St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   32-Sefr-Danial
 

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص أنطونيوس فكري

دانيال 8 - تفسير سفر دانيال

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب دانيال + تتمة السفر:
تفسير سفر دانيال: مقدمة سفر دانيال | دانيال 1 | دانيال 2 | دانيال 3 | دانيال 4 | دانيال 5 | دانيال 6 | دانيال 7 | دانيال 8 | دانيال 9 | دانيال 10 | دانيال 11 | دانيال 12 | دانيال 13 | دانيال 14 | الخط العام لنبوة دانيال

نص سفر دانيال: دانيال 1 | دانيال 2 | دانيال 3 | دانيال 4 | دانيال 5 | دانيال 6 | دانيال 7 | دانيال 8 | دانيال 9 | دانيال 10 | دانيال 11 | دانيال 12 | دانيال 13 | دانيال 14 | دانيال كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

نبوات هذا الإصحاح تتحدث عن المملكتين القريبتين فارس واليونان. وتشير أيضًا لمجيء ملك من نسل اليونانيين سماه القرن الصغير أيضًا. وهذا القرن الصغير يكون رمزًا لضد المسيح (الوحش) الذي سيأتي في نهاية الأيام. وإبتداء من هنا عاد النبي ليكتب بالعبرية فالكلام لشعب الله. وقصد الله أن يعزي شعبه ويخبرهم عن الأيام الآتية وحتى نهاية الزمان حين تسود مملكة الله ويتطهر القدس. وبينما كانت رؤيا النبي في إصحاح (دا 7) في الليل وهو نائم، كانت هذه الرؤيا وهو مستيقظ لذلك تسمى الأولى رؤيا المساء لأن دانيال كان نائما على فراشه (دا7: 1). وتسمى هذه الرؤيا (إصحاح 8) رؤيا الصباح (دا8: 26). وكانت هذه الرؤيا في شوشان وكان بها قصور ملوك الفرس، وقد يكون النبي رأى هذه الرؤيا وهو في الروح بينما ما زال بالجسد في بابل.

 

الآيات (1-8): "فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ مُلْكِ بَيْلْشَاصَّرَ الْمَلِكِ، ظَهَرَتْ لِي أَنَا دَانِيآلَ رُؤْيَا بَعْدَ الَّتِي ظَهَرَتْ لِي فِي الابْتِدَاءِ. فَرَأَيْتُ فِي الرُّؤْيَا، وَكَانَ فِي رُؤْيَايَ وَأَنا فِي شُوشَانَ الْقَصْرِ الَّذِي فِي وِلاَيَةِ عِيلاَمَ، وَرَأَيْتُ فِي الرُؤيَا وَأَنَا عِنْدَ نَهْرِ أُولاَيَ. فَرَفَعْتُ عَيْنَيَّ وَرَأَيْتُ وَإِذَا بِكَبْشٍ وَاقِفٍ عِنْدَ النَّهْرِ وَلَهُ قَرْنَانِ وَالقَرْنَانِ عَالِيَانِ، وَالْوَاحِدُ أَعْلَى مِنَ الآخَرِ، وَالأَعْلَى طَالِعٌ أَخِيرًا. رَأَيْتُ الْكَبْشَ يَنْطَحُ غَرْبًا وَشِمَالًا وَجَنُوبًا فَلَمْ يَقِفْ حَيَوَانٌ قُدَّامَهُ وَلاَ مُنْقِذٌ مِنْ يَدِهِ، وَفَعَلَ كَمَرْضَاتِهِ وَعَظُمَ. وَبَيْنَمَا كُنْتُ مُتَأَمِّلًا إِذَا بِتَيْسٍ مِنَ الْمَعْزِ جَاءَ مِنَ الْمَغْرِبِ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ وَلَمْ يَمَسَّ الأَرْضَ، وَلِلتَّيْسِ قَرْنٌ مُعْتَبَرٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ. وَجَاءَ إِلَى الْكَبْشِ صَاحِبِ الْقَرْنَيْنِ الَّذِي رَأَيْتُهُ وَاقِفًا عِنْدَ النَّهْرِ وَرَكَضَ إِلَيْهِ بِشِدَّةِ قُوَّتِهِ. وَرَأَيْتُهُ قَدْ وَصَلَ إِلَى جَانِبِ الْكَبْشِ، فَاسْتَشَاطَ عَلَيْهِ وَضَرَبَ الْكَبْشَ وَكَسَرَ قَرْنَيْهِ، فَلَمْ تَكُنْ لِلْكَبْشِ قُوَّةٌ عَلَى الْوُقُوفِ أَمَامَهُ، وَطَرَحَهُ عَلَى الأَرْضِ وَدَاسَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْكَبْشِ مُنْقِذٌ مِنْ يَدِهِ. فتَعَظَّمَ تَيْسُ المَعْزِ جِدًّا. وَلَمَّا اعْتَزَّ انْكَسَرَ الْقَرْنُ الْعَظِيمُ، وَطَلَعَ عِوَضًا عَنْهُ أَرْبَعَةُ قُرُونٍ مُعْتَبَرَةٍ نَحْوَ رِيَاحِ السَّمَاءِ الأَرْبَعِ."

