محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
دانيال + تتمة السفر: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42 - 43 - 44 - 45
سبق الله وأنبأ في الإصحاحات (دا 2، 7) بالدول العظمى أو الممالك الكبيرة التي تؤثر في شعب الله. وكانت بالترتيب بابل ثم مادي وفارس ثم اليونان ثم الرومان. وركز الإصحاح السابع على الرومان بالذات والهرطقة التي تأتي بعدهم. وفي الإصحاح الثامن تركيز على الفرس والمملكة التي تأتي بعدهم وهي الدولة اليونانية، التي يخرج منها ملك مضطهد خبيث ماكر دموي يضطهد شعب الله. ونجد هنا في هذا الإصحاح تركيزًا أكثر على كون أن اليونان ستعقب مملكة الفرس، ويخرج منهم هذا المضطهد وهو أنطيوخس إبيفانيوس. والقصة المذكورة هنا حدثت تمامًا والله قصد أن يخبر بهذه الأحداث قبل حدوثها حتى يتوقع الشعب ظهور هذا المقاوم. وقد تتكرر هذه الأحداث بصورة أو بأخرى قرب نهاية الأيام، وتنتهي بظهور شخصية ماكرة دموية تضطهد شعب الله، ألا وهو ضد المسيح واليهود سيقبلونه على أنه المسيح. والمسيح قد سبق وحذرنا من أن نقبله [لا تصدقوا أن قال لكم أحد هوذا المسيح هنا أو هناك] (مر21:13). وحتى نتأكد من أن هذا الشخص دجال ستسبق هذه الأحداث ظهوره. خصوصًا أن كلمات هذا الإصحاح تشير لشخصية ضد المسيح هذا. وكون أن الله يخبر شعبه بنبوة ستحدث بعد آلاف السنين فهذا بلا شك يقوي إيمانهم خلال هذه الضيقة المنتظرة. ومن يعرف ما سوف يحدث من آلاف السنين فلا شك أنه يستطيع أن يتصرف ويسيطر على الأمور.
آية (1): "«وَأَنَا فِي السَّنَةِ الأُولَى لِدَارِيُوسَ الْمَادِيِّ وَقَفْتُ لأُشَدِّدَهُ وَأُقَوِّيَهُ."
هنا المتكلم هو الملاك جبرائيل، وهو يعلن كيف كان يحارب الشيطان رئيس فارس، فهو كان يشدد ملكها داريوس ليطلق الشعب من أرض العبودية. وهذه القصة تظهر عمل الملائكة وخدمتهم للبشر. وغالبًا كانت هناك ملائكة تشجع داريوس حتى ينتصر على جيش بابل. ونحن نصلي لأي حاكم حتى يكون هناك سلام للكنيسة. إذًا الملائكة تشدد الحكام لصالح شعب الله. [وألم يتشدد دانيال نفسه بلمسة من الملاك جبرائيل مرتين في هذه الرؤيا (دا 10: 10 ، 18)].
آية (2): "وَالآنَ أُخْبِرُكَ بِالْحَقِّ. هُوَذَا ثَلاَثَةُ مُلُوكٍ أَيْضًا يَقُومُونَ فِي فَارِسَ، وَالرَّابعُ يَسْتَغْنِي بِغِنًى أَوْفَرَ مِنْ جَمِيعِهِمْ، وَحَسَبَ قُوَّتِهِ بِغِنَاهُ يُهَيِّجُ الْجَمِيعَ عَلَى مَمْلَكَةِ الْيُونَانِ."
راجع المقدمة عن ملوك الفرس، فالثلاثة ملوك هم إما كورش ثم قمبيز ثم داريوس هستاسب أو يكون المقصود هم من أتوا بعد كورش وهم قمبيز ثم المحتال سمردس ثم داريوس هستاسب. وأما الرابع فهو زركسيس الأول أغناهم ثروة والفرس أطلقوا على كورش لقب الأب وعلى قمبيز لقب المعلم وعلى داريوس لقب المؤسس والحامي. أما الرابع وهو زركسيس فقد أثار اليونان بهجومه عليها وكانت حملته ضد اليونان شهيرة في التاريخ، وأيضًا هزيمته النكراء هناك ولاحظ قول الكتاب يُهَيِّج وليس يهزم. وهو حين خرج ليحارب اليونان بجيشه الضخم كان مصدر قلق ورعب لهم وفي رجوعه كان هزءًا وسخرية لليونان. وأسقط الكتاب بقية ملوك الفرس لينتقل لملوك اليونان.
آية (3): "وَيَقُومُ مَلِكٌ جَبَّارٌ وَيَتَسَلَّطُ تَسَلُّطًا عَظِيمًا وَيَفْعَلُ حَسَبَ إِرَادَتِهِ."
هذه تشير للإسكندر الأكبر الذي عبدوه كإله وتسلَّطَ كيفما يريد.
آية (4): "وَكَقِيَامِهِ تَنْكَسِرُ مَمْلَكَتُهُ وَتَنْقَسِمُ إِلَى رِيَاحِ السَّمَاءِ الأَرْبَعِ، وَلاَ لِعَقِبِهِ وَلاَ حَسَبَ سُلْطَانِهِ الَّذِي تَسَلَّطَ بِهِ، لأَنَّ مَمْلَكَتَهُ تَنْقَرِضُ وَتَكُونُ لآخَرِينَ غَيْرِ أُولئِكَ."
مات الإسكندر شابًا ولم يكن له من يخلفه على عرشه فأخوه أريديوس (وهو ليس من أمه) الذي تركه في اليونان قتلته أم الإسكندر أوليمباس بل سممت ابنًا الإسكندر هيركوليس وإلكسندر لتحكم هي. ولا لعقبه ولا حسب سلطانه = فحينما مات الإسكندر لم يرثه عقبه، بل انتهت عائلته بموته وقام عوضًا عنه قادته الأربعة (ملوك اليونان وتركيا وسوريا ومصر) ولكنهم لم يكونوا في قوته = وَلاَ حَسَبَ سُلْطَانِهِ.
وَكَقِيَامِهِ تَنْكَسِرُ مَمْلَكَتُهُ = أي كما قام وغزا العالم بسرعة سيموت فجأة شابًا وقصة الإسكندر ونهايته ونهاية أسرته هي شاهد على بطلان هذه الدنيا "هو امتلك الدنيا وخسر نفسه".
كانت أقوى مملكتين من الأربع ممالك هما مملكة مصر وتسمى مملكة الجنوب ومملكة سوريا وتسمى مملكة الشمال. وهذين المملكتين ظلا في صراع منذ نشأتهما ودار هذا الصراع حول إسرائيل وأورشليم. ولذلك يخبر الله مسبقًا بما سيصنعه هؤلاء بشعبه. ومن شدة وضوح النبوات وتطابقها مع ما حدث فعلًا ظن نقاد الكتاب المقدس أن كاتب سفر دانيال ليس هو دانيال إنما كاتب آخر من العصر اليوناني. هؤلاء لا يصدقون إمكانية أن ينبئ أحد الأنبياء بالمستقبل، بل هم يريدون الأنبياء مجرد مؤرخين لأحداث وقعت فعلًا. ولكن لاحظ قول الرب في (إش21:41-23) فالله هنا يقول أنه ليس غيره من يستطيع أن يخبر بالمستقبل، وهو يفعل هذا قطعًا عن طريق أنبيائه، وذلك ليزداد إيماننا ونتشدد حين يتم ما سبق وأخبرنا به (يو29:14) ومملكة الجنوب كانت تسمى مملكة البطالمة نسبة لمؤسسها بطلميوس ومملكة الشمال كانت تُسمى "مملكة السلوكيين" نسبة لمؤسسها سلوكس. ولكن إن كانوا حسب تصورهم أن كاتب سفر دانيال ما هو إلا مؤرخ لأحداث حدثت فعلا، فما تفسيرهم لنبواته عن نهاية العالم؟!
سلوكس نيكاتور (الغالب) (من سنة 310 ق.م.) |
بطلميوس لاجوس (من سنة 323 ق.م) |
أنطيوخس سوتير (المنقذ) (من سنة 280 ق.م.) |
بطلميوس فيلادلفوس (من سنة 284 ق.م.) |
أنطيوخس ثيوس (الإله) (من سنة 260 ق.م.) |
بطلميوس إيروجيتس (من سنة 246 ق.م.) |
سلوكس كاللينيكوس (الطبيب) (من سنة 245 ق.م.) |
بطلميوس فيلوباتر (من سنة 221 ق.م.) |
سلوكس كيرونوس (من سنة 225 ق.م.) |
بطلميوس أبيفانيوس (من سنة 204 ق.م.) |
أنطيوخس الكبير (من سنة 223 ق.م.) |
بطلميوس فيلوميتر (من سنة 180 ق.م.) |
سلوكس فيلوباتير (من سنة 186 ق.م.) | |
هليودوروس- بطلميوس السادس وديمتريوس. وهؤلاء قاومهم أنطيوخس إبيفانيوس وخلفهم بالمكر أنطيوخس إبيفانيوس (من سنة 175 ق.م.) | |
ملوك سوريا (الشمال) |
ملوك مصر (الجنوب) |
|
|
والآيات التالية تشير للحروب التي قامت بين هاتين العائلتين. وتسميتها بالشمال والجنوب فهذا قطعًا بالنسبة لأرض إسرائيل حيث يوجد شعب الله. ولذلك لم نسمع عن أخبار مملكة اليونان ولا تراقيا بعد ذلك. فالملاك يعلن لدانيال أنه سيريه ويفهمه ما يصيب شعبه. إذًا النبوات مركزة على ما يصيب شعب الله.
