا إِلَيْكَ وَأَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ سَمِعْتَ وَحَسَبَ مَرَاحِمِكَ الْكَثِيرَةِ أَعْطَيْتَهُمْ مُخَلِّصِينَ خَلَّصُوهُمْ مِنْ يَدِ مُضَايِقِيهِمْ. وَلَكِنْ لَمَّا اسْتَرَاحُوا رَجَعُوا إِلَى عَمَلِ الشَّرِّ قُدَّامَكَ فَتَرَكْتَهُمْ بِيَدِ أَعْدَائِهِمْ فَتَسَلَّطُوا عَلَيْهِمْ ثُمَّ رَجَعُوا وَصَرَخُوا إِلَيْكَ. وَأَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ سَمِعْتَ وَأَنْقَذْتَهُمْ حَسَبَ مَرَاحِمِكَ الْكَثِيرَةِ أَحْيَانً كَثِيرَةً . وَأَشْهَدْتَ عَلَيْهِمْ لِتَرُدَّهُمْ إِلَى شَرِيعَتِكَ. وَأَمَّا هُمْ فَبَغُوا وَلَمْ يَسْمَعُوا لِوَصَايَاكَ وَأَخْطَأُوا ضِدَّ أَحْكَامِكَ الَّتِي إِذَا عَمِلَهَا إِنْسَانٌ يَحْيَا بِهَا. وَأَعْطُوا كَتِفً مُعَانِدَةً وَصَلَّبُوا رِقَابَهُمْ وَلَمْ يَسْمَعُوا. فَاحْتَمَلْتَهُمْ سِنِينَ كَثِيرَةً وَأَشْهَدْتَ عَلَيْهِمْ بِرُوحِكَ عَنْ يَدِ أَنْبِيَائِكَ فَلَمْ يُصْغُوا فَدَفَعْتَهُمْ لِيَدِ شُعُوبِ الأَرَاضِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ مَرَاحِمِكَ الْكَثِيرَةِ لَمْ تُفْنِهِمْ وَلَمْ تَتْرُكْهُمْ لأَنَّكَ إِلَهٌ حَنَّانٌ وَرَحِيمٌ. [وَالآنَ يَا إِلَهَنَا الإِلَهَ الْعَظِيمَ الْجَبَّارَ الْمَخُوفَ حَافِظَ الْعَهْدِ وَالرَّحْمَةِ لاَ تَصْغُرْ لَدَيْكَ كُلُّ الْمَشَقَّاتِ الَّتِي أَصَابَتْنَا نَحْنُ وَمُلُوكَنَا وَرُؤَسَاءَنَا وَكَهَنَتَنَا وَأَنْبِيَاءَنَا وَآبَاءَنَا وَكُلَّ شَعْبِكَ مِنْ أَيَّامِ مُلُوكِ أَشُّورَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ. وَأَنْتَ بَارٌّ فِي كُلِّ مَا أَتَى عَلَيْنَا لأَنَّكَ عَمِلْتَ بِالْحَقِّ وَنَحْنُ أَذْنَبْنَا. وَمُلُوكُنَا وَرُؤَسَاؤُنَا وَكَهَنَتُنَا وَآبَاؤُنَا لَمْ يَعْمَلُوا شَرِيعَتَكَ وَلاَ أَصْغُوا إِلَى وَصَايَاكَ وَشَهَادَاتِكَ الَّتِي أَشْهَدْتَهَا عَلَيْهِمْ. وَهُمْ لَمْ يَعْبُدُوكَ فِي مَمْلَكَتِهِمْ وَفِي خَيْرِكَ الْكَثِيرِ الَّذِي أَعْطَيْتَهُمْ وَفِي الأَرْضِ الْوَاسِعَةِ السَّمِينَةِ الَّتِي جَعَلْتَهَا أَمَامَهُمْ وَلَمْ يَرْجِعُوا عَنْ أَعْمَالِهِمِ الرَّدِيئَةِ. هَا نَحْنُ الْيَوْمَ عَبِيدٌ وَالأَرْضَ الَّتِي أَعْطَيْتَ لِآبَائِنَا لِيَأْكُلُوا أَثْمَارَهَا وَخَيْرَهَا هَا نَحْنُ عَبِيدٌ فِيهَا وَغَلاَّتُهَا كَثِيرَةٌ لِلْمُلُوكِ الَّذِينَ جَعَلْتَهُمْ عَلَيْنَا لأَجْلِ خَطَايَانَا وَهُمْ يَتَسَلَّطُونَ عَلَى أَجْسَادِنَا وَعَلَى بَهَائِمِنَا حَسَبَ إِرَادَتِهِمْ وَنَحْنُ فِي كَرْبٍ عَظِيمٍ. (نح 9: 6 - 37) وداود (كُلُّ سُبُلِ الرَّبِّ رَحْمَةٌ وَحَقٌّ لِحَافِظِي عَهْدِهِ وَشَهَادَاتِهِ. (مز 25: 10، 10)، جَعَلْتَنَا كَالضَّأْنِ أَكْلً . ذَرَّيْتَنَا بَيْنَ الأُمَمِ. (مز 44: 11)، حَوِّلْ عَيْنَيَّ عَنِ النَّظَرِ إِلَى الْبَاطِلِ. فِي طَرِيقِكَ أَحْيِنِي. (مز 119: 37) وباروخ ( لانتا خطئنا إلى الرب إلهنا. وعصيناه ولم نسمع له ونسلك في وصاياه التي أعطاها لنا. فمنذ اخرج آباءنا من ارض مصر إلى اليوم ونحن نعصيه ولا نصغي إلى وعيده. حتى لحق بنا الشر الذي هددنا به الرب بواسطة عبده