تم تمثيل مملكة مادي وفارس بكبش ذو قرنين. وكان الكبش رمزًا لهذه المملكة يضعون صورته على راياتهم. وكان ملوكهم يلبسون رؤوس كباش من ذهب كتيجان خصوصًا في حروبهم. والقرنان في الرؤيا هما مادي وفارس. وكانت فارس هي الأصغر ولكنها صارت الأكبر ولم تعد مادي تذكر فيما بعد= والأعلى طالع أخيرًا. وكورش أصبح أشهر من الماديين بل أصبح كل ملوك هذه المملكة من الفرس. وفي (4) كان الكبش ينطح غربًا وشمالًا وجنوبًا = فهم في فتوحاتهم لم يتجهوا أبدًا ناحية الشرق، بل وصلوا غربًا لحدود اليونان، بل حاولوا غزو اليونان نفسها وفشلوا، ووصلوا جنوبًا إلى مصر وإثيوبيا (كوش) وشمالًا تجاه ليديا وأرمينيا والسكيثيين. وَلَمْ يَقِفْ حَيَوَانٌ قُدَّامَهُ = لم يقف ملك أمامهم. وفي (5) تيس الماعز هو الإسكندر الأكبر الذي أتى من المغرب (جَاءَ مِنَ الْمَغْرِبِ) = أي من الغرب. كان يرمز للإله جوبيتر بتيس وعُثِرَ في الأثار أن التيس كان رمزًا للجيش اليوناني. ولم يمس الأرض= إشارة لسرعة فتوحاته، وهذه تقابل في الرؤيا السابقة الأجنحة الأربعة. ولم تجدي معه أي مقاومة لذلك سُمِّيَ = قرن معتبر. وللآن فالعالم يحفظ اسمه كأحد أعظم القادة، وهو هجم على الفرس بجيش قوامه 30 ألف جندي و5000 حصان، وهاجمهم بسرعة قبل أن تكتشف مخابرات فارس عددهم القليل. وركض إليه بشدة قوته = فهو ضرب ملك الفرس داريوس قدمانوس بعنف بالرغم من أن جيش الفرس كان أكثر عددًا، لكن مهارة اليونان أفضل. ونجد هنا 3 تعبيرات ضرب الكبش، كسر قرنيه، طرحه على الأرض وداسه= وهناك رأي بأن هذه تشير لثلاث معارك دارت بين اليونان والفرس، وكان النصر فيها لليونان وهي جرانيكوس وأبسوس وأربيلا وبها تسيد الإسكندر تمامًا وقتل في المعركة الأخيرة 600,000 رجل فكسر قرني الكبش وكان الإسكندر حين بدأ معاركه في عمر يناهز العشرين عامًا وهزم داريوس وعمره 26عامًا، ومات وعمره 32 أو 33 عاما في عز مجده، ويقال من إفراطه في الشراب. ولم يترك إبنًا يرثه فإمتلك قادته الأربعة مملكته = أربعة قرون معتبرة (ملوك اليونان وتركيا وسوريا ومصر) . ومن كثرة ما كان للإسكندر فحين وزعوا أملاكه على قادته الأربعة أصبح لكل واحد منهم أملاكًا كثيرة. فتوزعت المملكة على رياح السماء الأربع= أي في كل أنحاء العالم وهناك قصة سجلها المؤرخ يوسيفوس بخصوص هذه النبوة، فبعد أن سقطت صور وفلسطين في يد الإسكندر بلغت أخبار فتوحاته يدوع رئيس كهنة اليهود فخاف حين علم أن الإسكندر في طريقه إلى أورشليم، وصلى طالبًا سلامة بلاده، فأوحى له الله أن يقابل الإسكندر بملابسه الكهنوتية كاملة هو ومعه كهنته من ورائه أما الشعب فيلبسون ملابس بيضاء. وهكذا كان، فحين رأى الإسكندر هذا المنظر ذهب ليسجد لرئيس الكهنة، ولما سأله قادته عن سبب ذلك قال أنه رأى ذلك المنظر نفسه قبل أن يخرج من مقدونية في حُلْمْ، وأن رجلًا في الحلم له نفس شكل رئيس الكهنة وعلى رأسه العمامة مع الصفيحة الذهبية المنقوش عليها "قدسٌ للرب" قد تنبأ له بالانتصارات في آسيا (وكان هذا في الحلم).

وبعد اللقاء العجيب للإسكندر برئيس الكهنة، قاد يدوع الإسكندر قدم ذبيحة لإله إسرائيل، وأراه نبوات دانيال بخصوصه التي ذكر فيها أنه سيدمر الفرس وكان هذا مما شجعه في هجومه على داريوس. بل بعد ذلك وضع اليهود تحت حمايته هم وديانتهم ووعد بأن يكون شفوقًا على كل يهودي يلقاه في فارس، وتكريمًا للإسكندر سَمَّى الكهنة أولادهم المولودين في هذه السنة بإسمه. ولاحظ أن هذه النبوة كتبت قبل أن تتحقق بحوالي 200 سنة، بل قبل قيام دولة الفرس أصلًا = في السنة الثالثة من ملك بيلشاصر.

 

St-Takla.org Image: The statue and the four beasts of (Daniel 7) - vectorized. صورة في موقع الأنبا تكلا: التمثال والوحوش الأربعة (دانيال 7) - صورة فيكتور.

St-Takla.org Image: The statue and the four beasts of (Daniel 7) - vectorized.

صورة في موقع الأنبا تكلا: التمثال والوحوش الأربعة (دانيال 7) - صورة فيكتور.

الآيات (9-14): "وَمِنْ وَاحِدٍ مِنْهَا خَرَجَ قَرْنٌ صَغِيرٌ، وَعَظُمَ جِدًّا نَحْوَ الْجَنُوبِ وَنَحْوَ الشَّرْقِ وَنَحْوَ فَخْرِ الأَرَاضِي. وَتَعَظَّمَ حَتَّى إِلَى جُنْدِ السَّمَاوَاتِ، وَطَرَحَ بَعْضًا مِنَ الْجُنْدِ وَالنُّجُومِ إِلَى الأَرْضِ وَدَاسَهُمْ. وَحَتَّى إِلَى رَئِيسِ الْجُنْدِ تَعَظَّمَ، وَبِهِ أُبْطِلَتِ الْمُحْرَقَةُ الدَّائِمَةُ، وَهُدِمَ مَسْكَنُ مَقْدِسِهِ. وَجُعِلَ جُنْدٌ عَلَى الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ بِالْمَعْصِيَةِ، فَطَرَحَ الْحَقَّ عَلَى الأَرْضِ وَفَعَلَ وَنَجَحَ. فَسَمِعْتُ قُدُّوسًا وَاحِدًا يَتَكَلَّمُ. فَقَالَ قُدُّوسٌ وَاحِدٌ لِفُلاَنٍ الْمُتَكَلِّمِ: «إِلَى مَتَى الرُّؤْيَا مِنْ جِهَةِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ وَمَعْصِيَةِ الْخَرَابِ، لِبَذْلِ الْقُدْسِ وَالْجُنْدِ مَدُوسَيْنِ؟» فَقَالَ لِي: «إِلَى أَلْفَيْنِ وَثَلاَثِ مِئَةِ صَبَاحٍ وَمَسَاءٍ، فَيَتَبَرَّأُ الْقُدْسُ»."

هذا القرن الصغير يشير لملك من نسل السلوكيين وهو أنطيوخس إبيفانيوس Antiochus IV Epiphanes أي اللامع، ولكن اليهود تلاعبًا بالألفاظ أطلقوا عليه إبيمانس أي المجنون. وهو قرن صغير لأن بدايته كانت ضعيفة جدًا وحقيرة فكان مسجونًا كرهينة في روما، ولكنه تمكن من الهرب. (سجنه الرومان في روما وهو ابن الملك اليوناني الذي كان يحاربهم، حتى يضمنوا عدم هجوم الجيش اليوناني عليهم). واستولى على المملكة في حياة أخيه الأكبر. ثم تقوى حتى وصل لأن ضرب مصر مملكة الجنوب القوية وفارس وأرمينيا شرقًا (نَحْوَ الشَّرْقِ). والنبوة تشرح الأضرار التي لحقت بشعب اليهود منه، وسميت أورشليم هنا فخر الأراضي= ففيها سيولد المسيح، وفي زمن أنطيوخس كان فيها هيكل الله. وهو دخل الهيكل وأخذ كل كنوز بيت الرب والمنارة الذهب والمائدة ومذبح المحرقة وأقام مذابح للأوثان في كل مكان. وكان يقتل بوحشية من لا يأكل لحم الخنزير وقتل مرة 100000 يهودي (2مك7:6). وهو تعظم وتكبر على الله نفسه وحرم رئيس الكهنة أونيا من وظيفته وخدمته. فصار مثل فرعون الذي قال "من هو الله"؟ ولاحظ أن من يضطهد أولاد الله يضطهد الله نفسه "شاول شاول لماذا تضطهدني" (أع9: 4). وهو أبطل المحرقة الدائمة (بِهِ أُبْطِلَتِ الْمُحْرَقَةُ الدَّائِمَةُ) = أي الذبيحة المسائية والذبيحة الصباحية. وهو غالبًا منع كل الذبائح لله. ولكنه يذكر المحرقة الدائمة بمعنى إبطال العبادة، فهذه أهمها لأنها تمثل العبادة المنتظمة التي تربط الشعب بالله. وهو دنَّسَ الهيكل بجعله هيكلًا لجوبيتر أوليمبوس ووضع فيه تِمثالًا له. بل هو قَدَّم خنزير (وهو نجس عند اليهود) على المذبح. معصية الخراب = المعصية ينتج عنها دائما خراب. فمعصية اليهود لله نتج عنها كل هذا الخراب على يد أنطيوخس، وهذا سيتكرر في نهاية العالم. فهذه النجاسة التي يحيا فيها العالم الآن لا بُد وسيأتي بسببها خراب.

المحرقة الدائمة عبارة عن حمل يقدم ذبيحة محرقة كل مساء، وحمل آخر يقدم كل صباح. وبعد تقديم الحمل يرفع البخور على مذبح البخور. وتقدمة المساء ترمز لصليب المسيح، وتقدمة الصباح ترمز للإفخارستيا الآن في كنيستنا. [راجع تفسير عد28: 1-8].