(آية 5): "وَيَتَقَوَّى مَلِكُ الْجَنُوبِ. وَمِنْ رُؤَسَائِهِ مَنْ يَقْوَى عَلَيْهِ وَيَتَسَلَّطُ. تَسَلُّطٌ عَظِيمٌ تَسَلُّطُهُ."
ملك الجنوب هو بطلميوس لاجوس وقوله ومن رؤسائه من يقوى عليه تشير لأن سلوكس نيكاتور كان خاضعًا أولًا لبطلميوس لاجوس. ثم تقوى سلوكس على بطلميوس واستولى على أعظم مملكة بين الأربع ممالك وهي مملكة سوريا والتي امتدت من شاطئ البحر المتوسط حتى حدود الهند. وقيل أنه كان يتبع سلوكس هذا 72 ملكًا وهذا يتضح من الجدول السابق فسلوكس نيكاتور بدأ ملكه مستقلًا سنة 310 ق.م. أي بعد تأسيس كرسي البطالمة بـ13 سنة وسلوكس هذا سُمِّيَ بالغالب أو الفاتح لكثرة فتوحاته، مما قواه ضد بطلميوس وكانت هناك أحقاد بسبب هذا بين العائلتين.
آية (6): "وَبَعْدَ سِنِينَ يَتَعَاهَدَانِ، وَبِنْتُ مَلِكِ الْجَنُوبِ تَأْتِي إِلَى مَلِكِ الشِّمَالِ لإِجْرَاءِ الاتِّفَاقِ، وَلكِنْ لاَ تَضْبِطُ الذِّرَاعُ قُوَّةً، وَلاَ يَقُومُ هُوَ وَلاَ ذِرَاعُهُ. وَتُسَلَّمُ هِيَ وَالَّذِينَ أَتَوْا بِهَا وَالَّذِي وَلَدَهَا وَمَنْ قَوَّاهَا فِي تِلْكَ الأَوْقَاتِ."
كانت هناك محاولات لدمج وتوحيد المملكتين ولكنها كانت غير مثمرة. وبعد وفاة الإسكندر بحوالي 70 سنة كانت هناك محاولة غير مخلصة لربط المملكتين وكان ذلك بأن زَوَّجَ بطلميوس فيلادلفوس ملك مصر ابنته برنيكي لأنطيوخس ثيوس ملك سوريا، الذي كان له زوجة تدعى لاوديس. فَـ:بِنْتُ مَلِكِ الْجَنُوبِ برنيكي هذه تَأْتِي إِلَى مَلِكِ الشِّمَالِ لإِجْرَاءِ الاتِّفَاقِ = أي الوحدة ولكن لا تضبط الذراع قوة = أي لن تملك هي ولا ذريتها على كرسي الشمال، بل ولا أبوها ولا أنطيوخس زوجها نفسه (اللذين كان التحالف بينهما) وستسلم هي والذين أتوا بها = أي كل من خطط لهذا الزواج. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). فقد تسبب هذا الزواج في مصائب كثيرة، فقد تولت لاوديس الزوجة الأولى تأليب أصدقائها على الملك، مما اضطر أنطيوخس أن يطلق برنيكي ويرد زوجته لاوديس الأولى. إلا أنها قتلته بالسم ثم دبرت قتل برنيكي وولدها، وملكت ابنها باسم سلوكس كاللينيكوس.
الآيات (7-9): "وَيَقُومُ مِنْ فَرْعِ أُصُولِهَا قَائِمٌ مَكَانَهُ، وَيَأْتِي إِلَى الْجَيْشِ وَيَدْخُلُ حِصْنَ مَلِكِ الشِّمَالِ وَيَعْمَلُ بِهِمْ وَيَقْوَى. وَيَسْبِي إِلَى مِصْرَ آلِهَتَهُمْ أَيْضًا مَعَ مَسْبُوكَاتِهِمْ وَآنِيَتِهِمِ الثَّمِينَةِ مِنْ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ، وَيَقْتَصِرُ سِنِينَ عَنْ مَلِكِ الشِّمَالِ. فَيَدْخُلُ مَلِكُ الْجَنُوبِ إِلَى مَمْلَكَتِهِ وَيَرْجِعُ إِلَى أَرْضِهِ."
ويقوم من فرع أصولها= الفرع هو بطلميوس إيروجيتس فهو ابن بطلميوس فيلادلفوس أي شقيق برنيكي وهذا جمع جيشًا ضخمًا وجاء على سلوكس كاللينيكوس لينتقم لأخته برنيكي، وقتل لاوديس فعلًا، وفي دخوله لأراضي سلوكس ومن بينها يهوذا نشر الخراب أينما حلَّ. ونجح في حربه ضد سلوكس وكان له غنيمة كبيرة من الرجال والمقتنيات = وَيَسْبِي إِلَى مِصْرَ آلِهَتَهُمْ.. وهو سمع بأخبار فتنة في مصر فاضطر للعودة ليحفظ السلام فيها = يدخل ملك الجنوب إلى مملكته. ويبدو أنه لانشغاله بالسلام في مصر لم يتحمل البقاء خارجها كثيرًا وَيَقْتَصِرُ سِنِينَ عَنْ مَلِكِ الشِّمَالِ. وقد مات كاللينيكوس هذا بعد ذلك لسقوطه عن جواده.
الآية (10): "«وَبَنُوهُ يَتَهَيَّجُونَ فَيَجْمَعُونَ جُمْهُورَ جُيُوشٍ عَظِيمَةٍ، وَيَأْتِي آتٍ وَيَغْمُرُ وَيَطْمُو وَيَرْجِعُ وَيُحَارِبُ حَتَّى إِلَى حِصْنِهِ."
كان ابنا كاللينيكوس هما سلوكس كيرونوس وأنطيوخس. وهذين تهيجوا بسبب هزيمة أبيهم وما سلبه منهم البطالمة، فجمعوا جيوشًا ضخمة على مصر ليستردوا ما فقده أبوهم. ولكن سلوكس الابن الأكبر كان ضعيفًا وغير قادر أن يحكم جيشه ومات مقتولًا بالسم بيد أصدقائه وحكم سنتين فقط فأتى بعده أخوه أنطيوخس الذي حكم 37 سنة وتسمى باسم أنطيوخس الكبير. ولاحظ إعجاز الوحي، فالملاك يبدأ حديثه بقوله وبنوه يتهيجون فيجمعون.. فهم الآن اثنين.. ثم ينهي كلامه بقوله ويغمر ويطمو.. فقد مات أحدهم وترك الآخر بمفرده وأنطيوخس جاء إلى مصر بجيش كبير.
آية (11): "وَيَغْتَاظُ مَلِكُ الْجَنُوبِ وَيَخْرُجُ وَيُحَارِبُهُ أَيْ مَلِكَ الشِّمَالِ، وَيُقِيمُ جُمْهُورًا عَظِيمًا فَيُسَلَّمُ الْجُمْهُورُ فِي يَدِهِ."
ولكن ملك الجنوب كان له نجاح عظيم على أنطيوخس، فأنطيوخس أثار بطلميوس فيلوباتر بأفعاله، فاغتاظ منه وحاربه فأتى أنطيوخس بجيش كبير = ويقيم جمهورًا عظيمًا. لكن فيلوباتير أكتسح جيش أنطيوخس وهزمه = فيسلم الجمهور في يده = أي في يد فيلوباتر.
آية (12): "فَإِذَا رُفِعَ الْجُمْهُورُ يَرِتْفِعُ قَلْبُهُ وَيَطْرَحُ رَبَوَاتٍ وَلاَ يَعْتَزُّ."
نتيجة انتصار فيلوباتر يَرِتْفِعُ قَلْبُهُ = ارتفع قلبه أي دخله الكبرياء.
رُفِعَ الْجُمْهُورُ = رُفِعَ مترجمة
taken away أي يزيل. والجمهور هو جيش أنطيوخس المعادي. وفيلوباتر هذا كان أحمق لا يقلع عن ملذاته وحماقاته. وبعد انتصاره زاد انغماسه في الحماقات والإباحية، ويقول عنه المؤرخون أنه بعد انتصاره هذا دخل هيكل الله في أورشليم، بل دخل إلى قدس الأقداس مخالفًا الناموس وهذا أغضب الله عليه، فبالرغم من انتصاره يَطْرَحُ رَبَوَاتٍ = طرحه ربوات أي كان القتلَى بعشرات الألوف من جيش أنطيوخس، إلا أنه لا يعتز = أي لا يتقوى فهو تحدى الله، والله سحب منه القوة لذلك. وتسمى المعركة التي انتصر فيها فيلوباتير على غريمه أنطيوخس معركة رافيا قرب حدود مصر سنة 217 ق.م. وبعد هذا حدثت حركة عصيان في سوريا ضد فيلوباتير هذا فاضطر أن يعقد صلحًا مهينًا مع أنطيوخس، وهذا مما يؤكد قول الله = لا يعتز = فهو لم يقوى على مواصلة انتصاراته أو استثمارها.
الآيات (14،13): "فَيَرْجعُ مَلِكُ الشِّمَالِ وَيُقِيمُ جُمْهُورًا أَكْثَرَ مِنَ الأَوَّلِ، وَيَأْتِي بَعْدَ حِينٍ، بَعْدَ سِنِينَ بِجَيْشٍ عَظِيمٍ وَثَرْوَةٍ جَزِيلَةٍ. وَفِي تِلْكَ الأَوْقَاتِ يَقُومُ كَثِيرُونَ عَلَى مَلِكِ الْجَنُوبِ، وَبَنُو الْعُتَاةِ مِنْ شَعْبِكَ يَقُومُونَ لإِثْبَاتِ الرُّؤْيَا وَيَعْثُرُونَ."