موسى يوم اخرج آباءنا من ارض مصر ليعطينا أرضا تدر لبنا وعسلا كما في هذا اليوم. ومع ذلك لم نسمع لصوت الرب إلهنا ولا لجميع كلام الأنبياء الذين أرسلهم إلينا. بل تبع كل واحد منا أهواء قلبه الشرير واخذ يعبد آلهة غريبة ويقترف الذنوب أمام الرب إلهنا. ومضينا كل واحد على إصرار قلبه الشرير عابدين آلهة آخر صانعين الشر أمام عيني الرب إلهنا (با 1: 17 - 22؛ 2: 4، 3: 8) ودانيال (وَصَلَّيْتُ إِلَى الرَّبِّ إِلَهِي وَاعْتَرَفْتُ وَقُلْتُ: [أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلَهُ الْعَظِيمُ الْمَهُوبُ حَافِظَ الْعَهْدِ وَالرَّحْمَةِ لِمُحِبِّيهِ وَحَافِظِي وَصَايَاهُ. أَخْطَأْنَا وَأَثِمْنَا وَعَمِلْنَا الشَّرَّ وَتَمَرَّدْنَا وَحِدْنَا عَنْ وَصَايَاكَ وَعَنْ أَحْكَامِكَ. وَمَا سَمِعْنَا مِنْ عَبِيدِكَ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ بِاسْمِكَ كَلَّمُوا مُلُوكَنَا وَرُؤَسَاءَنَا وَآبَاءَنَا وَكُلَّ شَعْبِ الأَرْضِ. لَكَ يَا سَيِّدُ الْبِرُّ أَمَّا لَنَا فَخِزْيُ الْوُجُوهِ كَمَا هُوَ الْيَوْمَ لِرِجَالِ يَهُوذَا وَلِسُكَّانِ أُورُشَلِيمَ وَلِكُلِّ إِسْرَائِيلَ الْقَرِيبِينَ وَالْبَعِيدِينَ فِي كُلِّ الأَرَاضِي الَّتِي طَرَدْتَهُمْ إِلَيْهَا مِنْ أَجْلِ خِيَانَتِهِمِ الَّتِي خَانُوكَ إِيَّاهَا. يَا سَيِّدُ لَنَا خِزْيُ الْوُجُوهِ لِمُلُوكِنَا لِرُؤَسَائِنَا وَلِآبَائِنَا لأَنَّنَا أَخْطَأْنَا إِلَيْكَ. لِلرَّبِّ إِلَهِنَا الْمَرَاحِمُ وَالْمَغْفِرَةُ لأَنَّنَا تَمَرَّدْنَا عَلَيْهِ. وَمَا سَمِعْنَا صَوْتَ الرَّبِّ إِلَهِنَا لِنَسْلُكَ فِي شَرَائِعِهِ الَّتِي جَعَلَهَا أَمَامَنَا عَنْ يَدِ عَبِيدِهِ الأَنْبِيَاءِ. وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَعَدَّى عَلَى شَرِيعَتِكَ وَحَادُوا لِئَلاَّ يَسْمَعُوا صَوْتَكَ فَسَكَبْتَ عَلَيْنَا اللَّعْنَةَ وَالْحَلْفَ الْمَكْتُوبَ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى عَبْدِ اللَّهِ لأَنَّنَا أَخْطَأْنَا إِلَيْهِ. وَقَدْ أَقَامَ كَلِمَاتِهِ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا عَلَيْنَا وَعَلَى قُضَاتِنَا الَّذِينَ قَضُوا لَنَا لِيَجْلِبَ عَلَيْنَا شَرًّ عَظِيمً مَا لَمْ يُجْرَ تَحْتَ السَّمَاوَاتِ كُلِّهَا كَمَا أُجْرِيَ عَلَى أُورُشَلِيمَ. كَمَا كُتِبَ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى قَدْ جَاءَ عَلَيْنَا كُلُّ هَذَا الشَّرِّ وَلَمْ نَتَضَرَّعْ إِلَى وَجْهِ الرَّبِّ إِلَهِنَا لِنَرْجِعَ مِنْ آثَامِنَا وَنَفْطِنَ بِحَقِّكَ. فَسَهِرَ الرَّبُّ عَلَى الشَّرِّ وَجَلَبَهُ عَلَيْنَا لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَنَا بَارٌّ فِي كُلِّ أَعْمَالِهِ الَّتِي عَمِلَهَا إِذْ لَمْ نَسْمَعْ صَوْتَهُ. وَالآنَ أَيُّهَا السَّيِّدُ إِلَهُنَا الَّذِي أَخْرَجْتَ شَعْبَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ بِيَدٍ قَوِيَّةٍ وَجَعَلْتَ لِنَفْسِكَ اسْمً كَمَا هُوَ هَذَا الْيَوْمَ قَدْ أَخْطَأْنَا. عَمِلْنَا شَرًّ . يَا سَيِّدُ حَسَبَ كُلِّ رَحْمَتِكَ اصْرِفْ سَخَطَكَ وَغَضَبَكَ عَنْ مَدِينَتِكَ أُورُشَلِيمَ جَبَلِ قُدْسِكَ إِذْ لِخَطَايَانَا وَلِآثَامِ آبَائِنَا صَارَتْ أُورُشَلِيمُ وَشَعْبُكَ عَارً عِنْدَ جَمِيعِ الَّذِينَ حَوْلَنَا. فَاسْمَعِ الآنَ يَا إِلَهَنَا صَلاَةَ عَبْدِكَ وَتَضَرُّعَاتِهِ وَأَضِئْ بِوَجْهِكَ عَلَى مَقْدِسِكَ الْخَرِبِ مِنْ أَجْلِ السَّيِّدِ. أَمِلْ أُذُنَكَ يَا إِلَهِي وَاسْمَعْ. افْتَحْ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ خِرَبَنَا وَالْمَدِينَةَ الَّتِي دُعِيَ اسْمُكَ عَلَيْهَا لأَنَّهُ لاَ لأَجْلِ بِرِّنَا نَطْرَحُ تَضَرُّعَاتِنَا أَمَامَ وَجْهِكَ بَلْ لأَجْلِ مَرَاحِمِكَ الْعَظِيمَةِ. يَا سَيِّدُ اسْمَعْ. يَا سَيِّدُ اغْفِرْ. يَا سَيِّدُ أَصْغِ وَاصْنَعْ. لاَ تُؤَخِّرْ مِنْ أَجْلِ نَفْسِكَ يَا إِلَهِي لأَنَّ اسْمَكَ دُعِيَ عَلَى مَدِينَتِكَ وَعَلَى شَعْبِكَ]. (دا 9: 4 - 19).
ولكن طوبيا لا يلقى باللوم على الله في تجربته، ولكنه يلوم نفسه وحده هو وآباؤه، فمازالت فكرة الله يفتقد ذنوب الآباء في الأبناء إلى الجيل الثالث والرابع، راسخة في الذهن اليهودي، حيث يُرجع طوبيا السبي بما يتبعه من ظلم وقتل، إلى خطايا الأجداد الذين تركوا الرب وعبدوا البعل وصنعوا شرورًا كثيرة (وَيُبَدِّدُكُمُ الرَّبُّ فِي الشُّعُوبِ فَتَبْقُونَ عَدَدً قَلِيلً بَيْنَ الأُمَمِ التِي يَسُوقُكُمُ الرَّبُّ إِليْهَا. (تث 4: 27)، وَأُبَدِّدُهُمْ فِي أُمَمٍ لَمْ يَعْرِفُوهَا هُمْ وَلاَ آبَاؤُهُمْ وَأُطْلِقُ وَرَاءَهُمُ السَّيْفَ حَتَّى أُفْنِيَهُمْ. (أر 9: 16)، لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ أَتَكَلَّمُ، وَالْكَلِمَةُ الَّتِي أَتَكَلَّمُ بِهَا تَكُونُ. لاَ تَطُولُ بَعْدُ. لأَنِّي فِي أَيَّامِكُمْ أَيُّهَا الْبَيْتُ الْمُتَمَرِّدُ أَقُولُ الْكَلِمَةَ وَأُجْرِيهَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.حز 12: 25).
7واتَّفَقَ في ذلك اليومِ عَينِه أَنَّ سارةَ، ابنَةَ رَعوئيلَ السَّاكِنِ في أَحْمَتا، مَدينةِ الميدِيِّين، سَمِعَت هي أَيضً شَتائمَ مِن إِحْدى جَواري أَبيها، لأِنَّه كانَ قد عُقِدَ لَها على سَبعَةِ رِجال، وكان أَزْموداوُس، الشَّيطانُ الخَبيث، يَقتُلُهم قَبلَ أَن يَدخُلوا علَيها بِحَسَبِ واجِباتِهِم الزَّوجِيَّة. فقالَت لَها الجارِية: ((أَنتِ تَقتُلينَ أَزْواجَكِ ها إِنَّه عُقِدَ لَكِ على سَبْعَةِ رِجال، ولم تُدعَى بِاسمِ أَحَدِهم ولا مَرَّةً واحِدة! لماذا تُعَذِّبينَنا في شأنِ أَزْواجِكِ لأنهم ماتوا؟ الْحَقي بِهم! لا رأَينا لَكِ ابْنً ولا ابنَةً لِلأَبَد.
سارةَ اسم عبري معناه (أميرة) أمّا رَعوئيلَ فهو عبري كذلك معناه (صديق الله).
تعاني سارة هنا نفس المعاناة التي تكبدّها طوبيا، إذ تتعرض لنفس الضغوط النفسية، ولكن من جارية تعمل في بيتها وترفل في خيرها، ويرجّح تلك الجارية، فتاة وثنية واقعة في الآسر مثلها وتعمل في بيتها كخادمة، حيث سمح لليهود هناك باقتناء العبيد في بلاد ما بين النهرين، لا سيما أولئك الموسِرين(1) منهم، لذلك فإن الجارية، ليس لديها أية خلفية روحية، بحيث ترجع ما يحدث لسارة إلى تدبير الله، ولكنها تعتقد- شأنها في ذلك شأن بقية الوثنين - أن سارة فتاة شريرة، أستحقت غضب الآلهة !