وهو حارب جند السماوات= أي شعب الله، فشعب الله هم مملكة السماء. أو هم الكهنة واللاويين. والنجوم = أي اللامعين من الكهنة فهو جعلهم إما يسجدون لآلهته أو يقتلهم. وهو هدم كثيرًا من الهيكل وخربه ، وهو طرح الحق= أي طرح كتاب الناموس ومزَّقه وأحرقه في محاولة لجعل الشعب ينساه تمامًا. والمعنى الأشمل لقوله وطرح الحق، أن الباطل صار هو السائد، وإختفى الحق من أمام عيون الغالبية من الناس. ولنلاحظ أنه كان له هذه القوة لأن الله سمح له بذلك، فالشعب كان قد أغاظ الله جدًا، هم وكهنتهم أيضًا (ملا7:1 ، 8 + 1:2 ، 8) ولذلك أرسل الله أنطيوخس ليمنع ذبائحهم، فالله يحرم الناس من بركاته التي لا يقدرونها . ورئيس الجند = رئيس شعب الله. وأنطيوخس هذا يسمى الوحش الأول فهو رمز لوحش ثان سيظهر مثله في الأيام الأخيرة وسيخرب العالم. وقد حَدَّدَ الله المدة التي سيحدث فيها الإضطهاد فهم في هذه الفترة سيكونون بلا أنبياء. وحدد المدَّة بأنها 2300 صباح ومساء = فهذا هو الأسلوب العبري في التعبير عن اليوم الكامل، وكان اليوم يبدأ من غروب الشمس. وهذه المدة تساوي 6 سنين + 3 شهور+ 18 يوما. وهي نفس المدة من يوم دنَّس الأمم اليونانيين الهيكل حتى تطهر بواسطة منيلاوس رئيس الكهنة في زمان المكابيين. والله يحسب مدة ضيقة شعبه فهو "في كل ضيقهم تضايق وملاك حضرته خلصهم" (إش63: 9). وهو هنا يظهر لهم أنه سيريهم أيامًا سعيدة بعد تطهير الهيكل مما يحمل أخبارًا معزية لهم. وهذه القصة نجدها في سفر المكابيين بالتفصيل. وفي آية (13) الملاك يُسَّمى قدوس. والملاك هنا يظهر اهتمامه بشعب الله. ويسأل إلى متى هذه الضيقات، فهو خاف من إرتداد الشعب لو زادت مدة الضيقة، وهو سأل دون حتى أن يسأل دانيال نفسه ونضيف قول السيد المسيح عن السمائيين، بأنه [يصير فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب] (لو 15: 7؛ لو 15: 10). فنفهم أنهم يفرحون لأفراحنا وتوبتنا وخلاصنا بل هم يستقبلون من ينتقل (قصة لعازر والغني) . وبمعرفتنا أنهم يكلمون الله ويصلون دائمًا، أفلا يثبت هذا شفاعتهم عنا.

ملحوظة: بعد أن طهر الشعب الهيكل أخذوا يحتفلون بهذه المناسبة بعيد جديد أسموه عيد التجديد، ونجد أن المسيح احتفل به أيضا، إذ ذهب المسيح إلى الهيكل في ذلك اليوم (يو22:10). وكانت المدة التي إستمر فيها الهيكل نجسًا تمتد (من سنة171- سنة165 ق.م.) وكان الملاك في آية (13) يكلم فلان المتكلم = فمن هو فلان هذا؟ غالبًا هو المسيح كلمة الله الذي لم يكن أحد قد عرف اسمه. والملاك يسأل المسيح، فالمسيح وحده هو الذي يعلم كل شيء. وحتى وقت هذه الرؤيا لم يكن للمسيح اسم فهو لم يكن قد تجسد "لماذا تسأل عن اسمي وهو عجيب" (قض18:13). الإسم يُكَنَّى به عند اليهود على قدرات وشخصية الشخص، وإسم الله عجيب فهو في تجسده وفي فدائه وكل ما عمله كان عجيبا.

 

St-Takla.org Image: Ancient Coptic icon of Archangel Gabriel.صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة أثرية تصور الملاك جبرائيل رئيس الملائكة.

St-Takla.org Image: Ancient Coptic icon of Archangel Gabriel.

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة أثرية تصور الملاك جبرائيل رئيس الملائكة.