صار هناك الآن أعداء كثيرين لمصر = يقوم كثيرون = ملك الجنوب الآن هو ابن فيلوباتير واسمه بطلميوس إبيفانيوس وهذا كان قاصرًا صغير السن جدًا. فانتهز انطيوخس هذه الفرصة وتحالف مع فيليب المقدوني. بل سعى لضم اليهود كما في آية (14). فلم يوافقه اليهود الأمناء ولكن وافقه اليهود العتاة أي الذين يحاولون كسب رضاء أنطيوخس ليحصلوا على أمجاد عالمية. وبذلك قام الكثيرون ضد هذا الملك الصغير السن.
الآيات (15-20): "فَيَأْتِي مَلِكُ الشِّمَالِ وَيُقِيمُ مِتْرَسَةً وَيَأْخُذُ الْمَدِينَةَ الْحَصِينَةَ، فَلاَ تَقُومُ أَمَامَهُ ذِرَاعَا الْجَنُوبِ وَلاَ قَوْمُهُ الْمُنْتَخَبُ، وَلاَ تَكُونُ لَهُ قُوَّةٌ لِلْمُقَاوَمَةِ. وَالآتِي عَلَيْهِ يَفْعَلُ كَإِرَادَتِهِ وَلَيْسَ مَنْ يَقِفُ أَمَامَهُ، وَيَقُومُ فِي الأَرْضِ الْبَهِيَّةِ وَهِيَ بِالتَّمَامِ بِيَدِهِ. وَيَجْعَلُ وَجْهَهُ لِيَدْخُلَ بِسُلْطَانِ كُلِّ مَمْلَكَتِهِ، وَيَجْعَلُ مَعَهُ صُلْحًا، وَيُعْطِيهِ بِنْتَ النِّسَاءِ لِيُفْسِدَهَا، فَلاَ تَثْبُتَ وَلاَ تَكُونَ لَهُ. وَيُحَوِّلُ وَجْهَهُ إِلَى الْجَزَائِرِ وَيَأْخُذُ كَثِيرًا مِنْهَا، وَيُزِيلُ رَئِيسٌ تَعْيِيرَهُ فَضْلًا عَنْ رَدِّ تَعْيِيرِهِ عَلَيْهِ. وَيُحَوِّلُ وَجْهَهُ إِلَى حُصُونِ أَرْضِهِ وَيَعْثُرُ وَيَسْقُطُ وَلاَ يُوجَدُ. «فَيَقُومُ مَكَانَهُ مَنْ يُعَبِّرُ جَابِيَ الْجِزْيَةِ فِي فَخْرِ الْمَمْلَكَةِ، وَفِي أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ يَنْكَسِرُ لاَ بِغَضَبٍ وَلاَ بِحَرْبٍ."
اليهود بنو العتاة = هؤلاء كانوا يعرفون النبوة وأن أنطيوخس سينجح ضد ملك مصر. فهم قاموا وساندوه ليحصلوا على امتيازات لليهود بعد انتصار أنطيوخس بمساعدتهم ولكن يعثرون = فلم يعطهم أنطيوخس الحرية أبدًا بل قيل ويقوم في الأرض البهية وهي بالتمام في يده (16) = أي سلطانه كامل عليها وهذا الجيش العظيم حمل على الحامية المصرية المتبقية في أورشليم فهزموها. وفي موقعة بانياس هزم قائدها اسكوبياس وفر إلى صيدا الحصينة ولكنه قتل هناك. وكذلك أبيدت الجيوش المصرية المرسلة للنجدة. وأصبح أنطيوخس هو السيد المطلق هناك في كل مكان، وعقب عودته من الحروب المصرية دخل الأرض البهية أي فلسطين. وفي (17) حتى يضمن أنطيوخس أن يخضع له بطلميوس إبيفانيس أعطاه ابنته كليوباترا زوجة له (هذه غير كليوباترا الملكة المصرية المشهورة) وقد أوصاها أبوها أنطيوخس أن تعمل لمصلحته بعد زواجها = ليفسدها = أي هو عمل هذا بنية شريرة ليفسد مصر وعرشها ويفسد المخطط الذي قاله بفمه عن الوحدة والتصالح، فنية قلبه كانت غير هذا، فهو كان يتكلم بفمه عن الوحدة ولكنه يعطي ابنته لبطلميوس كشرك لتؤذيه. إلا أنها وقفت بجانب زوجها ضد أبيها = فلا تثبت ولا تكون له = وبذلك فشلت خطته. فحوَّل وجهه نحو اليونان لتوسيع أراضيه وتمت له السيطرة على جزر بحر إيجة أولًا. ثم عبر بجيوشه إلى اليونان إلا أن نجم روما كان قد ظهر في الأفق، وعقد اليونانيين حلفًا دفاعيًا وهجوميًا مع الرومان. وأتى لوكيوس أسكيبيو مفوضًا من مجلس الشيوخ الروماني وكسر أنطيوخس وفرض عليه شروطًا مهينة جدًا. ثم ردَّهُ على أعقابه إلى بلده ويحول وجهه إلى الجزائر = تشير لمحاولة أنطيوخس غزو اليونان. ولاحظ أن اليهود كانوا يسمون المناطق عبر البحر بالجزائر فهم لا خبرة لهم في الشئون البحرية. ويزيل رئيس تعييره= هذا الرئيس هو لوكيوس أسكيبيو الروماني، الذي بانتصاره على أنطيوخس أزال التعيير الذي وقع على اليونان، بل وعلى الرومان، إذ أن أنطيوخس خلال غزوته هزم بعض الجيوش الرومانية في اليونان وسخر منهم وعيَّرهم، بل رده إلى أرضه = يُحَوِّلُ وَجْهَهُ إِلَى حُصُونِ أَرْضِهِ.
فَضْلًا عَنْ رَدِّ تَعْيِيرِهِ عَلَيْهِ = تحولت المهانة إلى أنطيوخس وعاد بشروط صعبة غير عالم كيف يدفع الجزية المقررة عليه للرومان. وفي يأسه دخل هيكل جوبيتر ليسلبه، فثار عليه الشعب بل وجنوده أيضًا. وقتله الشعب الثائر لأن فعلته هذه كانت تعتبر عندهم انتهاكًا لحرمة مكان مقدس بطريقة لا تغتفر. ونتيجة للحالة المزرية التي ترك بلاده عليها، جاء ابنه سلوكس فيلوباتر وأخذ في جمع الجزية فسمى جابي الجزية. لأنه أوقع على شعبه جزية كبيرة. ولما قالوا له "أنت بهذا تخسر أصدقائك" قال لهم "أنا لا أعرف صديقًا لي سوى المال" ومن أعماله أنه حاول سرقة هيكل الرب في أورشليم فأرسل القائد هليودوروس لنهبه وهذا بعد عودته بالغنيمة اغتال سيده بمكر= وفي أيام قليلة ينكسر لا بغضب ولا بحرب = بل في اغتيال، وكان هذا لسرقته هيكل الرب الذي في أورشليم = فخر المملكة = وملك هليودوروس هذا لمدة 12 سنة.