ولكن سارة هنا، لم تحزن بسبب التعيير، بقدر ما يجسم لها هذا التعبير وهذه الشماتة حجم مشكلتها الهائلة، فهي وحيدة أبويها، ومع ذلك فلا زوج لها وبالتالي لا أولاد، كذلك فهي تشفق على والديها الذيّن سوف ينقطع نسلهما على هذه الحال، ثم أنها تشفق أيضًا على نفسها، إذ يعّد عارًا على الفتاة أن تبقى بلا زواج وبالتالي بلا نسل يُحتمل أن يجيء منه المسيح ( وَتَقُول لِبَنِي إِسْرَائِيل: أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ وَليْسَ لهُ ابْنٌ تَنْقُلُونَ مُلكَهُ إِلى ابْنَتِهِ.عد 27: 8).
ولذلك فقد كان فرح أليصابات عظيمًا بإبنها يوحنا المعمدان، إذ تقول إن الله نظر إليَّ لينزع عاري من بين الناس (يو 1: 25) كذلك فقد ذهبت ابنة يفتاح الجلعادي مع صويحباتها إلى الجبال لتبكي عذراويتها هناك، لكونها سوف تموت دون أن يكون لها نسل ( قض 22: 27، 28).
وقد اتجهت على الفور إلى الله صاحب كنوز الرحمة ومعطي العزاء (عزاء صغيري القلوب ميناء الذين في العاصِف - أوشية المرضى) ويغلق القديس أغسطينوس على ما حدث لسارة قائلًا أن هناك فرقًا بين التعبير والإهانة، فالتعبير هو السخرية في حضرة المعيّر، مثلما هزأ اليهود بالمسيح قائلين (أَلَسْنَا نَقُولُ حَسَنً إِنَّكَ سَامِرِيٌّ وَبِكَ شَيْطَانٌ يو 8: 48) غير تجريح السمعة في الغياب (بعضهم يقولون أنه صالح وآخرون يقولون لا بل يضل الشعب يو 18: 12) إضافة إلى أن التعبير يصاحبه بعض العنف. 1
وتتلخص ضيقة سارة في أنها تعرضت لأذية شيطان، تسبب في قتل أزواجها السبعة، وذلك في الليلة الأولى للزواج، ونحن نعرف أن الشيطان وإن كان قد فقد رتبته إلاّ أنه لم يفقد طبيعته وقدراته، كما أن الشيطان يتمتع بامتياز (تكافؤ الفرص) الذي منحه الله لكل خليقته، وقد سمح الله للشيطان بأن يجرب البشر لتنقيتهم ولكي يضاعف لهم الإكليل عن احتمالهم.
الشَّيطانُ هو رئيس هذا العالم (يو 12: 34) ورَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ (أف 2: 2) إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ (2 كو 4: 4) وقد تسبب في اندلاع حروب كثيرة قتل فيها الكثيرون، كما ورد في سيرة القديس مكاريوس الكبير، عندما روى له كاهن الوثن كيف قتل الشيطان كثيرين. 2
أما عن إمكانية قتل الشيطان للبشر، فإنه إلى جانب كونه العدو اللدود للإنسان (اُصْحُوا وَاسْهَرُوا لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسً مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ. 1 بط 5: 8، لِئَلاَّ يَطْمَعَ فِينَا الشَّيْطَانُ، لأَنَّنَا لاَ نَجْهَلُ أَفْكَارَهُ. 2 كو 2: 11) فإن السيد المسيح وصفه صراحة بأنه قَتَّالً لِلنَّاسِ ( أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ. يو 8: 44) ولكن الشيطان يقتل أرواح الأشرار ويدخل بهم إلى الهلاك، كما أن قتل الجسد هو بسماح من الله.
