محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
زكريا: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17
ينتقل النبي من عصر انتصارات المكابيين بذراع الله للعصر الروماني الذي ظهر فيه المسيا واهب النصر، لكن اليهود رفضوه كراعٍ لهم، واتهموه بأنه خائن ضد الوطن وضد قيصر، ومضلل ونبي كذاب وقالوا "ليس لنا ملك إلا قيصر" ثم سلموه بثلاثين من الفضة (بشاعة الخيانة). وما زال حالهم هكذا حتى الآن لذلك وفي آخر الأيام سينتهي بهم الأمر بقبول ضد المسيح راعيًا لهم. هذا هو موضوع هذا الإصحاح وهذا الإصحاح يأتي بعد إصحاح (10) الذي يعد الله فيه اليهود بالبركات. كأن الله يقول لهم أن المسيح آتٍ ليهبكم بركات ولكنكم سترفضونه فتخربون بيد الرومان ولاستمرار رفضكم الإيمان بالمسيح ستقبلون ضد المسيح وسيكون هذا خرابًا للعالم كله.
الآيات (1-6): "اِفْتَحْ أَبْوَابَكَ يَا لُبْنَانُ، فَتَأْكُلَ النَّارُ أَرْزَكَ. وَلْوِلْ يَا سَرْوُ، لأَنَّ الأَرْزَ سَقَطَ، لأَنَّ الأَعِزَّاءَ قَدْ خَرِبُوا. وَلْوِلْ يَا بَلُّوطَ بَاشَانَ، لأَنَّ الْوَعْرَ الْمَنِيعَ قَدْ هَبَطَ. صَوْتُ وَلْوَلَةِ الرُّعَاةِ، لأَنَّ فَخْرَهُمْ خَرِبَ. صَوْتُ زَمْجَرَةِ الأَشْبَالِ، لأَنَّ كِبْرِيَاءَ الأُرْدُنِّ خَرِبَتْ. هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهِي: «ارْعَ غَنَمَ الذَّبْحِ الَّذِينَ يَذْبَحُهُمْ مَالِكُوهُمْ وَلاَ يَأْثَمُونَ، وَبَائِعُوهُمْ يَقُولُونَ: مُبَارَكٌ الرَّبُّ! قَدِ اسْتَغْنَيْتُ. وَرُعَاتُهُمْ لاَ يُشْفِقُونَ عَلَيْهِمْ. لأَنِّي لاَ أُشْفِقُ بَعْدُ عَلَى سُكَّانِ الأَرْضِ، يَقُولُ الرَّبُّ، بَلْ هأَنَذَا مُسَلِّمٌ الإِنْسَانَ، كُلَّ رَجُل لِيَدِ قَرِيبِهِ وَلِيَدِ مَلِكِهِ، فَيَضْرِبُونَ الأَرْضَ وَلاَ أُنْقِذُ مِنْ يَدِهِمْ»."
هي نبوة بخراب أورشليم بيد الرومان حين قتل الرومان أكثر من مليون يهودي. والآيات (1-3) هي رثاء للهيكل المصنوع من أخشاب الأرز والسرو والبلوط (كان الهيكل مُغَشَّى بهذه الأخشاب). ويستخدم هنا اسم لبنان كناية عن إسرائيل [1] أورشليم بالذات لجمالها ولهيكلها المغشى بالخشب مشبهة بلبنان المشهور بجماله [2] الله لا يريد الآن أن يقول صراحة أن إسرائيل وهيكلها سيتم تدميرهما ثانية، وهم الآن يبنون الهيكل ويبنون أورشليم، فلو فهموا تمامًا المقصود من النبوة ما بنوا شيئًا. لذلك استخدم الله اسم شفري وهو لبنان بينما المقصود هو إسرائيل، وإلا ما كان قد قال= لأن كِبْرِيَاءَ الأُرْدُنِّ قَدْ خَرِبَتْ.