الآيات (21-35): "فَيَقُومُ مَكَانَهُ مُحْتَقَرٌ لَمْ يَجْعَلُوا عَلَيْهِ فَخْرَ الْمَمْلَكَةِ، وَيَأْتِي بَغْتَةً وَيُمْسِكُ الْمَمْلَكَةَ بِالتَّمَلُّقَاتِ. وَأَذْرُعُ الْجَارِفِ تُجْرَفُ مِنْ قُدَّامِهِ وَتَنْكَسِرُ، وَكَذلِكَ رَئِيسُ الْعَهْدِ. وَمِنَ الْمُعَاهَدَةِ مَعَهُ يَعْمَلُ بِالْمَكْرِ وَيَصْعَدُ وَيَعْظُمُ بِقَوْمٍ قَلِيل. يَدْخُلُ بَغْتَةً عَلَى أَسْمَنِ الْبِلاَدِ وَيَفْعَلُ مَا لَمْ يَفْعَلْهُ آبَاؤُهُ وَلاَ آبَاءُ آبَائِهِ. يَبْذُرُ بَيْنَهُمْ نَهْبًا وَغَنِيمَةً وَغِنًى، وَيُفَكِّرُ أَفْكَارَهُ عَلَى الْحُصُونِ، وَذلِكَ إِلَى حِينٍ. وَيُنْهِضُ قُوَّتَهُ وَقَلْبَهُ عَلَى مَلِكِ الْجَنُوبِ بِجَيْشٍ عَظِيمٍ، وَمَلِكُ الْجَنُوبِ يَتَهَيَّجُ إِلَى الْحَرْبِ بِجَيْشٍ عَظِيمٍ وَقَوِيٍّ جِدًّا، وَلكِنَّهُ لاَ يَثْبُتُ لأَنَّهُمْ يُدَبِّرُونَ عَلَيْهِ تَدَابِيرَ. وَالآكِلُونَ أَطَايِبَهُ يَكْسِرُونَهُ، وَجَيْشُهُ يَطْمُو، وَيَسْقُطُ كَثِيرُونَ قَتْلَى. وَهذَانِ الْمَلِكَانِ قَلْبُهُمَا لِفِعْلِ الشَّرِّ، وَيَتَكَلَّمَانِ بِالْكَذِبِ عَلَى مَائِدَةٍ وَاحِدَةٍ وَلاَ يَنْجَحُ، لأَنَّ الانْتِهَاءَ بَعْدُ إِلَى مِيعَادٍ. فَيَرْجعُ إِلَى أَرْضِهِ بِغِنًى جَزِيل وَقَلْبُهُ عَلَى الْعَهْدِ الْمُقَدَّسِ، فَيَعْمَلُ وَيَرْجعُ إِلَى أَرْضِهِ. «وَفِي الْمِيعَادِ يَعُودُ وَيَدْخُلُ الْجَنُوبَ، وَلكِنْ لاَ يَكُونُ الآخِرُ كَالأَوَّلِ. فَتَأْتِي عَلَيْهِ سُفُنٌ مِنْ كِتِّيمَ فَيَيْئَسُ وَيَرْجعُ وَيَغْتَاظُ عَلَى الْعَهْدِ الْمُقَدَّسِ، وَيَعْمَلُ وَيَرْجعُ وَيَصْغَى إِلَى الَّذِينَ تَرَكُوا الْعَهْدَ الْمُقَدَّسَ. وَتَقُومُ مِنْهُ أَذْرُعٌ وَتُنَجِّسُ الْمَقْدِسَ الْحَصِينَ، وَتَنْزِعُ الْمُحْرَقَةَ الدَّائِمَةَ، وَتَجْعَلُ الرِّجْسَ الْمُخَرِّبَ. وَالْمُتَعَدُّونَ عَلَى الْعَهْدِ يُغْوِيهِمْ بِالتَّمَلُّقَاتِ. أَمَّا الشَّعْبُ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ إِلهَهُمْ فَيَقْوَوْنَ وَيَعْمَلُونَ. وَالْفَاهِمُونَ مِنَ الشَّعْبِ يُعَلِّمُونَ كَثِيرِينَ. وَيَعْثُرُونَ بِالسَّيْفِ وَبِاللَّهِيبِ وَبِالسَّبْيِ وَبِالنَّهْبِ أَيَّامًا. فَإِذَا عَثَرُوا يُعَانُونَ عَوْنًا قَلِيلًا، وَيَتَّصِلُ بِهِمْ كَثِيرُونَ بِالتَّمَلُّقَاتِ. وَبَعْضُ الْفَاهِمِينَ يَعْثُرُونَ امْتِحَانًا لَهُمْ لِلتَّطْهِيرِ وَلِلتَّبْيِيضِ إِلَى وَقْتِ النِّهَايَةِ. لأَنَّهُ بَعْدُ إِلَى الْمِيعَادِ."
هذه النبوة بخصوص أنطيوخس إبيفانيوس آخر ملوك أسرة السلوكيين ومعنى كلمة أنطيوخس باليونانية ανθεκτικός "مقاوم" لذلك فهو رمز لضد المسيح من ناحية اسمه ومن ناحية أعماله ويبدأ الكلام عنه هنا. ويمكن تسميته بوحش الأيام الأولى، وهو طلع من مملكة الشمال. وهو شخص ماكر كذاب واشتهر باختلاق الأكاذيب. هو أطلق على نفسه اسم إبيفانيوس أي البهي. وأطلق اليهود عليه اسم إبيمانس أي المجنون. ولقد احتقره الجميع = فيقوم مكانه محتقر وهو كان يقطع العهود على نفسه ويخونها بسهولة جدًا. حدث هذا مع الشعب اليهودي ومع ملك مصر عدة مرات. هذا هو القرن الصغير في (دا 9:8) وكان عدوًا لدودًا لشعب الله، يضطهدهم بعنف. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وكثير من الآيات هنا عن أنطيوخس هذا تشير لضد المسيح وحش الأيام الأخيرة. ويمكن تطبيقها على كليهما. وكما حدث في (أش14) حين كان يتكلم عن ملك بابل وكما حدث في حزقيال (28) حين كان يتكلم عن ملك صور، وكانت الكلمات في كلا الإصحاحين تحتمل التطبيق على هؤلاء الملوك أو الشيطان، لكن في كلا الإصحاحين نجد الوحي ينتقل صراحة للكلام عن الشيطان (أنظر اش12:14 + حز11:28) هكذا هنا نجد الكلام قد انتقل فجأة ابتداء من آية (36) ليتكلم صراحة عن ضد المسيح. وكما تعودنا من الأنبياء أنهم حين يتكلمون عن ازدهار الدولة اليهودية يكون المقصود كنيسة المسيح. هكذا حينما يتكلم الأنبياء عن الضيقات التي تصيب شعب الرب يصلح تطبيقها على الكنيسة. وهنا نجد أن مملكة أنطيوخس إبيفانيوس تشير لمملكة ضد المسيح في قيامها وسقوطها. وسقوط دولة ضد المسيح يكون إيذانًا بنهاية العالم ومجيء يوم الدينونة، ولذلك نجد أن إصحاح (12) يكلمنا عن القيامة.
هو ابن أنطيوخس الكبير، وهو قال عنه المؤرخون أنه كان شاذًا غريب التصرفات، فظ، هائج، وضيع وخسيس. كان ينسل في بعض الأحيان خارج القصر ويضع نفسه ضمن جماعة من الدهماء متنكرًا. وكان يصنع هذا مع أوضع الناس في المدينة حتى مع الغرباء. وكانت له نزوات غريبة، ولقد تصور البعض أنه أحمق، والبعض تصور أنه مجنون، لذلك كله قال عنه الوحي أنه محتقر. وهو أُرسِل إلى روما فترة كرهينة ليضمن الرومان ولاء مملكة سوريا لهم حينما هزموا والده أنطيوخيس. وكانت الاتفاقية أنه حينما يتم تبادل الأسرى يظل هو في روما، لكنه كان مطلق السراح. وقد تمكن من الهرب من روما بعد موت أبيه، وأرسل ابن أخيه الأكبر ديمتريوس بخديعة ليبقى كرهينة في روما. وكان هليودوروس قد قتل أخيه الأكبر. والولايات السورية لم تعطه الملك لأنهم يعرفون أنه لابن أخيه = لَمْ يَجْعَلُوا عَلَيْهِ فَخْرَ الْمَمْلَكَةِ. فهو لم يأخذ المملكة بالتنصيب فهذا ليس حقه، وهو لم يأخذ المُلك بالسيف بل بالتملقات (21) فهو ادّعى أنه آتٍ بسلام ليحكم بدلًا من ابن أخيه الذي هو في روما. ثم بمساعدة بعض الأمراء الجيران له (أومينيس وأتالوس) بدأ الشعب يتقبله. فسحق هليودوروس وحصل على المملكة. وهو صنع هذا ضد أذرع الجارف = فما هو الجارف هذا [1] هليودوروس نفسه وجيشه [2] الشعب الذي اكتشف خداعه فقاموا ضده ورفضوا ملكه عليهم فهم يعرفوا أن المملكة ليست له [3] مقاومة مصر له إذ كانت مصر في معاهدة مع من سبقه وكانت كل هذه المقاومات كالسيل الجارف ولكنه هزم الجميع وكان ذلك بسماح من الله، لأن الله كان يريد تأديب شعبه بواسطة هذا الأنطيوخس. وهو سحق الجميع حتى رئيس العهد = ربما يكون ملك مصر الذي كان في عهد مع من سبق أنطيوخس هذا، وربما هو ابن أخيه الذي كانت المملكة من حقه وربما كان رئيس الكهنة اليهودي. ولاحظ أنه كان قد ادعَّى أنه سيتنحى حين يعود الأمير الحقيقي. ومن المعاهدة معه يعمل بالمكر= أي بعد أن عاهدوه خدع الكل. وهو بدأ بقوم قليل لذلك استخدمت في كلمة قرن صغير في إصحاح (دا 8) كلمة تشير أنه "من القلة". هؤلاء التفوا حوله في البداية حتى تعظم ودخل إلى أسمن البلاد = وهي سوريا وذلك لكي ينهبها. وهو استغلها كما لم يفعل آباؤه. ويحاول السيطرة على الحصون = وهذا تفسيره كالتالي: فهو أظهر كرمًا وسماحة إلى أن سلَّمت له الحاميات فغدر بهم وحكمهم بالقوة. وبالنسبة إلى مصر، فهو جاء أولًا كصديق، ومعه بعض رجاله القلائل ووضعهم في حصون مصر وذلك ليكونوا عيونًا له، هو أتى كصديق وحارس لملك مصر بطلميوس فيلوميتر (لاحظ أن أنطيوخس هذا كان خال ملك مصر. فأنطيوخس هو أخو كليوباترا أمه. وكان بطلميوس فيلوميتر صغيرًا سنًا فاطمئن لخاله) وكان أن انخدع فيلوميتر من خاله، الذي عاد فخانه ونكث عهوده معه بمساعدة رجاله الذين تركهم في مصر. وفي (25) في هذه الآية تتضح خيانته وخداعه لملك مصر. وحين حاول ملك مصر فيلوميتر