كذلك فقد تسبب الشيطان في إصابة البعض بالخرس والعمى والصرع والجنون، راجع (فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اتْبَعْنِي وَدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ». مت 8: 22، فَلَمَّا أُخْرِجَ الشَّيْطَانُ تَكَلَّمَ الأَخْرَسُ فَتَعَجَّبَ الْجُمُوعُ قَائِلِينَ: «لَمْ يَظْهَرْ قَطُّ مِثْلُ هَذَا فِي إِسْرَائِيلَ!» 9: 33، فَأَجَابَ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمْعِ: «يَا مُعَلِّمُ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكَ ابْنِي بِهِ رُوحٌ أَخْرَسُ وَحَيْثُمَا أَدْرَكَهُ يُمَزِّقْهُ فَيُزْبِدُ وَيَصِرُّ بِأَسْنَانِهِ وَيَيْبَسُ. فَقُلْتُ لِتَلاَمِيذِكَ أَنْ يُخْرِجُوهُ فَلَمْ يَقْدِرُوا». فَقَالَ لَهُمْ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ!». فَقَدَّمُوهُ إِلَيْهِ. فَلَمَّا رَآهُ لِلْوَقْتِ صَرَعَهُ الرُّوحُ فَوَقَعَ عَلَى الأَرْضِ يَتَمَرَّغُ وَيُزْبِدُ. فَسَأَلَ أَبَاهُ: «كَمْ مِنَ الزَّمَانِ مُنْذُ أَصَابَهُ هَذَا؟» فَقَالَ: «مُنْذُ صِبَاهُ. وَكَثِيرً مَا أَلْقَاهُ فِي النَّارِ وَفِي الْمَاءِ لِيُهْلِكَهُ. لَكِنْ إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ شَيْئً فَتَحَنَّنْ عَلَيْنَا وَأَعِنَّا». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُؤْمِنَ فَكُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لِلْمُؤْمِنِ». فَلِلْوَقْتِ صَرَخَ أَبُو الْوَلَدِ بِدُمُوعٍ وَقَالَ: «أُومِنُ يَا سَيِّدُ فَأَعِنْ عَدَمَ إِيمَانِي». فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ الْجَمْعَ يَتَرَاكَضُونَ انْتَهَرَ الرُّوحَ النَّجِسَ قَائِلً لَهُ: «أَيُّهَا الرُّوحُ الأَخْرَسُ الأَصَمُّ أَنَا آمُرُكَ: اخْرُجْ مِنْهُ وَلاَ تَدْخُلْهُ أَيْضًا !» فَصَرَخَ وَصَرَعَهُ شَدِيدً وَخَرَجَ فَصَارَ كَمَيْتٍ حَتَّى قَالَ كَثِيرُونَ: إِنَّهُ مَاتَ. فَأَمْسَكَهُ يَسُوعُ بِيَدِهِ وَأَقَامَهُ فَقَامَ. مر 9: 17 - 27) ولكن ومع ذلك فإن الله سوف يدينه ويقتصّ منه لدماء الذين قتلهم وآلام الذين جربّهم، في تعذيبه في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت ( وَرَأَيْتُ مَلاَكً نَازِلً مِنَ السَّمَاءِ مَعَهُ مِفْتَاحُ الْهَاوِيَةِ، وَسِلْسِلَةٌ عَظِيمَةٌ عَلَى يَدِهِ. فَقَبَضَ عَلَى التِّنِّينِ، الْحَيَّةِ الْقَدِيمَةِ، الَّذِي هُوَ إِبْلِيسُ وَالشَّيْطَانُ، وَقَيَّدَهُ أَلْفَ سَنَةٍ، وَإِبْلِيسُ الَّذِي كَانَ يُضِلُّهُمْ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ وَالْكِبْرِيتِ، حَيْثُ الْوَحْشُ وَالنَّبِيُّ الْكَذَّابُ. وَسَيُعَذَّبُونَ نَهَارً وَلَيْلً إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. رؤ 20: 1، 2، 10)
وأما الأزواج الذين ماتوا، فلا يجوز لنا أن نحكم عليهم بأنهم أشرار استحقوا الموت في ليلة عرسهم، كعقوبة عن شرهم، وأن نربط بين ظروف موتهم وبين برهم وشرهم، ولكن الله سمح بذلك لإتمام مقاصده التي نجهلها، ومع ذلك فقد يكونوا قد ماتوا إما لعدم لاستحقاقهم لسارة كزوجة، ولأن الزوج الذي أراده الله لها لم يكن قد جاء بعد، ويرى البعض إن أولئك الأزواج قد ماتوا لإنهم كانوا أشرارًا لا يستحقونها ولإنهم نظروا إلى الزواج نظرة جسدية شهوانية، معتمدين في ذلك على ما ورد في (ومتى تَدخُلُ إِلى غُرفةِ العُرْس، تأخُذُ شَيء مِن كَبِدِ الحوتِ وقَلْبِه وتَضَعُه على جَمْرِ المِبخَرَة، فتَنبَعِثُ الرَّائِحةُ طو 6: 17). حسب الترجمة اللاتينية (إن الذين يتزوجون فينفون الله من قلوبهم ويتفرغون لشهواتهم كالفرس والبغل الذين لا فهم لهما، أولئك للشيطان عليهم سلطان).
أزموداوس كلمة فارسية تعني عند الزرادشتيين (أتباع زرادشت) روح العنف، وتأتي أحيانًا في الصيغة Aesama Daeua (بمعنى روح الشهوة الجنسية) وقد وردت نفس الكلمة في التقليد العبري بمعنى المُدمَر وهي الكلمة التي ترجمت إلى اليونانية بمعنى المُخرَب.
وقد أطلق هذا الاسم على الشيطان، الذي تسبب في قتل الأزواج السبعة، وقد ظن البعض - بطريق الخطأ - أن هذا الشيطان، يعادي الأزواج وقد كلف بسارة، ولذلك لم يمكَن غيرها من الفوز بها، ولكن لا أساس لهذا الرأي من الصحة، إذ لا يرد في السفر ما يشير إلى ذلك، ولكن الاسم يطلق على الشيطان مع بعض ألقاب مرادفة، في الحالات التي يقوم فيها بأعمال التدمير مثلما ورد في سفر الرؤيا، حيث أطلق عليه اسم أبدون وهي لفظة عبرية وأبوليون وهي لفظة يونانية (وَلَهَا مَلاَكُ الْهَاوِيَةِ مَلِكً عَلَيْهَا اسْمُهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ «أَبَدُّونَ» وَلَهُ بِالْيُونَانِيَّةِ اسْمُ «أَبُولِّيُّونَ». رؤ 9: 11) وذلك في دلالة على الشيطان ورئيس العالم السفلى.