الآيات (15-27): "وَكَانَ لَمَّا رَأَيْتُ أَنَا دَانِيآلَ الرُّؤْيَا وَطَلَبْتُ الْمَعْنَى، إِذَا بِشِبْهِ إِنْسَانٍ وَاقِفٍ قُبَالَتِي. وَسَمِعْتُ صَوْتَ إِنْسَانٍ بَيْنَ أُولاَيَ، فَنَادَى وَقَالَ: «يَا جِبْرَائِيلُ، فَهِّمْ هذَا الرَّجُلَ الرُّؤْيَا». فَجَاءَ إِلَى حَيْثُ وَقَفْتُ، وَلَمَّا جَاءَ خِفْتُ وَخَرَرْتُ عَلَى وَجْهِي. فَقَالَ لِي: «افْهَمْ يَا ابْنَ آدَمَ. إِنَّ الرُّؤْيَا لِوَقْتِ الْمُنْتَهَى». وَإِذْ كَانَ يَتَكَلَّمُ مَعِي كُنْتُ مُسَبَّخًا عَلَى وَجْهِي إِلَى الأَرْضِ، فَلَمَسَنِي وَأَوْقَفَنِي عَلَى مَقَامِي. وَقَالَ: «هأَنَذَا أُعَرِّفُكَ مَا يَكُونُ فِي آخِرِ السُّخَطِ. لأَنَّ لِمِيعَادِ الانْتِهَاءَ. أَمَّا الْكَبْشُ الَّذِي رَأَيْتَهُ ذَا الْقَرْنَيْنِ فَهُوَ مُلُوكُ مَادِي وَفَارِسَ. وَالتَّيْسُ الْعَافِي مَلِكُ الْيُونَانِ، وَالْقَرْنُ الْعَظِيمُ الَّذِي بَيْنَ عَيْنَيْهِ هُوَ الْمَلِكُ الأَوَّلُ. وَإِذِ انْكَسَرَ وَقَامَ أَرْبَعَةٌ عِوَضًا عَنْهُ، فَسَتَقُومُ أَرْبَعُ مَمَالِكَ مِنَ الأُمَّةِ، وَلكِنْ لَيْسَ فِي قُوَّتِهِ. وَفِي آخِرِ مَمْلَكَتِهِمْ عِنْدَ تَمَامِ الْمَعَاصِي يَقُومُ مَلِكٌ جَافِي الْوَجْهِ وَفَاهِمُ الْحِيَلِ. وَتَعْظُمُ قُوَّتُهُ، وَلكِنْ لَيْسَ بِقُوَّتِهِ. يُهْلِكُ عَجَبًا وَيَنْجَحُ وَيَفْعَلُ وَيُبِيدُ الْعُظَمَاءَ وَشَعْبَ الْقِدِّيسِينَ. وَبِحَذَاقَتِهِ يَنْجَحُ أَيْضًا الْمَكْرُ فِي يَدِهِ، وَيَتَعَظَّمُ بِقَلْبِهِ. وَفِي الاطْمِئْنَانِ يُهْلِكُ كَثِيرِينَ، وَيَقُومُ عَلَى رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ، وَبِلاَ يَدٍ يَنْكَسِرُ. فَرُؤْيَا الْمَسَاءِ وَالصَّبَاحِ الَّتِي قِيلَتْ هِيَ حَقٌّ. أَمَّا أَنْتَ فَاكْتُمِ الرُّؤْيَا لأَنَّهَا إِلَى أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ». وَأَنَا دَانِيآلَ ضَعُفْتُ وَنَحَلْتُ أَيَّامًا، ثُمَّ قُمْتُ وَبَاشَرْتُ أَعْمَالَ الْمَلِكِ، وَكُنْتُ مُتَحَيِّرًا مِنَ الرُّؤْيَا وَلاَ فَاهِمَ."

في (15) دانيال طلب المعنى في صلاته والله لم يرفض طلبه. وَإذا بشبه إنسان= هذا هو المسيح لأنه يعطي أوامر للملاك جبرائيل ليشرح لدانيال. ودليل أنه المسيح أنه خاف وخَرَّ على وجهه (17). وَالرُّؤْيَا لِوَقْتِ الْمُنْتَهَى = أي حينما ينتهي تدبير الله الخاص بكل هذا. ولكنك يا دانيال لن تعرفه الآن ولكن سَجِّلْهُ للأجيال القادمة. مسبخا = في الإنجليزية deep sleep = النوم العميق، وهذا ربما يكون راجعا لخوفه من الرؤيا أو عدم احتماله لها. في (26) قوله أن الرؤيا إلى أيام كثيرة بالإضافة لقوله لوقت المنتهى توحي بأن هذا القرن الصغير يشير لضد المسيح الذي سيظهر في الأيام الأخيرة ويضطهد شعب الله [ويجلس نفسه في هيكل الله مُظْهِرًا نَفْسَهُ أَنَّهُ إِلهٌ] (2تس3:2، 4) وهذه نفهمها بأنه سيعطل الصلاة بالكنائس. وفي هذا نجد أن أنطيوخس إبيفانيوس يرمز لضد المسيح، فأنطيوخس أبطل المحرقة الدائمة أي أوقف العبادة في الهيكل.

وبالنسبة لأنطيوخس إبيفانيوس فكما شرح الملاك لدانيال أنه سيأتي في نهاية مملكة اليونان حين يملأ اليهود كأس معاصيهم ويكونون مستحقين لهذا الخراب، ويكون هذا الملك قضيب تأديب لهم. وتعظم قوته ولكن ليس بقوته = بل بقوة الشيطان وهذا ما يجعلنا نطبقه على ضد المسيح (رؤ2:13) "وأعطاه التنين قدرته وعرشه وسلطانا عظيما". فالتنين هو اسم من أسماء الشيطان.