الحرب إنهزم أمامه بسبب خيانة رجال فيلوميتر الذين رشاهم أنطيوخس إبيفانيوس (26) = الأكلون أطايبه يكسرونه. ومات من جيش مصر كثيرين لأنهم دبروا عليه تدابير (يُدَبِّرُونَ عَلَيْهِ تَدَابِيرَ) (25). ونأتي لخديعة أخرى في (27) فبعد المعركة ستكون هناك محاولة للسلام وسيجتمع الملكان على مائدة واحدة للمفاوضات. ولوضع نصوص معاهدة سلام، ولكن كلاهما كان غير مخلصًا في إدعائه. وكل منهما كان يريد إلحاق الأذى بالآخر. لذلك لن تنجح محاولة السلام هذه، ولن يكون السلام نهائيًا. لأن الانتهاء بعد إلى ميعاد = أي أن السلام لم يكن نهائيًا لأن الله كان له مخطط آخر، ويجب أن تقوم حرب أخرى في النهاية. فالسلام يحدده الله. وفي (28) هو عاد لأرضه بعد هذه الحملة بغنى جزيل. وقلبه على العهد المقدس = كان اليهود قد سمعوا إشاعة بمقتل أنطيوخس فابتهجوا، وسمع هذا أنطيوخس فزحف بجيشه على أورشليم وقتل منهم 8000 وباع 40000 عبيدًا في مصر. وهو كان له سخط طبيعي ضد دين اليهود وعهدهم مع الله. فكره ناموسهم وشرائعهم وأنبيائهم. وهكذا كل غريب على العهد يكرهه. وفي (29) في الميعاد = بعد سنتين من الحملة الأولى ولأنه لم يكن ينوي سلامًا. أتى مرة أخرى على مصر = يدخل الجنوب = ولكن حملته هذه لن تنجح كالأولى = لكن لا يكون الآخر كالأول. لأنه ستأتي عليه سفن من كتيم = أي سفن الرومان. وكان هذا لأن بطلميوس فيلوميتر كان قد دخل في معاهدات مع الرومان ضد أنطيوخس. وطلب مساعدة الرومان ضد أنطيوخس، حين حاصره أنطيوخس هو وأمه كليوباترا في الإسكندرية. وقام الرومان بإرسال بعثة عسكرية لمساعدة بطلميوس. وطلب القائد الروماني من أنطيوخس فك الحصار والانسحاب، فطلب أنطيوخس وقتًا ليتشاور مع زملائه فقام القائد الروماني بوبليوس برسم دائرة حوله وطلب منه أن يتخذ قراره قبل الخروج من الدائرة. ولأنه خاف من القوة الرومانية آثر الانسحاب بجيشه من مصر. لكنه رجع مغتاظًا لأنه أُجْبِرَ على ذلك. وفي (30) عاد في غيظه ثائرًا على اليهود، وصبَّ غضبه عليهم مع أنهم لم يستفزوه (لكنهم بالتأكيد كانوا بخطاياهم قد استفزوا الله نفسه فسمح الله بهذا). ويغتاظ على العهد المقدس = هذه المرة دنس الهيكل بدماء خنزيرة قدمها ذبيحة على مذبح المحرقة. وكان أن تعاون معه بعض من الَّذِينَ تَرَكُوا الْعَهْدَ الْمُقَدَّسَ = أي اليهود المرتدين، وهؤلاء أدخلوا العادات الوثنية لليهودية وهو تشاور معهم واستخدمهم ضد الهيكل (1مك11:1-15) وفي هذه الفقرة نجد تحقيق النبوة. وفي (2مك9:4) نجد ياسون شقيق أونيا الكاهن العظيم قد أقام مدرسة بالاتفاق مع أنطيوخس لتعليم الشباب عادات الأمم. وفي (2مك23:4) وما بعده ساعد مينيلاوس أنطيوخس. هو دعمهم في تعليمهم اليهود العادات الوثنية، وهم ساعدوه في مخططاته. وفي (31) هذا ما فعله بتقديم الخنزيرة ذبيحة وهدم أجزاء من الهيكل وأبطل العبادة في الهيكل. وَتَقُومُ مِنْهُ أَذْرُعٌ وَتُنَجِّسُ = الأذرع هي جيشه وخونة اليهود المرتدين. وقصة هذا نجدها في [(1مك21:1) وما بعده] وهو دخل الهيكل في كبرياء وأخذ المذبح الذهبي والمنارة الذهبية وغيرهم وكانت مناحة في إسرائيل بسبب ذلك. وفي (2مك15:5) وما بعده، نجد أنه دخل لقدس الأقداس، وكان مرشده منيلاوس الخائن. وهو أوقف المحرقة الدائمة حتى يجبرهم أن يتبعوا دينه الوثني. ولاحظ البعض أن التعبير المستخدم هنا للإشارة للمحرقة الدائمة استعمل هنا فقط ويمكن تفسيره المحرقة اليومية وقالوا ربما هذا إشارة لأن ضد المسيح قد يُعطِّل الخدمة في الكنائس أيضًا.
وتجعل الرجس المخرب= هذا تم بوضعه تمثال إلهه جوبيتر في الهيكل. ولكن بالنسبة لضد المسيح فسيكون هذا بوجوده هو شخصيًا في الهيكل "مُظْهِرًا نَفْسَهُ أَنَّهُ إِلهٌ" (1 مك 57، 62؛ 2مك2:6؛ 2تس4:2) وهو اضطهد من حافظ على إيمانه، ولكن كثيرين احتملوا الاضطهاد مما أخجل هذا الطاغية. وكمثل على هذا ألعازار الذي قَذَفَ لحم الخنزير من فمه حينما ألقوه داخله، وكان يعلم أن هذا سيكون سببًا في موته وقد كان (2مك19:6 + 2مك7) وقارن مع (عب35:11) وفي (32). يقومون ويعملون= هم المكابيين وهؤلاء سيعلمون الآخرين أن يفرقوا بين الحق والباطل لأنهم يعلمون (33). وقد تحقق هذا في مدرسة الغيورين الأتقياء الذين كانوا يعلمون الحق الإلهي. ولكن هذا لم يحمِهم من السيف = يعثرون بالسيف. وهذا الاضطهاد سيستمر أيامًا حددها الوحي سابقًا بـ2300 يوم. وهذه تناظر في العهد الجديد يكون لكم ضيق 10 أيام (رؤ10:2) ونقرأ في سفر المكابيين عن المعاملات البربرية لأنطيوخس ضد كل من يمارس العادات والطقوس والشعائر اليهودية. فكان مثلًا يشنق من يختن ابنه، كان يشنق الأب والأم والطفل (1مك60:1-61). وهذه الآلام سمح بها الله لكي يطهر ويبيض شعبه (35).
والاضطهاد والآلام لصالح الكنيسة عمومًا (1بط7:1) ودماء الشهداء هي بذرة الكنيسة. وفي (34) فإذا عثروا = أي وقع عليهم اضطهاد بالسيف أو النار يعانون عونًا قليلًا = أي لن يكون العون بأن يوقف الله الضيقات بل هو سيعين ويقوي ويشدد ويعزي أولاده الأمناء والمتألمين (مثال الثلاثة فتية في أتون النار) وكان هذا العون القليل عن طريق يهوذا المكابي والمكابيين الذين هبوا لنصرة الشعب (1مك45:2 وما بعده) ولكن كثيرون من الخونة حين رأوا نجاح المكابيين اتصلوا بهم بالتملقات حتى يخونوهم بعد هذا، أو يصعدوا على حسابهم ولكن الشدة هي التي تفصل بين المتدين الحقيقي والمتظاهر.
الآيات (36-45): "«وَيَفْعَلُ الْمَلِكُ كَإِرَادَتِهِ، وَيَرْتَفِعُ وَيَتَعَظَّمُ عَلَى كُلِّ إِلهٍ، وَيَتَكَلَّمُ بِأُمُورٍ عَجِيبَةٍ عَلَى إِلهِ الآلِهَةِ، وَيَنْجَحُ إِلَى إِتْمَامِ الْغَضَبِ، لأَنَّ الْمَقْضِيَّ بِهِ يُجْرَى. وَلاَ يُبَالِي بِآلِهَةِ آبَائِهِ وَلاَ بِشَهْوَةِ النِّسَاءِ، وَبِكُلِّ إِلهٍ لاَ يُبَالِي لأَنَّهُ يَتَعَظَّمُ عَلَى الْكُلِّ. وَيُكْرِمُ إِلهَ الْحُصُونِ فِي مَكَانِهِ، وَإِلهًا لَمْ تَعْرِفْهُ آبَاؤُهُ، يُكْرِمُهُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَبِالْحِجَارَةِ الْكَرِيمَةِ وَالنَّفَائِسِ. وَيَفْعَلُ فِي الْحُصُونِ الْحَصِينَةِ بِإِلهٍ غَرِيبٍ. مَنْ يَعْرِفُهُ يَزِيدُهُ مَجْدًا، وَيُسَلِّطُهُمْ عَلَى كَثِيرِينَ، وَيَقْسِمُ الأَرْضَ أُجْرَةً. «فَفِي وَقْتِ النِّهَايَةِ يُحَارِبُهُ مَلِكُ الْجَنُوبِ، فَيَثُورُ عَلَيْهِ مَلِكُ الشِّمَالِ بِمَرْكَبَاتٍ وَبِفُرْسَانٍ وَبِسُفُنٍ كَثِيرَةٍ، وَيَدْخُلُ الأَرَاضِيَ وَيَجْرُفُ وَيَطْمُو. وَيَدْخُلُ إِلَى الأَرْضِ الْبَهِيَّةِ فَيُعْثَرُ كَثِيرُونَ، وَهؤُلاَءِ يُفْلِتُونَ مِنْ يَدِهِ: أَدُومُ وَمُوآبُ وَرُؤَسَاءُ بَنِي عَمُّونَ. وَيَمُدُّ يَدَهُ عَلَى الأَرَاضِي، وَأَرْضُ مِصْرَ لاَ تَنْجُو. وَيَتَسَلَّطُ عَلَى كُنُوزِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَعَلَى كُلِّ نَفَائِسِ مِصْرَ. وَاللُّوبِيُّونَ وَالْكُوشِيُّونَ عِنْدَ خُطُوَاتِهِ. وَتُفْزِعُهُ أَخْبَارٌ مِنَ الشَّرْقِ وَمِنَ الشِّمَالِ، فَيَخْرُجُ بِغَضَبٍ عَظِيمٍ لِيُخْرِبَ وَلِيُحَرِّمَ كَثِيرِينَ. وَيَنْصُبُ فُسْطَاطَهُ بَيْنَ الْبُحُورِ وَجَبَلِ بَهَاءِ الْقُدْسِ، وَيَبْلُغُ نِهَايَتَهُ وَلاَ مُعِينَ لَهُ."