إفتح أبوابك يا لبنان= فالغزو الروماني أتى عن طريق لبنان، كانت لبنان هي الطريق التي يدخل منها العدو لأورشليم الجميلة كلبنان ليحرقها ويخربها. الأَرْزَ.. سَرْوُ.. بَلُّوطَ = وقد يشير الأرز والسرو والبلوط للجماعات اليهودية الرافضة للمسيح. وقد تشير للخطايا. فـ:الأَرْزَ يشير للكبرياء (لعلوه) (أش12:2، 13). سَرْوُ = والسرو يشير للخاضعين للعظماء والمتكبرين (الحكماء في أعين أنفسهم) وسالكين في تيارهم، فالسرو شجر أقصر. وَبَلُّوطَ بَاشَانَ = هم من يستخدمون قوتهم في عنف ضد الأبرياء. لأن الوعر المنيع قد هبط = هي إشارة للهيكل المستخدم فيه كل أنواع الخشب فصار كغابة (وعر) والهيكل تم هدمه بواسطة الرومان = قد هبط.
ولول يا سرو لأن الأرز سقط= الأرز لقيمته الغالية الثمينة يستخدم في الأماكن المقدسة من الهيكل، فإن كان العدو قد وصل لهذه الأماكن وأحرقها، فمن المؤكد أنهم سيحرقون الأماكن الخارجية المغشاة بالسرو والبلوط. لأن الوعر المنيع قد هبط= الهيكل كان منيعًا طالما كان في حماية الله، ولكن إذ غادره الله وفارقه (حز18:10، 19 + 23:11) لم يعد منيعًا، فأمكن هدمه وإحراقه. وتفهم الآيات أنه إذا كان العظماء (كالأرز) والأقوياء كالبلوط هلكوا، فليولول الضعفاء الذين كالسرو فتأكل النار أرزك= إذًا هي ضربة جماعية وفيها وصف لخراب أورشليم وأمة اليهود وهيكلهم. بل أن هذا تحقق حرفيًا، فلقد استخدم الأعداء الأشجار التي كانوا يقتلعونها ليحرقوا بها المدن. ولماذا سمح الله بهذا لأنهم صاروا كَـ:الْوَعْرَ = أي غابات بلا ثمر، فالشعب اليهودي إذ رفض الله صاروا بلا ثمر.
وفي (3) صوت ولولة الرعاة= أي الكهنة. لأن فخرهم خرب= أي الهيكل الذي أحترق وهذه الكلمات أيضًا تشير أن المقصود بلبنان هو الهيكل الذي يفتخرون به (مت 24: 1-3). صوت زمجرة الأشبال= المفروض أن يكونوا رعاة. فصاروا أشبال يلتهمون خراف القطيع. وكانوا سابقًا يزمجرون في كبريائهم ضد الشعب القطيع المسكين وهم ينهبونهم، ولكنهم الآن يزمجرون من الرعب لأن كبرياء الأردن خربت أي خرب الهيكل وخربت أورشليم التي كانت كغابات على شاطئ الأردن، ولكن كان رعاتها كسباع ربضت فيها (غابات إما لأن عظماءها مشبهين هنا بأشجار غير مثمرة أو لأن هيكلها مغطى هو وقصور عظمائها بأخشاب الغابات). كانوا كسباع في أيام عزهم. في (4) هنا يطلب الرب من النبي أن يقوم بدور المسيح كراعٍ للشعب أي كرمز له. وكان الشعب وقت المسيح قد فسدوا جدًا بسبب محبتهم للعالم ورياء قادتهم ولم يريدوا أن يشفوا. ولذلك تركهم الرب للخراب والدمار ولذلك يسميهم هنا غنم الذبح. ويبدو أن النبي قد حقق هذا بأن قام فعلًا برعاية