فِي آخِرِ السُّخَطِ. لأَنَّ لِمِيعَادِ الانْتِهَاءَ = أنه لميعاد السخط = أي بسبب سخط الله على اليهود سمح بهذا ضدهم. وفي (23) يسميه فاهم الحيل فهو ماكر جدًا. وَجَافِي الْوَجْهِ = أي قاسيًا جدًا. وكان يُحكَى عن أنطيوخس أبيفانيوس هذا أنه كان ماكرًا جدًا ودمويًا. وهكذا سيكون ضد المسيح (رؤ15:13) فهو بمكره سيجعل صورة الوحش تتكلم، ومن دمويته يجعل جميع الذين لا يسجدون لصورة الوحش يقتلون . وهذا نفس ما قاله السيد المسيح عن ضيق هذه الأيام الأخيرة "لو لم تقصر تلك الأيام لم يخلص جسد" (مت24: 22) . وكلاهما (أنطيوخس إبيفانيوس وضد المسيح). يهلك عجبًا= فهو سيهلك الناس الأقوياء ولن يقف في وجهه أحد. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ويبيد العظماء وشعب القديسين = فهو له سلطان على الجسد ولكن ليس على الروح. وقوته قائمة على الخداع فأنطيوخس مثلًا بغشه وبمعاهداته الكاذبة دَمَّر الكثير في الحروب. وهو عقد معاهدات غاشة ليَطمإِن له خصومه ثم يغدر بهم = في الإطمئنان يهلك كثيرين. وبهذا يضمن أن يخضع الكل له. ولنجاحه يتصور أنه يستطيع أن يقف في وجه رئيس الرؤساء نفسه أي الله وهيكله.

وبلا يد ينكسر= فالله هو الذي يهلكه ويميته. وأنطيوخس لم يمت في حرب أو إغتيال بل هو وقع في يدي الله الحي الذي أباده بنفخة فمه. وهذا حدث كما يلي: فهو سمع أن اليهود نزعوا صورة جوبيتر أوليمبوس من الهيكل بقيادة المكابيين حيث وضعها هو، فهاج جدًا على اليهود وأقسم أن يجعل أورشليم مقبرة عامة وعزم على التوجه فورًا لأورشليم. ولكن بعد أن تفوه بهذه الكلمات الوقحة إبتلاه الرب بضربة عديمة الشفاء في بطنه وتوالد الدود في بطنه بسرعة كبيرة حتى أن أجزاء من لحمه صارت تتساقط ولم يكن أحد يستطيع أن يقترب منه من رائحة نتانته. وطالت مدة معاناته من هذا المرض. ووعد أنه لو شفي من مرضه لما عاد لإضطهاد اليهود، والله لم يشفه، فالله يعلم أنه لو شفاه لكان قد عاد لقسوته، ولكان استمر في تعذيب شعب الله. ولكن حين يأس من الشفاء استدعى أصدقائه واعترف أمامهم أن السبب في ألامه هذه هو إضطهاده لليهود وتدنيسه للهيكل، وكتب خطابات لليهود يعدهم فيها أنه لو شفى سيسمح لهم بممارسة شعائرهم بحرية. وحينما زاد عليه المرض ولم يعد يستطيع احتمال رائحته إعترف قائلًا "أنه من المناسب أن يخضع الإنسان لله، فالإنسان يموت، وعليه أن لا يتحدى الله" ومات بائسًا في أرض غريبة على جبال باكاتا قرب بابل حوالي سنة 160ق.م.

رُؤْيَا.. هِيَ حَقٌّ = الرؤيا هي حق، أي بالرغم من غرابتها في أن الله يعطي نبوة بأن الهيكل سيدنسه هذا القرن الصغير. إلا أنها حق وستحدث وأن الله سيحتمل تدنيس مقادسه هذه المدة لأنه مزمع أن يؤدب شعبه بما سوف يحدث.

رؤيا المساء = (دا7) وفيها نرى الوحوش والقرن الصغير يأكلون ويسحقون الباقين. وكبرياء هؤلاء الذين تكلموا حتى ضد الله. ولكننا نرى أن هناك يوم للدينونة. وهذا هو حال العالم الذي نحيا فيه. المساء هنا إشارة لسيادة الشر في هذا العالم [الذي وُضِعَ كُلَّهُ فِي الشِّرِّيرِ] (1يو5: 19). هذا العالم الذي تحكمه وحوش دموية (دا7).

رُؤْيَا.. الصَّبَاحِ = (دا8) وفيها نرى نهاية كل وحش إضطهد شعب الله، ونرى إنكسار الأشرار ونهاية النجاسة وتطهير الهيكل. لذلك نجد دانيال يتحول في هذا الإصحاح ويكتب بالعبرية فهذه رسالة تعزية لشعب الله في كل زمان ومكان = أن للظلم نهاية ومملكة الله ستسود والقدس يتطهر. ولكن نرى في هذه الآيات إشارة لشعب الله في مملكة الله التي لا يدخلها شيء دنس في صباح الأبدية السعيد (رؤ21: 27) وهو صباح دائم بلا مساء.

وكان على دانيال أن يكتم الرؤيا حتى لا يغتاظ الفرس بسببها، الذين كانوا سيستولون على بابل وقد يمتنعون بسببها عن تحرير اليهود. فالنبوة تشير لإنكسار الفرس أمام اليونان .

أَمَّا أَنْتَ فَاكْتُمِ الرُّؤْيَا لأَنَّهَا إلى أيام كثيرة = النبوات تكتب بطريقة عجيبة لتصلح أن تطبق عدة مرات. فهذه النبوة تتنبأ عن أنطيوخس إبيفانيوس آخر ملوك اليونانيين الذين حكموا اليهود. وهذه تحققت بعد 300 سنة. فالله لا يريد كشف كل شيء وإلا تعطلت خططه. وبالذات حتى لا تثير هذه النبوة الفرس. ولكن هذه النبوة كانت تشير أيضًا لضد المسيح الذي سيظهر بعد ألاف السنين = أَمَّا أَنْتَ فَاكْتُمِ الرُّؤْيَا لأَنَّهَا إلى أيام كثيرة.