هنا ينتقل الكلام صراحة إلى ضد المسيح ودليل هذا آية (36) فلم يحدث أن أنطيوخس قد نصب نفسه إلهًا، بل هو كان يعبد إلهه جوبيتر، ووضع تمثاله في هيكل الله. لكن هذا الشخص يتعظم على كل إله= وهذا يتطابق مع قول بولس الرسول عن ضد المسيح "ٱلْمُقَاوِمُ وَٱلْمُرْتَفِعُ عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إِلَهًا أَوْ مَعْبُودًا، حَتَّى إِنَّهُ يَجْلِسُ فِي هَيْكَلِ ٱللهِ كَإِلَهٍ، مُظْهِرًا نَفْسَهُ أَنَّهُ إِلَهٌ" (2تس4:2) بل أن الكلمات متشابهة إلى حد بعيد. ربما نأخذ الكلام جزئيًا على أنطيوخس فهو سيفعل كإرادته (يَفْعَلُ الْمَلِكُ كَإِرَادَتِهِ) ولا أحد يُوقِفهُ لكن حتى تنطبق كل الآيات يجب تطبيقها على ضد المسيح . وهذا أو ذاك إحتقر كلاهما الله وسينجح كلاهما لفترة. فالله أمهل أنطيوخس 2300 يومًا ثم صب قضاؤه عليه. والله تركه هكذا ليؤدِّب الشعب العاصي الذي إرتد عنه. فالله يعطي الإنسان حسب قلبه. هم إشتهوا الخطية وإحتقروا الله فجاء لهم هذا الوحش. وفي الأيام الأخيرة سيحتقر الناس الله ويحبون العالم والخطية فسيعطيهم الله حسب قلبهم ويطلق لهم الشيطان [يقول المزمور "يعطيك الرب حسب قلبك" (مز4:20)] ويجئ هذا الوحش، ضد المسيح، بكل قوة الشيطان. وبمكره وخديعته (وكان أنطيوخس هذا مثالًا ورمزًا له) يجذب إليه كثيرين ويسقطهم. ومن يسير وراءه ستنسكب عليه جامات غضب الله (رؤ1:16 ، 2) وتكون نهاية هذا الوحش ومن معه في البحيرة المتقدة بالنار = وَيَنْجَحُ إِلَى إِتْمَامِ الْغَضَبِ، لأَنَّ الْمَقْضِيَّ بِهِ يُجْرَى= القضاء الذي قضى به الله في تأديب شعبه بواسطته، لابد وأنه سيتم. وبعد أن تنتهي مهمة التأديب يضربه الله. وهذا هو نفسه ما ذكر في (دا 27:9) فضد المسيح هو المخرب وسيصب الله عليه وعلى من يتبعه جامات غضبه وأخيرًا هلاكًا أبديًا. لكنه سيظل قويا وناجحًا ويضرب ويضطهد شعب الله بقوة إلى أن تأتي عليه ضربة إلهية تقضي عليه. ولكن لماذا تركه الله كل هذه المدة؟ الإجابة = ينجح إلى إتمام الغضب وهذا يعني أن الله يستخدمه ليؤدب شعبه ويعدهم الله للفرح الأبدي بعد أن يتطهروا. وهذه هي طريقة الله، فالله إستخدم بابل ليؤدب شعبه فيكفوا عن العبادة الوثنية. وبعد أن تأدب الشعب وكفوا عن وثنيتهم أرسل الله كورش الفارسي ليهزم بابل.
السيد المسيح سبق ونبه أنه سيقوم مُسَحَاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا ولو أمكن المختارين أيضًا (مت24:24) ثم يضيف "ها أنا قد سبقت وأخبرتكم" ولكن يبدو أن هناك شخصًا تشير له النبوات سيظهر في نهاية الأيام، وستكون له كل قوة الشيطان الذي يُحَّلْ لفترة يسيرة (رؤ 2:13؛ 3:20). وغالبًا فهو إنسان، لأن سفر الرؤيا نَبَّهَ بأنه من الممكن حساب "عدد الوحش فإنه عدد إنسان وعدده 666" (رؤ18:13) . وعدد إنسان هذا يعني الآتي: في اللغة اليونانية القديمة وهكذا في القبطية لم يكن هناك أرقام (1، 2، 3، ....) فكانوا يستخدمون الحروف للترقيم بعد وضع شرطة فوق الحرف ليتم تمييزه عن الحروف العادية:
a=1 β=2 γ=3 δ=4 ε=5.. λ=30
ونفرض أن شخصا اسمه عادل فهكذا يكتب باليونانية αδελ
ويصبح عدد اسمه 1+4+5+30=40
وجاء في التاريخ كثيرين قاوموا المسيح والكنيسة ، وبحساب أرقام أسمائهم وجدوها 666 مثل دقلديانوس. ولكن هناك شخص محدد سيظهر في آخر الأيام، وسيكون مختلفًا عن كل المسحاء الكذبة وأضداد المسيح الآخرين، وسيكون رقمه أيضًا 666. وراجع قول القديس يوحنا الرسول "أيها الأولاد هي الساعة الأخيرة وكما سمعتم أن ضد المسيح يأتي. قد صار الآن أضداد للمسيح كثيرون. من هنا نعلم أنها الساعة الأخيرة".(1يو18:2) ومعنى هذا الكلام أن الرسول يوضح أن من علامات الساعة الأخيرة ظهور ضد المسيح هذا. والسيد المسيح نبهنا أن لا نقبله وأعطانا علامات كثيرة لنستدل منها أنه هو ضد المسيح المقصود، ومن هذه العلامات أنه يمكننا أن نحسب عدد اسمه عند كتابته باللغة اليونانية. وأنه سيصنع آيات عظيمة فهو فيه كل حكمة وقوة وذكاء ودهاء ودموية وكذب الشيطان. فهو تجسيد للذكاء الخارق والقدرة الفكرية الهائلة. وهو سيذهل الأمم بقدراته الفائقة للبشر إلى أبعد حد. وقطعًا لن يصدقه إلا من هو في فراغ روحي. أما من هو مملوء من الروح القدس، فالروح القدس قادر أن يعلمه ويذكره بكل شيء (يو26:14). وهذا الشخص سيظهر وسط اليهود (وقد يكون هذا معنى من القلة التي سيظهر منها القرن الصغير في إصحاح 8) وهم سيقبلونه. فهم -أي اليهود- ما زالوا ينتظرون مجيء المسيح. وقال أحد قادة اليهود الصهيونيين "نحن مستعدون للاعتراف بأي إنسان أنه مسيحنا إذا استطاع أن يوطد أقدامنا ثانية في أرض آبائنا". وقد سبق السيد المسيح أن نبه اليهود لهذه السقطة فقال لهم "أَنَا قَدْ أَتَيْتُ [لَكُم] بِاسْمِ أَبِي وَلَسْتُمْ تَقْبَلُونَنِي. إِنْ أَتَى آخَرُ بِاسْمِ نَفْسِهِ فَذلِكَ تَقْبَلُونَهُ" (يو43:5). ولا يوجد في العالم كله الآن من ينتظر أن يأتي المسيح سوى اليهود. وهذا الشخص سيعظم نفسه بشكل غير عادي وغير مسبوق فهو سَيَدَّعِي أنه إله (2تس4:2). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ومع أنه يهودي إلا أنه لن يبالي بآلهة آبائه (لاَ يُبَالِي بِآلِهَةِ آبَائِهِ) = أي لن يبالي بالله، فهو في نظر نفسه إله. سيكون هو محور نفسه معجبًا بذاته وبقدراته الخارقة، ربما غير عالم أنها قدرة شيطانية وستدفعه للهلاك ولكن إلتفاف الناس حوله وإعجابهم بقدراته ومعجزاته تجعله يتمركز حول نفسه ولا يبالي بشيء (آلهة هنا هي إلوهيم كما قيل في (تك1:1) [في البدء خلق إلوهيم السماء والأرض]). وهناك علامة أخرى عن هذا الشخص نجدها هنا ألا وهي شذوذه عن الطبيعة لاَ يُبَالِي.. بِشَهْوَةِ النِّسَاءِ فالإنسان الطبيعي بطبيعته يشتاق للجنس الآخر، فالرجل يشتاق للنساء. حقًا هناك من أجبروا ذواتهم على الحياة في بتولية مثل الرهبان، ولكن هؤلاء كان محورهم هو الله وليس ذواتهم وقال عنهم السيد المسيح [يُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ من أجل ملكوت الله] (مت 19: 12). أما هذا الوحش فهو لن يهتم بهذه المشاعر الطبيعية فمحور حياته هو ذاته وليس أي إله أو مشاعر طبيعية. ولكن هذه العلامة تشير أيضًا لأنه ربما كان هذا الشخص شاذًا جنسيًا. فمن (رؤ8:11) نعلم أن خطية المدينة العظيمة (أورشليم) حيث يكون مقر هذا الوحش هي خطية سدوم (الشذوذ الجنسي) ومصر (العِناد مع شدة الضربات) . فقول سفر الرؤيا عن مملكة ضد المسيح أنها تُدْعَى روحيًا سدوم ومصر = أي الخطية السائدة فيها.