قطيع للغنم لحساب أحد التجار. آية (5) يصور هنا حالة البؤس التي وصلت لها الأمة اليهودية تحت ظلم رؤسائها، فنجد أن رؤساء الكهنة والشيوخ وهم المالكين للغنم يلتهمون بيوتهم، فهم ذبحوا الغنم وباعوها لمصلحتهم ولا يأثمون= أي أنهم ظنوا أنه لا ضرر في ذلك وأن الله لن يحاسبهم على ذلك. بل كان رعاتهم حين يظلمونهم وينهبونهم يظنون أن هذا حقهم الشرعي المرتب لهم من قبل الله فيقولون مبارك الرب لقد استغنيت= كأن الله أعطاهم هذا الحق في أن ينهبوا الشعب وكأن الله صار نصيرًا لهم في مظالمهم. ولقد ضلل رعاة اليهود شعبهم وأقنعوهم برفض المسيح وصلبه، لذلك هم جعلوهم كغنم للذبح من يذبحهم ويعاقبهم (أي الرومان) لا يأثم بهذا. وهؤلاء الرعاة جعلوا شعبهم كغنم للذبح إذ أهملوا رعايتهم روحيًا. وفي (6) لا أشفق بعد= لقد رفضوا الراعي الحقيقي الصالح فأسلمهم الرب لرعاة لا تشفق عليهم. وهنا يسميهم الله سكان الأرض= فهم تركوا السمائي أي المسيح وأسلمهم ليد الظالمين = هأَنَذَا مُسَلِّمٌ الإِنْسَانَ، كُلَّ رَجُل لِيَدِ قَرِيبِهِ (ها أنذا مسلم الإنسان كل رجل ليد صاحبه) = وهذا حدث قبل أن يسقطوا في يد الرومان، ففي أثناء الحصار، كانوا داخل أورشليم عدة جيوش متحاربة مع بعضهم، وكانت فترة رهيبة من التشويش والاضطرابات، بلا راعٍ وبلا ملك، فهم قد رفضوا الراعي الحقيقي. ويسلمهم الله ليد ملكه= أي لقيصر الملك في روما.
آية (7): "فَرَعَيْتُ غَنَمَ الذَّبْحِ. لكِنَّهُمْ أَذَلُّ الْغَنَمِ. وَأَخَذْتُ لِنَفْسِي عَصَوَيْنِ، فَسَمَّيْتُ الْوَاحِدَةَ «نِعْمَةَ» وَسَمَّيْتُ الأُخْرَى «حِبَالًا» وَرَعَيْتُ الْغَنَمَ."
فرعيت غنم الذبح= هنا النبي يقوم بدور راعٍ لقطيع من الغنم رمزًا للمسيح الذي قام برعاية قطيع صغير من الذين قبلوه. لكنهم أذل الغنم= كان من قَبِلَ المسيح مثل التلاميذ هم من أفقر الناس "اختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء" (1كو27:1) عصوين= كان من عادة الرعاة أن يستعملوا عصوين، واحدة لطرد الوحوش التي تهاجم القطيع والأخرى لقيادة القطيع حتى لا ينحرف عن الطريق (يسميهما داود عصاك وعكازك مز23) وأسماها نعمة= جمال. (هذا يشير لأن الله أعطى شعبه اليهودي نعمة وبركة) وحبالا= إتحاد (وهذا يشير لأن الله سمح بإتحاد بين الشعبين يهوذا وإسرائيل ثانية) والمسيح راعينا يقودنا بنعمته في مراعيه السماوية ننعم بجماله ويقودنا للإتحاد به ويربطنا فيه بروح الحب الإلهي.
آية (8): "وَأَبَدْتُ الرُّعَاةَ الثَّلاَثَةَ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ، وَضَاقَتْ نَفْسِي بِهِمْ، وَكَرِهَتْنِي أَيْضًا نَفْسُهُمْ."