كذلك فقد ظن البعض أن هذا الأمر، لهو دليل على تزاوج الشياطين مع البشر، ولكن هذه أسطورة وخرافة قديمة، وجدت مرتعًا لها بين البسطاء والعامة من الناس، ساعد الشيطان نفسه على نشرها بينهم 3.
)). 10 في ذَلك اليوم اغتَمَّت نَفْسُها وبَكَت وصَعِدَت وأَرادَت أَن تَشنُقَ نَفْسَها. ثُمَّ عادت إِلى التَّفكيرِ فقالت: ((لرُبَّما شَتَموا أَبي فقالوا لَه: رُزِقتَ ابنَةً مَحْبوبةً واحِدَةً فشَنَقَت نَفْسَها بِسَبَبِ مَصائِبِها. لا أُريدُ أَن أُنزِلَ شَيخوخَةَ أَبي في الغَمِّ إِلى مَثْوى الأَمْوات. فخَيرٌ لي أَلاَّ أَشنُقَ نَفْسي، بل أَسأَلُ الرَّبَّ أن أَموتَ ولا أَسمَعَ الشَّتائِمَ بَعدَ اليوم في حَياتي)). 11 حينَئِذٍ مَدَّت يَدَيها نَحوَ النَّافِذَة وصَلَّت فقالَت: ((مُبارَكٌ أَنتَ، يا إِلهَ الرَّحْمة ومُبارَكٌ اسْمُكَ أرَبدَ الدُّهور ولتبارِكْكَ أَعْمالُكَ لِلأَبَد. 12 إِِلَيكَ أَرفَعُ الآنَ وَجْهي وعَينَيَّ. 13 مُرْ ان أَنْجُوَ مِنَ الأَرض ولا أَسْمَعَ الشَّتائِمَ بَعدَ اليوم. 14 إِنَّكَ، يا رَبُّ، عالِمٌ بِأَنِّي ما زِلْتُ مُنَزَّهةً عن كُلِّ دَنَسٍ مع رَجُل. 15 لم أُدَنِّسِ اسْمي ولا اسْمَ أَبي في أَرضِ جَلائي. إِنِّي وَحيدة لِأَبي ولم يُرزَقْ وَلَدً آخَرَ يَرِثُه ولَيسَ لَه أَخٌ ولا قَريبٌ أَحفَظُ نَفْسي لأِكونَ زَوجةً له. ها إِنِّي فَقَدتُ سَبعَةَ أَزْواج فلِماذا أَحْيا بَعدَ اليوم؟ وإِن لم تَشأْ أَن تَقتُلَني، يا رَبّ فاسمع ما يُوجَّهُ إِلَيَّ مِنَ الشَّتائِمَ
مع أنه لا يحق لجارية أن تعيّر
سيدتها، إلاّ أن سارة لم تهتم بذلك، ولم تفكر في القصاص منها، إذ قد خرجت الجارية بذلك عن حد اللياقة والمألوف، مستحقة بذلك العقاب، ولكنها (أي سارة) التجأت إلى الله بالصلاة والصوم، مستدرّة بذلك عطف الله الحنون الذي يشفي منكسري القلوب ويعطي المتواضعين نعمة، كذلك فإن دموع سارة ستجد الطريق إلى الحضرة الإلهية، ولسوف تغلب الله بهذه الدموع (حَوِّلِي عَنِّي عَيْنَيْكِ فَإِنَّهُمَا قَدْ غَلَبَتَانِي نش 6: 5). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى).إن أغلى ذبيحة يمكن تقديمها إلى الله، هي الدموع الصادقة النقية، إذ تترجم في بساطة وقوة، مقدار الانسحاق والحب والرغبة في التسليم وطلب العون، فقد استدرت دموع حزقيا الملك، مراحم الله فشفاه وأنقذه من الموت (فَوَجَّهَ وَجْهَهُ إِلَى الْحَائِطِ وَصَلَّى إِلَى الرَّبِّ:. آهِ يَا رَبُّ، اذْكُرْ كَيْفَ سِرْتُ أَمَامَكَ بِالأَمَانَةِ وَبِقَلْبٍ سَلِيمٍ وَفَعَلْتُ الْحَسَنَ فِي عَيْنَيْكَ. وَبَكَى حَزَقِيَّا بُكَاءً عَظِيمً . 2 مل 20: 2، 3) ويقول القديس موسى الأسود "إلجأ بنفسك إلى الله فتستريح".
هذا وقد أشارت مثل هذه الدموع - في عدة مواضع من السفر، إلى رقة المشاعر والحس والمرهف الذي تحلى به كل من طوبيا وسارة وعائلتيهما، حيث حُسبت الدموع وسيلة راقية للتعبير عن الانفعالات الداخلية، سواء أكان ذلك في شدة الفرح، والشعور بالظلم، وعند استدرار مراحم الله، وقد ساهمت هذه الدموع في أن تجعل للسفر (سمة عاطفية) وفيما يلي بعض المواضع التي ذكرت فيها الدموع في السفر:
(طو 2: 7) طوبيا يبكي في يوم العيد عندما يسمع عن جثة يهودي ملقاة.
(طو 3: 1) طوبيا يصلي بدموع إلى الله بعد إصابته بالعمى.
(طو 3: 10) سارة تبكي إلى الله بعد أن عيّرتها جاريتها.
(طو 5: 18) الأم تبكي لفراق ابنها طوبيا.