وفي (38) هذا الضد للمسيح لا إله له، فهو أَلَّه نفسه. ومَن له إله يحتمي به. فلمن يلجأ هذا الشخص ليحتمي. لذلك نجده
يكرم إله الحصون.. بالذهب والفضة = إله الحصون في الإنجليزية God of forces أو Fortresses والمعنى أنه يكرم القوة ويتحصن بها. وقد تكون هذه القوة هي المال ويكون هذا هو المقصود بالذهب والفضة. أو قوة عسكرية وهذا ما يبدو واضحًا في (رؤ13:17، 14) فالعشرة ملوك يعطون قدرتهم للوحش ويعطونه سلطانهم وهو يتحصن بهذه القوة. ولكن ضد من؟! لبؤسه هو يحارب الله [هؤلاء يحاربون الخروف ولكن الخروف يغلبهم] (رؤ17: 14). المال والقوة هما الوثن الجديد الذي يعبده العالم، والإنسان الجسداني يشعر أنه محصن لو إمتلكهما. وفي هذا قال السيد المسيح أنه لا يمكن لأحد أن يعبد سيدين الله والمال. وكان هذا من فجر التاريخ، ولكن في أيام النهاية ومع الارتداد العام والإلحاد (2تس2) صارت هذه هي لغة العالم.آية (39): الحصون الحصينة = هي مقادس الله راجع آية (31) فالهيكل أسماه المقدس الحصين. ويبدو أن الحصون الحصينة هي كنيسة المسيح، فهو سيهاجمها علنًا ولا نجد ما يفسر هذا تفسيرًا واضحًا سوى (2تس4:2) ، فهو سيجلس نفسه في هيكل الله كإله. وَمَنْ يَعْرِفُهُ يَزِيدُهُ مَجْدًا، وَيُسَلِّطُهُمْ عَلَى كَثِيرِينَ، وَيَقْسِمُ الأَرْضَ أُجْرَةً = فالأرض هي كل ما يملكه، وما يستطيع أن يعطيه لمن يتبعه، وهكذا قال الشيطان للمسيح "أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي" والمجد المقصود الذي سيزيده لتابعيه هو مجد هذا العالم وهذا متطابق مع سفر الرؤيا "هو صنع سمة لمن يتبعه، ولا يقدر أحد أن يشتري أو يبيع إلا من له السمة أو اسم الوحش أو عدد اسمه" (رؤ16:13-18).
لنرى الآن العلامات التي أعطاها لنا الله لضد المسيح الذي يظهر في آخر الأيام:-
دموي متوحش ولاحظ مواصفاته (رؤ13: 2) ومن لا يتبعه هكذا لا بد أن يُقتل (رؤ 13). [وَلَوْ لَمْ يُقَصِّر اَلله تِلْكَ الأَيَّامُ لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ] (مت 24).
يصنع علامة لمن يتبعه بها يشتري ويبيع، أي من ليس له العلامة لن يستطيع أن يعيش (رؤ 13).
إما شاذ جنسيًّا أو هو سينشر الشذوذ الجنسي = لاَ يُبَالِي.. بِشَهْوَةِ النِّسَاءِ، ولذلك تسمى مملكته رُوحِيًّا سَدُومَ (رؤ 11).
لا يعترف بإله بل يجلس في هيكل الله مظهرًا نفسه أنه إله (2تس2) + لاَ يُبَالِي بِآلِهَةِ آبَائِهِ (دا 11).
يعيد تقسيم الأرض كمكافأة لمن يتبعه =
رقم اسمه باليونانية هو 666 (رؤ 13).
هما وحشين، أحدهما زعيم أو قائد يخرج من العالم ، وهذا هو وحش البحر وهو الوحش الدموي، والآخر غالبا سيكون رئيس ديني يهودي يكون مركزه في أورشليم ويسميه سفر الرؤيا وحش الأرض، وله سلطان شيطاني على عمل خوارق وأعاجيب تبهر الناس فتتبعه. وهذا يُنزل نارا من السماء وهذه قد تكون لقبول ذبيحة يقدمها فيظن الناس أن الله قد قبلها وينخدعوا وراءه (رؤ13).
وحش الأرض سيكون أداة الدعاية لوحش البحر (رؤ13: 12).
سيكون له جرح مميت ويُشْفَى منه (رؤ13: 3).
وحش الأرض سيجعل صورة وحش البحر تتكلم. وجميع الذين لا يسجدون لهذه الصورة يجعلهم يُقتلون (رؤ13: 15). والسجود يعني العبادة للوحش كإله، فهو سيجعل من نفسه إلهًا.
يعطل الكنائس وغالبا يأخذها لحسابه = "يَجْلِسُ فِي هَيْكَلِ اللهِ كَإِلهٍ، مُظْهِرًا نَفْسَهُ أَنَّهُ إِلهٌ" (2تس2: 4) .
السمة الواضحة له أنه يدّعي أنه المسيح ويهاجم مسيحنا ومخلصنا الحقيقي بشدة.
له ذكاء خارق ويبهر الناس بقوته وإمكانياته ربما العسكرية أو المالية = بالذهب والفضة.
إله هذه الفترة هو المال والأسلحة والقوة المالية أو العسكرية يتحصن بها = يُكرم إله الحصون (دا11). هو لا يعترف بأي إله ولكنه يتحصن بالقوة. أما من له الله إلهًا فهو يحتمي به ولا يحتاج لسواه.
الضربات تصيبه بطريقة عجيبة ولكنه يعاند، لذلك تدعى مملكته روحيا مصر (رؤ 11) ففرعون كان يعاند موسى ويرفض إطلاق الشعب مع كل الضربات التي ضربه بها الله. وضربات مملكة الوحش تجدها في (رؤ 16).
في نفس مدة وجوده يرسل الله النبيين إيليا وأخنوخ لمقاومته (رؤ 11).
يعطينا سفر زكريا النبي علامة أخرى "ويل للراعي الباطل التارك الغنم. السيف على ذراعه وعلى عينه اليمنى. ذراعه تيبس يبسًا وعينه اليمنى تكل كلولًا" (زك11: 17). نفهم من هذا أن الله سيضربه مثلا بشلل في ذراعه اليمنى، وضربة أخرى في عينه اليمنى.
"وَتُفْزِعُهُ أَخْبَارٌ مِنَ الشَّرْقِ وَمِنَ الشِّمَالِ" (دا 11: 44) = هذه تشير لجيوش تأتي من الشرق لتحاربه. وهذه تتفق مع "ثم سَكَبَ ٱلْمَلَاكُ ٱلسَّادِسُ جَامَهُ عَلَى ٱلنَّهْرِ ٱلْكَبِيرِ ٱلْفُرَاتِ، فَنَشِفَ مَاؤُهُ لِكَيْ يُعَدَّ طَرِيقُ ٱلْمُلُوكِ ٱلَّذِينَ مِنْ مَشْرِقِ ٱلشَّمْسِ" (رؤ16: 12). ومن هم هؤلاء الملوك الآتون من الشمس؟ غالبا هم جوج وماجوج (حز38: 2 – 5) رئيس روش ماشك وتوبال وهي قبائل أو شعوب سكنت شرقا.
وأيضًا تأتي عليه جيوش من الشمال = وَتُفْزِعُهُ أَخْبَارٌ مِنَ الشَّرْقِ وَمِنَ الشِّمَالِ والمقصود بالشمال هي فارس. ويساندهم اللوبيون والكوشيون = وَاللُّوبِيُّونَ وَالْكُوشِيُّونَ عِنْدَ خُطُوَاتِهِ. وأليست هذه تماما حرب جوج وماجوج التي أشار إليها حزقيال النبي "يا ٱبْنَ آدَمَ، ٱجْعَلْ وَجْهَكَ عَلَى جُوجٍ، أَرْضِ مَاجُوجَ رَئِيسِ رُوشٍ مَاشِكَ وَتُوبَالَ، وَتَنَبَّأْ عَلَيْهِ..... فَارِسَ وَكُوشَ وَفُوطَ (هي ليبيا) مَعَهُمْ، كُلَّهُمْ بِمِجَنٍّ وَخُوذَةٍ" (حز38: 2 – 5).
"أَدُومُ وَمُوآبُ وَرُؤَسَاءُ بَنِي عَمُّونَ" هؤلاء لن يحاربوه أو يقفوا ضده لذلك يُفْلِتُونَ مِنْ يَدِهِ.
هناك الكثير من النبوات في (دانيال11) ستتضح في حينه. ولكن بالأكثر لاحظ في (آية 40) قوله "فَفِي وَقْتِ النِّهَايَةِ" فقوله وقت النهاية يشير لأن هذه الأحداث خاصة بنهاية الأيام. فنجد أن ملك الجنوب يهاجم ملك الشمال فيأتي ملك الشمال ليحارب ملك الجنوب.. إلخ. ونحن الآن لا نعرف من هو المقصود بملك الجنوب ولا ملك الشمال. فكل الموجود أمامنا سيتغير بعد حرب البوق السادس. وهذه الأمور ستتضح في حينه، ونكتشف منها شخص هذا الوحش. الإصحاح11 إصحاح طويل عن تاريخ ملوك اليونان وملوك مصر والحروب التي كانت بينهما. وما يهمنا فيه هو أنه: من أين ظهر هذا الأنطيوخس إبيفانيوس الذي هو رمز لضد المسيح. وغالبا فهناك أحداث مشابهة لأحداث الإصحاح 11 من سفر دانيال تحدث في نهاية الأيام على الأرض، ستؤدي لظهور ضد المسيح يكتشفها دارسي الكتاب المقدس [قيل عنهم الفاهمون (دا12: 3)]، وستكون كعلامات واضحة أن هذا الشخص هو ضد المسيح، وهؤلاء الفاهمون يردون كثيرين من الذين ضلوا وراء ضد المسيح.