وأبدت الرعاة الثلاثة= يبدو أن النبي حين تسلم الرعاية كان هناك ثلاثة رعاة، وقام هو بفصلهم غالبًا لعدم أمانتهم. وهذا يدل على رعاية المسيح الحقيقية لشعبه فهو يهتم بطرد الرعاة غير الأمناء، وهذا ما قيل في (حز 34: 10) أن الله سيرفض الرعاة غير الأمناء. وكلمة أبدت= تعني فصلت أو طردت. وإذا فهمنا أن النبي يقوم بدور المسيح، فالمعنى يصبح أن المسيح أبطل وظائف الرعاية اليهودية، فهو جاء كراعٍ حقيقي لهم، ولأنهم كانوا سراق ولصوص (يو8:10). ويشير الثلاثة رعاة بهذا لطوائف كهنة اليهود. وقد يكون فعلًا في أيام أورشليم الأخيرة قبل خرابها بيد تيطس ثلاث رعاة وبنهايتهم انتهى الكهنوت اليهودي وقد تم فعلًا عند صلب المسيح شق حجاب الهيكل. وَشَهْرٍ وَاحِدٍ = هي مدة قصيرة تشير لمدة خدمة المسيح. وهم كرهوا المسيح، وهو أيضًا ضاقت نفسه منهم فلم يعد لرعايتهم. ويبدو أن ما حدث مع زكريا أنه اكتشف عدم أمانتهم وكراهيتهم فضاق هو بهم وهم كرهوه فطردهم.
آية (9): "فَقُلْتُ: «لاَ أَرْعَاكُمْ. مَنْ يَمُتْ فَلْيَمُتْ، وَمَنْ يُبَدْ فَلْيُبَدْ. وَالْبَقِيَّةُ فَلْيَأْكُلْ بَعْضُهَا لَحْمَ بَعْضٍ!»."
فقلت لا أرعاكم= ونتيجة عدم الرعاية فهو لن يشفيهم، بل سيعاقبهم ومن يمت فليمت، أي من أصر على رفضه للمسيح سيعرض نفسه للموت ويكون هو المسئول عن نفسه. هذه تشبه "من هو نجس فليتنجس بعد" (رؤ11:22).
الآيات (10-14): "فَأَخَذْتُ عَصَايَ «نِعْمَةَ» وَقَصَفْتُهَا لأَنْقُضَ عَهْدِي الَّذِي قَطَعْتُهُ مَعَ كُلِّ الأَسْبَاطِ. فَنُقِضَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ. وَهكَذَا عَلِمَ أَذَلُّ الْغَنَمِ الْمُنْتَظِرُونَ لِي أَنَّهَا كَلِمَةُ الرَّبِّ. فَقُلْتُ لَهُمْ: «إِنْ حَسُنَ فِي أَعْيُنِكُمْ فَأَعْطُونِي أُجْرَتِي وَإِلاَّ فَامْتَنِعُوا». فَوَزَنُوا أُجْرَتِي ثَلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ. فَقَالَ لِي الرَّبُّ: «أَلْقِهَا إِلَى الْفَخَّارِيِّ، الثَّمَنَ الْكَرِيمَ الَّذِي ثَمَّنُونِي بِهِ». فَأَخَذْتُ الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ وَأَلْقَيْتُهَا إِلَى الْفَخَّارِيِّ فِي بَيْتِ الرَّبِّ. ثُمَّ قَصَفْتُ عَصَايَ الأُخْرَى «حِبَالًا» لأَنْقُضَ الإِخَاءَ بَيْنَ يَهُوذَا وَإِسْرَائِيلَ.