(طو 7: 6 - 8) رعوئيل يبكي عند لقائه بطوبيا الابن وكذلك حنة زوجته وإبنتها سارة.
(طو 7: 16) حنة زوجة رعوئيل تبكي عند زواج ابنتها خوفًا من موت زوجها.
(طو 9: 6) غابليوس يبكي عند لقائه بطوبيا في بيت رعوئيل.
(طو 10: 3، 7) حنة زوجة طوبيا تبكي لتخلف ابنها عن الرجوع في موعده.
(طو 11: 9، 13) طوبيا وزوجته يبكيان من شدة الفرح بعودة إبنهما.
أمّا عن العلّية التي صعدت إليها سارة فهي عبارة عن حجرة إضافية، تبنى فوق سطح البيت فيما يشبه (القلاية)، وهي معروفة في بيوت الأتقياء من اليهود بغرض الصلاة والتعّبد، كما كانت تصنع في الحجرة كوة (شباكًا صغيرًا) وذلك في الناحية المطلة على الهيكل، حيث يمكن مشاهدته من خلالها، كما ورد في (فَاجْتَمَعَ حِينَئِذٍ هَؤُلاَءِ الرِّجَالُ فَوَجَدُوا دَانِيآلَ يَطْلُبُ وَيَتَضَرَّعُ قُدَّامَ إِلَهِهِ. دا 6: 11) وفي السبي كانت الكوة تتجه نحو أورشليم جنوبًا، كذلك فإن هذا يعبر عن كونهم قريبون بالروح من الهيكل رغم بعدهم بالجسد، والعلية هنا تذكرنا بعلية مرقس التي أكل فيها السيد المسيح الفصح مع تلاميذه، والعلية التي في سطح منزل يهوديت (سَقَطَت يَهوديتُ على وَجهِها وأَلْقَت رَمادً على رأسِها وخَلَعتِ المِسْحَ الَّذي كانَت تَرتَديه، وكانتِ السَّاعةُ ساعةَ تَقدِمةِ بَخورِ ذلك المساءِ في بَيتِ اللهِ في أُورَشليم. وصَرَخَت يَهوديتُ صُراخً عَظيمً إِلى الرَّبِّ يهو 9: 1).
أما عن صلاة سارة نفسها فهي تشبه إلى حد كبير، صلاة طوبيا، ولكنها تزيد عنها جمالًا ، باعتبارها صلاة مسيحية أكثر منها يهودية، فعلى الرغم من الإطار اليهودي الذي يحيط بها، إلا أنها زاخرة بالأفكار المسيانّية.
إنها تلجأ إلى الله وتعود باللائمة على نفسها، وتسلم حياتها لله وقد بدأت الصلاة وهي كسيرة النفس ولكن الرجاء ملأ قلبها أثناء الصلاة والكنيسة تعلمنا أن نلجأ إلى الله وننقطع للصلاة والصوم لا سيما في الأوقات التي تشتد بنا التجارب فيها.
)) 16 في ذلكَ الحينِ استُجيبَت صَلَوات الِاثْنَينِ أَمامَ مَجدِ الله، 17 فأُرسِلَ رافائيلُ لِيَشْفِيَ كِلا الِاثْنَينِ، لِيُزيلَ البُقَعَ البَيضاءَ عن عَينَي طوبيت فيَرى بِعَينَيه نورَ الله، وليُعطِيَ سارةَ ابنَةَ رَعوئيلَ زَوجةً لِطوبِيَّا بنِ طوبيت ويَطرُدَ عَنها أَزْموداوُسَ الشَّيطانَ الخَبيث. فمِن حَقِّ طوبِيَّا أَن تَكونَ لَه قَبلَ جَميعِ الَّذينَ يُريدونَ أَن يتَّخِذوها. في ذلكَ الحين، عادَ طوبيتُ من ساحةِ دارِه إِلى بَيتِه، وأَمَّا سارةُ ابنَةُ رَعوئيل فنَزَلَت مِنَ العُلية.
كان الملاك روفائيل يرفع صلوات كل من طوبيا وسارة إلى حضرة الرب (مجد الله) وها قد أستجيبت الصلوات وسمع الله لأنين المتضايقين (فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ. بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ وَرَفَعَهُمْ... أش 63: 9) وقديمًا أرسل الله ملاكه إلى دانيال ليخلصه من جب الأسود (إلَهِي أَرْسَلَ مَلاَكَهُ وَسَدَّ أَفْوَاهَ الأُسُودِ فَلَمْ تَضُرَّنِي لأَنِّي وُجِدْتُ بَرِيئً قُدَّامَهُ وَقُدَّامَكَ أَيْضًا أَيُّهَا الْمَلِكُ. لَمْ أَفْعَلْ ذَنْبً . دا 6: 22) وفي العهد الجديد إستجاب لصلوات وصدقات كرنيليوس إذ صعدت قدام الله (فَلَمَّا شَخَصَ إِلَيْهِ وَدَخَلَهُ الْخَوْفُ قَالَ: «مَاذَا يَا سَيِّدُ؟» فَقَالَ لَهُ: «صَلَوَاتُكَ وَصَدَقَاتُكَ صَعِدَتْ تَذْكَارً أَمَامَ اللهِ. وَقَالَ: يَا كَرْنِيلِيُوسُ سُمِعَتْ صَلاَتُكَ وَذُكِرَتْ صَدَقَاتُكَ أَمَامَ اللهِ. أع 10: 4، 31).