ولنتساءل الآن... أما نحن قريبين من هذا اليوم. فالفراغ الروحي انتشر في العالم/اليهود موجودون في أورشليم وهم في انتظار مسيحا يخلصهم وهم يمتلكون الميديا من صحف وتليفزيون وقادرين على عمل الدعاية لهذا الشخص عند ظهوره/انتشار الشذوذ الجنسي بقوانين تشرعها الحكومات/أليس من السهل وضع علامة على كروت البنوك التي يتعامل بها كل العالم الآن بدلا من النقود وهذه العلامة تميز من هو تابع لضد المسيح/العالم الآن لا يحترم سوى القوَى المالية أو العسكرية/انتشار الإلحاد. وليرحمنا الله.
بل صارت بعض الجهات تضع كل معلومات الشخص فيما يشبه خرزة صغيرة توضع تحت الجلد بها يبيع ويشتري. ويسهل وضع كود عليها يشير لإنتماء الشخص لضد المسيح، فيبيع ويشتري وبدونها تصعب الحياة على أولاد الله الذين يرفضون هذا الكود. فلا بيع ولا شراء لهم (رؤ13: 17).
هذه لها تطبيقان، فهنا عاد النبي ليتنبأ عن الحروب بين ملك الجنوب وملك الشمال وهذه قد حدثت مع أنطيوخس إبيفانيوس، لكنها ستتكرر حدوثها مع اقتراب أيام النهاية. إذًا هذه النبوة ستتكرر مرتين.
بالنسبة لأنطيوخس إبيفانيوس: فقد قيده الرومان ومنعوه أن يغزو مصر. ولكن قام ملك مصر بشن حرب ضده = في وقت النهاية يحاربه ملك الجنوب هو هاجم حدوده فثار عليه أنطيوخس = يثور عليه ملك الشمال = وأتى عليه بقوة عظيمة ويجرف ويطمو = وهو ضرب بلادًا كثيرة في مصر. ونفهم قوله في وقت النهاية هنا على أنه وقت نهاية الدولة اليونانية.
ولكن تتكرر الأحداث في أيام ضد المسيح والذي يرمز له هذا الأنطيوخس إبيفانيوس. وتكون كلمة في وقت النهاية إشارة لنهاية الأيام على الأرض.
وفي حملته ضد مصر سيضرب اليهود = يَدْخُلُ إِلَى الأَرْضِ الْبَهِيَّةِ (دا 9:8؛ 11: 16، 41) أسماها فخر الأراضي فبها أورشليم، وسيصنع بهم أمورًا مرعبة = فيعثر كثيرون لكنه لم يضرب أدوم وبني عمون (41) فهم كانوا يؤيدونه ويشجعونه ضد اليهود. وهو في حملته هذه ضد مصر ضرب بلادًا كثيرة ومنها مصر (42) ما عدا من سبق وأيَّده وكانت هذه حملته الرابعة والأخيرة ضد مصر في سنته العاشرة والحادية عشرة لحكمه. وهو جاء ضد مصر مدعيًا أنه يساعد أخو بطلميوس فيلوميتر الصغير ضد أخيه. وفي هذه الحملة لم يسقط قتلى ولكنه استولى على كنوز مصر(43). فهو جاء من أجل هذا. وهذا سجله بوليبيوس الأثيني، أن أنطيوخس غنم كثيرًا من مصر بعد أن كسر المعاهدة مع فيلوميتر. ويسجل هذا المؤرخ كيف أنه بَذَّرَ كل ما حصل عليه، وقد ساعده الليبيين والكوشيين بخيانتهم لمصر وكانوا رهن إشارته = عند خطواته (43) . وفي آية (44) بينما هو مشغول في حربه مع مصر مزهوًا بانتصاراته فيها سمع بأخبار مِنَ الشَّرْقِ وَ.. الشِّمَالِ فهو سمع بأن ملك بارثيا هاجم مملكته وأن الفرس تمردوا عليه. وهذا إضطره أن يؤجل خططه ضد اليهود لإفنائهم وذهب ليحارب في فارس. ومات هناك كما ذُكِرَ قبلًا خلال حملته ضد البارثيين وهذا شرحه تاسيتوس الوثني الذي كان يمتدح أنطيوخس على محاولاته استئصال ديانة اليهود بخرافاتها وتطبيعهم بالطبع اليوناني. وهذا الوثني رثى موته في هذه الحرب (هو مات بمرض كما ذكر قبلًا لكنه مات وجيوشه تحارب) قبل أن يتم مهمته ضد اليهود (راجع تفسير إصحاح 8) وكانت هذه المهمة في تحطيم اليهود هي ما قيل عنها لِيُخْرِبَ وَلِيُحَرِّمَ كَثِيرِينَ. فهو حين وجد نفسه مضطربًا ومحرجًا في أعماله وحربه ضد البارثيين خرج بغضب عظيم ليخرب اليهود ويبيدهم = يُحَرِّم، فيحرم تعني إبادة. وقصة هذا تجدها في (1مك27:3) وما بعده.
آية (45): سمع أنطيوخس بنجاح يهوذا المكابي فأعطى أوامره إلى أحد قادته واسمه ليسياس ليُدَمِّر أورشليم. فجاء ليسياس ونشر خيامه وبينها خيمة الملك بين البحر الأبيض والبحر الميت. وهذا معنى ينصب فسطاطه بين البحور = والفسطاط هو الخيام الملكية الفخمة. وأراد أنطيوخس بوضع خيمته بينها أن يكون كأنه وسط جيشه. وكان نشر الخيام هذه في منطقة عمواس بالقرب من أورشليم. وكان قد أعطى تفويضًا كاملًا إلى ليسياس بأن يضرب بكل عنف وأعطاه سلطانًا مطلقًا. وهو وضع خيمته هناك كأنه إمتلك جبل قدس الرب. ولكن يهوذا المكابي هزم جيش ليسياس، وكانت نهاية أنطيوخس بشعة كما سبق وشرحناه (إصحاح 8). فالله هو الذي قطعه ولا نجد نبوات عن أي ملك يأتي بعده فهو كان أسوأهم ، وهو رمز لضد المسيح الذي به ينتهي العالم ولا يأتي شيئًا بعده، بعد أن يتحول التمثال إلى عصافة وتذريه الريح (دا 2).
بالنسبة لتفسير الآيات في الأيام الأخيرة: هذه تشير لحروب قرب الأيام الأخيرة وتبدأ بزحف ملك الجنوب على الشمال ولكن من الصعب تصور طبيعة هذه الحروب. ويصعب أيضًا تصور من هما دولتي الشمال والجنوب. هذا سيتضح في حينه. إلا أنه من الواضح أن ضد المسيح سيخوض حروبًا تدور رحاها بين الشمال والجنوب.
لماذا يصعب تصور الحروب بين ملك الشمال وملك الجنوب في الأيام الأخيرة؟ الأيام الأخيرة هي أيام ضد المسيح. وضد المسيح يظهر في أعقاب حرب البوق السادس (رؤ9)، وهي حرب عالمية يهلك فيها ثلث سكان الأرض. وقطعا سيتغير شكل الدول وتوزيعات البشر، وكل شيء عما نعرفه الآن.
إلا أن ما يستوقفنا هو الآية (45) فهناك من يحاول أن ينشر فُسْطَاطَهُ بَيْنَ الْبُحُورِ وَجَبَلِ بَهَاءِ الْقُدْسِ = فللأسف فهذا ما يحدث الآن من بدع وهرطقات لها مظهر عالمي جذاب يشير له الفسطاط (فُسْطَاطَهُ ) أي الخيام الملكيَّة، وهذه الأفكار لها مظهر براق يدور حول الذات، ولكنها من داخل فارغة فلا يوجد ملك داخلها بل هذا الملك هناك ينازع الموت بعيدا في أقصى الشرق . وهذه الأفكار المنتشرة الآن هي إلحاد وشذوذ ولكنهم يطلقون عليها الحرية الشخصية المقدسة والعلم الحديث، بينما يقولون أن الكتاب المقدس به أساطير، وأفكارهم وصلت لعبادة الشيطان، بل حتى رجال دين كثيرين يبشرون بعلم لاهوت حديث يدَّعي أن الكتاب المقدس به أساطير، وهذه البدع تحجز البشر (المعبر عنهم بالبحور) عن رؤية جبل بهاء القدس أي مجد الله. وسيكون هذا في أبشع صوره مع ظهور ضد المسيح.
عمومًا فالله إذا سمح بضيقات وآلام تجتازها الكنيسة خلال هذه الحروب وخلال اضطهاد ضد المسيح لها، فسيكون هذا للتأديب والتبييض إعدادًا للمجد السماوي، وملك الله الكامل على كنيسته وخلال الآلام يعين الله كنيسته ولا يتركها وحيدة (دا 34:11، 35). ويقول في سفر الرؤيا أن الله أعد مكانا لتهرب فيه الكنيسة وهناك يعولونها (رؤ12)، وللمؤمنين المسيحيين في أورشليم يُعِّد لهم الله مكانا للهرب من الضربات الآتية على مملكة ضد المسيح (زك 14). فالله لن يتخلى عن شعبه وسط هذه الضيقة العظيمة.
← تفاسير أصحاحات دانيال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير دانيال 12 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير دانيال 10 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/2ab5nnx