قد يكون هذا المشهد تم في الهيكل بين النبي كممثل لله. وهو يقوم بدور الراعي وبين من تقلدوا الخدمة الكهنوتية بعد يهوشع. وهناك تصور لما حدث، فبعد أن طرد النبي الرعاة الثلاثة يبدو أنه قد رُفِض من التجار أصحاب الغنم. وهؤلاء يبدو أنهم كانوا أصحاب للكهنة، فذهب لهم في الهيكل. فَأَخَذْتُ عَصَايَ «نِعْمَةَ» وَقَصَفْتُهَا = وقصف "عصاه نعمة" علامة رفضه في أن يستمر في رعاية القطيع، وكرمز للمسيح تكون علامة لقطع نعمته ورحمته وعنايته عن اليهود، وبذلك تجردت الأمة اليهودية من أمجادها (مت43:21). وفي (11) فنقض في ذلك اليوم= أي يوم رفض المسيح نقض العهد بين الله والأمة اليهودية عَلِم أذل الغنم= هم قطيع المسيح الصغير [لا تخافوا أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، فإن أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ] (لو 12: 32) بعد أن حرم اليهود منه. وشعب المسيح وهم أذل الغنم فهموا أن اليهود قد رفضوا، أما اليهود أنفسهم فلم يفهموا بعد. وفي (12) حينما حدث الخلاف بين النبي والتجار وذهب للهيكل فهو طلب منهم أن يقيموه كراعٍ خدم قطيعهم، فاستهتروا بالنبي وَقَيَّمُوه بـ:ثَلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ = ثمن العبد كأنهم يقولون له، خدماتك لنا كانت بلا قيمة، وهكذا قيموا الرجل الذي خدمهم بأمانة، وكان قلبه يبكي لأجلهم، وهو طرد الرعاة الثلاثة لمصلحتهم. وبنفس هذا المبلغ قيموا المسيح الذي أخلى ذاته أخذًا صورة عبد من أجلهم، وجاء ليطرد لهم رعاتهم غير الأمناء الذين نهبوهم، ولكنهم أهانوا المسيح الذي بكَى لأجلهم. وفي (13) إلقها إلى الفخاري= الله يأمر النبي أن يلقي هذا الثمن المهين في حقل. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). الثمن الكريم= هي كلمة تهكم على الثمن الذي قيموا به النبي، والذي سيُقَيِّموا به المسيح بعد ذلك. وقد يكون فيه إشارة أنه ثمن لدمٍ كريم (1بط19:1). وواضح طبعًا التطابق مع ما حدث مع المسيح ووضوح النبوة. وقد قام زكريا النبي بإلقاء الثلاثين من الفضة للفخاري في الهيكل. ولاحظ أن الفخاري يتعامل مع الطين وهذا هو طبيعة قلبهم الترابي. وبالنسبة لما حدث مع المسيح فإنهم بهذا الثمن أي الثلاثين من الفضة أي ثمن دم المسيح اشتروا حقلًا (حقل الدم) لدفن الغرباء (مت7:27). وهذا يشير لقبول الأمم حيث ندفن مع المسيح بثمن دمه لنقوم معه. وفي (14) قَصَفْتُ عَصَايَ الأُخْرَى حِبَالًا = قصفت العصا حبالًا، أي نتيجة عملهم أصبح لا وحدة بينهم وبين بعضهم ولا بينهم وبين الله، وهذا يشير لتشتتهم في كل أنحاء الأرض بعد صلبهم للرب ولاحظ أن المسيح أتى ليجعلنا واحدًا ومن يرفض المسيح يفقد الوحدة (يو21:17). وهذا هو ما أشار له إرميا النبي (إر 19) فالإناء الخزفي أي الشعب اليهودي قد تقسَّى قلبه وما عاد هناك أمل في تجديده لرفضهم للمسيح، فهم حكموا على أنفسهم بالكسر كما كسر ارمياء الإناء الخزفي.
الآيات (16،15): "فَقَالَ لِي الرَّبُّ: «خُذْ لِنَفْسِكَ بَعْدُ أَدَوَاتِ رَاعٍ أَحْمَقَ، لأَنِّي هأَنَذَا مُقِيمٌ رَاعِيًا فِي الأَرْضِ لاَ يَفْتَقِدُ الْمُنْقَطِعِينَ، وَلاَ يَطْلُبُ الْمُنْسَاقَ، وَلاَ يَجْبُرُ الْمُنْكَسِرَ، وَلاَ يُرَبِّي الْقَائِمَ. وَلكِنْ يَأْكُلُ لَحْمَ السِّمَانِ وَيَنْزِعُ أَظْلاَفَهَا»."