أَنَا دَانِيآلَ ضَعُفْتُ وَنَحَلْتُ أَيَّامًا، ثُمَّ قُمْتُ وَبَاشَرْتُ أَعْمَالَ الْمَلِكِ = وبالرغم من ضعفه قام وباشر عمله، علينا إذًا أن نمارس أعمالنا بأمانة حتى آخر يوم في حياتنا، ملتصقين بالله وخائفين الله.

 

ملاحظات:

مكان الرؤيا = كانت في شوشن المعروفة عند اليونان باسم سوسا. وتسمى في سفر نحميا ودانيال شوشن القصر لأن فيها قصور ملوك الفرس، وفيها جرت أحداث سفر إستير. وموضع هذه المدينة بين نهري الكرخي وأولاي وهما فرعا نهر واحد يتشعب على بعد 20 ميل من شوشن، ولهذا يصح قول دانيال أنه كان عند نهر أولاي (آية 2)، وقوله أيضا بين أولاي (آية16).

نبوة الـ2300 يوم = كما رأينا قبلًا فقد تحققت النبوة حرفيًا، فكانت المدة بين تنجيس الهيكل بواسطة أنطيوخس إبيفانيوس وتطهيره أيام المكابيين 2300 يومًا تمامًا. ولقد ظن البعض أنه يمكن تطبيقها على المستقبل بحساب اليوم = سنة (كما سنرى في نبوة السبعين أسبوعًا (دا 9) ويسمون هذه الأيام أيامًا نبوية فتكون المدة 2300 سنة وذلك حتى يتطهر القدس ولكن:-

[1] متى تبدأ هذه الـ 2300 سنة؟ هنا يختلف المفسرون. وعلينا بتواضع أن نقول مع دانيال كنت متحيرًا من الرؤيا ولا فاهم = فالنبوات لا يصح أن تكون واضحة تمامًا، بل هي تتضح قرب أو بعد تتميمها.

[2] قول الرب هنا واضح أنها 2300 صباح ومساء، إذًا هي أيام وليست سنينًا مثل (دا 9). فالتعبير اليهودي عن اليوم هو صباح ومساء.

[3] قال البعض أنها تبدأ يوم دخول الإسكندر الأكبر إلى أورشليم سنة 333 ق.م. وهذا خطأ بكل المقاييس. فلقد رأينا ما حدث من الإسكندر وسجوده لرئيس الكهنة، بل أنه فرض حمايته على اليهود، فكيف تنجس القدس عند دخول الإسكندر إلى أورشليم؟! وألم يلاحظ من يقول هذا أن البابليين قد دنسوا الهيكل وحطموه تمامًا سنة 586 ق.م.، وألم يكن من الأوقع أن يعتبروا أن البداية هي سنة 167 ق.م. يوم قدَّم أنطيوخس خنزيرة على مذبح الله!

*كانت رؤيا هذا الإصحاح عند نهر أولاي ولاحظ أن بابل وفارس إشتهرتا بنظام مائي عجيب وشق القنوات للزراعة ، وهذا ما جعل إرمياء يقول عن بابل [الجالسة عَلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ](إر51 : 13). وقد أتى عليها الفرس لغناها (إر50: 41 + 51: 14). والفرس هم أيضًا اشتهروا بنظام للقنوات والأنهار لزيادة غناهم. وبسبب غناهم أتى عليهم الإسكندر. لذلك رأى دانيال رؤيته بجانب النهر سبب خيرهم وغناهم ، وهذا سيأتي عليهم بالخراب والسلب على أيدي اليونانيين. وكان نهر أولاي أضخم هذه القنوات بعرض 100متر تقريبًا. وكانت هذه الأنهار والقنوات تستعمل أيضًا في المواصلات والتجارة وهذا مما زاد في غناهم. وكانت قوة الفرس في غناهم وثرواتهم. وحيث أن هذا الإصحاح يشير للفرس كقوة عالمية تؤثر في مجرى الأحداث فمكان الرؤيا يشير لسبب قوتهم أيضًا.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أنطيوخس إبيفانيوس رمز لضد المسيح

 

الآيات 11-12:- "وَحَتَّى إِلَى رَئِيسِ الْجُنْدِ تَعَظَّمَ، وَبِهِ أُبْطِلَتِ الْمُحْرَقَةُ الدَّائِمَةُ، وَهُدِمَ مَسْكَنُ مَقْدِسِهِ. وَجُعِلَ جُنْدٌ عَلَى الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ بِالْمَعْصِيَةِ، فَطَرَحَ الْحَقَّ عَلَى الأَرْضِ وَفَعَلَ وَنَجَحَ" = هذه الآيات يتم تفسيرها مرتين، الأولى على أنطيوخس إبيفانيوس، والثانية على ضد المسيح. ورأينا فيما سبق تطبيقها على أنطيوخس.