هو ثالث رؤساء الملائكة الوقوف أمام الله، بحسب التقليد، ويدعى مفّرح القلوب (طو 12: 21) والرحوم، والكلمة العبرية رافائيلُ، معناها رأفة الله وشفاء الله.
وتعيّد الكنيسة للملاك روفائيل مرتين في السنة، الأولى في الثالث من النسيء، حيث يرجع ذلك إلى ميمر للقديس يوحنا ذهبي الفم، ويروى فيه أن الملاك روفائيل ظهر في مثل هذا اليوم للرسل الاثني عشر مع السيد المسيح وعظمته، وذلك إثر طلب فيلبس من السيد المسيح (أَرِنَا الآبَ وَكَفَانَا يو 14: 8) ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم، أنه قرأ ذلك في بعض الكتابات القديمة للآباء الرسل. 4
وأما العيد الثاني فيقع في الثالث عشر من شهر كيهك، حيث تذكار الكنيسة التي بناها الملك أركاديوس على اسم رئيس الملائكة روفائيل، على شاطئ نهر البوسفور، فقد طلب القديس يوحنا ذهبي الفم من الملك أركاديوس بناء تلك الكنيسة، وفيما هم يعملون عثروا على تابوت صغير يحتوي على إثني عشر تمثالًا ذهبيًا صغيرًا مرصعًا بالجواهر، فقاموا بصهرها ثم أنفقوا ثمنها في أعمال البناء، حيث تم الانتهاء من العمل فيها، في ذلك اليوم، فجعلوه عيدًا لتكريس كنيسته.
ويرد في السنكسار القبطي cuna[arion أنه في زمن البابا ثيئوفيلس الثالث والعشرين، جاءت أرملة غنية من روما برفقة إبنيها، تحمل معها أيقونة للملاك روفائيل حيث ساعدت الأب البطريرك في إزالة أكوام كبيرة من القمامة أمام البطريركية، وعندئذ عثر على كنز يرجع تاريخه إلى عهد الإسكندر الأكبر، حيث كان منقوشًا عليه حرف (ثيتا) القبطي ثلاث مرات، ففرح البابا واعتبر ذلك نبؤة وعلامة من الله، حيث اعتبر أن كل حرف هو بداية لإسم، ثيئوس = الله، ثيئودسيوس = الملك (حفيد ثيئودسيوس الكبير)، ومن ثمّ فقد بَنَى سبعة كنائس -من هذا الكنز- إحداها على اسم رئيس الملائكة روفائيل وقد تهدمت هذه الكنيسة بعد دخول الإسلام (السنكسار القبطي تحت يومي 18 بابة، 3 النسيء).
ويمتدح القديس يوحنا ذهبي الفم، الملاك روفائيل قائلًا: إنه شفيع يشفع عن المتعبين، إنه قائد لأنه قيد الشيطان أزموداوس، ومتطوع لأنه رفض أخذ أجرته المتفق عليها !، وهو كذلك خادم لأنه ساعدهم وأرشدهم.
وقد ظهر الملاك روفائيل لكل من البابا لكستينوس، سنة 422 م. وساعده في العودة إلى كرسيه الذي إغتصبه منه نسطور، كذلك فقد ظهر للشهداء أنبا إيسى والأمير تادرس الشطبى، مرافقًا إياهم في جهادهم، وقد أرشد الأنبا شنودة رئيس المتوحدين، إلى دفن جسد الأنبا توماس السائح.
وهو بحق يدعى مفرح القلوب، إذ دخل بصلوات كل من طوبيا وسارة إلى حضرة الرب ثم حمل لهم من الله الخلاص والفرح وأعاد البهجة إلى العائلتين.
يقول القديس يوحنا ذهبي الفم:
] إن الله أرسل رئيس الملائكة روفائيل، ليشفى سارة ابنة رعوئيل من مرض العقم الصعب (حرمانها من البنين بموت أزواجها) وينقذها من تعيير جوارى أبيها [. 5
سفر طوبيا وسفر أيوب: يتشابه كل من السفرين في عدة مواضع مثل:
? الأصحاح الأول في كل من السفرين يقدم شخصية صاحب السفر وظروفه ومكان سكناه والمشكلة التي تعرض لها . وينتهي السفر بجزاء الرب للصابرين وعودة البهجة والفرح إليهم.
? وفي السفر يلتقي أيوب بالله كما يلتقي طوبيا بمبعوث عن الله،
? في كل من السفرين نلتقي بلامرأة نفذ صبرها وفقدت سلامها، ودعت زوجها إلى التخلي عن علاقته بالله.
? لعب الشيطان دورًا كبيرًا في فقر وبلاء كل من أيوب وطوبيا، وحرمان الاثنين النسل التقى.
? كما يتحدث السفران عن دور الملائكة في حياة الناس.
3. طوبيا الإشبين
_____
(1) توضيح من الموقع: الموسرين: مُوسِر:- جمع مَيَاسِرُ ومَيَاسيرُ: اسم فاعل من أيسرَ: غنيّ ثريّ.
← تفاسير أصحاحات طوبيا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14
تفسير طوبيت 4 |
قسم
تفاسير العهد القديم الأنبا مكاريوس الأسقف العام |
تفسير طوبيت 2 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/hcaja4d