النتيجة الطبيعية لرفض المسيح هي قبول ضد المسيح. فالقلب إما أن يملك عليه الله أو الشيطان، والراعي الأحمق هنا يشير أولًا لأنطيوخس إبيفانيوس الذي هو رمز لضد المسيح الذي يأتي في نهاية الأيام ويقبله شعب اليهود على أنه المسيح الحقيقي. ولاحظ أنهم اتهموا المسيح أنه راعٍ مضلل. وكأن الله حين طلب من النبي أن يأخذ لنفسه أدوات راعٍ أحمق= يريد أن يقول لهم أتريدون أن تعرفوا نتيجة رفضكم للراعي الحقيقي، فأنتم ستقبلون راعٍ أحمق [فالرب يُعْطِكَ حَسَبَ قَلْبِكَ] (مز 20: 4)، ويشرح بعد ذلك ماذا سيفعله بهم هذا الراعي الأحمق، وكأن الله يقول لهم وأن هذا سيكون عقابكم. فالمسيح الراعي الصالح يحفظ وحدانية الروح برباط الصلح والسلام (أف3:4) وهو يبذل نفسه عن الخراف. رَاعٍ أَحْمَقَ = أما الراعي الأحمق = ضد المسيح فسيأكل لحم الرعية تمامًا، وهذا ما عمله السراق واللصوص الذين أتوا قبل المسيح. وَيَنْزِعُ أَظْلاَفَهَا = وينزعون عنها أظلافها أي أظافِرها، بمعنى يأكلونها تمامًا. وفي (16) مواصفات ضد المسيح. وهذا ما قاله المسيح لليهود "انا قد أتيت باسم أبي ولستم تقبلونني. إن أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه" (يو5: 43).
آية (17): "وَيْلٌ لِلرَّاعِي الْبَاطِلِ التَّارِكِ الْغَنَمِ! اَلسَّيْفُ عَلَى ذِرَاعِهِ وَعَلَى عَيْنِهِ الْيُمْنَى. ذِرَاعُهُ تَيْبَسُ يَبْسًا، وَعَيْنُهُ الْيُمْنَى تَكِلُّ كُلُولًا!"
السيف على ذراعه = له ذراع قوي كأسد ودب ونمر معًا (رؤ13: 2) ويبطش بوحشية بأولاد الله (مت21:24، 22). وعلى عينه اليمنى = تشير لخداعاته الفكرية (رؤ 13: 13)، فهو سَيَدَّعِي المعرفة الكاملة. وهكذا كان عليم الساحر رمزًا له فهو كان يخدع بأعماله السحرية وأكاذيبه للناس. فالعين تشير للمعرفة، ويقال عن الكاروبيم أنهم مملوئين أعينًا لمعرفتهم العميقة بالله، وهذا له أعين لكنها كسيف، إذ أن معارفه السحرية وخداعاته العقلية هي كسيف يخدع، فيهلك المؤمنين البسطاء. ولكن كما حدث مع عليم الساحر إذ أصيب بالعمى وأصبح لا يبصر (أع11:13) سيحدث مع ضد المسيح ويعجز ذراعه وعينه = ذِرَاعُهُ تَيْبَسُ.. وَعَيْنُهُ.. تَكِلُّ كُلُولًا. وقد تعني أنه لمضايقاته لشعب الله (السيف الذي على ذراعه) سيفقده الله قوته = ذراعه تيبس حتى يعطي الله فرصة لنجاة شعبه. بل سيفقد تمامًا رؤيته الصحيحة= وَعَيْنُهُ.. تَكِلُّ كُلُولًا. فيتخبط بلا حكمة في قراراته.
ونلاحظ هنا سلاحي الشيطان في الحرب ضد أولاد الله:-
1) الوحشية والدموية فهو قتالا للناس منذ البدء.
2) الخداع، وكل شهوات
الخطية ما هي سوى خداع، توهم بالفرح ولا تملك أن تعطيه. بل تخفي عن العين
الآلام التي تصيب الخاطئ. وقد تكون هذه علامة لنا نعرف بها ضد المسيح حين يظهر،
أن يده تيبس وعينه تكل.
← تفاسير أصحاحات زكريا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير زكريا 12 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير زكريا 10 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/4dfrh45