أما تطبيقها على ضد المسيح فشرحه القديس بولس الرسول "لَا يَأْتِي (المسيح في مجيئه الثاني) إِنْ لَمْ يَأْتِ ٱلِٱرْتِدَادُ أَوَّلًا، وَيُسْتَعْلَنْ إِنْسَانُ ٱلْخَطِيَّةِ (ضد المسيح)، ٱبْنُ ٱلْهَلَاكِ، ٱلْمُقَاوِمُ وَٱلْمُرْتَفِعُ عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إِلَهًا أَوْ مَعْبُودًا، حَتَّى إِنَّهُ يَجْلِسُ فِي هَيْكَلِ ٱللهِ كَإِلَهٍ (يأخذ الكنائس)، مُظْهِرًا نَفْسَهُ أَنَّهُ إِلَهٌ" (2تس2: 3-4).

وهو سيبطل المحرقة الدائمة (بِهِ أُبْطِلَتِ الْمُحْرَقَةُ الدَّائِمَةُ) = هذه بالنسبة لنا كمسيحيين هي سر الإفخارستيا. وهذا الأثيم سيبطل الصلاة في الكنائس ويبدو أيضًا أنه سيكون هناك جنود لمنع تقديم السر = جُعِلَ جُنْدٌ عَلَى الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ = يكلف ضد المسيح جنوده بمنع الصلوات في الكنائس.

وَحَتَّى إِلَى رَئِيسِ الْجُنْدِ تَعَظَّمَ = وَٱلْمُرْتَفِعُ عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إِلَهًا أَوْ مَعْبُودًا.

أما من ناحية قتل شعب الله، فكما قتل أنطيوخس إبيفانيوس مئات الألاف من شعب اليهود هكذا قيل عن ضد المسيح "وَأُعْطِيَ أَنْ يَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ ٱلْقِدِّيسِينَ وَيَغْلِبَهُمْ، وَأُعْطِيَ سُلْطَانًا عَلَى كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَأُمَّةٍ" (رؤ13: 7) + "وَيَجْعَلَ جَمِيعَ ٱلَّذِينَ لَا يَسْجُدُونَ لِصُورَةِ ٱلْوَحْشِ يُقْتَلُونَ" (رؤ13: 15). + "وَلَوْ لَمْ تُقَصَّرْ تِلْكَ ٱلْأَيَّامُ لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلَكِنْ لِأَجْلِ ٱلْمُخْتَارِينَ تُقَصَّرُ تِلْكَ ٱلْأَيَّامُ" (مت24: 22).

الآية13:- إِلَى مَتَى الرُّؤْيَا مِنْ جِهَةِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ، ومعصية الخراب = الملاك إنزعج من أجل تعطيل العبادة (صلوات الكنائس). وسأل إلى متى؟ وكانت الإجابة في (14). ما نفهمه من ذلك تعطيل الصلوات والشعائر الدينية والقداسات، وكنتيجة للفساد العالمي الذي إنتشر بسرعة كبيرة، نفهم أن الله القدوس لا يمكن أن يسكت على كل هذا الشر وسيأتي بسبب هذا الشر خراب كبير transgression of desolation.

الآية14:- أَلْفَيْنِ وَثَلاَثِ مِئَةِ صَبَاحٍ وَمَسَاءٍ، فَيَتَبَرَّأُ الْقُدْسُ = هذه قد تعني بالنسبة لنهاية الأيام = نهاية الشر، وهلاك الشيطان ومن تبعه وضد المسيح ونهاية الخطية. حينها يسود المسيح على شعبه بالحب ويبررهم، ويُخْضِع أعداءه تحت موطئ قدميه. وبعد الـ2300 يوم يتطهر القدس، هكذا بعد مدة 2300 يوم (ربما من بدأ ظهور ضد المسيح) ينتهي العالم ويبدأ اليوم الثامن، يوم الأبدية، يوم الفرح الأبدي والمجد الأبدي. وكان رمزه عيد التجديد عند اليهود الذي فيه ذهب المسيح للهيكل (يو10: 22). أما بالنسبة للأبدية ففي هذا اليوم يحدث التجديد الكلي لنا ونحصل على الجسد الممجد [فداء الأجساد (رو8: 23)].

الله بهذه الرؤيا يظهر لشعبه (اليهود وقتئذٍ) أنه سيريهم أياما سعيدة بعد السبي، وهكذا يظهر لنا نحن شعبه أنه سيدخلنا المجد بعد نهاية هذا العالم الذي وضع في الشرير (1يو5: 19) حين نتطهر ونتبرأ تمامًا.

نهاية أنطيوخس إبيفانيوس ونهاية ضد المسيح:- عن أنطيوخس يقول الله وَبِلاَ يَدٍ يَنْكَسِرُ، وعن ضد المسيح يقول "وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَقْتُلُ بِٱلسَّيْفِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْتَلَ بِٱلسَّيْفِ" (رؤ13: 10). ويقول الوحي في سفر زكريا "ذِرَاعُهُ تَيْبَسُ.. وَعَيْنُهُ الْيُمْنَى تَكِلُّ كُلُولًا" (زك11: 17).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات دانيال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14

 

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Antonious-Fekry/32-Sefr-Danial/Tafseer-Sefr-Daniel__01-Chapter-08.html

تقصير الرابط:
tak.la/99j4cc6